إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في كل مرة يذهب محملا بملفات فساد.. زيارات الرئيس بين المباركة والتشكيك

 

تونس-الصباح

يواصل رئيس الجمهورية قيس سعيد زياراته الميدانية لعدد من المؤسسات والمنشآت العمومية محملا في كل مرة بملف فساد وتلاعب بالمال العام مثبت بالأدلة والبراهين كما يشير الرئيس.

 في وقت تختلف فيه التقييمات حول شكل هذه الزيارات وأهدافها وسياقاتها، بين من يباركها من منطلق أنها تضع الإصبع على مكمن الداء في البلاد وهو الفساد ولوبياته المتغولة على حساب المصلحة العليا للوطن والشعب، وبين من يشكك في كونها لا تخلو من بعد استعراضي لن يكون كافيا في مقاومة الفساد والبعض يدرجها في خانة حملة انتخابية متواصلة ونحن على أبواب الانتخابات الرئيسية.

 زيارة الرئيس هذه المرة كانت الخميس الماضي إلى مقر الديوان التونسي للتجارة، و في مقطع فيديو نشر على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، قال الرئيس انه لا بد من الانطلاق في التحقيق في كل التجاوزات والاخلالات التي تم تسجيلها في علاقة بالمهام الموكولة للديوان، مؤكدا توفر الوثائق والمؤيدات التي تدين عددا من المسؤولين والموظفين به بعد تحريات كبيرة.

شبهات فساد

وذكر في هذا السياق أن شحنة من القهوة وصلت إلى الموانئ التونسية في شهر افريل 2022، إلا أن مسؤولين في الديوان عملوا على عدم خروجها من الميناء وعطلوا إتمام العملية بإخفاء صك بنكي حتى لا يتم إبرام الصفقة رغم أن التمويلات موجودة

كما ذكر أن احد الموظفين، اقتنى لدى إشرافه على الصفقات، قطعة ارض لفائدة ديوان التجارة بمبلغ قيمته 1 فاصل 2 مليون دينار، في حين أن قيمتها الحقيقية لا تتجاوز 200 ألف دينار.

وأبرز أنه لابد من تطهير ديوان التجارة ومسالك التوزيع، داعيا إلى فتح تحقيق وتحميل المسؤوليات.

ويبدو أن رئيس الجمهورية تحرك باتجاه ديوان التجارة بناء على ما توفر لديه من مؤيدات ومعطيات، علما وأن المكلف بتسيير الديوان التونسي للتجارة محمد الهادي الاينوبلي كان قد صرح مؤخرا أن "مراقب حسابات الدولة يقوم حاليا بعملية التدقيق المالي للديوان على أن يقع نشرها لاحقا، مقرا بان الوضعية المالية للديوان صعبة الأمر الذي أثر على نسق تعاملاته مع المزودين العالميين".

كما كان رئيس الحكومة أحمد الحشّاني قد أشرف في أكتوبر الفارط بقصر الحكومة بالقصبة، على جلسة عمل وزارية خصّصت لمتابعة الوضعية المالية للديوان التونسي للتجارة والحلول الكفيلة بتحسينها.

    ليقرر المجلس بعد التداول وضع خطة عملية على المدى المتوسط والبعيد لاستعادة التوازنات المالية والديناميكية للديوان التونسي للتجارة.

زيارات سابقة

ليست هذه المرة الأولى التي يتحول فيها الرئيس على تلك الشاكلة إلى مقر إدارة أو مؤسسة ويستعرض بالمناسبة ملفات بعينها حول خروقات وشبهات فساد متوعدا المسؤولين والمقصرين بالمتابعة والعقاب، ولعل أبرز تلك الزيارات تلك التي أدّاها إلى مقر البنك الوطني الفلاحي، كاشفا عن جملة من التجاوزات في المعاملات المالية لهذه المؤسسة، وممارسات فساد مالي وإهدار المال العام في البلاد.

تحول اثر ذلك رئيس الدولة وتحديدا في مارس الفارط إلى مقر المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية أين أشار إلى اطلاعه عن كثب عن كل الملفات ومن بينها إهداء مسؤول لسيارة فخمة، مشددا على وجوب تطهير كل المؤسسات من آفة الفساد.

ومؤخرا أدى الرئيس زيارة فجئية لمصنع الفولاذ الذي يمر بصعوبات هامة منذ عدة سنوات. واثر ذلك أفاد سيف الدين العرفاوي الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية ببنزرت في تصريح إعلامي أن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية ببنزرت أذنت بفتح بحث تحقيقي حول شبهات فساد بمصنع الفولاذ ببنزرت.

وفي زيارة له لمركز التكوين المهني والشركة التونسية للصناعات الصيدلية بالضاحية الجنوبية للعاصمة، قال الرئيس إن "هناك مجرمين يقفون وراء إهدار أدوية بملايين الدينارات انتهت تواريخ صلاحيتها وتونس تريد التخلص من هؤلاء المجرمين". كما دعا الرئيس إلى تشديد الجهود لمكافحة الفساد واللوبيات داخل الدولة التونسية بكل قوة قائلا إن "الفساد ينخر في البلاد كالسرطان"، مشددا على "ضرورة محاسبة الجميع على قدم المساواة".

بين المباركة والتشكيك

عقب كل زيارة وملف يكشفه الرئيس في سياق ما يقدمه أنصار الرئيس على أنه نهج وخيار قيس سعيد في محاربة الفساد واللوبيات، تتباين ردود الفعل رغم الإجماع على أن الفساد واللوبيات والتلاعب بالمال العام هي حقيقة ساطعة ودامغة لا غبار عليها وهي من أوكد أولويات البلاد وكل خيار للإصلاح والتقدم.

وتتجه تعليقات البعض نحو الثناء على جهود الرئيس المتواصلة في التصدي للفساد واللوبيات وفضح بعض ممارساتهم وملفاتهم علنا. وشق آخر من مساندي الرئيس يدفعونه إلى المزيد ويعبرون أن هذا الخيار يجب أن يتعزز على غرار ما ورد أمس على لسان القيادي في حركة الشعب محمد المسليني، تعليقا على زيارة الرئيس إلى ديوان التجارة إذ يقول:''إن الفساد موجود في كل المواقع وتونس تعاني منه بجميع أشكاله''، معتبرا أنه "إذا حصلت الرواية كما صرح بها الرئيس فإنه لا بد من إحالة من تورط في تعطيل تزويد البلاد بمادة القهوة أو غيرها إلى المساءلة القضائية"، وفق قوله.

مضيفا إن ''تحمل الرئيس لهذا العبء لوحده يدل على عجز الحكومة ولن يحل المشكل''، داعيا "الوزراء إلى تحمل مسؤولياتهم والوقوف إلى جانب الرئيس في محاربة الفساد".

في المقابل يعتبر شق من معارضي الرئيس أن زيارات الرئيس وحديثه عن ملفات الفساد والتعطيل صلب الإدارة هو محاولة استعراضية للتغطية على الإخفاق في تجاوز الوضع الاقتصادي والمالي الصعب وانعكاساته على توفر المواد الأساسية في الأسواق وعلى تدهور الأوضاع في المؤسسات العمومية وغيرها التي تمر بصعوبات هيكلية ومديونية ثقيلة. كما يذهب البعض من هؤلاء إلى اعتبار الرئيس في حملة انتخابية متواصلة لاسيما وأن موعد الانتخابات الرئاسية على الأبواب.

م.ي

 

 

 

 

 

في كل مرة يذهب محملا بملفات فساد..   زيارات الرئيس بين المباركة والتشكيك

 

تونس-الصباح

يواصل رئيس الجمهورية قيس سعيد زياراته الميدانية لعدد من المؤسسات والمنشآت العمومية محملا في كل مرة بملف فساد وتلاعب بالمال العام مثبت بالأدلة والبراهين كما يشير الرئيس.

 في وقت تختلف فيه التقييمات حول شكل هذه الزيارات وأهدافها وسياقاتها، بين من يباركها من منطلق أنها تضع الإصبع على مكمن الداء في البلاد وهو الفساد ولوبياته المتغولة على حساب المصلحة العليا للوطن والشعب، وبين من يشكك في كونها لا تخلو من بعد استعراضي لن يكون كافيا في مقاومة الفساد والبعض يدرجها في خانة حملة انتخابية متواصلة ونحن على أبواب الانتخابات الرئيسية.

 زيارة الرئيس هذه المرة كانت الخميس الماضي إلى مقر الديوان التونسي للتجارة، و في مقطع فيديو نشر على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، قال الرئيس انه لا بد من الانطلاق في التحقيق في كل التجاوزات والاخلالات التي تم تسجيلها في علاقة بالمهام الموكولة للديوان، مؤكدا توفر الوثائق والمؤيدات التي تدين عددا من المسؤولين والموظفين به بعد تحريات كبيرة.

شبهات فساد

وذكر في هذا السياق أن شحنة من القهوة وصلت إلى الموانئ التونسية في شهر افريل 2022، إلا أن مسؤولين في الديوان عملوا على عدم خروجها من الميناء وعطلوا إتمام العملية بإخفاء صك بنكي حتى لا يتم إبرام الصفقة رغم أن التمويلات موجودة

كما ذكر أن احد الموظفين، اقتنى لدى إشرافه على الصفقات، قطعة ارض لفائدة ديوان التجارة بمبلغ قيمته 1 فاصل 2 مليون دينار، في حين أن قيمتها الحقيقية لا تتجاوز 200 ألف دينار.

وأبرز أنه لابد من تطهير ديوان التجارة ومسالك التوزيع، داعيا إلى فتح تحقيق وتحميل المسؤوليات.

ويبدو أن رئيس الجمهورية تحرك باتجاه ديوان التجارة بناء على ما توفر لديه من مؤيدات ومعطيات، علما وأن المكلف بتسيير الديوان التونسي للتجارة محمد الهادي الاينوبلي كان قد صرح مؤخرا أن "مراقب حسابات الدولة يقوم حاليا بعملية التدقيق المالي للديوان على أن يقع نشرها لاحقا، مقرا بان الوضعية المالية للديوان صعبة الأمر الذي أثر على نسق تعاملاته مع المزودين العالميين".

كما كان رئيس الحكومة أحمد الحشّاني قد أشرف في أكتوبر الفارط بقصر الحكومة بالقصبة، على جلسة عمل وزارية خصّصت لمتابعة الوضعية المالية للديوان التونسي للتجارة والحلول الكفيلة بتحسينها.

    ليقرر المجلس بعد التداول وضع خطة عملية على المدى المتوسط والبعيد لاستعادة التوازنات المالية والديناميكية للديوان التونسي للتجارة.

زيارات سابقة

ليست هذه المرة الأولى التي يتحول فيها الرئيس على تلك الشاكلة إلى مقر إدارة أو مؤسسة ويستعرض بالمناسبة ملفات بعينها حول خروقات وشبهات فساد متوعدا المسؤولين والمقصرين بالمتابعة والعقاب، ولعل أبرز تلك الزيارات تلك التي أدّاها إلى مقر البنك الوطني الفلاحي، كاشفا عن جملة من التجاوزات في المعاملات المالية لهذه المؤسسة، وممارسات فساد مالي وإهدار المال العام في البلاد.

تحول اثر ذلك رئيس الدولة وتحديدا في مارس الفارط إلى مقر المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية أين أشار إلى اطلاعه عن كثب عن كل الملفات ومن بينها إهداء مسؤول لسيارة فخمة، مشددا على وجوب تطهير كل المؤسسات من آفة الفساد.

ومؤخرا أدى الرئيس زيارة فجئية لمصنع الفولاذ الذي يمر بصعوبات هامة منذ عدة سنوات. واثر ذلك أفاد سيف الدين العرفاوي الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية ببنزرت في تصريح إعلامي أن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية ببنزرت أذنت بفتح بحث تحقيقي حول شبهات فساد بمصنع الفولاذ ببنزرت.

وفي زيارة له لمركز التكوين المهني والشركة التونسية للصناعات الصيدلية بالضاحية الجنوبية للعاصمة، قال الرئيس إن "هناك مجرمين يقفون وراء إهدار أدوية بملايين الدينارات انتهت تواريخ صلاحيتها وتونس تريد التخلص من هؤلاء المجرمين". كما دعا الرئيس إلى تشديد الجهود لمكافحة الفساد واللوبيات داخل الدولة التونسية بكل قوة قائلا إن "الفساد ينخر في البلاد كالسرطان"، مشددا على "ضرورة محاسبة الجميع على قدم المساواة".

بين المباركة والتشكيك

عقب كل زيارة وملف يكشفه الرئيس في سياق ما يقدمه أنصار الرئيس على أنه نهج وخيار قيس سعيد في محاربة الفساد واللوبيات، تتباين ردود الفعل رغم الإجماع على أن الفساد واللوبيات والتلاعب بالمال العام هي حقيقة ساطعة ودامغة لا غبار عليها وهي من أوكد أولويات البلاد وكل خيار للإصلاح والتقدم.

وتتجه تعليقات البعض نحو الثناء على جهود الرئيس المتواصلة في التصدي للفساد واللوبيات وفضح بعض ممارساتهم وملفاتهم علنا. وشق آخر من مساندي الرئيس يدفعونه إلى المزيد ويعبرون أن هذا الخيار يجب أن يتعزز على غرار ما ورد أمس على لسان القيادي في حركة الشعب محمد المسليني، تعليقا على زيارة الرئيس إلى ديوان التجارة إذ يقول:''إن الفساد موجود في كل المواقع وتونس تعاني منه بجميع أشكاله''، معتبرا أنه "إذا حصلت الرواية كما صرح بها الرئيس فإنه لا بد من إحالة من تورط في تعطيل تزويد البلاد بمادة القهوة أو غيرها إلى المساءلة القضائية"، وفق قوله.

مضيفا إن ''تحمل الرئيس لهذا العبء لوحده يدل على عجز الحكومة ولن يحل المشكل''، داعيا "الوزراء إلى تحمل مسؤولياتهم والوقوف إلى جانب الرئيس في محاربة الفساد".

في المقابل يعتبر شق من معارضي الرئيس أن زيارات الرئيس وحديثه عن ملفات الفساد والتعطيل صلب الإدارة هو محاولة استعراضية للتغطية على الإخفاق في تجاوز الوضع الاقتصادي والمالي الصعب وانعكاساته على توفر المواد الأساسية في الأسواق وعلى تدهور الأوضاع في المؤسسات العمومية وغيرها التي تمر بصعوبات هيكلية ومديونية ثقيلة. كما يذهب البعض من هؤلاء إلى اعتبار الرئيس في حملة انتخابية متواصلة لاسيما وأن موعد الانتخابات الرئاسية على الأبواب.

م.ي