بعد أحد عشرة أسبوعا من الإبادة الجماعية في غزة جاء قرار مجلس الأمن الدولي الثاني ليعزز العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع ويمنح حكومة نتنياهو الضوء الأخضر لمواصلة القصف والدمار.. صحيح أن الحليف الأمريكي لم يستخدم الفيتو هذه المرة كما في المرة السابق ولكن نص القرار الصادر مساء الجمعة جاء فارغا من أي محتوى بشان المطالب الرسمية والشعبية عبر مختلف أنحاء العالم بوقف الحرب.. وجاء الفيتو المقنع في مجلس الأمن الدولي يردد "لا لوقف حرب إبادة غزة" الأمر الذي لقي ترحيبا إسرائيليا كما في كل مرة ..
ما حدث ويحدث في غزة منذ شهرين ونصف بات يختزل في عنوان واحد مزيد الشهداء والمصابين والمشردين مع اختلاف في العدد الذي لا يتراجع ولكنه يرتفع كل يوم أكثر.. إنقاذ نتنياهو بات أولوية الإدارة الأمريكية الراهنة وإنقاذ نتنياهو يمر عبر استمرار الحرب ومنح رئيس الوزراء الإسرائيلي مزيدا من الوقت بحثا عن نصر عسكري ميداني غير قابل للتحقيق للهروب من المساءلة والملاحقة.. يجمع أغلب المحللين والخبراء على أن العدوان الإسرائيلي على غزة هو الأكثر دموية وتدميرا وتوحشا في التاريخ حتى انه تجاوز ما حدث في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.. ومع ذلك فإن إدارة بايدن لا ترى سببا وجيها لإيقاف الحرب أو فرملة آلة القتل الإسرائيلية من التهام المزيد.. بل إن أغلب التقارير تفيد بأن ما قدمته واشنطن من سلاح لتل أبيب منذ بداية العدوان على غزة أمر يفوق كل التوقعات.. وأن حصيلة الضحايا الفلسطينيين في هذه الحرب تفوق حصيلة الحملة الدولية على تنظيم "داعش" طوال ثلاث سنوات.. لا نريد الانسياق وراء مزيد المقارنات ولكن الأكيد أن أكثر من سبب يستوجب إطالة أمد الحرب لأن نتنياهو يحتاج الى ذلك وهو يدرك جيدا أن أصوات كثيرة داخل الكيان الإسرائيلي بدأت تطالب بمحاسبته ومحاسبة حكومته على الفشل العسكري المهين في السابع من أكتوبر الماضي كما باتت أصوات المعارضة الإسرائيلية ومنها إيهود أولمرت تطالبه بالانسحاب من المشهد وفوق ذلك باتت تحركات عائلات الرهائن أكثر حضورا خاصة بعد قتل الجيش الإسرائيلي ثلاثة من الرهائن الذين أطلقت حماس سراحهم وكانوا عراة ويحملون الرايات البيضاء وكتبت صحيفة "هارتس" أن الرهائن يعودون جثثا.. عائلات من بقي من الرهائن تطالب ناتنياهو بإيقاف الحرب وإعادتهم الى ذويهم أحياء والأمر بات محرجا لمجلس الحرب الإسرائيلي الذي يدرك جيدا أن تحرير الرهائن أحياء يستحيل باعتماد عملية عسكرية وسيكون من الغباء الاعتقاد أن حماس تجمع الرهائن في مكان واحد والأرجح أنهم موزعون في أكثر من موقع في مختلف الأنفاق التي لم تتوصل إليها قوات الاحتلال ..
هذه الأسباب وغيرها ترجح إصرار نتنياهو على إطالة أمد الحرب الى أجل غير مسمى أملا في نصر معجزة يعيد الرهائن ويمنحه طوق النجاة وهي حسابات واهمة وأضغاث أحلام ولا يمكن لكل الركام والخراب والدمار ولا لحصيلة الخسائر البشرية الضخمة في غزة أن تخفيها.. فالحقيقة أن الفيتو الأمريكي الأول والثاني لا يمكن أن يقدم لنتنياهو الانتصار الذي يتطلع إليه حتى وإن منحه الفرصة لحصد مزيدا من الأرواح وتوفير مزيدا من الأدلة والشهادات والوثائق عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يواصل ارتكابها بدافع الغرور والمكابرة والتعويل على الحليف الأمريكي لإخراجه من المستنقع الذي يغرق فيه كل يوم أكثر في غزة.. لا أحد، بما في ذلك نتنياهو وبايدن، قادر على التكهن بما ستكون عليه نهاية الحرب ولكن الأكيد انه مهما بالغ نتنياهو في الانتقام من أطفال غزة فإنه في صفوف الخاسرين حتما وسيكون من وجوه الماضي وسيجد نفسه ملاحقا في الداخل والخارج.. وحتى نكون واقعيين سيتعين على الفلسطينيين التوقف عن إهدار الفرص وإضاعة الوقت وتعميق الخلافات. فطوفان الأقصى أعاد القضية الفلسطينية الى سطح الأولويات ودماء وأشلاء الضحايا تفترض التوجه نحو كسب الشوط الأخير من المعركة حتى تكمل المعركة السياسية والقانونية والإعلامية معركة المقاومة الميدانية.. فتح في شكلها الحالي وبرغم مجهودات مختلف السفراء وديبلوماسيي السلطة الفلسطينية في العالم مدعوة لإعادة قراءة الأحداث داخليا وإقليميا ودوليا لبناء مرحلة ما بعد طوفان الأقصى وتجنب السيناريوهات القاتلة وتنفيذ مشروع نتنياهو النهائي بترحيل أهالي غزة الى سيناء لأن الشعب الفلسطيني لن يرحم ولن يتسامح آنذاك مع أي سلطة كانت.. هناك خيط من الأمل يلوح في آخر النفق وليس من حق أي كان لأي سبب كان التفريط فيه وإسقاطه ..
آسيا العتروس
بعد أحد عشرة أسبوعا من الإبادة الجماعية في غزة جاء قرار مجلس الأمن الدولي الثاني ليعزز العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع ويمنح حكومة نتنياهو الضوء الأخضر لمواصلة القصف والدمار.. صحيح أن الحليف الأمريكي لم يستخدم الفيتو هذه المرة كما في المرة السابق ولكن نص القرار الصادر مساء الجمعة جاء فارغا من أي محتوى بشان المطالب الرسمية والشعبية عبر مختلف أنحاء العالم بوقف الحرب.. وجاء الفيتو المقنع في مجلس الأمن الدولي يردد "لا لوقف حرب إبادة غزة" الأمر الذي لقي ترحيبا إسرائيليا كما في كل مرة ..
ما حدث ويحدث في غزة منذ شهرين ونصف بات يختزل في عنوان واحد مزيد الشهداء والمصابين والمشردين مع اختلاف في العدد الذي لا يتراجع ولكنه يرتفع كل يوم أكثر.. إنقاذ نتنياهو بات أولوية الإدارة الأمريكية الراهنة وإنقاذ نتنياهو يمر عبر استمرار الحرب ومنح رئيس الوزراء الإسرائيلي مزيدا من الوقت بحثا عن نصر عسكري ميداني غير قابل للتحقيق للهروب من المساءلة والملاحقة.. يجمع أغلب المحللين والخبراء على أن العدوان الإسرائيلي على غزة هو الأكثر دموية وتدميرا وتوحشا في التاريخ حتى انه تجاوز ما حدث في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.. ومع ذلك فإن إدارة بايدن لا ترى سببا وجيها لإيقاف الحرب أو فرملة آلة القتل الإسرائيلية من التهام المزيد.. بل إن أغلب التقارير تفيد بأن ما قدمته واشنطن من سلاح لتل أبيب منذ بداية العدوان على غزة أمر يفوق كل التوقعات.. وأن حصيلة الضحايا الفلسطينيين في هذه الحرب تفوق حصيلة الحملة الدولية على تنظيم "داعش" طوال ثلاث سنوات.. لا نريد الانسياق وراء مزيد المقارنات ولكن الأكيد أن أكثر من سبب يستوجب إطالة أمد الحرب لأن نتنياهو يحتاج الى ذلك وهو يدرك جيدا أن أصوات كثيرة داخل الكيان الإسرائيلي بدأت تطالب بمحاسبته ومحاسبة حكومته على الفشل العسكري المهين في السابع من أكتوبر الماضي كما باتت أصوات المعارضة الإسرائيلية ومنها إيهود أولمرت تطالبه بالانسحاب من المشهد وفوق ذلك باتت تحركات عائلات الرهائن أكثر حضورا خاصة بعد قتل الجيش الإسرائيلي ثلاثة من الرهائن الذين أطلقت حماس سراحهم وكانوا عراة ويحملون الرايات البيضاء وكتبت صحيفة "هارتس" أن الرهائن يعودون جثثا.. عائلات من بقي من الرهائن تطالب ناتنياهو بإيقاف الحرب وإعادتهم الى ذويهم أحياء والأمر بات محرجا لمجلس الحرب الإسرائيلي الذي يدرك جيدا أن تحرير الرهائن أحياء يستحيل باعتماد عملية عسكرية وسيكون من الغباء الاعتقاد أن حماس تجمع الرهائن في مكان واحد والأرجح أنهم موزعون في أكثر من موقع في مختلف الأنفاق التي لم تتوصل إليها قوات الاحتلال ..
هذه الأسباب وغيرها ترجح إصرار نتنياهو على إطالة أمد الحرب الى أجل غير مسمى أملا في نصر معجزة يعيد الرهائن ويمنحه طوق النجاة وهي حسابات واهمة وأضغاث أحلام ولا يمكن لكل الركام والخراب والدمار ولا لحصيلة الخسائر البشرية الضخمة في غزة أن تخفيها.. فالحقيقة أن الفيتو الأمريكي الأول والثاني لا يمكن أن يقدم لنتنياهو الانتصار الذي يتطلع إليه حتى وإن منحه الفرصة لحصد مزيدا من الأرواح وتوفير مزيدا من الأدلة والشهادات والوثائق عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يواصل ارتكابها بدافع الغرور والمكابرة والتعويل على الحليف الأمريكي لإخراجه من المستنقع الذي يغرق فيه كل يوم أكثر في غزة.. لا أحد، بما في ذلك نتنياهو وبايدن، قادر على التكهن بما ستكون عليه نهاية الحرب ولكن الأكيد انه مهما بالغ نتنياهو في الانتقام من أطفال غزة فإنه في صفوف الخاسرين حتما وسيكون من وجوه الماضي وسيجد نفسه ملاحقا في الداخل والخارج.. وحتى نكون واقعيين سيتعين على الفلسطينيين التوقف عن إهدار الفرص وإضاعة الوقت وتعميق الخلافات. فطوفان الأقصى أعاد القضية الفلسطينية الى سطح الأولويات ودماء وأشلاء الضحايا تفترض التوجه نحو كسب الشوط الأخير من المعركة حتى تكمل المعركة السياسية والقانونية والإعلامية معركة المقاومة الميدانية.. فتح في شكلها الحالي وبرغم مجهودات مختلف السفراء وديبلوماسيي السلطة الفلسطينية في العالم مدعوة لإعادة قراءة الأحداث داخليا وإقليميا ودوليا لبناء مرحلة ما بعد طوفان الأقصى وتجنب السيناريوهات القاتلة وتنفيذ مشروع نتنياهو النهائي بترحيل أهالي غزة الى سيناء لأن الشعب الفلسطيني لن يرحم ولن يتسامح آنذاك مع أي سلطة كانت.. هناك خيط من الأمل يلوح في آخر النفق وليس من حق أي كان لأي سبب كان التفريط فيه وإسقاطه ..