إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من تصميم مهندس شهير أعماله على لائحة التراث العالمي.. تظاهرة شاملة حول "فيلا بيزو" الجوهرة المعمارية بقرطاج

 

 

- معارض وملتقيات علمية دولية في البرنامج ومبادرات لتسليط الضوء على الإرث المعماري في تونس

- محطة أولى تعرف بذخائر البلاد المعمارية المنتشرة في اغلب جهات البلاد

- "السكن الجماعي" فكرة بنى عليها مصمم "فيلا بيزو" بقرطاج، المهندس المعماري لوكربيزيي، أغلب مسيرته

تونس- الصباح

" فيلا بيزو" Villa Baizeau" هي الإنجاز الوحيد للمهندس العالمي الفرنسي من أصل سويسري" لوكوربيزيي " Le Corbusier " في تونس وفي إفريقيا. هي عبارة عن جوهرة معمارية بشهادة المهندسين المعماريين المهتمين بالتراث المعماري والتعمير في تونس. يعود تاريخ هذه البناية المطلة على البحر وتقع في حي "سانت مونيك" بقرطاج وهي ملحقة بقصر الجمهورية بقرطاج منذ تأميمها، إلى الثلاثينات بالقرن الماضي.

وقد صممها المهندس المعماري لوكربيزيي الذي صنفت أعماله على لائحة التراث العالمي منذ 2016 وقد اشتهر بتجديده لفن المعمار وخاصة بمفهومه للسكن الجماعي (مجمع سكني يجمع كل المرافق) وهو وفق العديد من المختصين يعتبر احد ابرز وجوه حركة الحداثة في مجال الهندسة المعمارية بفضل ابتكاراته وأفكاره في عالم البناء والتعمير التي دونها البعض منها في كتب متخصصة لعل أشهرها " مدافع وذخائر؟ شكرا. مساكن.. لو سمحتم".

وإذا ما علمنا ان لكوربيزيي كان من المناهضين للحرب ومن المدافعين على فكرة الإقبال على الحياة، نفهم لماذا اختار هذا العنوان لكتابه الذي يعتبر موقفا من الحرب العالمية الثانية التي هدمت أسس الحياة في العالم. ونشير في هذا السياق إلى أن أفكار لوكربيزيي في مجال العمارة كانت أيضا محكومة بالرغبة في وجود حلول لمشاكل السكن التي طفت في أوروبا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وهو وراء فكرة البساطة في البناء وتيسير الحياة داخل المجمعات السكنية دون أن يرفض البناءات الفارهة والفخامة.

كانت "فيلا بيزو" التي تعتبر من بين روائع لوكربيزيي ومساعده "بيير جانيريPierre Jeanneret"في البداية على ملك عائلة "لوسيان بيزو" Lucien Baizeau " الذي كان حينها مستقرا في تونس وشيدها بناء على تصميم للمهندس الشهير الذي استجاب لمطالب صاحبها في جعلها تنسجم مع خصوصيات المناخ المتوسطي وخاصة بشبابيكها المفتوحة على البحر والشرفات الواسعة وقد أنجز المهندس تصميمه بناء على طبيعة المنطقة حيث وضع نظام تهوئة طبيعي للمنزل يصل إلى كل مقاسمه (يسمح بتسرب أشعة الشمس مع الوقاية منها في نفس الوقت) وصمم الغرف بأسلوب جميل منح البناية هوية خاصة متوسطية بالأساس مع لمسة فنية معاصرة.

ولعلنا نشير بالمناسبة إلى أن المهندس المعماري لوكربيزيي( 1887- 1965) كان الى جانب تخصصه الهندسي رساما ونحاتا ومهندس ديكور أيضا وكاتبا وهو ما يفسر سر تعدد زوايا النظر بالنسبة له وغزارة الأفكار والقدرة على المبادرة. مع العلم انه إضافة إلى تسجيل اعماله ( حوالي 17 معلما هندسيا ومعماريا) على لائحة التراث العالمي، تم الإعلان في 2019 عن مبادرة تكريمية له تتمثل في إحداث مسلك ثقافي أوروبي يحمل اسمه.

انطلقت عملية البناء سنة 1929 لتنتهي في 1930. وقد توارثت العائلة الفرنسية" فيلا بيزو" الى حدود سنة 1961 حيث تحولت الملكية الى الدولة التونسية التي الحقتها بقصر الجمهورية بقرطاج خاصة وأنها تقع بمحاذاة القصر وهي غير مفتوحة للجمهور.

وتنطلق قريبا ببادرة من المهندسة المعمارية شاشا عطا الله بالتعاون مع مركز الفن المعاصر بتونس" لابواتLa Boite " تظاهرة شاملة تسلط الضوء على "فيلا بيزو " وتكون ضربة البداية يوم 15 جانفي القادم. وتنبع هذه الرغبة وفق المنظمين في تسليط الضوء على هذه البناية التي دخلت في تراث تونس المعماري من الحرص على تثمين هذا الإرث وتناوله بالدرس والوقوف على ابرز خصوصياته وخاصة على طابعه المعماري المتفرد.

ويتضمن البرنامج معرضا بعنوان : فيلا بيزو بقرطاج: أخبار الهندسة المعمارية البسيطة وذلك برواق 32 مكرّر وسط العاصمة ويفتتح المعرض على الساعة الخامسة والنصف مساء ويكون الحدث مسبوقا بمداخلة علمية ويتكون المعرض من صور حول فيلا بيزو وأمثلة تقدم فكرة عن طابعها المعماري وخصوصياتها الجمالية وتاريخها، مع العلم أن المعرض يتواصل إلى 15 ماي القادم.

وينتظم في إطار التظاهرة التعريفية من 16 إلى 19 جانفي 2024، ملتقى دوليا بعنوان: توضيحات حول السكن الجماعي المعاصر.

ويشارك في هذا الملتقى الدولي وفق المنظمين عدد هام من المهندسين المعماريين والباحثين في مجال العمارة والتعمير من عدة دول إلى جانب التونسيين وتركز المداخلات حول السكن الجماعي وارث لوكربيزيي في المجال.

وتحتضن كنيسة المعهد العالي للدراسات التجارية بقرطاج بداية من 16 جانفي معرضا في نفس الإطار بعنوان: "وحدها الآثار باقية "ويتواصل إلى غاية 16 مارس وتنظم خلاله زيارة خيالية إلى " فيلا بيزو". كما تنتظم على هامش التظاهرة مبادرات تهدف إلى التعريف بخصوصيات الهندسة المعمارية في تونس والتراث المعماري بالبلاد.

جدير بالذكر أن شاشا عطا الله هي من مواليد قرطاج (1983) وهي حاصلة على شهادتها في الهندسة المعمارية من الجامعة الفرنسية وخاضت عدة تجارب مهنية بالخارج قبل ان تستقر في العمل بتونس وتتعاون بالخصوص مع المهندسة المعمارية كاترين فليري التي مكنهما تعاونهما من إقامة عدة مشاريع معمارية بين تونس وفرنسا.

وإذ تعتبر التظاهرة التي تقام قريبا حول "فيلا بيزو" بقرطاج فرصة نادرة للتعرف على خصوصيات معلم معماري استثنائي في بلادنا، فإنها يمكن أن تكون منطلقا لسلسلة من المبادرات المماثلة التي تركز على خصوصيات المعمار في تونس، الحديث والمعاصر، التي تبقى التظاهرات حوله قليلة جدا، وذلك رغم ان تونس تزخر بجواهر معمارية استثنائية في العديد من المناطق وليس في قرطاج فحسب.

حياة السايب

 

 

 من تصميم مهندس شهير أعماله على لائحة التراث العالمي..   تظاهرة شاملة حول "فيلا بيزو" الجوهرة المعمارية بقرطاج

 

 

- معارض وملتقيات علمية دولية في البرنامج ومبادرات لتسليط الضوء على الإرث المعماري في تونس

- محطة أولى تعرف بذخائر البلاد المعمارية المنتشرة في اغلب جهات البلاد

- "السكن الجماعي" فكرة بنى عليها مصمم "فيلا بيزو" بقرطاج، المهندس المعماري لوكربيزيي، أغلب مسيرته

تونس- الصباح

" فيلا بيزو" Villa Baizeau" هي الإنجاز الوحيد للمهندس العالمي الفرنسي من أصل سويسري" لوكوربيزيي " Le Corbusier " في تونس وفي إفريقيا. هي عبارة عن جوهرة معمارية بشهادة المهندسين المعماريين المهتمين بالتراث المعماري والتعمير في تونس. يعود تاريخ هذه البناية المطلة على البحر وتقع في حي "سانت مونيك" بقرطاج وهي ملحقة بقصر الجمهورية بقرطاج منذ تأميمها، إلى الثلاثينات بالقرن الماضي.

وقد صممها المهندس المعماري لوكربيزيي الذي صنفت أعماله على لائحة التراث العالمي منذ 2016 وقد اشتهر بتجديده لفن المعمار وخاصة بمفهومه للسكن الجماعي (مجمع سكني يجمع كل المرافق) وهو وفق العديد من المختصين يعتبر احد ابرز وجوه حركة الحداثة في مجال الهندسة المعمارية بفضل ابتكاراته وأفكاره في عالم البناء والتعمير التي دونها البعض منها في كتب متخصصة لعل أشهرها " مدافع وذخائر؟ شكرا. مساكن.. لو سمحتم".

وإذا ما علمنا ان لكوربيزيي كان من المناهضين للحرب ومن المدافعين على فكرة الإقبال على الحياة، نفهم لماذا اختار هذا العنوان لكتابه الذي يعتبر موقفا من الحرب العالمية الثانية التي هدمت أسس الحياة في العالم. ونشير في هذا السياق إلى أن أفكار لوكربيزيي في مجال العمارة كانت أيضا محكومة بالرغبة في وجود حلول لمشاكل السكن التي طفت في أوروبا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وهو وراء فكرة البساطة في البناء وتيسير الحياة داخل المجمعات السكنية دون أن يرفض البناءات الفارهة والفخامة.

كانت "فيلا بيزو" التي تعتبر من بين روائع لوكربيزيي ومساعده "بيير جانيريPierre Jeanneret"في البداية على ملك عائلة "لوسيان بيزو" Lucien Baizeau " الذي كان حينها مستقرا في تونس وشيدها بناء على تصميم للمهندس الشهير الذي استجاب لمطالب صاحبها في جعلها تنسجم مع خصوصيات المناخ المتوسطي وخاصة بشبابيكها المفتوحة على البحر والشرفات الواسعة وقد أنجز المهندس تصميمه بناء على طبيعة المنطقة حيث وضع نظام تهوئة طبيعي للمنزل يصل إلى كل مقاسمه (يسمح بتسرب أشعة الشمس مع الوقاية منها في نفس الوقت) وصمم الغرف بأسلوب جميل منح البناية هوية خاصة متوسطية بالأساس مع لمسة فنية معاصرة.

ولعلنا نشير بالمناسبة إلى أن المهندس المعماري لوكربيزيي( 1887- 1965) كان الى جانب تخصصه الهندسي رساما ونحاتا ومهندس ديكور أيضا وكاتبا وهو ما يفسر سر تعدد زوايا النظر بالنسبة له وغزارة الأفكار والقدرة على المبادرة. مع العلم انه إضافة إلى تسجيل اعماله ( حوالي 17 معلما هندسيا ومعماريا) على لائحة التراث العالمي، تم الإعلان في 2019 عن مبادرة تكريمية له تتمثل في إحداث مسلك ثقافي أوروبي يحمل اسمه.

انطلقت عملية البناء سنة 1929 لتنتهي في 1930. وقد توارثت العائلة الفرنسية" فيلا بيزو" الى حدود سنة 1961 حيث تحولت الملكية الى الدولة التونسية التي الحقتها بقصر الجمهورية بقرطاج خاصة وأنها تقع بمحاذاة القصر وهي غير مفتوحة للجمهور.

وتنطلق قريبا ببادرة من المهندسة المعمارية شاشا عطا الله بالتعاون مع مركز الفن المعاصر بتونس" لابواتLa Boite " تظاهرة شاملة تسلط الضوء على "فيلا بيزو " وتكون ضربة البداية يوم 15 جانفي القادم. وتنبع هذه الرغبة وفق المنظمين في تسليط الضوء على هذه البناية التي دخلت في تراث تونس المعماري من الحرص على تثمين هذا الإرث وتناوله بالدرس والوقوف على ابرز خصوصياته وخاصة على طابعه المعماري المتفرد.

ويتضمن البرنامج معرضا بعنوان : فيلا بيزو بقرطاج: أخبار الهندسة المعمارية البسيطة وذلك برواق 32 مكرّر وسط العاصمة ويفتتح المعرض على الساعة الخامسة والنصف مساء ويكون الحدث مسبوقا بمداخلة علمية ويتكون المعرض من صور حول فيلا بيزو وأمثلة تقدم فكرة عن طابعها المعماري وخصوصياتها الجمالية وتاريخها، مع العلم أن المعرض يتواصل إلى 15 ماي القادم.

وينتظم في إطار التظاهرة التعريفية من 16 إلى 19 جانفي 2024، ملتقى دوليا بعنوان: توضيحات حول السكن الجماعي المعاصر.

ويشارك في هذا الملتقى الدولي وفق المنظمين عدد هام من المهندسين المعماريين والباحثين في مجال العمارة والتعمير من عدة دول إلى جانب التونسيين وتركز المداخلات حول السكن الجماعي وارث لوكربيزيي في المجال.

وتحتضن كنيسة المعهد العالي للدراسات التجارية بقرطاج بداية من 16 جانفي معرضا في نفس الإطار بعنوان: "وحدها الآثار باقية "ويتواصل إلى غاية 16 مارس وتنظم خلاله زيارة خيالية إلى " فيلا بيزو". كما تنتظم على هامش التظاهرة مبادرات تهدف إلى التعريف بخصوصيات الهندسة المعمارية في تونس والتراث المعماري بالبلاد.

جدير بالذكر أن شاشا عطا الله هي من مواليد قرطاج (1983) وهي حاصلة على شهادتها في الهندسة المعمارية من الجامعة الفرنسية وخاضت عدة تجارب مهنية بالخارج قبل ان تستقر في العمل بتونس وتتعاون بالخصوص مع المهندسة المعمارية كاترين فليري التي مكنهما تعاونهما من إقامة عدة مشاريع معمارية بين تونس وفرنسا.

وإذ تعتبر التظاهرة التي تقام قريبا حول "فيلا بيزو" بقرطاج فرصة نادرة للتعرف على خصوصيات معلم معماري استثنائي في بلادنا، فإنها يمكن أن تكون منطلقا لسلسلة من المبادرات المماثلة التي تركز على خصوصيات المعمار في تونس، الحديث والمعاصر، التي تبقى التظاهرات حوله قليلة جدا، وذلك رغم ان تونس تزخر بجواهر معمارية استثنائية في العديد من المناطق وليس في قرطاج فحسب.

حياة السايب