إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ذكراه 13.. ماذا تبقى من 14 جانفي ..؟

 

التونسي لم يعد يحيي ذكرى الثورة بعفوية ولا يستجيب لدعوات الأطراف السياسية والمدنية

تونس – الصباح

انطلقت بعض الدعوات لإحياء الذكرى الثالثة عشر لاندلاع الثورة التونسية بشارع الحبيب بورقيبة باعتباره رمزا لأحداث يوم 14 جانفي 2011.

دعوات جاءت أغلبها من الأحزاب المعارضة للنظام الحالي على غرار جبهة الخلاص الوطني وحزب العمال والحزب الجمهوري في مسيرات مختلفة ولكن في نفس ساعة الانطلاق أي العاشرة صباحا. فهل ستتمكن هذه الجهات الحزبية من حشد شارع الحبيب بورقيبة؟

إيمان عبد اللطيف

أصبح الشارع التونسي منقسما تجاه الوضع السياسي في البلاد التي تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية حادة. ويشك كثير من التونسيين في قدرة النخبة السياسية على إيجاد حلول للمشاكل التي يواجهها المواطن العادي.

ويتأكد يوما بعد يوم نفور الشارع التونسي من كل ما هو سياسي وحزبي ونشاط جمعياتي حتى في القضايا التي من المفترض أن توحّد الجميع. فسنة بعد سنة، تفقد ذكرى الثورة بريقها في احتفالات الشارع التونسي، ففي أولى سنوات الثورة -خاصة سنتي 2012 و2013 - كان التونسيون يهبون إلى شارع الحبيب بورقيبة بأعداد كبيرة مصطحبين عائلاتهم وأطفالهم يحملون علم تونس في مشاهد احتفالية عفوية.

بعد تلك السنوات تراجعت الاحتفالات وانقسم الشارع التونسي ككل المناسبات الأخرى بما في ذلك الاحتفاء بذكرى عيد الاستقلال، فأصبح الشارع مجزأ إلى أنصار أحزاب وحركات سياسية كل يختار ركنا من الشارع للاحتفاء على طريقته.

وفي حقيقة الأمر ليس بالصادم ولا المفاجئ أن لا يستجيب الشارع التونسي لكل ما هو حزبي وسياسي، فموقف التونسيين بات واضحا وجليا ومفصليا منذ الإعلان عن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية بدورتيها الأولى والثانية لسنة 2022.

وبدأ هذا التراجع والمشاركة الجماهيرية يُلقي بظلاله منذ الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019، وقبلها الانتخابات البلدية لسنة 2018 وقبلها أيضا الانتخابات التشريعية والرئاسة لسنة 2014.

ولا يتعلق هذا التراجع بأنشطة الأحزاب والمتابعة السياسية بل امتد أيضا لدعوات مختلف مكونات المجتمع المدني من اليسار إلى اليمين للحشد بالشارع للدفاع عن أية قضية حقوقية كانت أو مجتمعية أو اجتماعية، وكأن بالتونسي قد نفر من الكل.

يُفسر العديد من متابعي الشأن العام التونسي، أن خيبات الأمل المتتالية منذ سنة 2011 من أداء مجلس نواب الشعب والسياسيين غيرت اهتمامات التونسي الذي لم يعد منشغلا إلا بالحياة اليومية وبغلاء المعيشة وبالبطالة وبالهجرة غير النظامية والنقص الكبير للمواد الأساسية.

ولكن في نفس الوقت، هناك كثيرون أيضا يرون أن حملة الشيطنة والتخوين للمجتمع السياسي والحزبي والمدني في الآونة الأخيرة ساهمت في تعميق أزمة النفور من هذه الأجسام السياسية والمدنية.

في ذات الوقت يشعر العديد من التونسيين أن الأحزاب لم يعد لها أي مكان أو أهمية ويرى عن قرب أنها فقدت كل أدوراها نظرا لعدة أسباب لعلّ أهمها المرحلة الأخيرة التي عرفت تخوين الأحزاب وتشويهها والتشكيك في مصداقيتها بكل أصنافها وتحميل الكل، بغض النظر على من كان يحكم أو كان في المعارضة، مسؤولية أزمة ما تعيشه البلاد خاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ما جعل هؤلاء التونسيين لا يستجيبون لدعوات الحشد والتجمهر بالشارع التونسي وفي مقدمتها شارع الحبيب بورقيبة. وإذا كان هناك احتجاج أو تجمهر فإنه سيتخذ بعدا انفعاليا لا يمر بالقنوات الوسيطة التقليدية ذلك أن التفاعل مع الواقع أصبح يتم بطريقة انفعالية ومباشرة وهذا ما شاهدناه خاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأمر طبيعي جدا نظرا لجسامة الجرائم الواقعة والمتواصلة إلى حد الآن في الأراضي الفلسطينية.

ووفق العديد من مراقبي الشأن العام أضحت هناك قطيعة بدأت منذ سنة 2014 وتعمقت أكثر سنة 2019 وأصبحت متواصلة بين المجتمع المدني والسياسي وبين القواعد الشعبية التي يتواصل لديها الشعور بالإحباط من التجربة السياسية السابقة ويحملون الأحزاب والجمعيات بشكل عام أزمة السنوات الأخيرة ويُضاف إليها حالة من الرأي العام ونوع من التوجيه الذي تم، دفع إلى فقدان الثقة في الجميع .

 

 

 

في ذكراه 13..    ماذا تبقى من 14 جانفي ..؟

 

التونسي لم يعد يحيي ذكرى الثورة بعفوية ولا يستجيب لدعوات الأطراف السياسية والمدنية

تونس – الصباح

انطلقت بعض الدعوات لإحياء الذكرى الثالثة عشر لاندلاع الثورة التونسية بشارع الحبيب بورقيبة باعتباره رمزا لأحداث يوم 14 جانفي 2011.

دعوات جاءت أغلبها من الأحزاب المعارضة للنظام الحالي على غرار جبهة الخلاص الوطني وحزب العمال والحزب الجمهوري في مسيرات مختلفة ولكن في نفس ساعة الانطلاق أي العاشرة صباحا. فهل ستتمكن هذه الجهات الحزبية من حشد شارع الحبيب بورقيبة؟

إيمان عبد اللطيف

أصبح الشارع التونسي منقسما تجاه الوضع السياسي في البلاد التي تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية حادة. ويشك كثير من التونسيين في قدرة النخبة السياسية على إيجاد حلول للمشاكل التي يواجهها المواطن العادي.

ويتأكد يوما بعد يوم نفور الشارع التونسي من كل ما هو سياسي وحزبي ونشاط جمعياتي حتى في القضايا التي من المفترض أن توحّد الجميع. فسنة بعد سنة، تفقد ذكرى الثورة بريقها في احتفالات الشارع التونسي، ففي أولى سنوات الثورة -خاصة سنتي 2012 و2013 - كان التونسيون يهبون إلى شارع الحبيب بورقيبة بأعداد كبيرة مصطحبين عائلاتهم وأطفالهم يحملون علم تونس في مشاهد احتفالية عفوية.

بعد تلك السنوات تراجعت الاحتفالات وانقسم الشارع التونسي ككل المناسبات الأخرى بما في ذلك الاحتفاء بذكرى عيد الاستقلال، فأصبح الشارع مجزأ إلى أنصار أحزاب وحركات سياسية كل يختار ركنا من الشارع للاحتفاء على طريقته.

وفي حقيقة الأمر ليس بالصادم ولا المفاجئ أن لا يستجيب الشارع التونسي لكل ما هو حزبي وسياسي، فموقف التونسيين بات واضحا وجليا ومفصليا منذ الإعلان عن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية بدورتيها الأولى والثانية لسنة 2022.

وبدأ هذا التراجع والمشاركة الجماهيرية يُلقي بظلاله منذ الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019، وقبلها الانتخابات البلدية لسنة 2018 وقبلها أيضا الانتخابات التشريعية والرئاسة لسنة 2014.

ولا يتعلق هذا التراجع بأنشطة الأحزاب والمتابعة السياسية بل امتد أيضا لدعوات مختلف مكونات المجتمع المدني من اليسار إلى اليمين للحشد بالشارع للدفاع عن أية قضية حقوقية كانت أو مجتمعية أو اجتماعية، وكأن بالتونسي قد نفر من الكل.

يُفسر العديد من متابعي الشأن العام التونسي، أن خيبات الأمل المتتالية منذ سنة 2011 من أداء مجلس نواب الشعب والسياسيين غيرت اهتمامات التونسي الذي لم يعد منشغلا إلا بالحياة اليومية وبغلاء المعيشة وبالبطالة وبالهجرة غير النظامية والنقص الكبير للمواد الأساسية.

ولكن في نفس الوقت، هناك كثيرون أيضا يرون أن حملة الشيطنة والتخوين للمجتمع السياسي والحزبي والمدني في الآونة الأخيرة ساهمت في تعميق أزمة النفور من هذه الأجسام السياسية والمدنية.

في ذات الوقت يشعر العديد من التونسيين أن الأحزاب لم يعد لها أي مكان أو أهمية ويرى عن قرب أنها فقدت كل أدوراها نظرا لعدة أسباب لعلّ أهمها المرحلة الأخيرة التي عرفت تخوين الأحزاب وتشويهها والتشكيك في مصداقيتها بكل أصنافها وتحميل الكل، بغض النظر على من كان يحكم أو كان في المعارضة، مسؤولية أزمة ما تعيشه البلاد خاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ما جعل هؤلاء التونسيين لا يستجيبون لدعوات الحشد والتجمهر بالشارع التونسي وفي مقدمتها شارع الحبيب بورقيبة. وإذا كان هناك احتجاج أو تجمهر فإنه سيتخذ بعدا انفعاليا لا يمر بالقنوات الوسيطة التقليدية ذلك أن التفاعل مع الواقع أصبح يتم بطريقة انفعالية ومباشرة وهذا ما شاهدناه خاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأمر طبيعي جدا نظرا لجسامة الجرائم الواقعة والمتواصلة إلى حد الآن في الأراضي الفلسطينية.

ووفق العديد من مراقبي الشأن العام أضحت هناك قطيعة بدأت منذ سنة 2014 وتعمقت أكثر سنة 2019 وأصبحت متواصلة بين المجتمع المدني والسياسي وبين القواعد الشعبية التي يتواصل لديها الشعور بالإحباط من التجربة السياسية السابقة ويحملون الأحزاب والجمعيات بشكل عام أزمة السنوات الأخيرة ويُضاف إليها حالة من الرأي العام ونوع من التوجيه الذي تم، دفع إلى فقدان الثقة في الجميع .