إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

توجيه 46 سؤالا إلى عدد من أعضاء الحكومة .. آلية البرلمان الرقابية "كتابيا" تثير الجدل

تونس – الصباح

لا تزال الآلية المعتمدة لدى المؤسسة أو الوظيفة التشريعية في إطار ممارسة دورها الرقابي للسلطة التنفيذية ومساءلتها، وفق ما نص عليه دستور 2022، محل جدل وتباين في المواقف، قياسا إلى تقييم مدى نجاعتها وجدواها في تحقيق الأهداف المطلوبة في الجمهورية الجديدة بعد ما يقارب عام من انتخاب وانطلاق عمل مجلس نواب الشعب الحالي. وتتمثل هذه الآلية بالأساس في مساءلة البرلمان للسلطة التنفيذية حضوريا وكتابيا وشفاهيا، خاصة انه يتعين على الحكومة حسب مقتضيات الدستور الجديد والقانون الداخلي للبرلمان الرد على الأسئلة الموجهة لها في أجل أقصاه خمسة عشرة يوما من تاريخ إرسال الأسئلة المكتوبة التي يتم إيداعها عن طريق رئاسة مجلس نواب الشعب. يأتي ذلك بعد أن قرر أعضاء مكتب المجلس إثر اجتماعهم غرة فيفري الجاري توجيه 46 سؤالا كتابيا من قبل عدد من النواب إلى عدد من أعضاء الحكومة.

وهي آلية مساءلة يعتمدها نواب هذا البرلمان خارج سياقات المساءلة الحضورية لأعضاء الحكومة من مناسبة لأخرى على غرار ما حدث أثناء مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2024 أو في سياقات أخرى.

ويذكر أن الدور الرقابي لمجلس نواب الشعب وصلاحيات الوظيفة التشريعية حسب الدستور الجديد، أثارت جدلا واسعا في مختلف الأوساط الدستورية والسياسية الحزبية والمدنية بين من يرى بمحدودية هذه الصلاحيات ومن يعتبرها غيابا لهذا الدور الرقابي مقارنة بما كان عليه الأمر في دستور 2014 في نظام شبه مختلط برلماني، وأن البرلمان في نسخته الحالية هو "صوري أو شكلي" لا يرتقي، من حيث الصلاحيات والاختصاصات لمستوى ممارسة الدور الرقابي والمساءلة للسلطة التنفيذية في النظام الحالي للجمهورية الذي يعد رئاسيا بالأساس، وبين شق آخر يقر بدستورية هذا الدور في الوظيفة التشريعية ويؤكد وجوده على أرض الواقع لكن بشكل مختلف عما كان عليه الوضع سابقا ووفق توجه نابع من خصوصيات المرحلة السياسية والدستورية والانتخابية، باعتبار أن القانون الانتخابي ينص على أن انتخاب النواب يكون بناء على برامج محلية وجهوية. وسبق أن أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد على أنه للمجلس أن يسائل عضو الحكومة أو الحكومة بأكملها في قصر باردو لا خارجه، وأن النائب مسؤول أمام ناخبيه الذين بإمكانهم سحب الثقة منه طبق الفصل 61 من الدستور. وكان رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة وعدد من المختصين في القانون الدستوري قد أكدوا تنصيص الدستور الجديد على هذا الدور الرقابي في الوظيفة التشريعية واعتبروا في تشكيك بعض القراءات ونفي هذا الدور لا يعدو أن يكون سوى مغالطات لجهات معارضة للمسار الذي يؤسس لجمهورية جديدة.

وسبق أن طالعنا في عديد المناسبات تصريحات وتأكيدات لنواب من نفس البرلمان يؤكدون توجيهم لدفعات من الأسئلة إلى وزارات وأعضاء من الحكومة وإدارات ومؤسسات وهياكل رسمية حول مسائل مختلفة. وكثيرا ما تنتهي المساءلة حيث بدأت، دون التوصل إلى تفاعل أو تجاوب من قبل الجهات المسائلة المعنية، نظرا لعدة اعتبارات وأسباب لعل من أبرزها تشعب الإجراءات المعتمدة في هذه الآلية وما يجده النواب من صعوبات في تجميع المعطيات والوثائق الخاصة بالملفات والمسائل المطروحة في مستويات محلية وجهوية ووطنية من ناحية، قبل عرضها على مكتب المجلس، وتسقيف مدة الإجابة عن الأسئلة المكتوبة من قبل الجهات المعنية من ممثلي السلطة التنفيذية بفترة محددة لا تتجاوز الخمسة عشرة يوما من ناحية أخرى وفق ما جاء في القانون الداخلي للبرلمان، على اعتبار أن ذلك كثيرا ما يحول دون التوصل إلى تلقي الأجوبة المطلوبة أو إعطاء صبغة عملية في التفاعل والتجاوب العملي من قبل السلطة التنفيذية.

ومن المنتظر أن تتعزز الصلاحيات الرقابية للوظيفة التشريعية بعد اكتمال نصابها بانتخاب الغرفة النيابية الثانية المتمثلة في مجلس الأقاليم والجهات، باعتبار أن الدستور الجديد مكن البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعيْن من معارضة الحكومة في مسؤولياتها بتوجيه لائحة لوم، ولكن الرئيس يختار إما أن يقبل استقالة الحكومة إذا تم توجيه لائحة لوم ثانية لها، أو أن يقرر حلّ مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما. ويذكر أن الفصل الخامس والثّمانين من الدستور الجديد أفرد الغرفة النيابية الثانية بصلاحيات "تنموية" من خلال تنصيصه على أنه: "يمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلّقة بتنفيذ الميزانية ومخطّطات التّنمية".

نزيهة الغضباني

 

 

توجيه 46 سؤالا إلى عدد من أعضاء الحكومة .. آلية البرلمان الرقابية "كتابيا" تثير الجدل

تونس – الصباح

لا تزال الآلية المعتمدة لدى المؤسسة أو الوظيفة التشريعية في إطار ممارسة دورها الرقابي للسلطة التنفيذية ومساءلتها، وفق ما نص عليه دستور 2022، محل جدل وتباين في المواقف، قياسا إلى تقييم مدى نجاعتها وجدواها في تحقيق الأهداف المطلوبة في الجمهورية الجديدة بعد ما يقارب عام من انتخاب وانطلاق عمل مجلس نواب الشعب الحالي. وتتمثل هذه الآلية بالأساس في مساءلة البرلمان للسلطة التنفيذية حضوريا وكتابيا وشفاهيا، خاصة انه يتعين على الحكومة حسب مقتضيات الدستور الجديد والقانون الداخلي للبرلمان الرد على الأسئلة الموجهة لها في أجل أقصاه خمسة عشرة يوما من تاريخ إرسال الأسئلة المكتوبة التي يتم إيداعها عن طريق رئاسة مجلس نواب الشعب. يأتي ذلك بعد أن قرر أعضاء مكتب المجلس إثر اجتماعهم غرة فيفري الجاري توجيه 46 سؤالا كتابيا من قبل عدد من النواب إلى عدد من أعضاء الحكومة.

وهي آلية مساءلة يعتمدها نواب هذا البرلمان خارج سياقات المساءلة الحضورية لأعضاء الحكومة من مناسبة لأخرى على غرار ما حدث أثناء مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2024 أو في سياقات أخرى.

ويذكر أن الدور الرقابي لمجلس نواب الشعب وصلاحيات الوظيفة التشريعية حسب الدستور الجديد، أثارت جدلا واسعا في مختلف الأوساط الدستورية والسياسية الحزبية والمدنية بين من يرى بمحدودية هذه الصلاحيات ومن يعتبرها غيابا لهذا الدور الرقابي مقارنة بما كان عليه الأمر في دستور 2014 في نظام شبه مختلط برلماني، وأن البرلمان في نسخته الحالية هو "صوري أو شكلي" لا يرتقي، من حيث الصلاحيات والاختصاصات لمستوى ممارسة الدور الرقابي والمساءلة للسلطة التنفيذية في النظام الحالي للجمهورية الذي يعد رئاسيا بالأساس، وبين شق آخر يقر بدستورية هذا الدور في الوظيفة التشريعية ويؤكد وجوده على أرض الواقع لكن بشكل مختلف عما كان عليه الوضع سابقا ووفق توجه نابع من خصوصيات المرحلة السياسية والدستورية والانتخابية، باعتبار أن القانون الانتخابي ينص على أن انتخاب النواب يكون بناء على برامج محلية وجهوية. وسبق أن أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد على أنه للمجلس أن يسائل عضو الحكومة أو الحكومة بأكملها في قصر باردو لا خارجه، وأن النائب مسؤول أمام ناخبيه الذين بإمكانهم سحب الثقة منه طبق الفصل 61 من الدستور. وكان رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة وعدد من المختصين في القانون الدستوري قد أكدوا تنصيص الدستور الجديد على هذا الدور الرقابي في الوظيفة التشريعية واعتبروا في تشكيك بعض القراءات ونفي هذا الدور لا يعدو أن يكون سوى مغالطات لجهات معارضة للمسار الذي يؤسس لجمهورية جديدة.

وسبق أن طالعنا في عديد المناسبات تصريحات وتأكيدات لنواب من نفس البرلمان يؤكدون توجيهم لدفعات من الأسئلة إلى وزارات وأعضاء من الحكومة وإدارات ومؤسسات وهياكل رسمية حول مسائل مختلفة. وكثيرا ما تنتهي المساءلة حيث بدأت، دون التوصل إلى تفاعل أو تجاوب من قبل الجهات المسائلة المعنية، نظرا لعدة اعتبارات وأسباب لعل من أبرزها تشعب الإجراءات المعتمدة في هذه الآلية وما يجده النواب من صعوبات في تجميع المعطيات والوثائق الخاصة بالملفات والمسائل المطروحة في مستويات محلية وجهوية ووطنية من ناحية، قبل عرضها على مكتب المجلس، وتسقيف مدة الإجابة عن الأسئلة المكتوبة من قبل الجهات المعنية من ممثلي السلطة التنفيذية بفترة محددة لا تتجاوز الخمسة عشرة يوما من ناحية أخرى وفق ما جاء في القانون الداخلي للبرلمان، على اعتبار أن ذلك كثيرا ما يحول دون التوصل إلى تلقي الأجوبة المطلوبة أو إعطاء صبغة عملية في التفاعل والتجاوب العملي من قبل السلطة التنفيذية.

ومن المنتظر أن تتعزز الصلاحيات الرقابية للوظيفة التشريعية بعد اكتمال نصابها بانتخاب الغرفة النيابية الثانية المتمثلة في مجلس الأقاليم والجهات، باعتبار أن الدستور الجديد مكن البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعيْن من معارضة الحكومة في مسؤولياتها بتوجيه لائحة لوم، ولكن الرئيس يختار إما أن يقبل استقالة الحكومة إذا تم توجيه لائحة لوم ثانية لها، أو أن يقرر حلّ مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما. ويذكر أن الفصل الخامس والثّمانين من الدستور الجديد أفرد الغرفة النيابية الثانية بصلاحيات "تنموية" من خلال تنصيصه على أنه: "يمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلّقة بتنفيذ الميزانية ومخطّطات التّنمية".

نزيهة الغضباني