نريد قرارا أمميا واحدا لوقف الحرب كليا ووقف عمليات التطهير العرقي وإخراج الشعب الفلسطيني من دوامة الموت وإرهاب العدو
---------
بقلم:عمر حلمي الغول(*)
لا شبه بين قرار مجلس الامن الدولي الصادر اول الجمعة 22 ديسمبر تحت الرقم 2720 منزوع الدسم، الذي لم يتضمن نصا واضحا وحاسما بوقف الحرب فورا على قطاع غزة، والقرار الدولي الصادر قبل سبع سنوات في ذات اليوم 23 ديسمبر 2016 تحت الرقم 2334، الذي حدد حدود الدولة الفلسطينية ومحددات الحل السياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والذي جاء ردا على رفض حكومة نتنياهو آنذاك المسار السياسي، الذي فتحته إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما.
مما لا شك فيه، ان القرار الجديد حمل بعض النقاط الإيجابية في زيادة المساعدات الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتعيين منسق دولي يعينه الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيرش للاشراف الفوري على مراقبة ادخال تلك المساعدات، وتقديم تقارير عن انتهاكات إسرائيل للقرار الدولي، كما انه لم يتضمن اتهاما لأي طرف فلسطيني ب"الإرهاب". ولكن القرار جردته مندوبة واشنطن، غرينفيلد من اهم نقطة، كان يفترض ان يتضمنها، وهي وقف حرب الإبادة فورا، التي مضى عليها 86 يوما حتى الان، وبعد سقوط ما يزيد عن 21 الفا من الشهداء، وقرابة الـ55 الفا من الجرحى، وتدمير غير مسبوق في تاريخ البشرية المعاصر للوحدات السكنية واستباحة المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والبنى التحتية، وفرض العقاب الجماعي، وتقنين دخول المساعدات الإنسانية المعروفة. أضف الى ان الصيغة الجديدة للقرار ساوت بين الضحية الفلسطينية والجلاد الإسرائيلي، عندما تضمن صيغة "طرفي النزاع"، وكأن هناك جيشين متحاربين، مع ان الحقيقة الماثلة للعيان تؤكد ان هناك حرب عالمية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية مع حلفائها الغربيين الأوروبيين والجيش الإسرائيلي المجوقل بأسلحة الدمار الشامل على الشعب الفلسطيني الأعزل.
كما ان القرار 2720 لا يتضمن آلية ملزمة لتنفيذه، أضف الى ان الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت عليه بعد ان أدخلت سلسلة طويلة من التعديلات، وأجلت تمريره 7 مرات، مما بهت مضامينه السياسية والقانونية والإنسانية، وأفقده اية قيمة، وعمليا أبقت الباب مفتوحا لادامة قصف أبناء الشعب الفلسطيني بكل أنواع القنابل الذكية والغبية من الجو والبر والبحر من قبل إسرائيل والولايات المتحدة والمرتزقة من الجيوش والدول المختلفة المشاركة معها في حرب الإبادة.
ورغم تفهمي النسبي لاعتبار الدول المصوتة عليه، بانه يشكل خطوة للأمام نحو وقف الحرب لاحقا، الا أني لا افهم، ولا استوعب كيف ستشكل مثل هذه الخطوة وقف الحرب؟ وما هي المعايير التي استند لها، الذين يمنون النفس بالوصول لوقف الحرب الهمجية؟ ومتى يمكن ان يكون ذلك؟ هل هناك روزنامة زمنية محددة تضمنها القرار لبلوغ ذلك الهدف، ام سيبقى الباب مفتوحا حتى يصل عدد الشهداء الفلسطينيين لـ50 الفا والجرحى لـ100 الف، والتدمير حتى جعل مدن ومخيمات وقرى محافظات غزة بساطا او سجادة خالية من اية معالم مدنية؟ وهل إسرائيل ستلتزم به، التي أعلنت مباشرة بعد التصويت على القرار في مجلس الامن عدم التزامها به، وانها ستواصل حرب الإبادة على القطاع؟ وهل ستقبل حكومة الحرب الإسرائيلية بدور المنسق الاممي، اذا كانت تحارب وترفض مواقف الأمين العام غوتيرش نفسه؟ وهل الشعب الفلسطيني مجرد جامع للقرارات الأممية؟ هل نحن كما هواة جمع الطوابع البريدية او الصور التذكارية او غيرها من الهوايات المعروفة؟
الشعب العربي الفلسطيني ليس من هواة جمع القرارات الدولية، نريد قرارا امميا واحدا لوقف الحرب كليا، ووقف عمليات التطهير العرقي، وإخراج الشعب من دوامة الموت وإرهاب العدو الصهيو أميركي، والذهاب للحل السياسي الممكن والمقبول دوليا، وهو تطبيق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من جوان 1967، والافراج الفوري عن اسرى الحرب من الطرفين على أساس مبدأ "الكل مقابل الكل" لتبيض السجون والمعتقلات، والعيش بسلام في دولة مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان عودة اللاجئين لديارهم وفق القرار الاممي 194.
نعم المعادلات الدولية ليست على مقاس الشعب الفلسطيني، ولا حتى على مقاس الأقطاب والدول كافة، طالما الولايات المتحدة وحلفائها يستخدمون حق النقض الفيتو، ولكن امامنا خيار مواصلة النضال الوطني حتى نتمكن من كسر الفيتو الأمريكي، الذي أفقد الهيئة الأممية الأولى، مجلس الامن من دوره في حماية الشعوب الضعيفة والمنكوبة بالاستعمار والظلم التاريخي، وعلينا تعرية القطب الأمريكي المتوحش امام العالم، والاستفادة من تصاعد دعم الرأي العام الأمريكي والدولي للقضية والشعب الفلسطيني.
بالنتيجة القرار 2720 لم يرق لمستوى المسؤولية الدولية، ولا ينسجم مع القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية ولا مع القوانين الإنسانية الدولية، وترك الباب مفتوحا على مصاريعه لاستباحة وادماء الشعب العربي الفلسطيني، الامر الذي يفرض على صانع القرار الفلسطيني إعادة نظر في التعامل مع مثل هذه القرارات بما يستجيب لمصالح وثوابت الشعب.
*كاتب فلسطيني
نريد قرارا أمميا واحدا لوقف الحرب كليا ووقف عمليات التطهير العرقي وإخراج الشعب الفلسطيني من دوامة الموت وإرهاب العدو
---------
بقلم:عمر حلمي الغول(*)
لا شبه بين قرار مجلس الامن الدولي الصادر اول الجمعة 22 ديسمبر تحت الرقم 2720 منزوع الدسم، الذي لم يتضمن نصا واضحا وحاسما بوقف الحرب فورا على قطاع غزة، والقرار الدولي الصادر قبل سبع سنوات في ذات اليوم 23 ديسمبر 2016 تحت الرقم 2334، الذي حدد حدود الدولة الفلسطينية ومحددات الحل السياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والذي جاء ردا على رفض حكومة نتنياهو آنذاك المسار السياسي، الذي فتحته إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما.
مما لا شك فيه، ان القرار الجديد حمل بعض النقاط الإيجابية في زيادة المساعدات الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتعيين منسق دولي يعينه الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيرش للاشراف الفوري على مراقبة ادخال تلك المساعدات، وتقديم تقارير عن انتهاكات إسرائيل للقرار الدولي، كما انه لم يتضمن اتهاما لأي طرف فلسطيني ب"الإرهاب". ولكن القرار جردته مندوبة واشنطن، غرينفيلد من اهم نقطة، كان يفترض ان يتضمنها، وهي وقف حرب الإبادة فورا، التي مضى عليها 86 يوما حتى الان، وبعد سقوط ما يزيد عن 21 الفا من الشهداء، وقرابة الـ55 الفا من الجرحى، وتدمير غير مسبوق في تاريخ البشرية المعاصر للوحدات السكنية واستباحة المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والبنى التحتية، وفرض العقاب الجماعي، وتقنين دخول المساعدات الإنسانية المعروفة. أضف الى ان الصيغة الجديدة للقرار ساوت بين الضحية الفلسطينية والجلاد الإسرائيلي، عندما تضمن صيغة "طرفي النزاع"، وكأن هناك جيشين متحاربين، مع ان الحقيقة الماثلة للعيان تؤكد ان هناك حرب عالمية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية مع حلفائها الغربيين الأوروبيين والجيش الإسرائيلي المجوقل بأسلحة الدمار الشامل على الشعب الفلسطيني الأعزل.
كما ان القرار 2720 لا يتضمن آلية ملزمة لتنفيذه، أضف الى ان الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت عليه بعد ان أدخلت سلسلة طويلة من التعديلات، وأجلت تمريره 7 مرات، مما بهت مضامينه السياسية والقانونية والإنسانية، وأفقده اية قيمة، وعمليا أبقت الباب مفتوحا لادامة قصف أبناء الشعب الفلسطيني بكل أنواع القنابل الذكية والغبية من الجو والبر والبحر من قبل إسرائيل والولايات المتحدة والمرتزقة من الجيوش والدول المختلفة المشاركة معها في حرب الإبادة.
ورغم تفهمي النسبي لاعتبار الدول المصوتة عليه، بانه يشكل خطوة للأمام نحو وقف الحرب لاحقا، الا أني لا افهم، ولا استوعب كيف ستشكل مثل هذه الخطوة وقف الحرب؟ وما هي المعايير التي استند لها، الذين يمنون النفس بالوصول لوقف الحرب الهمجية؟ ومتى يمكن ان يكون ذلك؟ هل هناك روزنامة زمنية محددة تضمنها القرار لبلوغ ذلك الهدف، ام سيبقى الباب مفتوحا حتى يصل عدد الشهداء الفلسطينيين لـ50 الفا والجرحى لـ100 الف، والتدمير حتى جعل مدن ومخيمات وقرى محافظات غزة بساطا او سجادة خالية من اية معالم مدنية؟ وهل إسرائيل ستلتزم به، التي أعلنت مباشرة بعد التصويت على القرار في مجلس الامن عدم التزامها به، وانها ستواصل حرب الإبادة على القطاع؟ وهل ستقبل حكومة الحرب الإسرائيلية بدور المنسق الاممي، اذا كانت تحارب وترفض مواقف الأمين العام غوتيرش نفسه؟ وهل الشعب الفلسطيني مجرد جامع للقرارات الأممية؟ هل نحن كما هواة جمع الطوابع البريدية او الصور التذكارية او غيرها من الهوايات المعروفة؟
الشعب العربي الفلسطيني ليس من هواة جمع القرارات الدولية، نريد قرارا امميا واحدا لوقف الحرب كليا، ووقف عمليات التطهير العرقي، وإخراج الشعب من دوامة الموت وإرهاب العدو الصهيو أميركي، والذهاب للحل السياسي الممكن والمقبول دوليا، وهو تطبيق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من جوان 1967، والافراج الفوري عن اسرى الحرب من الطرفين على أساس مبدأ "الكل مقابل الكل" لتبيض السجون والمعتقلات، والعيش بسلام في دولة مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان عودة اللاجئين لديارهم وفق القرار الاممي 194.
نعم المعادلات الدولية ليست على مقاس الشعب الفلسطيني، ولا حتى على مقاس الأقطاب والدول كافة، طالما الولايات المتحدة وحلفائها يستخدمون حق النقض الفيتو، ولكن امامنا خيار مواصلة النضال الوطني حتى نتمكن من كسر الفيتو الأمريكي، الذي أفقد الهيئة الأممية الأولى، مجلس الامن من دوره في حماية الشعوب الضعيفة والمنكوبة بالاستعمار والظلم التاريخي، وعلينا تعرية القطب الأمريكي المتوحش امام العالم، والاستفادة من تصاعد دعم الرأي العام الأمريكي والدولي للقضية والشعب الفلسطيني.
بالنتيجة القرار 2720 لم يرق لمستوى المسؤولية الدولية، ولا ينسجم مع القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية ولا مع القوانين الإنسانية الدولية، وترك الباب مفتوحا على مصاريعه لاستباحة وادماء الشعب العربي الفلسطيني، الامر الذي يفرض على صانع القرار الفلسطيني إعادة نظر في التعامل مع مثل هذه القرارات بما يستجيب لمصالح وثوابت الشعب.