عاد الحديث من جديد عن عدم تركيز المحكمة الدستورية كما طفت من جديد الاتهامات "لمسار 25 جويلية" بعدم جديته ورغبته في إرساء هذه المؤسسة الدستورية المهمة،وفق عديد الملاحظين والمعارضين.
وتزامن الجدل الجديد القديم بشأن المحكمة الدستورية مع التصويت والمصادقة على قانون المالية للسنة القادمة وسط انتقادات لعدد من فصوله التي تم تمريرها والتي يعتبرها البعض غير قانونية وغير دستورية لكن في المقابل يقول هؤلاء أنه لا مجال للاعتراض في ظل غياب هيكل قانوني ودستوري في البلاد يحسم النزاعات حول دستورية القوانين من عدمها.
ويقول في هذا الصدد هشام العجبوني القيادي بالتيار الديمقراطي انه "تم التصويت على فصول من قانون المالية لسنة 2024 بطريقة غير دستورية"، مضيفا "هل تعلمون أن رئيس الجمهورية تولى لأول مرة تقريبا ختم قانون المالية ونشره بالرائد الرسمي في نفس يوم المصادقة عليه وذلك لأنه لا يمكن الطعن بعدم دستورية فصوله".
ويضيف العجبوني في تصريح إذاعي "..لن يتم إرساء محكمة دستورية حسب قانون المالية لأن ميزانيتها صفر.. لن تكون هناك محكمة دستورية وقيس سعيد انتقد العشرية السوداء والحال انه كان بإمكانه منذ أوت 2022 إرساء المحكمة الدستورية، فلماذا لم يرسها ولماذا نحن غير قادرين على الطعن في دستورية قانون المالية؟".
جدل جديد قديم
منذ ما بعد 25 جويلية تمت إثارة مسألة إرساء المحكمة الدستورية في أكثر من مناسبة كما ينتقد خصوم رئيس الجمهورية قيس سعيد المماطلة في إحداث هذه المؤسسة رغم انتفاء كل عوائق إحداثها التي رافقت مسار ما قبل 25 وفق دستور 2022.
وقد صرح سابقا أستاذ القانون الدستوري، صغير الزكراوي قائلا:"كان بإمكان رئيس الجمهورية إحداث المحكمة الدستورية خاصّة أنّ تركيبتها جاهزة وفق ما ينصّ عليه الدستور لتفادي حالة الفراغ التي قد تحدث في صورة حدوث شغور في رئاسة الجمهورية ومراقبة النصوص القانونية خاصة المخالفة للدستور".
كما أكد الكثير من أساتذة القانون أنّ تأخّر تركيز المحكمة الدستورية على اعتبارها الساهرة على علوية الدستور والضامنة لدستورية القوانين من شأنه طرح العديد من الإشكاليات وفي مقدمتها بقاء القوانين دون رقابة.
هذا فضلا عن تواصل القراءات والتأويلات داخليا وخارجيا حول غياب الرغبة في تركيز دولة القانون والمؤسسات وتداعيات ذلك على صورة تونس.
دعوات متكررة
وقد صدرت دعوات متكررة حتى من داعمي الرئيس ومسار 25 جويلية إلى ضرورة إرساء المحكمة الدستورية في أقرب الآجال.
ودعا في هذا الصدد النائب رضا الدّلاعي عن كتلة الخطّ الوطني السيادي، رئيس الجمهورية، قيس سعيّد إلى "التّعجيل بمدّ مجلس نواب الشعب بمشروع قانون المحكمة الدستورية لمناقشته والمصادقة عليه وإرساء هذه المحكمة، حتى لا يظلّ تأويل الدستور حكرا على مؤسسة رئاسة الجمهورية"، وفق قوله.
وقال النائب في تصريح سابق لوكالة تونس إفريقيا للأنباء "يجب الإسراع في تركيز المحكمة الدستورية، حتى نضمن نوعا من التحكيم والاستقرار السياسي وحتى لا نقع في أخطاء الماضي، ونرجو أن تعطي رئاسة الجمهورية الأولوية اللاّزمة لمشروع قانون المحكمة الدستورية، نظرا لأهميته البالغة في تنظيم الشأن السياسي ودورها التحكيمي الهام".
وكان البرلمان قد أكد بدوره إيلاء الاهتمام والأولوية اللازمة لتركيز المحكمة الدستورية دون أن ينجز ذلك إلى حد الآن. فقد أكد في وقت سابق رئيس لجنة التشريع العام ياسر القوراري أن "مقترح قانون المحكمة الدستورية من بين أولويات اللجنة خلال العودة البرلمانية الحالية". مضيفا أنّ "مجموعة من النواب تقدموا بمقترح قانون يتعلق بالمحكمة الدستورية وهو على طاولة مكتب مجلس النواب في انتظار إحالته على اللجنة للنظر فيه".
تجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب صادق مجلس نوابب الشعب، يوم 5 ديسمبر الفارط، على المهمة الخاصة بالمحكمة الدستورية من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 بـ126 نعم و2 احتفاظ و1 رفض
كما صوّت نواب البرلمان على المهمة الخاصة بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 بـ125 نعم و3 احتفاظ و1 رفض.
وبيّن حينها رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة، أنّه تمّ إدراج المحكمة الدستورية بقائمة المهمات صلب مشروع قانون المالية لسنة 2024 دون رصد اعتمادات مبدئيا وذلك إلى أن يتمّ رصدها حال إرسائها وتضمين ذلك في إطار قانون مالية تعديلي.
يُذكر أن الفصل 125 من الدستور ينصّ على أنّ "المحكمة الدّستوريّة، هيئة قضائيّة مستقلّة تتركّب من تسعة أعضاء تتمّ تسميتهم بأمر، ثلثهم الأوّل أقدم رؤساء الدّوائر بمحكمة التّعقيب، والثّلث الثّاني أقدم رؤساء الدّوائر التّعقيبيّة أو الاستشاريّة بالمحكمة الإداريّة، والثّلث الثّالث والأخير أقدم أعضاء محكمة المحاسبات. ينتخب أعضاء المحكمة الدّستوريّة من بينهم رئيسا لها ونائبا له، طبقا لما يضبطه القانون".
م.ي
تونس-الصباح
عاد الحديث من جديد عن عدم تركيز المحكمة الدستورية كما طفت من جديد الاتهامات "لمسار 25 جويلية" بعدم جديته ورغبته في إرساء هذه المؤسسة الدستورية المهمة،وفق عديد الملاحظين والمعارضين.
وتزامن الجدل الجديد القديم بشأن المحكمة الدستورية مع التصويت والمصادقة على قانون المالية للسنة القادمة وسط انتقادات لعدد من فصوله التي تم تمريرها والتي يعتبرها البعض غير قانونية وغير دستورية لكن في المقابل يقول هؤلاء أنه لا مجال للاعتراض في ظل غياب هيكل قانوني ودستوري في البلاد يحسم النزاعات حول دستورية القوانين من عدمها.
ويقول في هذا الصدد هشام العجبوني القيادي بالتيار الديمقراطي انه "تم التصويت على فصول من قانون المالية لسنة 2024 بطريقة غير دستورية"، مضيفا "هل تعلمون أن رئيس الجمهورية تولى لأول مرة تقريبا ختم قانون المالية ونشره بالرائد الرسمي في نفس يوم المصادقة عليه وذلك لأنه لا يمكن الطعن بعدم دستورية فصوله".
ويضيف العجبوني في تصريح إذاعي "..لن يتم إرساء محكمة دستورية حسب قانون المالية لأن ميزانيتها صفر.. لن تكون هناك محكمة دستورية وقيس سعيد انتقد العشرية السوداء والحال انه كان بإمكانه منذ أوت 2022 إرساء المحكمة الدستورية، فلماذا لم يرسها ولماذا نحن غير قادرين على الطعن في دستورية قانون المالية؟".
جدل جديد قديم
منذ ما بعد 25 جويلية تمت إثارة مسألة إرساء المحكمة الدستورية في أكثر من مناسبة كما ينتقد خصوم رئيس الجمهورية قيس سعيد المماطلة في إحداث هذه المؤسسة رغم انتفاء كل عوائق إحداثها التي رافقت مسار ما قبل 25 وفق دستور 2022.
وقد صرح سابقا أستاذ القانون الدستوري، صغير الزكراوي قائلا:"كان بإمكان رئيس الجمهورية إحداث المحكمة الدستورية خاصّة أنّ تركيبتها جاهزة وفق ما ينصّ عليه الدستور لتفادي حالة الفراغ التي قد تحدث في صورة حدوث شغور في رئاسة الجمهورية ومراقبة النصوص القانونية خاصة المخالفة للدستور".
كما أكد الكثير من أساتذة القانون أنّ تأخّر تركيز المحكمة الدستورية على اعتبارها الساهرة على علوية الدستور والضامنة لدستورية القوانين من شأنه طرح العديد من الإشكاليات وفي مقدمتها بقاء القوانين دون رقابة.
هذا فضلا عن تواصل القراءات والتأويلات داخليا وخارجيا حول غياب الرغبة في تركيز دولة القانون والمؤسسات وتداعيات ذلك على صورة تونس.
دعوات متكررة
وقد صدرت دعوات متكررة حتى من داعمي الرئيس ومسار 25 جويلية إلى ضرورة إرساء المحكمة الدستورية في أقرب الآجال.
ودعا في هذا الصدد النائب رضا الدّلاعي عن كتلة الخطّ الوطني السيادي، رئيس الجمهورية، قيس سعيّد إلى "التّعجيل بمدّ مجلس نواب الشعب بمشروع قانون المحكمة الدستورية لمناقشته والمصادقة عليه وإرساء هذه المحكمة، حتى لا يظلّ تأويل الدستور حكرا على مؤسسة رئاسة الجمهورية"، وفق قوله.
وقال النائب في تصريح سابق لوكالة تونس إفريقيا للأنباء "يجب الإسراع في تركيز المحكمة الدستورية، حتى نضمن نوعا من التحكيم والاستقرار السياسي وحتى لا نقع في أخطاء الماضي، ونرجو أن تعطي رئاسة الجمهورية الأولوية اللاّزمة لمشروع قانون المحكمة الدستورية، نظرا لأهميته البالغة في تنظيم الشأن السياسي ودورها التحكيمي الهام".
وكان البرلمان قد أكد بدوره إيلاء الاهتمام والأولوية اللازمة لتركيز المحكمة الدستورية دون أن ينجز ذلك إلى حد الآن. فقد أكد في وقت سابق رئيس لجنة التشريع العام ياسر القوراري أن "مقترح قانون المحكمة الدستورية من بين أولويات اللجنة خلال العودة البرلمانية الحالية". مضيفا أنّ "مجموعة من النواب تقدموا بمقترح قانون يتعلق بالمحكمة الدستورية وهو على طاولة مكتب مجلس النواب في انتظار إحالته على اللجنة للنظر فيه".
تجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب صادق مجلس نوابب الشعب، يوم 5 ديسمبر الفارط، على المهمة الخاصة بالمحكمة الدستورية من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 بـ126 نعم و2 احتفاظ و1 رفض
كما صوّت نواب البرلمان على المهمة الخاصة بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 بـ125 نعم و3 احتفاظ و1 رفض.
وبيّن حينها رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة، أنّه تمّ إدراج المحكمة الدستورية بقائمة المهمات صلب مشروع قانون المالية لسنة 2024 دون رصد اعتمادات مبدئيا وذلك إلى أن يتمّ رصدها حال إرسائها وتضمين ذلك في إطار قانون مالية تعديلي.
يُذكر أن الفصل 125 من الدستور ينصّ على أنّ "المحكمة الدّستوريّة، هيئة قضائيّة مستقلّة تتركّب من تسعة أعضاء تتمّ تسميتهم بأمر، ثلثهم الأوّل أقدم رؤساء الدّوائر بمحكمة التّعقيب، والثّلث الثّاني أقدم رؤساء الدّوائر التّعقيبيّة أو الاستشاريّة بالمحكمة الإداريّة، والثّلث الثّالث والأخير أقدم أعضاء محكمة المحاسبات. ينتخب أعضاء المحكمة الدّستوريّة من بينهم رئيسا لها ونائبا له، طبقا لما يضبطه القانون".