التونسيون ضحية التضخم.. وتدهور المقدرة الشرائية على مدى سنوات الثورة
محسن حسن لـ"الصباح":"الزيادات التي حدثت منذ الثورة غير مدروسة ولم تكن مصاحبة بارتفاع الإنتاج والناتج المحلي الإجمالي"
لطفي الرياحي لـ"الصباح":"اليوم أجرتان لعائلة حتى وإن بلغ كل واحد منها 1800 دينار في الشهر فإنها لا تكفي".
تونس – الصباح
يعيش التونسيون على وقع أزمة اقتصادية واجتماعية حادة بسبب ما مرت به البلاد على مدى سنوات الثورة من عدم استقرار على جميع الأصعدة عمقتها أزمة جائحة كوفيد19 وزادتها عمقا الحرب الأوكرانية – الروسية ومختلف التحولات الإقليمية والدولية إلى جانب التحولات السياسية في تونس.
وقد عمّق التضخم المتسارع المسجل في السنوات الأخيرة من أزمة التونسيين في مواجهة متطلبات الحياة اليومية فحتى الزيادة في الأجور خاصة بالوظيفة العمومية لم تأت بالنتائج المرجوة ولم تخفف من ذلك الصراع مع غلاء المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية.
إيمان عبد اللطيف
لا يبدو أن الزيادة في الأجور، والتي بلغت في السبع سنوات الأخيرة نسبة فاقت 50 بالمائة، أنها كانت الحل الأنسب والموضوعي لإنقاذ المقدرة الشرائية للتونسيين، فهذه الزيادات تآكلت مع الارتفاع الملحوظ والمتواتر لنسبة التضخم.
فقد أوضح الخبير الاقتصادي محسن حسن في تصريح لـ"الصباح" أنّه "صحيح أن هناك زيادات في معدل وكتلة الأجور ولكن المشكل يكمن في أن هذه الزيادات لم يقابلها زيادة في الإنتاج والإنتاجية وبالتالي هذه الزيادات أدت إلى توسع الطلب الداخلي ولم يقابله عرض كافي ما انجر عنه ارتفاع مستوى التضخم ما يفسر تراجع المقدرة الشرائية للأجراء".
وأضاف حسن "هذه الزيادات في الأجور أدت إلى توسع الطلب الداخلي ولم يقابلها عرض انتاج وطني ما أدى إلى ارتفاع اللجوء إلى التوريد وهو ما أدى بالضرورة إلى ارتفاع العجز التجاري وصعوبات على مستوى المالية العمومية وأيضا إلى التضخم وتراجع المقدرة الشرائية".
وقال الخبير الاقتصادي محسن حسن "إجمالا الزيادات التي حدثت منذ الثورة كانت زيادات غير مدروسة ولم تكن مصاحبة بارتفاع الإنتاج والناتج المحلي الإجمالي فكانت أرفع بكثير من خلق الثروة ومن النمو المسجل في البلاد وفي هذه الحالة يكون نتيجة حتمية بمزيد تردي المقدرة الشرائية لضعاف الحال".
من ناحية أخرى، ووفق قوله، "في السنوات الأخيرة الاقتصاد العالمي تلقى صدمات أدت إلى تراجع المقدرة الشرائية للأجراء في جل دول العالم بسبب الأزمات التي ذكرناها سابقا والتي تسببت في نقص الامدادات في المواد الغذائية والأساسية. فإجمالا وما يفسر تردي المقدرة الشرائية هو تلك الصدمات العالمية ثم الزيادة في الأجور لم يواكبه أي تطورات مصاحبة".
وأكد محسن حسن أنّه "من المفترض في أي بلد يحترم نفسه أن يكون هناك عقد اجتماعي يرسم الخيارات الكبرى، فلا يجب المطالبة بالزيادة في الأجور إذا لا توجد هناك زيادة في الثروة في البلاد سواء عن طريق الزيادة في الاستثمار أو الاستهلاك أو التصدير وأيضا في الإنتاجية. فإذا لم تتوفر هذه المسائل فإن الزيادة في الأجور ستؤدي إلى تدهور في المقدرة الشرائية وهو ما لم يرد فهمه النقابيون".
من جهته فسّر رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي في تصريح لـ"الصباح" أنه "من الطبيعي جدا أن لا تتماشى الزيادات في الأجور خاصة في الوظيفة العمومية مع واقع المعيشة، فهناك تضخم كبير في الأسعار. فلا يمكن مقارنة هذه الأجور وما يحدث من ارتفاع متواتر ومتسارع ويومي في الأسعار شمل كل المجالات والمواد بما في ذلك أسعار الكراء".
وأضاف الرياحي "اليوم أجرتان لعائلة حتى وإن بلاغ كل واحد منها 1800 دينار في الشهر فإنها لا تكفي. فعندما تلاحظ أسعار الكراء أقلها 600 دينار فما فوق وكلفة الوجبة الواحدة قد تصل 50 دينارا في اليوم، حتى تكاليف التداوي والاتصالات والملابس الجاهزة أصبحت مرتفعة فإن هذه الزيادات في الأجور لا تعني شيئا".
وقال لطفي الرياحي "هناك شطط كبير في الأسعار، لذلك اتخذت وزارة التجارة أول أمس جملة من الإجراءات تخص تجميد الأسعار في عدد من المواد حتى يتوقف هذا التضخم المصطنع الذي يصل فيه هامش الربح بالمساحات الكبرى في عدد من المواد إلى 70 بالمائة وبالتالي كانت هناك هيكلة ممنهجة وفرض لهذه الأسعار على التونسيين حتى أنه أصبح مطبعا معها. وهذا الغلاء لا تجد له أي مبررات منطقية لا من حيث الجودة ولا من حيث النوعية".
وأضاف "من المهم الإشارة في هذا السياق أن الامتياز التجاري تحت التسمية الأصلية "الفرنشيز" لم يجلب لتونس إلا غلاء الأسعار والجودة المتدنية. فأصبحا نعيش على نفس الوتيرة إلى أن طبعنا مع الغلاء وهذا غير معقول وغير مقبول".
وأوضح "اضطرار بعض التونسيين إلى الترفيع مثلا في معاليم الكراء هو نتيجة حتمية أيضا لتدهور قدرتهم المعيشية فكل شيء يتبع بعضه البعض، وهذا أصبح منحى عاديا نشاهده حتى في سلوك أطفالنا الاستهلاكي، فتطورت مطالبهم وتغيرت ما دفع بالأولياء إلى العمل والسعي لتلبية رغباتهم. في المقابل هناك بعض الأسر أصبحت تكتفي بطبخ وجبة واحدة في اليوم لضيق الحال وبسبب تدهور المقدرة الشرائية".
تأتي هذه القراءات والتعاليق على خلفية نتائج المسح الذي نشره المعهد الوطني للإحصاء مؤخرا بعنوان "خصائص تطور الأجور وعدد الموظفين في الفترة 2015-2022"، فقد أظهرت المعطيات أن عدد الموظفين قُدر سنة 2021 بنحو 669 ألفا و290 موظفا تشغل وزارة التربية النسبة الأعلى منهم بـ29،2 بالمائة تليها وزارة الداخلية 15 بالمائة ووزارة الدفاع 13،1 بالمائة ثم وزارة الصحة 12،4 بالمائة. ويقدر عدد المكلفين بخطط وظيفية بحوالي 26.1 ألف موظف منهم 13.6 ألف رئيس مصلحة و4100 مدير وكاهية مدير.
وتصل نسبة الأعوان الى 18،1 بالمائة. كما قُدر عدد الموظفين الذين التحقوا بالوظيفة العمومية سنة 2022 بـ 24 ألفا و755 موظفا في المقابل بلغ عدد المغادرين 29 ألفا و318 موظفا. أما بخصوص تطور الأجر الشهري الصافي، كشف مسح المعهد الوطني للإحصاء أن معدل الأجر الشهري الصافي في الوظيفة العمومية قد ارتفع من 916،7 دينار سنة 2015 إلى 1387،9 دينار سنة 2022، بزيادة قدرها 471،2 دينار أي بنسبة 51،4 بالمائة.
وتطور معدل الأجر باحتساب المساهمات من 1437،6 دينار سنة 2015، إلى 2467،2 دينار سنة 2022، مسجلا بذلك زيادة بقيمة 1029،5 دينار أي ما يقارب نسبة 72 بالمائة.
أما في ما يخصّ توزيع الأجور حسب الوزارات فهي كالآتي:
1. وزارة التعليم العالي: 1805.6 دينار
2. وزارة العدل: 1796.4 دينار
3. رئاسة الحكومة: 1703.4 دينار
4. وزارة الصحة: 1542.8 دينار
5. وزارة المالية: 1540.6 دينار
6. وزارة الداخلية: 1443.1 دينار
7. وزارة الشباب والرياضة: 1431.6 دينار
8. وزارة التربية: 1429.8 دينار
9. وزارة التجهيز: 1266.1 دينار
10. وزارة الدفاع الوطني: 1252.4 دينار
11. وزارة الفلاحة: 1138.1 دينار
12. وزارة الشؤون الاجتماعية: 1160.7 دينار
الجماعات المحلية سجلت أدني الأجور الصافية بواقع 888.8 دينار شهريا.
في سياق متصل، تطرق المسح إلى العديد من التفاصيل المتعلقة بالأجر الخام متضمنا المساهمات لموظفي الوظيفة العمومية، فالذين أجرهم الخام أقل 1200 دينار بلغت نسبتهم من مجموع الموظفين 0،3 بالمائة مقابل أكثر من 20 بالمائة سنة 2015.
أما الذين أجورهم الخام بين 1200 و1500 دينار فبلغت نسبتهم 0،5 بالمائة سنة 2022 مقابل 27،4 سنة 2015. ما بين 1500 و1800 كأجر خام تساوي نسبتهم 11،9 بالمائة سنة 2022 مقابل 30،7 بالمائة سنة 2015.
بخصوص الأجور الخام المتراوحة بين 1800 و2100 فتقدر نسبتهم بـحوالي 12 بالمائة سنة 2022 مقابل 12،3 بالمائة سنة 2015. وبين أجر خام 2100 و2400 تبلغ نسبة الموظفين من هذه الفئة 17،4 بالمائة مقابل 2،5 بالمائة من نفس الفترة.
في ذات السياق، مثلت نسبة 21،7 بالمائة نسبة الأجور الخام بين 2400 و2700 مقابل 2،2 بالمائة لنفس الأجور في سنة 2015. أما الأجور الخام المتراوحة بين 2700 و3000 فنسبتها 22،2 بالمائة سنة 2022 مقابل 0،7 سنة 2015. والذين أجورهم 3000 فما فوق تمثل نسبتهم 22،7 بالمائة سنة 2022 مقابل 4،1 بالمائة سنة 2015.
أما بالنسبة للأعوان، فالذين أجورهم الخام الشاملة للمساهمات البالغة أقل من 800 دينار فيمثلون 0،1 بالمائة سنة 2022 مقابل 28،5 بالمائة سنة 2015 الذي كانت فيها الأجور الخام بين 800 و900 دينار مثل 37،2 بالمائة وبداية من سنة 2019 لم يعد هناك من الأعوان من يتقاضى هذه القيمة وفق جدول الإحصائيات الوارد بالمسح.
تطور أيضا عدد الأعوان الذين يحصلون على أجور خام شاملة للمساهمات ومتراوحة بين 900 و1000 دينار من 18 بالمائة سنة 2015 إلى 47،8 بالمائة سنة 2016 ثم إلى 46 بالمائة سنة 2017 ثم 47،2 بالمائة سنة 2018 وإلى صفر بالمائة من سنة 2020 إلى 2022.
بالنسبة للأجور الخام الشاملة أيضا للمساهمات والمتراوحة بين 1000 إلى 1100 دينار تطور عدد الأعوان على التوالي من 13،6 بالمائة سنة 2015، إلى 26،2 بالمائة سنة 2016 إلى 31،7 بالمائة سنة 2017 إلى 47،2 بالمائة سنة 2018 ثم أصبح صفر بالمائة من 2020 إلى 2022.
بالنسبة للأجور بين 1100 و1200 دينار ذات المنهج أيضا فقد تطور العدد من 2،1 بالمائة سنة 2015 إلى 9،4 بالمائة سنة 2016 إلى 8،7 بالمائة سنة 2017 إلى 8،5 بالمائة سنة 2018 إلى 25،4 بالمائة سنة 2019 ثم صفر بالمائة لباقي السنوات.
شهد عدد الأعوان المتحصلين على أجور خام شاملة المساهمة ومتراوحة بين 1200 و1300 دينار تطورا في العدد من 0،2 بالمائة سنة 2015 إلى 42،3 سنة 2019 ثم إلى صفر بالمائة سنة 2022.
سنة 2015 لم يكن يتحصل أي عون في الوظيفة العمومية على أجر يتراوح بين 1300 و1400 دينار، بداية من سنة 2016 أصبحت النسبة 0،2 بالمائة وتراجعت إلى 1،1 بالمائة سنة 2018 ثم ارتفعت إلى 34،7 سنة 2020 وتراجعت إلى 8،1 بالمائة سنة 2022.
ومن يتقاضون أكثر من 1400 دينار كأجر خام شامل للمساهمات تطور عددهم من 0،5 بالمائة سنة 2015 إلى 91،7 بالمائة سنة 2022.
التونسيون ضحية التضخم.. وتدهور المقدرة الشرائية على مدى سنوات الثورة
محسن حسن لـ"الصباح":"الزيادات التي حدثت منذ الثورة غير مدروسة ولم تكن مصاحبة بارتفاع الإنتاج والناتج المحلي الإجمالي"
لطفي الرياحي لـ"الصباح":"اليوم أجرتان لعائلة حتى وإن بلغ كل واحد منها 1800 دينار في الشهر فإنها لا تكفي".
تونس – الصباح
يعيش التونسيون على وقع أزمة اقتصادية واجتماعية حادة بسبب ما مرت به البلاد على مدى سنوات الثورة من عدم استقرار على جميع الأصعدة عمقتها أزمة جائحة كوفيد19 وزادتها عمقا الحرب الأوكرانية – الروسية ومختلف التحولات الإقليمية والدولية إلى جانب التحولات السياسية في تونس.
وقد عمّق التضخم المتسارع المسجل في السنوات الأخيرة من أزمة التونسيين في مواجهة متطلبات الحياة اليومية فحتى الزيادة في الأجور خاصة بالوظيفة العمومية لم تأت بالنتائج المرجوة ولم تخفف من ذلك الصراع مع غلاء المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية.
إيمان عبد اللطيف
لا يبدو أن الزيادة في الأجور، والتي بلغت في السبع سنوات الأخيرة نسبة فاقت 50 بالمائة، أنها كانت الحل الأنسب والموضوعي لإنقاذ المقدرة الشرائية للتونسيين، فهذه الزيادات تآكلت مع الارتفاع الملحوظ والمتواتر لنسبة التضخم.
فقد أوضح الخبير الاقتصادي محسن حسن في تصريح لـ"الصباح" أنّه "صحيح أن هناك زيادات في معدل وكتلة الأجور ولكن المشكل يكمن في أن هذه الزيادات لم يقابلها زيادة في الإنتاج والإنتاجية وبالتالي هذه الزيادات أدت إلى توسع الطلب الداخلي ولم يقابله عرض كافي ما انجر عنه ارتفاع مستوى التضخم ما يفسر تراجع المقدرة الشرائية للأجراء".
وأضاف حسن "هذه الزيادات في الأجور أدت إلى توسع الطلب الداخلي ولم يقابلها عرض انتاج وطني ما أدى إلى ارتفاع اللجوء إلى التوريد وهو ما أدى بالضرورة إلى ارتفاع العجز التجاري وصعوبات على مستوى المالية العمومية وأيضا إلى التضخم وتراجع المقدرة الشرائية".
وقال الخبير الاقتصادي محسن حسن "إجمالا الزيادات التي حدثت منذ الثورة كانت زيادات غير مدروسة ولم تكن مصاحبة بارتفاع الإنتاج والناتج المحلي الإجمالي فكانت أرفع بكثير من خلق الثروة ومن النمو المسجل في البلاد وفي هذه الحالة يكون نتيجة حتمية بمزيد تردي المقدرة الشرائية لضعاف الحال".
من ناحية أخرى، ووفق قوله، "في السنوات الأخيرة الاقتصاد العالمي تلقى صدمات أدت إلى تراجع المقدرة الشرائية للأجراء في جل دول العالم بسبب الأزمات التي ذكرناها سابقا والتي تسببت في نقص الامدادات في المواد الغذائية والأساسية. فإجمالا وما يفسر تردي المقدرة الشرائية هو تلك الصدمات العالمية ثم الزيادة في الأجور لم يواكبه أي تطورات مصاحبة".
وأكد محسن حسن أنّه "من المفترض في أي بلد يحترم نفسه أن يكون هناك عقد اجتماعي يرسم الخيارات الكبرى، فلا يجب المطالبة بالزيادة في الأجور إذا لا توجد هناك زيادة في الثروة في البلاد سواء عن طريق الزيادة في الاستثمار أو الاستهلاك أو التصدير وأيضا في الإنتاجية. فإذا لم تتوفر هذه المسائل فإن الزيادة في الأجور ستؤدي إلى تدهور في المقدرة الشرائية وهو ما لم يرد فهمه النقابيون".
من جهته فسّر رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي في تصريح لـ"الصباح" أنه "من الطبيعي جدا أن لا تتماشى الزيادات في الأجور خاصة في الوظيفة العمومية مع واقع المعيشة، فهناك تضخم كبير في الأسعار. فلا يمكن مقارنة هذه الأجور وما يحدث من ارتفاع متواتر ومتسارع ويومي في الأسعار شمل كل المجالات والمواد بما في ذلك أسعار الكراء".
وأضاف الرياحي "اليوم أجرتان لعائلة حتى وإن بلاغ كل واحد منها 1800 دينار في الشهر فإنها لا تكفي. فعندما تلاحظ أسعار الكراء أقلها 600 دينار فما فوق وكلفة الوجبة الواحدة قد تصل 50 دينارا في اليوم، حتى تكاليف التداوي والاتصالات والملابس الجاهزة أصبحت مرتفعة فإن هذه الزيادات في الأجور لا تعني شيئا".
وقال لطفي الرياحي "هناك شطط كبير في الأسعار، لذلك اتخذت وزارة التجارة أول أمس جملة من الإجراءات تخص تجميد الأسعار في عدد من المواد حتى يتوقف هذا التضخم المصطنع الذي يصل فيه هامش الربح بالمساحات الكبرى في عدد من المواد إلى 70 بالمائة وبالتالي كانت هناك هيكلة ممنهجة وفرض لهذه الأسعار على التونسيين حتى أنه أصبح مطبعا معها. وهذا الغلاء لا تجد له أي مبررات منطقية لا من حيث الجودة ولا من حيث النوعية".
وأضاف "من المهم الإشارة في هذا السياق أن الامتياز التجاري تحت التسمية الأصلية "الفرنشيز" لم يجلب لتونس إلا غلاء الأسعار والجودة المتدنية. فأصبحا نعيش على نفس الوتيرة إلى أن طبعنا مع الغلاء وهذا غير معقول وغير مقبول".
وأوضح "اضطرار بعض التونسيين إلى الترفيع مثلا في معاليم الكراء هو نتيجة حتمية أيضا لتدهور قدرتهم المعيشية فكل شيء يتبع بعضه البعض، وهذا أصبح منحى عاديا نشاهده حتى في سلوك أطفالنا الاستهلاكي، فتطورت مطالبهم وتغيرت ما دفع بالأولياء إلى العمل والسعي لتلبية رغباتهم. في المقابل هناك بعض الأسر أصبحت تكتفي بطبخ وجبة واحدة في اليوم لضيق الحال وبسبب تدهور المقدرة الشرائية".
تأتي هذه القراءات والتعاليق على خلفية نتائج المسح الذي نشره المعهد الوطني للإحصاء مؤخرا بعنوان "خصائص تطور الأجور وعدد الموظفين في الفترة 2015-2022"، فقد أظهرت المعطيات أن عدد الموظفين قُدر سنة 2021 بنحو 669 ألفا و290 موظفا تشغل وزارة التربية النسبة الأعلى منهم بـ29،2 بالمائة تليها وزارة الداخلية 15 بالمائة ووزارة الدفاع 13،1 بالمائة ثم وزارة الصحة 12،4 بالمائة. ويقدر عدد المكلفين بخطط وظيفية بحوالي 26.1 ألف موظف منهم 13.6 ألف رئيس مصلحة و4100 مدير وكاهية مدير.
وتصل نسبة الأعوان الى 18،1 بالمائة. كما قُدر عدد الموظفين الذين التحقوا بالوظيفة العمومية سنة 2022 بـ 24 ألفا و755 موظفا في المقابل بلغ عدد المغادرين 29 ألفا و318 موظفا. أما بخصوص تطور الأجر الشهري الصافي، كشف مسح المعهد الوطني للإحصاء أن معدل الأجر الشهري الصافي في الوظيفة العمومية قد ارتفع من 916،7 دينار سنة 2015 إلى 1387،9 دينار سنة 2022، بزيادة قدرها 471،2 دينار أي بنسبة 51،4 بالمائة.
وتطور معدل الأجر باحتساب المساهمات من 1437،6 دينار سنة 2015، إلى 2467،2 دينار سنة 2022، مسجلا بذلك زيادة بقيمة 1029،5 دينار أي ما يقارب نسبة 72 بالمائة.
أما في ما يخصّ توزيع الأجور حسب الوزارات فهي كالآتي:
1. وزارة التعليم العالي: 1805.6 دينار
2. وزارة العدل: 1796.4 دينار
3. رئاسة الحكومة: 1703.4 دينار
4. وزارة الصحة: 1542.8 دينار
5. وزارة المالية: 1540.6 دينار
6. وزارة الداخلية: 1443.1 دينار
7. وزارة الشباب والرياضة: 1431.6 دينار
8. وزارة التربية: 1429.8 دينار
9. وزارة التجهيز: 1266.1 دينار
10. وزارة الدفاع الوطني: 1252.4 دينار
11. وزارة الفلاحة: 1138.1 دينار
12. وزارة الشؤون الاجتماعية: 1160.7 دينار
الجماعات المحلية سجلت أدني الأجور الصافية بواقع 888.8 دينار شهريا.
في سياق متصل، تطرق المسح إلى العديد من التفاصيل المتعلقة بالأجر الخام متضمنا المساهمات لموظفي الوظيفة العمومية، فالذين أجرهم الخام أقل 1200 دينار بلغت نسبتهم من مجموع الموظفين 0،3 بالمائة مقابل أكثر من 20 بالمائة سنة 2015.
أما الذين أجورهم الخام بين 1200 و1500 دينار فبلغت نسبتهم 0،5 بالمائة سنة 2022 مقابل 27،4 سنة 2015. ما بين 1500 و1800 كأجر خام تساوي نسبتهم 11،9 بالمائة سنة 2022 مقابل 30،7 بالمائة سنة 2015.
بخصوص الأجور الخام المتراوحة بين 1800 و2100 فتقدر نسبتهم بـحوالي 12 بالمائة سنة 2022 مقابل 12،3 بالمائة سنة 2015. وبين أجر خام 2100 و2400 تبلغ نسبة الموظفين من هذه الفئة 17،4 بالمائة مقابل 2،5 بالمائة من نفس الفترة.
في ذات السياق، مثلت نسبة 21،7 بالمائة نسبة الأجور الخام بين 2400 و2700 مقابل 2،2 بالمائة لنفس الأجور في سنة 2015. أما الأجور الخام المتراوحة بين 2700 و3000 فنسبتها 22،2 بالمائة سنة 2022 مقابل 0،7 سنة 2015. والذين أجورهم 3000 فما فوق تمثل نسبتهم 22،7 بالمائة سنة 2022 مقابل 4،1 بالمائة سنة 2015.
أما بالنسبة للأعوان، فالذين أجورهم الخام الشاملة للمساهمات البالغة أقل من 800 دينار فيمثلون 0،1 بالمائة سنة 2022 مقابل 28،5 بالمائة سنة 2015 الذي كانت فيها الأجور الخام بين 800 و900 دينار مثل 37،2 بالمائة وبداية من سنة 2019 لم يعد هناك من الأعوان من يتقاضى هذه القيمة وفق جدول الإحصائيات الوارد بالمسح.
تطور أيضا عدد الأعوان الذين يحصلون على أجور خام شاملة للمساهمات ومتراوحة بين 900 و1000 دينار من 18 بالمائة سنة 2015 إلى 47،8 بالمائة سنة 2016 ثم إلى 46 بالمائة سنة 2017 ثم 47،2 بالمائة سنة 2018 وإلى صفر بالمائة من سنة 2020 إلى 2022.
بالنسبة للأجور الخام الشاملة أيضا للمساهمات والمتراوحة بين 1000 إلى 1100 دينار تطور عدد الأعوان على التوالي من 13،6 بالمائة سنة 2015، إلى 26،2 بالمائة سنة 2016 إلى 31،7 بالمائة سنة 2017 إلى 47،2 بالمائة سنة 2018 ثم أصبح صفر بالمائة من 2020 إلى 2022.
بالنسبة للأجور بين 1100 و1200 دينار ذات المنهج أيضا فقد تطور العدد من 2،1 بالمائة سنة 2015 إلى 9،4 بالمائة سنة 2016 إلى 8،7 بالمائة سنة 2017 إلى 8،5 بالمائة سنة 2018 إلى 25،4 بالمائة سنة 2019 ثم صفر بالمائة لباقي السنوات.
شهد عدد الأعوان المتحصلين على أجور خام شاملة المساهمة ومتراوحة بين 1200 و1300 دينار تطورا في العدد من 0،2 بالمائة سنة 2015 إلى 42،3 سنة 2019 ثم إلى صفر بالمائة سنة 2022.
سنة 2015 لم يكن يتحصل أي عون في الوظيفة العمومية على أجر يتراوح بين 1300 و1400 دينار، بداية من سنة 2016 أصبحت النسبة 0،2 بالمائة وتراجعت إلى 1،1 بالمائة سنة 2018 ثم ارتفعت إلى 34،7 سنة 2020 وتراجعت إلى 8،1 بالمائة سنة 2022.
ومن يتقاضون أكثر من 1400 دينار كأجر خام شامل للمساهمات تطور عددهم من 0،5 بالمائة سنة 2015 إلى 91،7 بالمائة سنة 2022.