**لم تقع أقدامي في الشعر على خطى غيري وهذا شرف لي.
**كتّاب النثر ألبسوا خواطرهم لباس الشعر النثري وأصبحوا يشاركون بها في المحافل الشعرية
**أشتغل حاليا على تسجيل القصائد التونسية على اليوتوب بأصوات أصحابها
**قمت بجليل الخدمات لفائدة اتحاد الكتاب التونسيين مجانا ولقيت اليوم الجحود
**أحتفظ حاليا بالموقع والسًجل الصحيح للاتحاد الى أن تطلبه منًي هيئة جادة
حوار: محسن بن أحمد
تونس-الصباح
اصيل مدينة البرادعة القريبة من المهدية، طبيب مختص في علاج الأطفال شدًه الشعر واغوته القصيدة فنذر لها جهده واعطاها من مهجته دون كلل او ملل ليرتقي الى مصاف احد ابرز الشعراء في المدونة الإبداعية الشعرية التونسية بدرجة أولى..
المولدي فروج صاحب المبادرات الرائدة التي توثق للشعر وأصحابه من خلال تأسيسه لأول مكتبة صوتية تحفظ القصائد بأصوات أصحابها كما كان المبادر بالتوثيق لأعضاء اتحاد الكتاب التونسيين من خلال اعداد سجل الأعضاء منذ التاسيس سنة 1971 كما كان وراء بعث موقع الكتروني لهذا الهيكل الادبي العريق..
المولدي فروج توقف في هذا اللقاء عند العديد من المحطات في مسيرته مع الشعر وكشف عن مرارة الجحود كشاعر ومبدع في هذا الزمن الصعب
**أنت طبيب مختص ... من أتى بك الى عالم الشعر؟
-في الحقيقة أنا طبيب صحة عمومية، لي كفاءة في طب الأطفال.القدامى كانوا يسمّون العلوم الطّبية فنّ الطبّ ولا يطلقون عليها اسم الطّبّ مجرّدا. الشعر فنّ في اللّغة كما إنّ الرّسم فنّ أيضا لذلك نجد، في تونس على الأقل، كثيرا من الفنّانين التشكيليّين أطبّاء وآخرين شعراء. كلمة فنّ توحّد بين الطب والشعر وكلاهما حمّال أحاسيس فالطبيب يتفاعل مع الألم والرّاحة والحزن والفرح كأحاسيس متسلّحا بمعرفة حقيقية لكل ما يحيط بالإنسان من أشياء، فهو الحكيم الذي يعرف الأجساد وما حملت.
**اتجاهك للشعر دفعك الى تحديد أولويات فلمن كان الانتصار للشكل ام للمضمون ؟
-اهتمامي بالمضمون ظل طاغيا على قصائدي الى يومنا هذا. ثمة شيء بسيط تغير بحكم الحنكة والخبرة والممارسة ففي البداية كانت اشعاري تميل الى الشعاراتية وتفتقر الى الجمالية ومع مرور الزمن واصراري على الاشتغال على نصي بالبحث والتمحيص والتطبيق فرضت نصوصي الشعرية نفسها على القارئ. واعتقد انني نجحت في بناء نص وطريق خاصين بي .مشيت حيث لم تقع اقدامي على خطى غيري وهذا شرف لي.
**كيف تعيش لحظة البوح الشعري؟
-يحدث أن تستفزك حادثة فلا تهرب من ان تعبر عنها شعرا ويحدث ان تختلي إلى احزانك فتواسي نفسك بالشعر الى حد البكاء. لحظة البوح صعبة ومؤثرة جدا.
** بعد هذه المسيرة.. هل ترى انك عبرت عما في داخلك شعرا؟
-لا، لم أوفّق في التعبير عمّا أريد أن اٌقول لهذا العالم المضطرب أخلاقا ومواقف.
**على ماذا تراهن قصيدتك اليوم في ظل انحسار جمهور الشعر؟
-في الحقيقة أراهن على القارئ، لا على وسائل الإعلام ولا على النقاد، كم من مرة سمعت بعض البسطاء من الناس يحفظون شيئا من شعري عن ظهر قلب وهذا الامر أسعدني كثيرا وآمنت ببقاء الشعر. إضافة إلى رهاني الكبير على تسجيل شعري بالصوت.
**من وجهة نظرك هل يمكن للمهرجانات الأدبية ان تصنع شاعرا؟
-يمكن للمهرجانات المحظوظة والمحفوفة بوسائل الاعلام ان تصنع شعراء وشاعرات ولكنها سرعان ما تنطفئ مع انتهاء المهرجان او تغيير وجهته. نحن نعيش عصر الوقتي والمؤقت من المواطن الى الرئيس.
**جدل كبير حول مستقبل الشعر العربي.. وسؤالي هل مازال للقصيد العمودي توهجه في الخارطة الشعرية العربية المعاصرة؟
-يبدو ان هذا الامر صحيح، ان المستقبل / الحاضر مرتهن بأشياء خارجة عن النص فالجوائز التي صارت تمنح من هنا وهناك تشترط على النص شكله العموديوهذا الشرط خلق تزاحما وهرولة نحو العمودي والكلاسيكي أيضا. هذا لا يمنع ان كثيرا من النصوص وخاصة عند الشباب ذات قيمة شعرية عالية لا يقدر عليها الا شيخ متمرس في كتابة الشعر وأنا أفرق بين صناعة الشعر وكتابته بالنسبة للقصيد العمودي الجانب الثاني والمهم في المسألة هو أن العروض لم يعد يدرّس في المراحل الثانوية من التعليم بل صارت تحتكره الكليات وبالتالي سيخلق شعران أحدهما منقوص والأخر مكتمل ان صح القول. طبعا دون إهمال الموهبة ودورها في الكتابة الشعرية لكن الموهبة تصقل أيضا بمعرفة شروط الشعر.
** هناك من يصفها بأنها مجرد خواطر.. ماذا قدمت قصيدة النثر للشعر العربي؟
-في الواقع ابتلعت قصيدة النثر أو بالأصح ابتلع كتابها الخاطرة فلم نعد نقرا خاطرة الا قليلا. كتابها هم الذين البسوا خواطرهم لباس الشعر النثري واصبحوا يشاركون بها في المحافل الشعرية ويقدّمونها على هذا النغم.
** من المؤاخذات على قصيدة النثر تمردها على التراث.. كيف تقرأ هذا الموقف؟
-كتبت سابقا شيئا تحت عنوان قصيدة النثر واخطاؤها القاتلة ومما قلت فيه: سبب عطّل نموّ قصيدة النّثر هو مبادرة روّادها بإعلان عداوة لما سبق وإهدار طاقات البحث في حرب وهميّة شعارها ضرورة قتل الأب وهو في اعتقادي خطأ قاتل ارتكبته قصيدة النثر فمشت مباشرة إلى هدم ديوان العرب متمثلا في القصيدة العمودية، النمطية، الكلاسيكية، القديمة، الرجعية، المتخلّفة، الساكنة، الصمّاء. وكلها تُهم لم تنجح قصيدة النثر لا في إثباتها ولا في إقناع العرب بها. وقد بيّن نور الدين بوجلبان هذه المسألة وناقشها مع أنسي الحاج في كتابه"لن". حيث يضع الحاج الهدم شرطا أساسيا لقصيدة النّثر.وما كل هدم يفضي إلى بناء.وهنا نطرح سؤالا جوهريا: لماذا سعت قصيدة النّثر بكلّ غباء، إلى هدم قصيدة التفعيلة وهي تعرف مسبقا أن العرب لن يسلّموا ديوانهم بهذه البساطة؟ ألم تكن قادرة لوحدها على أن تنحت كيانها وتفرض نفسها بالاعتماد على نفسها؟ ألم تحمل كفنها على أكتافها مكان الفأس الذي ستحفر به قبر شقيقتها.
** توجهت الى الرواية والتوثيق.. كيف تقدم لنا هذه التجربة ؟
-عندما كبرت وصارت لي مواقف سياسية واجتماعية وخبرت الحياة صار الشعر غير قادر على ترجمة مواقفي ومبادئي التي آمنت بها فمشيت الى الرواية بأقدام الشعر ونشرت عدة روايات جلبت الاهتمام خاصة خارج البلاد مثلا في جامعة طباطبا بايران وفي جامعة شيكاغو في امريكا حيث وصلت رواية الظل يمنع الحلم.
**عملت على تأسيس مشروع متفرد من خلال التوثيق بالصوت للشعر والشعراء.هل في هذا تأكيد على ان عهد الكتاب الورقي قد ولى وانحسر؟
-صراحة يمكن ان يكون حظ الكتاب الورقي مع الكتاب الالكتروني حظ "التكسيفون" مع الهاتف الجوال فقد صار النشر الالكتروني اسهل واسرع واقل تكلفة واضمن من الكتاب الورقي وهذا ما جعلني اشتغل على تسجيل القصائد التونسية على اليوتوب بأصوات أصحابها ووسعت نسخة من المكتبة الصوتية في بيت الشعر بالقيروان. وكل هذا يحمل عنوانا واحدا: المروج الأدبية. اما علاقتي بالكتاب الورقي فقد صارت أكثر متانة منذ ظهور الكتاب الالكتروني. انا أنشر على الانترنت معتمدا على الورقي وقد جعلت من الكتاب الرقمي مكملا للورقي ولا اخفي عليك انني استعد في هذا الأسبوع لنشر 30 كتابا على منصة الامازون نصفها شعرا والنصف الاخر رواية باللغتين الفرنسية والعربية وقد يكون لاكتشافي ان روايتي: الظل يمنع الحلم موجودة في جامعتين خارج تونس هو ما شجعني على اقتحام الامازون.
**كنت عضوا فاعلا في الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين على امتداد سنوات طويلة، ما مدى رضاك على هذه التجربة؟
-انا عضو في اتحاد الكتاب منذ 1981 دون انقطاع وقد كسبت من عضويتي هذه وكثيرا من الصداقات ومن الحب والتقدير خاصة من الأعضاء وعرفت ان محبة الناس لا تكتسب لا بالنفاق ولا بالكذب ولا بالوعود ولا بالشّعارات والخطب وانما بالصّدق والوفاء والثّقة وخاصّة بالعمل والجدّية. لا ينكر الا جحود ان لا أحد قدم للاتحاد ماقدمت ولست نادما على ذلك سواء فكنت من أقدم على إعادة الهيكلة دون انزعاج سنة 2005 ببرنامج الأقاليم الذي صار بموجبه لكل عضو من داخل البلاد ان يترشح الى الهيئة المديرة الشيء الذي لم يعجب طبعا بعض المتعوصمين (سكان العاصمة) وأنا من أقدم على نشر مجلة الاتحاد الالكترونية: المسارات التي ظلت على امتداد ثلاث سنوات منصّة تجمع الأعضاء وتنشر نصوصهم واصواتهم واحوالهم وتهانيهم وتعازيهم وفعلت ذلك مجانا. وأنا من ساهم بأموالي الخاصة في تأسيس دار المسار. وانا من اعد لفات البطاقات وانا من أنشأ موقع الاتحاد وأداره مجانا قبل ان يغلق بفعل فاعل وبنيت ذاكرة للاتحاد بإعدادسجل الأعضاء مجانا أيضا وقد تطلب مني أكثر من 10 سنين من البحث والجمع والتوثيق وقد نشر في كتاب التّراجم الأخير.
** هل أحسست يوما ما بالغبن في صلب الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين؟
-نعم كثيرا من المرّات فالهيئات عادة غير متجانسة فهي تضم الصّادقوالنّزيه والجدّي والجاد الى جانب الانتهازي والوصولي والمنافق والجاهل والعاجز وكل من يجتهد ويعمل يقابل عادة بالحسد والاعتراض. صحيح ان هذه الهيئة عاجزة تماما فقد وجدت او تفاجأت بالحال التي وجدت عليها الاتحاد ولكن كان عليها أن تعمل على انعاشه لا أن تدفنه وتطلب منا ان نذكر ميتنا بخير. أنا حزين جدا لهذا الاتحاد وخاصة عندما طلبت من هذه الهيئة أن أسلمها الموقع مجانا وكان قد أغلق بفعل فاعل وبغباء وصبيانية قصد اسقاطي في المؤتمر قبل الأخير،فلم تردّ الهيئة الجديدة على طلبي وأعلمتها بأن السجل الذي نشر في كتاب التّراجم هو أيضا وردت فيه أخطاء متعمّدة واقترحت عليها اصلاحه وتجاهلت الأمر. أضف الى ذلك أن عملية النّشر قد توقفت تماما فلا كتب ولا مجلة. هذا شيء محزن ومؤسف. ورغم كل شيء فأنا أحتفظ بالموقع والسجل الصحيح الى ان تطلبه مني هيئة جادة.
** بعد هذه المسيرة الطويلة ...الا توجد محطات تود اسقاطها من الذاكرة ؟
-كل التجارب التي عشتها مفيدة.
**البرادعة ...ماذا تعني لك؟
-يكفي ان أقول لك ان كتاب البرادعة سيرة المكان نفد في ظرف أسبوع وأنا أنتظر صدرو نسخة باللغتين العربية والفرنسية.
**لم تقع أقدامي في الشعر على خطى غيري وهذا شرف لي.
**كتّاب النثر ألبسوا خواطرهم لباس الشعر النثري وأصبحوا يشاركون بها في المحافل الشعرية
**أشتغل حاليا على تسجيل القصائد التونسية على اليوتوب بأصوات أصحابها
**قمت بجليل الخدمات لفائدة اتحاد الكتاب التونسيين مجانا ولقيت اليوم الجحود
**أحتفظ حاليا بالموقع والسًجل الصحيح للاتحاد الى أن تطلبه منًي هيئة جادة
حوار: محسن بن أحمد
تونس-الصباح
اصيل مدينة البرادعة القريبة من المهدية، طبيب مختص في علاج الأطفال شدًه الشعر واغوته القصيدة فنذر لها جهده واعطاها من مهجته دون كلل او ملل ليرتقي الى مصاف احد ابرز الشعراء في المدونة الإبداعية الشعرية التونسية بدرجة أولى..
المولدي فروج صاحب المبادرات الرائدة التي توثق للشعر وأصحابه من خلال تأسيسه لأول مكتبة صوتية تحفظ القصائد بأصوات أصحابها كما كان المبادر بالتوثيق لأعضاء اتحاد الكتاب التونسيين من خلال اعداد سجل الأعضاء منذ التاسيس سنة 1971 كما كان وراء بعث موقع الكتروني لهذا الهيكل الادبي العريق..
المولدي فروج توقف في هذا اللقاء عند العديد من المحطات في مسيرته مع الشعر وكشف عن مرارة الجحود كشاعر ومبدع في هذا الزمن الصعب
**أنت طبيب مختص ... من أتى بك الى عالم الشعر؟
-في الحقيقة أنا طبيب صحة عمومية، لي كفاءة في طب الأطفال.القدامى كانوا يسمّون العلوم الطّبية فنّ الطبّ ولا يطلقون عليها اسم الطّبّ مجرّدا. الشعر فنّ في اللّغة كما إنّ الرّسم فنّ أيضا لذلك نجد، في تونس على الأقل، كثيرا من الفنّانين التشكيليّين أطبّاء وآخرين شعراء. كلمة فنّ توحّد بين الطب والشعر وكلاهما حمّال أحاسيس فالطبيب يتفاعل مع الألم والرّاحة والحزن والفرح كأحاسيس متسلّحا بمعرفة حقيقية لكل ما يحيط بالإنسان من أشياء، فهو الحكيم الذي يعرف الأجساد وما حملت.
**اتجاهك للشعر دفعك الى تحديد أولويات فلمن كان الانتصار للشكل ام للمضمون ؟
-اهتمامي بالمضمون ظل طاغيا على قصائدي الى يومنا هذا. ثمة شيء بسيط تغير بحكم الحنكة والخبرة والممارسة ففي البداية كانت اشعاري تميل الى الشعاراتية وتفتقر الى الجمالية ومع مرور الزمن واصراري على الاشتغال على نصي بالبحث والتمحيص والتطبيق فرضت نصوصي الشعرية نفسها على القارئ. واعتقد انني نجحت في بناء نص وطريق خاصين بي .مشيت حيث لم تقع اقدامي على خطى غيري وهذا شرف لي.
**كيف تعيش لحظة البوح الشعري؟
-يحدث أن تستفزك حادثة فلا تهرب من ان تعبر عنها شعرا ويحدث ان تختلي إلى احزانك فتواسي نفسك بالشعر الى حد البكاء. لحظة البوح صعبة ومؤثرة جدا.
** بعد هذه المسيرة.. هل ترى انك عبرت عما في داخلك شعرا؟
-لا، لم أوفّق في التعبير عمّا أريد أن اٌقول لهذا العالم المضطرب أخلاقا ومواقف.
**على ماذا تراهن قصيدتك اليوم في ظل انحسار جمهور الشعر؟
-في الحقيقة أراهن على القارئ، لا على وسائل الإعلام ولا على النقاد، كم من مرة سمعت بعض البسطاء من الناس يحفظون شيئا من شعري عن ظهر قلب وهذا الامر أسعدني كثيرا وآمنت ببقاء الشعر. إضافة إلى رهاني الكبير على تسجيل شعري بالصوت.
**من وجهة نظرك هل يمكن للمهرجانات الأدبية ان تصنع شاعرا؟
-يمكن للمهرجانات المحظوظة والمحفوفة بوسائل الاعلام ان تصنع شعراء وشاعرات ولكنها سرعان ما تنطفئ مع انتهاء المهرجان او تغيير وجهته. نحن نعيش عصر الوقتي والمؤقت من المواطن الى الرئيس.
**جدل كبير حول مستقبل الشعر العربي.. وسؤالي هل مازال للقصيد العمودي توهجه في الخارطة الشعرية العربية المعاصرة؟
-يبدو ان هذا الامر صحيح، ان المستقبل / الحاضر مرتهن بأشياء خارجة عن النص فالجوائز التي صارت تمنح من هنا وهناك تشترط على النص شكله العموديوهذا الشرط خلق تزاحما وهرولة نحو العمودي والكلاسيكي أيضا. هذا لا يمنع ان كثيرا من النصوص وخاصة عند الشباب ذات قيمة شعرية عالية لا يقدر عليها الا شيخ متمرس في كتابة الشعر وأنا أفرق بين صناعة الشعر وكتابته بالنسبة للقصيد العمودي الجانب الثاني والمهم في المسألة هو أن العروض لم يعد يدرّس في المراحل الثانوية من التعليم بل صارت تحتكره الكليات وبالتالي سيخلق شعران أحدهما منقوص والأخر مكتمل ان صح القول. طبعا دون إهمال الموهبة ودورها في الكتابة الشعرية لكن الموهبة تصقل أيضا بمعرفة شروط الشعر.
** هناك من يصفها بأنها مجرد خواطر.. ماذا قدمت قصيدة النثر للشعر العربي؟
-في الواقع ابتلعت قصيدة النثر أو بالأصح ابتلع كتابها الخاطرة فلم نعد نقرا خاطرة الا قليلا. كتابها هم الذين البسوا خواطرهم لباس الشعر النثري واصبحوا يشاركون بها في المحافل الشعرية ويقدّمونها على هذا النغم.
** من المؤاخذات على قصيدة النثر تمردها على التراث.. كيف تقرأ هذا الموقف؟
-كتبت سابقا شيئا تحت عنوان قصيدة النثر واخطاؤها القاتلة ومما قلت فيه: سبب عطّل نموّ قصيدة النّثر هو مبادرة روّادها بإعلان عداوة لما سبق وإهدار طاقات البحث في حرب وهميّة شعارها ضرورة قتل الأب وهو في اعتقادي خطأ قاتل ارتكبته قصيدة النثر فمشت مباشرة إلى هدم ديوان العرب متمثلا في القصيدة العمودية، النمطية، الكلاسيكية، القديمة، الرجعية، المتخلّفة، الساكنة، الصمّاء. وكلها تُهم لم تنجح قصيدة النثر لا في إثباتها ولا في إقناع العرب بها. وقد بيّن نور الدين بوجلبان هذه المسألة وناقشها مع أنسي الحاج في كتابه"لن". حيث يضع الحاج الهدم شرطا أساسيا لقصيدة النّثر.وما كل هدم يفضي إلى بناء.وهنا نطرح سؤالا جوهريا: لماذا سعت قصيدة النّثر بكلّ غباء، إلى هدم قصيدة التفعيلة وهي تعرف مسبقا أن العرب لن يسلّموا ديوانهم بهذه البساطة؟ ألم تكن قادرة لوحدها على أن تنحت كيانها وتفرض نفسها بالاعتماد على نفسها؟ ألم تحمل كفنها على أكتافها مكان الفأس الذي ستحفر به قبر شقيقتها.
** توجهت الى الرواية والتوثيق.. كيف تقدم لنا هذه التجربة ؟
-عندما كبرت وصارت لي مواقف سياسية واجتماعية وخبرت الحياة صار الشعر غير قادر على ترجمة مواقفي ومبادئي التي آمنت بها فمشيت الى الرواية بأقدام الشعر ونشرت عدة روايات جلبت الاهتمام خاصة خارج البلاد مثلا في جامعة طباطبا بايران وفي جامعة شيكاغو في امريكا حيث وصلت رواية الظل يمنع الحلم.
**عملت على تأسيس مشروع متفرد من خلال التوثيق بالصوت للشعر والشعراء.هل في هذا تأكيد على ان عهد الكتاب الورقي قد ولى وانحسر؟
-صراحة يمكن ان يكون حظ الكتاب الورقي مع الكتاب الالكتروني حظ "التكسيفون" مع الهاتف الجوال فقد صار النشر الالكتروني اسهل واسرع واقل تكلفة واضمن من الكتاب الورقي وهذا ما جعلني اشتغل على تسجيل القصائد التونسية على اليوتوب بأصوات أصحابها ووسعت نسخة من المكتبة الصوتية في بيت الشعر بالقيروان. وكل هذا يحمل عنوانا واحدا: المروج الأدبية. اما علاقتي بالكتاب الورقي فقد صارت أكثر متانة منذ ظهور الكتاب الالكتروني. انا أنشر على الانترنت معتمدا على الورقي وقد جعلت من الكتاب الرقمي مكملا للورقي ولا اخفي عليك انني استعد في هذا الأسبوع لنشر 30 كتابا على منصة الامازون نصفها شعرا والنصف الاخر رواية باللغتين الفرنسية والعربية وقد يكون لاكتشافي ان روايتي: الظل يمنع الحلم موجودة في جامعتين خارج تونس هو ما شجعني على اقتحام الامازون.
**كنت عضوا فاعلا في الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين على امتداد سنوات طويلة، ما مدى رضاك على هذه التجربة؟
-انا عضو في اتحاد الكتاب منذ 1981 دون انقطاع وقد كسبت من عضويتي هذه وكثيرا من الصداقات ومن الحب والتقدير خاصة من الأعضاء وعرفت ان محبة الناس لا تكتسب لا بالنفاق ولا بالكذب ولا بالوعود ولا بالشّعارات والخطب وانما بالصّدق والوفاء والثّقة وخاصّة بالعمل والجدّية. لا ينكر الا جحود ان لا أحد قدم للاتحاد ماقدمت ولست نادما على ذلك سواء فكنت من أقدم على إعادة الهيكلة دون انزعاج سنة 2005 ببرنامج الأقاليم الذي صار بموجبه لكل عضو من داخل البلاد ان يترشح الى الهيئة المديرة الشيء الذي لم يعجب طبعا بعض المتعوصمين (سكان العاصمة) وأنا من أقدم على نشر مجلة الاتحاد الالكترونية: المسارات التي ظلت على امتداد ثلاث سنوات منصّة تجمع الأعضاء وتنشر نصوصهم واصواتهم واحوالهم وتهانيهم وتعازيهم وفعلت ذلك مجانا. وأنا من ساهم بأموالي الخاصة في تأسيس دار المسار. وانا من اعد لفات البطاقات وانا من أنشأ موقع الاتحاد وأداره مجانا قبل ان يغلق بفعل فاعل وبنيت ذاكرة للاتحاد بإعدادسجل الأعضاء مجانا أيضا وقد تطلب مني أكثر من 10 سنين من البحث والجمع والتوثيق وقد نشر في كتاب التّراجم الأخير.
** هل أحسست يوما ما بالغبن في صلب الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين؟
-نعم كثيرا من المرّات فالهيئات عادة غير متجانسة فهي تضم الصّادقوالنّزيه والجدّي والجاد الى جانب الانتهازي والوصولي والمنافق والجاهل والعاجز وكل من يجتهد ويعمل يقابل عادة بالحسد والاعتراض. صحيح ان هذه الهيئة عاجزة تماما فقد وجدت او تفاجأت بالحال التي وجدت عليها الاتحاد ولكن كان عليها أن تعمل على انعاشه لا أن تدفنه وتطلب منا ان نذكر ميتنا بخير. أنا حزين جدا لهذا الاتحاد وخاصة عندما طلبت من هذه الهيئة أن أسلمها الموقع مجانا وكان قد أغلق بفعل فاعل وبغباء وصبيانية قصد اسقاطي في المؤتمر قبل الأخير،فلم تردّ الهيئة الجديدة على طلبي وأعلمتها بأن السجل الذي نشر في كتاب التّراجم هو أيضا وردت فيه أخطاء متعمّدة واقترحت عليها اصلاحه وتجاهلت الأمر. أضف الى ذلك أن عملية النّشر قد توقفت تماما فلا كتب ولا مجلة. هذا شيء محزن ومؤسف. ورغم كل شيء فأنا أحتفظ بالموقع والسجل الصحيح الى ان تطلبه مني هيئة جادة.
** بعد هذه المسيرة الطويلة ...الا توجد محطات تود اسقاطها من الذاكرة ؟
-كل التجارب التي عشتها مفيدة.
**البرادعة ...ماذا تعني لك؟
-يكفي ان أقول لك ان كتاب البرادعة سيرة المكان نفد في ظرف أسبوع وأنا أنتظر صدرو نسخة باللغتين العربية والفرنسية.