غزّة ظمأى لعين تسحّ، لجدول منساب، لقطرة ماء. تولّوا عنها. لا يمسكون بالوصل ولو زعموا
طقس هذه العشيّة عبوس قمطرير. السّحب دكناء، تكاد تلتصق بالأرض، لا تنذر بالمطر. غابت الرّياح اللّواقح. برد لاسع. غيم تحوّل إلى غمّ. كابوس ككوابيس عشيّة الآحاد وعشيّة اليوم الأوّل من عيد الفطر جاثم على الأفئدة والصّدور.
أما إخوان الصّفاء وخلاّن الوفاء فقد قضوا ليلة نهاية السّنة في شغل فاكهين على الأرائك متكئين. ما همّهم؟ يركبون اللّحم. يأكلون اللّحم. يحكّون اللّحم باللّحم. شربوها، احتسوها معتّقة، تفصل بين الرّوح والجسد. جادوا لها بما تحويه أيديهم. كانت ليلة من اللّيالي الملاح. فيها امتاع ومؤانسة بمن حسنوا الوجوه لحسن وجوههنّ ساجد. طلبوا ما يحلو به السّهر والسّمر من بلاد العجم والفرس. فجاءهم قبل أن يرتدّ إليهم طرفهم. طرفت الدّنيا أعينهم فمالوا إليها وأخذتهم مباهجها.
الذهب الأسود يجري من تحتهم أنهارا. براميله لا تنفد. يقدّمونها بسخاء لمن يناصبوننا العداء. منهم سمّاعون لأسيادهم. ما قدروا خطب غزّة حقّ قدره. مشوقون بالولائم. مهووسون بجني رياحين الثّغور وقطف رمان الصّدور. يريدونها هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة. لا يشتكي قصر منها ولا طول.
غزّة ظمأى لعين تسحّ، لجدول منساب، لقطرة ماء. تولّوا عنها. لا يمسكون بالوصل ولو زعموا إلاّ كما تمسك الماء الغرابيل. إنّهم معشر أنذال. والنّذل بالنّذل مفتون ومقتنع. النّاس للنّاس والآفاق شاسعة. وهم كالطّيور على أشكالها تقع.
دام عزّهم، بوصلة المقاومة لا تعنيهم. دام عزّهم، يبغون الفتنة بين الفصائل. دام عزّهم، من اليمن السّعيد يضحكون، يتغامزون. لكن يظلّ اليمن سعيدا، تجري الرّياح كما تشتهي سفينته. هو الرّيح، هو البحر والسفن.
لمثل هذا الرهط لا نشكو آلامنا. نحن الذين ارتجينا النّصر بهمتنا سنلقاه ولو حاربتنا الإنس والجنّ. ستخسف بهم وبمن تهوى طبائعهم الأرض ولو بعد حين.
مصدّق الشّريف
غزّة ظمأى لعين تسحّ، لجدول منساب، لقطرة ماء. تولّوا عنها. لا يمسكون بالوصل ولو زعموا
طقس هذه العشيّة عبوس قمطرير. السّحب دكناء، تكاد تلتصق بالأرض، لا تنذر بالمطر. غابت الرّياح اللّواقح. برد لاسع. غيم تحوّل إلى غمّ. كابوس ككوابيس عشيّة الآحاد وعشيّة اليوم الأوّل من عيد الفطر جاثم على الأفئدة والصّدور.
أما إخوان الصّفاء وخلاّن الوفاء فقد قضوا ليلة نهاية السّنة في شغل فاكهين على الأرائك متكئين. ما همّهم؟ يركبون اللّحم. يأكلون اللّحم. يحكّون اللّحم باللّحم. شربوها، احتسوها معتّقة، تفصل بين الرّوح والجسد. جادوا لها بما تحويه أيديهم. كانت ليلة من اللّيالي الملاح. فيها امتاع ومؤانسة بمن حسنوا الوجوه لحسن وجوههنّ ساجد. طلبوا ما يحلو به السّهر والسّمر من بلاد العجم والفرس. فجاءهم قبل أن يرتدّ إليهم طرفهم. طرفت الدّنيا أعينهم فمالوا إليها وأخذتهم مباهجها.
الذهب الأسود يجري من تحتهم أنهارا. براميله لا تنفد. يقدّمونها بسخاء لمن يناصبوننا العداء. منهم سمّاعون لأسيادهم. ما قدروا خطب غزّة حقّ قدره. مشوقون بالولائم. مهووسون بجني رياحين الثّغور وقطف رمان الصّدور. يريدونها هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة. لا يشتكي قصر منها ولا طول.
غزّة ظمأى لعين تسحّ، لجدول منساب، لقطرة ماء. تولّوا عنها. لا يمسكون بالوصل ولو زعموا إلاّ كما تمسك الماء الغرابيل. إنّهم معشر أنذال. والنّذل بالنّذل مفتون ومقتنع. النّاس للنّاس والآفاق شاسعة. وهم كالطّيور على أشكالها تقع.
دام عزّهم، بوصلة المقاومة لا تعنيهم. دام عزّهم، يبغون الفتنة بين الفصائل. دام عزّهم، من اليمن السّعيد يضحكون، يتغامزون. لكن يظلّ اليمن سعيدا، تجري الرّياح كما تشتهي سفينته. هو الرّيح، هو البحر والسفن.
لمثل هذا الرهط لا نشكو آلامنا. نحن الذين ارتجينا النّصر بهمتنا سنلقاه ولو حاربتنا الإنس والجنّ. ستخسف بهم وبمن تهوى طبائعهم الأرض ولو بعد حين.