69 جريمة قتل ارتكبت ضد نساء جدت في 19 ولاية خلال الفترة الممتدّة من غرة جانفي 2018 إلى 30 جوان 2023 (أي خلال الخمس سنوات الأخيرة) وفق ما أعلنت عنه أمس وزارة الأسرة.
مفيدة القيزاني
وقالت الوزارة إنها قامت بإعداد تقرير وصفيّ لرصد أوّليّ للخصائص الاجتماعيّة والاقتصاديّة للنساء ضحايا جرائم القتل ولملامح القائمين بالجريمة خلال الفترة الممتدّة بين جانفي 2018 و30 جوان 2023
في إطار الجهود الوطنيّة للقضاء على العنف ضدّ المرأة والدراسة العلميّة لمختلف أوجه هذه الظاهرة ومواصلة التصدّي لها بإرادة قويّة وجادّة، وذكرت الوزارة أنّها تولّت إعداد تقرير وصفيّ بهدف الرصد الأوّليّ للخصائص الاجتماعيّة والاقتصاديّة للنساء ضحايا جرائم القتل ولملامح القائمين بالجريمة خلال الفترة الممتدّة بين جانفي 2018 و30 جوان 2023.
مشيرة الى أن هذا التقرير يعكس حرص الدّولة التونسيّة على وضع استراتيجيّة متكاملة ومتعدّدة الأبعاد للتصدّي لظاهرة قتل النساء ومناهضتها والبحث في أسبابها ورصد تداعياتها على الأطفال والأسر وعلى المجتمع عامّة واقتراح أفضل السبل لمعالجتها.
وقدّ نصّ دستور تونس لسنة 2022 على واجب الدّولة في حماية حقوق المرأة ومكاسبها القانونيّة والاجتماعيّة والاقتصادية والسّياسيّة.. وتواصل تونس جهودها لإرساء الآليات وإقرار التّدابير الكفيلة بتكريس ذلك في إطار مقاربة شاملة وخيارات رائدة، تعزّزت بجهد وطنيّ لمزيد تحسين شروط تطبيق القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة في أبعاده الأربعة بدءا بالوقاية منه مرورا بالحماية والتّعهّد بضحاياه وصولا إلى تتبّع مرتكبيه.
وقد أعدّت وزارة الأسرة هذا التقرير الوصفيّ الأوليّ حول جرائم قتل النّساء باعتماد مقاربة تشاركيّة مع مختلف الهياكل الحكوميّة مركزيّا وجهويّا لدراسة الظاهرة وتحديد خصائص الضّحايا والنّقاط المشتركة بينهنّ ومحاولة رصد ملامح القائم بالعنف والعوامل الدّافعة لارتكاب جرائم القتل، دون السّهو عن التّوقّف عند الأطفال الشّاهدين وطرق التّعهّد بهم .
وقد شمل التّقرير بالدّرس 69 جريمة قتل بـ19 ولاية خلال الفترة الممتدّة من غرة جانفي 2018 إلى 30 جوان 2023 واعتمدت المندوبيّات الجهويّة لشؤون المرأة والأسرة للحصول على معطيات التقرير على استبيان لجمع بيانات من مصادر متعدّدة تضمّ أسر الضحايا والمصالح الأمنية والقضائيّة ومندوبي حماية الطفولة حول الضّحيّة والجاني والتفاصيل والخصائص العلميّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة المحيطة بالجريمة.
ارتفاع في عدد الجرائم..
ويبيّن التّقرير أنّ عدد جرائم قتل النّساء تضاعف أربع مرّات من 2018 إلى حدود جوان 2023 ليبلغ 23 جريمة قتل إلى حدود السّداسي الأوّل من سنة 2023 مقابل 6 جرائم قتل للنّساء سنة 2018، بينما لم تشهد جرائم القتل في تونس ارتفاعا خلال فترة الجائحة (كوفيد 19) على عكس ظاهرة العنف المسلّط على المرأة.
كما بين التّقرير أنّ جلّ جرائم قتل النّساء وقعت في المنزل بنسب بلغ أدناها 57% سنة 2020 وأقصاها 93% سنة 2021 وأنّ ذروة ارتكاب الجرائم هي الفترة الزمنيّة من السّاعة السابعة مساء إلى الساعة السادسة صباحا سنة 2020 بعد أن كانت تقع صباحا سنتي 2018 و2019، وأنّ الزوج هو القائم بالجريمة في 71 % من جرائم قتل النّساء.
ومن الاستنتاجات التي خلص إليها هذا التقرير الوصفيّ الأوليّ استنادا إلى بيانات وحيثيات جرائم قتل النساء موضوع الدراسة أيضا أنّ مرتكب الجريمة يعتمد على القوّة الجسديّة وأنّ كلّ الفئات العمريّة يمكن أن تُستهدف بجريمة القتل كما أنّ المستوى التّعليمي لا ينتج فوارق ولا يحمي الضّحايا ولا يمنع من ارتكاب جريمة القتل.
كما بيّن التقرير الترابط بين متغيّر العمر ومتغيّر الحالة المدنيّة وأن 52.17% من النّساء ضحايا القتل هنّ من المتزوّجات علاوة على أنّ 61% من القائمين بجريمة القتل من المشتغلين.
وفي المقابل كشف التقرير أنّ 51 % من النّساء ضحايا جرائم القتل هنّ خارج دائرة المشاركة الاقتصاديّة وهو ما يعزّز وجاهة تركيز الوزارة خلال السنتين المنقضيتين على برامج التمكين الاقتصادي ومراهنتها عليه باعتباره حلّا وآليّة أساسيّة لمعالجة العنف المسلّط على النساء، حيث بادرت وزارة الأسرة بإحداث خط تمويل "رائدات ذات الأولوية" الذي يمكن أن تنتفع به ضحايا العنف إلى جانب برنامج " صامدة" المخصّص حصريّا للنساء ضحايا العنف والمهدّدات به.
كما أبان التّقرير أنّ العدد الإجمالي لأطفال النّساء ضحايا جرائم القتل بلغ 64 طفلا أي بارتفاع يقدّر بأربع مرّات بين 2018 و2023 باستثناء سنة 2019.
وقد تعهد مندوبو حماية الطفولة آليّا بكلّ أطفال الأمّهات ضحايا جرائم القتل سواء أكانوا من الشّهود أو من الضحايا.
عذبها ثم قتلها..
هذه الجريمة جدت في 2018 حيث اقدم شاب من مواليد 1993 متزوج حديثا على قتل زوجته من مواليد 1995 شنقا بعد ان قام بتعذيبها طيلة ليلة كاملة ثم لاذ بالفرار.
قتلها وأوهم أنها سقطت من السطح..
هذه الجريمة جدت ايضا في 2018 حيث تمكنت فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني بجندوبة من كشف ملابسات وفاة امرأة من مواليد ستة 1984 بمنطقة السواني من معتمدية جندوبة الشمالية.
وأثبتت الابحاث أن الوفاة ناجمة عن تلقي الضحية لضربات بآلة حادة من قبل زوجها، بعد أن ما راج انّها توفيت نتيجة سقوطها من سطح منزلها.
وقد اعترف زوج الضحية، وهو من مواليد 1975، أثناء التحقيق معه بأنّه قام بتسديد ضربات بواسطة آلة حادة لزوجته بسبب خلافات عائلية مما تسبب في مقتلها، وادعى في البداية أنّ الوفاة ناجمة عن سقوطها من سقف المنزل قبل أن يعترف بتفاصيل جريمته للمحققين.
جرائم 2019..
سجلت منطقة هيبون من ولاية المهدية في 2019 جريمة قتل بشعة تمثلت في إقدام شاب على قتل والدته بعد أن سدد لها سبع طعنات بسكين، وقد تفطن عدد من الجيران لجثة المرأة تتخبط في دمائها ،حيث تبين وأن ابنها المشتبه به ارتكب الجريمة بعد أن شك في سيرة والدته.
وفي ماي 2019 استفاق سكان منطقة طريق المطار بصفاقس على وقع جريمة قتل بشعة راحت ضحيتها امرأة بعد أن قام ابنها بالاعتداء عليها بآلة حادة «ساطور» على مستوى الرأس وقد عمد إلى إضرام النيران بدراجته النارية أمام باب المنزل بعد تنفيذه للجريمة لمنع الأجوار من الدخول وإنقاذ والدته.
وفي جوان 2019 تمكنت الوحدات الأمنية بصفاقس المدينة من الإيقاع بمرتكبي جريمة قتل راحت ضحيتها فتاة في مقتبل العمر خنقا حتى الموت وهم شاب في عقده الثالث وشريكيه (وهما زوجان).
وبتاريخ الحادثة نشب خلاف بينهما عمد الشاب إلى خنقها لتتوفى على عين المكان.
وفي اوت 2019 تمكنت الفرق الأمنية التابعة إلى منطقة الأمن الوطني بتاجروين من الكشف عن ملابسات جريمة قتل لمسنة والاحتفاظ بابنها وزوجته بعد ملاحظة خدوش وكدمات موجودة على جسم أحد المضنون فيهما الذي اعترف بأطوار الجريمة والتي كان سببها خلافات عائلية.
مذابح عش الزوجية..
من ضحايا جرائم قتل الشريك لشريكته أم لأربعة أبناء فارقت الحياة بطعنات قاتلة من زوجها بعد خلاف نشب بينهما بمقر سكناهما بجهة وادي الباي بمنطقة السعيدة التابعة لوادي الليل من ولاية منوبة بسبب المال وعلى الرغم من أن شقيق الزوجة تدخل ونجح في فض الخلاف وهدأت الأمور بينهما ولكن الزوج قرر عند الصباح الانتقام فالتقط سكينا وانهال بواسطتها بعدة طعنات أمام مرأى ابنتين من أبنائهما الأربعة إلى أن أرداها قتيلة كما حاول قتل ابنته الكبرى وعمرها 11 عاما وأصيبت بعدّة جروح على مستوى الرقبة ثم سلم نفسه الى السلطات الأمنية.
زوج آخر بجهة الكبارية خرب جسد زوجته بسبع طعنات بواسطة سكين كبير الحجم في محطة المترو بالكبارية. وكشفت الأبحاث المجراة في ملف القضية أن سبب الجريمة يعود إلى خلافات عائلية مستمرة بينهما منذ فترة.
وقد اعترف الزوج بما نسب إليه بعد أن سلم نفسه للوحدات الأمنية.
مدينة الكاف أيضا عاشت مساء يوم 29 اكتوبر 2022 على وقع جريمة قتل فظيعة راحت ضحيتها امرأة عمد زوجها الى حرقها.
حيث عمد عون ديوانة الى اضرم النار في جسد زوجته المربية في منزلهما اين أصيبت بحروق بليغة تسببت في موتها على عين المكان.
رفقة الشارني هي واحدة من ضحايا العنف الزوجي الذي انتهى بجريمة قتل، هي امرأة شابة وأم لطفل وزوجها يعمل في سلك الحرس الوطني قتلها بخمس طلقات من سلاحه الوظيفي في جهة الكاف، وكانت رفقة قبل أن تقتل توجهت بشكاية رسمية ضد زوجها لاعتدائه عليها بالعنف وحصلت بالفعل على شهادة طبية تثبت تعرضها للعنف استوجب عشرين يوما من الراحة، لكن الزوج بقي في حالة سراح حتى قتلها، ثم ألقي القبض عليه بعد الجريمة.
قتل حنان..
أثارت جريمة قتل الشابة التونسية حنان التي تبلغ من العمر 25 سنة على يد زوجها في ألمانيا تاركة ابنها الرضيع البالغ من العمر سنتين جدلا لدى الرأي العام في تونس، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ''فايسبوك'' وأكد القنصل التونسي في ألمانيا حينها أن الضحية طلبت يوم مقتلها الانفصال عن زوجها مما تسبب في نشوب خلاف بينهما وقام بتعنيفها حتى الموت.
كما كشف تقرير الطب الشرعي الألماني أن الوفاة ناجمة عن جرح غائر في الرأس إضافة الى آثار خنق على رقبتها.
وكانت الفقيدة لجأت الى الشرطة يوم مصرعها وأكدت أنها خائفة من ردة فعل زوجها عندما تطلب منه الطلاق.
وقال الزوج القاتل خلال التحقيق معه إنه عنفها لكن لم تكن غايته قتلها.
قتل سناء..
سناء واحدة من ضحايا القتل الوحشي من قبل زوجها حيث
اهتزت مدينة ليمبورغ الألمانية على وقع جريمة قتل مروعة ارتكبها التونسي عماد العمدوني البالغ من العمر 34 عاماً في حق زوجته سناء البالغة من العمر 32 عاماً، حيث قام بدهسها بسيارته في الشارع ثم ترجل ليهشم رأسها بمطرقة أمام المارة، وأكدت وزارة الخارجية التونسية أن مدينة ليمبورغ الألمانية شهدت جريمة قتل ذهبت ضحيتها مواطنة تونسية على يد زوجها التونسي الحامل للجنسية الألمانية والذي تم القبض عليه واحتجازه على ذمة التحقيق.
وأضافت الوزارة في بيان إن القنصلية التونسية ببون، تولّت وبالتنسيق مع السلطات الأمنية الألمانية توفير الإحاطة اللازمة لأبناء الضحية وإيوائهم بمركز لحماية الطفولة مع إخضاعهم لمتابعة نفسية دقيقة من قبل أخصائيين.
والضحية سافرت إلى ألمانيا منذ ستة أعوام حيث واصلت دراستها الجامعية في مجال الهندسة، وهناك تعرفت على عماد الذي تنحدر أسرته من مسقط رأسها، لكنه مولود في ألمانيا ويحمل جنسيتها، وتم الزواج بينهما لينجبا ابنتين إحداهما في الرابعة من عمرها والثانية لم تتجاوز العامين.
بعد الزواج اكتشفت سناء أن زوجها مدمن على المخدرات والكحول وحبوب الهلوسة، ويقوم بتعنيفها بشكل يومي تقريباً، كما يقوم بتعنيف والدته، ما جعل زوجته تفر من المنزل مع طفلتيها لتقيم تحت الحراسة الأمنية في مأوى تابع لإحدى الجمعيات الخيرية، ومن هناك تقدمت بقضية طلاق كان من المنتظر أن تنظر فيها المحكمة.
ولكن صادف أن شقيقة الزوج كانت قد عملت سابقاً في تلك الجمعية، فاتصلت بإحدى زميلاتها السابقات لتطلب منها مدها بعنوان المأوى الذي تقيم فيه سناء وبنتيها، وبعد أن حصلت على العنوان مدت به شقيقها الذي بدأ بمراقبة المكان عن بعد.
شعرت سناء بأنها محل مراقبة، وأعلمت بذلك الجهات الأمنية التي شددت الرقابة على المأوى، وكانت الزوجة تعتقد أن زوجها المدمن قد يقوم في أي وقت باختطاف ابنتيها الصغيرتين، لكنها لم تتخيل للحظة واحدة أنه قد أعد خطة لقتلها، وعندما كانت سناء عائدة إلى مقر إقامتها برفقة طفلتيها، فاجأها زوجها بأن دهسها بسيارته لتسقط على الأسفلت مضرجة بدمائها، ولم يكتفِ بذلك، بل نزل من سيارته وفي يده مطرقة استعملها في الضرب بعنف على رأسها حتى فصله عن جسدها.
المقربون من الضحية أكدوا أنها حصلت مؤخراً على الجنسية الألمانية، واستخرجت جواز سفر ألمانياً، وكانت على اتصال ببعض الناشطات التونسيات لمساعدتها على تأجير منزل لتنتقل إليه من المأوى الخيري، كما كانت ستتجه للنظر في قضية طلاقها لكن زوجها أنهى حياتها وتحولت الجريمة إلى قضية رأي عام في ألمانيا نظراً لبشاعتها، وقام ناشطون بنشر مشاهد فيديو للحظات مقتل سناء ما أشعل الغضب في نفوس الجميع.
هيمنة ذكورية ..
أظهرت دراسة استطلاعية أنجزها كل من صندوق الأمم المتحدة للسكان بتونس وكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، أن جرائم قتل النساء في تونس هي نتيجة علاقات قوى اجتماعية وهيمنة ذكورية ولا يمكن تنسيبها دائما إلى أسباب مرضية أوحالات إدمان.
وأظهرت الدراسة الأولى من نوعها والممولة من الاتحاد الأوروبي في إطار "برنامج آمنة : من أجل إجابة شاملة "، للعنف المبني على النوع الإجتماعي »، بعد تجميع قرابة 46 ملفا عن جرائم قتل النساء من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وقسم الطب الشرعي بمستشفى شارل نيكول، أن 28.12 بالمائة من النساء ضحايا جرائم القتل، طلبن سابقا الطلاق أو قدمن شكاية ضد الزوج المُعنف أو أنهين علاقتهن مع الزوج.
وتمس هذه الجرائم بالخصوص حسب نتائج التحليل النفسي الاجتماعي للملفات، النساء الشابات اللاتي تترواح أعمارهن بين 19 و 30 والمتزوجات بنسبة 71.73 بالمائة.
وتقع هذه الجرائم في أغلب الأحيان بالمنزل الزوجي أو منزل الضحية.
وتكون أداة الجريمة في أغلب الحالات المرصودة، السلاح الأبيض ويمكن أن يتجاوز عدد الطعنات 20 طعنة في جسم الضحية بالخصوص في مستوى الرأس والقفص الصدري، حسب ذات الدراسة.
وتستهدف أغلب هذه الجرائم النساء اللاتي ليس لديهن دخل مادي، حيث أظهرت النتائج أن 46 بالمائة من الضحايا لا يعملن.
تونس-الصباح
69 جريمة قتل ارتكبت ضد نساء جدت في 19 ولاية خلال الفترة الممتدّة من غرة جانفي 2018 إلى 30 جوان 2023 (أي خلال الخمس سنوات الأخيرة) وفق ما أعلنت عنه أمس وزارة الأسرة.
مفيدة القيزاني
وقالت الوزارة إنها قامت بإعداد تقرير وصفيّ لرصد أوّليّ للخصائص الاجتماعيّة والاقتصاديّة للنساء ضحايا جرائم القتل ولملامح القائمين بالجريمة خلال الفترة الممتدّة بين جانفي 2018 و30 جوان 2023
في إطار الجهود الوطنيّة للقضاء على العنف ضدّ المرأة والدراسة العلميّة لمختلف أوجه هذه الظاهرة ومواصلة التصدّي لها بإرادة قويّة وجادّة، وذكرت الوزارة أنّها تولّت إعداد تقرير وصفيّ بهدف الرصد الأوّليّ للخصائص الاجتماعيّة والاقتصاديّة للنساء ضحايا جرائم القتل ولملامح القائمين بالجريمة خلال الفترة الممتدّة بين جانفي 2018 و30 جوان 2023.
مشيرة الى أن هذا التقرير يعكس حرص الدّولة التونسيّة على وضع استراتيجيّة متكاملة ومتعدّدة الأبعاد للتصدّي لظاهرة قتل النساء ومناهضتها والبحث في أسبابها ورصد تداعياتها على الأطفال والأسر وعلى المجتمع عامّة واقتراح أفضل السبل لمعالجتها.
وقدّ نصّ دستور تونس لسنة 2022 على واجب الدّولة في حماية حقوق المرأة ومكاسبها القانونيّة والاجتماعيّة والاقتصادية والسّياسيّة.. وتواصل تونس جهودها لإرساء الآليات وإقرار التّدابير الكفيلة بتكريس ذلك في إطار مقاربة شاملة وخيارات رائدة، تعزّزت بجهد وطنيّ لمزيد تحسين شروط تطبيق القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة في أبعاده الأربعة بدءا بالوقاية منه مرورا بالحماية والتّعهّد بضحاياه وصولا إلى تتبّع مرتكبيه.
وقد أعدّت وزارة الأسرة هذا التقرير الوصفيّ الأوليّ حول جرائم قتل النّساء باعتماد مقاربة تشاركيّة مع مختلف الهياكل الحكوميّة مركزيّا وجهويّا لدراسة الظاهرة وتحديد خصائص الضّحايا والنّقاط المشتركة بينهنّ ومحاولة رصد ملامح القائم بالعنف والعوامل الدّافعة لارتكاب جرائم القتل، دون السّهو عن التّوقّف عند الأطفال الشّاهدين وطرق التّعهّد بهم .
وقد شمل التّقرير بالدّرس 69 جريمة قتل بـ19 ولاية خلال الفترة الممتدّة من غرة جانفي 2018 إلى 30 جوان 2023 واعتمدت المندوبيّات الجهويّة لشؤون المرأة والأسرة للحصول على معطيات التقرير على استبيان لجمع بيانات من مصادر متعدّدة تضمّ أسر الضحايا والمصالح الأمنية والقضائيّة ومندوبي حماية الطفولة حول الضّحيّة والجاني والتفاصيل والخصائص العلميّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة المحيطة بالجريمة.
ارتفاع في عدد الجرائم..
ويبيّن التّقرير أنّ عدد جرائم قتل النّساء تضاعف أربع مرّات من 2018 إلى حدود جوان 2023 ليبلغ 23 جريمة قتل إلى حدود السّداسي الأوّل من سنة 2023 مقابل 6 جرائم قتل للنّساء سنة 2018، بينما لم تشهد جرائم القتل في تونس ارتفاعا خلال فترة الجائحة (كوفيد 19) على عكس ظاهرة العنف المسلّط على المرأة.
كما بين التّقرير أنّ جلّ جرائم قتل النّساء وقعت في المنزل بنسب بلغ أدناها 57% سنة 2020 وأقصاها 93% سنة 2021 وأنّ ذروة ارتكاب الجرائم هي الفترة الزمنيّة من السّاعة السابعة مساء إلى الساعة السادسة صباحا سنة 2020 بعد أن كانت تقع صباحا سنتي 2018 و2019، وأنّ الزوج هو القائم بالجريمة في 71 % من جرائم قتل النّساء.
ومن الاستنتاجات التي خلص إليها هذا التقرير الوصفيّ الأوليّ استنادا إلى بيانات وحيثيات جرائم قتل النساء موضوع الدراسة أيضا أنّ مرتكب الجريمة يعتمد على القوّة الجسديّة وأنّ كلّ الفئات العمريّة يمكن أن تُستهدف بجريمة القتل كما أنّ المستوى التّعليمي لا ينتج فوارق ولا يحمي الضّحايا ولا يمنع من ارتكاب جريمة القتل.
كما بيّن التقرير الترابط بين متغيّر العمر ومتغيّر الحالة المدنيّة وأن 52.17% من النّساء ضحايا القتل هنّ من المتزوّجات علاوة على أنّ 61% من القائمين بجريمة القتل من المشتغلين.
وفي المقابل كشف التقرير أنّ 51 % من النّساء ضحايا جرائم القتل هنّ خارج دائرة المشاركة الاقتصاديّة وهو ما يعزّز وجاهة تركيز الوزارة خلال السنتين المنقضيتين على برامج التمكين الاقتصادي ومراهنتها عليه باعتباره حلّا وآليّة أساسيّة لمعالجة العنف المسلّط على النساء، حيث بادرت وزارة الأسرة بإحداث خط تمويل "رائدات ذات الأولوية" الذي يمكن أن تنتفع به ضحايا العنف إلى جانب برنامج " صامدة" المخصّص حصريّا للنساء ضحايا العنف والمهدّدات به.
كما أبان التّقرير أنّ العدد الإجمالي لأطفال النّساء ضحايا جرائم القتل بلغ 64 طفلا أي بارتفاع يقدّر بأربع مرّات بين 2018 و2023 باستثناء سنة 2019.
وقد تعهد مندوبو حماية الطفولة آليّا بكلّ أطفال الأمّهات ضحايا جرائم القتل سواء أكانوا من الشّهود أو من الضحايا.
عذبها ثم قتلها..
هذه الجريمة جدت في 2018 حيث اقدم شاب من مواليد 1993 متزوج حديثا على قتل زوجته من مواليد 1995 شنقا بعد ان قام بتعذيبها طيلة ليلة كاملة ثم لاذ بالفرار.
قتلها وأوهم أنها سقطت من السطح..
هذه الجريمة جدت ايضا في 2018 حيث تمكنت فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني بجندوبة من كشف ملابسات وفاة امرأة من مواليد ستة 1984 بمنطقة السواني من معتمدية جندوبة الشمالية.
وأثبتت الابحاث أن الوفاة ناجمة عن تلقي الضحية لضربات بآلة حادة من قبل زوجها، بعد أن ما راج انّها توفيت نتيجة سقوطها من سطح منزلها.
وقد اعترف زوج الضحية، وهو من مواليد 1975، أثناء التحقيق معه بأنّه قام بتسديد ضربات بواسطة آلة حادة لزوجته بسبب خلافات عائلية مما تسبب في مقتلها، وادعى في البداية أنّ الوفاة ناجمة عن سقوطها من سقف المنزل قبل أن يعترف بتفاصيل جريمته للمحققين.
جرائم 2019..
سجلت منطقة هيبون من ولاية المهدية في 2019 جريمة قتل بشعة تمثلت في إقدام شاب على قتل والدته بعد أن سدد لها سبع طعنات بسكين، وقد تفطن عدد من الجيران لجثة المرأة تتخبط في دمائها ،حيث تبين وأن ابنها المشتبه به ارتكب الجريمة بعد أن شك في سيرة والدته.
وفي ماي 2019 استفاق سكان منطقة طريق المطار بصفاقس على وقع جريمة قتل بشعة راحت ضحيتها امرأة بعد أن قام ابنها بالاعتداء عليها بآلة حادة «ساطور» على مستوى الرأس وقد عمد إلى إضرام النيران بدراجته النارية أمام باب المنزل بعد تنفيذه للجريمة لمنع الأجوار من الدخول وإنقاذ والدته.
وفي جوان 2019 تمكنت الوحدات الأمنية بصفاقس المدينة من الإيقاع بمرتكبي جريمة قتل راحت ضحيتها فتاة في مقتبل العمر خنقا حتى الموت وهم شاب في عقده الثالث وشريكيه (وهما زوجان).
وبتاريخ الحادثة نشب خلاف بينهما عمد الشاب إلى خنقها لتتوفى على عين المكان.
وفي اوت 2019 تمكنت الفرق الأمنية التابعة إلى منطقة الأمن الوطني بتاجروين من الكشف عن ملابسات جريمة قتل لمسنة والاحتفاظ بابنها وزوجته بعد ملاحظة خدوش وكدمات موجودة على جسم أحد المضنون فيهما الذي اعترف بأطوار الجريمة والتي كان سببها خلافات عائلية.
مذابح عش الزوجية..
من ضحايا جرائم قتل الشريك لشريكته أم لأربعة أبناء فارقت الحياة بطعنات قاتلة من زوجها بعد خلاف نشب بينهما بمقر سكناهما بجهة وادي الباي بمنطقة السعيدة التابعة لوادي الليل من ولاية منوبة بسبب المال وعلى الرغم من أن شقيق الزوجة تدخل ونجح في فض الخلاف وهدأت الأمور بينهما ولكن الزوج قرر عند الصباح الانتقام فالتقط سكينا وانهال بواسطتها بعدة طعنات أمام مرأى ابنتين من أبنائهما الأربعة إلى أن أرداها قتيلة كما حاول قتل ابنته الكبرى وعمرها 11 عاما وأصيبت بعدّة جروح على مستوى الرقبة ثم سلم نفسه الى السلطات الأمنية.
زوج آخر بجهة الكبارية خرب جسد زوجته بسبع طعنات بواسطة سكين كبير الحجم في محطة المترو بالكبارية. وكشفت الأبحاث المجراة في ملف القضية أن سبب الجريمة يعود إلى خلافات عائلية مستمرة بينهما منذ فترة.
وقد اعترف الزوج بما نسب إليه بعد أن سلم نفسه للوحدات الأمنية.
مدينة الكاف أيضا عاشت مساء يوم 29 اكتوبر 2022 على وقع جريمة قتل فظيعة راحت ضحيتها امرأة عمد زوجها الى حرقها.
حيث عمد عون ديوانة الى اضرم النار في جسد زوجته المربية في منزلهما اين أصيبت بحروق بليغة تسببت في موتها على عين المكان.
رفقة الشارني هي واحدة من ضحايا العنف الزوجي الذي انتهى بجريمة قتل، هي امرأة شابة وأم لطفل وزوجها يعمل في سلك الحرس الوطني قتلها بخمس طلقات من سلاحه الوظيفي في جهة الكاف، وكانت رفقة قبل أن تقتل توجهت بشكاية رسمية ضد زوجها لاعتدائه عليها بالعنف وحصلت بالفعل على شهادة طبية تثبت تعرضها للعنف استوجب عشرين يوما من الراحة، لكن الزوج بقي في حالة سراح حتى قتلها، ثم ألقي القبض عليه بعد الجريمة.
قتل حنان..
أثارت جريمة قتل الشابة التونسية حنان التي تبلغ من العمر 25 سنة على يد زوجها في ألمانيا تاركة ابنها الرضيع البالغ من العمر سنتين جدلا لدى الرأي العام في تونس، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ''فايسبوك'' وأكد القنصل التونسي في ألمانيا حينها أن الضحية طلبت يوم مقتلها الانفصال عن زوجها مما تسبب في نشوب خلاف بينهما وقام بتعنيفها حتى الموت.
كما كشف تقرير الطب الشرعي الألماني أن الوفاة ناجمة عن جرح غائر في الرأس إضافة الى آثار خنق على رقبتها.
وكانت الفقيدة لجأت الى الشرطة يوم مصرعها وأكدت أنها خائفة من ردة فعل زوجها عندما تطلب منه الطلاق.
وقال الزوج القاتل خلال التحقيق معه إنه عنفها لكن لم تكن غايته قتلها.
قتل سناء..
سناء واحدة من ضحايا القتل الوحشي من قبل زوجها حيث
اهتزت مدينة ليمبورغ الألمانية على وقع جريمة قتل مروعة ارتكبها التونسي عماد العمدوني البالغ من العمر 34 عاماً في حق زوجته سناء البالغة من العمر 32 عاماً، حيث قام بدهسها بسيارته في الشارع ثم ترجل ليهشم رأسها بمطرقة أمام المارة، وأكدت وزارة الخارجية التونسية أن مدينة ليمبورغ الألمانية شهدت جريمة قتل ذهبت ضحيتها مواطنة تونسية على يد زوجها التونسي الحامل للجنسية الألمانية والذي تم القبض عليه واحتجازه على ذمة التحقيق.
وأضافت الوزارة في بيان إن القنصلية التونسية ببون، تولّت وبالتنسيق مع السلطات الأمنية الألمانية توفير الإحاطة اللازمة لأبناء الضحية وإيوائهم بمركز لحماية الطفولة مع إخضاعهم لمتابعة نفسية دقيقة من قبل أخصائيين.
والضحية سافرت إلى ألمانيا منذ ستة أعوام حيث واصلت دراستها الجامعية في مجال الهندسة، وهناك تعرفت على عماد الذي تنحدر أسرته من مسقط رأسها، لكنه مولود في ألمانيا ويحمل جنسيتها، وتم الزواج بينهما لينجبا ابنتين إحداهما في الرابعة من عمرها والثانية لم تتجاوز العامين.
بعد الزواج اكتشفت سناء أن زوجها مدمن على المخدرات والكحول وحبوب الهلوسة، ويقوم بتعنيفها بشكل يومي تقريباً، كما يقوم بتعنيف والدته، ما جعل زوجته تفر من المنزل مع طفلتيها لتقيم تحت الحراسة الأمنية في مأوى تابع لإحدى الجمعيات الخيرية، ومن هناك تقدمت بقضية طلاق كان من المنتظر أن تنظر فيها المحكمة.
ولكن صادف أن شقيقة الزوج كانت قد عملت سابقاً في تلك الجمعية، فاتصلت بإحدى زميلاتها السابقات لتطلب منها مدها بعنوان المأوى الذي تقيم فيه سناء وبنتيها، وبعد أن حصلت على العنوان مدت به شقيقها الذي بدأ بمراقبة المكان عن بعد.
شعرت سناء بأنها محل مراقبة، وأعلمت بذلك الجهات الأمنية التي شددت الرقابة على المأوى، وكانت الزوجة تعتقد أن زوجها المدمن قد يقوم في أي وقت باختطاف ابنتيها الصغيرتين، لكنها لم تتخيل للحظة واحدة أنه قد أعد خطة لقتلها، وعندما كانت سناء عائدة إلى مقر إقامتها برفقة طفلتيها، فاجأها زوجها بأن دهسها بسيارته لتسقط على الأسفلت مضرجة بدمائها، ولم يكتفِ بذلك، بل نزل من سيارته وفي يده مطرقة استعملها في الضرب بعنف على رأسها حتى فصله عن جسدها.
المقربون من الضحية أكدوا أنها حصلت مؤخراً على الجنسية الألمانية، واستخرجت جواز سفر ألمانياً، وكانت على اتصال ببعض الناشطات التونسيات لمساعدتها على تأجير منزل لتنتقل إليه من المأوى الخيري، كما كانت ستتجه للنظر في قضية طلاقها لكن زوجها أنهى حياتها وتحولت الجريمة إلى قضية رأي عام في ألمانيا نظراً لبشاعتها، وقام ناشطون بنشر مشاهد فيديو للحظات مقتل سناء ما أشعل الغضب في نفوس الجميع.
هيمنة ذكورية ..
أظهرت دراسة استطلاعية أنجزها كل من صندوق الأمم المتحدة للسكان بتونس وكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، أن جرائم قتل النساء في تونس هي نتيجة علاقات قوى اجتماعية وهيمنة ذكورية ولا يمكن تنسيبها دائما إلى أسباب مرضية أوحالات إدمان.
وأظهرت الدراسة الأولى من نوعها والممولة من الاتحاد الأوروبي في إطار "برنامج آمنة : من أجل إجابة شاملة "، للعنف المبني على النوع الإجتماعي »، بعد تجميع قرابة 46 ملفا عن جرائم قتل النساء من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وقسم الطب الشرعي بمستشفى شارل نيكول، أن 28.12 بالمائة من النساء ضحايا جرائم القتل، طلبن سابقا الطلاق أو قدمن شكاية ضد الزوج المُعنف أو أنهين علاقتهن مع الزوج.
وتمس هذه الجرائم بالخصوص حسب نتائج التحليل النفسي الاجتماعي للملفات، النساء الشابات اللاتي تترواح أعمارهن بين 19 و 30 والمتزوجات بنسبة 71.73 بالمائة.
وتقع هذه الجرائم في أغلب الأحيان بالمنزل الزوجي أو منزل الضحية.
وتكون أداة الجريمة في أغلب الحالات المرصودة، السلاح الأبيض ويمكن أن يتجاوز عدد الطعنات 20 طعنة في جسم الضحية بالخصوص في مستوى الرأس والقفص الصدري، حسب ذات الدراسة.
وتستهدف أغلب هذه الجرائم النساء اللاتي ليس لديهن دخل مادي، حيث أظهرت النتائج أن 46 بالمائة من الضحايا لا يعملن.