إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نعيمة المقراني: الحكم المحلي لن يحل مشاكل التنمية المتراكمة

تنشط نعيمة المقراني في كل ما هو متاخم لنشاط هياكل المجتمع المدني في ولاية القصرين. نتحدث عن تخوم النشاط المدني لأن نعيمة المقراني تدعم ماديا ومعنويا عديد الأنشطة والتظاهرات دون أن تبحث عن الظهور أو عن التكريم لأنها تعتبر أنها قد نشأت على قيم العمل من أجل المجموعة والبحث عن الصالح العام دون البحث عن الجزاء والشكر وقد لعبت عائلتها أدوارا في إسناد المقاومة المسلحة في تونس والجزائر. نعيمة المقراني هي أيضا سيدة أعمال ناجحة تنشط في قطاع النسيج وتتجه أكثر نحو التصدير.

في هذا الحوار تركيز خاصة على تصورات مستقبل التنمية وعوائقها حاليا.

 × كيف تبدو لك وضعية المرأة التونسية ومكانتها من الناحية القانونية والواقعية؟

 +   طبعا لا نأتي بجديد حين نشير إلى أن القوانين المتصلة بالمرأة وحقوقها في تونس هي قوانين رائدة لأن تونس كانت سباقة في هذا المجال. ولا شك أن الواجب يفرض الإشارة هنا إلى دور الرئيس والزعيم الحبيب بورقيبة الذي امتلك من الشجاعة السياسية ومن بعد النظر ما جعله جريئا في هذا المجال وتكفي الإشارة هنا إلى أن تونس هي الدولة العربية الوحيدة التي تلغي وتجرم تعدد الزوجات. الدور الهام الذي تلعبه المرأة التونسية في مختلف المجالات هو أيضا من علامات تميز المرأة التونسية وخاصة تميز المجتمع التونسي الذي يوفر مجال تحرك واسع للمرأة ويساعدها على النشاط والتحرك والإبداع والريادة. ولكن لا يجب أن نستكين وأن نكتفي بتعديد المكاسب وأن ننام على مخدتنا كما يقول المثل الفرنسي. هناك عوائق وصعوبات عديدة تحول دون تمكن المرأة التونسية من التمتع بكل حقوقها. وأذهب إلى أكثر من ذلك وأشير إلى أن بعض هذه الحقوق مهددة ويمكن أن يقع الالتفاف عليها في أي وقت. هناك عقليات بقيت متخلفة ونجدها في مواقع تنفيذ القانون وهذا ما يفسر سوء تطبيق الترسانة التشريعية التي تحمي المرأة من العنف بمختلف أشكاله. وهناك أيضا عدم القضاء على الفكر الرجعي وكلنا يذكر كيف وقع استهداف حقوق ومكانة المرأة زمن سيطرة حركة النهضة. حاليا هذا الفكر المتطرف والذي زحف على المجتمع فقد الهيمنة والسيطرة ولكن تأثيره في بعض الفئات ظل متواصلا. ويضاف إلى ذلك أن الوضع الاقتصادي والاختيارات السياسية تضرب مكانة المرأة بالدرجة الأولى ويكفي الإشارة إلى أن التسرب المدرسي يصيب الفتيات أكثر من الفتيان وإلى ارتفاع تكلفة التداوي والعلاج . باختصار هناك مكاسب ولكن هناك أيضا نقائص ومخاوف في ما يتعلق بالمكانة القانونية والواقعية للمرأة التونسية.

 ×  ما هي السياسات التي يتعين إتباعها لتطوير هذه المكانة قانونيا وواقعيا؟

+  التغيير بواسطة القانون مهمة وضرورية وهو ما يفرض بكل تأكيد مواصلة العمل في هذا المجال وإخضاع القوانين والتشريعات لمقاربة النوع الاجتماعي حتى تتكرس المساواة القانونية الكاملة بين النساء والرجال. ولا بد أيضا من الحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة لأن الليبرالية المجحفة تؤثر سلبيا على النساء أكثر من الرجال. وهذا ضروري ولكن غير كافي لأنه من الضروري العمل على تغيير العقليات خاصة لدى أصحاب القرار حتى لا يمسوا في مستوى الممارسة مكاسب المرأة. أكتفي هنا بالإشارة إلى تراجع حضور المرأة في المجالس المنتخبة ومن غياب معيار الكفاءة في اختيار أعضاء الحكومة وفي العديد من الهياكل. هناك صنف من المسؤولين الرافضين في لاوعيهم لدور متقدم للمرأة وخاصة لأن تكون المرأة متميزة وفي مواقع قرار متقدمة ومن الضروري ان نواجه هذه العقلية الذكورية المتحجرة والتي تعيق التقدم وتساهم في إدامة التخلف.

  ×  كيف يبدو لك واقع التنمية في جهة القصرين؟

 +  انا لا أريد التكلم من منطلق عقلية جهوية لأني أرفض ذلك ولي إيمان راسخ بالانتماء لتونس ولكن منوال التنمية الذي وقع اعتماده منذ الاستقلال إلى اليوم قام على تهميش المناطق الداخلية لأسباب كثيرة بعضها سياسي مرتبط بسياقات وزعامات مقاومة الاستعمار والبعض الآخر مرتبط بأفكار سادت في تلك الفترة حول محركات النمو واستحضر هنا ما قاله ذات مرة الأستاذ عبد الباقي الهرماسي من أنه لو كان الحبيب بورقيبة من القصرين لاتخذ منوال التنمية طريقا آخر. القصرين تزخر بكل مكونات التنمية سواء من حيث كفاءة العنصر البشري أو تعدد الموارد الطبيعية إلى جانب مخزون ثقافي ثري ومتميز ولكنها عانت وتعاني من غياب إرادة سياسية تثمن هذه المقومات وتحولها إلى دوافع وعوامل تنمية. وأعتقد أن استنزاف الشريط الساحلي يفرض حاليا التوجه نحو منوال تنمية جديد يتجه نحو الاستدامة ويركز على الجهات الداخلية

 +  ما هي السياسات التي يتعين إتباعها في هذا الإطار؟

×  من الضروري في البداية عدم المبالغة في المراهنة على آلية الحكم المحلي لأنها محدودة أولا وتحكمها خلفية سياسية دون رؤية شاملة وهو ما قد يجعل منها أحد عوائق ومكبلات التنمية. لا بد من رؤية شاملة تركز فعليا على التكامل بين الجهات وعلى إبراز خصوصية كل جهة وخاصة دورها في التكامل الاقتصادي الوطني حتى يكون هناك تبادل للثراء. يمكن المراهنة في جهة القصرين على الفلاحة والسياحة البديلة بكل مكوناتها وخصوصياتها لأن جهة القصرين مهمة في تكريس الأمن الوطني بمفهومه الواسع والشامل.

نعيمة المقراني: الحكم المحلي لن يحل مشاكل التنمية المتراكمة

تنشط نعيمة المقراني في كل ما هو متاخم لنشاط هياكل المجتمع المدني في ولاية القصرين. نتحدث عن تخوم النشاط المدني لأن نعيمة المقراني تدعم ماديا ومعنويا عديد الأنشطة والتظاهرات دون أن تبحث عن الظهور أو عن التكريم لأنها تعتبر أنها قد نشأت على قيم العمل من أجل المجموعة والبحث عن الصالح العام دون البحث عن الجزاء والشكر وقد لعبت عائلتها أدوارا في إسناد المقاومة المسلحة في تونس والجزائر. نعيمة المقراني هي أيضا سيدة أعمال ناجحة تنشط في قطاع النسيج وتتجه أكثر نحو التصدير.

في هذا الحوار تركيز خاصة على تصورات مستقبل التنمية وعوائقها حاليا.

 × كيف تبدو لك وضعية المرأة التونسية ومكانتها من الناحية القانونية والواقعية؟

 +   طبعا لا نأتي بجديد حين نشير إلى أن القوانين المتصلة بالمرأة وحقوقها في تونس هي قوانين رائدة لأن تونس كانت سباقة في هذا المجال. ولا شك أن الواجب يفرض الإشارة هنا إلى دور الرئيس والزعيم الحبيب بورقيبة الذي امتلك من الشجاعة السياسية ومن بعد النظر ما جعله جريئا في هذا المجال وتكفي الإشارة هنا إلى أن تونس هي الدولة العربية الوحيدة التي تلغي وتجرم تعدد الزوجات. الدور الهام الذي تلعبه المرأة التونسية في مختلف المجالات هو أيضا من علامات تميز المرأة التونسية وخاصة تميز المجتمع التونسي الذي يوفر مجال تحرك واسع للمرأة ويساعدها على النشاط والتحرك والإبداع والريادة. ولكن لا يجب أن نستكين وأن نكتفي بتعديد المكاسب وأن ننام على مخدتنا كما يقول المثل الفرنسي. هناك عوائق وصعوبات عديدة تحول دون تمكن المرأة التونسية من التمتع بكل حقوقها. وأذهب إلى أكثر من ذلك وأشير إلى أن بعض هذه الحقوق مهددة ويمكن أن يقع الالتفاف عليها في أي وقت. هناك عقليات بقيت متخلفة ونجدها في مواقع تنفيذ القانون وهذا ما يفسر سوء تطبيق الترسانة التشريعية التي تحمي المرأة من العنف بمختلف أشكاله. وهناك أيضا عدم القضاء على الفكر الرجعي وكلنا يذكر كيف وقع استهداف حقوق ومكانة المرأة زمن سيطرة حركة النهضة. حاليا هذا الفكر المتطرف والذي زحف على المجتمع فقد الهيمنة والسيطرة ولكن تأثيره في بعض الفئات ظل متواصلا. ويضاف إلى ذلك أن الوضع الاقتصادي والاختيارات السياسية تضرب مكانة المرأة بالدرجة الأولى ويكفي الإشارة إلى أن التسرب المدرسي يصيب الفتيات أكثر من الفتيان وإلى ارتفاع تكلفة التداوي والعلاج . باختصار هناك مكاسب ولكن هناك أيضا نقائص ومخاوف في ما يتعلق بالمكانة القانونية والواقعية للمرأة التونسية.

 ×  ما هي السياسات التي يتعين إتباعها لتطوير هذه المكانة قانونيا وواقعيا؟

+  التغيير بواسطة القانون مهمة وضرورية وهو ما يفرض بكل تأكيد مواصلة العمل في هذا المجال وإخضاع القوانين والتشريعات لمقاربة النوع الاجتماعي حتى تتكرس المساواة القانونية الكاملة بين النساء والرجال. ولا بد أيضا من الحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة لأن الليبرالية المجحفة تؤثر سلبيا على النساء أكثر من الرجال. وهذا ضروري ولكن غير كافي لأنه من الضروري العمل على تغيير العقليات خاصة لدى أصحاب القرار حتى لا يمسوا في مستوى الممارسة مكاسب المرأة. أكتفي هنا بالإشارة إلى تراجع حضور المرأة في المجالس المنتخبة ومن غياب معيار الكفاءة في اختيار أعضاء الحكومة وفي العديد من الهياكل. هناك صنف من المسؤولين الرافضين في لاوعيهم لدور متقدم للمرأة وخاصة لأن تكون المرأة متميزة وفي مواقع قرار متقدمة ومن الضروري ان نواجه هذه العقلية الذكورية المتحجرة والتي تعيق التقدم وتساهم في إدامة التخلف.

  ×  كيف يبدو لك واقع التنمية في جهة القصرين؟

 +  انا لا أريد التكلم من منطلق عقلية جهوية لأني أرفض ذلك ولي إيمان راسخ بالانتماء لتونس ولكن منوال التنمية الذي وقع اعتماده منذ الاستقلال إلى اليوم قام على تهميش المناطق الداخلية لأسباب كثيرة بعضها سياسي مرتبط بسياقات وزعامات مقاومة الاستعمار والبعض الآخر مرتبط بأفكار سادت في تلك الفترة حول محركات النمو واستحضر هنا ما قاله ذات مرة الأستاذ عبد الباقي الهرماسي من أنه لو كان الحبيب بورقيبة من القصرين لاتخذ منوال التنمية طريقا آخر. القصرين تزخر بكل مكونات التنمية سواء من حيث كفاءة العنصر البشري أو تعدد الموارد الطبيعية إلى جانب مخزون ثقافي ثري ومتميز ولكنها عانت وتعاني من غياب إرادة سياسية تثمن هذه المقومات وتحولها إلى دوافع وعوامل تنمية. وأعتقد أن استنزاف الشريط الساحلي يفرض حاليا التوجه نحو منوال تنمية جديد يتجه نحو الاستدامة ويركز على الجهات الداخلية

 +  ما هي السياسات التي يتعين إتباعها في هذا الإطار؟

×  من الضروري في البداية عدم المبالغة في المراهنة على آلية الحكم المحلي لأنها محدودة أولا وتحكمها خلفية سياسية دون رؤية شاملة وهو ما قد يجعل منها أحد عوائق ومكبلات التنمية. لا بد من رؤية شاملة تركز فعليا على التكامل بين الجهات وعلى إبراز خصوصية كل جهة وخاصة دورها في التكامل الاقتصادي الوطني حتى يكون هناك تبادل للثراء. يمكن المراهنة في جهة القصرين على الفلاحة والسياحة البديلة بكل مكوناتها وخصوصياتها لأن جهة القصرين مهمة في تكريس الأمن الوطني بمفهومه الواسع والشامل.