إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الشاعر أحمد المباركي لـ"الصباح": "غضب البرتقال" أقام في محراب القدس الأبيّة وتغنّى بالمقاومة والصمود

 

 

حوار: محسن بن احمد

تونس-الصباح

احمد المباركي احد القامات الشعرية التي تفخر بها ربوع الجريد التونسي بدرجة أولى.. عاشق الأرض والطبيعة والصحراء وغابات النخيل التي يستلهم من سحرها ورونقها وتناسقها مضامين قصائد تخاطب الطفل ووجدانه وتسعى الى زرع بذور الخير والحب والشموخ والطموح فيه، فطفل اليوم هو رجل المستقبل وأحمد المباركي اختار امتطاء صهوة البناء والتأسيس والانتصار لكل معاني الجمال في الوجود في خطابه للطفل ايمان منه بان الشعر هي حجر الزاوية وحجر الأساس لكسب رهان التميز والنجاح والإرادة الحرة والطموح الى معانقة الشمس

في هذا اللقاء يتحدث احمد المباركي عن هذا العشق الكبير للكتابة للطفل في زمن أصبحت فيه التكنولوجيات المتطورة ملجا النشء على اكثر من مستوى فكيف يمكن كسب رهان هذه المعادلة ؟

**كيف تقدم لنا ما جادت به قريحتك من اشعار اخترت ان تتوج بها الى الطفل ؟

-"غضب البُرتقال" هو ديواني الطّفوليّ الثّاني عشر أقام في محراب القدس الأبيّة وتغنّى بالمقاومة والصّمود وزغردة البندقيّة وكشف بهاء القُدس وجنين وغزّة ورفعة الشّهداء في أرض الإسراء فسجّل بطولات (محمّد الدّرّة وغسّان كنَفاني وشيرين أبو عاقلة) وأظهر الرِّفعة والشّموخ والتّحدّي.. أظهر التّمسّكَ بالأرض بالزّيتون والبرتقال في عصر التّشتّت والانبِتات فكانت قصائده مموسَقة متنوّعة البحور تصلح للنّشيد والكورال وتبعث جُرعات من الحماس والاعتزاز بفلسطين أرضًا وهُويّةً وحضارةً سامقةً جامعة لكلّ الأحرار مكافحةً الصُّهيونيّة عَدُوّةَ الأمّةِ العربيّة الإسلاميّة..

"غضبُ البرتقال" صَرخةٌ مُدوِّيَةٌ لتحرير الإنسان ولصناعة مُستقبَلٍ مزهِرٍ مُفعَمٍ بالخيراتِ والسّعاداتِ ستتكفّل «مؤسّسة بانياد أفرا الإيرانيّة» بطباعته مشكورة قريبا جدّا إن شاء الله قد طبعت قبله ديواني"أقمار وأعراس" ماي 2023..ستتكفل أيضا دولة إيران الإسلاميّة بطباعة ديواني الطّفولي: "زوارق المحبّة» وهو رحلة موسيقيّة ومضمونيّة ممتعة شامخة.. فهو يعلّم الطّفل في العالم الرّفق بالحيوانات وحسن المعاشرة باعتبارها كائنات تشاركنا لذّة الوجود ومتعة البقاء فهي المؤنِسة والوفيّة والودودة..والحيوانات في اشعاري منبع للحِكمة والقِيم الإنسانيّة الخالدة التي يحتاجها بشدّة الطّفل في عصرنا الرّاهن كحبّ العمل والنّشاط والحُبور والمرَح والانضباط والانتظام لتحقيق هدف نبيل والصّبر ..لقد استطاع الدّيوان «زوارق المحبّة» أن يمتع الطّفولة بقصائده المُمَوْسَقة ذات الصّور الشّعريّة البديعة والقاطفة أزاهيرًا من عوالم الجمال والجلال..وأمّا ديواني الطّفولي «زهرات ضوئيّة» فهو مبحِرٌ في علاقة الطّفل-الآن وهُنا- بأجهرة الاتّصال الحديثة كالهاتف الجوّال والحاسوب ولوحة لمسة وقد أثبتت القصائد الإيجابيات والسّلبيات كما عرّجتْ على بعض الألعاب الإلكترونية الخطِرة مثل لعبة «الحوت الأزرق» وغيرها التي هي مُتْلِفة للنّفس والجيب والوقت الثّمين.. وقد تنوّعت القصائد في ترنيماتها فكانت على وتيرة المتقارب والرّجُز والوافر إيغالا في التنغيم وقد شُفعت القصائد بكلمات مشروحة تساعد على الفهم وتُثري الزّادَيْن المعرفيّ واللّغويّ وستتكفّل بنشره هذه الأيّام القريبة بحول الله الدّار الثّقافيّة بالمنستير التّونسيّة..

وديواني الطّفولي الموالي فيحمل عنوان "مدرستي جنّتي" عن دار يافا التّونسيّة مشكورة سيصدر إن شاء اللّه وقصائده تتغنّى وتترنّم بالمدرسة حاضنة الطّفل ومطوّرته وصانعته مستشرفا على الجمال والجلال وقد حذّرت نصوصه من الشّغب الذي يعرقل نجاحات الطّفل المتعلِّم فكانت النّصوص معانقة لأزهار المدرسة والسّاحة والمربّي /النّبيّ الإنسان بل لحارس المؤسَّسة التّربويّة باعتباره لبنة في صرح المعرفة وقد تنوّعت نغمات الأناشيد فكانت أغلبها ضمن مجزوء الوافر والخبب والمتقارب والرّجُز وقد تطرّقت إلى بعض معوِّقات المتعلّمين كالأمراض المعدية الكورونا مثلا.. في القصائد عشق للمكان والإنسان صانع الآمال والسّعادة..

**الى أي حد يمكن الحديث عن تطور الكتابة للطفل اليوم من حيث المضامين،وما مدى نجاحها في شد اهتمام الناشئة؟

-الكتابة الموجّهة للأطفال في عصرنا الرّاهن مختلفة عن ما كانت عليه قبل عُقود لتغلغل الأجهزة الإلكترونية في حياتنا بل في أحلام الطّفولة فإذا القصّة المتحرّكة المصحوبة بإيقاعات مخصوصة أكثر إبلاغا وتأثيرا من القصّة الكلاسيكيّة.وعليه وجب على صُنّاع أُهزوجة الطّفل العربي أن يواكبوا هذا التّطوّر السّريع سرعة الضّوء.. فلم تعُدْ القصيدة الطّفوليّة القديمة بمواضيعها المكررة المستهلكة مغرية للصّغار ولكن وجب على المبدعين أن يعيشوا الواقع وجراحاته أن يكتبوا عن النّتّ والرّسائل البرقيّة وعن لوحة لمسة وأحدث التّطوّرات التّقنية لا أن يوقفوا عقارب الزّمن عند القرون الخوالي.فللطّفل الحديث همومه وآلامه وآماله هي لصيقة واقعه الرّجراج الكثير التّقلّبات والمفاجآت.وما نلاحظه في السّاحة اليوم من قصائد طفوليّة لا يحقّق متعة الطفل الميّال الإلكترونيات والمستنطق أحدث الاختراعات.فمتى نعايش رغبات الطّفل ونعانق أمنيّاتها المتجدّدة "كالمستعدّ إلى الرّحيل لا ينقضي عنه الرّحيل" حسب تعبير أديبنا التّونسي الكبير "محمود المسعدي"

**هل ان الطفل اليوم في تعاطيه مع الوسائل التكنولوجية الحديثة أكثر ذكاء من طفل الستينات والسبعينات على وجه الخصوص؟

-طفل اليوم أكثر استعمالاً لأجهزة الاتّصال الحديثة في البيت والشّارع والمدرسة والنّوادي ودور الإعلاميّة والمحطّات آناء اللّيل وأطراف النّهار مع أوليائه وأصدقائه الواقعيّين والحقيقيين ومعلّميه ومع من لا يعرف لغاتهم. فهو كثير الاطّلاع على أحدث الآلات والنّظريّات والأفلام والمغامرات والمباريات الواقعيّة والألعاب الافتراضية والأكاديميّات يتابعها ساعة بساعة مقارنة بطفل السّتّينيّات وغيره..ولكن في المقابل نلاحظ تدنّي المقروئية عنده بقلّة إقباله على الكتاب الورقي-ربّما هذه الأزمة خطرة في وطننا العربي أساسًا-بل نجده عزوفا محقّرا الكتب التّقليديّة ميّالاً للتغريب والتّفسّخ حافظا كلمات أشبه بشقشقة ألفاظ لا تسمن ولا تغني من جوع بل تجده مردّدًا أغاني هابطة كلماتها وموسيقاها وهزيل أداؤها سريعا ما يمُجّها ويستبدلها بغيرها أكثر بريقا و"حداثة" و"الحداثة" في مفهومه هي كلّ ما يثير زوبعة إعلاميّة مهما كانت.

**من وجهة نظرك كيف يمكن كسب رهان المعادلة بين الكتاب الورقي والالكتروني اليوم ؟

-ما أبهى أن تكون توأمة في سلوك طفل اليوم بين الكتابيْن الورقي والالكتروني وأن يعتزّ بأمجاده دون انغلاق ولا تعصّب مقيت.. فهل عزّ أقوام بغير لغاتِ حسب تعبير شاعر النّيل "محمّد حافظ إبراهيم".

**بصفتك الكاتب العام لمهرجان توزر الدولي للشعر ماذا بقي في الذاكرة من الدّورة الأخيرة التي انتظمت في نوفمبر الماضي ؟

-أنا الأديب التّونسي «أحمد المباركي» صاحب الثلاثين كتابا مطبوعا في الشّعر والسّرد والنّقد تقريبا وباعتباري كاتبا عامًّا لأب المهرجانات التّونسية قد انتظمت الدّورة 43 أيّام 23-24-25 نوفمبر 2023 في أماكن مختلفة (نزل المُرادي -القبّة الضّوئية وسط البلاد-الشّبيكة -عنق الجمل) واستقبلت الهيئة المديرة للمهرجان كوكبة من الشّعراء من قارات مختلفة ومن دول متنوعة عربية (الجزائر-المغرب-السّعودية-العراق-لبنان) وأوروبية(سويسرا-ايطاليا-اسبانيا-فرنسا) وكانت الدورة محتفلة بفلسطين تحت شعار (فلسطين سيّدة السّماء والأرض) كما ضمّت روضة أبي القاسم الشّابي ندوة حول (الشّعر والتّواصل) أثّث المحاضرات الدّكاترة من تونس (محمّد القاضي-مصطفى الكيلاني-شفيع بالزّين) وبحثوا في علاقة الشّعر بالذكاء الاصطناعي والرقمنة فكانت متميّزة بشهادة.. واختُتمت الدّورة 43 بتوزيع الشهائد وتكريم أديبين من الجريد التّونسي الشّاعريْن (خير الدّين ومحمّد اللّواء عمارة) وللمرّة الأولى انفتح الشّعر على السّاحات العامة وغادر الأماكن الضّيّقة وعانق المسرح وعالم الصورة والأضواء والالكترونيّات.ورغم ما حقّقه قيْدوم المهرجانات التّونسيّة باعتبار تأسيسه ماي 1980 فإنّ ميزانيّته هزيلة جدّا مقارنة ببعض التّظاهرات الخاطفة في العاصمة وما حولها ولئن حرص رئيس جمعيّة المهرجان الشّاعر (عادل بوعقّة) ومديره الأديب (محمّد بوحوش) ومنسّق الدّورة الشّاعر (لطفي زكري) وكذلك بقية الأعضاء على الإضافة فإنهم اضطروا إلى التّقليل من عدد الشّعراء التّونسيّين وهم يطالبون وزارة الشّؤون الثّقافيّة بالاهتمام والتّرفيع من ميزانيّته ليحقّق الفرح ويكون حقًّا سيّد المهرجانات الشّعريّة بتونس بل بالمغرب العربي أيضا.كما تطالب الهيئة المديرة بمن يساعدها في توثيق الدّورة 43 في كتاب أنيق يسعد الأجيال القادمة المتعطّشة للجمال والجلال ذاك الكتاب يكون ساعتها يليق بأمجاد الجريد التّونسي الذي أنجب الشّابي وآل خريّف وابن الشّبّاط والشّقراطسي ومنوّر صمادح والقائمة طويلة.

***************************

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 الشاعر أحمد المباركي لـ"الصباح":  "غضب البرتقال" أقام في محراب القدس الأبيّة وتغنّى بالمقاومة والصمود

 

 

حوار: محسن بن احمد

تونس-الصباح

احمد المباركي احد القامات الشعرية التي تفخر بها ربوع الجريد التونسي بدرجة أولى.. عاشق الأرض والطبيعة والصحراء وغابات النخيل التي يستلهم من سحرها ورونقها وتناسقها مضامين قصائد تخاطب الطفل ووجدانه وتسعى الى زرع بذور الخير والحب والشموخ والطموح فيه، فطفل اليوم هو رجل المستقبل وأحمد المباركي اختار امتطاء صهوة البناء والتأسيس والانتصار لكل معاني الجمال في الوجود في خطابه للطفل ايمان منه بان الشعر هي حجر الزاوية وحجر الأساس لكسب رهان التميز والنجاح والإرادة الحرة والطموح الى معانقة الشمس

في هذا اللقاء يتحدث احمد المباركي عن هذا العشق الكبير للكتابة للطفل في زمن أصبحت فيه التكنولوجيات المتطورة ملجا النشء على اكثر من مستوى فكيف يمكن كسب رهان هذه المعادلة ؟

**كيف تقدم لنا ما جادت به قريحتك من اشعار اخترت ان تتوج بها الى الطفل ؟

-"غضب البُرتقال" هو ديواني الطّفوليّ الثّاني عشر أقام في محراب القدس الأبيّة وتغنّى بالمقاومة والصّمود وزغردة البندقيّة وكشف بهاء القُدس وجنين وغزّة ورفعة الشّهداء في أرض الإسراء فسجّل بطولات (محمّد الدّرّة وغسّان كنَفاني وشيرين أبو عاقلة) وأظهر الرِّفعة والشّموخ والتّحدّي.. أظهر التّمسّكَ بالأرض بالزّيتون والبرتقال في عصر التّشتّت والانبِتات فكانت قصائده مموسَقة متنوّعة البحور تصلح للنّشيد والكورال وتبعث جُرعات من الحماس والاعتزاز بفلسطين أرضًا وهُويّةً وحضارةً سامقةً جامعة لكلّ الأحرار مكافحةً الصُّهيونيّة عَدُوّةَ الأمّةِ العربيّة الإسلاميّة..

"غضبُ البرتقال" صَرخةٌ مُدوِّيَةٌ لتحرير الإنسان ولصناعة مُستقبَلٍ مزهِرٍ مُفعَمٍ بالخيراتِ والسّعاداتِ ستتكفّل «مؤسّسة بانياد أفرا الإيرانيّة» بطباعته مشكورة قريبا جدّا إن شاء الله قد طبعت قبله ديواني"أقمار وأعراس" ماي 2023..ستتكفل أيضا دولة إيران الإسلاميّة بطباعة ديواني الطّفولي: "زوارق المحبّة» وهو رحلة موسيقيّة ومضمونيّة ممتعة شامخة.. فهو يعلّم الطّفل في العالم الرّفق بالحيوانات وحسن المعاشرة باعتبارها كائنات تشاركنا لذّة الوجود ومتعة البقاء فهي المؤنِسة والوفيّة والودودة..والحيوانات في اشعاري منبع للحِكمة والقِيم الإنسانيّة الخالدة التي يحتاجها بشدّة الطّفل في عصرنا الرّاهن كحبّ العمل والنّشاط والحُبور والمرَح والانضباط والانتظام لتحقيق هدف نبيل والصّبر ..لقد استطاع الدّيوان «زوارق المحبّة» أن يمتع الطّفولة بقصائده المُمَوْسَقة ذات الصّور الشّعريّة البديعة والقاطفة أزاهيرًا من عوالم الجمال والجلال..وأمّا ديواني الطّفولي «زهرات ضوئيّة» فهو مبحِرٌ في علاقة الطّفل-الآن وهُنا- بأجهرة الاتّصال الحديثة كالهاتف الجوّال والحاسوب ولوحة لمسة وقد أثبتت القصائد الإيجابيات والسّلبيات كما عرّجتْ على بعض الألعاب الإلكترونية الخطِرة مثل لعبة «الحوت الأزرق» وغيرها التي هي مُتْلِفة للنّفس والجيب والوقت الثّمين.. وقد تنوّعت القصائد في ترنيماتها فكانت على وتيرة المتقارب والرّجُز والوافر إيغالا في التنغيم وقد شُفعت القصائد بكلمات مشروحة تساعد على الفهم وتُثري الزّادَيْن المعرفيّ واللّغويّ وستتكفّل بنشره هذه الأيّام القريبة بحول الله الدّار الثّقافيّة بالمنستير التّونسيّة..

وديواني الطّفولي الموالي فيحمل عنوان "مدرستي جنّتي" عن دار يافا التّونسيّة مشكورة سيصدر إن شاء اللّه وقصائده تتغنّى وتترنّم بالمدرسة حاضنة الطّفل ومطوّرته وصانعته مستشرفا على الجمال والجلال وقد حذّرت نصوصه من الشّغب الذي يعرقل نجاحات الطّفل المتعلِّم فكانت النّصوص معانقة لأزهار المدرسة والسّاحة والمربّي /النّبيّ الإنسان بل لحارس المؤسَّسة التّربويّة باعتباره لبنة في صرح المعرفة وقد تنوّعت نغمات الأناشيد فكانت أغلبها ضمن مجزوء الوافر والخبب والمتقارب والرّجُز وقد تطرّقت إلى بعض معوِّقات المتعلّمين كالأمراض المعدية الكورونا مثلا.. في القصائد عشق للمكان والإنسان صانع الآمال والسّعادة..

**الى أي حد يمكن الحديث عن تطور الكتابة للطفل اليوم من حيث المضامين،وما مدى نجاحها في شد اهتمام الناشئة؟

-الكتابة الموجّهة للأطفال في عصرنا الرّاهن مختلفة عن ما كانت عليه قبل عُقود لتغلغل الأجهزة الإلكترونية في حياتنا بل في أحلام الطّفولة فإذا القصّة المتحرّكة المصحوبة بإيقاعات مخصوصة أكثر إبلاغا وتأثيرا من القصّة الكلاسيكيّة.وعليه وجب على صُنّاع أُهزوجة الطّفل العربي أن يواكبوا هذا التّطوّر السّريع سرعة الضّوء.. فلم تعُدْ القصيدة الطّفوليّة القديمة بمواضيعها المكررة المستهلكة مغرية للصّغار ولكن وجب على المبدعين أن يعيشوا الواقع وجراحاته أن يكتبوا عن النّتّ والرّسائل البرقيّة وعن لوحة لمسة وأحدث التّطوّرات التّقنية لا أن يوقفوا عقارب الزّمن عند القرون الخوالي.فللطّفل الحديث همومه وآلامه وآماله هي لصيقة واقعه الرّجراج الكثير التّقلّبات والمفاجآت.وما نلاحظه في السّاحة اليوم من قصائد طفوليّة لا يحقّق متعة الطفل الميّال الإلكترونيات والمستنطق أحدث الاختراعات.فمتى نعايش رغبات الطّفل ونعانق أمنيّاتها المتجدّدة "كالمستعدّ إلى الرّحيل لا ينقضي عنه الرّحيل" حسب تعبير أديبنا التّونسي الكبير "محمود المسعدي"

**هل ان الطفل اليوم في تعاطيه مع الوسائل التكنولوجية الحديثة أكثر ذكاء من طفل الستينات والسبعينات على وجه الخصوص؟

-طفل اليوم أكثر استعمالاً لأجهزة الاتّصال الحديثة في البيت والشّارع والمدرسة والنّوادي ودور الإعلاميّة والمحطّات آناء اللّيل وأطراف النّهار مع أوليائه وأصدقائه الواقعيّين والحقيقيين ومعلّميه ومع من لا يعرف لغاتهم. فهو كثير الاطّلاع على أحدث الآلات والنّظريّات والأفلام والمغامرات والمباريات الواقعيّة والألعاب الافتراضية والأكاديميّات يتابعها ساعة بساعة مقارنة بطفل السّتّينيّات وغيره..ولكن في المقابل نلاحظ تدنّي المقروئية عنده بقلّة إقباله على الكتاب الورقي-ربّما هذه الأزمة خطرة في وطننا العربي أساسًا-بل نجده عزوفا محقّرا الكتب التّقليديّة ميّالاً للتغريب والتّفسّخ حافظا كلمات أشبه بشقشقة ألفاظ لا تسمن ولا تغني من جوع بل تجده مردّدًا أغاني هابطة كلماتها وموسيقاها وهزيل أداؤها سريعا ما يمُجّها ويستبدلها بغيرها أكثر بريقا و"حداثة" و"الحداثة" في مفهومه هي كلّ ما يثير زوبعة إعلاميّة مهما كانت.

**من وجهة نظرك كيف يمكن كسب رهان المعادلة بين الكتاب الورقي والالكتروني اليوم ؟

-ما أبهى أن تكون توأمة في سلوك طفل اليوم بين الكتابيْن الورقي والالكتروني وأن يعتزّ بأمجاده دون انغلاق ولا تعصّب مقيت.. فهل عزّ أقوام بغير لغاتِ حسب تعبير شاعر النّيل "محمّد حافظ إبراهيم".

**بصفتك الكاتب العام لمهرجان توزر الدولي للشعر ماذا بقي في الذاكرة من الدّورة الأخيرة التي انتظمت في نوفمبر الماضي ؟

-أنا الأديب التّونسي «أحمد المباركي» صاحب الثلاثين كتابا مطبوعا في الشّعر والسّرد والنّقد تقريبا وباعتباري كاتبا عامًّا لأب المهرجانات التّونسية قد انتظمت الدّورة 43 أيّام 23-24-25 نوفمبر 2023 في أماكن مختلفة (نزل المُرادي -القبّة الضّوئية وسط البلاد-الشّبيكة -عنق الجمل) واستقبلت الهيئة المديرة للمهرجان كوكبة من الشّعراء من قارات مختلفة ومن دول متنوعة عربية (الجزائر-المغرب-السّعودية-العراق-لبنان) وأوروبية(سويسرا-ايطاليا-اسبانيا-فرنسا) وكانت الدورة محتفلة بفلسطين تحت شعار (فلسطين سيّدة السّماء والأرض) كما ضمّت روضة أبي القاسم الشّابي ندوة حول (الشّعر والتّواصل) أثّث المحاضرات الدّكاترة من تونس (محمّد القاضي-مصطفى الكيلاني-شفيع بالزّين) وبحثوا في علاقة الشّعر بالذكاء الاصطناعي والرقمنة فكانت متميّزة بشهادة.. واختُتمت الدّورة 43 بتوزيع الشهائد وتكريم أديبين من الجريد التّونسي الشّاعريْن (خير الدّين ومحمّد اللّواء عمارة) وللمرّة الأولى انفتح الشّعر على السّاحات العامة وغادر الأماكن الضّيّقة وعانق المسرح وعالم الصورة والأضواء والالكترونيّات.ورغم ما حقّقه قيْدوم المهرجانات التّونسيّة باعتبار تأسيسه ماي 1980 فإنّ ميزانيّته هزيلة جدّا مقارنة ببعض التّظاهرات الخاطفة في العاصمة وما حولها ولئن حرص رئيس جمعيّة المهرجان الشّاعر (عادل بوعقّة) ومديره الأديب (محمّد بوحوش) ومنسّق الدّورة الشّاعر (لطفي زكري) وكذلك بقية الأعضاء على الإضافة فإنهم اضطروا إلى التّقليل من عدد الشّعراء التّونسيّين وهم يطالبون وزارة الشّؤون الثّقافيّة بالاهتمام والتّرفيع من ميزانيّته ليحقّق الفرح ويكون حقًّا سيّد المهرجانات الشّعريّة بتونس بل بالمغرب العربي أيضا.كما تطالب الهيئة المديرة بمن يساعدها في توثيق الدّورة 43 في كتاب أنيق يسعد الأجيال القادمة المتعطّشة للجمال والجلال ذاك الكتاب يكون ساعتها يليق بأمجاد الجريد التّونسي الذي أنجب الشّابي وآل خريّف وابن الشّبّاط والشّقراطسي ومنوّر صمادح والقائمة طويلة.

***************************