إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. " المجموعة الوطنية للمتحيّلين ..!".

  

 

يرويها: أبوبكر الصغير

إن أكبر عملية خداع قام بها الشيطان هي إقناعه للكثيرين بألا وجود له.

 للتحيل القدرة على تدمير العلاقات الاجتماعية إلى حد إحداث الفوضى داخل المجموعة.

  التحيّل لا يستثني أي مجال (خاص، عام، سياسي، اجتماعي)، تترك قوته التدميرية في نفوس الناس علامات عميقة تعطل النظام القائم.

 انه فكرة معقدة ودقيقة، مرتبطة بعقلية الإنسان وعواطفه وفلسفته في الحياة.

  نحن نتعامل مع ظاهرة قادرة على الاستثمار في كافة أشكال الروابط خارج المجتمع و داخله.

 إن إحدى الصعوبات التي يجب التغلب عليها في فهم ظاهرة التحيّل العامة هي طابعها الشخصي البارز. وبما أنه حكم بعدي، فإنه بمجرد إنجاز الفعل، يعتمد تفسيره على وجهة نظر تكون موضوعيتها نسبية. ومن المؤكد أن الفترة الراهنة ، تمثل فترة غنية بالتحولات وبالأزمات والاضطرابات الاجتماعية  الكبرى .

  هل هذا يعني أن أي تفكير في ظاهر التحيّل سيكون بالتالي هباء؟ لا أعتقد ذلك.

 إن سمات المتحيّل المراوغة والنسبية والذاتية .

 لأنه في الواقع يتجاوز كلّ المنظومات والقيم الأخلاقية لحدّ يشكك في هوية المجتمع و يضرّ بصورته لكي لا أقول يدمرها .

   في رحلة العودة من الدوحة، كنا بمطارها عشرات الركاب التونسيين يترقّبون الاذن لهم بالدخول والجلوس بمقاعدهم المخصّصة على متن الطائرة  .

  ما راعنا فجأة إلا مشاهدة امرأة جالسة على كرسي يدفعه عاملان بالمطار وكانت في حالة عجز شبه كامل.

 قام هذان العاملان وبكلّ لطف بوضع المرأة في كرسّيها قبل أن تتولى هذه المهمة فيما بعد المضيفات.

  تمّت رحلتنا من الدوحة الى تونس، نزلنا بمطار تونس قرطاج، بقيت المرأة محمولة على الكرسي الى حدّ فضاء  سحب الحقائب، لنفاجأ بان تترك هذه المرأة  الكرسي وتقف بجانب المسافرين تنتظر هي الأخرى حقائبها .

 خلف هذا المشهد صدمة لكلّ من تابع تصرفات المرأة منذ البداية .

 لم تنته الحكاية عند هذا الموقف لأنه كان لدى هذه المرأة أربع حقائب ضخمة، ليتبيّن  في نهاية الأمر أنها ليست  إلاّ عضو في مجموعة تهريب سلع وبضائع مقلّدة !.

  هذا الموقف ذكرني بما كشفه وزير الشؤون الاجتماعية، مالك الزاهي، أنّ وزارته قامت بسحب 62 ألف دفتر علاج مجاني (الدفتر الأبيض)، تمّ إسنادها بغير وجه حق وذلك في إطار مقاومة الفساد .

   تم الكشف في سياق حرب الفساد هذه أن احد المتمتعين بهذا الدفتر والمنحة، يمارس في نفس الوقت التسوّل لما توفي وجدوا في حسابه البنكي مبلغا بـ140 ألف دينار وفي حسابه البريدي مبلغا آخر بـ120 ألف دينار وهي ثروة لن يحلم بها دكتور أستاذ جامعي طوال عمره .

  ذكّرتني هذه المسالة بحادثة أخرى عشتها شخصيا، مع متحيّل استولى على الطريق العام، يطالب كلّ من يريد مكانا ليركن سيارته بمبلغ يحدده هو، إذ كشف لي صديق يعمل بفرع بنكي حيث يمارس هذا المتحيّل بلطجته على أصحاب السيارات انّ له حسابا بنكيا فيه أكثر من 250 ألف دينار وانّ المبلغ اليومي الذي يجمعه يفوق 150 والمئاتي دينار وعشية الأعياد قد يصل الخمسمائة دينار  .

حكى لي صديق قصّة المرأة المتسوّلة التي غالبا ما تتواجد في مفترقات شارع الحرية، كيف أصبحت من أثرياء حيّ شعبي قريب من العاصمة، تقرض العائلات والمواطنين بمبالغ خيالية ولها سائق خاص يشتغل عندها مكنته من شراء شاحنة صغيرة مهمته فقط نقلها يوميا الى العاصمة والعودة بها ليلا ..!.

 كم بيننا من البشر نراهم خداعا إلى جانب خداع، يعيشون مع الذئب ويبكون مع الراعي.

 أخشى ما أخشاه أن تصبح الحيلة حقّا من حقوق الإنسان، تجد من يدافع عنها.

حكاياتهم  .. " المجموعة الوطنية للمتحيّلين ..!".

  

 

يرويها: أبوبكر الصغير

إن أكبر عملية خداع قام بها الشيطان هي إقناعه للكثيرين بألا وجود له.

 للتحيل القدرة على تدمير العلاقات الاجتماعية إلى حد إحداث الفوضى داخل المجموعة.

  التحيّل لا يستثني أي مجال (خاص، عام، سياسي، اجتماعي)، تترك قوته التدميرية في نفوس الناس علامات عميقة تعطل النظام القائم.

 انه فكرة معقدة ودقيقة، مرتبطة بعقلية الإنسان وعواطفه وفلسفته في الحياة.

  نحن نتعامل مع ظاهرة قادرة على الاستثمار في كافة أشكال الروابط خارج المجتمع و داخله.

 إن إحدى الصعوبات التي يجب التغلب عليها في فهم ظاهرة التحيّل العامة هي طابعها الشخصي البارز. وبما أنه حكم بعدي، فإنه بمجرد إنجاز الفعل، يعتمد تفسيره على وجهة نظر تكون موضوعيتها نسبية. ومن المؤكد أن الفترة الراهنة ، تمثل فترة غنية بالتحولات وبالأزمات والاضطرابات الاجتماعية  الكبرى .

  هل هذا يعني أن أي تفكير في ظاهر التحيّل سيكون بالتالي هباء؟ لا أعتقد ذلك.

 إن سمات المتحيّل المراوغة والنسبية والذاتية .

 لأنه في الواقع يتجاوز كلّ المنظومات والقيم الأخلاقية لحدّ يشكك في هوية المجتمع و يضرّ بصورته لكي لا أقول يدمرها .

   في رحلة العودة من الدوحة، كنا بمطارها عشرات الركاب التونسيين يترقّبون الاذن لهم بالدخول والجلوس بمقاعدهم المخصّصة على متن الطائرة  .

  ما راعنا فجأة إلا مشاهدة امرأة جالسة على كرسي يدفعه عاملان بالمطار وكانت في حالة عجز شبه كامل.

 قام هذان العاملان وبكلّ لطف بوضع المرأة في كرسّيها قبل أن تتولى هذه المهمة فيما بعد المضيفات.

  تمّت رحلتنا من الدوحة الى تونس، نزلنا بمطار تونس قرطاج، بقيت المرأة محمولة على الكرسي الى حدّ فضاء  سحب الحقائب، لنفاجأ بان تترك هذه المرأة  الكرسي وتقف بجانب المسافرين تنتظر هي الأخرى حقائبها .

 خلف هذا المشهد صدمة لكلّ من تابع تصرفات المرأة منذ البداية .

 لم تنته الحكاية عند هذا الموقف لأنه كان لدى هذه المرأة أربع حقائب ضخمة، ليتبيّن  في نهاية الأمر أنها ليست  إلاّ عضو في مجموعة تهريب سلع وبضائع مقلّدة !.

  هذا الموقف ذكرني بما كشفه وزير الشؤون الاجتماعية، مالك الزاهي، أنّ وزارته قامت بسحب 62 ألف دفتر علاج مجاني (الدفتر الأبيض)، تمّ إسنادها بغير وجه حق وذلك في إطار مقاومة الفساد .

   تم الكشف في سياق حرب الفساد هذه أن احد المتمتعين بهذا الدفتر والمنحة، يمارس في نفس الوقت التسوّل لما توفي وجدوا في حسابه البنكي مبلغا بـ140 ألف دينار وفي حسابه البريدي مبلغا آخر بـ120 ألف دينار وهي ثروة لن يحلم بها دكتور أستاذ جامعي طوال عمره .

  ذكّرتني هذه المسالة بحادثة أخرى عشتها شخصيا، مع متحيّل استولى على الطريق العام، يطالب كلّ من يريد مكانا ليركن سيارته بمبلغ يحدده هو، إذ كشف لي صديق يعمل بفرع بنكي حيث يمارس هذا المتحيّل بلطجته على أصحاب السيارات انّ له حسابا بنكيا فيه أكثر من 250 ألف دينار وانّ المبلغ اليومي الذي يجمعه يفوق 150 والمئاتي دينار وعشية الأعياد قد يصل الخمسمائة دينار  .

حكى لي صديق قصّة المرأة المتسوّلة التي غالبا ما تتواجد في مفترقات شارع الحرية، كيف أصبحت من أثرياء حيّ شعبي قريب من العاصمة، تقرض العائلات والمواطنين بمبالغ خيالية ولها سائق خاص يشتغل عندها مكنته من شراء شاحنة صغيرة مهمته فقط نقلها يوميا الى العاصمة والعودة بها ليلا ..!.

 كم بيننا من البشر نراهم خداعا إلى جانب خداع، يعيشون مع الذئب ويبكون مع الراعي.

 أخشى ما أخشاه أن تصبح الحيلة حقّا من حقوق الإنسان، تجد من يدافع عنها.