ماذا يحدث في قطاع الفسفاط الذي يعد قطاعا حيويا، قطاع شهد خلال العام الماضي 2023 ورغم حالة الاستقرار بالحوض المنجمي تراجعا في الإنتاج الذي تجاوز تقريبا وفق التقديرات 3 مليون طن بقليل فيما كان مبرمجا إنتاج أكثر من 5 مليون طن؟
إذ أن إنتاج الفسفاط غلب عليه الانخفاض وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء الصادرة خلال شهر نوفمبر 2023 والتي كشفت عن انخفاض في عائدات الفسفاط ومشتقاته بنحو 26 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنقضي.
وقد بلغت قيمة صادرات القطاع من بداية العام 2023 إلى شهر نوفمبر2418 مليون دينار بحسب نشرية التجارة الخارجية للمعهد الوطني للإحصاء.
كما أظهرت المعطيات الرسمية تراجعا في النشاط التحويلي للفسفاط بمصانع المجمع الكيميائي التونسي خلال العشرية الأخيرة إلى مستوى 40 % من طاقة الإنتاج التصميمية للمصانع بسبب تراجع الكميات المستلمة من الحوض المنجمي منذ سنة 2011 في وقت تسعى فيه الدولة إلى الترفيع في صادرات مشتقات الفسفاط .
وقد شهد قطاع الفسفاط ومشتقاته منذ سنة 2011 تراجعا قياسيا في مؤشراته الفنية والمالية،حيث لم يتجاوز معدل الإنتاج السنوي لشركة فسفاط قفصة مستوى 3.3 مليون طن أي مايعادل37% فقط من الطاقة التصميمية لوحدات الشركة خلال الفترة 2011/2021 وقد بلغ الإنتاج 3.72 مليون طن في 2021.
ووفق أرقام نشرها مرصد رقابة أكد أنها أرقام حقيقية دقيقة لإنتاج الفسفاط خلال الفترة الممتدة من جانفي 2023 إلى أكتوبر 2023 كشفت عن تراجع الإنتاج مقارنة بنفس الفترة لسنة 2022 بنسبة 25 بالمائة.
وبحسب المرصد، فلم يتجاوز الإنتاج خلال العشرة أشهر الماضية 2.3 مليون طن مقابل 3.1 مليون طن خلال نفس الفترة لسنة 2022.
وأوضح أن التراجع زادت حدته خلال الثلاثي الثاني والثلاثي الثالث من سنة 2023 ليبلغ على التوالي 27٪ و31٪ مقارنة بنفس الفترة من سنة 2022. وهو ما يؤكد استحالة إنتاج 2.9 مليون طن من الفسفاط التجاري كامل سنة 2023، لتسجل بذلك سنة 2023 أضعف إنتاج للفسفاط التجاري خلال العشر سنوات السابقة.
وبالمقارنة مع أرقام الإنتاج المبرمجة التي تم إدراجها في ميزانية 2023 (ما قدره 4.8 مليون طن للأشهر العشرة الأولى)، لم يتحقق من الإنتاج المتوقع سوى نسبة 48٪ فقط أي بفارق 2.5 مليون طن.
وترجح الوزارة أن يتواصل الإنتاج بوتيرة أسرع خلال سنة 2024 ليصل إلى مستوى 81 % من الطاقة التصميمية في 2025 أي ما يعادل 6.5 مليون طن.
أزمة منجم المكناسي لم تحل
من جهة أخرى فإن أزمة منجم فسفاط المكناسي بسيدي بوزيد لم تحل إلى اليوم إذ يواصل العمال اعتصامهم أمام مقر المعتمدية وفق ما أكده ماهر سليمي، أحد العمال المعطّلين لـ"الصباح" إذ بين أنهم لن يرفعوا اعتصامهم إلا بإيجاد حل جذري لغلق المنجم وللوضعية المهنية لـ158 عاملا تم انتدابهم اثر مناظرة، مشددا على وجوب تنفيذ الوعود التي قدمتها لهم وزارة الصناعة سابقا وهي إدماجهم صلب شركة فسفاط قفصة وهي وعود لم تنفذ منذ إقرار إيقاف إنتاج المنجم اعتباطيا منذ 2021 .
وطالب سليمي رئاسة الجمهورية بتسوية وضعياتهم المهنية واستئناف عمل المنجم الضخم الذي يحتوى على أجود أنواع الفسفاط ويضم 4 مقاطع ومدخرات تصل إلى 110 مليون طن يمكن أن تستغل لحوالي 40 سنة القادمة والقادرة على توفير عائدات مالية هامة لفائدة ميزانية الدولة.
سراورتان كنز مهمل
كذلك الشأن بالنسبة لمنجم الفسفاط سراورتان بالكاف وهو منجم مهمل اعتبره الخبراء الأهم على الإطلاق في تونس حيث أكدوا أن مستقبل الفسفاط في منجم سراورتان وأنه ثروة ثمينة جدا يجب الاستفادة منه لما سيمثله من قاطرة للتنمية لكل ولايات الشمال ولتونس ككل.
هذا ووفق التقديرات فإن كلفة مشروع منجم الفسفاط سراورتان قدرت بـ 3 مليار دولار أمريكي، وهو يهدف إلى تطوير طاقة إنتاج وتحويل الفسفاط، ويصل حجم المدخرات به إلى 2500 مليون طن مع طاقة إنتاج في حدود 5 ملايين طن في السنة فيما ينتظر أن يوفر زهاء 4 آلاف موطن شغل، علما وأن المشروع مازال في طور تحديد إستراتيجية لإنجازه، وفق ما ورد على موقع وزارة الصناعة والمناجم والطاقة.
ولن أبدأت الشركة العربية الصينية للأسمدة الكيميائية، اهتمامها بمشروع استغلال فسفاط سراورتان في إطار الشراكة مع تونس اقتداء بالتجربة الناجحة مع المجمع الكيميائي التونسي، خلال لقاء جمع رئيس ديوان وزارة الصناعة المناجم والطاقة، أحلام الباجي السايب، بوفد عن هذه المؤسسة يتقدمه نائب المدير العام، وانغ جينمنغ، وهو لقاء مثل فرصة للتباحث حول سبل تعزيز التعاون الثنائي بين الجانبين خصوصا في مجال الأسمدة والمناجم، إلا أن التعطيلات الإدارية والبيروقراطية التي تعطل هذا القطاع الحيوي من شأنها أن تعطل المشروع.
قطاع الفسفاط في تونس ثروة مهملة مهدورة دون تثمين أو رؤية واضحة وأيضا دون تخطيط، قطاع خارج عن اهتمام أهل القرار رغم إمكانياته المهولة لتوفير موارد مالية هامة لخزينة الدولة، فمتى يعكف أهل القرار على حلحلة مشاكله وإيلائه الأهمية التي يستحق.
حنان قيراط
ماذا يحدث في قطاع الفسفاط الذي يعد قطاعا حيويا، قطاع شهد خلال العام الماضي 2023 ورغم حالة الاستقرار بالحوض المنجمي تراجعا في الإنتاج الذي تجاوز تقريبا وفق التقديرات 3 مليون طن بقليل فيما كان مبرمجا إنتاج أكثر من 5 مليون طن؟
إذ أن إنتاج الفسفاط غلب عليه الانخفاض وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء الصادرة خلال شهر نوفمبر 2023 والتي كشفت عن انخفاض في عائدات الفسفاط ومشتقاته بنحو 26 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنقضي.
وقد بلغت قيمة صادرات القطاع من بداية العام 2023 إلى شهر نوفمبر2418 مليون دينار بحسب نشرية التجارة الخارجية للمعهد الوطني للإحصاء.
كما أظهرت المعطيات الرسمية تراجعا في النشاط التحويلي للفسفاط بمصانع المجمع الكيميائي التونسي خلال العشرية الأخيرة إلى مستوى 40 % من طاقة الإنتاج التصميمية للمصانع بسبب تراجع الكميات المستلمة من الحوض المنجمي منذ سنة 2011 في وقت تسعى فيه الدولة إلى الترفيع في صادرات مشتقات الفسفاط .
وقد شهد قطاع الفسفاط ومشتقاته منذ سنة 2011 تراجعا قياسيا في مؤشراته الفنية والمالية،حيث لم يتجاوز معدل الإنتاج السنوي لشركة فسفاط قفصة مستوى 3.3 مليون طن أي مايعادل37% فقط من الطاقة التصميمية لوحدات الشركة خلال الفترة 2011/2021 وقد بلغ الإنتاج 3.72 مليون طن في 2021.
ووفق أرقام نشرها مرصد رقابة أكد أنها أرقام حقيقية دقيقة لإنتاج الفسفاط خلال الفترة الممتدة من جانفي 2023 إلى أكتوبر 2023 كشفت عن تراجع الإنتاج مقارنة بنفس الفترة لسنة 2022 بنسبة 25 بالمائة.
وبحسب المرصد، فلم يتجاوز الإنتاج خلال العشرة أشهر الماضية 2.3 مليون طن مقابل 3.1 مليون طن خلال نفس الفترة لسنة 2022.
وأوضح أن التراجع زادت حدته خلال الثلاثي الثاني والثلاثي الثالث من سنة 2023 ليبلغ على التوالي 27٪ و31٪ مقارنة بنفس الفترة من سنة 2022. وهو ما يؤكد استحالة إنتاج 2.9 مليون طن من الفسفاط التجاري كامل سنة 2023، لتسجل بذلك سنة 2023 أضعف إنتاج للفسفاط التجاري خلال العشر سنوات السابقة.
وبالمقارنة مع أرقام الإنتاج المبرمجة التي تم إدراجها في ميزانية 2023 (ما قدره 4.8 مليون طن للأشهر العشرة الأولى)، لم يتحقق من الإنتاج المتوقع سوى نسبة 48٪ فقط أي بفارق 2.5 مليون طن.
وترجح الوزارة أن يتواصل الإنتاج بوتيرة أسرع خلال سنة 2024 ليصل إلى مستوى 81 % من الطاقة التصميمية في 2025 أي ما يعادل 6.5 مليون طن.
أزمة منجم المكناسي لم تحل
من جهة أخرى فإن أزمة منجم فسفاط المكناسي بسيدي بوزيد لم تحل إلى اليوم إذ يواصل العمال اعتصامهم أمام مقر المعتمدية وفق ما أكده ماهر سليمي، أحد العمال المعطّلين لـ"الصباح" إذ بين أنهم لن يرفعوا اعتصامهم إلا بإيجاد حل جذري لغلق المنجم وللوضعية المهنية لـ158 عاملا تم انتدابهم اثر مناظرة، مشددا على وجوب تنفيذ الوعود التي قدمتها لهم وزارة الصناعة سابقا وهي إدماجهم صلب شركة فسفاط قفصة وهي وعود لم تنفذ منذ إقرار إيقاف إنتاج المنجم اعتباطيا منذ 2021 .
وطالب سليمي رئاسة الجمهورية بتسوية وضعياتهم المهنية واستئناف عمل المنجم الضخم الذي يحتوى على أجود أنواع الفسفاط ويضم 4 مقاطع ومدخرات تصل إلى 110 مليون طن يمكن أن تستغل لحوالي 40 سنة القادمة والقادرة على توفير عائدات مالية هامة لفائدة ميزانية الدولة.
سراورتان كنز مهمل
كذلك الشأن بالنسبة لمنجم الفسفاط سراورتان بالكاف وهو منجم مهمل اعتبره الخبراء الأهم على الإطلاق في تونس حيث أكدوا أن مستقبل الفسفاط في منجم سراورتان وأنه ثروة ثمينة جدا يجب الاستفادة منه لما سيمثله من قاطرة للتنمية لكل ولايات الشمال ولتونس ككل.
هذا ووفق التقديرات فإن كلفة مشروع منجم الفسفاط سراورتان قدرت بـ 3 مليار دولار أمريكي، وهو يهدف إلى تطوير طاقة إنتاج وتحويل الفسفاط، ويصل حجم المدخرات به إلى 2500 مليون طن مع طاقة إنتاج في حدود 5 ملايين طن في السنة فيما ينتظر أن يوفر زهاء 4 آلاف موطن شغل، علما وأن المشروع مازال في طور تحديد إستراتيجية لإنجازه، وفق ما ورد على موقع وزارة الصناعة والمناجم والطاقة.
ولن أبدأت الشركة العربية الصينية للأسمدة الكيميائية، اهتمامها بمشروع استغلال فسفاط سراورتان في إطار الشراكة مع تونس اقتداء بالتجربة الناجحة مع المجمع الكيميائي التونسي، خلال لقاء جمع رئيس ديوان وزارة الصناعة المناجم والطاقة، أحلام الباجي السايب، بوفد عن هذه المؤسسة يتقدمه نائب المدير العام، وانغ جينمنغ، وهو لقاء مثل فرصة للتباحث حول سبل تعزيز التعاون الثنائي بين الجانبين خصوصا في مجال الأسمدة والمناجم، إلا أن التعطيلات الإدارية والبيروقراطية التي تعطل هذا القطاع الحيوي من شأنها أن تعطل المشروع.
قطاع الفسفاط في تونس ثروة مهملة مهدورة دون تثمين أو رؤية واضحة وأيضا دون تخطيط، قطاع خارج عن اهتمام أهل القرار رغم إمكانياته المهولة لتوفير موارد مالية هامة لخزينة الدولة، فمتى يعكف أهل القرار على حلحلة مشاكله وإيلائه الأهمية التي يستحق.