تسعى القيادة الأمنية الإسرائيلية إلى تصوير الحرب على أنها نصر عظيم رغم اتضاح صورة الانجازات الوهمية
بقلم : الحبيب الذوادي
عملية طوفان الأقصى، وفي إسرائيل عملية السيوف الحديثة كما تشير إليها بعض المصادر ، بالانتفاضة الثالثة ، أو الحرب الفلسطينية الإسرائيلية ، ويشار إليها بشكل غير رسمي باسم معركة السابع من أكتوبر 2023 ، وهي عملية عسكرية ممتدة شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، وعلى رأسها حركة حماس عبر ذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام في أول ساعات الصباح في اليوم المذكور أعلاه، وذلك ردا على الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى ، واعتداء المستوطنين الإسرائيليين على المواطنين الفلسطينيين في القدس والضفة والداخل المحتل ، وذلك عبر هجوم صاروخي واسع النطاق ، بحيث تم توجيه مئات الصواريخ صوب مختلف المستوطنات الإسرائيلية من "ديمونا" في الجنوب إلى "هودها شرون" في الشمال و"القدس" في الشرق ، و تزامن مع إطلاق هذه الصواريخ اقتحام بري من المقاومين عبر سيارات رباعية الدفع والدراجات النارية والطائرات الشراعية لإخلاء البلدات المتاخمة للقطاع من المستوطنين والتي تعرف باسم غلاف غزة حيث سيطروا على عدد من المواقع العسكرية خاصة في "سديروت"، واقتحموا "نتيفوت" وخاضوا اشتباكات عنيفة في عدة مستوطنات أخرى ، كما أسروا عددا من الجنود الإسرائيليين واقتادوهم لغزة فضلا عن إغنام مجموعة من الآليات العسكرية الإسرائيلية حينها وقد حصلت تلك العمليات بشكل مفاجئ وغير متوقع للأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية ونظيرتها الأمريكية على اثر الخلل الذي ّأصاب منظومة القبة الحديدية الدفاعية .
في التاسع من أكتوبر سنة 2023 أعلن الجيش الإسرائيلي استعادته السيطرة على جميع البلدات التي استولت عليها فصائل المقاومة الفلسطينية في غلاف غزة ،وتم على إثرها الإعلان عن فرض حصار شامل على غزة ، تم بمقتضاه حظر دخول الغذاء والوقود بهدف معاقبة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في غزة لكسر نفوذ حماس بحيث تعتبر عملية طوفان الأقصى امتدادا للصراع الحاصل بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وبين إسرائيل منذ انسحاب الأخيرة من القطاع سنة 2005 ، ارتفع على إثرها منسوب التوتر بين الطرفين عقب سيطرة حماس على قطاع غزة بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية لسنة 2006 بحيث بقي قطاع غزة منذ 2007 يعاني من حصار إسرائيلي خانق من كل الجوانب ولكسر نفوذ حماس شنت إسرائيل هجمات على غزة سنوات 2008و2014 ، لذا نجد اليوم غزة مغلقة عن بقية العالم ، ووصول المواد الحياتية الضرورية بما في ذلك الغذاء والماء .. يخضع لسيطرة إسرائيل وهو ما يزيد من صعوبة حياة الغزيين .
من المؤكد وتبعا لما تقدم ذكره نتيجة الحرب القائمة اليوم أن خطة إسرائيل لتطهير غزة والأراضي الأخرى من الفلسطينيين المحتملين والعقاب الجماعي واستخدام الأسلحة المحظورة ، هي بطبيعة الحال جرائم حرب ، وجرائم ضد الإنسانية ، ودون شك فكل من يؤمن بضمير المجتمع الدولي ، والقانون الدولي يأمل أن تحاسب هذه الجرائم مستقبلا لإنهاء المجازر الحاصلة اليوم والتي راح ضحيتها اليوم آلاف الفلسطينيين ، معظمهم من المدنيين ، بعد أن قامت القوات الإسرائيلية بقصف أحياء كاملة بسكانها، واستهدفت مستشفيات ومرافق صحية .. وسط لا مبالاة غربية، بحيث كشفت الحرب الحالية التي يشنها الكيان الإسرائيلي على غزة على حالة غير مسبوقة فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان ، وقفت المنظومة الدولية بهياكلها وأجهزتها القضائية عاجزة عن ردع هذه الجرائم ،ومعاقبة مرتكبيها ، الشيء الذي دفع مدير مكتب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى الاستقالة من منصبه في سابقة كشفت زيف الخطاب الغربي عن حقوق الإنسان ، كما تجلى ذلك أيضا اليوم بوضوح بالدعم الأمريكي لإسرائيل عند مهاجمة " بايدن" حركة حماس بوصفها بـ"منظمة إرهابية" التي تهدف لقتل اليهود ،لذا فان الولايات المتحدة تقف إلى جانبها وتدعمها وستلبي كل الاحتياجات اللازمة لها ، إضافة للدعم الغربي المباشر لإسرائيل خلال الأيام الأولى للمعركة وذلك بهدف ترهيب شعوب الأمة ومنح إسرائيل غطاء لارتكاب مجازر وجرائم حرب والعمل على تهجير سكان القطاع من شماله إلى جنوبه ... بعد إلقاء منشورات ورقية من طائراها في الخصوص .
دفاعا عن الأرض والحق الذي لا يسقط بالتقادم تعرض جيش الاحتلال في معاركه مع فصائل المقاومة الفلسطينية اليوم إلى عدد كبير من القتلى أثناء تنفيذ المقاومة الفلسطينية لعملياتها العسكرية ضد العدو بقذائف وبالعبوات المضادة للتحصينات والأفراد الشيء الذي دفع وزير الاقتصاد الإسرائيلي "نيربركات " باتهام رئيس الوزراء بأنه يرسل الجنود مثل البط إلى المباني ويتم اصطيادهم بسهولة بتفخيخ أو باستهداف هذه المباني من طرف عناصر حماس الذين تمكنوا من تدمير عديد الآليات العسكرية للعدو وعديد الجنود بعد التحام مقاتليها مع قوات الاحتلال الإسرائيلي ، فضلا عن قصف "تل أبيب " وعديد المناطق برشقة صاروخية ، فرغم الدمار و الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يعرفها الفلسطينيون اليوم تقف الأمم المتحدة اليوم عاجزة سياسيا عن حماية المدنيين في غزة بسبب الفيتو الأمريكي الذي يعطل مجلس الآمن .
بخلاف ما تقدم ذكره تسعى القيادة الأمنية الإسرائيلية جاهدة إلى تصوير الحرب على أنها نصر عظيم و أن هذا الكيان لا يعترف بالصفة الإنسانية للفلسطينيين قبل أن تتضح الصورة المتمثلة في انجازات وهمية لأنه لا حل سريعا لقتال الجيش الإسرائيلي ضد حماس ، حيث رأى اللواء السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي "يتسحاق بريك" في مقالة كتبها بصحيفة هارتس الإسرائيلية حيث " أكد أن تدمير أنفاق حماس سيستغرق سنوات عديدة على عكس ما تروج له حكومته "مبرزا أن أعداد القتلى من حماس جراء نيران قواتنا على الأرض أقل بكثير والحرب في معظمها لا تجري وجها لوجه ، ومعظم القتلى والجرحى من القوات الإسرائيلية أصيبوا بالمتفجرات ومضادات الدبابات من قبل حماس ، ومن الأجدر أن نكون أكثر تواضعا لأن تحقيق أهداف الحرب بالكامل تكمن في تدمير قدرات حماس وإطلاق سراح الرهائن وبالتالي سيكون من الأفضل أن نكون أكثر تواضعا".
لقد بررت اليوم خلافات جذرية داخل البيت الإسرائيلي تبعا لما تقدم ذكره حول توقيت الانتقال إلى المرحلة التالية من العدوان على قطاع غزة ،حيث أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الأمن بضرورة استمرار العمليات العسكرية في وتيرتها الحالية، وقوتها المكثفة إلى نهاية شهر جانفي 2024 تزامنا مع استنفاذ المهلة التي منحتها واشنطن لإسرائيل ، بخلاف ذلك هناك رأي آخر طرحه رئيس الأركان السابق " غادي ايزنكوت" فأصحاب هذا الرأي يريدون الانتقال إلى المرحلة التالية من الحرب ،والتي تشمل تغيير الأساليب القتالية ، وعدم نشر القوات الإسرائيلية بشكل موسع داخل القطاع ، وتركيزها في نطاق محددة وإنشاء منطقة عازلة لمنع تنفيذ عمليات عسكرية باتجاه البلدات الإسرائيلية الواقعة على غلاف غزة ، وذلك نظرا للتخوفات من أن البقاء على هذه الوتيرة الحالية من العمليات العسكرية سوف يعرض الجيش الإسرائيلي لمزيد الهجمات وسقوط المزيد من الجرحى والقتلى خصوصا وأن الرأي العام الإسرائيلي الداخلي بدأت ترتفع فيه الأصوات التي تشكك بمدى إمكانية الجيش من تحقيق الأهداف التي وضعها في بداية عدوانه على غزة .
بعد أن أدخلت القضية الفلسطينية في غياهب النسيان أو هكذا كانت المحاولات وأصبحت المعاناة الفلسطينية جزءا من الروتين السياسي والإعلامي الباهت جاء طوفان 7 أكتوبر 2023 ليضع القضية الفلسطينية في صدارة الأحداث العالمية وفي قلب الاهتمام الدولي حقوقيا وإعلاميا وسياسيا ، بحيث أثار طوفان الأقصى أسئلة كثيرة لدى الضمير الشعبي العربي فهل هذا هو جيش إسرائيل الأخلاقي الذي لا يقهر ؟ وما جدوى التطبيع مع كيان شديد التوحش لا يأبه بقانون إنساني ولا دولي في حسم خلافاته وتصفية حساباته .. كما شهد الشعب الغربي على ما حدث في قطاع غزة من مجازر ومحارق ودمار من خلال المظاهرات الحاشدة غير المسبوقة بخلاف المواقف الرسمية التي كانت في مجملها منحازة للموقف الإسرائيلي ، أما على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية حيث بدأ موقف الرئيس جو بايدن المؤيد لإسرائيل يهدد حظوظه في الانتخابات الرئاسية القادمة مناقضا المشهد الانتخابي الأمريكي المعتاد تاريخيا الذي يستند للدعم اليهودي للوصول الي البيت الأبيض ، كما تزعزعت المصداقية الإسرائيلية إعلاميا وسياسيا على اثر عملية طوفان الأقصى نتيجة تجاوزات مزعومة للمقاومة بحق المستوطنين استخدمت لتبرير حرب الإبادة على القطاع حيث كذبتها تحقيقات إسرائيلية داخلية ، إلى جانب لعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في كسر احتكار وسائل الإعلام المؤيدة لإسرائيل في الغرب المشهد والرواية الإعلامية ، وأدى الجيل الثالث من المهاجرين العرب والمسلمين خصوصا في الجامعات الأمريكية والغربية دورا في نشر الوعي ، ولأن مسار القضية الفلسطينية مازال طويلا ،وإن بدا في هذه الملحمة أكثر تحديدا في بوصلته وأشد صلابة في مقاومته .
وحتى يتم البناء على التغييرات التي اجتاحت العالم احتجاجا على محرقة غزة لتصبح حقائق قادرة على صنع التغيير الذي يخطو بنا نحو العدالة والتحرير فلا بد من توثيق انتهاكات الاحتلال وجرائمه ضد الإنسانية وتصريحات مسؤولية والتشهير بهم إعلاميا بعد وصفهم للفلسطينيين بالحيوانات البشرية ، والعمل بتشكيل مجموعة كبيرة من المحامين الدوليين لمقاضاة الحكومة الإسرائيلية أمام المحكمة الجنائية الدولية ، مع مطالبة إسرائيل والدول التي دعمتها في عدوانها على غزة بدفع تعويضات للضحايا من المدنيين وعن الدمار الذي سببته لمباني المواطنين والمؤسسات العامة ، إلى جانب إصدار أفلام توثق قصص ضحايا حرب الإبادة الصهيونية من الأبرياء خصوصا من الأطفال والنساء والمشاركة في المهرجانات العالمية لنقل المعاناة الفلسطينية الإنسانية.
باحث و ناشط في الحقل الجمعياتي
بمدينة بنزرت
تسعى القيادة الأمنية الإسرائيلية إلى تصوير الحرب على أنها نصر عظيم رغم اتضاح صورة الانجازات الوهمية
بقلم : الحبيب الذوادي
عملية طوفان الأقصى، وفي إسرائيل عملية السيوف الحديثة كما تشير إليها بعض المصادر ، بالانتفاضة الثالثة ، أو الحرب الفلسطينية الإسرائيلية ، ويشار إليها بشكل غير رسمي باسم معركة السابع من أكتوبر 2023 ، وهي عملية عسكرية ممتدة شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، وعلى رأسها حركة حماس عبر ذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام في أول ساعات الصباح في اليوم المذكور أعلاه، وذلك ردا على الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى ، واعتداء المستوطنين الإسرائيليين على المواطنين الفلسطينيين في القدس والضفة والداخل المحتل ، وذلك عبر هجوم صاروخي واسع النطاق ، بحيث تم توجيه مئات الصواريخ صوب مختلف المستوطنات الإسرائيلية من "ديمونا" في الجنوب إلى "هودها شرون" في الشمال و"القدس" في الشرق ، و تزامن مع إطلاق هذه الصواريخ اقتحام بري من المقاومين عبر سيارات رباعية الدفع والدراجات النارية والطائرات الشراعية لإخلاء البلدات المتاخمة للقطاع من المستوطنين والتي تعرف باسم غلاف غزة حيث سيطروا على عدد من المواقع العسكرية خاصة في "سديروت"، واقتحموا "نتيفوت" وخاضوا اشتباكات عنيفة في عدة مستوطنات أخرى ، كما أسروا عددا من الجنود الإسرائيليين واقتادوهم لغزة فضلا عن إغنام مجموعة من الآليات العسكرية الإسرائيلية حينها وقد حصلت تلك العمليات بشكل مفاجئ وغير متوقع للأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية ونظيرتها الأمريكية على اثر الخلل الذي ّأصاب منظومة القبة الحديدية الدفاعية .
في التاسع من أكتوبر سنة 2023 أعلن الجيش الإسرائيلي استعادته السيطرة على جميع البلدات التي استولت عليها فصائل المقاومة الفلسطينية في غلاف غزة ،وتم على إثرها الإعلان عن فرض حصار شامل على غزة ، تم بمقتضاه حظر دخول الغذاء والوقود بهدف معاقبة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في غزة لكسر نفوذ حماس بحيث تعتبر عملية طوفان الأقصى امتدادا للصراع الحاصل بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وبين إسرائيل منذ انسحاب الأخيرة من القطاع سنة 2005 ، ارتفع على إثرها منسوب التوتر بين الطرفين عقب سيطرة حماس على قطاع غزة بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية لسنة 2006 بحيث بقي قطاع غزة منذ 2007 يعاني من حصار إسرائيلي خانق من كل الجوانب ولكسر نفوذ حماس شنت إسرائيل هجمات على غزة سنوات 2008و2014 ، لذا نجد اليوم غزة مغلقة عن بقية العالم ، ووصول المواد الحياتية الضرورية بما في ذلك الغذاء والماء .. يخضع لسيطرة إسرائيل وهو ما يزيد من صعوبة حياة الغزيين .
من المؤكد وتبعا لما تقدم ذكره نتيجة الحرب القائمة اليوم أن خطة إسرائيل لتطهير غزة والأراضي الأخرى من الفلسطينيين المحتملين والعقاب الجماعي واستخدام الأسلحة المحظورة ، هي بطبيعة الحال جرائم حرب ، وجرائم ضد الإنسانية ، ودون شك فكل من يؤمن بضمير المجتمع الدولي ، والقانون الدولي يأمل أن تحاسب هذه الجرائم مستقبلا لإنهاء المجازر الحاصلة اليوم والتي راح ضحيتها اليوم آلاف الفلسطينيين ، معظمهم من المدنيين ، بعد أن قامت القوات الإسرائيلية بقصف أحياء كاملة بسكانها، واستهدفت مستشفيات ومرافق صحية .. وسط لا مبالاة غربية، بحيث كشفت الحرب الحالية التي يشنها الكيان الإسرائيلي على غزة على حالة غير مسبوقة فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان ، وقفت المنظومة الدولية بهياكلها وأجهزتها القضائية عاجزة عن ردع هذه الجرائم ،ومعاقبة مرتكبيها ، الشيء الذي دفع مدير مكتب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى الاستقالة من منصبه في سابقة كشفت زيف الخطاب الغربي عن حقوق الإنسان ، كما تجلى ذلك أيضا اليوم بوضوح بالدعم الأمريكي لإسرائيل عند مهاجمة " بايدن" حركة حماس بوصفها بـ"منظمة إرهابية" التي تهدف لقتل اليهود ،لذا فان الولايات المتحدة تقف إلى جانبها وتدعمها وستلبي كل الاحتياجات اللازمة لها ، إضافة للدعم الغربي المباشر لإسرائيل خلال الأيام الأولى للمعركة وذلك بهدف ترهيب شعوب الأمة ومنح إسرائيل غطاء لارتكاب مجازر وجرائم حرب والعمل على تهجير سكان القطاع من شماله إلى جنوبه ... بعد إلقاء منشورات ورقية من طائراها في الخصوص .
دفاعا عن الأرض والحق الذي لا يسقط بالتقادم تعرض جيش الاحتلال في معاركه مع فصائل المقاومة الفلسطينية اليوم إلى عدد كبير من القتلى أثناء تنفيذ المقاومة الفلسطينية لعملياتها العسكرية ضد العدو بقذائف وبالعبوات المضادة للتحصينات والأفراد الشيء الذي دفع وزير الاقتصاد الإسرائيلي "نيربركات " باتهام رئيس الوزراء بأنه يرسل الجنود مثل البط إلى المباني ويتم اصطيادهم بسهولة بتفخيخ أو باستهداف هذه المباني من طرف عناصر حماس الذين تمكنوا من تدمير عديد الآليات العسكرية للعدو وعديد الجنود بعد التحام مقاتليها مع قوات الاحتلال الإسرائيلي ، فضلا عن قصف "تل أبيب " وعديد المناطق برشقة صاروخية ، فرغم الدمار و الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يعرفها الفلسطينيون اليوم تقف الأمم المتحدة اليوم عاجزة سياسيا عن حماية المدنيين في غزة بسبب الفيتو الأمريكي الذي يعطل مجلس الآمن .
بخلاف ما تقدم ذكره تسعى القيادة الأمنية الإسرائيلية جاهدة إلى تصوير الحرب على أنها نصر عظيم و أن هذا الكيان لا يعترف بالصفة الإنسانية للفلسطينيين قبل أن تتضح الصورة المتمثلة في انجازات وهمية لأنه لا حل سريعا لقتال الجيش الإسرائيلي ضد حماس ، حيث رأى اللواء السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي "يتسحاق بريك" في مقالة كتبها بصحيفة هارتس الإسرائيلية حيث " أكد أن تدمير أنفاق حماس سيستغرق سنوات عديدة على عكس ما تروج له حكومته "مبرزا أن أعداد القتلى من حماس جراء نيران قواتنا على الأرض أقل بكثير والحرب في معظمها لا تجري وجها لوجه ، ومعظم القتلى والجرحى من القوات الإسرائيلية أصيبوا بالمتفجرات ومضادات الدبابات من قبل حماس ، ومن الأجدر أن نكون أكثر تواضعا لأن تحقيق أهداف الحرب بالكامل تكمن في تدمير قدرات حماس وإطلاق سراح الرهائن وبالتالي سيكون من الأفضل أن نكون أكثر تواضعا".
لقد بررت اليوم خلافات جذرية داخل البيت الإسرائيلي تبعا لما تقدم ذكره حول توقيت الانتقال إلى المرحلة التالية من العدوان على قطاع غزة ،حيث أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الأمن بضرورة استمرار العمليات العسكرية في وتيرتها الحالية، وقوتها المكثفة إلى نهاية شهر جانفي 2024 تزامنا مع استنفاذ المهلة التي منحتها واشنطن لإسرائيل ، بخلاف ذلك هناك رأي آخر طرحه رئيس الأركان السابق " غادي ايزنكوت" فأصحاب هذا الرأي يريدون الانتقال إلى المرحلة التالية من الحرب ،والتي تشمل تغيير الأساليب القتالية ، وعدم نشر القوات الإسرائيلية بشكل موسع داخل القطاع ، وتركيزها في نطاق محددة وإنشاء منطقة عازلة لمنع تنفيذ عمليات عسكرية باتجاه البلدات الإسرائيلية الواقعة على غلاف غزة ، وذلك نظرا للتخوفات من أن البقاء على هذه الوتيرة الحالية من العمليات العسكرية سوف يعرض الجيش الإسرائيلي لمزيد الهجمات وسقوط المزيد من الجرحى والقتلى خصوصا وأن الرأي العام الإسرائيلي الداخلي بدأت ترتفع فيه الأصوات التي تشكك بمدى إمكانية الجيش من تحقيق الأهداف التي وضعها في بداية عدوانه على غزة .
بعد أن أدخلت القضية الفلسطينية في غياهب النسيان أو هكذا كانت المحاولات وأصبحت المعاناة الفلسطينية جزءا من الروتين السياسي والإعلامي الباهت جاء طوفان 7 أكتوبر 2023 ليضع القضية الفلسطينية في صدارة الأحداث العالمية وفي قلب الاهتمام الدولي حقوقيا وإعلاميا وسياسيا ، بحيث أثار طوفان الأقصى أسئلة كثيرة لدى الضمير الشعبي العربي فهل هذا هو جيش إسرائيل الأخلاقي الذي لا يقهر ؟ وما جدوى التطبيع مع كيان شديد التوحش لا يأبه بقانون إنساني ولا دولي في حسم خلافاته وتصفية حساباته .. كما شهد الشعب الغربي على ما حدث في قطاع غزة من مجازر ومحارق ودمار من خلال المظاهرات الحاشدة غير المسبوقة بخلاف المواقف الرسمية التي كانت في مجملها منحازة للموقف الإسرائيلي ، أما على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية حيث بدأ موقف الرئيس جو بايدن المؤيد لإسرائيل يهدد حظوظه في الانتخابات الرئاسية القادمة مناقضا المشهد الانتخابي الأمريكي المعتاد تاريخيا الذي يستند للدعم اليهودي للوصول الي البيت الأبيض ، كما تزعزعت المصداقية الإسرائيلية إعلاميا وسياسيا على اثر عملية طوفان الأقصى نتيجة تجاوزات مزعومة للمقاومة بحق المستوطنين استخدمت لتبرير حرب الإبادة على القطاع حيث كذبتها تحقيقات إسرائيلية داخلية ، إلى جانب لعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في كسر احتكار وسائل الإعلام المؤيدة لإسرائيل في الغرب المشهد والرواية الإعلامية ، وأدى الجيل الثالث من المهاجرين العرب والمسلمين خصوصا في الجامعات الأمريكية والغربية دورا في نشر الوعي ، ولأن مسار القضية الفلسطينية مازال طويلا ،وإن بدا في هذه الملحمة أكثر تحديدا في بوصلته وأشد صلابة في مقاومته .
وحتى يتم البناء على التغييرات التي اجتاحت العالم احتجاجا على محرقة غزة لتصبح حقائق قادرة على صنع التغيير الذي يخطو بنا نحو العدالة والتحرير فلا بد من توثيق انتهاكات الاحتلال وجرائمه ضد الإنسانية وتصريحات مسؤولية والتشهير بهم إعلاميا بعد وصفهم للفلسطينيين بالحيوانات البشرية ، والعمل بتشكيل مجموعة كبيرة من المحامين الدوليين لمقاضاة الحكومة الإسرائيلية أمام المحكمة الجنائية الدولية ، مع مطالبة إسرائيل والدول التي دعمتها في عدوانها على غزة بدفع تعويضات للضحايا من المدنيين وعن الدمار الذي سببته لمباني المواطنين والمؤسسات العامة ، إلى جانب إصدار أفلام توثق قصص ضحايا حرب الإبادة الصهيونية من الأبرياء خصوصا من الأطفال والنساء والمشاركة في المهرجانات العالمية لنقل المعاناة الفلسطينية الإنسانية.