إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين 15 د للتر وأسعار السوق العالمية.. زيت الزيتون من المنتج وصولا إلى المستهلك.. من المستفيد ومن الخاسر؟؟

 

تونس –الصباح

أعلنت وزارة الفلاحة والموارد المائية خلال شهر نوفمبر الفارط عن توفير كمية من زيت الزيتون البكر الممتاز المعلب في حدود 10500 طن في قوارير ذات سعة 1 لتر وتعميم توزيعها على كامل تراب الجمهورية عبر المسالك التجارية المعمول بها في المجال بسعر تفاضلي قدّر بسعر 15 دينارا للتر الواحد, وجاء هذا القرار الذي ينطلق العمل به ابتداء من يوم غد 15 ديسمبر الجاري، اثر جلسات عمل مع وفد من المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بحضور ممثّلين عن الوزارات المعنية (الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والتجارة وتنمية الصادرات والمالية)، وفق بلاغ نشرته وزارة الفلاحة.

ويأتي هذا الإجراء تبعا لتوصيات رئيس الجمهورية بهدف توفير مادة زيت الزيتون البكر الممتاز للمستهلك التونسي بكميات كافية وبأسعار تفاضلية تأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطن، عقب موجة تشكيات أطلقها مواطنون احتجوا فيها على الغلاء الذي وصفوه بالكبير لهذه المادة التي تعد بلادنا أحد كبار منتجيها على المستوى العالمي, بـ240 ألف طن من زيت الزيتون السنة الفارطة.

إعداد: وجيه الوافي

وقد أثار قرار تخفيض أسعار زيت الزيتون إلى حدود 15 دينارا للتر الواحد ردود فعل متباينة, بين مرحب بالقرار واعتبار أنه جاء في وقت مناسب، وبين رافض يعتبر أنه لا يمكن تطبيقه وسيؤدي إلى خسارة كبرى للفلاح بدرجة أولى..

"الصباح" تناولت هذا الموضوع مع جملة من المتدخلين في قطاع زيت الزيتون.

الميداني الضاوي (رئيس نقابة الفلاحين):

الفلاح هو الخاسر

تخفيض سعر الزيت إلى 15 دينارا للتر الواحد سيتسبب في آثار سلبية على الفلاحين حيث سيستغل التجار هذا التغيير لصالحهم أمام انخفاض سعر "القلبة" زيتون (14 كغ) من 55 ديناراً إلى 40 دينارا بسبب هذا الارتباك، مما يؤثر مباشرة على الفلاحين, إضافة الى أن منظومات الإنتاج في تونس تراجعت بسبب قلة العرض وعدم وجود إستراتيجية واضحة، وهو ما أدى إلى تقلص الإنتاج.

ديوان الزيت: التدخل لتوفير كميات بسعر في المتناول

في بلاغ رسمي قال الديوان الوطني للزيت: "قبل هذا القرار شهدت أسعار الزيت تراجعا مؤخرا ليبلغ سعر اللتر الواحد بين 21 و22 دينارا بعد أن وصلت الأسعار إلى 27 و28 دينارا، مقابل صابة ستبلغ خلال هذا الموسم 220 ألف طن، ديوان الزيت سيعمل على توفير الزيت بأسعار مناسبة والتي تم الإعلان عنها مؤخرا وسيتدخل لتوفير كميات من هذه المادة بمختلف المراكز بأسعار مناسبة، تنفيذا لتوصيات رئيس الجمهورية التي تهدف إلى تقريب زيت الزيتون من المستهلك، خاصة وأن أسعار الزيت تخضع إلى قاعدة العرض والطلب على المستوى العالمي، وارتفاع أسعاره يعود إلى تراجع الإنتاج في دول شمال المتوسط.

عمار ضية (رئيس منظمة الدّفاع عن المستهلك):

قرار في صالح المستهلك

زيت الزيتون يخضع لمنطق السوق القائم على العرض والطلب، ومن دورنا حماية المستهلك حتى يكون بإمكانه الاستفادة من هذه المادة بسعر مناسب، التي ستشهد خلال الأشهر القادمة انخفاضا ملحوظا في أسعارها كما كان الأمر في السنوات الفارطة، خاصة بعد قرار تسعيره بـ15 دينارا وتدخل الدولة عن طريق ديوان الزيت لترشيد وتعديل هذه الأسعار، وسيقوم ببيع زيت الزيتون بأسعار مدروسة مما سيجبر بقية مروجي زيت الزيتون على تعديل أسعار البيع لتتماشى مع المقدرة الشرائية وأسعار السوق، وهو ما سيمكن المواطن التونسي من اقتنائه بسعر مناسب.

مراد بن عاشور(رئيس غرفة المعاصر): الأسعار تتأثر بالسوق العالمية

موسم جني الزيتون انطلق بصفة استعجالية هذا الموسم لتوفير أكثر ما يمكن من مداخيل بالعملة الأجنبية تناهز 3 آلاف مليون دينار، في المقابل حوالي 10 بالمائة فقط من زيت الزيتون يستهلك في السوق المحلية، بينما يوجه 90 بالمائة من صابة زيت الزيتون نحو التصدير، والأسعار تتأثر دائما بالسوق العالمية، ولا تتحكم منظومة الإنتاج الوطني في الأسعار, حيث وصل سعر اللتر الواحد من زيت الزيتون 4 دنانير، في سنوات 2019 و2020، بعد أن فرضت السوق العالمية هذه الأسعار، ولكن الأسعار تأثرت اليوم بظاهرة الجفاف ونقص الإنتاج في حوض المتوسط، وبالتالي فإنها ستكون أعلى من المواسم الفارطة وستكون باهظة قليلا.

أما بخصوص الأسعار فقد عقدت الغرفة الوطنية لأصحاب معاصر الزيتون، اجتماعات مع وزارتي التجارة والفلاحة، بهدف وضع آلية لتوفير كميات من زيت الزيتون بأسعار معقولة للمواطنين (15 دينار)، أمام ارتفاع السعر الخاضع للعرض والطلب، حيث تحدد أسعارها بواسطة الأسواق العالمية، حيث بدأت بحوالي 20 دينارا خلال الأسبوع الماضي وصعدت إلى 27 دينارا في الوقت الحالي للتر الواحد، ومن المنتظر أن تشهد الأسعار ارتفاعا طفيفا خارج موسم الإنتاج، الذي من المتوقع أن ينتهي بحلول شهر فيفري 2024 على أقصى تقدير، بسبب إسراع الفلاحين في جني المحصول وتراجع الإنتاج نتيجة للجفاف الذي ضرب البلاد.

نجاح السعيدي حامد (رئيسة غرفة منتجي الزياتين): 15 دينارا محددة للكمية المدعمة من الدولة

بعيدا عن كل التجاذبات التي تسعى لضرب منظومة الزيت بتونس والمساس من عزيمة كل فلاح، حددت الدولة كمية محدودة من زيت الزيتون سيتم بيعها للمواطنين محدودي الدخل كما أذن به رئيس الجمهورية، سعر 15 دينار سعر مخصص فقط للكمية المدعمة بما يعني أن الدولة اشترته بالسعر العالمي ودعمته حتى يستطيع المواطن استهلاك الزيت بأسعار معقولة، وقد تقرر توفير كمية من زيت الزيتون البكر الممتاز المعلب في حدود 10500 طن من مجموع 200 ألف طن في قوارير ذات سعة 1 لتر وتعميم توزيعها على كامل تراب الجمهورية عبر المسالك التجارية المعمول بها في المجال بسعر تفاضلي قدر بسعر 15 دينار للتر الواحد وذلك ابتداء من 15 ديسمبر 2023، حيث لا دخل للدولة أو لديوان الزيت في تسعير زيت الزيتون، هناك بورصة عالمية تتحكم بالأسعار .

سمير الصديق (فلاح): من حق الفلاح الاستفادة من الأسعار العالمية

أنصح الفلاحين بمقاطعة جني الزيتون الى موفى شهر ديسمبر2023، إتحاد للفلاحة يقول إن سعر زيت الزيتون سيتراجع ويحذر من شرائه قبل هذا الشهر وكأن الفلاح هو عدوه اللدود، الفلاح الذي أجهد نفسه وكد وسعى جاهدا وشقي طيلة عامين، سيرفع الدعم عن الزيت النباتي وسترون أن ثمن اللتر الواحد من الزيت النباتي قد يتجاوز 9، في المقابل زيت الزيتون بـ15 دينارا وهي معادلة غير مقبولة بكل المقاييس، هذه السنة سيكون السعر الحقيقي للتر الواحد من 25 دينارا الى حدود 27 دينارا هذا إن لم يتجاوز 30 دينارا نظرا الى أن الأسواق الخارجية في لهفة على اقتناء الزيت التونسي المصنف الأول عالميا وأن محصول الزيتون ضعيف وضعيف جدا بالنسبة لهذا العام، سعر زيت الزيتون عالميا قد يصل ويتجاوز 30 دينار للكلغ فلماذا كل هذا التعتيم والأنانية وتسويق مفاهيم مغلوطة وأن زيت الزيتون هو عادات مترسخة في تونس وهو منتوج وطني ويجب أن يباع ولم لا بـ7 أو 8 دنانير.

كمال (فلاح): لا يجب خلط الأمور.. الاستفادة ستطال الجميع

كفانا عبثا بهذا المنتوج ولنترك الفرصة للفلاح والمنتج بأن يبيع محصوله بسعر مرتفع هذه السنة علما وأن سوق الزيت هو كذلك ضحية المضاربين ولكن المضاربة هنا هي أقل حدة من المواد الأخرى لو تتدخل البنوك ويكون القرار السياسي داعما لهم ومهما كان من أمر في التدليس وتبييض الأموال فإن رقابة البنك المركزي ووزارتي التجارة والمالية تراقب كل عمليات التسويق وحقيقة دخول الأموال وبالكامل لتونس، وهذا من باب تثمين هذا المنتوج الوطني والذي يعد واعدا وإن شاء الله يكون الموسم والمواسم القادمة أفضل كميا ونوعيا وستتراجع الأسعار وسيعود السعر إلي ما بين 10 و15 دينارا.

في المقابل يواصل ثمن زيت الزيتون ارتفاعه في السوق العالمية، حيث تخطى في البورصات الأوروبية 8٫4 أورو للكلغ الواحد وهو ما يعادل 28,35 دينارا تونسي، ورغم تراجع الإنتاج في تونس الى النصف بفعل الجفاف، يمكن أن تبلغ صادراتنا قرابة 5000 مليار من المليمات، في صورة نجحنا في تصدير 200 ألف طن، نأمل أن يقع الاستفادة من هذه الانتعاشة الهامة، رغم غلاء سعر هذه المادة الحيوية بالمقارنة مع الطاقة الشرائية للمواطن التونسي، الذي يعاني أصلا من ندرة العديد من المواد الاستهلاكية وارتفاع أسعارها.

حسام السعيدي (فلاح): الفلاح ضحية أصحاب المعاصر والمصدرين

الدولة ستتكفل بتوفير كمية من الزيت المعلب للمستهلك التونسي بسعر 15د توفره الدولة من ضيعاتها أو تقتنيه وتدعمه، هذه تفاصيل أخرى وهذا شيء محمود ومشكور لكن حقيقة الموضوع لا علاقة له بزيت الفلاح الذي يبيعه للمعصرة التي بدورها تمثل مركز تجميع للمصدر الذي ابرم عقودا مسبقة لبيع الزيت في الخارج بالسعر العالمي وهذا يعني أنه على الفلاح أن يأخذ حذره وينتبه من أصحاب المعاصر والمصدرين الذين استغلوا مسألة تدعيم الدولة لكمية محدودة من الزيت المعلب ستعرضها في السوق المحلية وإيهام الفلاح بأن سعر الزيت انخفض ويشترونه بأبخس الأثمان ويبيعونه في الخارج بأضعاف الأضعاف، وهو ما يحول الفلاح إلى ضحية لأصحاب المعاصر والمصدرين الذين انطلقوا في بعض الجهات في رفض قبول الزيت من الفلاحين بتعلة أن الرئيس قرر تسعيره بـ15 دينارا.

منير (فلاح): كما نتحمل الخسارة من حقنا أن نربح

بخصوص سعر الزيت والتداعيات المنجرة عن الصفحات التي تضرب الفلاح وكذلك الإعلام وأيضا ردا على ما أتى على لسان رئيس الجمهورية، أقول إن التونسي من حقه أن يأكل زيت الزيتون بسعر معقول، زيت الزيتون في تونس ليس ملكا للدولة، هو ملك الفلاح الذي ينتظر لمدة سنين وهو ينفق من قوته حتى تصبح الشجرة منتجة ومن حقه أن يبيع منتجه حسب سعر السوق العالمي، عام 2019 كان السعر بخسا وتكبد الفلاح الخسارة وحده وهناك من ترك الصابة على رؤوس الأشجار، هل وقفت الدولة مع الفلاح حينها، هذه السنة السعر مناسب للفلاح حتى يستطيع دفع ديونه وتجديد أسطوله علما أن غلاء الزيت والزيتون يحرك بشكل كبير الاقتصاد، الدولة إذا أرادت أن يستهلك المواطن الزيت ليس عليها إلا أن تبيع محصول ديوان الزيت بسعر مناسب، الديوان الذي هو على ملك الدولة التي من حقها أن تتصرف كما يحلو لها، كذلك الفلاح الزيت ملكه ويفعل ما يشاء، وبمنطق أوضح، في موسم تدني الأسعار يتحمل الفلاح الخسارة وعام الغلاء من حقه أن يربح.

زيت الزيتون.. ثروة حقيقية وسمعة عالمية

يظهر تَوزُّع إنتاج زيت الزيتون حسب الجهات (وفق المرصد الوطني للفلاحة) أنّ 23٪ يأتي من الشمال و17٪ من الساحل و35٪ من الوسط الغربي و25٪ من الجنوب، وأنّ حوالي 55٪ متأتٍّ من القطاع المروي، وتبلغ مساهمة ولايتي سيدي بوزيد والقيروان، 32٪ من الإنتاج الوطني و53٪ من الإنتاج المروي، وقد بلغ الإنتاج النهائي من الزيت خلال الموسم 2022-2023، نحو 180 ألف طن، مقابل 240 ألف طن خلال موسم 2021-2022 (-25٪)، فيما تراوحت الأسعار ما بين 14 و19 دينار/اللتر، مقابل 9 و12 د/ل خلال موسم 2021-2022.

وسجّلت الصادرات الفلاحية خلال 2023، تطوّرا بنسبة 47٪ و51٪ من الصادرات الغذائية، 17.6 ألف طن زيت زيتون معلّب بقيمة 367 مليون دينار و53 ألف طن زيت زيتون بيولوجي بقيمة 970 م د، علاوة على 89٪ من صادرات زيت زيتون بكر ممتاز.

واستنادا إلى آخر المؤشرات الإحصائية الصادرة عن المرصد الوطني للفلاحة، فقد ارتفعت عائدات صادرات زيت الزيتون التونسي منذ انطلاق الموسم الى غاية موفى سبتمبر 2023 بنسبة 56,6 بالمائة لتبلغ 3188,4 مليون دينار.

وتراجعت صادرات زيت الزيتون،على مستوى الحجم، بنسبة 1,7 بالمائة لتبلغ 185 ألف طن، مقارنة بالفترة ذاتها خلال موسم 2021-2022.

واستأثرت السوق الأوروبية بأكبر حصة من حجم صادرات زيت الزيتون بنسبة 77 بالمائة، تليها أمريكا الشمالية (16 بالمائة) وإفريقيا (5 بالمائة).

واحتلت اسبانيا المرتبة الأولى ضمن قائمة الدول المستوردة لزيت الزيتون التونسي بنسبة 45 بالمائة من إجمالي الكميات المصدرة خلال الأشهر السبعة الأولى من موسم 2022/2023 ، تليها إيطاليا (25 بالمائة) والولايات المتحدة الأمريكية (12 بالمائة).

وحسب إحصائيات رسمية يوجد ما يقارب 106 ملايين شجرة زيتون مزروعة في تونس على مساحة تزيد 1.9 مليون هكتار، كما يفوق عدد المعاصر الـ1700.

كما حصلت تونس في العام 2022، على 21 ميدالية ذهبية و11 فضية في مسابقة لاختيار أحسن زيت زيتون في مسابقة (NYIOOC) بنيويورك.

وحلت تونس في المركز السابع في المسابقة، بنسبة نجاح فاقت 80 في المائة قياسا بعدد المشاركات التي تقدمت بها إلى المسابقة، فيما عاد المركز الأول لإيطاليا (128 ميدالية ذهبية و30 فضية) تليها إسبانيا (96 ذهبية و32 فضية) ثم كرواتيا (69 ذهبية و27 فضية).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بين 15 د للتر وأسعار السوق العالمية..   زيت الزيتون من المنتج وصولا إلى المستهلك.. من المستفيد ومن الخاسر؟؟

 

تونس –الصباح

أعلنت وزارة الفلاحة والموارد المائية خلال شهر نوفمبر الفارط عن توفير كمية من زيت الزيتون البكر الممتاز المعلب في حدود 10500 طن في قوارير ذات سعة 1 لتر وتعميم توزيعها على كامل تراب الجمهورية عبر المسالك التجارية المعمول بها في المجال بسعر تفاضلي قدّر بسعر 15 دينارا للتر الواحد, وجاء هذا القرار الذي ينطلق العمل به ابتداء من يوم غد 15 ديسمبر الجاري، اثر جلسات عمل مع وفد من المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بحضور ممثّلين عن الوزارات المعنية (الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والتجارة وتنمية الصادرات والمالية)، وفق بلاغ نشرته وزارة الفلاحة.

ويأتي هذا الإجراء تبعا لتوصيات رئيس الجمهورية بهدف توفير مادة زيت الزيتون البكر الممتاز للمستهلك التونسي بكميات كافية وبأسعار تفاضلية تأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطن، عقب موجة تشكيات أطلقها مواطنون احتجوا فيها على الغلاء الذي وصفوه بالكبير لهذه المادة التي تعد بلادنا أحد كبار منتجيها على المستوى العالمي, بـ240 ألف طن من زيت الزيتون السنة الفارطة.

إعداد: وجيه الوافي

وقد أثار قرار تخفيض أسعار زيت الزيتون إلى حدود 15 دينارا للتر الواحد ردود فعل متباينة, بين مرحب بالقرار واعتبار أنه جاء في وقت مناسب، وبين رافض يعتبر أنه لا يمكن تطبيقه وسيؤدي إلى خسارة كبرى للفلاح بدرجة أولى..

"الصباح" تناولت هذا الموضوع مع جملة من المتدخلين في قطاع زيت الزيتون.

الميداني الضاوي (رئيس نقابة الفلاحين):

الفلاح هو الخاسر

تخفيض سعر الزيت إلى 15 دينارا للتر الواحد سيتسبب في آثار سلبية على الفلاحين حيث سيستغل التجار هذا التغيير لصالحهم أمام انخفاض سعر "القلبة" زيتون (14 كغ) من 55 ديناراً إلى 40 دينارا بسبب هذا الارتباك، مما يؤثر مباشرة على الفلاحين, إضافة الى أن منظومات الإنتاج في تونس تراجعت بسبب قلة العرض وعدم وجود إستراتيجية واضحة، وهو ما أدى إلى تقلص الإنتاج.

ديوان الزيت: التدخل لتوفير كميات بسعر في المتناول

في بلاغ رسمي قال الديوان الوطني للزيت: "قبل هذا القرار شهدت أسعار الزيت تراجعا مؤخرا ليبلغ سعر اللتر الواحد بين 21 و22 دينارا بعد أن وصلت الأسعار إلى 27 و28 دينارا، مقابل صابة ستبلغ خلال هذا الموسم 220 ألف طن، ديوان الزيت سيعمل على توفير الزيت بأسعار مناسبة والتي تم الإعلان عنها مؤخرا وسيتدخل لتوفير كميات من هذه المادة بمختلف المراكز بأسعار مناسبة، تنفيذا لتوصيات رئيس الجمهورية التي تهدف إلى تقريب زيت الزيتون من المستهلك، خاصة وأن أسعار الزيت تخضع إلى قاعدة العرض والطلب على المستوى العالمي، وارتفاع أسعاره يعود إلى تراجع الإنتاج في دول شمال المتوسط.

عمار ضية (رئيس منظمة الدّفاع عن المستهلك):

قرار في صالح المستهلك

زيت الزيتون يخضع لمنطق السوق القائم على العرض والطلب، ومن دورنا حماية المستهلك حتى يكون بإمكانه الاستفادة من هذه المادة بسعر مناسب، التي ستشهد خلال الأشهر القادمة انخفاضا ملحوظا في أسعارها كما كان الأمر في السنوات الفارطة، خاصة بعد قرار تسعيره بـ15 دينارا وتدخل الدولة عن طريق ديوان الزيت لترشيد وتعديل هذه الأسعار، وسيقوم ببيع زيت الزيتون بأسعار مدروسة مما سيجبر بقية مروجي زيت الزيتون على تعديل أسعار البيع لتتماشى مع المقدرة الشرائية وأسعار السوق، وهو ما سيمكن المواطن التونسي من اقتنائه بسعر مناسب.

مراد بن عاشور(رئيس غرفة المعاصر): الأسعار تتأثر بالسوق العالمية

موسم جني الزيتون انطلق بصفة استعجالية هذا الموسم لتوفير أكثر ما يمكن من مداخيل بالعملة الأجنبية تناهز 3 آلاف مليون دينار، في المقابل حوالي 10 بالمائة فقط من زيت الزيتون يستهلك في السوق المحلية، بينما يوجه 90 بالمائة من صابة زيت الزيتون نحو التصدير، والأسعار تتأثر دائما بالسوق العالمية، ولا تتحكم منظومة الإنتاج الوطني في الأسعار, حيث وصل سعر اللتر الواحد من زيت الزيتون 4 دنانير، في سنوات 2019 و2020، بعد أن فرضت السوق العالمية هذه الأسعار، ولكن الأسعار تأثرت اليوم بظاهرة الجفاف ونقص الإنتاج في حوض المتوسط، وبالتالي فإنها ستكون أعلى من المواسم الفارطة وستكون باهظة قليلا.

أما بخصوص الأسعار فقد عقدت الغرفة الوطنية لأصحاب معاصر الزيتون، اجتماعات مع وزارتي التجارة والفلاحة، بهدف وضع آلية لتوفير كميات من زيت الزيتون بأسعار معقولة للمواطنين (15 دينار)، أمام ارتفاع السعر الخاضع للعرض والطلب، حيث تحدد أسعارها بواسطة الأسواق العالمية، حيث بدأت بحوالي 20 دينارا خلال الأسبوع الماضي وصعدت إلى 27 دينارا في الوقت الحالي للتر الواحد، ومن المنتظر أن تشهد الأسعار ارتفاعا طفيفا خارج موسم الإنتاج، الذي من المتوقع أن ينتهي بحلول شهر فيفري 2024 على أقصى تقدير، بسبب إسراع الفلاحين في جني المحصول وتراجع الإنتاج نتيجة للجفاف الذي ضرب البلاد.

نجاح السعيدي حامد (رئيسة غرفة منتجي الزياتين): 15 دينارا محددة للكمية المدعمة من الدولة

بعيدا عن كل التجاذبات التي تسعى لضرب منظومة الزيت بتونس والمساس من عزيمة كل فلاح، حددت الدولة كمية محدودة من زيت الزيتون سيتم بيعها للمواطنين محدودي الدخل كما أذن به رئيس الجمهورية، سعر 15 دينار سعر مخصص فقط للكمية المدعمة بما يعني أن الدولة اشترته بالسعر العالمي ودعمته حتى يستطيع المواطن استهلاك الزيت بأسعار معقولة، وقد تقرر توفير كمية من زيت الزيتون البكر الممتاز المعلب في حدود 10500 طن من مجموع 200 ألف طن في قوارير ذات سعة 1 لتر وتعميم توزيعها على كامل تراب الجمهورية عبر المسالك التجارية المعمول بها في المجال بسعر تفاضلي قدر بسعر 15 دينار للتر الواحد وذلك ابتداء من 15 ديسمبر 2023، حيث لا دخل للدولة أو لديوان الزيت في تسعير زيت الزيتون، هناك بورصة عالمية تتحكم بالأسعار .

سمير الصديق (فلاح): من حق الفلاح الاستفادة من الأسعار العالمية

أنصح الفلاحين بمقاطعة جني الزيتون الى موفى شهر ديسمبر2023، إتحاد للفلاحة يقول إن سعر زيت الزيتون سيتراجع ويحذر من شرائه قبل هذا الشهر وكأن الفلاح هو عدوه اللدود، الفلاح الذي أجهد نفسه وكد وسعى جاهدا وشقي طيلة عامين، سيرفع الدعم عن الزيت النباتي وسترون أن ثمن اللتر الواحد من الزيت النباتي قد يتجاوز 9، في المقابل زيت الزيتون بـ15 دينارا وهي معادلة غير مقبولة بكل المقاييس، هذه السنة سيكون السعر الحقيقي للتر الواحد من 25 دينارا الى حدود 27 دينارا هذا إن لم يتجاوز 30 دينارا نظرا الى أن الأسواق الخارجية في لهفة على اقتناء الزيت التونسي المصنف الأول عالميا وأن محصول الزيتون ضعيف وضعيف جدا بالنسبة لهذا العام، سعر زيت الزيتون عالميا قد يصل ويتجاوز 30 دينار للكلغ فلماذا كل هذا التعتيم والأنانية وتسويق مفاهيم مغلوطة وأن زيت الزيتون هو عادات مترسخة في تونس وهو منتوج وطني ويجب أن يباع ولم لا بـ7 أو 8 دنانير.

كمال (فلاح): لا يجب خلط الأمور.. الاستفادة ستطال الجميع

كفانا عبثا بهذا المنتوج ولنترك الفرصة للفلاح والمنتج بأن يبيع محصوله بسعر مرتفع هذه السنة علما وأن سوق الزيت هو كذلك ضحية المضاربين ولكن المضاربة هنا هي أقل حدة من المواد الأخرى لو تتدخل البنوك ويكون القرار السياسي داعما لهم ومهما كان من أمر في التدليس وتبييض الأموال فإن رقابة البنك المركزي ووزارتي التجارة والمالية تراقب كل عمليات التسويق وحقيقة دخول الأموال وبالكامل لتونس، وهذا من باب تثمين هذا المنتوج الوطني والذي يعد واعدا وإن شاء الله يكون الموسم والمواسم القادمة أفضل كميا ونوعيا وستتراجع الأسعار وسيعود السعر إلي ما بين 10 و15 دينارا.

في المقابل يواصل ثمن زيت الزيتون ارتفاعه في السوق العالمية، حيث تخطى في البورصات الأوروبية 8٫4 أورو للكلغ الواحد وهو ما يعادل 28,35 دينارا تونسي، ورغم تراجع الإنتاج في تونس الى النصف بفعل الجفاف، يمكن أن تبلغ صادراتنا قرابة 5000 مليار من المليمات، في صورة نجحنا في تصدير 200 ألف طن، نأمل أن يقع الاستفادة من هذه الانتعاشة الهامة، رغم غلاء سعر هذه المادة الحيوية بالمقارنة مع الطاقة الشرائية للمواطن التونسي، الذي يعاني أصلا من ندرة العديد من المواد الاستهلاكية وارتفاع أسعارها.

حسام السعيدي (فلاح): الفلاح ضحية أصحاب المعاصر والمصدرين

الدولة ستتكفل بتوفير كمية من الزيت المعلب للمستهلك التونسي بسعر 15د توفره الدولة من ضيعاتها أو تقتنيه وتدعمه، هذه تفاصيل أخرى وهذا شيء محمود ومشكور لكن حقيقة الموضوع لا علاقة له بزيت الفلاح الذي يبيعه للمعصرة التي بدورها تمثل مركز تجميع للمصدر الذي ابرم عقودا مسبقة لبيع الزيت في الخارج بالسعر العالمي وهذا يعني أنه على الفلاح أن يأخذ حذره وينتبه من أصحاب المعاصر والمصدرين الذين استغلوا مسألة تدعيم الدولة لكمية محدودة من الزيت المعلب ستعرضها في السوق المحلية وإيهام الفلاح بأن سعر الزيت انخفض ويشترونه بأبخس الأثمان ويبيعونه في الخارج بأضعاف الأضعاف، وهو ما يحول الفلاح إلى ضحية لأصحاب المعاصر والمصدرين الذين انطلقوا في بعض الجهات في رفض قبول الزيت من الفلاحين بتعلة أن الرئيس قرر تسعيره بـ15 دينارا.

منير (فلاح): كما نتحمل الخسارة من حقنا أن نربح

بخصوص سعر الزيت والتداعيات المنجرة عن الصفحات التي تضرب الفلاح وكذلك الإعلام وأيضا ردا على ما أتى على لسان رئيس الجمهورية، أقول إن التونسي من حقه أن يأكل زيت الزيتون بسعر معقول، زيت الزيتون في تونس ليس ملكا للدولة، هو ملك الفلاح الذي ينتظر لمدة سنين وهو ينفق من قوته حتى تصبح الشجرة منتجة ومن حقه أن يبيع منتجه حسب سعر السوق العالمي، عام 2019 كان السعر بخسا وتكبد الفلاح الخسارة وحده وهناك من ترك الصابة على رؤوس الأشجار، هل وقفت الدولة مع الفلاح حينها، هذه السنة السعر مناسب للفلاح حتى يستطيع دفع ديونه وتجديد أسطوله علما أن غلاء الزيت والزيتون يحرك بشكل كبير الاقتصاد، الدولة إذا أرادت أن يستهلك المواطن الزيت ليس عليها إلا أن تبيع محصول ديوان الزيت بسعر مناسب، الديوان الذي هو على ملك الدولة التي من حقها أن تتصرف كما يحلو لها، كذلك الفلاح الزيت ملكه ويفعل ما يشاء، وبمنطق أوضح، في موسم تدني الأسعار يتحمل الفلاح الخسارة وعام الغلاء من حقه أن يربح.

زيت الزيتون.. ثروة حقيقية وسمعة عالمية

يظهر تَوزُّع إنتاج زيت الزيتون حسب الجهات (وفق المرصد الوطني للفلاحة) أنّ 23٪ يأتي من الشمال و17٪ من الساحل و35٪ من الوسط الغربي و25٪ من الجنوب، وأنّ حوالي 55٪ متأتٍّ من القطاع المروي، وتبلغ مساهمة ولايتي سيدي بوزيد والقيروان، 32٪ من الإنتاج الوطني و53٪ من الإنتاج المروي، وقد بلغ الإنتاج النهائي من الزيت خلال الموسم 2022-2023، نحو 180 ألف طن، مقابل 240 ألف طن خلال موسم 2021-2022 (-25٪)، فيما تراوحت الأسعار ما بين 14 و19 دينار/اللتر، مقابل 9 و12 د/ل خلال موسم 2021-2022.

وسجّلت الصادرات الفلاحية خلال 2023، تطوّرا بنسبة 47٪ و51٪ من الصادرات الغذائية، 17.6 ألف طن زيت زيتون معلّب بقيمة 367 مليون دينار و53 ألف طن زيت زيتون بيولوجي بقيمة 970 م د، علاوة على 89٪ من صادرات زيت زيتون بكر ممتاز.

واستنادا إلى آخر المؤشرات الإحصائية الصادرة عن المرصد الوطني للفلاحة، فقد ارتفعت عائدات صادرات زيت الزيتون التونسي منذ انطلاق الموسم الى غاية موفى سبتمبر 2023 بنسبة 56,6 بالمائة لتبلغ 3188,4 مليون دينار.

وتراجعت صادرات زيت الزيتون،على مستوى الحجم، بنسبة 1,7 بالمائة لتبلغ 185 ألف طن، مقارنة بالفترة ذاتها خلال موسم 2021-2022.

واستأثرت السوق الأوروبية بأكبر حصة من حجم صادرات زيت الزيتون بنسبة 77 بالمائة، تليها أمريكا الشمالية (16 بالمائة) وإفريقيا (5 بالمائة).

واحتلت اسبانيا المرتبة الأولى ضمن قائمة الدول المستوردة لزيت الزيتون التونسي بنسبة 45 بالمائة من إجمالي الكميات المصدرة خلال الأشهر السبعة الأولى من موسم 2022/2023 ، تليها إيطاليا (25 بالمائة) والولايات المتحدة الأمريكية (12 بالمائة).

وحسب إحصائيات رسمية يوجد ما يقارب 106 ملايين شجرة زيتون مزروعة في تونس على مساحة تزيد 1.9 مليون هكتار، كما يفوق عدد المعاصر الـ1700.

كما حصلت تونس في العام 2022، على 21 ميدالية ذهبية و11 فضية في مسابقة لاختيار أحسن زيت زيتون في مسابقة (NYIOOC) بنيويورك.

وحلت تونس في المركز السابع في المسابقة، بنسبة نجاح فاقت 80 في المائة قياسا بعدد المشاركات التي تقدمت بها إلى المسابقة، فيما عاد المركز الأول لإيطاليا (128 ميدالية ذهبية و30 فضية) تليها إسبانيا (96 ذهبية و32 فضية) ثم كرواتيا (69 ذهبية و27 فضية).