لا يزال المسار طويلا بخصوص ملف شهداء الثورة وجرحاها بالرغم من مرور 13 سنة على اندلاع أحداث الثورة في 17 ديسمبر سنة 2010، وبالرغم من ترسانة الإجراءات والتشريعات والهياكل والمؤسسات التي أشرفت على النظر في تفاصيله ووقائعه.
فلم تتمكن هذه الهياكل إلى اليوم من فتح الستار على أهمّ مرحلة من مراحل مسار العدالة الانتقالية ألا وهي كشف حقيقة ما حدث من أجل المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، كما لم يتمّ لا جبر الأضرار ولا رد الاعتبار ولا إصلاح المؤسسات ولم يتمّ حتى التداول أو النقاش بخصوص كيفية إعادة كتابة التاريخ كما نصّ على ذلك المسار.
في خضم ذلك بقيت عائلات شهداء الثورة وكذلك الجرحى ممن بقوا أحياء يصارعون الزمن من أجل هذه الأهداف ومن أجل الحصول على حقوقهم وردّ الاعتبار إليهم أو على الأقل فهم ما حدث في تلك الفترة من اندلاع الثورة.
إيمان عبد اللطيف
أودع عدد من عائلات شهداء وجرحى الثورة يوم الجمعة 15 ديسمبر 2023، مقترح قانون لتنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المتعلق بمؤسسة فداء للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها للمطالبة بفصل الملف وفك الارتباط بين ملف شهداء الثورة وجرحاها من المدنيين، وشهداء الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة.
في المقابل وفي ذات اليوم، أكد رئيس مؤسسة فداء أحمد جعفر أن المؤسسة درست 165 ملف جريح ثورة منذ شهر أكتوبر 2023 من مجموع 553 من أولي الحق من جرحى الثورة بالقائمة النهائية من بينهم 59% متزوجون و41% جريح أعزب و62% عاملون و38 غير عاملين.
وقد تمّ عرض 98 جريحا على اللجنة الطبية المختصة لملفات جراحة الثورة قصد تقدير نسبة السقوط المستمر، وبينت النتائج وجود أقل من 26% نسبة سقوط لدى 68 جريحا إضافة إلى تسجيل نسب سقوط جسدي تتراوح بين 26 و50% لدى 15 جريحا وتحديد نسبة سقوط تجاوزت 50 % لدى 15 جريح ثورة، موضحا أن هؤلاء الجرحى هم من الحالات الحرجة لذلك تم الانطلاق بهم لدى اللجنة الطبية للمعاينة والعرض.
وأوضح أن المؤسسة تدرس وضعية المنح التي ستقدم لعائلة الجريح المتوفي بحسب وضعيته الاجتماعية موضحا أن الـ13 جريحا الذين هم في الخارج منهم من سافر بمفرده للعلاج أو غيره ومنهم من اتصل بالمؤسسة وأراد العودة للحصول على حقوقه في التعويض.
كما أفاد خلال ندوة صحفية نظمتها المؤسسة بمدينة الثقافة بالعاصمة، بأنه يتم العمل حاليا على إعادة بناء المسار المهني لفائدة أولي الحق من شهداء العمليات الإرهابية وللجرحى الذين أحيلوا على التقاعد لأسباب صحية، مشيرا إلى أن اللجنة عقدت جلستي عمل يومي 12و14 ديسمبر مع ممثلي وزارتي الدفاع والداخلية لوضع منهجية عمل لتكريس حق إعادة بناء المسار المهني للضحايا وفق وكالة تونس إفريقيا للأنباء.
وأضاف أن ملف الأولوية في الانتفاع ببرامج السكن الاجتماعي هو من أبرز الملفات المطروحة التي تقوم بمعالجتها المؤسسة بالتنسيق بين مختلف الأطراف المتدخلة ومرافقة أبناء شهداء الوطن في مسارهم الدراسي وتمتيع بعض الأرامل من توقيت عمل خاص يراعي الحالة الاجتماعية والنفسية والتدخل لدى بعض الهياكل العمومية لتسوية بعض الملفات الإدارية. وأبرز أن المؤسسة نزّلت المنح المدرسية والجامعية في بطاقات دفع إلكتروني وقامت بجميع الإجراءات لتمتيع أبناء شهداء الوطن من حقهم في العيش الكريم معتبرا أن ذلك واجب تجاه من قدموا حياتهم لتونس وليس منة المبتغاة منها أغراض جانبية.
لكن قبل هذه الإجراءات التي أوردتها مؤسسة فداء، الجدير بالتذكير أن جرحى الثورة قد تساقطوا الواحد تلو الآخر إما بعد صراع مع المرض أو بعد إقدامهم على الانتحار حرقا على غرار جريح الثورة محمد الشابي الذي توفي يوم 23 جانفي 2023 متأثرا بالحروق الذي طالت جسده بعد أن أضرم النار فيه أمام مقر ولاية نابل.
وفي سبتمبر 2022 توفي جريح الثورة منتصر الدخلاوي بنابل بعد صراع طويل مع المرض، وتوفي يوم 17 أفريل 2021 جريح الثورة كمال عبادلية بمستشفى الحروق البليغة ببن عروس متأثرا بالحروق التي أصابته بعد أن أضرم النار بجسده قبل يوم أمام مقر معتمدية سيدي بوزيد الغربية.
خبر وفاة جريح الثورة طارق الدزيري يوم 18 جانفي 2020، نزل أيضا كالصاعقة على متابعي ملفه من نشطاء في المجتمع المدني وأيضا على بقية جرحى الثورة. فالدزيري أصيب يوم 12 جانفي 2011 برصاصتين ظلت إحداهما مستقرة في كبده طيلة تسع سنوات، خلفت تقرحات نهشت جسده لتتوفاه المنية بعد معاناة طويلة عجز خلالها وفي أغلب الأحيان من توفير الدواء.
قبل سنوات من ذلك توفي أيضا جريح الثورة محمد الحنشي وتحديدا في 26 فيفري 2016 اثر تدهور وضعه الصحي ورغم النداءات المتكررة للسلط والتبليغ عن وضعيته الحرجة إلا أنه لم تسعفه أية قرارات ولا تحركات.
لقد مرّ ملف شهداء الثورة وجرحاها بمسار طويل منذ سنة 2011، ملف تم استغلاله والتلاعب به في كل المحطات السياسية والانتخابية، فلم تصدر قائمة شهداء الثورة ومصابيها إلا يوم 19 مارس 2021، بقرار من رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان ورئيس لجنة شهداء الثورة ومصابيها بالعدد 26 من الرائد الرسمي.
فتضمّنت 129 شهيدًا و634 جريحًا في الفترة الممتدّة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011. كما صدر الأمر الحكومي عدد 202 لسنة 2021 المتعلّق بالمصادقة على القائمة الاسمية للشهداء والجرحى من العسكريين الذين استشهدوا أو أصيبوا في إطار أداء واجبهم المهني خلال أحداث الثورة، تضمّنت القائمة 5 شهداء و32 جريحًا.
قبل ذلك كان المخاض عسيرا، شهد تحركات نضالية طويلة واعتصامات ومسيرات نفذتها على مدى سنوات عائلات الشهداء وجرحى الثورة مطالبة بالاعتراف بهم وإصدار القائمة النهائية.
فكانت البداية بإصدار مرسوم عدد 97 لسنة 2011 المتعلّق بالتعويض لشهداء الثورة وجرحاها، ثم إحداث لجنة صلب المجلس الوطني التأسيسي سميت بلجنة شهداء وجرحى الثورة وتفعيل العفو التشريعي العام، ثم بعد ذلك تعهدت هيئة الحقيقة والكرامة منذ سنة 2014 بملفّات الشهداء والجرحى وإدراجهم ضمن قائمة المستفيدين من التعويضات.
بعد ذلك صدر أمر حكومي عدد 338 لسنة 2016 مؤرخ في 9 مارس 2016 يتعلق بإحداث هيئة عامة لشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية وضبط مشمولاتها، وقائمة الهياكل والإدارات تتغير في كلّ مرة.
بعد ذلك صدر المرسوم عدد 20 لسنة 2022 في 9 أفريل 2022 وإحداث مؤسسة فداء والذي أثار استياء عدد من عائلات شهداء الثورة وجرحاها من الذين تمسكوا منذ سنة 2011 بمطلب إنشاء مؤسسة خاصة بهم دون سواهم، والذين سبق لهم أن قدموا مقترح قانون في الغرض للمجلس الوطني التأسيسي، لكن التأسيسي مزج ملف الشهداء والجرحى مع ملف المتمتعين بالعفو التشريعي. وبعد انتخابات 2014 تم إدماج ملف المقاومين مع ملفهم، ثمّ بعد ذلك تمّ إدماج ملف ضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة مع ملفهم.
في هذا السياق، أوضح الناشط الحقوقي المهتم بملف شهداء الثورة وجرحاها عادل بن غازي في تصريح لـ"الصباح" أنّه "منذ 2011 إلى سنة 2023 لا يزال هذا الملف يراوح مكانه ولم تُحقق نتائج كبيرة خاصة من ناحية رد الاعتبار والمحاسبة بل هناك إفلات من العقاب وما حدث قبل يتكرر الآن".
وأضاف بن غازي "للأسف مثل المرسوم عدد 20 لسنة 2022 مثّل نوع من الانقلاب على الملف بالرغم من المطالبة منذ سنة 2011 بإفراد شهداء الثورة وجرحاها بهيكل خاص وفي حياد عن كل الملفات وعن كل توظيف شعبوي وسياسوي" وقال "تعدد الهياكل التي أوكل إليها الملف أضاع حقوق عائلات الشهداء والجرحى، وإلى اليوم لم يتحقق أي شيء على أرض الواقع".
من جهتها أكّدت رئيسة منظمة أوفياء لشهداء الثورة وجرحاها لمياء فرحاني في تصريح لـ"الصباح" أنّه "بالنسبة لمسار المحاسبة وبعد عدة سنوات في المحاكم العسكرية نجد اليوم ومنذ سنة 2018 في الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية لم تتم أي محاكمات ويتم تأجيل القضايا على حالها دون أن يحدث أي تطور فيها".
وأضافت فرحاني "في ملف المحاسبة سنبقى في إشكاليات متناهية والحلم بأننا سنصل إلى أحكام ترضي هؤلاء الأشخاص وتنصفهم فيعرفون من قتل أولادهم فإنها مسألة شبه مستحيلة" أما بالنسبة لملف القائمة الرسمية التي تم نشرها، "فهو لم يغلق أيضا ذلك أن المئات من الأشخاص أصحاب الحق طعنوا في هذه القائمة".
تونس – الصباح
لا يزال المسار طويلا بخصوص ملف شهداء الثورة وجرحاها بالرغم من مرور 13 سنة على اندلاع أحداث الثورة في 17 ديسمبر سنة 2010، وبالرغم من ترسانة الإجراءات والتشريعات والهياكل والمؤسسات التي أشرفت على النظر في تفاصيله ووقائعه.
فلم تتمكن هذه الهياكل إلى اليوم من فتح الستار على أهمّ مرحلة من مراحل مسار العدالة الانتقالية ألا وهي كشف حقيقة ما حدث من أجل المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، كما لم يتمّ لا جبر الأضرار ولا رد الاعتبار ولا إصلاح المؤسسات ولم يتمّ حتى التداول أو النقاش بخصوص كيفية إعادة كتابة التاريخ كما نصّ على ذلك المسار.
في خضم ذلك بقيت عائلات شهداء الثورة وكذلك الجرحى ممن بقوا أحياء يصارعون الزمن من أجل هذه الأهداف ومن أجل الحصول على حقوقهم وردّ الاعتبار إليهم أو على الأقل فهم ما حدث في تلك الفترة من اندلاع الثورة.
إيمان عبد اللطيف
أودع عدد من عائلات شهداء وجرحى الثورة يوم الجمعة 15 ديسمبر 2023، مقترح قانون لتنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المتعلق بمؤسسة فداء للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها للمطالبة بفصل الملف وفك الارتباط بين ملف شهداء الثورة وجرحاها من المدنيين، وشهداء الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة.
في المقابل وفي ذات اليوم، أكد رئيس مؤسسة فداء أحمد جعفر أن المؤسسة درست 165 ملف جريح ثورة منذ شهر أكتوبر 2023 من مجموع 553 من أولي الحق من جرحى الثورة بالقائمة النهائية من بينهم 59% متزوجون و41% جريح أعزب و62% عاملون و38 غير عاملين.
وقد تمّ عرض 98 جريحا على اللجنة الطبية المختصة لملفات جراحة الثورة قصد تقدير نسبة السقوط المستمر، وبينت النتائج وجود أقل من 26% نسبة سقوط لدى 68 جريحا إضافة إلى تسجيل نسب سقوط جسدي تتراوح بين 26 و50% لدى 15 جريحا وتحديد نسبة سقوط تجاوزت 50 % لدى 15 جريح ثورة، موضحا أن هؤلاء الجرحى هم من الحالات الحرجة لذلك تم الانطلاق بهم لدى اللجنة الطبية للمعاينة والعرض.
وأوضح أن المؤسسة تدرس وضعية المنح التي ستقدم لعائلة الجريح المتوفي بحسب وضعيته الاجتماعية موضحا أن الـ13 جريحا الذين هم في الخارج منهم من سافر بمفرده للعلاج أو غيره ومنهم من اتصل بالمؤسسة وأراد العودة للحصول على حقوقه في التعويض.
كما أفاد خلال ندوة صحفية نظمتها المؤسسة بمدينة الثقافة بالعاصمة، بأنه يتم العمل حاليا على إعادة بناء المسار المهني لفائدة أولي الحق من شهداء العمليات الإرهابية وللجرحى الذين أحيلوا على التقاعد لأسباب صحية، مشيرا إلى أن اللجنة عقدت جلستي عمل يومي 12و14 ديسمبر مع ممثلي وزارتي الدفاع والداخلية لوضع منهجية عمل لتكريس حق إعادة بناء المسار المهني للضحايا وفق وكالة تونس إفريقيا للأنباء.
وأضاف أن ملف الأولوية في الانتفاع ببرامج السكن الاجتماعي هو من أبرز الملفات المطروحة التي تقوم بمعالجتها المؤسسة بالتنسيق بين مختلف الأطراف المتدخلة ومرافقة أبناء شهداء الوطن في مسارهم الدراسي وتمتيع بعض الأرامل من توقيت عمل خاص يراعي الحالة الاجتماعية والنفسية والتدخل لدى بعض الهياكل العمومية لتسوية بعض الملفات الإدارية. وأبرز أن المؤسسة نزّلت المنح المدرسية والجامعية في بطاقات دفع إلكتروني وقامت بجميع الإجراءات لتمتيع أبناء شهداء الوطن من حقهم في العيش الكريم معتبرا أن ذلك واجب تجاه من قدموا حياتهم لتونس وليس منة المبتغاة منها أغراض جانبية.
لكن قبل هذه الإجراءات التي أوردتها مؤسسة فداء، الجدير بالتذكير أن جرحى الثورة قد تساقطوا الواحد تلو الآخر إما بعد صراع مع المرض أو بعد إقدامهم على الانتحار حرقا على غرار جريح الثورة محمد الشابي الذي توفي يوم 23 جانفي 2023 متأثرا بالحروق الذي طالت جسده بعد أن أضرم النار فيه أمام مقر ولاية نابل.
وفي سبتمبر 2022 توفي جريح الثورة منتصر الدخلاوي بنابل بعد صراع طويل مع المرض، وتوفي يوم 17 أفريل 2021 جريح الثورة كمال عبادلية بمستشفى الحروق البليغة ببن عروس متأثرا بالحروق التي أصابته بعد أن أضرم النار بجسده قبل يوم أمام مقر معتمدية سيدي بوزيد الغربية.
خبر وفاة جريح الثورة طارق الدزيري يوم 18 جانفي 2020، نزل أيضا كالصاعقة على متابعي ملفه من نشطاء في المجتمع المدني وأيضا على بقية جرحى الثورة. فالدزيري أصيب يوم 12 جانفي 2011 برصاصتين ظلت إحداهما مستقرة في كبده طيلة تسع سنوات، خلفت تقرحات نهشت جسده لتتوفاه المنية بعد معاناة طويلة عجز خلالها وفي أغلب الأحيان من توفير الدواء.
قبل سنوات من ذلك توفي أيضا جريح الثورة محمد الحنشي وتحديدا في 26 فيفري 2016 اثر تدهور وضعه الصحي ورغم النداءات المتكررة للسلط والتبليغ عن وضعيته الحرجة إلا أنه لم تسعفه أية قرارات ولا تحركات.
لقد مرّ ملف شهداء الثورة وجرحاها بمسار طويل منذ سنة 2011، ملف تم استغلاله والتلاعب به في كل المحطات السياسية والانتخابية، فلم تصدر قائمة شهداء الثورة ومصابيها إلا يوم 19 مارس 2021، بقرار من رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان ورئيس لجنة شهداء الثورة ومصابيها بالعدد 26 من الرائد الرسمي.
فتضمّنت 129 شهيدًا و634 جريحًا في الفترة الممتدّة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011. كما صدر الأمر الحكومي عدد 202 لسنة 2021 المتعلّق بالمصادقة على القائمة الاسمية للشهداء والجرحى من العسكريين الذين استشهدوا أو أصيبوا في إطار أداء واجبهم المهني خلال أحداث الثورة، تضمّنت القائمة 5 شهداء و32 جريحًا.
قبل ذلك كان المخاض عسيرا، شهد تحركات نضالية طويلة واعتصامات ومسيرات نفذتها على مدى سنوات عائلات الشهداء وجرحى الثورة مطالبة بالاعتراف بهم وإصدار القائمة النهائية.
فكانت البداية بإصدار مرسوم عدد 97 لسنة 2011 المتعلّق بالتعويض لشهداء الثورة وجرحاها، ثم إحداث لجنة صلب المجلس الوطني التأسيسي سميت بلجنة شهداء وجرحى الثورة وتفعيل العفو التشريعي العام، ثم بعد ذلك تعهدت هيئة الحقيقة والكرامة منذ سنة 2014 بملفّات الشهداء والجرحى وإدراجهم ضمن قائمة المستفيدين من التعويضات.
بعد ذلك صدر أمر حكومي عدد 338 لسنة 2016 مؤرخ في 9 مارس 2016 يتعلق بإحداث هيئة عامة لشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية وضبط مشمولاتها، وقائمة الهياكل والإدارات تتغير في كلّ مرة.
بعد ذلك صدر المرسوم عدد 20 لسنة 2022 في 9 أفريل 2022 وإحداث مؤسسة فداء والذي أثار استياء عدد من عائلات شهداء الثورة وجرحاها من الذين تمسكوا منذ سنة 2011 بمطلب إنشاء مؤسسة خاصة بهم دون سواهم، والذين سبق لهم أن قدموا مقترح قانون في الغرض للمجلس الوطني التأسيسي، لكن التأسيسي مزج ملف الشهداء والجرحى مع ملف المتمتعين بالعفو التشريعي. وبعد انتخابات 2014 تم إدماج ملف المقاومين مع ملفهم، ثمّ بعد ذلك تمّ إدماج ملف ضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة مع ملفهم.
في هذا السياق، أوضح الناشط الحقوقي المهتم بملف شهداء الثورة وجرحاها عادل بن غازي في تصريح لـ"الصباح" أنّه "منذ 2011 إلى سنة 2023 لا يزال هذا الملف يراوح مكانه ولم تُحقق نتائج كبيرة خاصة من ناحية رد الاعتبار والمحاسبة بل هناك إفلات من العقاب وما حدث قبل يتكرر الآن".
وأضاف بن غازي "للأسف مثل المرسوم عدد 20 لسنة 2022 مثّل نوع من الانقلاب على الملف بالرغم من المطالبة منذ سنة 2011 بإفراد شهداء الثورة وجرحاها بهيكل خاص وفي حياد عن كل الملفات وعن كل توظيف شعبوي وسياسوي" وقال "تعدد الهياكل التي أوكل إليها الملف أضاع حقوق عائلات الشهداء والجرحى، وإلى اليوم لم يتحقق أي شيء على أرض الواقع".
من جهتها أكّدت رئيسة منظمة أوفياء لشهداء الثورة وجرحاها لمياء فرحاني في تصريح لـ"الصباح" أنّه "بالنسبة لمسار المحاسبة وبعد عدة سنوات في المحاكم العسكرية نجد اليوم ومنذ سنة 2018 في الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية لم تتم أي محاكمات ويتم تأجيل القضايا على حالها دون أن يحدث أي تطور فيها".
وأضافت فرحاني "في ملف المحاسبة سنبقى في إشكاليات متناهية والحلم بأننا سنصل إلى أحكام ترضي هؤلاء الأشخاص وتنصفهم فيعرفون من قتل أولادهم فإنها مسألة شبه مستحيلة" أما بالنسبة لملف القائمة الرسمية التي تم نشرها، "فهو لم يغلق أيضا ذلك أن المئات من الأشخاص أصحاب الحق طعنوا في هذه القائمة".