سجلت المجالس المحلية في نتائجها النهائية بالدور الأول والنتائج الأولية للدور الثاني، تراجعا واضحا في تمثيلية المرأة، التي بلغت 10.19%.
وهي تمثل النسبة الأضعف في تمثيلية النساء على امتداد الـ13 سنة الماضية خلال المواعيد الانتخابية للمجالس بمختلف تشكيلاتها. فتواجدت المرأة التونسية بنسبة 29% في المجلس التأسيسي عام 2011، وبنسبة 31% في مجلس نواب الشعب لسنة 2014، في حين كانت نسبتها في برلمان 2019 في حدود الـ 24% وكانت تمثيليتها في حدود الـ 16.2% في مجلس نواب الشعب الحالي، وحظيت المرأة بالتمثيلية الأكبر في الانتخابات البلدية لسنة 2018 أين مثلت نسبة 47.7% من العدد الجملي للفائزين.
وبالعودة إلى نتائج انتخابات المجالس المحلية المعلنة من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تقول الإحصائيات الصادرة عنها إن عدد الفائزين في الدور الثاني منها قد بلغ الـ779، كان عدد النساء فيهم في حدود الـ72 وهو ما يمثل 9.2% من العدد الجملي للفائزين.
أما بالنسبة للدور الأول وحسب توزيع الفائزين النهائي عن طريق القرعة المخصصة لذوي وذوات الإعاقة، فقد بلغ عدد النساء 36 أي ما يمثل نسبة 12.9% مقابل 243 للرجال بنسبة 87.1%.
كما أفضت الانتخابات المحلية في دورتها الأولى إلى فوز 1348 مترشحا من الدور الأول على 781 دائرة انتخابية. وبلغ عدد النساء الفائزات حسب نفس النتائج المعلنة للمجالس المحلية 128 مترشحة وهو ما يمثل 9.5% مقابل 1120 للرجال وهو ما يمثل 90.5%
وبجمع نتائج الدورتين الأولى مع نتائج القرعة لحاملي وحاملات الإعاقة والدور الثاني في نتائجه الأولية، يكون عدد الفائزين في الانتخابات المحلية 2406 كعدد جملي، منهم 236 إناثا وهو ما يمثل 10.19% من تمثيلية المجالس المحلية والبقية ذكور. وذلك دون احتساب الـ 26 دائرة انتخابية التي لم تشارك في الانتخابات المحلية في دورتيها نظرا لأنها لا تعرف أي ترشحات وفي انتظار سد الشغورات فيها.
وخلفت هذه التمثلية الضعيفة للمرأة في تركيبة المجالس المحلية، تواجد مجالس محلية بـ0% تمثلية للنساء ونذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر، أن النتائج الأولية للانتخابات المحلية بولاية المهدية قد أفضت إلى غياب تام للنساء من المجالس المحلية واكتساح لفائزين رجال في كل الدوائر الانتخابية بما يعني مجالس جهوية بصفر تمثلية للمرأة.
في قراءة لشبكة مراقبون في نسب مشاركة المرأة في الانتخابات المحلية، يذكر طارق قرواشي المدير التنفيذي لـ"شبكة مراقبون"، أنه وفي تناولنا بصفة إجمالية بعد التمديد في فترة الترشحات بلغ عدد المترشحين 7205 مترشحين من بينهم 1028 من ذوي وذوات الإعاقة.
ورغم مراهنة الخطاب السياسي على الشباب، إلا أنه تمثيلية من دون الـ35 عاما قد بلغت22.1% في حين كانت نسبة المترشحات 13.1%. وباعتبار أن الانتخابات المحلية، لها نفس الطابع مع الانتخابات البلدية، دوائر متسعة تتقارب في الحجم. فلنا مجالس بلدية تتوزع على 350 مجلسا في حين تتوزع المجالس المحلية على 279 مجلسا محليا، في مقارنة بين انتخابات 2018 البلدية وانتخابات 2023/2024 للمجالس المحلية، نذكر أن نسبة المشاركة بالنسبة للإناث في الانتخابات البلدية كانت في حدود 49.29% وكانت تمثيلية الشباب دون الـ35 سنة في حدود الـ 52% وكانت انتخابات على أساس القائمات شروط الترشح فيها توفير التناصف الأفقي والعمودي مع التأكيد في المرتبة العاشرة على ذوي وذوات الإعاقة.
ونبه قرواشي إلى خطورة تراجع تمثيلية المرأة والشباب في المجلس المحلية، وما يمكن أن يكون له من تداعيات على تراجع مجالات تعبيرها عن آرائها ومساهماتها على المستوى التنموي أو الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.
من جانبه أفاد عادل اللطيفي، الأكاديمي والبحث في التاريخ والناشط الحقوقي، انه وبصفة عامة تراجعت تمثيلية النساء في مختلف المحطات الانتخابية ما بعد 25 جويلية 2021، بما في ذلك انتخابات مجلس نواب الشعب والمشاركة في الاستفتاء والاستشارة الوطنية.. وكانت الأضعف في الانتخابات الأخيرة للمجالس المحلية ومثلت ضربة قاضية لتواجد المرأة.
وفسر اللطيفي ذلك بالتراجع عن مبدأ المناصفة، الذي كان يفترض أن يتم المحافظة عليه كمكسب للتونسيين والتونسيات، في ظل مجتمعنا التقليدي، وان تكون الدولة بمثابة القاطرة للمساواة والإبقاء على حضور المرأة وهو ما غفل عنه القانون الانتخابي الجديد.
في نفس الوقت نلاحظ أن هناك تراجعا في مشاركة المرأة خاصة في الانتخابات، ليس فقط كمترشحة وإنما أيضا كناخبة، ويبقى السبب الأساسي لعزوفها هو المناخ السياسي والسياق العام الجديد، المبني على المفاهيم الذكورية في بعده الجندري وهو ما خلف تراجعا لتواجد المرأة.
أما بالنسبة للجانب التقني، ففي قراءة للانتخابات الأخيرة، نجد أنها انبنت على دوائر جغرافية صغيرة ضيقة، وهذه الفضاءات الضيقة هي فضاءات مبنية على العلاقات التقليدية، القبلية العروشية والصداقة.. وهي جميعها علاقات ذكورية. وبالتالي يمكن القول أن الفضاء العام الذي أجريت فيه الانتخابات هو فضاء ذكوري بامتياز.
واعتبر عادل اللطيفي أن تراجع مشاركة المرأة مسألة عادية جدا، فهي ترى أنها ستدخل في منافسة مع الذكور، ولن يكون لها أي مجال للنجاح لان الانتخابات مبنية على شبكة من علاقات متوسعة للرجل وضيقة عائلية فقط بالنسبة للمرأة.
وما يحذر منه الباحث في التاريخ، أن هذه النتائج ستخلف تطبيعا مع غياب المرأة من الأطر والفضاءات العامة، وغيابها عن السياسية بصفة عامة وعن سلطة القرار.. هذا بالإضافة إلى تداعياته غير المباشرة والتي تؤدي في العديد من الحالات إلى تزايد منسوب العنف ضد المرأة وتحولها إلى كائن ضعيف وغير مرئي يسعى إلى الاختباء والاختفاء من الحياة العامة.
ريم سوودي
تونس -الصباح
سجلت المجالس المحلية في نتائجها النهائية بالدور الأول والنتائج الأولية للدور الثاني، تراجعا واضحا في تمثيلية المرأة، التي بلغت 10.19%.
وهي تمثل النسبة الأضعف في تمثيلية النساء على امتداد الـ13 سنة الماضية خلال المواعيد الانتخابية للمجالس بمختلف تشكيلاتها. فتواجدت المرأة التونسية بنسبة 29% في المجلس التأسيسي عام 2011، وبنسبة 31% في مجلس نواب الشعب لسنة 2014، في حين كانت نسبتها في برلمان 2019 في حدود الـ 24% وكانت تمثيليتها في حدود الـ 16.2% في مجلس نواب الشعب الحالي، وحظيت المرأة بالتمثيلية الأكبر في الانتخابات البلدية لسنة 2018 أين مثلت نسبة 47.7% من العدد الجملي للفائزين.
وبالعودة إلى نتائج انتخابات المجالس المحلية المعلنة من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تقول الإحصائيات الصادرة عنها إن عدد الفائزين في الدور الثاني منها قد بلغ الـ779، كان عدد النساء فيهم في حدود الـ72 وهو ما يمثل 9.2% من العدد الجملي للفائزين.
أما بالنسبة للدور الأول وحسب توزيع الفائزين النهائي عن طريق القرعة المخصصة لذوي وذوات الإعاقة، فقد بلغ عدد النساء 36 أي ما يمثل نسبة 12.9% مقابل 243 للرجال بنسبة 87.1%.
كما أفضت الانتخابات المحلية في دورتها الأولى إلى فوز 1348 مترشحا من الدور الأول على 781 دائرة انتخابية. وبلغ عدد النساء الفائزات حسب نفس النتائج المعلنة للمجالس المحلية 128 مترشحة وهو ما يمثل 9.5% مقابل 1120 للرجال وهو ما يمثل 90.5%
وبجمع نتائج الدورتين الأولى مع نتائج القرعة لحاملي وحاملات الإعاقة والدور الثاني في نتائجه الأولية، يكون عدد الفائزين في الانتخابات المحلية 2406 كعدد جملي، منهم 236 إناثا وهو ما يمثل 10.19% من تمثيلية المجالس المحلية والبقية ذكور. وذلك دون احتساب الـ 26 دائرة انتخابية التي لم تشارك في الانتخابات المحلية في دورتيها نظرا لأنها لا تعرف أي ترشحات وفي انتظار سد الشغورات فيها.
وخلفت هذه التمثلية الضعيفة للمرأة في تركيبة المجالس المحلية، تواجد مجالس محلية بـ0% تمثلية للنساء ونذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر، أن النتائج الأولية للانتخابات المحلية بولاية المهدية قد أفضت إلى غياب تام للنساء من المجالس المحلية واكتساح لفائزين رجال في كل الدوائر الانتخابية بما يعني مجالس جهوية بصفر تمثلية للمرأة.
في قراءة لشبكة مراقبون في نسب مشاركة المرأة في الانتخابات المحلية، يذكر طارق قرواشي المدير التنفيذي لـ"شبكة مراقبون"، أنه وفي تناولنا بصفة إجمالية بعد التمديد في فترة الترشحات بلغ عدد المترشحين 7205 مترشحين من بينهم 1028 من ذوي وذوات الإعاقة.
ورغم مراهنة الخطاب السياسي على الشباب، إلا أنه تمثيلية من دون الـ35 عاما قد بلغت22.1% في حين كانت نسبة المترشحات 13.1%. وباعتبار أن الانتخابات المحلية، لها نفس الطابع مع الانتخابات البلدية، دوائر متسعة تتقارب في الحجم. فلنا مجالس بلدية تتوزع على 350 مجلسا في حين تتوزع المجالس المحلية على 279 مجلسا محليا، في مقارنة بين انتخابات 2018 البلدية وانتخابات 2023/2024 للمجالس المحلية، نذكر أن نسبة المشاركة بالنسبة للإناث في الانتخابات البلدية كانت في حدود 49.29% وكانت تمثيلية الشباب دون الـ35 سنة في حدود الـ 52% وكانت انتخابات على أساس القائمات شروط الترشح فيها توفير التناصف الأفقي والعمودي مع التأكيد في المرتبة العاشرة على ذوي وذوات الإعاقة.
ونبه قرواشي إلى خطورة تراجع تمثيلية المرأة والشباب في المجلس المحلية، وما يمكن أن يكون له من تداعيات على تراجع مجالات تعبيرها عن آرائها ومساهماتها على المستوى التنموي أو الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.
من جانبه أفاد عادل اللطيفي، الأكاديمي والبحث في التاريخ والناشط الحقوقي، انه وبصفة عامة تراجعت تمثيلية النساء في مختلف المحطات الانتخابية ما بعد 25 جويلية 2021، بما في ذلك انتخابات مجلس نواب الشعب والمشاركة في الاستفتاء والاستشارة الوطنية.. وكانت الأضعف في الانتخابات الأخيرة للمجالس المحلية ومثلت ضربة قاضية لتواجد المرأة.
وفسر اللطيفي ذلك بالتراجع عن مبدأ المناصفة، الذي كان يفترض أن يتم المحافظة عليه كمكسب للتونسيين والتونسيات، في ظل مجتمعنا التقليدي، وان تكون الدولة بمثابة القاطرة للمساواة والإبقاء على حضور المرأة وهو ما غفل عنه القانون الانتخابي الجديد.
في نفس الوقت نلاحظ أن هناك تراجعا في مشاركة المرأة خاصة في الانتخابات، ليس فقط كمترشحة وإنما أيضا كناخبة، ويبقى السبب الأساسي لعزوفها هو المناخ السياسي والسياق العام الجديد، المبني على المفاهيم الذكورية في بعده الجندري وهو ما خلف تراجعا لتواجد المرأة.
أما بالنسبة للجانب التقني، ففي قراءة للانتخابات الأخيرة، نجد أنها انبنت على دوائر جغرافية صغيرة ضيقة، وهذه الفضاءات الضيقة هي فضاءات مبنية على العلاقات التقليدية، القبلية العروشية والصداقة.. وهي جميعها علاقات ذكورية. وبالتالي يمكن القول أن الفضاء العام الذي أجريت فيه الانتخابات هو فضاء ذكوري بامتياز.
واعتبر عادل اللطيفي أن تراجع مشاركة المرأة مسألة عادية جدا، فهي ترى أنها ستدخل في منافسة مع الذكور، ولن يكون لها أي مجال للنجاح لان الانتخابات مبنية على شبكة من علاقات متوسعة للرجل وضيقة عائلية فقط بالنسبة للمرأة.
وما يحذر منه الباحث في التاريخ، أن هذه النتائج ستخلف تطبيعا مع غياب المرأة من الأطر والفضاءات العامة، وغيابها عن السياسية بصفة عامة وعن سلطة القرار.. هذا بالإضافة إلى تداعياته غير المباشرة والتي تؤدي في العديد من الحالات إلى تزايد منسوب العنف ضد المرأة وتحولها إلى كائن ضعيف وغير مرئي يسعى إلى الاختباء والاختفاء من الحياة العامة.