تنظر غدا الخميس الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس في قضية براكة الساحل التي تضرر منها 244 عسكريا والتي أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة وضمت لائحة الاتهام 15 متهما بينهم الرئيس الراحل بن علي وعبد الله القلال ومحمد علي القنزوعي وعز الدين جنيح ومحمد فرزة وعدة قيادات أمنية وجهت اليهم تهم التعذيب والايقاف التعسفي والقاء القبض على شخص واحتجازه دون اذن قضائي صاحبه العنف والتهديد والمشاركة في ذلك.
مفيدة القيزاني
وتعد قضية "براكة الساحل" من أبرز القضايا التي شهدت عمليات تعذيب ممنهجة وفظيعة وعددا كبيرا من المتضررين من العسكريين، ففي 22 ماي 1991 قال وزير الداخلية عبد الله القلال في ندوة صحفية أنه تم اكتشاف مؤامرة كانت تحاك للانقلاب على نظام"بن علي" واتهم حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بالتحضير للانقلاب العسكري واختراق المؤسسة العسكرية هذا التلاعب المحاك من قبل أجهزة أمن الدولة استطاع أن يقنع الرأي العام، وفي هذا الاطار تم ايقاف العسكريين زورا وتم اقتيادهم إلى وزارة الداخلية أين خضعوا الى شتى انواع التعذيب بعد ذلك تم إطلاق سراح 151 منهم بينما اقتيد 93 آخرين للمحكمة أين حكم عليهم بأحكام تراوحت بين ثلاث و16 سنة سجنا.
من جهة أخرى خسر كل المتهمين مناصبهم في الجيش ولم يعودوا يتمتعون بحقوقهم القانونية.
اعتذار..
وفي 23 جوان1991 استقبل القلال وفدا من كبار الضباط من بين الذين وقع توقيفهم وتعذيبهم وقدم لهم اعتذاراته واعترف لهم ببراءتهم وذلك بحضور ممثلي وزارة الدفاع ومن بينهم المدير العام للقضاء العسكري والمدير العام للأمن العسكري الا أنه حتى بعد إعلان براءتهم لم يسمح للعسكرين بالرجوع لمناصبهم في صفوف الجيش وذلك بأمر خاص من بن علي القائد الأعلى للقوات المسلحة دستوريا ولمدة عقدين شهد العسكريون هرسلة متواصلة من قبل قوات الأمن وتم منعهم كذلك من العمل والسفر وأشياء أخرى أثناء هذه المدة وتم الاحتفاظ بهذه القضية تحت جدار من الصمت من قبل النظام.
وفي سنة 2011 اثر اندلاع الثورة تم إنشاء جمعية «إنصاف قدماء العسكريين» من قبل عدة ضباط متقاعدين والذين تضرروا في قضية"براكة الساحل" وأخذت هذه الجمعية على عاتقها الدفاع عن قضيتهم لدى المؤسسة العسكرية من أجل تحقيق إعادة التأهيل الرسمي للضحايا واسترداد جميع حقوقهم مع تعويض عادل عن الأضرار التي لحقت بهم وعملت أيضا على إيصال قضيتهم حول الانتهاكات التي تعرضوا لها.
شهادة المتضرر الشاذلي الخميري
كانت المحكمة استمعت الى شهادة المتضرر الشاذلي الخميري والذي لاحظ أنه عمل وكيلا مساعدا في البحرية وفي تاريخ 8 ماي 1991 لما كان يهم بمغادرة ثكنة منزل جميل تم إعلامه أنه مكلف بالتنقل في مهمة وتم خفره إلى المثلث العسكري باب سعدون أين نقل الى إدارة الأمن العسكري وخضع إلى أسئلة إرشادية قبل مثوله بثكنة العوينة أين انتزع منه زيه العسكري وبقي هناك حوالي 20 يوما في ظروف سيئة للغاية وأعيد له زيه وتم خفره إلى وزارة الداخلية أين انتزع منه زيه مرة أخرى وخضع إلى البحث حول انتمائه ونشاطه السياسي ولم يوجه له أي سؤال حول براكة الساحل ملاحظا أنه يمارس واجباته الدينية وليس له أي نشاط فكري أو سياسي.
وأضاف المتضرر أنه بقي بالداخلية لمدة 20 يوما خضع فيها إلى التعذيب كوضع الدجاجة والسب والشتم على فترات ولا يذكر أسماء من عذبه غير أنه تردد ذكر اسم يكنى "الزو" يقوم بتفقد مقرات الإيقاف ولم يتعرض من قبله إلى التعذيب وتم إخلاء سبيله على إثره برغم ٱثار التعذيب البادية عليه وتم تمكينة من تذكرة النقل إلى مسقط رأسه بجندوبة وبقي يتقاضى جراية عمرية 90 دينارا وبقي عاطلاً عن العمل رغم أنه عائل لزوجة وثلاثة أطفال وتم إخضاعه للمراقبة وبقي على تلك الحال إلى حدود الثورة ولاحظ أنه تحصل على مقرر جبر الضرر 74% وطلب محاسبة من تسبب في حرمانه من العمل وعزله من وظيفته وما تعرض له من انتهاكات حتى لا يتم تكرار ذلك.
الطاهر الطاهري
صرح انه التحق بالعمل سنة 1983 برتبة ضابط صف وفي 1991 عريف أول وفي 21 ماي 1991 تم إيقافه في ثكنة المدرعات وتم ايداعه بسجن الثكنة مع مجموعة من الضباط وضباط الصف لمدة شهر بينما وقع نقله مع ثلاثة ٱخرين مكبلي الأيادي إلى إدارة الأمن العسكري أين تم أخذ إرشادات وتسليمهم في نفس اليوم إلى وزارة الداخلية بعد نزع ملابسهم الداخلية واخضعوا إلى البحث ونال ألوانا شتى من أنواع التعذيب وتمحورت الأسئلة الموجهة إليه حول تمويل حركة النهضة أنذاك بالتبرع بجزء من جرايته حسب ادعاء النقيب محسن المتاعب وبمكافحته كان لا يرد إلا بالإيماء وبادية عليه الانتهاكات.
بين 9 أفريل وبرج الرومي
ملاحظا أنه لا يعرف معذبيه الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية وأمضى على محضر البحث دون الإطلاع عليه وتم نقله إلى السجن المدني بمرناق قبل عرضه على التحقيق العسكري الذي أذن بإيداعه بالسجن قضاها بين سجن 9 أفريل وسجن برج الرومي تعرض خلال فترة إيقافه إلى العديد من الاهانات والتعذيب النفسي والسب والشتم وجميع الموقوفين معه من قضية براكة الساحل تواصل إلى حوالي سنة قبل أن يتم الإفراج عنه دون محاكمة.
وبخروجه من السجن أوقف عن العمل وأصبح يتقاضى جراية بسيطة عن الفترة التي قضاها لقاء مساهمته بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية مضيفا أنه تم منعه من العمل وتعرض لصعوبات في الاندماج في الحياة الشعبية بسبب ملاحقته وإخضاعه للمراقبة الإدارية المشددة في الأول ثم خففت لاحقا إلى حدود أيام الثورة.
مضيفا أنه تحصل على مقرر جبر الضرر بنسبة 82% طالبا تنفيذ قرار جبر الضرر وكشف الحقيقة ومحاسبة كل من تسبب له في الضرر.
شهادة المتضرر سعيد بوسعيد
التحق بالجيش 1975 اختصاص الصواريخ وكان متميزا في اختصاصه ومتفوقا في كل اختباراته داخليا وخارجيا وكان يقوم بواجباته الدينية بداية من سنة 1980 أفاد أنه ضابط عتاد بثكنة بوفيشة وآمر سرية برتبة نقيب وفي تاريخ 23 جويلية 1991 تمت دعوته إلى المثلث العسكري بباب سعدون وكان على علم مسبق بالإيقافات وبوصوله تم اخضاعه إلى أسئلة إرشادية وايقافه ليلة بثكنة العوينة قبل تحويله إلى وزارة الداخلية أين تم نزع ملابسه العسكرية واستبدالها بزي عمل وتعرض إلى الضرب والإهانة دون تعليق وكانت الأسئلة تدور حول انتمائه لجمعية غير مرخص فيها تبين أنه تم حشره من قبل زميلين له وبعد مدة من الإيقاف في حالة سيئة تم إيداعه بالسجن المدني لمدة 12 شهرا أحيل على القضاء الجناحي حكم 4 سنوات سجنا والحال أنه لا انتماء له لا فكريا ولا سياسيا عدا انه كان يقوم بفرائضه الدينية وزوجته ترتدي الحجاب (وفق تصريحاته) ما دفع بضابط الأمن العسكري الى التنبيه عليه بخلع حجابها ورفض ذلك وبعد انقضاء فترة السجن التي قضى منها 3 سنوات بغرفة واحدة مع مساجين الحق العام في ظروف سيئة للغاية من الضرب والإهانات والتجويع وقضى العقوبة كاملة عانت خلالها عائلته أقسى أنواع العذاب بزيارته مرة في الشهر من الهوارية إلى سجن الهوارب وخضع الى المراقبة الإدارية لمدة 5 سنوات إضافية كانت مشددة في البداية قبل تخفيفها.
وتحصل على جراية بسيطة لفترة عمله وتحصل على مقرر جبر الضرر بنسبة 82% بقي إلى الٱن بدون تفعيل قبل تسوية وضعيته الإجتماعية سنة 2014.
شهادات متضررين
استمعت المحكمة في وقت سابق الى عدة شهادات من بينها شهادة احد المتضررين وقد ذكر بأنه التحق بالجيش الوطني سنة 1980 وتقلد العديد من المسؤوليات التعليمية وتم إيقافه يوم 22 ماي 1991، اما المتضرر الثاني فذكر بأنه وكيل أعلى في الجيش التحق بفوج المدرعات سنة 1976 اما المتضرر الثالث فأكد بأنه التحق بالجيش سنة 1978 وتقلد عديد الخطط آخرها مدرب صواريخ مضادة للطائرات وقد انهار باكيا أمام هيئة المحكمة عند تذكره للتعذيب الوحشي الذي تعرض له سنة 1991.
متضرر اخر ذكر بأنه اختصاص مدرعات التحق بالجيش الوطني سنة 1974 وتم إيقافه في شهر ماي سنة 1991 وطالب بمقاضاة من تسببوا في المظلمة التي تعرض لها والمأساة التي عاشها لمدة عشرين سنة حتى الثورة، متضرر آخر أكد بأنه التحق بالجيش الوطني سنة 1984 كعريف أول بالإدارة العامة للمخابرات وقد تم إيقافه في شهر ماي 1991 وطالب بمحاسبة كل من حرمه من وظيفته دون وجه حق وتعذيبه وسوء المعاملة وتعويضه عن جميع مستحقاته التي حرم منها دون اي وجه حق.
وذكر ضابط بالجيش أنه درس في الأكاديمية من سنة 1981 إلى سنة 1985 وتخرج برتبة ملازم أول في اختصاص الأسلحة المضادة للطيران وبالتوازي مع ذلك قام بتربص في الولايات المتحدة الأمريكية حول مضادات الطيران ثم عاد إلى تونس ودرب لمدة عام بمدرسة ضباط الصف ببنزرت ثم التحق للعمل بثكنة بوفيشة للتدريب في اختصاصه كضابط إلى حدود حصول واقعة براكة الساحل.
وأضاف الشاهد بأنه خلال شهر ماي 1991 دعاه الآمر للحضور لديه وسأله ما اذا كان يصلي فأجابه بأنه يؤدي فريضة الصلاة فاعلمه بضرورة التوجه إلى الأمن العسكري وذلك ما تم بالفعل حيث تم نقله إلى الأمن العسكري دون ان يراوده الشك في خصوص ذلك باعتبارهم تعودوا القيام بتدريبات هناك وغيرها.
وأضاف بأنه تم نقله يومها إلى " دار الباهي الادغم" المقر التابع لوزارة الدفاع حيث قضى ليلته هناك أين وجد مجموعة من الضباط كان يعرف البعض منهم وقد سأله احد العسكريين الذي كان يرتدي زيا مدنيا عن سبب تواجده هناك فاعلمه بأنه لا يعرف السبب واثر ذلك تم نقله إلى وزارة الداخلية أين طرحوا عليه عديد الأسئلة المتعلقة بصلاته وانتمائاته الحزبية، واكد الشاهد بأنه استغرب طرح مثل هذه الأسئلة عليه لأنه طيلة مسيرته كان يعمل فحسب وكان يزور عائلته كل أسبوعين وليس له اية اشكاليات أخرى.
وأضاف الشاهد بأنه تم نزع ملابسه بالعنف إلى أن بقي عاريا وقاموا بضربه بواسطة خرطوم بلاستيكي وتحت وطأة التعذيب الشديد الذي تعرض له اضطر لذكر اسماء ضباط لا علاقة لهم بالموضوع حيث تم سؤاله عن الضباط الذين يعرفهم والمكان الذي يجتمعون فيه، وأضاف بأنه تم جمع جميع الضباط في زنزانة واحدة لفبركة القضية ولكي يعترف الجميع بوقائع لا أساس لها من الصحة تحت التعذيب والضرب.
ولاحظ الشاهد بأنه تراجع في تلك الأقوال لكنه التقى في الأثناء بمقر وزارة الداخلية بالمنسوب اليه الانتهاك عز الدين جنيح الذي ما ان تم اعلامه بتراجع الشاهد في أقواله حتى تم اخضاع الشاهد لتعذيب مرير لم يتحمله ودفعه للإمضاء على محضر يتضمن اعترافات غير صحيحة ومن شدة التعذيب لم يعد يقوى على المشي على ساقيه وقد تمت محاكمته دون أي ضمانات واعترف بوقائع غير موجودة وحكم بثلاث سنوات سجنا قضاها ثم غادر السجن وخضع للمراقبة الإدارية والتضييقات والمداهمات وتواصل الأمر إلى حدود اندلاع الثورة.
تعذيب وحشي
عريف اول سابق تابع للشرطة العسكرية ذكر في شهادته بانه التحق بالجيش الوطني منذ سنة 1981 وقد عمل بثكنة تطاوين برتبة عريف ثم أصبح عريفا أول تابع للشرطة العسكرية، وأضاف بأنه سنة 1991 زمن الواقعة كان في عطلة لمدة عشرة أيام وقد قدم اعوان الشرطة العسكرية بجندوبة إلى منزله وتم اعلامه بوجوب الالتحاق بالعمل بالعوينة نظرا لنقص في الجنود فاستجاب للامر وتم نقله لاحدى ثكنات الجيش بجندوبة ، ثم تم نقله لاحقا لمقر الشرطة العسكرية بجندوبة ومنها الى" دار الباهي الادغم " أين قضى ليلته هناك.
وأضاف الشاهد بأنه تم نقله لاحقا إلى مقر وزارة الداخلية وتم سؤاله عن مدى مواظبته على أداء الصلاة وعلاقته بالاحزاب والجمعيات وقد تعرض في الأثناء إلى شتى أنواع التعذيب المرير بمقر وزارة الداخلية وتم حرق جهازه التناسلي ومناطق حساسة من جسده بالسجائر.
تونس-الصباح
تنظر غدا الخميس الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس في قضية براكة الساحل التي تضرر منها 244 عسكريا والتي أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة وضمت لائحة الاتهام 15 متهما بينهم الرئيس الراحل بن علي وعبد الله القلال ومحمد علي القنزوعي وعز الدين جنيح ومحمد فرزة وعدة قيادات أمنية وجهت اليهم تهم التعذيب والايقاف التعسفي والقاء القبض على شخص واحتجازه دون اذن قضائي صاحبه العنف والتهديد والمشاركة في ذلك.
مفيدة القيزاني
وتعد قضية "براكة الساحل" من أبرز القضايا التي شهدت عمليات تعذيب ممنهجة وفظيعة وعددا كبيرا من المتضررين من العسكريين، ففي 22 ماي 1991 قال وزير الداخلية عبد الله القلال في ندوة صحفية أنه تم اكتشاف مؤامرة كانت تحاك للانقلاب على نظام"بن علي" واتهم حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بالتحضير للانقلاب العسكري واختراق المؤسسة العسكرية هذا التلاعب المحاك من قبل أجهزة أمن الدولة استطاع أن يقنع الرأي العام، وفي هذا الاطار تم ايقاف العسكريين زورا وتم اقتيادهم إلى وزارة الداخلية أين خضعوا الى شتى انواع التعذيب بعد ذلك تم إطلاق سراح 151 منهم بينما اقتيد 93 آخرين للمحكمة أين حكم عليهم بأحكام تراوحت بين ثلاث و16 سنة سجنا.
من جهة أخرى خسر كل المتهمين مناصبهم في الجيش ولم يعودوا يتمتعون بحقوقهم القانونية.
اعتذار..
وفي 23 جوان1991 استقبل القلال وفدا من كبار الضباط من بين الذين وقع توقيفهم وتعذيبهم وقدم لهم اعتذاراته واعترف لهم ببراءتهم وذلك بحضور ممثلي وزارة الدفاع ومن بينهم المدير العام للقضاء العسكري والمدير العام للأمن العسكري الا أنه حتى بعد إعلان براءتهم لم يسمح للعسكرين بالرجوع لمناصبهم في صفوف الجيش وذلك بأمر خاص من بن علي القائد الأعلى للقوات المسلحة دستوريا ولمدة عقدين شهد العسكريون هرسلة متواصلة من قبل قوات الأمن وتم منعهم كذلك من العمل والسفر وأشياء أخرى أثناء هذه المدة وتم الاحتفاظ بهذه القضية تحت جدار من الصمت من قبل النظام.
وفي سنة 2011 اثر اندلاع الثورة تم إنشاء جمعية «إنصاف قدماء العسكريين» من قبل عدة ضباط متقاعدين والذين تضرروا في قضية"براكة الساحل" وأخذت هذه الجمعية على عاتقها الدفاع عن قضيتهم لدى المؤسسة العسكرية من أجل تحقيق إعادة التأهيل الرسمي للضحايا واسترداد جميع حقوقهم مع تعويض عادل عن الأضرار التي لحقت بهم وعملت أيضا على إيصال قضيتهم حول الانتهاكات التي تعرضوا لها.
شهادة المتضرر الشاذلي الخميري
كانت المحكمة استمعت الى شهادة المتضرر الشاذلي الخميري والذي لاحظ أنه عمل وكيلا مساعدا في البحرية وفي تاريخ 8 ماي 1991 لما كان يهم بمغادرة ثكنة منزل جميل تم إعلامه أنه مكلف بالتنقل في مهمة وتم خفره إلى المثلث العسكري باب سعدون أين نقل الى إدارة الأمن العسكري وخضع إلى أسئلة إرشادية قبل مثوله بثكنة العوينة أين انتزع منه زيه العسكري وبقي هناك حوالي 20 يوما في ظروف سيئة للغاية وأعيد له زيه وتم خفره إلى وزارة الداخلية أين انتزع منه زيه مرة أخرى وخضع إلى البحث حول انتمائه ونشاطه السياسي ولم يوجه له أي سؤال حول براكة الساحل ملاحظا أنه يمارس واجباته الدينية وليس له أي نشاط فكري أو سياسي.
وأضاف المتضرر أنه بقي بالداخلية لمدة 20 يوما خضع فيها إلى التعذيب كوضع الدجاجة والسب والشتم على فترات ولا يذكر أسماء من عذبه غير أنه تردد ذكر اسم يكنى "الزو" يقوم بتفقد مقرات الإيقاف ولم يتعرض من قبله إلى التعذيب وتم إخلاء سبيله على إثره برغم ٱثار التعذيب البادية عليه وتم تمكينة من تذكرة النقل إلى مسقط رأسه بجندوبة وبقي يتقاضى جراية عمرية 90 دينارا وبقي عاطلاً عن العمل رغم أنه عائل لزوجة وثلاثة أطفال وتم إخضاعه للمراقبة وبقي على تلك الحال إلى حدود الثورة ولاحظ أنه تحصل على مقرر جبر الضرر 74% وطلب محاسبة من تسبب في حرمانه من العمل وعزله من وظيفته وما تعرض له من انتهاكات حتى لا يتم تكرار ذلك.
الطاهر الطاهري
صرح انه التحق بالعمل سنة 1983 برتبة ضابط صف وفي 1991 عريف أول وفي 21 ماي 1991 تم إيقافه في ثكنة المدرعات وتم ايداعه بسجن الثكنة مع مجموعة من الضباط وضباط الصف لمدة شهر بينما وقع نقله مع ثلاثة ٱخرين مكبلي الأيادي إلى إدارة الأمن العسكري أين تم أخذ إرشادات وتسليمهم في نفس اليوم إلى وزارة الداخلية بعد نزع ملابسهم الداخلية واخضعوا إلى البحث ونال ألوانا شتى من أنواع التعذيب وتمحورت الأسئلة الموجهة إليه حول تمويل حركة النهضة أنذاك بالتبرع بجزء من جرايته حسب ادعاء النقيب محسن المتاعب وبمكافحته كان لا يرد إلا بالإيماء وبادية عليه الانتهاكات.
بين 9 أفريل وبرج الرومي
ملاحظا أنه لا يعرف معذبيه الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية وأمضى على محضر البحث دون الإطلاع عليه وتم نقله إلى السجن المدني بمرناق قبل عرضه على التحقيق العسكري الذي أذن بإيداعه بالسجن قضاها بين سجن 9 أفريل وسجن برج الرومي تعرض خلال فترة إيقافه إلى العديد من الاهانات والتعذيب النفسي والسب والشتم وجميع الموقوفين معه من قضية براكة الساحل تواصل إلى حوالي سنة قبل أن يتم الإفراج عنه دون محاكمة.
وبخروجه من السجن أوقف عن العمل وأصبح يتقاضى جراية بسيطة عن الفترة التي قضاها لقاء مساهمته بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية مضيفا أنه تم منعه من العمل وتعرض لصعوبات في الاندماج في الحياة الشعبية بسبب ملاحقته وإخضاعه للمراقبة الإدارية المشددة في الأول ثم خففت لاحقا إلى حدود أيام الثورة.
مضيفا أنه تحصل على مقرر جبر الضرر بنسبة 82% طالبا تنفيذ قرار جبر الضرر وكشف الحقيقة ومحاسبة كل من تسبب له في الضرر.
شهادة المتضرر سعيد بوسعيد
التحق بالجيش 1975 اختصاص الصواريخ وكان متميزا في اختصاصه ومتفوقا في كل اختباراته داخليا وخارجيا وكان يقوم بواجباته الدينية بداية من سنة 1980 أفاد أنه ضابط عتاد بثكنة بوفيشة وآمر سرية برتبة نقيب وفي تاريخ 23 جويلية 1991 تمت دعوته إلى المثلث العسكري بباب سعدون وكان على علم مسبق بالإيقافات وبوصوله تم اخضاعه إلى أسئلة إرشادية وايقافه ليلة بثكنة العوينة قبل تحويله إلى وزارة الداخلية أين تم نزع ملابسه العسكرية واستبدالها بزي عمل وتعرض إلى الضرب والإهانة دون تعليق وكانت الأسئلة تدور حول انتمائه لجمعية غير مرخص فيها تبين أنه تم حشره من قبل زميلين له وبعد مدة من الإيقاف في حالة سيئة تم إيداعه بالسجن المدني لمدة 12 شهرا أحيل على القضاء الجناحي حكم 4 سنوات سجنا والحال أنه لا انتماء له لا فكريا ولا سياسيا عدا انه كان يقوم بفرائضه الدينية وزوجته ترتدي الحجاب (وفق تصريحاته) ما دفع بضابط الأمن العسكري الى التنبيه عليه بخلع حجابها ورفض ذلك وبعد انقضاء فترة السجن التي قضى منها 3 سنوات بغرفة واحدة مع مساجين الحق العام في ظروف سيئة للغاية من الضرب والإهانات والتجويع وقضى العقوبة كاملة عانت خلالها عائلته أقسى أنواع العذاب بزيارته مرة في الشهر من الهوارية إلى سجن الهوارب وخضع الى المراقبة الإدارية لمدة 5 سنوات إضافية كانت مشددة في البداية قبل تخفيفها.
وتحصل على جراية بسيطة لفترة عمله وتحصل على مقرر جبر الضرر بنسبة 82% بقي إلى الٱن بدون تفعيل قبل تسوية وضعيته الإجتماعية سنة 2014.
شهادات متضررين
استمعت المحكمة في وقت سابق الى عدة شهادات من بينها شهادة احد المتضررين وقد ذكر بأنه التحق بالجيش الوطني سنة 1980 وتقلد العديد من المسؤوليات التعليمية وتم إيقافه يوم 22 ماي 1991، اما المتضرر الثاني فذكر بأنه وكيل أعلى في الجيش التحق بفوج المدرعات سنة 1976 اما المتضرر الثالث فأكد بأنه التحق بالجيش سنة 1978 وتقلد عديد الخطط آخرها مدرب صواريخ مضادة للطائرات وقد انهار باكيا أمام هيئة المحكمة عند تذكره للتعذيب الوحشي الذي تعرض له سنة 1991.
متضرر اخر ذكر بأنه اختصاص مدرعات التحق بالجيش الوطني سنة 1974 وتم إيقافه في شهر ماي سنة 1991 وطالب بمقاضاة من تسببوا في المظلمة التي تعرض لها والمأساة التي عاشها لمدة عشرين سنة حتى الثورة، متضرر آخر أكد بأنه التحق بالجيش الوطني سنة 1984 كعريف أول بالإدارة العامة للمخابرات وقد تم إيقافه في شهر ماي 1991 وطالب بمحاسبة كل من حرمه من وظيفته دون وجه حق وتعذيبه وسوء المعاملة وتعويضه عن جميع مستحقاته التي حرم منها دون اي وجه حق.
وذكر ضابط بالجيش أنه درس في الأكاديمية من سنة 1981 إلى سنة 1985 وتخرج برتبة ملازم أول في اختصاص الأسلحة المضادة للطيران وبالتوازي مع ذلك قام بتربص في الولايات المتحدة الأمريكية حول مضادات الطيران ثم عاد إلى تونس ودرب لمدة عام بمدرسة ضباط الصف ببنزرت ثم التحق للعمل بثكنة بوفيشة للتدريب في اختصاصه كضابط إلى حدود حصول واقعة براكة الساحل.
وأضاف الشاهد بأنه خلال شهر ماي 1991 دعاه الآمر للحضور لديه وسأله ما اذا كان يصلي فأجابه بأنه يؤدي فريضة الصلاة فاعلمه بضرورة التوجه إلى الأمن العسكري وذلك ما تم بالفعل حيث تم نقله إلى الأمن العسكري دون ان يراوده الشك في خصوص ذلك باعتبارهم تعودوا القيام بتدريبات هناك وغيرها.
وأضاف بأنه تم نقله يومها إلى " دار الباهي الادغم" المقر التابع لوزارة الدفاع حيث قضى ليلته هناك أين وجد مجموعة من الضباط كان يعرف البعض منهم وقد سأله احد العسكريين الذي كان يرتدي زيا مدنيا عن سبب تواجده هناك فاعلمه بأنه لا يعرف السبب واثر ذلك تم نقله إلى وزارة الداخلية أين طرحوا عليه عديد الأسئلة المتعلقة بصلاته وانتمائاته الحزبية، واكد الشاهد بأنه استغرب طرح مثل هذه الأسئلة عليه لأنه طيلة مسيرته كان يعمل فحسب وكان يزور عائلته كل أسبوعين وليس له اية اشكاليات أخرى.
وأضاف الشاهد بأنه تم نزع ملابسه بالعنف إلى أن بقي عاريا وقاموا بضربه بواسطة خرطوم بلاستيكي وتحت وطأة التعذيب الشديد الذي تعرض له اضطر لذكر اسماء ضباط لا علاقة لهم بالموضوع حيث تم سؤاله عن الضباط الذين يعرفهم والمكان الذي يجتمعون فيه، وأضاف بأنه تم جمع جميع الضباط في زنزانة واحدة لفبركة القضية ولكي يعترف الجميع بوقائع لا أساس لها من الصحة تحت التعذيب والضرب.
ولاحظ الشاهد بأنه تراجع في تلك الأقوال لكنه التقى في الأثناء بمقر وزارة الداخلية بالمنسوب اليه الانتهاك عز الدين جنيح الذي ما ان تم اعلامه بتراجع الشاهد في أقواله حتى تم اخضاع الشاهد لتعذيب مرير لم يتحمله ودفعه للإمضاء على محضر يتضمن اعترافات غير صحيحة ومن شدة التعذيب لم يعد يقوى على المشي على ساقيه وقد تمت محاكمته دون أي ضمانات واعترف بوقائع غير موجودة وحكم بثلاث سنوات سجنا قضاها ثم غادر السجن وخضع للمراقبة الإدارية والتضييقات والمداهمات وتواصل الأمر إلى حدود اندلاع الثورة.
تعذيب وحشي
عريف اول سابق تابع للشرطة العسكرية ذكر في شهادته بانه التحق بالجيش الوطني منذ سنة 1981 وقد عمل بثكنة تطاوين برتبة عريف ثم أصبح عريفا أول تابع للشرطة العسكرية، وأضاف بأنه سنة 1991 زمن الواقعة كان في عطلة لمدة عشرة أيام وقد قدم اعوان الشرطة العسكرية بجندوبة إلى منزله وتم اعلامه بوجوب الالتحاق بالعمل بالعوينة نظرا لنقص في الجنود فاستجاب للامر وتم نقله لاحدى ثكنات الجيش بجندوبة ، ثم تم نقله لاحقا لمقر الشرطة العسكرية بجندوبة ومنها الى" دار الباهي الادغم " أين قضى ليلته هناك.
وأضاف الشاهد بأنه تم نقله لاحقا إلى مقر وزارة الداخلية وتم سؤاله عن مدى مواظبته على أداء الصلاة وعلاقته بالاحزاب والجمعيات وقد تعرض في الأثناء إلى شتى أنواع التعذيب المرير بمقر وزارة الداخلية وتم حرق جهازه التناسلي ومناطق حساسة من جسده بالسجائر.