تعيش معتمدية الحنشة من ولاية صفاقس حالة من الاحتقان والغضب بعد تواصل غياب أي معطيات أو معلومات تهم أبناءهم الذين خرجوا في عملية هجرة غير نظامية منذ يوم الخميس الفارط.
وحسب الشهادات التي جمعتها "الصباح"، يبدو أن نقطة انطلاق قارب الهجرة كانت ميناء صفاقس، ويضم نحو الـ 40 شخصا، منهم 3 إناث، بينهن أم ورضيعتها البالغ سنها شهران وابنها الذي يبلغ من العمر 4 سنوات، وأخيها العشريني، فضلا عن عدد من القصر في سن الـ 13 عاما والـ 14 عاما. وعلى الأغلب الأكبر سنا في المفقودين إلى غاية الآن يصل عمره 28 عاما. وينتمي المغادرون في عملية الهجرة إلى نفس العرش تقريبا، فهم أقارب وبينهم علاقات مصاهرة.
وأفاد أحد أقارب المفقودين، أن الأهالي بصدد التواصل مع عدد من منظمات المجتمع المدني المشتغلة على ملف الهجرة، وتمكنوا من تجميع معطيات تفيد أن أبناءهم لم يصلوا بعد إلى أي من مراكز الإيواء الايطالية. ولم يبق إلا التأكد من تواجدهم في مالطا من عدمه، فهي الجهة الوحيدة التي لم يتمكنوا من التواصل معها إلى غاية الآن.
ويشتكي أهالي المفقودين من غياب أي معطيات صادرة عن جهات رسمية، ولا تقدم قوات الحرس أو الأمن في المنطقة أي مستجدات في علاقة بتقدم عمليات البحث التي تم الإعلان عنها من قبلهم منذ نهاية الأسبوع الماضي عند تقدم الأهالي بالشكاية المعلنة عن فقدان أبنائهم.
في نفس الوقت تفيد تصريحات الناطق باسم الحرس الوطني أن عمليات البحث التي أطلقتها وحدات الحرس البحري بولاية صفاقس لم تسفر عن أي مستجدات تذكر، مشددا في حديثه على أنه تم تسخير زوارق وخوافر وطوافات معززة بدوريات ساحلية، ودوريات جوية باستعمال الطائرة العمودية إلى جانب التنسيق مع الوحدات الميدانية لجيش البحر، وذلك للقيام بعملية بحث بكافة الفضاءات البحرية والشريط الساحلي المتاخم لولاية صفاقس والمهدية.
واعتبر رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنسق قسم الهجرة، أن ما وقع لشباب معتمدية الحنشة من ولاية صفاقس وما تعيشه الجهة، هي مأساة تتكرر بنفس الأخطاء وخاصة في ما يتعلق بتعامل السلطة مع الفواجع البحرية.
وذكر أن المنتدى سبق وأن طالب منذ سنوات الدولة التونسية بإعداد دليل موحد للتعامل مع الفواجع البحرية من خلال تكليف الهيئات الجهوية والمحلية لتنظيم النجدة والإنقاذ، بأن تبقى في حالة انعقاد دائم عند وقوع مثل هذه الطوارئ حتى تقدم كل المعطيات والمعلومات للعائلة مع توفير الإحاطة اللازمة لهم قائلا:"..لكن اليوم، مرة أخرى نعاين نفس سيناريو جرجيس، من خلال غياب التحرك الناجع والسريع من قبل السلطات المحلية والجهوية سواء في الحنشة أو على مستوى ولاية صفاقس لضمان الإحاطة للعائلة وتقديم المعطيات الرسمية وعدم تركهم فريسة للإشاعات التي يمكن أن تفاقم في مستوى الضغط النفسي الذي تتعرض له العائلات.
وقال بن عمر أن "ما يجري اليوم في الحنشة يجعلنا نتشبث بالمطلب السابق وهو هيكل وطني خاص بالمفقودين في البحر من كل الجنسيات الذي يمكن أن يكون في علاقة بقضايا اللجوء والهجرة تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية ويكون المخاطب الرسمي والوحيد للعائلات ووسائل الإعلام والمجتمع المدني ومختلف الفاعلين في ما يهم النجدة والإنقاذ لتجميع المعطيات اللازمة للعائلات".
ورأى في نفس السياق أن فقدان 37 شخصا في البحر، يؤكد من جديد على أن المقاربة الأمنية لا تزال ذات أولوية في ما يهم ملف الهجرة غير النظامية، مقاربة تعتمد على المنع والزجر أكثر منه عن البحث والإنقاذ.
والمسألة الثالثة التي تثيرها أزمة معتمدية الحنشة، هو العوامل الدافعة للهجرة غير النظامية التي ما فتئت تتفاقم وتتوسع. وسواء العوامل الاقتصادية والاجتماعية أو العوامل المرتبطة بحالة الإحباط العامة التي يعيشها الشاب التونسي والتي تجعله فاقدا للأمل في حدوث أي تغييرات للبلاد التونسية. الأمر الذي يؤدي حسب منسق قسم الهجرة، إلى تعميق العوامل الدافعة وتنشيط شبكات تهريب المهاجرين التي تستمد قوتها ونشاطها من تواصل وجود راغبين في الهجرة وبقاء هذه الأسباب.
وكشف مجدي كرباعي، الناشط الحقوقي المقيم في ايطاليا، في تصريح إعلامي أنه لم يتم العثور على أي دليل على غرق المركب أو تحويله نحو وجهة أخرى، كما يتواصل تعذر الاتصال مع المهاجرين المفقودين ولم يتم تحديد موقعهم من خلال هواتفهم المحمولة التي تزال مغلقة. وأكد أنه وإلى غاية يوم أمس لم تكشف عمليات البحث من قبل مراكب الإغاثة التي تنشط في المياه الدولية في البحر الأبيض المتوسط من أجل المشاركة في البحث عن القارب وإنقاذ ركابه، غير أنه لم يُعثر عليه حتى ظهر أمس.
ريم سوودي
تونس -الصباح
تعيش معتمدية الحنشة من ولاية صفاقس حالة من الاحتقان والغضب بعد تواصل غياب أي معطيات أو معلومات تهم أبناءهم الذين خرجوا في عملية هجرة غير نظامية منذ يوم الخميس الفارط.
وحسب الشهادات التي جمعتها "الصباح"، يبدو أن نقطة انطلاق قارب الهجرة كانت ميناء صفاقس، ويضم نحو الـ 40 شخصا، منهم 3 إناث، بينهن أم ورضيعتها البالغ سنها شهران وابنها الذي يبلغ من العمر 4 سنوات، وأخيها العشريني، فضلا عن عدد من القصر في سن الـ 13 عاما والـ 14 عاما. وعلى الأغلب الأكبر سنا في المفقودين إلى غاية الآن يصل عمره 28 عاما. وينتمي المغادرون في عملية الهجرة إلى نفس العرش تقريبا، فهم أقارب وبينهم علاقات مصاهرة.
وأفاد أحد أقارب المفقودين، أن الأهالي بصدد التواصل مع عدد من منظمات المجتمع المدني المشتغلة على ملف الهجرة، وتمكنوا من تجميع معطيات تفيد أن أبناءهم لم يصلوا بعد إلى أي من مراكز الإيواء الايطالية. ولم يبق إلا التأكد من تواجدهم في مالطا من عدمه، فهي الجهة الوحيدة التي لم يتمكنوا من التواصل معها إلى غاية الآن.
ويشتكي أهالي المفقودين من غياب أي معطيات صادرة عن جهات رسمية، ولا تقدم قوات الحرس أو الأمن في المنطقة أي مستجدات في علاقة بتقدم عمليات البحث التي تم الإعلان عنها من قبلهم منذ نهاية الأسبوع الماضي عند تقدم الأهالي بالشكاية المعلنة عن فقدان أبنائهم.
في نفس الوقت تفيد تصريحات الناطق باسم الحرس الوطني أن عمليات البحث التي أطلقتها وحدات الحرس البحري بولاية صفاقس لم تسفر عن أي مستجدات تذكر، مشددا في حديثه على أنه تم تسخير زوارق وخوافر وطوافات معززة بدوريات ساحلية، ودوريات جوية باستعمال الطائرة العمودية إلى جانب التنسيق مع الوحدات الميدانية لجيش البحر، وذلك للقيام بعملية بحث بكافة الفضاءات البحرية والشريط الساحلي المتاخم لولاية صفاقس والمهدية.
واعتبر رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنسق قسم الهجرة، أن ما وقع لشباب معتمدية الحنشة من ولاية صفاقس وما تعيشه الجهة، هي مأساة تتكرر بنفس الأخطاء وخاصة في ما يتعلق بتعامل السلطة مع الفواجع البحرية.
وذكر أن المنتدى سبق وأن طالب منذ سنوات الدولة التونسية بإعداد دليل موحد للتعامل مع الفواجع البحرية من خلال تكليف الهيئات الجهوية والمحلية لتنظيم النجدة والإنقاذ، بأن تبقى في حالة انعقاد دائم عند وقوع مثل هذه الطوارئ حتى تقدم كل المعطيات والمعلومات للعائلة مع توفير الإحاطة اللازمة لهم قائلا:"..لكن اليوم، مرة أخرى نعاين نفس سيناريو جرجيس، من خلال غياب التحرك الناجع والسريع من قبل السلطات المحلية والجهوية سواء في الحنشة أو على مستوى ولاية صفاقس لضمان الإحاطة للعائلة وتقديم المعطيات الرسمية وعدم تركهم فريسة للإشاعات التي يمكن أن تفاقم في مستوى الضغط النفسي الذي تتعرض له العائلات.
وقال بن عمر أن "ما يجري اليوم في الحنشة يجعلنا نتشبث بالمطلب السابق وهو هيكل وطني خاص بالمفقودين في البحر من كل الجنسيات الذي يمكن أن يكون في علاقة بقضايا اللجوء والهجرة تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية ويكون المخاطب الرسمي والوحيد للعائلات ووسائل الإعلام والمجتمع المدني ومختلف الفاعلين في ما يهم النجدة والإنقاذ لتجميع المعطيات اللازمة للعائلات".
ورأى في نفس السياق أن فقدان 37 شخصا في البحر، يؤكد من جديد على أن المقاربة الأمنية لا تزال ذات أولوية في ما يهم ملف الهجرة غير النظامية، مقاربة تعتمد على المنع والزجر أكثر منه عن البحث والإنقاذ.
والمسألة الثالثة التي تثيرها أزمة معتمدية الحنشة، هو العوامل الدافعة للهجرة غير النظامية التي ما فتئت تتفاقم وتتوسع. وسواء العوامل الاقتصادية والاجتماعية أو العوامل المرتبطة بحالة الإحباط العامة التي يعيشها الشاب التونسي والتي تجعله فاقدا للأمل في حدوث أي تغييرات للبلاد التونسية. الأمر الذي يؤدي حسب منسق قسم الهجرة، إلى تعميق العوامل الدافعة وتنشيط شبكات تهريب المهاجرين التي تستمد قوتها ونشاطها من تواصل وجود راغبين في الهجرة وبقاء هذه الأسباب.
وكشف مجدي كرباعي، الناشط الحقوقي المقيم في ايطاليا، في تصريح إعلامي أنه لم يتم العثور على أي دليل على غرق المركب أو تحويله نحو وجهة أخرى، كما يتواصل تعذر الاتصال مع المهاجرين المفقودين ولم يتم تحديد موقعهم من خلال هواتفهم المحمولة التي تزال مغلقة. وأكد أنه وإلى غاية يوم أمس لم تكشف عمليات البحث من قبل مراكب الإغاثة التي تنشط في المياه الدولية في البحر الأبيض المتوسط من أجل المشاركة في البحث عن القارب وإنقاذ ركابه، غير أنه لم يُعثر عليه حتى ظهر أمس.