"بالوحدة والمقاومة ننتصر" بهذه الكلمات استهلت المناضلة والقيادية في جبهة التحرير الفلسطينية أيقونة المقاومة الفلسطينية منذ سبعينات القرن الماضي حديثها لـ"الصباح" الذي يأتي بالتزامن مع مرور سبعة وأربعين يوما على العدوان المفتوح على قطاع غزة وما يعيش عليه أهالي غزة من قصف عشوائي ومن اغتيالات ومن هدم واستهداف متعمد للمستشفيات والمدارس والمؤسسات الإعلامية ومن مجازر في حق الأطفال والنساء والرضع والشيوخ.. ولكن أيضا مع إعلان التوصل الى هدنة بأربعة أيام وصفقة لتبادل الأسرى بين المقاومة وبين كيان الاحتلال ..
ليلى خالد والاسم الحركي شادية أبوغزالة نسبة لأول مُناضِلة فلسطينية ترتقي شهيدة بعد حرب 1967, هي أحد أبرز القيادات التاريخية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من مواليد مدينة حيفا شمال فلسطين وهي عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي أول امرأة تقوم بخطف طائرة، كان ذلك في أوت 1969 حيث قامت بخطف طائرة شركة العال الإسرائيلية وتحويل مسارها إلى سوريا، بهدف إطلاق سراح المُعتقلين الفلسطينيين ولفتت بذلك أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية. انضمت للمقاومة منذ سن الخامسة عشرة مع حركة القوميين العرب ومؤسسها جورج حبش، والتي أصبحت لاحقا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.. لم يغير الزمن ولا عامل السن ولا الانقطاع عن الميدان من قناعات ليلى خالد التي باتت أكثر تمسكا وإصرارا بخيار المقاومة التي تعتبرها مترسخة في ثقافة الشعب الفلسطيني وحق مشروع لشعب يريدون اقتلاعه من أرضه، وأن الاحتلال هو الإرهاب بعينه تقول ليلى خالد إن طوفان الأقصى أعاد القضية الفلسطينية الى اهتمام الرأي العام الذي بات يرفض الرواية الإسرائيلية المزيفة.. كيف تعايش ليلى خالد الحرب الهمجية على غزة وكيف تقرأ دور المقاومة وما ينتظرها وماذا عن وحدة الشعب الفلسطيني وماذا عن تفاعل الرأي العام الدولي مع القضية الفلسطينية وكيف يمكن الاستثمار في ذلك؟.. وفيما يلي نص الحديث:
حوار: آسيا العتروس
*كيف تعيش ليلى خالد مع ما يحدث في غزة من مجازر واعتداءات ضد أهالي قطاع غزة؟
-عندما يكون الأمر بهذا الحجم وبهذه الخطورة نحن ننشغل به، ونعمل فيه قدر الإمكان لنكون حاضرين حتى ونحن بعيدون. طبعا نخرج للمظاهرات والاحتجاجات وجمع المساعدات وعقد الندوات والمشاركة في الجبهة الإعلامية المفتوحة. نعيش على وقع ما يحدث يوما بيوم نتصل بأهلنا عندما يكون التواصل متوفرا، نتابع ما يحدث عبر الإعلام. ليس هناك اليوم أسرار في ما يحدث. نحن إزاء حرب طاحنة وعملية إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب يتابعها العالم مباشرة. حتى الآن لم تعاقب إسرائيل ويجب أن تعاقب بسبب كل هذا التنكيل الذي تصنعه بشعبنا. حتى الآن أيضا إسرائيل تعتقد أنها فوق القانون وهي تتصرف وفق هذا الأمر أنها فعلا فوق القانون الدولي .
هناك مسألة مهمة وهي أن حركة الشارع قائمة وإذا طال أمد الحرب فهذا يمكن أن يتراجع.. صوت الشارع من كل العالم مهم جدا لأهالي غزة إن العالم يسمع أصواتهم ويتابعهم.. هناك أطباء متطوعون يريدون الذهاب الى غزة ولكن الاحتلال يمنعهم من ذلك حتى المعونات الإنسانية التي يحتاجها الأطفال والنساء والمرضى والمصابون، ممنوعة. حتى القمة العربية الإسلامية لم تحقق شيئا، لم يستخدم القادة أي ورقة رابحة للضغط على إسرائيل ..
*وهل لديهم أوراق رابحة؟
طبعا.. لم لا يوقفون النفط يوما واحدا لا غير؟ أنا لا أتحدث عن الشعوب ولكن عن المؤسسات الرسمية نعم لا يزال النفط سلاحا قويا. وهناك أيضا المقاطعة. النفط والمقاطعة سلاحان مهمان، وكان على المطبعين تعليق التطبيع، لكننا اليوم نرى أن الجامعة العربية مجرد هيكل ولا فائدة ترجى منه. لكن في المقابل علينا الاعتراف بأن الحركة في الشارع مستمرة وهذا مهم والخبر الأهم أن المقاومة مازالت مستمرة وموجودة ولا يمكن لأي قوة حتى أمريكا أو إسرائيل اقتلاعها. شعبنا الفلسطيني شعب مقاوم وثقافته ثقافة مقاومة ونحن نبني موقفنا هذا على الواقع الميداني الذي نراه. غزة لا تواجه أول حرب لها بل إن غزة شنت عليها ست حروب سابقة واعني بذلك أن الثقافة الفلسطينية مبنية على ارث نضالي، والشعب الفلسطيني معروف بنضاله والنضالات تتراكم من مرحلة الى أخرى. نحن لا نواجه العدو الإسرائيلي أول مرة. مساحة غزة لا تزيد عن 365 كلم مربع، لكن منذ بداية العدوان على غزة أصبحت مساحة غزة تساوي مساحة العالم. كل شعوب الأرض انتفضت ضد جرائم إسرائيل والمطالبة بالحرية للفلسطينيين وهذا انجاز للمقاومة وهي بدورها حامية حمى الشعب الفلسطيني ولن تخذله. ولا بد أن نتأمل ما يقوم به الاحتلال ناتج عن خيارته العدوانية، خارطة فلسطين ترسم في كل العالم ولا يمكن إلا أن تكون محررة .
نتنياهو يقول إنه سيواصل الحرب الى أن يقتلع حماس ماذا تقولين في ذلك؟
هو يقول ونحن نفعل.. حماس ليست وحدها، كل المقاومة مع حماس، هناك غرفة عمليات مشتركة تنسق مع بعضها البعض وكل من يحمل السلاح يقاتل. يسوقون في الإعلام أن المعركة بين إسرائيل وحماس وهذا ليس صحيحا، كل الفلسطينيين يخوضون المعركة. حماس دخلت الهجوم الأول لكنها لا تقاتل وحدها وكل المقاومة الفلسطينية معها. وعلى الأرض الوحدة الميدانية فرضت حالها كوحدة سياسية أيضا. الآن كل من يحمل السلاح شريك في المعركة ولن نتوقف حتى يتوقف العدوان على أرضنا وشعبنا. بالوحدة والمقاومة تنتصر الشعوب وهذا يحدث الآن على الأرض.
هل أن أربعة أيام كافية لاستعادة الأنفاس؟
وقف إطلاق النار يعطينا فرصة لتقديم مساعدات عاجلة وضرورية الى شعبنا، ما يتم إدخاله لا يزيد عن واحد بالمائة من الاحتياجات وأهلنا في غزة يحتاجون كل شيء الماء والدواء والغذاء.. لقد دمروا المستشفيات والمدارس والبيوت ولم يتركوا شيئا ولكنهم في المقابل لن يقضوا على حماس. وعلى ضوء ما يجري في الميدان وليس كما تريد له إسرائيل فان الهدنة رغم جرائم الاحتلال جعلت العالم يكتشف حقيقة الصراع وخاصة الغرب. الآن الرواية الإسرائيلية اهتزت في الغرب الذي اكتشف الكذبة الإسرائيلية التي كان العالم يصدقها دون أدنى تشكيك أو إثارة التساؤلات. العالم يغير رأيه اليوم وهنا أيضا أنا أتحدث عن الشعوب وليس الأنظمة والحكومات وهناك شعوب قادرة على الضغط على حكوماتها ودفعها الى تغيير مواقفها وهذا ما يمكن أن يدفع حكومات أخرى الى فعل الشيء نفسه وان تدفع الى قطع العلاقات مع الاحتلال وأولها السلطة الفلسطينية إن بقي في الوجه بقية من ماء الحياء وهكذا تكون المعادلة على الأرض. وطالما هناك دم فلسطيني يسكب على الأرض لا يمكن القبول بما يفرضه الاحتلال والى متى ينتظرون وماذا ينتظرون؟ المهزومون لا يصنعون النصر والمقاوم تبقى الأساس طالما أن هناك احتلالا، لذلك لا نخشى المؤامرات .
*البعض، بدءا من واشنطن يتحدث عن حلول سياسية ومصير غزة بعد الحرب ودولة فلسطينية كيف يمكن الاستثمار في ذلك؟
الآن صاروا يتحدثون عن دولة فلسطينية وعن حلول سياسية هذه مسألة يقررها الفلسطينيون. معارك التحرير هي البداية وكل جولة تبني على الجولة التي سبقتها .
*ما المطلوب سياسيا الآن؟
أولا أن نعتمد على ذاتنا في كل ما يتعلق بتقرير المصير. البعض يتحدث عن حكم ذاتي في غزة والبعض يتحدث عن لجنة دولية. وأنا اسأل كيف تم توقيع صفقة الأسرى؟ أليس اتفاقا بين إسرائيل وحماس؟ إسرائيل اعترفت أن حماس تقاتلها، وإسرائيل بدأت تتنازل وتتفاوض عبر وسطاء وهذا هو الواقع يعني أن إسرائيل يمكن أن تتنازل .
*هل تقصدين أن إسرائيل اعترفت بحماس؟
إسرائيل تتعامل مع حماس عبر وسطاء والتفاصيل تتعلق بالأسرى ووقف إطلاق النار مع هدنة مؤقتة. بعد 47 يوما من الحرب أدركت إسرائيل انه ليس بإمكانها القضاء على حماس ولن يمكنها ذلك حتى بعد مائة يوم أو أكثر. حماس تواصل المعارك على الأرض مع بقية المقاومة وهم يقاتلون الى أن يترك الاحتلال أرضنا. حماس والمقاومة لم تدخل الحرب لتعطي إسرائيل فرصة تدمير بيوتنا وقتل أبنائنا وأهلنا.
*بين المقاومة زمن جيل ليلى خالد والمقاومة اليوم ما الذي تغير؟
تغير ميزان القوى الحرب في غزة وفي الضفة. الضفة أيضا لا تهدأ ميزان القوة يتعدل. المقاومة هي العنوان وهذا محل اعتراف العالم اليوم حتى من الذين اعتبروا المقاومة إرهابا. المقاوم حق الشعوب تحت الاحتلال. على إسرائيل وقف إطلاق النار وإذا خرقت الهدنة فالمقاومة جاهزة وهم الآن يستغلون الوقت المتبقي قبل موعد إعلان الهدنة الخميس العاشرة صباحا لإتمام مجازرهم والبارحة قتلوا نحو خمسين شهيدا في عمليات القصف المستمرة .
*إلى أي مدى يمكن للشارع الفلسطيني أن يظل مؤيدا للمقاومة في ظل تفاقم الخسائر واستمرار المجازر؟
الشارع الفلسطيني مؤيد للمقاومة والشعارات التي يرددها الشارع الفلسطيني كلها مع حماس والمقاومة. الضريبة عالية جدا نعم لكن الفلسطينيين يواصلون القتال ويقدمون التضحيات عن طواعية.
سقطت مخططات وحسابات نتنياهو لتهجير شعبنا في غزة ويمكن التأكيد انه بعد الـ48 فان الشعب الفلسطيني لن يقبل بالتهجير ونتنياهو فشل والمعركة مفتوحة. عدونا ومعه الحليف الأمريكي والأوروبي لا يمكنهم أن يفرضوا على الفلسطينيين خياراتهم. وهذه المرة بالذات لا يمكن ولا يحق لأحد أن يتحدث باسم الفلسطينيين. هذه أول صفقة والصفقة التالية ستكون مختلفة .
*هناك سبعة آلاف أسير فلسطيني على الأقل في سجون الاحتلال هل نحن أمام صفقة لتحرير كل الأسرى؟
دعنا نصحح هناك أكثر من 7 آلاف أسير. منذ السابع من أكتوبر اعتقلت إسرائيل أكثر من ألفي أسير في الضفة. الحركة الأسيرة لها تاريخها ونضالاتها في السجون الإسرائيلية. ليس هدفنا أن ندون في سجلات التاريخ. نحن إزاء قضية تاريخية شرعية وكل من له إيمان بهذه القضية يدرك معنى التضحية. كل يوم إسرائيل تفتضح أكثر وأكثر أمام العالم. لم تعد في نظر الغرب الديموقراطية الوحيدة في الشرق المستبد.. إسرائيل اليوم دولة عنصرية فاشية تحتل ارض شعب آخر. ما يقوم به الاحتلال في غزة في حق الأطفال يفسر عقليتهم، إنهم لا يريدون جيلا آخر يقاتل ولكنهم لا يعرفون الطفل الفلسطيني الذي يحلم بان يصبح فدائيا لأنه فقد كل أفراد عائلته في الحرب.. ليس هناك من خيار للشعوب التي ترزح تحت الاحتلال غير المقاومة. وعندما يقترب الموت والحياة يصبح الخيار واضحا. بالوحدة والمقاومة ننتصر .
*تعتقدين أن الوحدة الفلسطينية حاصلة اليوم بين الضفة والقطاع وبين مختلف الفصائل الفلسطينية؟
طبعا والميدان يعكس ذلك. الضفة مشتعلة.. إسرائيل تنكل بالضفة يوميا وهناك مواجهات وشهداء واعتقالات في المخيمات وهناك أسرى وهناك بيوت تهدم وهناك مقاومة مستمرة .
كيف سيكون المشهد بعد هذه الحرب على غزة؟
أنا على قناعة أن شعبنا الفلسطيني العظيم الذي يسطر معجزات في هذه المواجهة سينتصر بالوحدة والمقاومة. المشهد يتغير ولا يمكن أن يظل على حاله. ولا يمكن لأحد أن يملي علينا أو يفرض علينا أي شيء من الخارج والذين يسعون الى ذلك نقول لهم أين كنتم ودماؤنا تسفك أنهارا. المهم في هذه المرحلة شعبنا واع بأهدافه، وهدفه تحرير الأرض ولدي قناعة بأننا سنحرر أرضنا. المقاومة حق مشروع لشعب يرزح تحت الاحتلال وسنكون أوفياء لشهدائنا وأسرانا .
تونس-الصباح
"بالوحدة والمقاومة ننتصر" بهذه الكلمات استهلت المناضلة والقيادية في جبهة التحرير الفلسطينية أيقونة المقاومة الفلسطينية منذ سبعينات القرن الماضي حديثها لـ"الصباح" الذي يأتي بالتزامن مع مرور سبعة وأربعين يوما على العدوان المفتوح على قطاع غزة وما يعيش عليه أهالي غزة من قصف عشوائي ومن اغتيالات ومن هدم واستهداف متعمد للمستشفيات والمدارس والمؤسسات الإعلامية ومن مجازر في حق الأطفال والنساء والرضع والشيوخ.. ولكن أيضا مع إعلان التوصل الى هدنة بأربعة أيام وصفقة لتبادل الأسرى بين المقاومة وبين كيان الاحتلال ..
ليلى خالد والاسم الحركي شادية أبوغزالة نسبة لأول مُناضِلة فلسطينية ترتقي شهيدة بعد حرب 1967, هي أحد أبرز القيادات التاريخية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من مواليد مدينة حيفا شمال فلسطين وهي عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي أول امرأة تقوم بخطف طائرة، كان ذلك في أوت 1969 حيث قامت بخطف طائرة شركة العال الإسرائيلية وتحويل مسارها إلى سوريا، بهدف إطلاق سراح المُعتقلين الفلسطينيين ولفتت بذلك أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية. انضمت للمقاومة منذ سن الخامسة عشرة مع حركة القوميين العرب ومؤسسها جورج حبش، والتي أصبحت لاحقا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.. لم يغير الزمن ولا عامل السن ولا الانقطاع عن الميدان من قناعات ليلى خالد التي باتت أكثر تمسكا وإصرارا بخيار المقاومة التي تعتبرها مترسخة في ثقافة الشعب الفلسطيني وحق مشروع لشعب يريدون اقتلاعه من أرضه، وأن الاحتلال هو الإرهاب بعينه تقول ليلى خالد إن طوفان الأقصى أعاد القضية الفلسطينية الى اهتمام الرأي العام الذي بات يرفض الرواية الإسرائيلية المزيفة.. كيف تعايش ليلى خالد الحرب الهمجية على غزة وكيف تقرأ دور المقاومة وما ينتظرها وماذا عن وحدة الشعب الفلسطيني وماذا عن تفاعل الرأي العام الدولي مع القضية الفلسطينية وكيف يمكن الاستثمار في ذلك؟.. وفيما يلي نص الحديث:
حوار: آسيا العتروس
*كيف تعيش ليلى خالد مع ما يحدث في غزة من مجازر واعتداءات ضد أهالي قطاع غزة؟
-عندما يكون الأمر بهذا الحجم وبهذه الخطورة نحن ننشغل به، ونعمل فيه قدر الإمكان لنكون حاضرين حتى ونحن بعيدون. طبعا نخرج للمظاهرات والاحتجاجات وجمع المساعدات وعقد الندوات والمشاركة في الجبهة الإعلامية المفتوحة. نعيش على وقع ما يحدث يوما بيوم نتصل بأهلنا عندما يكون التواصل متوفرا، نتابع ما يحدث عبر الإعلام. ليس هناك اليوم أسرار في ما يحدث. نحن إزاء حرب طاحنة وعملية إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب يتابعها العالم مباشرة. حتى الآن لم تعاقب إسرائيل ويجب أن تعاقب بسبب كل هذا التنكيل الذي تصنعه بشعبنا. حتى الآن أيضا إسرائيل تعتقد أنها فوق القانون وهي تتصرف وفق هذا الأمر أنها فعلا فوق القانون الدولي .
هناك مسألة مهمة وهي أن حركة الشارع قائمة وإذا طال أمد الحرب فهذا يمكن أن يتراجع.. صوت الشارع من كل العالم مهم جدا لأهالي غزة إن العالم يسمع أصواتهم ويتابعهم.. هناك أطباء متطوعون يريدون الذهاب الى غزة ولكن الاحتلال يمنعهم من ذلك حتى المعونات الإنسانية التي يحتاجها الأطفال والنساء والمرضى والمصابون، ممنوعة. حتى القمة العربية الإسلامية لم تحقق شيئا، لم يستخدم القادة أي ورقة رابحة للضغط على إسرائيل ..
*وهل لديهم أوراق رابحة؟
طبعا.. لم لا يوقفون النفط يوما واحدا لا غير؟ أنا لا أتحدث عن الشعوب ولكن عن المؤسسات الرسمية نعم لا يزال النفط سلاحا قويا. وهناك أيضا المقاطعة. النفط والمقاطعة سلاحان مهمان، وكان على المطبعين تعليق التطبيع، لكننا اليوم نرى أن الجامعة العربية مجرد هيكل ولا فائدة ترجى منه. لكن في المقابل علينا الاعتراف بأن الحركة في الشارع مستمرة وهذا مهم والخبر الأهم أن المقاومة مازالت مستمرة وموجودة ولا يمكن لأي قوة حتى أمريكا أو إسرائيل اقتلاعها. شعبنا الفلسطيني شعب مقاوم وثقافته ثقافة مقاومة ونحن نبني موقفنا هذا على الواقع الميداني الذي نراه. غزة لا تواجه أول حرب لها بل إن غزة شنت عليها ست حروب سابقة واعني بذلك أن الثقافة الفلسطينية مبنية على ارث نضالي، والشعب الفلسطيني معروف بنضاله والنضالات تتراكم من مرحلة الى أخرى. نحن لا نواجه العدو الإسرائيلي أول مرة. مساحة غزة لا تزيد عن 365 كلم مربع، لكن منذ بداية العدوان على غزة أصبحت مساحة غزة تساوي مساحة العالم. كل شعوب الأرض انتفضت ضد جرائم إسرائيل والمطالبة بالحرية للفلسطينيين وهذا انجاز للمقاومة وهي بدورها حامية حمى الشعب الفلسطيني ولن تخذله. ولا بد أن نتأمل ما يقوم به الاحتلال ناتج عن خيارته العدوانية، خارطة فلسطين ترسم في كل العالم ولا يمكن إلا أن تكون محررة .
نتنياهو يقول إنه سيواصل الحرب الى أن يقتلع حماس ماذا تقولين في ذلك؟
هو يقول ونحن نفعل.. حماس ليست وحدها، كل المقاومة مع حماس، هناك غرفة عمليات مشتركة تنسق مع بعضها البعض وكل من يحمل السلاح يقاتل. يسوقون في الإعلام أن المعركة بين إسرائيل وحماس وهذا ليس صحيحا، كل الفلسطينيين يخوضون المعركة. حماس دخلت الهجوم الأول لكنها لا تقاتل وحدها وكل المقاومة الفلسطينية معها. وعلى الأرض الوحدة الميدانية فرضت حالها كوحدة سياسية أيضا. الآن كل من يحمل السلاح شريك في المعركة ولن نتوقف حتى يتوقف العدوان على أرضنا وشعبنا. بالوحدة والمقاومة تنتصر الشعوب وهذا يحدث الآن على الأرض.
هل أن أربعة أيام كافية لاستعادة الأنفاس؟
وقف إطلاق النار يعطينا فرصة لتقديم مساعدات عاجلة وضرورية الى شعبنا، ما يتم إدخاله لا يزيد عن واحد بالمائة من الاحتياجات وأهلنا في غزة يحتاجون كل شيء الماء والدواء والغذاء.. لقد دمروا المستشفيات والمدارس والبيوت ولم يتركوا شيئا ولكنهم في المقابل لن يقضوا على حماس. وعلى ضوء ما يجري في الميدان وليس كما تريد له إسرائيل فان الهدنة رغم جرائم الاحتلال جعلت العالم يكتشف حقيقة الصراع وخاصة الغرب. الآن الرواية الإسرائيلية اهتزت في الغرب الذي اكتشف الكذبة الإسرائيلية التي كان العالم يصدقها دون أدنى تشكيك أو إثارة التساؤلات. العالم يغير رأيه اليوم وهنا أيضا أنا أتحدث عن الشعوب وليس الأنظمة والحكومات وهناك شعوب قادرة على الضغط على حكوماتها ودفعها الى تغيير مواقفها وهذا ما يمكن أن يدفع حكومات أخرى الى فعل الشيء نفسه وان تدفع الى قطع العلاقات مع الاحتلال وأولها السلطة الفلسطينية إن بقي في الوجه بقية من ماء الحياء وهكذا تكون المعادلة على الأرض. وطالما هناك دم فلسطيني يسكب على الأرض لا يمكن القبول بما يفرضه الاحتلال والى متى ينتظرون وماذا ينتظرون؟ المهزومون لا يصنعون النصر والمقاوم تبقى الأساس طالما أن هناك احتلالا، لذلك لا نخشى المؤامرات .
*البعض، بدءا من واشنطن يتحدث عن حلول سياسية ومصير غزة بعد الحرب ودولة فلسطينية كيف يمكن الاستثمار في ذلك؟
الآن صاروا يتحدثون عن دولة فلسطينية وعن حلول سياسية هذه مسألة يقررها الفلسطينيون. معارك التحرير هي البداية وكل جولة تبني على الجولة التي سبقتها .
*ما المطلوب سياسيا الآن؟
أولا أن نعتمد على ذاتنا في كل ما يتعلق بتقرير المصير. البعض يتحدث عن حكم ذاتي في غزة والبعض يتحدث عن لجنة دولية. وأنا اسأل كيف تم توقيع صفقة الأسرى؟ أليس اتفاقا بين إسرائيل وحماس؟ إسرائيل اعترفت أن حماس تقاتلها، وإسرائيل بدأت تتنازل وتتفاوض عبر وسطاء وهذا هو الواقع يعني أن إسرائيل يمكن أن تتنازل .
*هل تقصدين أن إسرائيل اعترفت بحماس؟
إسرائيل تتعامل مع حماس عبر وسطاء والتفاصيل تتعلق بالأسرى ووقف إطلاق النار مع هدنة مؤقتة. بعد 47 يوما من الحرب أدركت إسرائيل انه ليس بإمكانها القضاء على حماس ولن يمكنها ذلك حتى بعد مائة يوم أو أكثر. حماس تواصل المعارك على الأرض مع بقية المقاومة وهم يقاتلون الى أن يترك الاحتلال أرضنا. حماس والمقاومة لم تدخل الحرب لتعطي إسرائيل فرصة تدمير بيوتنا وقتل أبنائنا وأهلنا.
*بين المقاومة زمن جيل ليلى خالد والمقاومة اليوم ما الذي تغير؟
تغير ميزان القوى الحرب في غزة وفي الضفة. الضفة أيضا لا تهدأ ميزان القوة يتعدل. المقاومة هي العنوان وهذا محل اعتراف العالم اليوم حتى من الذين اعتبروا المقاومة إرهابا. المقاوم حق الشعوب تحت الاحتلال. على إسرائيل وقف إطلاق النار وإذا خرقت الهدنة فالمقاومة جاهزة وهم الآن يستغلون الوقت المتبقي قبل موعد إعلان الهدنة الخميس العاشرة صباحا لإتمام مجازرهم والبارحة قتلوا نحو خمسين شهيدا في عمليات القصف المستمرة .
*إلى أي مدى يمكن للشارع الفلسطيني أن يظل مؤيدا للمقاومة في ظل تفاقم الخسائر واستمرار المجازر؟
الشارع الفلسطيني مؤيد للمقاومة والشعارات التي يرددها الشارع الفلسطيني كلها مع حماس والمقاومة. الضريبة عالية جدا نعم لكن الفلسطينيين يواصلون القتال ويقدمون التضحيات عن طواعية.
سقطت مخططات وحسابات نتنياهو لتهجير شعبنا في غزة ويمكن التأكيد انه بعد الـ48 فان الشعب الفلسطيني لن يقبل بالتهجير ونتنياهو فشل والمعركة مفتوحة. عدونا ومعه الحليف الأمريكي والأوروبي لا يمكنهم أن يفرضوا على الفلسطينيين خياراتهم. وهذه المرة بالذات لا يمكن ولا يحق لأحد أن يتحدث باسم الفلسطينيين. هذه أول صفقة والصفقة التالية ستكون مختلفة .
*هناك سبعة آلاف أسير فلسطيني على الأقل في سجون الاحتلال هل نحن أمام صفقة لتحرير كل الأسرى؟
دعنا نصحح هناك أكثر من 7 آلاف أسير. منذ السابع من أكتوبر اعتقلت إسرائيل أكثر من ألفي أسير في الضفة. الحركة الأسيرة لها تاريخها ونضالاتها في السجون الإسرائيلية. ليس هدفنا أن ندون في سجلات التاريخ. نحن إزاء قضية تاريخية شرعية وكل من له إيمان بهذه القضية يدرك معنى التضحية. كل يوم إسرائيل تفتضح أكثر وأكثر أمام العالم. لم تعد في نظر الغرب الديموقراطية الوحيدة في الشرق المستبد.. إسرائيل اليوم دولة عنصرية فاشية تحتل ارض شعب آخر. ما يقوم به الاحتلال في غزة في حق الأطفال يفسر عقليتهم، إنهم لا يريدون جيلا آخر يقاتل ولكنهم لا يعرفون الطفل الفلسطيني الذي يحلم بان يصبح فدائيا لأنه فقد كل أفراد عائلته في الحرب.. ليس هناك من خيار للشعوب التي ترزح تحت الاحتلال غير المقاومة. وعندما يقترب الموت والحياة يصبح الخيار واضحا. بالوحدة والمقاومة ننتصر .
*تعتقدين أن الوحدة الفلسطينية حاصلة اليوم بين الضفة والقطاع وبين مختلف الفصائل الفلسطينية؟
طبعا والميدان يعكس ذلك. الضفة مشتعلة.. إسرائيل تنكل بالضفة يوميا وهناك مواجهات وشهداء واعتقالات في المخيمات وهناك أسرى وهناك بيوت تهدم وهناك مقاومة مستمرة .
كيف سيكون المشهد بعد هذه الحرب على غزة؟
أنا على قناعة أن شعبنا الفلسطيني العظيم الذي يسطر معجزات في هذه المواجهة سينتصر بالوحدة والمقاومة. المشهد يتغير ولا يمكن أن يظل على حاله. ولا يمكن لأحد أن يملي علينا أو يفرض علينا أي شيء من الخارج والذين يسعون الى ذلك نقول لهم أين كنتم ودماؤنا تسفك أنهارا. المهم في هذه المرحلة شعبنا واع بأهدافه، وهدفه تحرير الأرض ولدي قناعة بأننا سنحرر أرضنا. المقاومة حق مشروع لشعب يرزح تحت الاحتلال وسنكون أوفياء لشهدائنا وأسرانا .