علم الفلك الّذي ينتمي له الأستاذ العالم الباحث عبد الرّحمان العرباوي يلقّب بعلم الهيئة
+ عز الدين المدني
أين هم العلماء العرب؟ علماء العلوم الصّحيحة من رياضيات وفيزياء وكيمياء ولا أقصد "العلماء" الآخرين الّذين كدّسوا كِتَابَاتِهم في مختلف عصور الحضارة العربيّة الإسلامية من قديمها إلى حديثها أكداسًا أكداسًا حتّى حجبت عنّا عين الشمس: المعرفة الإنسانيّة والكونيّة وكادت ترسل ظلماتها على الزّمان في ماضيه وراهنه وآتيه، غَبَشًا على غَبَشٍ!
الباحث الفلكي التونسي: أ.عبد الرحمان العرباوي
خلال الشّهور القليلة الماضيّة عرفتُ عالمًا باحثًا تونسيًّا في علم الفلك، ففرحتُ بهذا العالم الباحث الاستثنائي، وسررتُ بالتّعارف المتبادل بيني وبَيْنه ممّا جعلنا نعقد معًا مجلسًا إثر مجلس لتبادل المعلومات العلميّة عمّا ظهر من الكون. ولا أدري إلى حدّ هذا اليوم متى عَلِمَ بأنّي ولوع بالريّاضيات والفيزياء ومستكشفات الكون بينما أنا كاتب أدبّي وفكريّ طوال حياتي ومعروف بذلك وفي المقابل علمتُ بأنّه باحث عالم في علم الفلك - لا علم الفلك القديم الشّهير بأساطيره وحساباته التّكهّناتيّة وبآمال البشريّة في الاطّلاع على غدها ومصيرها بغية الاطمئنان على حال الإنسان وكيانه في الدّنيا، مع الملاحظة الأكيدة أنّ علم الفلك هو أعرق العلوم الإنسانية مطلقًا حسب ما أشرنا - فنجده في حضارة بابل مثلا كما نعرف أنّ العرّافين والسّحرة في حضارات أشور وكَلْدَان مرجعهم التّنبُّئي أحوال الكون.
أمّا علم الفلك الّذي ينتمي له الأستاذ العالم الباحث عبد الرّحمان العرباوي فإنّه يلقّب بعلم الهيئة، وهذا اللّقب تحديث في تسميّة فرع عظيم في علم الفلك إجمالًا. ويسّميه الأجانب من الفرنسيّين والإنكليز والألْمان والأمريكان والرّوس "بأسْتْرُوفيِزِيكْ" Astro-physique بلغاتهم المتقاربة في هذا الشّأن، ما ترجمته باللّغة العربية بإشراف مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة (انظر مثلا المعجم الوسيط) علم الهيئة.
وهو علم وَضْعِيٌّ يبحث في الأجرام السّماوية من نجوم وكواكب ونيازك إلخ...في علاقاتها ببعضها البعض، وفي بنيتها وهياكلها ونماذجها ومواصفاتها وأنظمتها وفي حركاتها وفي مسألة احتمال الوصول إليها والحلول بها رغم بعدها عن كرتنا الأرضية وعن نظامنا الشّمسي وعن مجرّتنا دَرْب التَبَّانَة بآلاف مؤلّفة من السّنوات الضّوئيّة! والأستاذ عبد الرّحمان العرباوي عالم باحث في شأن علم الهيئة الفلكي اليوم، وله كتاب صدر حديثا على نفقته الشّخصيّة في تونس وسيوزّع في الخارج عنْوَانُهُ باللّغة الفرنسيّة "أسْتْرُوفيزِيك" قد جاء فوق عنوان موضوع بحثه العلمي المبتكر: "الهالات السّوداء حول الأجرام السَّماويّة في الكون"
هذا الموضوع الفلكي ونظائره وأشباهه وفروعه هو مجال بحثٍ صعبٍ نجح فيه ثلّة من العلماء الباحثين الإنكليز من أمثال الباحث العبقري الإنكليزيّ سْتِيفِنْ هُوكينْقْ Stephen Hawking المولود سنة 1942، وهو مشلول معاق لا تتحرّك أعضاء جسمه ولا يغادر أبدًا مقعده، فقد كان "يكتب" بإشارات من جَفْنَيْه وبإشاراتٍ أخرى بعينيه فقط حسب ما قيل عنه من التراجِمَة الصادقين، -وهذا النّوع من "الكتابة" من مخترعاته العلميّة- وإلى جانبه كاتب يترجم ذلك لغويًّا ويرسمه كلمات وجملًا بالحروف اللّاتينيّة. وقد كان ينتمي لجامعة كَمْبْرِيدْجْ الشّهيرة بمستواها البحثي العلمي الرّاقي. وقد توفيّ منذ شهور معدودة من السنة الماضية 2023. ومن أعماله الفزيائيّة الشّهيرة نذكر إعداده لنظرّية "الثّقب السّوداء" المنتشرة في الكون. وسوف نرى فيما بعد مساهمة الباحث الفلكي التّونسي عبد الرحمان العرباوي في نظريّة تلك "الثّقب"،ولها صُوَرٌ فوتوغرافية(؟) فضائيّة تعكس منظرها منشورةٌ في بعض الكتب العلميّة الفلكيّة مثل كتاب "بِيقْ بَنْقْ" للباحثَيْن المؤرّخَيْن المحقّقَيْن بُوقْدَانُوف. نُشر بباريس بدار بريد الكتاب سنة 2014. ولباحثنا الفلكي التّونسي آراء ووجهات نظر علميّة وأفكار مركّزة على المنطق والأدلّة التّجريبيّة ومستقلّة عمّا سبقها وذلك إلى بلوغ البحث مستوى الابتكار النّظري والإبداع العلمي.
العرب والعلوم الصّحيحة
أتساءل وفي نفسي شَجَنٌ وحيرة: متى كان العرب علماء؟ متى كانوا مبتكرين ومبدعين وخلّاقين ومستنبطين في العلوم الصّحيحة، وأعني خاصّة الرّياضيات والفيزياء والكيمياء؟ متى كانوا جهابذة أفذاذًا؟ الحقّ أنّ هذا التّساؤل المتعدّد حرقني طوال مدّة مديدة من عمري...
لا شكّ أنّ العرب كانوا محور العلوم الصّحيحة في العالم في وفي ذروتها وقمتّها خلال القرون الذهبيّة الماضية، ولا جِدَالَ ينكر ذلك تعسّفًا وظُلمًا مع المجادلين المنكرين والجهال، على أنّ تلك القرون العالية الماضية قد ذهبت بلا رجوع فأتى عليها الدّهرُ ذو أتى فلم تبق من جذوتها المتّقدة إلّا الذّكرى الجميلة والتّفاخر بالماضي التّليد. ثمّ جاء الفراغ المهول والفاقة في العلوم الصّحيحة.
استيقظ العرب من رقادهم الفكري خلال النّصف الثّاني من القرن الثّامن عشر الميلادي (لا خلال القرن التّاسع عشر كما يدّعي البعض) وتوالت القرون تتعاقب... فلم يتعّظ معظم العرب بأنّ خصومهم في الحضارة قد سرقوا منهم الرّصيد المعرفي والعلمي العربي فاستضاءوا به في سبيل انبعاث حضارتهم الغربيّة وقيامها أيّام عهد "الكَوَاتْرُو شِنْتُو" (Quattrocento) بإيطاليا، وهو العهد المبكرّ للنّهضة الغربيّة. وقد كانت إيطاليا منذ القرون الوسطى تحت إِشْعَاعِ الثّقافة والعلوم الصّحيحة وسواها من قِبَلِ الكيان التّونسي العربي وكذلك المغربي بمعنى المغرب الكبير، حيث الدّولة الأغلبية فالدّولة الفاطميّة فالدّولة الصّنهاجية وبدايات الدّولة الموحديّة والحفصيّة... فسرقوا وتعلّموا واستغلّوا وطوّروا ونمّوا وصاروا بداية القرن السّادس عشر سادة الثّقافة الإنسانية والعلوم الصّحيحة والتّكنولوجيا في أغلب الكرة الأرضيّة وتمّ الانفصال بين الحضارتين... وإجمالًا نقول: لماذا تقدّم العرب وتأخر الغرب يوم أمس؟ ولماذا تقدّم الغرب وتأخر العرب اليوم؟
من يملك السّماء يملك الأرض
حين نستعرض منجَزات الحضارة الغربيّة في علم الفلك الحديث منذ القرن السّادس عشر إلى القرن الحالي نجد مئات منها في علوم الرّياضيات والفيزياء والكيمياء ولا تجد بينهم في الأغلب الأعمّ علماء عربًا بما أنّ هذه العلوم ليست تحت الاحتكار الغربي وإنّما هي تهمّ البشريّة قاطبة ودون استثناء. فعلام لا وجود بارز للعرب ولا ذكر خافت عنهم؟ مع التأكيد بأنّ علم الفلك برمّته يعتمد الرّياضيات المتطوّرة جدًّا ومنجزات الفيزياء وقوانينها وما يخفى منها وما برز.
نعم، لا نجد في العالم العربي من مغربه إلى مشرقه إلّا قلّة قليلة من العلماء الفلكيّين العرب وهم أقلّ من القليل، كالعزيز النّادر، ولا مؤسّسات خاصّة بالبحوث العلمية وبالمخابر وبالمراصد وبالصّناعات وبالمدارس المتخصّصة اللهّم إلّا بشُحٍ كبير. والعالم الفلكي العربي اليوم إنّما هو غريب في هذا الوضع وهو لا يقدر أن يكتب تقاريره العلميّة إلّا بالّلغة الأجنبية لا بالّلغة العربية، لغته الوطنيّة والقوميّة والعالميّة، ذلك رغم الجهود المكثّفة الّتي بذلها مجمع الّلغة العربية بالقاهرة وهيئات عربية أخرى لترجمة المصطلحات العلمية الفلكيّة والفزيائيّة المعقّدة، وتزيد تعقيدًا من يوم إلى آخر حسب المستكشافات الكونيّة الطّارئة. التّي يُعْلَنُ عنها باطّراد من قِبَلِ علماء وباحثين وفضائييّن من أمريكا وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصّين والهند واليابان. ونحن نعلم علم اليقين بأن من يملك السّماء إنّما يملك الأرض وما عليها وما فيها. فالصّواريخ والطّائرات النفّاثة وغيرها الحربّية المسلّحة ترتقي بقوتها وسرعتها أعالي الفضاء والمركبات الفضائيّة تُشاهِدُ من العلوّ الشّاهق حتّي دبيب أصغر النّمل على التّراب...
*(أديب)
علم الفلك الّذي ينتمي له الأستاذ العالم الباحث عبد الرّحمان العرباوي يلقّب بعلم الهيئة
+ عز الدين المدني
أين هم العلماء العرب؟ علماء العلوم الصّحيحة من رياضيات وفيزياء وكيمياء ولا أقصد "العلماء" الآخرين الّذين كدّسوا كِتَابَاتِهم في مختلف عصور الحضارة العربيّة الإسلامية من قديمها إلى حديثها أكداسًا أكداسًا حتّى حجبت عنّا عين الشمس: المعرفة الإنسانيّة والكونيّة وكادت ترسل ظلماتها على الزّمان في ماضيه وراهنه وآتيه، غَبَشًا على غَبَشٍ!
الباحث الفلكي التونسي: أ.عبد الرحمان العرباوي
خلال الشّهور القليلة الماضيّة عرفتُ عالمًا باحثًا تونسيًّا في علم الفلك، ففرحتُ بهذا العالم الباحث الاستثنائي، وسررتُ بالتّعارف المتبادل بيني وبَيْنه ممّا جعلنا نعقد معًا مجلسًا إثر مجلس لتبادل المعلومات العلميّة عمّا ظهر من الكون. ولا أدري إلى حدّ هذا اليوم متى عَلِمَ بأنّي ولوع بالريّاضيات والفيزياء ومستكشفات الكون بينما أنا كاتب أدبّي وفكريّ طوال حياتي ومعروف بذلك وفي المقابل علمتُ بأنّه باحث عالم في علم الفلك - لا علم الفلك القديم الشّهير بأساطيره وحساباته التّكهّناتيّة وبآمال البشريّة في الاطّلاع على غدها ومصيرها بغية الاطمئنان على حال الإنسان وكيانه في الدّنيا، مع الملاحظة الأكيدة أنّ علم الفلك هو أعرق العلوم الإنسانية مطلقًا حسب ما أشرنا - فنجده في حضارة بابل مثلا كما نعرف أنّ العرّافين والسّحرة في حضارات أشور وكَلْدَان مرجعهم التّنبُّئي أحوال الكون.
أمّا علم الفلك الّذي ينتمي له الأستاذ العالم الباحث عبد الرّحمان العرباوي فإنّه يلقّب بعلم الهيئة، وهذا اللّقب تحديث في تسميّة فرع عظيم في علم الفلك إجمالًا. ويسّميه الأجانب من الفرنسيّين والإنكليز والألْمان والأمريكان والرّوس "بأسْتْرُوفيِزِيكْ" Astro-physique بلغاتهم المتقاربة في هذا الشّأن، ما ترجمته باللّغة العربية بإشراف مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة (انظر مثلا المعجم الوسيط) علم الهيئة.
وهو علم وَضْعِيٌّ يبحث في الأجرام السّماوية من نجوم وكواكب ونيازك إلخ...في علاقاتها ببعضها البعض، وفي بنيتها وهياكلها ونماذجها ومواصفاتها وأنظمتها وفي حركاتها وفي مسألة احتمال الوصول إليها والحلول بها رغم بعدها عن كرتنا الأرضية وعن نظامنا الشّمسي وعن مجرّتنا دَرْب التَبَّانَة بآلاف مؤلّفة من السّنوات الضّوئيّة! والأستاذ عبد الرّحمان العرباوي عالم باحث في شأن علم الهيئة الفلكي اليوم، وله كتاب صدر حديثا على نفقته الشّخصيّة في تونس وسيوزّع في الخارج عنْوَانُهُ باللّغة الفرنسيّة "أسْتْرُوفيزِيك" قد جاء فوق عنوان موضوع بحثه العلمي المبتكر: "الهالات السّوداء حول الأجرام السَّماويّة في الكون"
هذا الموضوع الفلكي ونظائره وأشباهه وفروعه هو مجال بحثٍ صعبٍ نجح فيه ثلّة من العلماء الباحثين الإنكليز من أمثال الباحث العبقري الإنكليزيّ سْتِيفِنْ هُوكينْقْ Stephen Hawking المولود سنة 1942، وهو مشلول معاق لا تتحرّك أعضاء جسمه ولا يغادر أبدًا مقعده، فقد كان "يكتب" بإشارات من جَفْنَيْه وبإشاراتٍ أخرى بعينيه فقط حسب ما قيل عنه من التراجِمَة الصادقين، -وهذا النّوع من "الكتابة" من مخترعاته العلميّة- وإلى جانبه كاتب يترجم ذلك لغويًّا ويرسمه كلمات وجملًا بالحروف اللّاتينيّة. وقد كان ينتمي لجامعة كَمْبْرِيدْجْ الشّهيرة بمستواها البحثي العلمي الرّاقي. وقد توفيّ منذ شهور معدودة من السنة الماضية 2023. ومن أعماله الفزيائيّة الشّهيرة نذكر إعداده لنظرّية "الثّقب السّوداء" المنتشرة في الكون. وسوف نرى فيما بعد مساهمة الباحث الفلكي التّونسي عبد الرحمان العرباوي في نظريّة تلك "الثّقب"،ولها صُوَرٌ فوتوغرافية(؟) فضائيّة تعكس منظرها منشورةٌ في بعض الكتب العلميّة الفلكيّة مثل كتاب "بِيقْ بَنْقْ" للباحثَيْن المؤرّخَيْن المحقّقَيْن بُوقْدَانُوف. نُشر بباريس بدار بريد الكتاب سنة 2014. ولباحثنا الفلكي التّونسي آراء ووجهات نظر علميّة وأفكار مركّزة على المنطق والأدلّة التّجريبيّة ومستقلّة عمّا سبقها وذلك إلى بلوغ البحث مستوى الابتكار النّظري والإبداع العلمي.
العرب والعلوم الصّحيحة
أتساءل وفي نفسي شَجَنٌ وحيرة: متى كان العرب علماء؟ متى كانوا مبتكرين ومبدعين وخلّاقين ومستنبطين في العلوم الصّحيحة، وأعني خاصّة الرّياضيات والفيزياء والكيمياء؟ متى كانوا جهابذة أفذاذًا؟ الحقّ أنّ هذا التّساؤل المتعدّد حرقني طوال مدّة مديدة من عمري...
لا شكّ أنّ العرب كانوا محور العلوم الصّحيحة في العالم في وفي ذروتها وقمتّها خلال القرون الذهبيّة الماضية، ولا جِدَالَ ينكر ذلك تعسّفًا وظُلمًا مع المجادلين المنكرين والجهال، على أنّ تلك القرون العالية الماضية قد ذهبت بلا رجوع فأتى عليها الدّهرُ ذو أتى فلم تبق من جذوتها المتّقدة إلّا الذّكرى الجميلة والتّفاخر بالماضي التّليد. ثمّ جاء الفراغ المهول والفاقة في العلوم الصّحيحة.
استيقظ العرب من رقادهم الفكري خلال النّصف الثّاني من القرن الثّامن عشر الميلادي (لا خلال القرن التّاسع عشر كما يدّعي البعض) وتوالت القرون تتعاقب... فلم يتعّظ معظم العرب بأنّ خصومهم في الحضارة قد سرقوا منهم الرّصيد المعرفي والعلمي العربي فاستضاءوا به في سبيل انبعاث حضارتهم الغربيّة وقيامها أيّام عهد "الكَوَاتْرُو شِنْتُو" (Quattrocento) بإيطاليا، وهو العهد المبكرّ للنّهضة الغربيّة. وقد كانت إيطاليا منذ القرون الوسطى تحت إِشْعَاعِ الثّقافة والعلوم الصّحيحة وسواها من قِبَلِ الكيان التّونسي العربي وكذلك المغربي بمعنى المغرب الكبير، حيث الدّولة الأغلبية فالدّولة الفاطميّة فالدّولة الصّنهاجية وبدايات الدّولة الموحديّة والحفصيّة... فسرقوا وتعلّموا واستغلّوا وطوّروا ونمّوا وصاروا بداية القرن السّادس عشر سادة الثّقافة الإنسانية والعلوم الصّحيحة والتّكنولوجيا في أغلب الكرة الأرضيّة وتمّ الانفصال بين الحضارتين... وإجمالًا نقول: لماذا تقدّم العرب وتأخر الغرب يوم أمس؟ ولماذا تقدّم الغرب وتأخر العرب اليوم؟
من يملك السّماء يملك الأرض
حين نستعرض منجَزات الحضارة الغربيّة في علم الفلك الحديث منذ القرن السّادس عشر إلى القرن الحالي نجد مئات منها في علوم الرّياضيات والفيزياء والكيمياء ولا تجد بينهم في الأغلب الأعمّ علماء عربًا بما أنّ هذه العلوم ليست تحت الاحتكار الغربي وإنّما هي تهمّ البشريّة قاطبة ودون استثناء. فعلام لا وجود بارز للعرب ولا ذكر خافت عنهم؟ مع التأكيد بأنّ علم الفلك برمّته يعتمد الرّياضيات المتطوّرة جدًّا ومنجزات الفيزياء وقوانينها وما يخفى منها وما برز.
نعم، لا نجد في العالم العربي من مغربه إلى مشرقه إلّا قلّة قليلة من العلماء الفلكيّين العرب وهم أقلّ من القليل، كالعزيز النّادر، ولا مؤسّسات خاصّة بالبحوث العلمية وبالمخابر وبالمراصد وبالصّناعات وبالمدارس المتخصّصة اللهّم إلّا بشُحٍ كبير. والعالم الفلكي العربي اليوم إنّما هو غريب في هذا الوضع وهو لا يقدر أن يكتب تقاريره العلميّة إلّا بالّلغة الأجنبية لا بالّلغة العربية، لغته الوطنيّة والقوميّة والعالميّة، ذلك رغم الجهود المكثّفة الّتي بذلها مجمع الّلغة العربية بالقاهرة وهيئات عربية أخرى لترجمة المصطلحات العلمية الفلكيّة والفزيائيّة المعقّدة، وتزيد تعقيدًا من يوم إلى آخر حسب المستكشافات الكونيّة الطّارئة. التّي يُعْلَنُ عنها باطّراد من قِبَلِ علماء وباحثين وفضائييّن من أمريكا وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصّين والهند واليابان. ونحن نعلم علم اليقين بأن من يملك السّماء إنّما يملك الأرض وما عليها وما فيها. فالصّواريخ والطّائرات النفّاثة وغيرها الحربّية المسلّحة ترتقي بقوتها وسرعتها أعالي الفضاء والمركبات الفضائيّة تُشاهِدُ من العلوّ الشّاهق حتّي دبيب أصغر النّمل على التّراب...