حذر عدد من خبراء المحاسبة، أمس، خلال ملتقى حواري حول قانون المالية لسنة 2024 بحضور وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، بأحد الفنادق بالعاصمة، من تداعيات القانون على المؤسسات الصغرى والمتوسطة، والاستثمار، وإثقال كاهل العديد من القطاعات بالضرائب، مؤكدين أن نسبة الضرائب في تونس ارتفعت إلى 25.1٪، في حين ارتفعت الاقتطاعات العمومية الإجبارية إلى نحو 35%، وهي الأعلى في قارة إفريقيا، داعين إلى ضرورة العمل على تشجيع الاستثمارات خلال الفترة القليلة القادمة لتحقيق معدل نمو يتجاوز 2%، في ظل معدلات نمو ضعيفة شهدتها سنة 2023، والتي لم تتجاوز 0.7% لكامل السنة، وفق تقديرات المعهد الوطني للإحصاء.
وقال رئيس هيئة المحاسبين وليد بن صالح في تصريح لـ"الصباح"، على هامش الملتقى الحواري لهيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية، إن قانون المالية لسنة 2024، تميز بارتفاع لافت في الضرائب، ما يشل قدرة بعض القطاعات على الصمود، مشيرا إلى أن الأمر اللافت للانتباه في قانون المالية لسنة 2024، بلوغه نسبة مأوية مرتفعة، حيث تجاوز المعدل 25.1٪، في ظل مؤشرات متدنية في النمو لا تتجاوز 0.7% كامل سنة 2023، بالإضافة إلى الارتفاع اللافت في الاقتطاعات العمومية والتي بلغت نسبتها 35%.
وتابع وليد بن صالح بالقول، إن أهداف سنة 2024، تتميز بتحقيق نسبة نمو بأكثر من 2%، وهي نسبة يبقى تجسيدها رهين التغييرات المناخية، ودفع نسق الاستثمار، والرفع من إنتاج الفسفاط.
صعوبة الاقتراض
وكشف رئيس هيئة المحاسبين، أن قانون المالية لسنة 2024، يعول في مضمونه على قدراتنا الذاتية، لافتا إلى صعوبة الخروج إلى الأسواق المالية العالمية للاقتراض في ظل ارتفاع نسب الفائدة، وأيضا بسبب تراجع التصنيف الائتماني لتونس، نافيا وجود أي توجه نحو صندوق النقد الدولي في قانون المالية لسنة 2024، بالإضافة إلى وجود غموض حول مصادر تمويل وردت في قانون المالية لسنة 2024 بإعتمادات ناهزت أكثر من 10 مليار دينار.
وبين رئيس هيئة المحاسبين خلال كلمته، أن ميزانية الدولة لسنة 2024 بلغت 77.4 مليار دينار بارتفاع ناهز 9.3%، مقارنة بسنة 2023، وتمثل أكثر من 44% من الناتج المحلي الخام، متجاوزة النسب الدولية والتي هي في حدود 33% من الناتج المحلي الإجمالي، "وهو ما يؤكد أن النفقات العمومية المرتفعة للدولة التونسية تمثل عبئا ثقيلا على الاقتصاد".
وأعلنت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصيّة، في تصريحات إعلامية، عقب المتقى الحواري، أن قانون المالية لسنة 2024 تضمن جملة من الإجراءات المالية والجبائية التي تهدف إلى تحسين موارد الدولة، مشيرة إلى أن هذه السنة ستكون سنة إدماج الاقتصاد الموازي بامتياز، مشددة على أن "العبء الجبائي يجب أن تتحمله كل الأطراف، وليس الاقتصاد المنظم فقط".
وكشفت الوزيرة في تصريحاتها، عن الشروع في إعداد لجنة تجمع مختلف الأطراف المتداخلة بوزارة المالية بهدف إدماج الاقتصاد الموازي في القطاع المنظم..
وأبرزت وزيرة المالية والمكلّفة بتسيير وزارة الاقتصاد والتخطيط، في كلمتها خلال إشرافها على افتتاح فعاليات الملتقى، الجهود المبذولة من أجل التحكّم في التوازنات الماليّة وتنشيط محرّكات النموّ وتحسين نسق النشاط الاقتصادي، وإيفاء الدّولة بتعهّداتها المالية رغم الضغوطات على المالية العمومية.
استعادة التوازنات المالية
وأضافت بالقول أن قانون المالية لسنة 2024 يندرج في إطار مواصلة برنامج الإصلاحات الرّامي إلى الاستعادة التّدريجية لتوازنات الماليّة العمومية دون إثقال كاهل الفاعلين الاقتصاديين بأعباء جبائية إضافية والعمل على استعادة ثقة المستثمرين من خلال تحسين مناخ الاستثمار وتحقيق التنمية الشّاملة والمستدامة.
وكشفت الوزيرة من جهة أخرى، أن قانون المالية لسنة 2024 يهدف إلى مواصلة تكريس الدور الاجتماعي للدولة لتحسين القدرة الشرائية للمواطن ومزيد الإحاطة بالفئات الاجتماعية محدودة الدخل والمحافظة على السلم والعدالة الاجتماعية وذلك في إطار التمكين الاقتصادي لهذه الفئات والتصدي لإقصائهم المالي.
وتابعت بالقول أن قانون المالية لسنة 2024 تضمن إجراءات للتشجيع على إحداث المؤسسات وخلق مواطن الشغل ودفع الاستثمار ودعم الإدماج المالي للمؤسسات الصغرى والمتوسطة.
كما أعلنت وزيرة المالية عن الشروع في وضع مشروع إصلاحي شمولي لتونس، يتماشى مع أولويات المرحلة، مؤكدة إن محدودي الدخل والفئات المتوسطة ستكون ضمن أولويات البرنامج الذي يحمل أبعادا اقتصادية واجتماعية، بالإضافة إلى التحفيز على الاستثمار من خلال مواصلة دعم قطاعات الإنتاج ذات القيمة المضافة، بالإضافة إلى الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري. ولفتت الوزيرة في كلمتها، "إلى انه رغم كل التحديات والصعوبات التي شهدها الاقتصاد الوطني، فقد نجحت تونس في الإيفاء بكافة التزاماتها وسداد ديونها بعنوان سنة 2023، في آجالها ، وبالتالي أثبتنا للجميع قدرتنا على حسن التصرف وترشيد النفقات رغم صعوبة النفاذ إلى التمويل الخارجي".
ضرورة تحقيق نسب نمو جيدة
وحسب دراسة جديدة قامت بها هيئة خبراء المحاسبين بالبلاد التونسية اشرف عليها الخبير المحاسب أنيس الوهابي، فقد استنتجت، أن غياب الاستثمارات، أثر بشكل لافت على قدرة العديد من القطاعات في الصمود.
وقال الخبير المحاسب أنيس الوهابي لـ"الصباح"، أن أهمية الاقتصاد التونسي تكمن اليوم في تحقيق نسب نمو جيدة، حيث انه بتحقيق نسبة جيدة تكون إيرادات الدولة جيدة، وسينعكس ذلك ايجابيا على كافة النشاطات التي تقوم بها الدولة لفائدة المواطنين من تحسين للقدرة الشرائية والخدمات والمرافق العمومية، وكلما كانت نسب النمو متدنية سينعكس ذلك سلبا على نشاط العديد من القطاعات في الدولة، ويمس من القدرة الشرائية للمواطنين، والاهم من هذا كله ارتفاع الآداءات والضرائب، وهنا تكمن المعضلة، حيث سيؤثر الارتفاع المتواصل في الجباية في مناخ الاستثمار، ما يعيق الجهود الإصلاحية للدولة، وعدم قدرتها على مجاراة نفقاتها والتزاماتها، ومن الضروري اليوم العمل على تحسين مناخ الاستثمار لتحقيق نسب نمو جيدة، الأمر الذي ينعكس إيجابا على كافة القطاعات في الدولة.
ودعا انبس الوهابي، من جهة أخرى، إلى الحد من القوانين والتشريعات الزجرية، والتي يمكن أن تقوض مناخ الاستثمار، والاعتماد على برامج إصلاحية هادفة من شانها أن تطمئن المستثمرين وتشجع على الاستثمار.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
حذر عدد من خبراء المحاسبة، أمس، خلال ملتقى حواري حول قانون المالية لسنة 2024 بحضور وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، بأحد الفنادق بالعاصمة، من تداعيات القانون على المؤسسات الصغرى والمتوسطة، والاستثمار، وإثقال كاهل العديد من القطاعات بالضرائب، مؤكدين أن نسبة الضرائب في تونس ارتفعت إلى 25.1٪، في حين ارتفعت الاقتطاعات العمومية الإجبارية إلى نحو 35%، وهي الأعلى في قارة إفريقيا، داعين إلى ضرورة العمل على تشجيع الاستثمارات خلال الفترة القليلة القادمة لتحقيق معدل نمو يتجاوز 2%، في ظل معدلات نمو ضعيفة شهدتها سنة 2023، والتي لم تتجاوز 0.7% لكامل السنة، وفق تقديرات المعهد الوطني للإحصاء.
وقال رئيس هيئة المحاسبين وليد بن صالح في تصريح لـ"الصباح"، على هامش الملتقى الحواري لهيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية، إن قانون المالية لسنة 2024، تميز بارتفاع لافت في الضرائب، ما يشل قدرة بعض القطاعات على الصمود، مشيرا إلى أن الأمر اللافت للانتباه في قانون المالية لسنة 2024، بلوغه نسبة مأوية مرتفعة، حيث تجاوز المعدل 25.1٪، في ظل مؤشرات متدنية في النمو لا تتجاوز 0.7% كامل سنة 2023، بالإضافة إلى الارتفاع اللافت في الاقتطاعات العمومية والتي بلغت نسبتها 35%.
وتابع وليد بن صالح بالقول، إن أهداف سنة 2024، تتميز بتحقيق نسبة نمو بأكثر من 2%، وهي نسبة يبقى تجسيدها رهين التغييرات المناخية، ودفع نسق الاستثمار، والرفع من إنتاج الفسفاط.
صعوبة الاقتراض
وكشف رئيس هيئة المحاسبين، أن قانون المالية لسنة 2024، يعول في مضمونه على قدراتنا الذاتية، لافتا إلى صعوبة الخروج إلى الأسواق المالية العالمية للاقتراض في ظل ارتفاع نسب الفائدة، وأيضا بسبب تراجع التصنيف الائتماني لتونس، نافيا وجود أي توجه نحو صندوق النقد الدولي في قانون المالية لسنة 2024، بالإضافة إلى وجود غموض حول مصادر تمويل وردت في قانون المالية لسنة 2024 بإعتمادات ناهزت أكثر من 10 مليار دينار.
وبين رئيس هيئة المحاسبين خلال كلمته، أن ميزانية الدولة لسنة 2024 بلغت 77.4 مليار دينار بارتفاع ناهز 9.3%، مقارنة بسنة 2023، وتمثل أكثر من 44% من الناتج المحلي الخام، متجاوزة النسب الدولية والتي هي في حدود 33% من الناتج المحلي الإجمالي، "وهو ما يؤكد أن النفقات العمومية المرتفعة للدولة التونسية تمثل عبئا ثقيلا على الاقتصاد".
وأعلنت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصيّة، في تصريحات إعلامية، عقب المتقى الحواري، أن قانون المالية لسنة 2024 تضمن جملة من الإجراءات المالية والجبائية التي تهدف إلى تحسين موارد الدولة، مشيرة إلى أن هذه السنة ستكون سنة إدماج الاقتصاد الموازي بامتياز، مشددة على أن "العبء الجبائي يجب أن تتحمله كل الأطراف، وليس الاقتصاد المنظم فقط".
وكشفت الوزيرة في تصريحاتها، عن الشروع في إعداد لجنة تجمع مختلف الأطراف المتداخلة بوزارة المالية بهدف إدماج الاقتصاد الموازي في القطاع المنظم..
وأبرزت وزيرة المالية والمكلّفة بتسيير وزارة الاقتصاد والتخطيط، في كلمتها خلال إشرافها على افتتاح فعاليات الملتقى، الجهود المبذولة من أجل التحكّم في التوازنات الماليّة وتنشيط محرّكات النموّ وتحسين نسق النشاط الاقتصادي، وإيفاء الدّولة بتعهّداتها المالية رغم الضغوطات على المالية العمومية.
استعادة التوازنات المالية
وأضافت بالقول أن قانون المالية لسنة 2024 يندرج في إطار مواصلة برنامج الإصلاحات الرّامي إلى الاستعادة التّدريجية لتوازنات الماليّة العمومية دون إثقال كاهل الفاعلين الاقتصاديين بأعباء جبائية إضافية والعمل على استعادة ثقة المستثمرين من خلال تحسين مناخ الاستثمار وتحقيق التنمية الشّاملة والمستدامة.
وكشفت الوزيرة من جهة أخرى، أن قانون المالية لسنة 2024 يهدف إلى مواصلة تكريس الدور الاجتماعي للدولة لتحسين القدرة الشرائية للمواطن ومزيد الإحاطة بالفئات الاجتماعية محدودة الدخل والمحافظة على السلم والعدالة الاجتماعية وذلك في إطار التمكين الاقتصادي لهذه الفئات والتصدي لإقصائهم المالي.
وتابعت بالقول أن قانون المالية لسنة 2024 تضمن إجراءات للتشجيع على إحداث المؤسسات وخلق مواطن الشغل ودفع الاستثمار ودعم الإدماج المالي للمؤسسات الصغرى والمتوسطة.
كما أعلنت وزيرة المالية عن الشروع في وضع مشروع إصلاحي شمولي لتونس، يتماشى مع أولويات المرحلة، مؤكدة إن محدودي الدخل والفئات المتوسطة ستكون ضمن أولويات البرنامج الذي يحمل أبعادا اقتصادية واجتماعية، بالإضافة إلى التحفيز على الاستثمار من خلال مواصلة دعم قطاعات الإنتاج ذات القيمة المضافة، بالإضافة إلى الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري. ولفتت الوزيرة في كلمتها، "إلى انه رغم كل التحديات والصعوبات التي شهدها الاقتصاد الوطني، فقد نجحت تونس في الإيفاء بكافة التزاماتها وسداد ديونها بعنوان سنة 2023، في آجالها ، وبالتالي أثبتنا للجميع قدرتنا على حسن التصرف وترشيد النفقات رغم صعوبة النفاذ إلى التمويل الخارجي".
ضرورة تحقيق نسب نمو جيدة
وحسب دراسة جديدة قامت بها هيئة خبراء المحاسبين بالبلاد التونسية اشرف عليها الخبير المحاسب أنيس الوهابي، فقد استنتجت، أن غياب الاستثمارات، أثر بشكل لافت على قدرة العديد من القطاعات في الصمود.
وقال الخبير المحاسب أنيس الوهابي لـ"الصباح"، أن أهمية الاقتصاد التونسي تكمن اليوم في تحقيق نسب نمو جيدة، حيث انه بتحقيق نسبة جيدة تكون إيرادات الدولة جيدة، وسينعكس ذلك ايجابيا على كافة النشاطات التي تقوم بها الدولة لفائدة المواطنين من تحسين للقدرة الشرائية والخدمات والمرافق العمومية، وكلما كانت نسب النمو متدنية سينعكس ذلك سلبا على نشاط العديد من القطاعات في الدولة، ويمس من القدرة الشرائية للمواطنين، والاهم من هذا كله ارتفاع الآداءات والضرائب، وهنا تكمن المعضلة، حيث سيؤثر الارتفاع المتواصل في الجباية في مناخ الاستثمار، ما يعيق الجهود الإصلاحية للدولة، وعدم قدرتها على مجاراة نفقاتها والتزاماتها، ومن الضروري اليوم العمل على تحسين مناخ الاستثمار لتحقيق نسب نمو جيدة، الأمر الذي ينعكس إيجابا على كافة القطاعات في الدولة.
ودعا انبس الوهابي، من جهة أخرى، إلى الحد من القوانين والتشريعات الزجرية، والتي يمكن أن تقوض مناخ الاستثمار، والاعتماد على برامج إصلاحية هادفة من شانها أن تطمئن المستثمرين وتشجع على الاستثمار.