-63 اغنية في مسيرتها واخر حفل لها كان بالمسرح البلدي
-صالح المهدي ثاني الملحنين الذين غنت لهم صليحة بعد خميس ترنان
-في الكاف تأسس مهرجان للأغنية باسمها طواه اليوم النسيان
محسن بن احمد
26 نوفمبر 1958 -26 نوفمبر 2023 – خمس وستون سنة تمر اليوم على رحيل صوت انطلق من رحم أرض خصبة.. زاخرة بالإبداع والتوق الى الأفضل والأرقى والأجمل.. صوت انطلق من قرية شامخة صامدة.. لتكتب للتاريخ الفني احلى وأروع قصص الابداع والابتكار الذي يسمو بالروح نحو الأعلى. بكل هدوء وسكينة وراحة نفسية ووجدانية.
من قرية نبر.. القرية الجميلة انطلقت صليحة لتؤسس وتؤثث مسيرة فنية تونسية خالصة وخالدة.. انطلقت لتكون وتبقى صوت النغم التونسي الأصيل الصادح بكل معاني الجمال في الوجود..
أحبت الغناء فأخلصت له. أحبت الحياة ومباهجها فأقبلت عليها.
أحبت المقامات والطبوع التونسية فنذرت حياتها لتكريسها وترسيخها في الذائقة الفنية.
غنت كل الأنماط الموسيقية وقدمت كل المضامين دون تغليب نمط على آخر.. او الانتصار لمضمون على آخر..
في كل اغنية من اغانيها قصة ترويها.. تحكيها.. بتفاعل صادق وآهات هي النقاء والصفاء والبهاء...
أغانيها تكشف حياتها.. تروي آلامها.. لحظات الضعف.. ولحظات الكبرياء والشموخ كأية امرأة.. ترفض الاستكانة والخنوع والخضوع.. حتى وهي في اقسى درجات الألم.
هي صليحة واسمها الأصلي صلوحة والدها ابراهيم بن عبد الحفيظ من أصل جزائري وامها مباركة بنت عمارة بن محمود الرزقي من مواليد سنة 1914 بقرية نبر من ولاية الكاف.
دفعت الظروف الطبيعية القاسية بالعائلة المتكونة من الأب والأم وصلوحة وشقيقتها علجية.. الى الاستقرار بنهج الحفير في باب الخضراء بالعاصمة لتبدأ مرحلة جديدة في حياة صليحة انطلاقا من منزل مصطفى بن جعفر ثم «بدرية» الفنانة التي كانت ذائعة الصيت من خلال الحفلات الاسبوعية التي تحييها بحضور المثقفين والعاشقين للطرب الأصيل.
وتلقف صوتها ذات يوم المحامي الفنان حسونة بن عمار الذي أعجب بصوتها فأجهد نفسه في العثور عليها لكنه لم يتمكن من ذلك ليجمع اللفاء «صلوحة» بالفنان الليبي البشير فهمي فعمل على احتضان هذه الموهبة.
وشاءت الصدفة ان يستمع اليها الفنان الباجي السرداحي وهي تشدو «افرح يا قلبي» لأم كلثوم فاستقر الرأي على تعهد هذا الصوت بالتكوين والاعداد. وبادر بتقديمها لأول مرة في الاذ اعة لتلتحق بعد ذلك بالرشيدية .
اول امتحان في الرشيدية
ظهرت الرشيدية على يد مجموعة من المثقفين التونسيين وعلى رأسهم مصطفى صفر الذي كان يشغل منصب مدير التشريفات بالوزارة الكبرى وشيخ مدينة تونس وقد اطلق عليها هذا الاسم نسبة لمحمد رشيد باي (1710-1759) وهو أحد الادباء والفنانين الذين ظهروا في القرن الثامن عشر الميلادي في تونس حيث كان شاعرا عاشقا ومحبا للموسيقى التونسية.
برزت الرشيدية في مناخ سياسي واجتماعي صعب حيث تزامن تاريخ تأسيسها مع تاريخ تنامي الكفاح والعمل النضالي على أكثر من صعيد.. وتأسيسها خلال فترة الثلاثينيات تأكيدا وابرازا لمبادرة ثقافية رائدة هدفها الرئيسي المحافظة على الشخصية التونسية من الذوبان وان تبقى تونس أحد رموز للحضارة العربية وان لا يذوب تراثها الموسيقي والغنائي عن الحضارة والثقافة العربية والاسلامية.
تأسست الرشيدية لمواجهة كل محاولات الاستعمار تهميش الهوية الثقافية الموسيقية التونسية وللتأكيد على خصوصية الابداع الفني التونسي.
خضعت الفنانة صليحة قبل التحاقها رسميا بالرشيدية الى امتحان فني بإشراف مجموعة من اقطاب الموسيقى في تلك الفترة بالرشيدية: مصطفى صفر، ومحمد بن سليمان، ورشيد بن مصطفى وخميس الترنان ومحمد التريكي وعلي بنواس ومصطفى الكعاك، وصالح المهدي، وحسونة بن عمار.. وغنت "بالله يا أحمد يا خويا" باتقان شديد مما دفع بحسونة بن عمار الى الاعلان عاليا عن اعجابه وافتتانه بالصوت "الله يا صليحة" ليصبح بالتالي اسمها الفني بعد انضمامها الى الرشيدية.
**صالح المهدي وصليحة
توقف الدكتور الراحل صالح المهدي في كتاب له عن الرشيدية عند ابرز المحطات الفنية لصليحة الى جانب شهادات له في اكثر من برنامج إذاعي ولقاء صحفي أصبح اليوم من الوثائق المكتوبة والمسموعة النادرة.
يقول الراحل صالح المهدي في احدى شهادته عن صليحة
"... كنت في استقبالها الى جانب الاستاذ مصطفى صفر شيخ المدينة ورئيس الرشيدية الذي استمع اليها بانتباه شديد.. ليتم الاتفاق على إلحاقها بالمجموعة الصوتية للرشيدية حيث تعهدها الفنان خميس الترنان بالمتابعة وصقل صوتها وتعليمها اصول الموسيقى..
كشفت الراحلة صليحة على امكانيات صوتية متميزة.. فقد برهنت انها قادرة على تقديم الأفضل بما وهبها الله من عذوبة في الصوت، فكان ان تم تقديمها لأول مرة في الاداء الفردي ضمن الرشيدية من خلال اغنية:
"بخنوق بنت المحاميد عيشة
وريشة بريشة
عامين ما يكملوش النقيشة"
ادتها الراحلة صليحة بكل ثقة في النفس وبتفاعل صادق جمع بين الامتاع والاقناع ولتصبح بذلك احدى الركائز الاساسية التي تعتمد عليها الرشيدية في نشاطها الفني.
واستجاب الراحل صالح المهدي لطلب الاستاذ عثمان الكعاك بصفته رئيسا للرشيدية في تلك الفترة بان اعد لها لحن أغنية كتب نصها الحاج عثمان الغربي لتكون فاتحة تعاملي الفني مع صليحة الاغنية عنوانها: مريض فاني طال بيا دايا ...من عين كحلة هذبْها كوايا" وكان ذلك سنة 1945
نجاح صليحة وتميّزها وحرفيتها في اداء "مريض فاني طال بيّا دايا"مثّل حافزا للمزيد من الالحانوالتعاون الفني مع صالح المهدي الذي نجده في المرتبة الثانية بعد
بعد خميس الترنان في مجموع الالحان التي قدمها لصليحة ومن هذه الأغاني على سبيل الذكر لا الحصر الذكر التي اعدها صالح المهدي لصليحة "أوتاري وعودي، دار الفلك.. حبيتها.. في بستاني.. يا خدود التفاح.. يا خليلة.,,,"
نبل صليحة
يحفظ التاريخ للراحلة الخالدة صليحة موقفا نبيلا في حق الراحلة الفنانة علية فقد بادر الراحل صالح المهدي بتلحين اغنية " هلولة " التي كانت خصيصا لصليحة وعبرت علية عن رغبتها في ان تكون هذه الاغنية لها فكان ان تنازلت عنها صليحة لها..
يوم 10 نوفمبر 1958كانت الراحلة صليحة تحت وطأة المرض لكنها كانت اكثر اصرارا على مواصلة طريقها الفني.. صعدت على ركح المسرح البلدي بالعاصمة وهي منهكة لتؤدي بكل صفاء وصدق وبكل ما في ذاتها من احاسيس اغنية «مريض فاني طال بيّا دايا"..
غنّت منتصرة على آلامها الفظيعة التي كانت تقطع اوصالها.. غنت بلهفة شديدة.. قبل ان تعلن الاستسلام لهذه الآلام حيث تم حملها الى بيتها مرهقة.. منهكة ونقلت اثر ذلك الى احدى المصحات.. وكان يوم 10 نوفمبر 1958 آخر لقاء لها مع الجمهور الذي عشق صوتها وأحبّ أغانيها فحفظها بكل حب وردّدها باعجاب.
ويوم 26 نوفمبر 1958 اسلمت الروح الى باريها وقد خلفت 63 أغنية جمعت بين التراث والقصائد والأغاني العاطفية والدينية.
المهرجان الذي اصبح ذكرى
خلال تسعينات القرن الماضي بادرت المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالكاف بإدارة الأستاذ الحبيب العوادي بتأسيس مهرجان غنائي تونسي اصيل باسم الراحلة صليحة.. مثل هذا المهرجان قبلة اهل الموسيقى والاغنية والفن وطنيا ومغاربيا على امتداد سنوات طويلة وهو الذي اختار الاغنية التونسية ركنا أساسيا ورئيسيا له في مسابقة الأداء الفردي.. كان المهرجان وراء اكتشاف العديد من الأصوات الفنية في الطابع التونسي على غرار اية دغنوج ونجوى العرفاوي وسفيان الزايدي وسارة النويوي والذين التحقوا بالرشيدية انطلاق من مهرجان صليحة للأغنية التونسية بالكاف واخرين كما كان هذا المهرجان قبلة العديد من الفنانين من منطقة المغرب العربي على غرار الراحلين الحاج الطاهر الفرقاني من الجزائر وحسن العريبي رائد المالوف والموشحات بليبيا .
وحدث ما لم يكن في الحسبان حيث افل هذا المهرجان العريق ورغم عديد المحاولات لاعادة الحياة له فان النسيان لفه وأصبح مجرد ذكرى في مسيرة الاغنية التونسية جهويا ووطنيا شانه في ذلك شان المهرجان الوطني للموسيقيين الهواة بمنزل تميم.. وتلك حكاية أخرى.
-63 اغنية في مسيرتها واخر حفل لها كان بالمسرح البلدي
-صالح المهدي ثاني الملحنين الذين غنت لهم صليحة بعد خميس ترنان
-في الكاف تأسس مهرجان للأغنية باسمها طواه اليوم النسيان
محسن بن احمد
26 نوفمبر 1958 -26 نوفمبر 2023 – خمس وستون سنة تمر اليوم على رحيل صوت انطلق من رحم أرض خصبة.. زاخرة بالإبداع والتوق الى الأفضل والأرقى والأجمل.. صوت انطلق من قرية شامخة صامدة.. لتكتب للتاريخ الفني احلى وأروع قصص الابداع والابتكار الذي يسمو بالروح نحو الأعلى. بكل هدوء وسكينة وراحة نفسية ووجدانية.
من قرية نبر.. القرية الجميلة انطلقت صليحة لتؤسس وتؤثث مسيرة فنية تونسية خالصة وخالدة.. انطلقت لتكون وتبقى صوت النغم التونسي الأصيل الصادح بكل معاني الجمال في الوجود..
أحبت الغناء فأخلصت له. أحبت الحياة ومباهجها فأقبلت عليها.
أحبت المقامات والطبوع التونسية فنذرت حياتها لتكريسها وترسيخها في الذائقة الفنية.
غنت كل الأنماط الموسيقية وقدمت كل المضامين دون تغليب نمط على آخر.. او الانتصار لمضمون على آخر..
في كل اغنية من اغانيها قصة ترويها.. تحكيها.. بتفاعل صادق وآهات هي النقاء والصفاء والبهاء...
أغانيها تكشف حياتها.. تروي آلامها.. لحظات الضعف.. ولحظات الكبرياء والشموخ كأية امرأة.. ترفض الاستكانة والخنوع والخضوع.. حتى وهي في اقسى درجات الألم.
هي صليحة واسمها الأصلي صلوحة والدها ابراهيم بن عبد الحفيظ من أصل جزائري وامها مباركة بنت عمارة بن محمود الرزقي من مواليد سنة 1914 بقرية نبر من ولاية الكاف.
دفعت الظروف الطبيعية القاسية بالعائلة المتكونة من الأب والأم وصلوحة وشقيقتها علجية.. الى الاستقرار بنهج الحفير في باب الخضراء بالعاصمة لتبدأ مرحلة جديدة في حياة صليحة انطلاقا من منزل مصطفى بن جعفر ثم «بدرية» الفنانة التي كانت ذائعة الصيت من خلال الحفلات الاسبوعية التي تحييها بحضور المثقفين والعاشقين للطرب الأصيل.
وتلقف صوتها ذات يوم المحامي الفنان حسونة بن عمار الذي أعجب بصوتها فأجهد نفسه في العثور عليها لكنه لم يتمكن من ذلك ليجمع اللفاء «صلوحة» بالفنان الليبي البشير فهمي فعمل على احتضان هذه الموهبة.
وشاءت الصدفة ان يستمع اليها الفنان الباجي السرداحي وهي تشدو «افرح يا قلبي» لأم كلثوم فاستقر الرأي على تعهد هذا الصوت بالتكوين والاعداد. وبادر بتقديمها لأول مرة في الاذ اعة لتلتحق بعد ذلك بالرشيدية .
اول امتحان في الرشيدية
ظهرت الرشيدية على يد مجموعة من المثقفين التونسيين وعلى رأسهم مصطفى صفر الذي كان يشغل منصب مدير التشريفات بالوزارة الكبرى وشيخ مدينة تونس وقد اطلق عليها هذا الاسم نسبة لمحمد رشيد باي (1710-1759) وهو أحد الادباء والفنانين الذين ظهروا في القرن الثامن عشر الميلادي في تونس حيث كان شاعرا عاشقا ومحبا للموسيقى التونسية.
برزت الرشيدية في مناخ سياسي واجتماعي صعب حيث تزامن تاريخ تأسيسها مع تاريخ تنامي الكفاح والعمل النضالي على أكثر من صعيد.. وتأسيسها خلال فترة الثلاثينيات تأكيدا وابرازا لمبادرة ثقافية رائدة هدفها الرئيسي المحافظة على الشخصية التونسية من الذوبان وان تبقى تونس أحد رموز للحضارة العربية وان لا يذوب تراثها الموسيقي والغنائي عن الحضارة والثقافة العربية والاسلامية.
تأسست الرشيدية لمواجهة كل محاولات الاستعمار تهميش الهوية الثقافية الموسيقية التونسية وللتأكيد على خصوصية الابداع الفني التونسي.
خضعت الفنانة صليحة قبل التحاقها رسميا بالرشيدية الى امتحان فني بإشراف مجموعة من اقطاب الموسيقى في تلك الفترة بالرشيدية: مصطفى صفر، ومحمد بن سليمان، ورشيد بن مصطفى وخميس الترنان ومحمد التريكي وعلي بنواس ومصطفى الكعاك، وصالح المهدي، وحسونة بن عمار.. وغنت "بالله يا أحمد يا خويا" باتقان شديد مما دفع بحسونة بن عمار الى الاعلان عاليا عن اعجابه وافتتانه بالصوت "الله يا صليحة" ليصبح بالتالي اسمها الفني بعد انضمامها الى الرشيدية.
**صالح المهدي وصليحة
توقف الدكتور الراحل صالح المهدي في كتاب له عن الرشيدية عند ابرز المحطات الفنية لصليحة الى جانب شهادات له في اكثر من برنامج إذاعي ولقاء صحفي أصبح اليوم من الوثائق المكتوبة والمسموعة النادرة.
يقول الراحل صالح المهدي في احدى شهادته عن صليحة
"... كنت في استقبالها الى جانب الاستاذ مصطفى صفر شيخ المدينة ورئيس الرشيدية الذي استمع اليها بانتباه شديد.. ليتم الاتفاق على إلحاقها بالمجموعة الصوتية للرشيدية حيث تعهدها الفنان خميس الترنان بالمتابعة وصقل صوتها وتعليمها اصول الموسيقى..
كشفت الراحلة صليحة على امكانيات صوتية متميزة.. فقد برهنت انها قادرة على تقديم الأفضل بما وهبها الله من عذوبة في الصوت، فكان ان تم تقديمها لأول مرة في الاداء الفردي ضمن الرشيدية من خلال اغنية:
"بخنوق بنت المحاميد عيشة
وريشة بريشة
عامين ما يكملوش النقيشة"
ادتها الراحلة صليحة بكل ثقة في النفس وبتفاعل صادق جمع بين الامتاع والاقناع ولتصبح بذلك احدى الركائز الاساسية التي تعتمد عليها الرشيدية في نشاطها الفني.
واستجاب الراحل صالح المهدي لطلب الاستاذ عثمان الكعاك بصفته رئيسا للرشيدية في تلك الفترة بان اعد لها لحن أغنية كتب نصها الحاج عثمان الغربي لتكون فاتحة تعاملي الفني مع صليحة الاغنية عنوانها: مريض فاني طال بيا دايا ...من عين كحلة هذبْها كوايا" وكان ذلك سنة 1945
نجاح صليحة وتميّزها وحرفيتها في اداء "مريض فاني طال بيّا دايا"مثّل حافزا للمزيد من الالحانوالتعاون الفني مع صالح المهدي الذي نجده في المرتبة الثانية بعد
بعد خميس الترنان في مجموع الالحان التي قدمها لصليحة ومن هذه الأغاني على سبيل الذكر لا الحصر الذكر التي اعدها صالح المهدي لصليحة "أوتاري وعودي، دار الفلك.. حبيتها.. في بستاني.. يا خدود التفاح.. يا خليلة.,,,"
نبل صليحة
يحفظ التاريخ للراحلة الخالدة صليحة موقفا نبيلا في حق الراحلة الفنانة علية فقد بادر الراحل صالح المهدي بتلحين اغنية " هلولة " التي كانت خصيصا لصليحة وعبرت علية عن رغبتها في ان تكون هذه الاغنية لها فكان ان تنازلت عنها صليحة لها..
يوم 10 نوفمبر 1958كانت الراحلة صليحة تحت وطأة المرض لكنها كانت اكثر اصرارا على مواصلة طريقها الفني.. صعدت على ركح المسرح البلدي بالعاصمة وهي منهكة لتؤدي بكل صفاء وصدق وبكل ما في ذاتها من احاسيس اغنية «مريض فاني طال بيّا دايا"..
غنّت منتصرة على آلامها الفظيعة التي كانت تقطع اوصالها.. غنت بلهفة شديدة.. قبل ان تعلن الاستسلام لهذه الآلام حيث تم حملها الى بيتها مرهقة.. منهكة ونقلت اثر ذلك الى احدى المصحات.. وكان يوم 10 نوفمبر 1958 آخر لقاء لها مع الجمهور الذي عشق صوتها وأحبّ أغانيها فحفظها بكل حب وردّدها باعجاب.
ويوم 26 نوفمبر 1958 اسلمت الروح الى باريها وقد خلفت 63 أغنية جمعت بين التراث والقصائد والأغاني العاطفية والدينية.
المهرجان الذي اصبح ذكرى
خلال تسعينات القرن الماضي بادرت المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالكاف بإدارة الأستاذ الحبيب العوادي بتأسيس مهرجان غنائي تونسي اصيل باسم الراحلة صليحة.. مثل هذا المهرجان قبلة اهل الموسيقى والاغنية والفن وطنيا ومغاربيا على امتداد سنوات طويلة وهو الذي اختار الاغنية التونسية ركنا أساسيا ورئيسيا له في مسابقة الأداء الفردي.. كان المهرجان وراء اكتشاف العديد من الأصوات الفنية في الطابع التونسي على غرار اية دغنوج ونجوى العرفاوي وسفيان الزايدي وسارة النويوي والذين التحقوا بالرشيدية انطلاق من مهرجان صليحة للأغنية التونسية بالكاف واخرين كما كان هذا المهرجان قبلة العديد من الفنانين من منطقة المغرب العربي على غرار الراحلين الحاج الطاهر الفرقاني من الجزائر وحسن العريبي رائد المالوف والموشحات بليبيا .
وحدث ما لم يكن في الحسبان حيث افل هذا المهرجان العريق ورغم عديد المحاولات لاعادة الحياة له فان النسيان لفه وأصبح مجرد ذكرى في مسيرة الاغنية التونسية جهويا ووطنيا شانه في ذلك شان المهرجان الوطني للموسيقيين الهواة بمنزل تميم.. وتلك حكاية أخرى.