إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مأمون العباسي يفتح ملفات وكالة تونس أفريقيا للأنباء

"مسيرة صحافي في وكالة تونس أفريقيا للأنباء والجامعة العربية"، مصنف بمثابة كتاب العمر

رشيد خشانة

سعدتُ أيما سعادة بإصدار الزميل والصديق محمد مأمون العباسي كتابا جديدا تحت عنوان "مسيرة صحافي في وكالة تونس أفريقيا للأنباء والجامعة العربية"، فهذا المصنف هو بمثابة كتاب العمر، الذي جمع فيه عصارة مسيرته الصحفية، التي أفنى منها ثلاثة وثلاثين عاما، في وكالة تونس أفريقيا للأنباء، مُتدرجا من صحفي إلى رئيس تحرير.

منعطفات وخلفيات

أتى الكتاب المنشور في "دار برق للنّشر" (140 صفحة)، بإدارة صحفي آخر من صحفيي الوكالة، الزميل محمد البرقاوي، ليوثق لحظات ومنعطفات وقرارات، لم نكن نعرف خلفياتها ولا تداعياتها على الأوضاع في بلادنا. كما أفاد مأمونٌ قراء الكتاب بكيفية التعاطي الإعلامي مع الأحداث العربية والدولية، على صعيد الجامعة العربية، خلال الفترة التي عمل فيها ملحقا إعلاميا بمكتب الأمين العام للجامعة، المرحوم الشاذلي القليبي، إلى جانب الزملاء منير الشرفي ونيللي سلامة والمرحوم شوقي مرزوق وغيرهم. كان ذلك في أعقاب قرار قمة بغداد (مارس 1979) بنقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس. ومكنت تلك التجربة مأمونا من الاطلاع على خفايا العمل العربي المشترك وأوضاع مؤسساته، كما أتاحت له معرفة أبرز الشخصيات العربية والدولية، التي كانت تلتقي الأمين العام للجامعة في تونس وخارجها.

ثقة الشاذلي القليبي

أتيح لي طيلة تلك السنوات العشر، أن أتابع عن قرب اجتماعات الجامعة ومؤسساتها، ولم أجد في تلك الفترة، بصفتي مراسلا لصحيفة "النهار العربي والدولي" الباريسية، ثم جريدة "الحياة" اللندنية، سوى التعاون والمساعدة من مأمون وزملائه في مكتب الأمين العام، الذي كان يعتمد كثيرا على مأمون ويضع فيه كامل ثقته.

تونسيا يُفيد هذا الكتاب الإعلاميين التونسيين وغير الإعلاميين، بمعلومات وأحداث مهمة، تُساهم في ترميم الذاكرة الوطنية، مثلما أسلفنا. ومن أهم المسائل التي تطرحُها المحافظة على تلك الذاكرة، الحالة التي عليها أرشيف الوكالة من البرقيات والصور. فمن غير المعقول أن تبقى الصور، التي توثق لذاكرة تونس منذ 1961، وحتى قبل تأسيس الوكالة، (وإن كان معظمها يُغطي نشاطات رسمية)، أن تبقى في الحالة التي هي عليها اليوم، بالرغم من قيمة الجهود التي يبذلها المسؤولون عن تراث الوكالة. لابد من تدقيق تواريخ تلك الصور وتوثيق الأسماء والمناسبة، علما أن هذا المخزون يزيد عن 1.5 مليون صورة.

ضرورة الرقمنة

هذا الأمر مستعجلٌ لأن مخزون الوكالة من الصور سيصيبه التلف تدريجيا، إن لم نشرع في رقمنته. وينطبق هذا أيضا على البرقيات، التي ينبغي إخضاعها للرقمنة كلفنا ذلك ما كلفنا من وقت وجهد ومال. وكانت هناك في السنوات الأخيرة محاولة لوضع خطة لرقمنة البرقيات والصور، لكنها أجهضت.

جزى الله محمد مأمون العباسي كل خير، فقد فتح نافذة أتاحت لنا الاطلاع على صفحة أخرى مهمة من تاريخنا ومؤسساتنا، بالرغم من الخط الدعائي الذي فُرض على وكالة تونس أفريقيا للأنباء، في سنوات الاستبداد.

* الرئيس المدير العام الأسبق لوكالة تونس أفريقيا للأنباء

 

 

 

 

مأمون العباسي يفتح ملفات وكالة تونس أفريقيا للأنباء

"مسيرة صحافي في وكالة تونس أفريقيا للأنباء والجامعة العربية"، مصنف بمثابة كتاب العمر

رشيد خشانة

سعدتُ أيما سعادة بإصدار الزميل والصديق محمد مأمون العباسي كتابا جديدا تحت عنوان "مسيرة صحافي في وكالة تونس أفريقيا للأنباء والجامعة العربية"، فهذا المصنف هو بمثابة كتاب العمر، الذي جمع فيه عصارة مسيرته الصحفية، التي أفنى منها ثلاثة وثلاثين عاما، في وكالة تونس أفريقيا للأنباء، مُتدرجا من صحفي إلى رئيس تحرير.

منعطفات وخلفيات

أتى الكتاب المنشور في "دار برق للنّشر" (140 صفحة)، بإدارة صحفي آخر من صحفيي الوكالة، الزميل محمد البرقاوي، ليوثق لحظات ومنعطفات وقرارات، لم نكن نعرف خلفياتها ولا تداعياتها على الأوضاع في بلادنا. كما أفاد مأمونٌ قراء الكتاب بكيفية التعاطي الإعلامي مع الأحداث العربية والدولية، على صعيد الجامعة العربية، خلال الفترة التي عمل فيها ملحقا إعلاميا بمكتب الأمين العام للجامعة، المرحوم الشاذلي القليبي، إلى جانب الزملاء منير الشرفي ونيللي سلامة والمرحوم شوقي مرزوق وغيرهم. كان ذلك في أعقاب قرار قمة بغداد (مارس 1979) بنقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس. ومكنت تلك التجربة مأمونا من الاطلاع على خفايا العمل العربي المشترك وأوضاع مؤسساته، كما أتاحت له معرفة أبرز الشخصيات العربية والدولية، التي كانت تلتقي الأمين العام للجامعة في تونس وخارجها.

ثقة الشاذلي القليبي

أتيح لي طيلة تلك السنوات العشر، أن أتابع عن قرب اجتماعات الجامعة ومؤسساتها، ولم أجد في تلك الفترة، بصفتي مراسلا لصحيفة "النهار العربي والدولي" الباريسية، ثم جريدة "الحياة" اللندنية، سوى التعاون والمساعدة من مأمون وزملائه في مكتب الأمين العام، الذي كان يعتمد كثيرا على مأمون ويضع فيه كامل ثقته.

تونسيا يُفيد هذا الكتاب الإعلاميين التونسيين وغير الإعلاميين، بمعلومات وأحداث مهمة، تُساهم في ترميم الذاكرة الوطنية، مثلما أسلفنا. ومن أهم المسائل التي تطرحُها المحافظة على تلك الذاكرة، الحالة التي عليها أرشيف الوكالة من البرقيات والصور. فمن غير المعقول أن تبقى الصور، التي توثق لذاكرة تونس منذ 1961، وحتى قبل تأسيس الوكالة، (وإن كان معظمها يُغطي نشاطات رسمية)، أن تبقى في الحالة التي هي عليها اليوم، بالرغم من قيمة الجهود التي يبذلها المسؤولون عن تراث الوكالة. لابد من تدقيق تواريخ تلك الصور وتوثيق الأسماء والمناسبة، علما أن هذا المخزون يزيد عن 1.5 مليون صورة.

ضرورة الرقمنة

هذا الأمر مستعجلٌ لأن مخزون الوكالة من الصور سيصيبه التلف تدريجيا، إن لم نشرع في رقمنته. وينطبق هذا أيضا على البرقيات، التي ينبغي إخضاعها للرقمنة كلفنا ذلك ما كلفنا من وقت وجهد ومال. وكانت هناك في السنوات الأخيرة محاولة لوضع خطة لرقمنة البرقيات والصور، لكنها أجهضت.

جزى الله محمد مأمون العباسي كل خير، فقد فتح نافذة أتاحت لنا الاطلاع على صفحة أخرى مهمة من تاريخنا ومؤسساتنا، بالرغم من الخط الدعائي الذي فُرض على وكالة تونس أفريقيا للأنباء، في سنوات الاستبداد.

* الرئيس المدير العام الأسبق لوكالة تونس أفريقيا للأنباء