ـ نواب يطالبون بوضع استراتجيات واضحة لتحقيق الأمن الغذائي والتحكم في المياه
تونس- الصباح
صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو على مشروع ميزانية وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسنة 2024 وذلك بـ 131 نعم و5 محتفظ و3 لا.
مقرر لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والمائي والصيد البحري محمد أمين مباركي قال إنه تم ضبط هذه الميزانية في حدود 2757 مليارا و368 ألف دينار تعهدا و2202 مليار و75 ألف دينار دفعا مقابل 2921 مليارا و815 ألف دينار تعهدا و1965 مليار دفعا مرسمة بقانون المالية لسنة 2023 أي بنسبة تطور لاعتمادات الدفع بـ 12 فاصل صفر ستة بالمائة.
وأضاف أن القطاع الفلاحي يعتبر ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني في تونس حيث يساهم بنسبة 10 فاصل 7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وفي التصدير وتوفير المواد الأولية والاحتياجات الغذائية للمواطن ومواطن لمختلف الفئات الاجتماعية خاصة في المناطق الريفية كما يساهم في تخفيض نسبة عجز الميزان التجاري.
وأشار مقرر اللجنة إلى أنه تم ضبط السياسة التنموية الفلاحية خلال المرحلة المقبلة ابتداء من سنة 2024 على أساس ترشيد استغلال الموارد الطبيعية وحماية المشاهد والتنوع البيولوجي والحد من تأثير التغيرات المناخية، والحفاظ على ديمومة المنظومات الفلاحية والنهوض بالاستثمار وتعصير المستغلات الفلاحية ورقمنة القطاع الفلاحي وتحسين مستوى دخل الفلاح باعتماد مقاربة تنموية شاملة ودامجة لمختلف الشرائح وخاصة صغار الفلاحين والشباب والمرأة في الوسط الريفي.
وستشمل السياسة التنموية في القطاع الفلاحي على المدى المتوسط حسب قول محمد أمين مباركي جملة من المجالات أولها الإنتاج الفلاحي والجودة والسلامة الصحية للمنتجات الفلاحية والغذائية وذلك بهدف الرفع في القيمة المضافة للإنتاج الفلاحي وتعزيز مساهمته في النمو الاقتصادي، ودعم قدرات القطاع الفلاحي على التأقلم والحد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، وتشجيع النظم الزراعية المحافظة على الموارد الطبيعية والقادرة على التأقلم، والعناية بالفلاحة المطرية نظرا لأهميتها بالنسبة لعديد القطاعات الإستراتيجية كالحبوب وزيت الزيتون، عبر وضع برامج تقنية تتلاءم مع خصوصيات مختلف الجهات وتنوع الإشكاليات التي تواجهها، إضافة إلى التشجيع على نظم الإنتاج المحافظة على مقومات الخصوبة الطبيعية للأرض وقدراتها على اختزان وتثمين مياه الأمطار، وتحسين نسبة تغطية الحاجيات الوطنية من الحبوب المنتجة محليا لبلوغ نسبة مائة بالمائة للقمح الصلب وذلك بالتوازي مع تطوير أنظمة غذائية مستدامة، والنهوض بسلاسل القيمة الفلاحية ودعم قدرتها التنافسية وتعزيز فرص التصدير، ومزيد العناية بالمنظومات الأساسية للحبوب والألبان، وإفرادها بسياسة دعم خاصة تمكنها من الارتقاء بمستوى مردوديتها وتحسين جودتها والرفع في مستوى تغطيتها للحاجيات الداخلية قصد التوقي من مخاطر اضطرابات الأسواق العالمية، ودعم السلامة الصحية النباتية والحيوانية للمنتجات الفلاحية وتموقع قطاع الفلاحة البيولوجية في الاقتصاد المحلي والوطني وتطوير السياحة البيولوجية.
أما المجال الثاني فهو الصيد البحري وتربية الأحياء المائية من خلال إحكام التصرف في الموارد البحرية الحية والمحافظة على الموارد السمكية خاصة في المناطق قليلة العمق، ودعم الاقتصاد الأزرق عبر تثمين منتجات الصيد البحري وفتح أسواق جديدة، وتحسين حوكمة القطاع ودعم الهيكلة المهنية بهدف التحكم في كلفة الإنتاج، وتنمية نشاط تربية الأحياء المائية عبر الترفيع في نسبة الإنتاج المحلي من مدخلات الإنتاج وإدخال أنواع وتقنيات جديدة، مع دعم البحث وتثمين نتائجه في هذا المجال، وتأهيل البنية المينائية وتعصير الخدمات، ومراجعة منظومة التغطية الاجتماعية في قطاع الصيد البحري والنهوض بالجوانب المتعلقة بالسلامة، والاستجابة للشروط القانونية للاتفاقيات الإقليمية والمتوسطية في مجال المحافظة على الثروة السمكية.
كما تشمل السياسة الفلاحية حسب مقرر اللجنة قطاع المياه وذلك من خلال مواصلة ربط السدود ودراسة تحويل فائض المياه، ومعالجة إشكالية تفاقم الترسبات بالسدود عبر مشاريع هيكلية، ومواصلة تنفيذ البرنامج الوطني لتحلية مياه البحر والتحكم في التقنيات ودعم الشراكة بين القطاع العام والخاص في هذا المجال، وتطوير التغذية الاصطناعية للموارد المائية عن طريق المياه التقليدية وغير التقليدية، والاقتصاد في مياه الري عبر مواصلة تجهيز المناطق السقوية بمعدات الاقتصاد في مياه الري، والتوسع في المناطق السقوية المروية بالمياه المستعملة المعالجة وإعادة تهيئة المناطق السقوية المتقادمة، وتطبيق التكنولوجيات الحديثة في مجال التصرف في المعطيات وتطوير قواعد المعلومات عبر تركيز المنظومة المعلوماتية الوطنية للمياه، وتطوير شبكات القيس وأنظمة الإنذار المبكر والإعلان عن الفيضانات.
وستشمل أيضا الغابات وتهيئة الأراضي الفلاحية وفي هذا السياق أشار مقرر اللجنة إلى جملة من النقاط وهي تثبيت الغطاء النباتي والرعوي والترفيع في نسبته، ودعم الوظائف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للغابات وترتيب الأولويات في الاستثمار وضبط برامج التنمية حسب خصوصيات الجهات ومتطلباتها مع دعم اللامركزية في مجال التنفيذ واتخاذ القرار، ودفع الشراكة مع القطاع الخاص في مجال تنمية الثروة الغابية والرعوية.
مقترحات وتوصيات
وتتمثل أبرز المقترحات التي رفعتها لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والمائي والصيد البحري التي يرأسها النائب صلاح الفرشيشي بمناسبة نظرها في مشروع ميزانية الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسنة 2024 في إيجاد آليات للتنسيق والتعاون بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية لحل مشاكل القطاع الفلاحي خاصة بالجهات ووضع رؤية واضحة لتطوير هذا القطاع والعمل على تنويع الإنتاج النباتي والتركيز على الزراعات البديلة غير المستنزفة للمياه ودعم منظومة الحبوب ومراجعة الأسعار بصفة دورية، وتشجيع الزراعات الكبرى في المناطق السقوية وتحسين الإرشاد الفلاحي وتأهيل العاملين في القطاع الفلاحي وتوجيه البحث العلمي وتنزيل مخرجاته على أرض الواقع وحماية القطيع من الأمراض المعدية ومن التهريب ومكافحة الحشرة القرمزية، وتشجيع إنتاج الأعلاف محليا، وتهيئة المسالك الفلاحية لتقريب مناطق الإنتاج من مراكز الترويج، وحماية غابات الزيتون وتشبيبها ودعم المجامع الفلاحية بالغراسات اللازمة، وفتح فروع جهوية جديدة للديوان الوطني للزيت في مختلف الجهات المنتجة للزيتون لحماية الفلاح من اللوبيات المتحكمة في الأسعار، وتطوير مخزون استراتيجي من البذور الممتازة والمشاتل الوطنية ووضع حدّ للتبعية الغذائية واستيراد البذور الأجنبية ذات المردودية المحدودة، وإنشاء مجمع للتمور بقفصة، ووضع نظام تمويل خاص بصغار الفلاحين والبحارة والتسريع في صرف المنح المتأخرة لفائدة الفلاحين ودعوة إلى تفعيل صندوق الجوائح ودعم إمكانياته وتمكين الشباب من مقاسم فلاحية وإحالة مجلة المياه على أنظار البرلمان وتلافي معضلة الانقطاع المتكرر للماء واستكمال محطات التحلية وإعداد خارطة فلاحية تراعي الإمكانيات المائية بالجهات، ومعالجة مياه المرجين وإحداث صندوق وطني للمياه، والتصدي لظاهرة الحفر العشوائي للآبار واستعمال التقنيات الحديثة المقتصدة في المياه، وإيجاد حلول جذرية لمعضلة الجمعيات والمجامع المائية التي استشرى فيها الفساد وسوء التصرف والتشجيع على بناء "المواجل"، كما أوصت بتشجيع صغار البحارة وتعميم الراحة البيولوجية وإعادة النظر في حصص صيد التن، مزيد دعم منحة المحروقات لقطاع الصيد البحري والحد من الاستثمار في الأحياء المائية لسيطرة اللوبيات على هذا الميدان ومكافحة الصيد العشوائي الذي أصبح يهدد الثروة البحرية الوطنية.
كما أوصت اللجنة بالتسريع في مراجعة مجلة الغابات والحد من الاعتداءات المتكررة على الملك الغابي، وتسهيل إجراءات الترخيص لبعث مشاريع إقامات ريفية أو فضاءات سياحية بالمستغلات الفلاحية والأراضي الخاصة الخاضعة لنظام الغابات.
الفتح والشعال
وخلال النقاش العام أشارت النائبة منال بديدة غير منتمية إلى كتل إلى أن من يطلع على وثيقة ميزانية وزارة الفلاحة يقول إن تونس بعد تنفيذ هذه الميزانية ستصبح قوة فلاحية عظمى تنافس الإنتاج الزراعي بالصين وأمريكا لكن حال الفلاحة لن يتحسن لأن الوزارة تنتهج نفس الخطوات المتبعة منذ الاستقلال.. وقالت إن ما سيتغير فعلا هو أن المواطن وعوضا عن أن يزداد رفاها سيزداد فقرا. ولاحظت أنه من بين أهداف الوزارة تحقيق الأمن الغذائي لكن عن أي أمن يتحدثون والحال أن التونسيين يجدون صعوبات حتى في الحصول على كيس من الفارينة، وأشارت إلى أن مساهمة الفلاحة في النتاج الداخلي الخام تبلغ 10 بالمائة فقط وهذا الرقم دليل على أن الفلاحة ناجحة أم فاشلة ودعت الوزير إلى زيارة ضيعتي الفتح والشعال في معتمدية بير علي بن خليفة لمعاينة حالة الإهمال فيهما. وطالبت جميع الوزراء بالنزول من البرج العاجي وزيارة الجهات وذكرت أن هناك شبابا من بير علي بن خليفة جاؤوا إلى العاصمة مشيا على الأقدام في حركة احتجاجية على الفساد في ضيعة الشعال. واستفسرت عن سبب بطء معالجة ملف التنمية الفلاحية المندمجة وعن برنامج تشبيب الضيعات الفلاحية ولاحظت أن الجمعيات المائية التي تم بعثها لحل أزمة الماء في المناطق الريفية زادت في تعميق المشكل واقترحت إحالة مهام هذه المجامع إلى الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه.
الثروة السمكية
النائب عبد القادر عمار عن كتلة الأمانة والعمل استفسر عن إستراتيجية الوزارة لحماية الثروة السمكية والتصدي للصيد العشوائي واحترام معايير الصيد بالكركارة ولماذا لم يقع بعد وضع الحواجز الإسفلتية بالمنطقة الثانية بالساحل بما من شأنه تقليص استنزاف هذه الثروة. ودعا إلى منع الصيد في الشواطئ. وتحدث النائب عن فلاحة الباكورات في المهدية وذكر أن الفلاحين يعانون من نقص في مياه الري مما قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج ومن ثمة الترفيع في الأسعار وتساءل عن برنامج توسعة ميناء الصيد البحري بسوسة وهل تم التفكير في توزيع مقاسم فنية لخريجي الجامعات.
مكافحة الفساد
أما النائب نجيب العكرمي عن كتلة لينتصر الشعب فثمن عملية تطهير الإدارات الجهوية والمؤسسات التابعة لوزارة الفلاحة من المافيات التي خربت هذا القطاع الاستراتيجي الضامن للسيادة الوطنية الغذائية. وذكر أن تونس كانت مطمورة روما حيث تنتج الحبوب والزيتون والكروم لكن منذ سنوات تم تهميش القطاع الفلاحي وأصبح في يد مافيات تتحكم في مسالك الإنتاج والتوزيع والتوريد وحصلت عملية ممنهجة لتخريب البذور الأصلية التي تتلاءم وطبيعة المناخ التونسي في ظل غياب الرقابة والمتابعة. ودعا الوزير إلى تكثيف الرقابة وفق برامج أهداف تشمل قطاعات الحبوب والحليب واللحوم والزيوت وتحدث النائب عن المشاريع المعطلة في قفصة خاصة المتعلقة بمياه الشرب والمناطق السقوية وكهربة الآبار في السند ومعمورة وزانوش وبلخير وسيدي يعيش وقفصة الشمالية وكذلك المشاريع الفلاحية في المظيلة وتضرر الواحات بالقصر والقطار وتوقف الآبار وشح المياه. وذكر أنه يوجد غياب دعم الفلاحين مقابل استحواذ الشركات الكبرى على المخزون المائي خاصة في قفصة الشمالية إذ هناك شركة تسببت في كوارث بيئية وتراجع الموارد المائية مما يتطلب دخلا عاجلا لإيقاف التجاوزات. وتحدث النائب عن توقف مشاريع الباعثين الشبان بسبب نقص التمويل وتعطل مشاريع صغرى ومتوسطة على غرار بعث مجمع تمور في منطقة سقدود ومجمع الحليب بمنطقة الدوارة أم العرايس.
حقيقة مؤلمة
بدر الدين القمودي النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي قال إنه توجد حقيقة مؤلمة مفادها أن وزارة الفلاحة بقيت هيكلا متضخما مترامي الأطراف بشريا وتنظيميا دون أي دور أو مهمة أو سلطة حيث حافظ هذا الهيكل الوزاري على شكله وجهازه بل تمدد أكثر وتم إفراغه من صلاحياته وتحول إلى مجرد هيكل بيروقراطي لخدمة فئة قليلة.. إذ يوجد فيها أكثر من 140 هيكلا، وتساءل كيف يمكن إدارتها وهي بمثل هذا التضخم الإداري خاصة في ظل وجود 14 إدارة عامة تم تكليف موظفين لتسييرها وهو على حد وصفه خلل. وذكر النائب أن هذه الترسانة الضخمة من الهياكل لا تسمح لأي وزير بمتابعتها مهما اتبع من وسائل حوكمة وهو ما مكن القطاع الخاص من العبث وتدمير سلاسل الإنتاج مما افقد البلاد سيادتها الغذائية فقد عمل هؤلاء على التمتع بكل الحوافز المالية والجبائية والقروض والاعتمادات وخطوط التمويل. ودعا القمودي إلى إعادة النظر في هيكلة الدولة ووضع وزارة الفلاحة في سلم الأولويات حتى ينسجم دورها مع مشروع 25 جويلية وما يحمله من آفاق وتطلعات. وتطرق النائب إلى ملف المياه وما تعانيه الثروات المائية من ضياع ومتاجرة فنسبة المياه الضائعة تقدر بأربعين بالمائة حسب قوله نتيجة ترهل الشبكات كما أن هناك كميات من المياه شبه المعالجة تذهب إلى البحر، والجزء الآخر يتم توظيفه لري المنتوجات الأكثر استهلاك للمياه مثل الدلاع والبرتقال والعنب ويستفيد منها أصحاب المهنة دون أي فائدة للشعب التونسي. وتساءل هل هناك إستراتيجية لضمان السيادة الغذائية والأمن الغذائي والمائي وذكر أن التونسيين يعانون من العطش، وهناك من يقطعون كيلومترات للحصول على المياه وتحدث عن مشكل الهدر المائي في السدود وتسرب المياه.
سعيدة بوهلال
ـ نواب يطالبون بوضع استراتجيات واضحة لتحقيق الأمن الغذائي والتحكم في المياه
تونس- الصباح
صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو على مشروع ميزانية وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسنة 2024 وذلك بـ 131 نعم و5 محتفظ و3 لا.
مقرر لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والمائي والصيد البحري محمد أمين مباركي قال إنه تم ضبط هذه الميزانية في حدود 2757 مليارا و368 ألف دينار تعهدا و2202 مليار و75 ألف دينار دفعا مقابل 2921 مليارا و815 ألف دينار تعهدا و1965 مليار دفعا مرسمة بقانون المالية لسنة 2023 أي بنسبة تطور لاعتمادات الدفع بـ 12 فاصل صفر ستة بالمائة.
وأضاف أن القطاع الفلاحي يعتبر ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني في تونس حيث يساهم بنسبة 10 فاصل 7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وفي التصدير وتوفير المواد الأولية والاحتياجات الغذائية للمواطن ومواطن لمختلف الفئات الاجتماعية خاصة في المناطق الريفية كما يساهم في تخفيض نسبة عجز الميزان التجاري.
وأشار مقرر اللجنة إلى أنه تم ضبط السياسة التنموية الفلاحية خلال المرحلة المقبلة ابتداء من سنة 2024 على أساس ترشيد استغلال الموارد الطبيعية وحماية المشاهد والتنوع البيولوجي والحد من تأثير التغيرات المناخية، والحفاظ على ديمومة المنظومات الفلاحية والنهوض بالاستثمار وتعصير المستغلات الفلاحية ورقمنة القطاع الفلاحي وتحسين مستوى دخل الفلاح باعتماد مقاربة تنموية شاملة ودامجة لمختلف الشرائح وخاصة صغار الفلاحين والشباب والمرأة في الوسط الريفي.
وستشمل السياسة التنموية في القطاع الفلاحي على المدى المتوسط حسب قول محمد أمين مباركي جملة من المجالات أولها الإنتاج الفلاحي والجودة والسلامة الصحية للمنتجات الفلاحية والغذائية وذلك بهدف الرفع في القيمة المضافة للإنتاج الفلاحي وتعزيز مساهمته في النمو الاقتصادي، ودعم قدرات القطاع الفلاحي على التأقلم والحد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، وتشجيع النظم الزراعية المحافظة على الموارد الطبيعية والقادرة على التأقلم، والعناية بالفلاحة المطرية نظرا لأهميتها بالنسبة لعديد القطاعات الإستراتيجية كالحبوب وزيت الزيتون، عبر وضع برامج تقنية تتلاءم مع خصوصيات مختلف الجهات وتنوع الإشكاليات التي تواجهها، إضافة إلى التشجيع على نظم الإنتاج المحافظة على مقومات الخصوبة الطبيعية للأرض وقدراتها على اختزان وتثمين مياه الأمطار، وتحسين نسبة تغطية الحاجيات الوطنية من الحبوب المنتجة محليا لبلوغ نسبة مائة بالمائة للقمح الصلب وذلك بالتوازي مع تطوير أنظمة غذائية مستدامة، والنهوض بسلاسل القيمة الفلاحية ودعم قدرتها التنافسية وتعزيز فرص التصدير، ومزيد العناية بالمنظومات الأساسية للحبوب والألبان، وإفرادها بسياسة دعم خاصة تمكنها من الارتقاء بمستوى مردوديتها وتحسين جودتها والرفع في مستوى تغطيتها للحاجيات الداخلية قصد التوقي من مخاطر اضطرابات الأسواق العالمية، ودعم السلامة الصحية النباتية والحيوانية للمنتجات الفلاحية وتموقع قطاع الفلاحة البيولوجية في الاقتصاد المحلي والوطني وتطوير السياحة البيولوجية.
أما المجال الثاني فهو الصيد البحري وتربية الأحياء المائية من خلال إحكام التصرف في الموارد البحرية الحية والمحافظة على الموارد السمكية خاصة في المناطق قليلة العمق، ودعم الاقتصاد الأزرق عبر تثمين منتجات الصيد البحري وفتح أسواق جديدة، وتحسين حوكمة القطاع ودعم الهيكلة المهنية بهدف التحكم في كلفة الإنتاج، وتنمية نشاط تربية الأحياء المائية عبر الترفيع في نسبة الإنتاج المحلي من مدخلات الإنتاج وإدخال أنواع وتقنيات جديدة، مع دعم البحث وتثمين نتائجه في هذا المجال، وتأهيل البنية المينائية وتعصير الخدمات، ومراجعة منظومة التغطية الاجتماعية في قطاع الصيد البحري والنهوض بالجوانب المتعلقة بالسلامة، والاستجابة للشروط القانونية للاتفاقيات الإقليمية والمتوسطية في مجال المحافظة على الثروة السمكية.
كما تشمل السياسة الفلاحية حسب مقرر اللجنة قطاع المياه وذلك من خلال مواصلة ربط السدود ودراسة تحويل فائض المياه، ومعالجة إشكالية تفاقم الترسبات بالسدود عبر مشاريع هيكلية، ومواصلة تنفيذ البرنامج الوطني لتحلية مياه البحر والتحكم في التقنيات ودعم الشراكة بين القطاع العام والخاص في هذا المجال، وتطوير التغذية الاصطناعية للموارد المائية عن طريق المياه التقليدية وغير التقليدية، والاقتصاد في مياه الري عبر مواصلة تجهيز المناطق السقوية بمعدات الاقتصاد في مياه الري، والتوسع في المناطق السقوية المروية بالمياه المستعملة المعالجة وإعادة تهيئة المناطق السقوية المتقادمة، وتطبيق التكنولوجيات الحديثة في مجال التصرف في المعطيات وتطوير قواعد المعلومات عبر تركيز المنظومة المعلوماتية الوطنية للمياه، وتطوير شبكات القيس وأنظمة الإنذار المبكر والإعلان عن الفيضانات.
وستشمل أيضا الغابات وتهيئة الأراضي الفلاحية وفي هذا السياق أشار مقرر اللجنة إلى جملة من النقاط وهي تثبيت الغطاء النباتي والرعوي والترفيع في نسبته، ودعم الوظائف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للغابات وترتيب الأولويات في الاستثمار وضبط برامج التنمية حسب خصوصيات الجهات ومتطلباتها مع دعم اللامركزية في مجال التنفيذ واتخاذ القرار، ودفع الشراكة مع القطاع الخاص في مجال تنمية الثروة الغابية والرعوية.
مقترحات وتوصيات
وتتمثل أبرز المقترحات التي رفعتها لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والمائي والصيد البحري التي يرأسها النائب صلاح الفرشيشي بمناسبة نظرها في مشروع ميزانية الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسنة 2024 في إيجاد آليات للتنسيق والتعاون بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية لحل مشاكل القطاع الفلاحي خاصة بالجهات ووضع رؤية واضحة لتطوير هذا القطاع والعمل على تنويع الإنتاج النباتي والتركيز على الزراعات البديلة غير المستنزفة للمياه ودعم منظومة الحبوب ومراجعة الأسعار بصفة دورية، وتشجيع الزراعات الكبرى في المناطق السقوية وتحسين الإرشاد الفلاحي وتأهيل العاملين في القطاع الفلاحي وتوجيه البحث العلمي وتنزيل مخرجاته على أرض الواقع وحماية القطيع من الأمراض المعدية ومن التهريب ومكافحة الحشرة القرمزية، وتشجيع إنتاج الأعلاف محليا، وتهيئة المسالك الفلاحية لتقريب مناطق الإنتاج من مراكز الترويج، وحماية غابات الزيتون وتشبيبها ودعم المجامع الفلاحية بالغراسات اللازمة، وفتح فروع جهوية جديدة للديوان الوطني للزيت في مختلف الجهات المنتجة للزيتون لحماية الفلاح من اللوبيات المتحكمة في الأسعار، وتطوير مخزون استراتيجي من البذور الممتازة والمشاتل الوطنية ووضع حدّ للتبعية الغذائية واستيراد البذور الأجنبية ذات المردودية المحدودة، وإنشاء مجمع للتمور بقفصة، ووضع نظام تمويل خاص بصغار الفلاحين والبحارة والتسريع في صرف المنح المتأخرة لفائدة الفلاحين ودعوة إلى تفعيل صندوق الجوائح ودعم إمكانياته وتمكين الشباب من مقاسم فلاحية وإحالة مجلة المياه على أنظار البرلمان وتلافي معضلة الانقطاع المتكرر للماء واستكمال محطات التحلية وإعداد خارطة فلاحية تراعي الإمكانيات المائية بالجهات، ومعالجة مياه المرجين وإحداث صندوق وطني للمياه، والتصدي لظاهرة الحفر العشوائي للآبار واستعمال التقنيات الحديثة المقتصدة في المياه، وإيجاد حلول جذرية لمعضلة الجمعيات والمجامع المائية التي استشرى فيها الفساد وسوء التصرف والتشجيع على بناء "المواجل"، كما أوصت بتشجيع صغار البحارة وتعميم الراحة البيولوجية وإعادة النظر في حصص صيد التن، مزيد دعم منحة المحروقات لقطاع الصيد البحري والحد من الاستثمار في الأحياء المائية لسيطرة اللوبيات على هذا الميدان ومكافحة الصيد العشوائي الذي أصبح يهدد الثروة البحرية الوطنية.
كما أوصت اللجنة بالتسريع في مراجعة مجلة الغابات والحد من الاعتداءات المتكررة على الملك الغابي، وتسهيل إجراءات الترخيص لبعث مشاريع إقامات ريفية أو فضاءات سياحية بالمستغلات الفلاحية والأراضي الخاصة الخاضعة لنظام الغابات.
الفتح والشعال
وخلال النقاش العام أشارت النائبة منال بديدة غير منتمية إلى كتل إلى أن من يطلع على وثيقة ميزانية وزارة الفلاحة يقول إن تونس بعد تنفيذ هذه الميزانية ستصبح قوة فلاحية عظمى تنافس الإنتاج الزراعي بالصين وأمريكا لكن حال الفلاحة لن يتحسن لأن الوزارة تنتهج نفس الخطوات المتبعة منذ الاستقلال.. وقالت إن ما سيتغير فعلا هو أن المواطن وعوضا عن أن يزداد رفاها سيزداد فقرا. ولاحظت أنه من بين أهداف الوزارة تحقيق الأمن الغذائي لكن عن أي أمن يتحدثون والحال أن التونسيين يجدون صعوبات حتى في الحصول على كيس من الفارينة، وأشارت إلى أن مساهمة الفلاحة في النتاج الداخلي الخام تبلغ 10 بالمائة فقط وهذا الرقم دليل على أن الفلاحة ناجحة أم فاشلة ودعت الوزير إلى زيارة ضيعتي الفتح والشعال في معتمدية بير علي بن خليفة لمعاينة حالة الإهمال فيهما. وطالبت جميع الوزراء بالنزول من البرج العاجي وزيارة الجهات وذكرت أن هناك شبابا من بير علي بن خليفة جاؤوا إلى العاصمة مشيا على الأقدام في حركة احتجاجية على الفساد في ضيعة الشعال. واستفسرت عن سبب بطء معالجة ملف التنمية الفلاحية المندمجة وعن برنامج تشبيب الضيعات الفلاحية ولاحظت أن الجمعيات المائية التي تم بعثها لحل أزمة الماء في المناطق الريفية زادت في تعميق المشكل واقترحت إحالة مهام هذه المجامع إلى الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه.
الثروة السمكية
النائب عبد القادر عمار عن كتلة الأمانة والعمل استفسر عن إستراتيجية الوزارة لحماية الثروة السمكية والتصدي للصيد العشوائي واحترام معايير الصيد بالكركارة ولماذا لم يقع بعد وضع الحواجز الإسفلتية بالمنطقة الثانية بالساحل بما من شأنه تقليص استنزاف هذه الثروة. ودعا إلى منع الصيد في الشواطئ. وتحدث النائب عن فلاحة الباكورات في المهدية وذكر أن الفلاحين يعانون من نقص في مياه الري مما قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج ومن ثمة الترفيع في الأسعار وتساءل عن برنامج توسعة ميناء الصيد البحري بسوسة وهل تم التفكير في توزيع مقاسم فنية لخريجي الجامعات.
مكافحة الفساد
أما النائب نجيب العكرمي عن كتلة لينتصر الشعب فثمن عملية تطهير الإدارات الجهوية والمؤسسات التابعة لوزارة الفلاحة من المافيات التي خربت هذا القطاع الاستراتيجي الضامن للسيادة الوطنية الغذائية. وذكر أن تونس كانت مطمورة روما حيث تنتج الحبوب والزيتون والكروم لكن منذ سنوات تم تهميش القطاع الفلاحي وأصبح في يد مافيات تتحكم في مسالك الإنتاج والتوزيع والتوريد وحصلت عملية ممنهجة لتخريب البذور الأصلية التي تتلاءم وطبيعة المناخ التونسي في ظل غياب الرقابة والمتابعة. ودعا الوزير إلى تكثيف الرقابة وفق برامج أهداف تشمل قطاعات الحبوب والحليب واللحوم والزيوت وتحدث النائب عن المشاريع المعطلة في قفصة خاصة المتعلقة بمياه الشرب والمناطق السقوية وكهربة الآبار في السند ومعمورة وزانوش وبلخير وسيدي يعيش وقفصة الشمالية وكذلك المشاريع الفلاحية في المظيلة وتضرر الواحات بالقصر والقطار وتوقف الآبار وشح المياه. وذكر أنه يوجد غياب دعم الفلاحين مقابل استحواذ الشركات الكبرى على المخزون المائي خاصة في قفصة الشمالية إذ هناك شركة تسببت في كوارث بيئية وتراجع الموارد المائية مما يتطلب دخلا عاجلا لإيقاف التجاوزات. وتحدث النائب عن توقف مشاريع الباعثين الشبان بسبب نقص التمويل وتعطل مشاريع صغرى ومتوسطة على غرار بعث مجمع تمور في منطقة سقدود ومجمع الحليب بمنطقة الدوارة أم العرايس.
حقيقة مؤلمة
بدر الدين القمودي النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي قال إنه توجد حقيقة مؤلمة مفادها أن وزارة الفلاحة بقيت هيكلا متضخما مترامي الأطراف بشريا وتنظيميا دون أي دور أو مهمة أو سلطة حيث حافظ هذا الهيكل الوزاري على شكله وجهازه بل تمدد أكثر وتم إفراغه من صلاحياته وتحول إلى مجرد هيكل بيروقراطي لخدمة فئة قليلة.. إذ يوجد فيها أكثر من 140 هيكلا، وتساءل كيف يمكن إدارتها وهي بمثل هذا التضخم الإداري خاصة في ظل وجود 14 إدارة عامة تم تكليف موظفين لتسييرها وهو على حد وصفه خلل. وذكر النائب أن هذه الترسانة الضخمة من الهياكل لا تسمح لأي وزير بمتابعتها مهما اتبع من وسائل حوكمة وهو ما مكن القطاع الخاص من العبث وتدمير سلاسل الإنتاج مما افقد البلاد سيادتها الغذائية فقد عمل هؤلاء على التمتع بكل الحوافز المالية والجبائية والقروض والاعتمادات وخطوط التمويل. ودعا القمودي إلى إعادة النظر في هيكلة الدولة ووضع وزارة الفلاحة في سلم الأولويات حتى ينسجم دورها مع مشروع 25 جويلية وما يحمله من آفاق وتطلعات. وتطرق النائب إلى ملف المياه وما تعانيه الثروات المائية من ضياع ومتاجرة فنسبة المياه الضائعة تقدر بأربعين بالمائة حسب قوله نتيجة ترهل الشبكات كما أن هناك كميات من المياه شبه المعالجة تذهب إلى البحر، والجزء الآخر يتم توظيفه لري المنتوجات الأكثر استهلاك للمياه مثل الدلاع والبرتقال والعنب ويستفيد منها أصحاب المهنة دون أي فائدة للشعب التونسي. وتساءل هل هناك إستراتيجية لضمان السيادة الغذائية والأمن الغذائي والمائي وذكر أن التونسيين يعانون من العطش، وهناك من يقطعون كيلومترات للحصول على المياه وتحدث عن مشكل الهدر المائي في السدود وتسرب المياه.