إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رأي| تونس والمملكة العربية السعودية.. ماذا بعد نجاح اللجنة المشتركة؟

 

تركت فعاليات الدورة الحادية عشر للجنة التونسية- السعودية المشتركة التي انعقدت الأسبوع الماضي انطباعات إيجابية. فقد تحول الوفد السعودي إلى تونس معززا بعدد كبير من رجال الأعمال و في تركيبته عدد من الوزراء و هو ما يعكس إلى جانب الجدية الأهمية التي يوليها الأشقاء السعوديون لتونس. و لا شك أن إمضاء سبع مذكرات تفاهم يعكس هذا الإهتمام و أيضا أن الجانب التونسي قد استعد بشكل جيد للاجتماع الذي انعقد في سياق عربي رسمي سمته البارزة تفكك العلاقات و ضعف الشعور بالمصير العربي المشترك. قد تكون لتونس و للمملكة العربية السعودية مقاربات و مواقف مختلفة من بعض القضايا و لكن السياسة الناجعة هي التي تغلب نقاط الالتقاء و تبحث عن تعزيز القواسم المشتركة و هو كان حاضرا في إنعقاد اللجنة التونسية- السعودية المشتركة.

 هناك عمق تاريخي للعلاقة بين تونس و الرياض يعود إلى زمن المرحلة الحاسمة من النضال الوطني ضد الإستعمار الفرنسي حيث وجد الزعيم الحبيب بورقيبة في الراحل فيصل بن عبد العزيز ناصحا و داعما . و تواصلت العلاقة بعد استقلال تونس و تجسدت في استثمارات سعودية في تونس قد تكون دون المأمول و لكنها كانت دائما استثمارات نوعية و يكفي التذكير هنا باستصلاح بحيرة تونس الذي غير نحو الأفضل وجه تونس العاصمة. و كان للمتعاونين التونسيين دور في تطوير عدة قطاعات في المملكة العربية السعودية. و مما يحسب للعلاقات بين تونس و الرياض أنها قامت على الإحترام المتبادل و لم تسقط في متاهة ردود الفعل المتشنجة حتى حين كانت مواقف البلدين على طرفي نقيض كما كان الحال في حرب الخليج الأولى سنة 1990. و هذه الخلفية مهمة جدا من أجل الإسراع بتفعيل مذكرات التفاهم التي تمثل من الناحية القانونية ما يشبه إعلان النوايا الذي يحتاج إلى برامج و إتفاقيات ملزمة و إلى الإسراع بتذليل عقبات الترهل الإداري و القانوني في تونس و التي تحول لحد الان دون تنفيذ مشاريع تمولها المملكة العربية السعودية. 

هناك مجال آخر من المهم التفكير اثرائه و هو التقارب الإنساني و الثقافي بين الشعبين الشقيقين خاصة و أن كلاهما يعيش مرحلة مهمة في تاريخه لأنه يواجه واقعا غير مسبوق و تحديات مستجدة. واضح أن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى دور أهم عربيا و إقليميا و أنها دخلت مرحلة تنويع الشراكات و الإعداد لعصر ما بعد النفط و أنه بإمكانها أن تفيد تونس و أن تستفيد منها في عدة مجالات من خلال رؤية تستند إلى عوامل الإنتماء المشترك لتقيم علاقات قوامها البحث عن المصلحة المشتركة و تقاسم المكاسب و مواجهة المخاطر. لا ينبغي التغاضي عن أهمية عامل الوقت حتى تكون الشراكة مثمرة بين شعبين لم تحل المسافات دونهما و الالتقاء في أكثر من مناسبة و على أكثر من صعيد.

هشام الحاجي

رأي| تونس والمملكة العربية السعودية.. ماذا بعد نجاح اللجنة المشتركة؟

 

تركت فعاليات الدورة الحادية عشر للجنة التونسية- السعودية المشتركة التي انعقدت الأسبوع الماضي انطباعات إيجابية. فقد تحول الوفد السعودي إلى تونس معززا بعدد كبير من رجال الأعمال و في تركيبته عدد من الوزراء و هو ما يعكس إلى جانب الجدية الأهمية التي يوليها الأشقاء السعوديون لتونس. و لا شك أن إمضاء سبع مذكرات تفاهم يعكس هذا الإهتمام و أيضا أن الجانب التونسي قد استعد بشكل جيد للاجتماع الذي انعقد في سياق عربي رسمي سمته البارزة تفكك العلاقات و ضعف الشعور بالمصير العربي المشترك. قد تكون لتونس و للمملكة العربية السعودية مقاربات و مواقف مختلفة من بعض القضايا و لكن السياسة الناجعة هي التي تغلب نقاط الالتقاء و تبحث عن تعزيز القواسم المشتركة و هو كان حاضرا في إنعقاد اللجنة التونسية- السعودية المشتركة.

 هناك عمق تاريخي للعلاقة بين تونس و الرياض يعود إلى زمن المرحلة الحاسمة من النضال الوطني ضد الإستعمار الفرنسي حيث وجد الزعيم الحبيب بورقيبة في الراحل فيصل بن عبد العزيز ناصحا و داعما . و تواصلت العلاقة بعد استقلال تونس و تجسدت في استثمارات سعودية في تونس قد تكون دون المأمول و لكنها كانت دائما استثمارات نوعية و يكفي التذكير هنا باستصلاح بحيرة تونس الذي غير نحو الأفضل وجه تونس العاصمة. و كان للمتعاونين التونسيين دور في تطوير عدة قطاعات في المملكة العربية السعودية. و مما يحسب للعلاقات بين تونس و الرياض أنها قامت على الإحترام المتبادل و لم تسقط في متاهة ردود الفعل المتشنجة حتى حين كانت مواقف البلدين على طرفي نقيض كما كان الحال في حرب الخليج الأولى سنة 1990. و هذه الخلفية مهمة جدا من أجل الإسراع بتفعيل مذكرات التفاهم التي تمثل من الناحية القانونية ما يشبه إعلان النوايا الذي يحتاج إلى برامج و إتفاقيات ملزمة و إلى الإسراع بتذليل عقبات الترهل الإداري و القانوني في تونس و التي تحول لحد الان دون تنفيذ مشاريع تمولها المملكة العربية السعودية. 

هناك مجال آخر من المهم التفكير اثرائه و هو التقارب الإنساني و الثقافي بين الشعبين الشقيقين خاصة و أن كلاهما يعيش مرحلة مهمة في تاريخه لأنه يواجه واقعا غير مسبوق و تحديات مستجدة. واضح أن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى دور أهم عربيا و إقليميا و أنها دخلت مرحلة تنويع الشراكات و الإعداد لعصر ما بعد النفط و أنه بإمكانها أن تفيد تونس و أن تستفيد منها في عدة مجالات من خلال رؤية تستند إلى عوامل الإنتماء المشترك لتقيم علاقات قوامها البحث عن المصلحة المشتركة و تقاسم المكاسب و مواجهة المخاطر. لا ينبغي التغاضي عن أهمية عامل الوقت حتى تكون الشراكة مثمرة بين شعبين لم تحل المسافات دونهما و الالتقاء في أكثر من مناسبة و على أكثر من صعيد.

هشام الحاجي