إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التقرير الوطني حول الطفولة بتونس.. الطيور تزقزق و السماء زرقاء !!

 

 

تقرير لم يلامس المشاكل الحقيقية والأخطار المؤكدة المحدقة بالأطفال وغرق في الشعارات

بقلم: ريم بالخذيري

لاشكّ أنّ الطفولة في تونس تعدّ من الفئات الهشة التي لم تنجح ترسانة القوانين الحامية لها في حمايتها كما أن دمجها في وزارة ذات الأربع اختصاصات (الأسرة والمرأة وكبار السن ) قد أضرّها كثيرا حيث الأولى ادماجها مع وزارة الشباب وزارة خاصة تكون سيادية وذات أولوية وترصد لها أكبر الاعتمادات لأنها ستكون صمّام المستقبل. ودمج وزارة الرياضة مع الثقافة.

أمّا والوضعية على ما هي عليه فلن يكون بالإمكان صنع جيل يمكن ائتمانه على هذا الوطن.

الوزارة الحالية كغيرها من الوزارات، رغم العمل الذي تقوم به، تشتت جهودها بين الاختصاصات آنفة الذكر وهي لا تستطيع أن تضع الخطط الاستراتيجية الخاصة بالنهوض بالطفولة و تحلّ الإشكاليات العالقة لأنه ليس لها تدخل في كل مجالات الطفولة وهي عادة ما لاتضع في الاعتبارضمن اختصاصها كون الطفل تلميذ ولا يتم الإشارة الى ذلك سوى في التقارير الدورية التي تصدرها .والأصل في الأشياء أن تكون لها سلطة رقابية على المدارس والمعاهد كالتي لها على رياض الأطفال.

وهذا ما يجعل وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن تغرق في النظري وفي الندوات وفي البرامج الجديدة بعدما وجدت نفسها مكبلة في خطط الإصلاح. وهو ما نستشفه في التقرير الحديث عن واقع الطفولة في تونس لسنة 2022 حيث جاء محمّلا بالأرقام ومحشوّ بالإنجازات . ويمكن ملاحظة هامة حكمته وهو التأكيد على تراجع السلبيات وارتفاع الإيجابيات وهذا ما أفقده الجانب العلمي والبعد الاستشرافي.

 التقرير المذكور لم يلامس المشاكل الحقيقية والأخطار المؤكدة المحدقة بالأطفال وغرق بالتالي في الشعارات من خلال ما سمّي بالرهانات الوطنيّة الأربعة وهي كما ورد في التقرير تتعلّق أولا بجودة الحياة والصّحّة الشّاملة وثانيا بسدّ الفجوة التّربويّة بين الجهات في مجال الطّفولة المبكّرة وثالثا بتطوير الرّعاية والحماية المؤسّسيّة والمجتمعيّة ورابعا بالمراهنة على ثقافة دامجة للأطفال في كلّ الأوساط.

لكن كيف ؟ وبأية آليات واعتمادات ؟ فهذا ما سكت عنه التقرير.

ملخّص التقريرالذي أريد له أن يكون إيجابيا لم يجب عن هذه الأسئلة وجاء فيه:

*تراجع في نسب وضع الانقطاع المدرسي في مراحل الابتدائي والإعدادي والثانوي.

*ارتفاع في عدد الأطفال المنتفعين بالتعهّد والحماية والتنشيط التربوي والثقافي والشبابي.

*نسبة التمدرس تبلغ 99.6 % ونسبة التربية ما قبل المدرسيّة تقدّر بـ50 %

*إسهام القطاع العمومي في رياض الأطفال ارتفع من 6 % إلى 7.5 %

* تمّ تسجيل إعارة 1287593 كتابا لفائدة الأطفال.

ولم يتمّ الإشارة فيه الى أسباب الانقطاع المدرسي وكيفية تفادي ذلك ومدى التنسيق مع وزارة التربية في هذاالاطار. حيث أن هذه الظاهرة تتناولها كلا الوزارتين بصيغ مختلفة دون التوصل الى فهم أسبابها ليسهل معالجتها واكتفى بسرد الأرقام التي كانت مفجعة خلال السنة التربوية 2022/2023 في جميع المراحل التعليميّة وقد بلغت نسبة 5,5 % أي ما يُعادل 106895 تلميذا موزّعة بين 0.7 % في المرحلة الابتدائيّة من مجموع المتمدرسين و10.2 % في المرحلة الإعداديّة من المتمدرسين و8.9 % في المرحلة الثّانوية.

كما لم تتمّ الإشارة في التقرير الى الطفولة الجانحة والتي أصبحت تمثل خطرا حقيقيا على المجتمع حيث تشير نسب غير رسمية الى أن أكثر من 60بالمائة مثلا من السرقات و"البراكاجات" يقوم بها أطفال بين 15و17سنة .كما سكت التقرير عن العنف المسلط على الأطفال سواء كان داخل الأسرة أو في الفضاءات التربوية و الذي بلغ حدا لا يطاق يحتّم تغيير التشريعات في الاطار لمزيد حماية الأطفال حتى من ذويهم حيث أن نسبية 65%من الاعتداءات تتم داخل الأسر.

كما جاء التقرير خاويا من كل برامج وإجراءات واضحة لفائدة الأطفال بل رأينا فيه حشوا بأرقام ليست من اختصاص الوزارة أصلا من قبيل نسب الرضاعة الطبيعية في الريف والمدينة وكان ضمن النقطة الأولى في التقرير حيث نصت على"الحفاظ النّسبي على تقاليد الرّضاعة الطّبيعيّة بتونس حيث ترتفع هذه النّسبة في الوسط الرّيفي لتبلغ 16,3% مقابل 12,1% في الوسط الحضري وعلى مستوى عال للتغطية بالتّلاقيح يتراوح بين 95% و100% حسب صنف التّلقيح بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و23 شهرًا و24 و35 شهرًا".

تقرير مبتور غير تشاركي

السيدة الوزيرة في تقديمها للتقرير قالت "أن هذا التّقرير الوطني يندرج في إطار ايفاء تونس بالتزاماتها تجاه الطّفولة طبقا لمقتضيات الدّستور والمعاهدات والاتّفاقيّات الدّوليّة، وأنه يمثّل آليّة هامّة لرصد تطوّر واقع الطّفولة وإبراز المُنجز لفائدتها وتبيان الرّهانات المطروحة والمساعدة على توجيه السّياسات العموميّة بما يتماشى مع المتطلّبات الحقيقيّة للأطفال عموما وللأطفال بالوسطين الرّيفي وشبه الرّيفي خصوصا".

مضيفة "أنّ هذا التقرير استند، وللمرّة الأولى وطنيّا، إلى مقاربة جديدة لاستقراء وضع الطّفولة بتونس باعتماد مقاربة الأطفال في الوسط الرّيفي، مبيّنة أن هذا الخيار يؤكد حرص الدولة التونسيّة على إعلاء مبدأ تكافؤ الفرص بين أطفال تونس سدّ الفجوات بين الوسطين الرّيفي والحضري وتكريس مبدأ التّمييز الإيجابي لفائدة المناطق ذات الأولويّة".

وهي مقاربة كلاسيكية تنظر الى الريف وأطفاله ونسائه على أنهم حالات خاصة معزولة عن أطفال المدن في اطار ما يسمى بالتمييز الإيجابي وهي النظرية التي أسقطتها الثورة التكنولوجية الحديثة حيث لم يعد ثمة فرق بين سكان الجهات وأن الذي يصنع الفارق هو حجم الاستثمارات وبالتالي فالمقاربة المعتمدة في التقرير مبتورة باعتقادنا.

السيّدة الوزيرة توجهت بالشكر إلى مرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل بجزيل الشكر "للمجهودات المبذولة باعتبار ندرة المعطيات ذات الصلة بمتغيّر الوسط." وهي المصادر التي اعتمدت في صياغة هذا التقرير والخطأ هو استبعاد الجمعيات والمنظمات ذات الصلة بالطفولة من المساهمة في اعداد هذا التقرير وهي الأدرى والأقدر على الإلمام بالواقع الحقيقي لأطفال تونس.

نجددّ القول أنه آن الأوان إلى إلحاق الطفولة بوزارة الشباب بدل حشر الأطفال بين المسنين وتلخيص الشباب في الرياضة .التي يمكن أن تشكل وزارة الثقافة والرياضة.

 

 

 

التقرير الوطني حول الطفولة بتونس.. الطيور تزقزق و السماء زرقاء !!

 

 

تقرير لم يلامس المشاكل الحقيقية والأخطار المؤكدة المحدقة بالأطفال وغرق في الشعارات

بقلم: ريم بالخذيري

لاشكّ أنّ الطفولة في تونس تعدّ من الفئات الهشة التي لم تنجح ترسانة القوانين الحامية لها في حمايتها كما أن دمجها في وزارة ذات الأربع اختصاصات (الأسرة والمرأة وكبار السن ) قد أضرّها كثيرا حيث الأولى ادماجها مع وزارة الشباب وزارة خاصة تكون سيادية وذات أولوية وترصد لها أكبر الاعتمادات لأنها ستكون صمّام المستقبل. ودمج وزارة الرياضة مع الثقافة.

أمّا والوضعية على ما هي عليه فلن يكون بالإمكان صنع جيل يمكن ائتمانه على هذا الوطن.

الوزارة الحالية كغيرها من الوزارات، رغم العمل الذي تقوم به، تشتت جهودها بين الاختصاصات آنفة الذكر وهي لا تستطيع أن تضع الخطط الاستراتيجية الخاصة بالنهوض بالطفولة و تحلّ الإشكاليات العالقة لأنه ليس لها تدخل في كل مجالات الطفولة وهي عادة ما لاتضع في الاعتبارضمن اختصاصها كون الطفل تلميذ ولا يتم الإشارة الى ذلك سوى في التقارير الدورية التي تصدرها .والأصل في الأشياء أن تكون لها سلطة رقابية على المدارس والمعاهد كالتي لها على رياض الأطفال.

وهذا ما يجعل وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن تغرق في النظري وفي الندوات وفي البرامج الجديدة بعدما وجدت نفسها مكبلة في خطط الإصلاح. وهو ما نستشفه في التقرير الحديث عن واقع الطفولة في تونس لسنة 2022 حيث جاء محمّلا بالأرقام ومحشوّ بالإنجازات . ويمكن ملاحظة هامة حكمته وهو التأكيد على تراجع السلبيات وارتفاع الإيجابيات وهذا ما أفقده الجانب العلمي والبعد الاستشرافي.

 التقرير المذكور لم يلامس المشاكل الحقيقية والأخطار المؤكدة المحدقة بالأطفال وغرق بالتالي في الشعارات من خلال ما سمّي بالرهانات الوطنيّة الأربعة وهي كما ورد في التقرير تتعلّق أولا بجودة الحياة والصّحّة الشّاملة وثانيا بسدّ الفجوة التّربويّة بين الجهات في مجال الطّفولة المبكّرة وثالثا بتطوير الرّعاية والحماية المؤسّسيّة والمجتمعيّة ورابعا بالمراهنة على ثقافة دامجة للأطفال في كلّ الأوساط.

لكن كيف ؟ وبأية آليات واعتمادات ؟ فهذا ما سكت عنه التقرير.

ملخّص التقريرالذي أريد له أن يكون إيجابيا لم يجب عن هذه الأسئلة وجاء فيه:

*تراجع في نسب وضع الانقطاع المدرسي في مراحل الابتدائي والإعدادي والثانوي.

*ارتفاع في عدد الأطفال المنتفعين بالتعهّد والحماية والتنشيط التربوي والثقافي والشبابي.

*نسبة التمدرس تبلغ 99.6 % ونسبة التربية ما قبل المدرسيّة تقدّر بـ50 %

*إسهام القطاع العمومي في رياض الأطفال ارتفع من 6 % إلى 7.5 %

* تمّ تسجيل إعارة 1287593 كتابا لفائدة الأطفال.

ولم يتمّ الإشارة فيه الى أسباب الانقطاع المدرسي وكيفية تفادي ذلك ومدى التنسيق مع وزارة التربية في هذاالاطار. حيث أن هذه الظاهرة تتناولها كلا الوزارتين بصيغ مختلفة دون التوصل الى فهم أسبابها ليسهل معالجتها واكتفى بسرد الأرقام التي كانت مفجعة خلال السنة التربوية 2022/2023 في جميع المراحل التعليميّة وقد بلغت نسبة 5,5 % أي ما يُعادل 106895 تلميذا موزّعة بين 0.7 % في المرحلة الابتدائيّة من مجموع المتمدرسين و10.2 % في المرحلة الإعداديّة من المتمدرسين و8.9 % في المرحلة الثّانوية.

كما لم تتمّ الإشارة في التقرير الى الطفولة الجانحة والتي أصبحت تمثل خطرا حقيقيا على المجتمع حيث تشير نسب غير رسمية الى أن أكثر من 60بالمائة مثلا من السرقات و"البراكاجات" يقوم بها أطفال بين 15و17سنة .كما سكت التقرير عن العنف المسلط على الأطفال سواء كان داخل الأسرة أو في الفضاءات التربوية و الذي بلغ حدا لا يطاق يحتّم تغيير التشريعات في الاطار لمزيد حماية الأطفال حتى من ذويهم حيث أن نسبية 65%من الاعتداءات تتم داخل الأسر.

كما جاء التقرير خاويا من كل برامج وإجراءات واضحة لفائدة الأطفال بل رأينا فيه حشوا بأرقام ليست من اختصاص الوزارة أصلا من قبيل نسب الرضاعة الطبيعية في الريف والمدينة وكان ضمن النقطة الأولى في التقرير حيث نصت على"الحفاظ النّسبي على تقاليد الرّضاعة الطّبيعيّة بتونس حيث ترتفع هذه النّسبة في الوسط الرّيفي لتبلغ 16,3% مقابل 12,1% في الوسط الحضري وعلى مستوى عال للتغطية بالتّلاقيح يتراوح بين 95% و100% حسب صنف التّلقيح بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و23 شهرًا و24 و35 شهرًا".

تقرير مبتور غير تشاركي

السيدة الوزيرة في تقديمها للتقرير قالت "أن هذا التّقرير الوطني يندرج في إطار ايفاء تونس بالتزاماتها تجاه الطّفولة طبقا لمقتضيات الدّستور والمعاهدات والاتّفاقيّات الدّوليّة، وأنه يمثّل آليّة هامّة لرصد تطوّر واقع الطّفولة وإبراز المُنجز لفائدتها وتبيان الرّهانات المطروحة والمساعدة على توجيه السّياسات العموميّة بما يتماشى مع المتطلّبات الحقيقيّة للأطفال عموما وللأطفال بالوسطين الرّيفي وشبه الرّيفي خصوصا".

مضيفة "أنّ هذا التقرير استند، وللمرّة الأولى وطنيّا، إلى مقاربة جديدة لاستقراء وضع الطّفولة بتونس باعتماد مقاربة الأطفال في الوسط الرّيفي، مبيّنة أن هذا الخيار يؤكد حرص الدولة التونسيّة على إعلاء مبدأ تكافؤ الفرص بين أطفال تونس سدّ الفجوات بين الوسطين الرّيفي والحضري وتكريس مبدأ التّمييز الإيجابي لفائدة المناطق ذات الأولويّة".

وهي مقاربة كلاسيكية تنظر الى الريف وأطفاله ونسائه على أنهم حالات خاصة معزولة عن أطفال المدن في اطار ما يسمى بالتمييز الإيجابي وهي النظرية التي أسقطتها الثورة التكنولوجية الحديثة حيث لم يعد ثمة فرق بين سكان الجهات وأن الذي يصنع الفارق هو حجم الاستثمارات وبالتالي فالمقاربة المعتمدة في التقرير مبتورة باعتقادنا.

السيّدة الوزيرة توجهت بالشكر إلى مرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل بجزيل الشكر "للمجهودات المبذولة باعتبار ندرة المعطيات ذات الصلة بمتغيّر الوسط." وهي المصادر التي اعتمدت في صياغة هذا التقرير والخطأ هو استبعاد الجمعيات والمنظمات ذات الصلة بالطفولة من المساهمة في اعداد هذا التقرير وهي الأدرى والأقدر على الإلمام بالواقع الحقيقي لأطفال تونس.

نجددّ القول أنه آن الأوان إلى إلحاق الطفولة بوزارة الشباب بدل حشر الأطفال بين المسنين وتلخيص الشباب في الرياضة .التي يمكن أن تشكل وزارة الثقافة والرياضة.