إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المخدرات تغزو المدارس.. والمروجون أطفال!

تونس-الصباح

مرة أخرى تلاحق المخدرات التلاميذ في المؤسسات التربوية لتفتك بهم وتسحبهم الى هاوية الإدمان..الضحية هذه المرة تلميذ يدرس بالسنة السابعة من التعليم الأساسي لم يتعدّ عمره الثالثة عشر.

حادثة غريبة تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي وأكدها مدير المدرسة الإعدادية بن عرفة بسيدي عبد الحميد بسوسة تتمثل تفاصيلها في تغير فجئي لسلوك تلميذ من مواليد 2010 بدت عليه علامات الاضطراب في سلوكه ولما استدعي الى مكتب القيمة اعترف بأن زميل له يدرس بالسنة الثامنة أساسي سلمه قرصا مخدرا فتناوله ليصل به الامر الى تلك الحالة.

السؤال الذي يطرح كيف وصلت المخدرات الى أطفال لم يتجاوزوا بعد سن الثالثة عشر من العمر؟ وهل بات من السهل لهذا الحد حصول طفل على قرص مخدر؟

مفيدة القيزاني

هذه المرة ليست الأولى التي تقتحم فيها المخدرات المؤسسات التربوية وتهدد التلاميذ في عقر دارهم ولكن يبدو ان ترويج المخدرات لم يعد حكرا على "عتاة" المروجين والمنحرفين فقد وصلت العدوى الى التلاميذ صغار السن الذين اصبحوا يوفرون المخدرات لزملائهم ولم يعد الحصول على "جونتة" او "قرص" مخدر بالامر العسير لان الترويج اصبح مباشرة من المنتج الى المستهلك فالمروج تلميذ والمستهلك تلميذ.

فتلميذ الـ16 ربيعا يروج المخدرات لزملائه وقد نجح أعوان دوريتي فرقة الشرطة العدلية وفرقة شرطة النجدة بسبيطلة، على اثر توفر معلومات مفادها تعمد طفل بالغ من العمر 16 سنة بيع المواد المخدرة بحي السرور سبيطلة من القبض عليه وعلى اثر تفتيشه عُثر بحوزته على 11 قطعة متفاوتة الأحجام من مخدر "الزطلة" ومبلغ مالي قدره 80 دينارا، ليتم إثرها تقديمه رفقة المحجوز إلى مقر مركز الاستمرار العدلي بسبيطلة للتحري معه.

وفي إطار التصدي لظاهرة ترويج المخدرات بالأحياء الشعبية والنقاط السوداء وداخل الفئات الشبابية وخاصة بين الأوساط التلمذية وبمحيط المعاهد والمدارس الإعدادية وتضييق الخناق على المنحرفين في هذا المجال وعلى اثر توفر معلومات لدى إطارات وأعوان فرقة الشرطة العدلية بنابل مفادها اندماج احد الأشخاص في مجال ترويج المخدرات لدى الفئات الشبابية وبمحيط المؤسسات التربوية بجهة سيدي عاشور نابل.

وللغرض تم ايلاء الموضوع الأهمية اللازمة وبعد جملة من التحريات الميدانية أمكن لأعوان الدورية القبض على ذي الشبهة وبحوزته نصف صفيحة من مخدر الزطلة و3 قطع مختلفة الأجسام وميزان الكتروني ومبلغ مالي قدره 60د متأتية من عائدات الترويج.

وفي ذات السياق وعلى اثر ورود معلومات لدى الوحدات الأمنية التابعة لـفرقة الشرطة العدلية بمنوبة مفادها تعمد نفرين ترويج المواد المخدرة بحي بوستيل منوبة.

وبإيلاء الموضوع الأهمية اللازمة وبإجراء جملة من التحريات الميدانية أمكن في وقت وجيز ضبط أحدهما من قبل أعوان وإطارات الفرقة الأمنية المذكورة بمشاركة فرقة الطريق العمومي بمنوبة ومركز الأمن الوطني بمنوبة، ومركز الأمن الوطني بمنوبة الوسطى، ومركز الأمن الوطني بالمرناقية وحجز لديه قرصين نوع "ليريكا".

وبعد التنسيق مع النيابة العمومية وبتفتيش منزل ذي الشبهة تم العثور بداخله على 498 قرصا مخدرا نوع "ليريكا"، صحنين بها آثار مواد مخدرة، ورق لف ألمنيوم، على10 شفرات حادة "لام"، مبلغ مالي قدره 205 دينار متأتية من عائدات ترويج المخدرات، بطاقتين بها آثار مسحوق أبيض وهاتف جوال تم حجزها جميعا على ذمة الأبحاث.

وبالتحري معه أعترف باندماجه في مجال ترويج المواد المخدرة بمعية ذي الشبهة الثاني الذي يتولى بذاته تزويده بالمواد المخدرة مؤكدا جهله لمصدرها.

وبعرض هويته على الناظم الآلي تبين أنه محل منشوري تفتيش لفائدة وحدات أمنية وجهات قضائية مختلفة من أجل "الاعتداء بالعنف الشديد والاعتداء على الأخلاق الحميدة".

كذلك تلميذ عمره 19 عاما فقط القي عليه القبض مؤخرا بسبب ترويجه المخدرات لزملائه التلاميذ وقد انطلقت الأبحاث على اثر توفر معلومات لدى رئيس مركز الأمن الوطني بالزهراء المهدية ورئيس فرقة الطريق العمومي مفادها وجود احد مروجي المخدرات وهو تلميذ من مواليد 2004 أصيل البقالطة وقاطن بها، مفتش عنه من أجل مسك واستهلاك وترويج مادة مخدرة لفائدة الفرقة الجهوية للشرطة العدلية بالمهدية وذلك على مستوى محطة الحافلات الزهراء بالمهدية، تم ترصد تحركاته ونصب كمين محكم له من قبل كل من رئيس الوحدة المذكورة ودوريته وأمكن لهم القاء القبض عليه.

وبإعلام ممثل النيابة العمومية بالمهدية بحيثيات الموضوع اذن بتحرير محضر بحث موضوع "إيقاف مفتش عنه من أجل ترويج مادة مخدرة" والاحتفاظ به.

طالب على الخط..

وفي إطار تأمين محيط المؤسسات التربوية والجامعية وعلى اثر ورود معلومات مفادها اندماج شخص من مولود سنة 1997 وهو طالب بإحدى الكليات بجرزونة بنزرت في ترويج المخدرات بالأوساط الطلابية، أمكن للفرقة الجهوية لمكافحة المخدرات ببنزرت التابعة لوحدة الفرق الجهوية بالادارة الفرعية لمكافحة المخدرات بإدارة الشرطة العدلية ضبط المظنون فيه على متن دراجة نارية وبتفتيشه عُثر تحت طيات ثيابه على 3 صفائح من مخدر عجين "التكروري.. زطلة" ومبلغ مالي قدره 190 دينارا تم حجزها على ذمة الأبحاث.

وفي إطار التصدي للمظاهر المخلة بالأمن العام ومقاومة الجريمة بجميع أنواعها وخاصة منها ظاهرة ترويج المخدرات.

توفرت معلومات لدى الوحدات الأمنية التابعة لفرقة الشرطة العدلية بقرمبالية مفادها تعمد ثلاثة أشخاص (رجلان وامرأة) الاتجار في المواد المخدرة ويتحوزون على كميات هامة منها بمنزلهم الكائن بجهة بني خلاد.

فتم بعد التنسيق مع النيابة العمومية بقرمبالية ونصب كمين محكم لهم ضبط المظنون فيهم وحجز 957 قرصا مخدرا نوع "باركيزول" و"تيمستا" و "ليقزوميل" و"ميلان".

وفي نطاق التصدي لظاهرة ترويج المخدرات بمحيط المؤسسات التربوية وبالأحياء الشعبية وعلى إثر توفر معلومات لدى إطارات وأعوان مصلحة فرق مكافحة المخدرات بالإدارة الفرعية لمكافحة المخدرات بإدارة الشرطة العدلية مفادها اندماج ثلاثة اشخاص بجهة الوردية في مجال ترويج المخدرات بمحيط المؤسسات التربوية والأحياء الشعبية.

 وبإيلاء الموضوع الأهمية اللازمة والقيام بجملة من التحريات الميدانية أمكن التعريف بالمعنيين حيث تبين أن ذي الشبهة الرئيسي (من مواليد 1998) يتزعم شبكة ترويج مخدرات بالوردية ويساعده في ذلك شخص ثان (من مواليد 1998) يقوم بتخزين المواد المخدرة لدى طفل قاصر (من مواليد 2006).

ارتفاع استهلاك المخدرات لدى الشباب..

كشفت دراسة حديثة حول استعمال الكحول والمخدرات في الوسط المدرسي عن ارتفاع استهلاك الكحول والمخدرات من قبل المراهقين وسهولة الوصول إلى المؤثرات العقلية من قبل نسبة كبيرة منهم.

وقدمت الدراسة التي اعدها المعهد الوطني للصحة بالتعاون مع وزارة التربية وإدارة الصحة المدرسية والجامعية وبالشراكة مع منظمات دولية، نظرة عامة حول انتشار هذه السلوكيات المحفوفة بالمخاطر بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاما، مؤكدة وجود اتجاه تصاعدي في انتشار استخدام بعض المواد المخدرة، بما في ذلك منتجات التبغ والكحول والقنب ومزيلات القلق بدون وصفة طبية.

وأظهرت الدراسة أن نسبة 28 بالمائة من التلاميذ المستجوبين اعتبروا أن النفاذ الى تدخين السجائر متاح بشكل سهل، يليها تدخين النرجيلة بنسبة 26 بالمائة.

وكشف 20 بالمائة من التلاميذ المستجوبين أن هناك سهولة في النفاذ إلى استنشاق المواد المخدرة، فيما أفاد 16.2 بالمائة من التلاميذ أن الوصول إلى اقتناء القنب الهندي أمر سهل.

واعتبر 15.9 بالمائة أن النفاذ لاستهلاك المشروبات الخمرية أمر متاح وسهل، معتبرين أن استهلاك الجعة الأكثر انتشارا بسهولة. وينظر نحو 11 بالمائة من التلاميذ المستجوبين أن الحصول على مزيلات القلق والمسكنات المشتقة من المورفين دون وصفة طبية على أنها أمر سهل.

وأكّد 6.5 بالمائة من التلاميذ المشاركين في الدراسة، الثالثة التي يقع إنجازها في تونس لمعرفة مدى انتشار مشكلة الإدمان بين المراهقين وبعض العوامل المرتبطة بها، أن الوصول إلى النشوة باستعمال عقار "الاكستازي" سهل النفاذ.

ومقارنة بالنسخة الأولى والثانية من هذا الاستطلاع واللذان تم إنجازهما في 2013 و2017 فقد أظهرت نتائج النسخة الثالثة من الدراسة ارتفاعا ملحوظا في استهلاك الكحول والمخدرات لدى التلاميذ في الوسط المدرسي.

كما لفت هذا الاستطلاع الانتباه إلى مدى السلوكيات المحفوفة بالمخاطر بين الشباب مثل استخدام الشبكات الاجتماعية والمقامرة وألعاب الفيديو والتي من شأنها أن تؤدي إلى تداعيات خطيرة في بعض الأحيان على صحته الجسدية والعقلية، وفق الدراسة.

ارقام صادمة..

كشفت دراسة قامت بها وزارة التربية في وقت سابق أن نسبة تعاطي المخدرات بالوسط المدرسي تبلغ 9.2 بالمائة، مؤكدة أن 1,7 بالمائة من جملة المتعاطين وصلوا الى مرحلة الإدمان.

وأظهرت الدراسة التي شملت عينة متكونة من 12500 تلميذ بـ188 مؤسسة تربوية، أن 77 بالمائة من التلاميذ الذين يتعاطون المخدرات بالوسط المدرسي ينتمون الى الفئة العمرية 16 - 18 سنة، وان 78 بالمائة من المتعاطين هم من فئة الذكور، مشيرة الى أن 90 بالمائة من هؤلاء التلاميذ المتورطين ينتمون الى أوساط اجتماعية متوسطة وميسورة.

ويتعرض 45 بالمائة من المتعاطين الى العنف اللفظي والمادي خاصة بالوسط المدرسي، حسب ذات الدراسة التي خلصت الى أن 86,3 بالمائة منهم تغيبوا عن الدراسة أكثر من مرة، كما أن 77,6 بالمائة منهم لا يمارسون أي نشاط ثقافي أو رياضي خلال وقت فراغهم.

وفي بحث تجريبي أعدته إدارة الطب المدرسي والجامعي حول تعاطي التدخين والكحول والمخدرات بالمؤسسات التربوية في ولاية تونس في 2013 تبين أن 11.6 %من التلاميذ جربوا مواد مخدرة، وأن 50 % من تلاميذ ولاية تونس استهلكوا مواد مخدرة أو كحولية أو سجائر 61.1% منهم ذكور و 40.9 الباقين إناث، وأن 3 % جربوا القنب الهندي(الزطلة) و0.8 % جربوا الكوكايين والأخطر في الأمر أن 80 % من التلاميذ يرغبون في تعاطي المخدرات رغم علمهم بمخاطرها الصحية، وهنا تطلق صيحة الفزع، فهذه الحالة وعلى خلاف ما يعتقده البعض بأنها مجرد آفة أو ظاهرة هي أعمق من ذلك بكثير فقد تحولت لثقافة أجيال بأتم معنى الكلمة.

المخدرات ..أزمة مجتمع

اعتبر الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد أن تفشي ظاهرة المخدرات تعكس أزمة مجتمع وواقع مأزوم لأجيال ترزح تحت وطأة الإحساس بالضياع وسوء الاندماج والتهميش وغياب الأمل وضعف الإحساس بالانتماء والأهمية والرغبة الفردية والجماعية للهروب من مواجهة الواقع وصعوباته وتعقيداته.كما تعكس أزمة دولة عاجزة عن تحمل مسؤولياتها في حماية مواطنيها وإنتاج مقاربة شاملة يتضافر فيها البعد الوقائي والعلاجي والقانوني والجزائي.

تطويق الظاهرة..

آن الأوان لتجاوز حالة الإنكار الحالية وفتح حوار اجتماعي صريح لتطويق هذه الظاهرة، يتضافر فيه البعد الجزائي والقانوني والعلاجي والوقائي. حوار يشارك فيه الشباب والمستهلكين والجمعيات المدنية والخبراء والمختصين من جميع المجالات والاختصاصات لضبط استراتيجيات عملية وتشاركية، أول خطواتها التمييز بين المستهلك والمروج والتاجر، وثاني خطواتها حماية الفئات الاجتماعية والعمرية الهشة نفسيا واقتصاديا واجتماعيا عبر مرافقتها صحيا ونفسيا، وثالث خطواتها تقنين وفرض العلاج الطبي والنفسي للمستهلكين بالتوازي مع مراجعة سلم العقوبات حسب مدى استجابة كل فرد لإستراتيجية العلاج والوقاية وأهم خطواتها وآخرها دراسات استشرافية حول هذه الظاهرة من أجل التوقع والإحاطة والاستقصاء المبكر.

فالتنظيم رغم كل ما يلاقيه من اعتراضات يبدو اقل الحلول ضررا على الجميع فهو يقطع الطريق على شبكات الجريمة المنظمة التي اغرقت البلاد بشتى أنواع المخدرات ويساهم في جعل الدولة تضع يدها على هذا النشاط حماية لمواطنيها وتدعيما لمداخيلها وانقاذا لأجيال تبحث عن الغيبوبة وتقع رهينة لأعتى العصابات الاجرامية. وما يدعم هذا التمشي هو عجز المنع والقوانين الزجرية من الحد من هذه الظاهرة وتحول هذه المخدرات من مجرد مادة إلى ثقافة تتبناها أجيال برمتها وتعتبرها جزء من هويتها ونمط عيشها وقيمها وهنا تكمن الخطورة الأكبر على المستوى النفسي والاجتماعي للتونسيين فكلما اشتد المنع إلا وأصبحت هذه المادة معبودة الجماهير.

بداية المنع ..والتجريم

بدأت أولى فصول الحكاية بالاتفاقية الدولية لمكافحة المخدرات إثر جلسة للأمم المتحدة في 30 مارس 1961 التي أمضت عليها تونس في يومها وتاريخها.

وقد جاء هذا المنع في سياق اجتماعي وثقافي تونسي، ليس من باب التضييق على الحريات، بل من باب إعادة الاعتبار لقيم العمل والإنتاج والقطع مع ثقافة الكسل والتواكل والغيبوبة والغيبية، في ظرف تحتاج فيه تونس لمجهود الجميع من أجل إنجاح رهان التحديث المجتمعي والاقتصادي. وبعد حملة سياسية وإعلامية لتحضير الرأي العام وتجييشه دامت لسنوات قدم فيها المدمن في صورة الشخص الفاقد للإنسانية والمسؤولية، صدر قانون المنع يوم 3 نوفمبر 1964.هذه المقاربة يمكن أن تكون محقة ومشروعة في سياقها التاريخي، فلولاها ربما لكان حال الشعب التونسي اليوم مثل حال بعض الشعوب الأخرى في المغرب والمشرق العربيين. بعد عقود صدر القانون عدد52 لسنة 1992 المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات الذي جاء بعقوبات قاسية استنفذت كل شروط التشديد مستثنيا السلطة التقديرية للقاضي وجامعا في نفس السلة كل الفئات العمرية وكل المتعاملين مع هذه المادة بدون استثناء من مروج ومستهلك ومستهلك سلبي...فهل أتى هذا التشديد أكله؟

بعد الثورة تحولت هذه المادة التي كانت منحصرة في المجال والاستهلاك إلى عنوان لقيم التمرد والثورة و"الرجلة"، تمرد للفئات المهمشة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ومهنيا، يستوي في تبنيها المنحرف والعاطل عن العمل والتلميذ والطالب والموظف والرياضي ومغني الراب والأب والابن والفتاة والفتى وأبناء الأحياء المرفهة والفقيرة على حد السواء ومدن الساحل والداخل...الأمر إذن يتعلق بنشوء ثقافة اجتماعية فرعية مضادة للثقافة السائدة، ثقافة ما فتئت تتوسع لتشمل شرائح اجتماعية متزايدة وغير متجانسة ويسقط ضحيتها أفراد ومجموعات وأجيال كنا نظن لوقت قريب أنهم محصنون نفسيا ومعرفيا وتربويا واجتماعيا ومهنيا.

 

 

 

 

المخدرات تغزو المدارس.. والمروجون أطفال!

تونس-الصباح

مرة أخرى تلاحق المخدرات التلاميذ في المؤسسات التربوية لتفتك بهم وتسحبهم الى هاوية الإدمان..الضحية هذه المرة تلميذ يدرس بالسنة السابعة من التعليم الأساسي لم يتعدّ عمره الثالثة عشر.

حادثة غريبة تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي وأكدها مدير المدرسة الإعدادية بن عرفة بسيدي عبد الحميد بسوسة تتمثل تفاصيلها في تغير فجئي لسلوك تلميذ من مواليد 2010 بدت عليه علامات الاضطراب في سلوكه ولما استدعي الى مكتب القيمة اعترف بأن زميل له يدرس بالسنة الثامنة أساسي سلمه قرصا مخدرا فتناوله ليصل به الامر الى تلك الحالة.

السؤال الذي يطرح كيف وصلت المخدرات الى أطفال لم يتجاوزوا بعد سن الثالثة عشر من العمر؟ وهل بات من السهل لهذا الحد حصول طفل على قرص مخدر؟

مفيدة القيزاني

هذه المرة ليست الأولى التي تقتحم فيها المخدرات المؤسسات التربوية وتهدد التلاميذ في عقر دارهم ولكن يبدو ان ترويج المخدرات لم يعد حكرا على "عتاة" المروجين والمنحرفين فقد وصلت العدوى الى التلاميذ صغار السن الذين اصبحوا يوفرون المخدرات لزملائهم ولم يعد الحصول على "جونتة" او "قرص" مخدر بالامر العسير لان الترويج اصبح مباشرة من المنتج الى المستهلك فالمروج تلميذ والمستهلك تلميذ.

فتلميذ الـ16 ربيعا يروج المخدرات لزملائه وقد نجح أعوان دوريتي فرقة الشرطة العدلية وفرقة شرطة النجدة بسبيطلة، على اثر توفر معلومات مفادها تعمد طفل بالغ من العمر 16 سنة بيع المواد المخدرة بحي السرور سبيطلة من القبض عليه وعلى اثر تفتيشه عُثر بحوزته على 11 قطعة متفاوتة الأحجام من مخدر "الزطلة" ومبلغ مالي قدره 80 دينارا، ليتم إثرها تقديمه رفقة المحجوز إلى مقر مركز الاستمرار العدلي بسبيطلة للتحري معه.

وفي إطار التصدي لظاهرة ترويج المخدرات بالأحياء الشعبية والنقاط السوداء وداخل الفئات الشبابية وخاصة بين الأوساط التلمذية وبمحيط المعاهد والمدارس الإعدادية وتضييق الخناق على المنحرفين في هذا المجال وعلى اثر توفر معلومات لدى إطارات وأعوان فرقة الشرطة العدلية بنابل مفادها اندماج احد الأشخاص في مجال ترويج المخدرات لدى الفئات الشبابية وبمحيط المؤسسات التربوية بجهة سيدي عاشور نابل.

وللغرض تم ايلاء الموضوع الأهمية اللازمة وبعد جملة من التحريات الميدانية أمكن لأعوان الدورية القبض على ذي الشبهة وبحوزته نصف صفيحة من مخدر الزطلة و3 قطع مختلفة الأجسام وميزان الكتروني ومبلغ مالي قدره 60د متأتية من عائدات الترويج.

وفي ذات السياق وعلى اثر ورود معلومات لدى الوحدات الأمنية التابعة لـفرقة الشرطة العدلية بمنوبة مفادها تعمد نفرين ترويج المواد المخدرة بحي بوستيل منوبة.

وبإيلاء الموضوع الأهمية اللازمة وبإجراء جملة من التحريات الميدانية أمكن في وقت وجيز ضبط أحدهما من قبل أعوان وإطارات الفرقة الأمنية المذكورة بمشاركة فرقة الطريق العمومي بمنوبة ومركز الأمن الوطني بمنوبة، ومركز الأمن الوطني بمنوبة الوسطى، ومركز الأمن الوطني بالمرناقية وحجز لديه قرصين نوع "ليريكا".

وبعد التنسيق مع النيابة العمومية وبتفتيش منزل ذي الشبهة تم العثور بداخله على 498 قرصا مخدرا نوع "ليريكا"، صحنين بها آثار مواد مخدرة، ورق لف ألمنيوم، على10 شفرات حادة "لام"، مبلغ مالي قدره 205 دينار متأتية من عائدات ترويج المخدرات، بطاقتين بها آثار مسحوق أبيض وهاتف جوال تم حجزها جميعا على ذمة الأبحاث.

وبالتحري معه أعترف باندماجه في مجال ترويج المواد المخدرة بمعية ذي الشبهة الثاني الذي يتولى بذاته تزويده بالمواد المخدرة مؤكدا جهله لمصدرها.

وبعرض هويته على الناظم الآلي تبين أنه محل منشوري تفتيش لفائدة وحدات أمنية وجهات قضائية مختلفة من أجل "الاعتداء بالعنف الشديد والاعتداء على الأخلاق الحميدة".

كذلك تلميذ عمره 19 عاما فقط القي عليه القبض مؤخرا بسبب ترويجه المخدرات لزملائه التلاميذ وقد انطلقت الأبحاث على اثر توفر معلومات لدى رئيس مركز الأمن الوطني بالزهراء المهدية ورئيس فرقة الطريق العمومي مفادها وجود احد مروجي المخدرات وهو تلميذ من مواليد 2004 أصيل البقالطة وقاطن بها، مفتش عنه من أجل مسك واستهلاك وترويج مادة مخدرة لفائدة الفرقة الجهوية للشرطة العدلية بالمهدية وذلك على مستوى محطة الحافلات الزهراء بالمهدية، تم ترصد تحركاته ونصب كمين محكم له من قبل كل من رئيس الوحدة المذكورة ودوريته وأمكن لهم القاء القبض عليه.

وبإعلام ممثل النيابة العمومية بالمهدية بحيثيات الموضوع اذن بتحرير محضر بحث موضوع "إيقاف مفتش عنه من أجل ترويج مادة مخدرة" والاحتفاظ به.

طالب على الخط..

وفي إطار تأمين محيط المؤسسات التربوية والجامعية وعلى اثر ورود معلومات مفادها اندماج شخص من مولود سنة 1997 وهو طالب بإحدى الكليات بجرزونة بنزرت في ترويج المخدرات بالأوساط الطلابية، أمكن للفرقة الجهوية لمكافحة المخدرات ببنزرت التابعة لوحدة الفرق الجهوية بالادارة الفرعية لمكافحة المخدرات بإدارة الشرطة العدلية ضبط المظنون فيه على متن دراجة نارية وبتفتيشه عُثر تحت طيات ثيابه على 3 صفائح من مخدر عجين "التكروري.. زطلة" ومبلغ مالي قدره 190 دينارا تم حجزها على ذمة الأبحاث.

وفي إطار التصدي للمظاهر المخلة بالأمن العام ومقاومة الجريمة بجميع أنواعها وخاصة منها ظاهرة ترويج المخدرات.

توفرت معلومات لدى الوحدات الأمنية التابعة لفرقة الشرطة العدلية بقرمبالية مفادها تعمد ثلاثة أشخاص (رجلان وامرأة) الاتجار في المواد المخدرة ويتحوزون على كميات هامة منها بمنزلهم الكائن بجهة بني خلاد.

فتم بعد التنسيق مع النيابة العمومية بقرمبالية ونصب كمين محكم لهم ضبط المظنون فيهم وحجز 957 قرصا مخدرا نوع "باركيزول" و"تيمستا" و "ليقزوميل" و"ميلان".

وفي نطاق التصدي لظاهرة ترويج المخدرات بمحيط المؤسسات التربوية وبالأحياء الشعبية وعلى إثر توفر معلومات لدى إطارات وأعوان مصلحة فرق مكافحة المخدرات بالإدارة الفرعية لمكافحة المخدرات بإدارة الشرطة العدلية مفادها اندماج ثلاثة اشخاص بجهة الوردية في مجال ترويج المخدرات بمحيط المؤسسات التربوية والأحياء الشعبية.

 وبإيلاء الموضوع الأهمية اللازمة والقيام بجملة من التحريات الميدانية أمكن التعريف بالمعنيين حيث تبين أن ذي الشبهة الرئيسي (من مواليد 1998) يتزعم شبكة ترويج مخدرات بالوردية ويساعده في ذلك شخص ثان (من مواليد 1998) يقوم بتخزين المواد المخدرة لدى طفل قاصر (من مواليد 2006).

ارتفاع استهلاك المخدرات لدى الشباب..

كشفت دراسة حديثة حول استعمال الكحول والمخدرات في الوسط المدرسي عن ارتفاع استهلاك الكحول والمخدرات من قبل المراهقين وسهولة الوصول إلى المؤثرات العقلية من قبل نسبة كبيرة منهم.

وقدمت الدراسة التي اعدها المعهد الوطني للصحة بالتعاون مع وزارة التربية وإدارة الصحة المدرسية والجامعية وبالشراكة مع منظمات دولية، نظرة عامة حول انتشار هذه السلوكيات المحفوفة بالمخاطر بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاما، مؤكدة وجود اتجاه تصاعدي في انتشار استخدام بعض المواد المخدرة، بما في ذلك منتجات التبغ والكحول والقنب ومزيلات القلق بدون وصفة طبية.

وأظهرت الدراسة أن نسبة 28 بالمائة من التلاميذ المستجوبين اعتبروا أن النفاذ الى تدخين السجائر متاح بشكل سهل، يليها تدخين النرجيلة بنسبة 26 بالمائة.

وكشف 20 بالمائة من التلاميذ المستجوبين أن هناك سهولة في النفاذ إلى استنشاق المواد المخدرة، فيما أفاد 16.2 بالمائة من التلاميذ أن الوصول إلى اقتناء القنب الهندي أمر سهل.

واعتبر 15.9 بالمائة أن النفاذ لاستهلاك المشروبات الخمرية أمر متاح وسهل، معتبرين أن استهلاك الجعة الأكثر انتشارا بسهولة. وينظر نحو 11 بالمائة من التلاميذ المستجوبين أن الحصول على مزيلات القلق والمسكنات المشتقة من المورفين دون وصفة طبية على أنها أمر سهل.

وأكّد 6.5 بالمائة من التلاميذ المشاركين في الدراسة، الثالثة التي يقع إنجازها في تونس لمعرفة مدى انتشار مشكلة الإدمان بين المراهقين وبعض العوامل المرتبطة بها، أن الوصول إلى النشوة باستعمال عقار "الاكستازي" سهل النفاذ.

ومقارنة بالنسخة الأولى والثانية من هذا الاستطلاع واللذان تم إنجازهما في 2013 و2017 فقد أظهرت نتائج النسخة الثالثة من الدراسة ارتفاعا ملحوظا في استهلاك الكحول والمخدرات لدى التلاميذ في الوسط المدرسي.

كما لفت هذا الاستطلاع الانتباه إلى مدى السلوكيات المحفوفة بالمخاطر بين الشباب مثل استخدام الشبكات الاجتماعية والمقامرة وألعاب الفيديو والتي من شأنها أن تؤدي إلى تداعيات خطيرة في بعض الأحيان على صحته الجسدية والعقلية، وفق الدراسة.

ارقام صادمة..

كشفت دراسة قامت بها وزارة التربية في وقت سابق أن نسبة تعاطي المخدرات بالوسط المدرسي تبلغ 9.2 بالمائة، مؤكدة أن 1,7 بالمائة من جملة المتعاطين وصلوا الى مرحلة الإدمان.

وأظهرت الدراسة التي شملت عينة متكونة من 12500 تلميذ بـ188 مؤسسة تربوية، أن 77 بالمائة من التلاميذ الذين يتعاطون المخدرات بالوسط المدرسي ينتمون الى الفئة العمرية 16 - 18 سنة، وان 78 بالمائة من المتعاطين هم من فئة الذكور، مشيرة الى أن 90 بالمائة من هؤلاء التلاميذ المتورطين ينتمون الى أوساط اجتماعية متوسطة وميسورة.

ويتعرض 45 بالمائة من المتعاطين الى العنف اللفظي والمادي خاصة بالوسط المدرسي، حسب ذات الدراسة التي خلصت الى أن 86,3 بالمائة منهم تغيبوا عن الدراسة أكثر من مرة، كما أن 77,6 بالمائة منهم لا يمارسون أي نشاط ثقافي أو رياضي خلال وقت فراغهم.

وفي بحث تجريبي أعدته إدارة الطب المدرسي والجامعي حول تعاطي التدخين والكحول والمخدرات بالمؤسسات التربوية في ولاية تونس في 2013 تبين أن 11.6 %من التلاميذ جربوا مواد مخدرة، وأن 50 % من تلاميذ ولاية تونس استهلكوا مواد مخدرة أو كحولية أو سجائر 61.1% منهم ذكور و 40.9 الباقين إناث، وأن 3 % جربوا القنب الهندي(الزطلة) و0.8 % جربوا الكوكايين والأخطر في الأمر أن 80 % من التلاميذ يرغبون في تعاطي المخدرات رغم علمهم بمخاطرها الصحية، وهنا تطلق صيحة الفزع، فهذه الحالة وعلى خلاف ما يعتقده البعض بأنها مجرد آفة أو ظاهرة هي أعمق من ذلك بكثير فقد تحولت لثقافة أجيال بأتم معنى الكلمة.

المخدرات ..أزمة مجتمع

اعتبر الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد أن تفشي ظاهرة المخدرات تعكس أزمة مجتمع وواقع مأزوم لأجيال ترزح تحت وطأة الإحساس بالضياع وسوء الاندماج والتهميش وغياب الأمل وضعف الإحساس بالانتماء والأهمية والرغبة الفردية والجماعية للهروب من مواجهة الواقع وصعوباته وتعقيداته.كما تعكس أزمة دولة عاجزة عن تحمل مسؤولياتها في حماية مواطنيها وإنتاج مقاربة شاملة يتضافر فيها البعد الوقائي والعلاجي والقانوني والجزائي.

تطويق الظاهرة..

آن الأوان لتجاوز حالة الإنكار الحالية وفتح حوار اجتماعي صريح لتطويق هذه الظاهرة، يتضافر فيه البعد الجزائي والقانوني والعلاجي والوقائي. حوار يشارك فيه الشباب والمستهلكين والجمعيات المدنية والخبراء والمختصين من جميع المجالات والاختصاصات لضبط استراتيجيات عملية وتشاركية، أول خطواتها التمييز بين المستهلك والمروج والتاجر، وثاني خطواتها حماية الفئات الاجتماعية والعمرية الهشة نفسيا واقتصاديا واجتماعيا عبر مرافقتها صحيا ونفسيا، وثالث خطواتها تقنين وفرض العلاج الطبي والنفسي للمستهلكين بالتوازي مع مراجعة سلم العقوبات حسب مدى استجابة كل فرد لإستراتيجية العلاج والوقاية وأهم خطواتها وآخرها دراسات استشرافية حول هذه الظاهرة من أجل التوقع والإحاطة والاستقصاء المبكر.

فالتنظيم رغم كل ما يلاقيه من اعتراضات يبدو اقل الحلول ضررا على الجميع فهو يقطع الطريق على شبكات الجريمة المنظمة التي اغرقت البلاد بشتى أنواع المخدرات ويساهم في جعل الدولة تضع يدها على هذا النشاط حماية لمواطنيها وتدعيما لمداخيلها وانقاذا لأجيال تبحث عن الغيبوبة وتقع رهينة لأعتى العصابات الاجرامية. وما يدعم هذا التمشي هو عجز المنع والقوانين الزجرية من الحد من هذه الظاهرة وتحول هذه المخدرات من مجرد مادة إلى ثقافة تتبناها أجيال برمتها وتعتبرها جزء من هويتها ونمط عيشها وقيمها وهنا تكمن الخطورة الأكبر على المستوى النفسي والاجتماعي للتونسيين فكلما اشتد المنع إلا وأصبحت هذه المادة معبودة الجماهير.

بداية المنع ..والتجريم

بدأت أولى فصول الحكاية بالاتفاقية الدولية لمكافحة المخدرات إثر جلسة للأمم المتحدة في 30 مارس 1961 التي أمضت عليها تونس في يومها وتاريخها.

وقد جاء هذا المنع في سياق اجتماعي وثقافي تونسي، ليس من باب التضييق على الحريات، بل من باب إعادة الاعتبار لقيم العمل والإنتاج والقطع مع ثقافة الكسل والتواكل والغيبوبة والغيبية، في ظرف تحتاج فيه تونس لمجهود الجميع من أجل إنجاح رهان التحديث المجتمعي والاقتصادي. وبعد حملة سياسية وإعلامية لتحضير الرأي العام وتجييشه دامت لسنوات قدم فيها المدمن في صورة الشخص الفاقد للإنسانية والمسؤولية، صدر قانون المنع يوم 3 نوفمبر 1964.هذه المقاربة يمكن أن تكون محقة ومشروعة في سياقها التاريخي، فلولاها ربما لكان حال الشعب التونسي اليوم مثل حال بعض الشعوب الأخرى في المغرب والمشرق العربيين. بعد عقود صدر القانون عدد52 لسنة 1992 المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات الذي جاء بعقوبات قاسية استنفذت كل شروط التشديد مستثنيا السلطة التقديرية للقاضي وجامعا في نفس السلة كل الفئات العمرية وكل المتعاملين مع هذه المادة بدون استثناء من مروج ومستهلك ومستهلك سلبي...فهل أتى هذا التشديد أكله؟

بعد الثورة تحولت هذه المادة التي كانت منحصرة في المجال والاستهلاك إلى عنوان لقيم التمرد والثورة و"الرجلة"، تمرد للفئات المهمشة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ومهنيا، يستوي في تبنيها المنحرف والعاطل عن العمل والتلميذ والطالب والموظف والرياضي ومغني الراب والأب والابن والفتاة والفتى وأبناء الأحياء المرفهة والفقيرة على حد السواء ومدن الساحل والداخل...الأمر إذن يتعلق بنشوء ثقافة اجتماعية فرعية مضادة للثقافة السائدة، ثقافة ما فتئت تتوسع لتشمل شرائح اجتماعية متزايدة وغير متجانسة ويسقط ضحيتها أفراد ومجموعات وأجيال كنا نظن لوقت قريب أنهم محصنون نفسيا ومعرفيا وتربويا واجتماعيا ومهنيا.