قدمت أول أمس جنوب إفريقيا شكوى ضد الكيان الصهيوني أمام المحكمة الجنائية الدولية لما ارتكبه من جرائم حرب في غزة. لتنضاف الى مجموع الشكايات المقدمة خلال الفترة الأخيرة من قبل منظمات ودول وهياكل مهنية، منها عمداء، عمادة المحامين التونسيين ممثلة، وهيئات عربية وأجنبية ومحامين من العالم الذين قدموا بدورهم شكاية مشتركة إلى المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية ضدّ الكيان الصهيوني بهدف تتبع مجرمي الحرب من الصهاينة سواء كانوا من العسكريين أو من السياسيين وإصدار بطاقات جلب دولية في حقّهم.
فضلا عن قضية جنائية رفعتها وزارة العدل التركية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع مطالبتها حسب ما ورد في "سى إن إن ترك"، بمثوله امام المحكمة ومحاكمته بتهمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة .
بالتوازي مع ذلك، تقدمت 3 منظمات حقوقية فلسطينية وهي مؤسسة الحق، ومركز الميزان، والحملة الفلسطينية لحقوق الإنسان، بطلب للمحكمة الجنائية الدولية في التحقيق بجرائم حرب ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة.
وقال المحامي الفرنسي جيل ديفرز متحدثا عن تجميع 300 محام (وهو عدد مرجع أن يصل الى 3 آلاف بسرعة كبيرة) إنهم سيتقدمون الى المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق في جرائم الاحتلال وسيقدم أدلة تفيد ارتكاب الاحتلال لجرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
ورفعت منظمة "مراسلون بلا حدود دعوى قضائية أمام الجنائية الدولية بشان جرائم حرب ارتكبت بحق الصحفيين (مقتل 34 صحفيا الى غاية الآن) خلال تغطيتهم الحرب الإسرائيلية على غزة. واعتبرت مراسلون بلا حدود في بيان لها "أن الصحفيين الضحايا قضوا أو أصيبوا في هجمات ترقى إلى جرائم حرب.".
بدورها نشرت منظمة العفو الدولية أنها تمتلك "أدلة دامغة على ارتكاب جرائم حرب في هجمات إسرائيلية قضت على أسر بأكملها في غزة".
في نفس الإطار أدان وزير الخارجية الماليزي ما اعتبره يرتقي الى جرائم حرب في غزة، وقال رئيس الوزراء النرويجي إن إسرائيل تجاوزت قواعد القانون الدولي الإنساني في حربها على غزة.. وتتوسع يوميا دائرة المنددين بما يقع في غزة والعدوان الغاشم وعمليات القصف وتقتيل المدنيين واستهداف المستشفيات والمدارس الذي يعتمده الكيان الصهيوني في غزة ليشمل قادة دول ودبلوماسيين حتى من الدول التي تعلن مساندتها اللامشروطة والمطلقة للكيان الصهيوني على غرار فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
ووسط جملة الشكايات المقدمة والخطابات المنددة والدعاوى لفتح تحقيق في ما يقوم به الكيان الصهيوني من جرائم حرب ضد الإنسانية في غزة، نبه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "كريم خان"، الى ضرورة أن تلتزم إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني، معلنا في آخر تصريح له نهاية شهر أكتوبر أن محكمته "تحقق بشكل مستقل فيما يحدث في فلسطين وإسرائيل".
في انتظار التفاعل ..
ولم تعلن الجنائية الدولية رسميا الى حد اليوم عن أي تفاعل واضح أو استجابة للدعاوى والمطالب الدولية أو للشكاوى المقدمة المذكورة ضد الكيان الصهيوني وجرائم الحرب المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني في غزة. مع العلم أنها بدأت تحقيقا أوليا في حرب غزة سنة 2014، وقدمت السلطة الفلسطينية للمحكمة في شهر جوان أدلة على جرائم ارتكبها الجيش الإسرائيلي.
ويعول رجال القانون على المحكمة الجنائية الدولية من اجل إعلان إدانة دولية للكيان الصهيوني، وتورط "نتنياهو" ومسؤولون إسرائيليين في جرائم حرب. حتى مع ما تلقاه المحكمة من انتقادات وعدم رضا لدى مجموعة من الدول واعتبار أن قراراتها فيها تحامل على الدول الإفريقية.
ويرى نشطاء حقوق الإنسان والمدافعون على القضية أن من شأن الحكم الصادر عن المحكمة الجنائية أن يؤثر على القرارات والعلاقات الدولية الخاصة بالكيان الصهيوني.
ويوضح فؤاد ساسي، محام وباحث، أن اختصاص المحكمة الجنائية تكميلي وليس ولائي وتأخر تعهدها بالبحث في ما يجري في غزة بعد منع وصول المدعي العام الى الأراضي الفلسطيني، وتعطل إجراءات البحث والتقصي التي كان من المنتظر أن يقوم بها.
غالبية الإسرائيليين يحملون جنسيتين
وبين أنه وفضلا على الإحراج الدولي والإدانة الصريحة للكيان الصهيوني سيترتب عن قرار المحكمة الجنائية تداعيات قانونية تحد من تحركات المتورطين من قيادات عسكرية وضباط سامين وجنود.. ومنعهم من السفر والتواجد في دول مصادقة على قانون روما. ولفت فؤاد ساسي آلة أن غالبية الإسرائيليين يحملون جنسيتين والقرار قادر على تكبيلهم ومنعهم من التنقل الحر.
ويبلغ عدد الدول المصادقة على قانون المحكمة 123، تشمل غالبية أوروبا ونصف إفريقيا، و3 دول عربية وهي تونس وفلسطين والأردن، في حين تبقى دول أخرى موقعة على القانون دون المصادقة عليه، وسحبت دولتان توقيعهما على قانون المحكمة وهما أمريكا وإسرائيل، وأعلنتا انه لم يعد هناك ما يحملهما على تنفيذ ما يترتب عليه التزامهما تجاه المحكمة.
وتدخل المحكمة الجنائية، في اختصاص تلقائي فقط في الجرائم المرتكبة على أراضي دولة صادقت على المعاهدة أو من قبل مواطن من هذه الدولة أو عندما يحيل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قضية إليها.
كان أول حكم للمحكمة، في مارس 2012 ، ضد توماس لوبانغا، زعيم إحدى الميليشيات في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأدين بارتكاب جرائم حرب تتعلق باستخدام الأطفال في الصراع في ذلك البلد، وحُكم عليه في جويلية بالسجن لمدة 14 عاماً.
وأكثر الشخصيات شهرة ممن مروا على المحكمة الجنائية الدولية هي رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو، الذي اتُهم في عام 2011 بالقتل والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي والاضطهاد و "أعمال غير إنسانية أخرى".
وشملت القضايا البارزة الأخرى اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ضد الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، الذي أدين في عام 2011 فيما يتعلق بالعنف العرقي الذي أعقب الانتخابات في 2007 ، والذي قتل فيه 1200 شخص. في المقابل أسقطت المحكمة الجنائية الدولية التهم الموجهة إلى كينياتا في ديسمبر 2014.
ولدى المحكمة مذكرة توقيف معلقة بحق الرئيس السوداني عمر البشير، وهي الأولى التي صدرت ضد رئيس دولة وهو لايزال في منصبه. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، يوم 17 مارس 2023، مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على خلفية حرب أوكرانيا. كما أصدرت المحكمة مذكرة توقيف بحق مفوضة حقوق الطفل في روسيا، ماريا لفوفا بيلوفا. التي قالت إن مذكرات "التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية باطلة قانونيا" بالنسبة لروسيا.
وللإشارة المحكمة الجنائية الدولية تأسست سنة 2022 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. وتعمل المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة على مستوى الدول، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخير. فالمسؤولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة 1 جويلية 2002، تاريخ إنشائها، وبعد أن دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ.
ريم سوودي
تونس الصباح
قدمت أول أمس جنوب إفريقيا شكوى ضد الكيان الصهيوني أمام المحكمة الجنائية الدولية لما ارتكبه من جرائم حرب في غزة. لتنضاف الى مجموع الشكايات المقدمة خلال الفترة الأخيرة من قبل منظمات ودول وهياكل مهنية، منها عمداء، عمادة المحامين التونسيين ممثلة، وهيئات عربية وأجنبية ومحامين من العالم الذين قدموا بدورهم شكاية مشتركة إلى المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية ضدّ الكيان الصهيوني بهدف تتبع مجرمي الحرب من الصهاينة سواء كانوا من العسكريين أو من السياسيين وإصدار بطاقات جلب دولية في حقّهم.
فضلا عن قضية جنائية رفعتها وزارة العدل التركية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع مطالبتها حسب ما ورد في "سى إن إن ترك"، بمثوله امام المحكمة ومحاكمته بتهمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة .
بالتوازي مع ذلك، تقدمت 3 منظمات حقوقية فلسطينية وهي مؤسسة الحق، ومركز الميزان، والحملة الفلسطينية لحقوق الإنسان، بطلب للمحكمة الجنائية الدولية في التحقيق بجرائم حرب ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة.
وقال المحامي الفرنسي جيل ديفرز متحدثا عن تجميع 300 محام (وهو عدد مرجع أن يصل الى 3 آلاف بسرعة كبيرة) إنهم سيتقدمون الى المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق في جرائم الاحتلال وسيقدم أدلة تفيد ارتكاب الاحتلال لجرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
ورفعت منظمة "مراسلون بلا حدود دعوى قضائية أمام الجنائية الدولية بشان جرائم حرب ارتكبت بحق الصحفيين (مقتل 34 صحفيا الى غاية الآن) خلال تغطيتهم الحرب الإسرائيلية على غزة. واعتبرت مراسلون بلا حدود في بيان لها "أن الصحفيين الضحايا قضوا أو أصيبوا في هجمات ترقى إلى جرائم حرب.".
بدورها نشرت منظمة العفو الدولية أنها تمتلك "أدلة دامغة على ارتكاب جرائم حرب في هجمات إسرائيلية قضت على أسر بأكملها في غزة".
في نفس الإطار أدان وزير الخارجية الماليزي ما اعتبره يرتقي الى جرائم حرب في غزة، وقال رئيس الوزراء النرويجي إن إسرائيل تجاوزت قواعد القانون الدولي الإنساني في حربها على غزة.. وتتوسع يوميا دائرة المنددين بما يقع في غزة والعدوان الغاشم وعمليات القصف وتقتيل المدنيين واستهداف المستشفيات والمدارس الذي يعتمده الكيان الصهيوني في غزة ليشمل قادة دول ودبلوماسيين حتى من الدول التي تعلن مساندتها اللامشروطة والمطلقة للكيان الصهيوني على غرار فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
ووسط جملة الشكايات المقدمة والخطابات المنددة والدعاوى لفتح تحقيق في ما يقوم به الكيان الصهيوني من جرائم حرب ضد الإنسانية في غزة، نبه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "كريم خان"، الى ضرورة أن تلتزم إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني، معلنا في آخر تصريح له نهاية شهر أكتوبر أن محكمته "تحقق بشكل مستقل فيما يحدث في فلسطين وإسرائيل".
في انتظار التفاعل ..
ولم تعلن الجنائية الدولية رسميا الى حد اليوم عن أي تفاعل واضح أو استجابة للدعاوى والمطالب الدولية أو للشكاوى المقدمة المذكورة ضد الكيان الصهيوني وجرائم الحرب المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني في غزة. مع العلم أنها بدأت تحقيقا أوليا في حرب غزة سنة 2014، وقدمت السلطة الفلسطينية للمحكمة في شهر جوان أدلة على جرائم ارتكبها الجيش الإسرائيلي.
ويعول رجال القانون على المحكمة الجنائية الدولية من اجل إعلان إدانة دولية للكيان الصهيوني، وتورط "نتنياهو" ومسؤولون إسرائيليين في جرائم حرب. حتى مع ما تلقاه المحكمة من انتقادات وعدم رضا لدى مجموعة من الدول واعتبار أن قراراتها فيها تحامل على الدول الإفريقية.
ويرى نشطاء حقوق الإنسان والمدافعون على القضية أن من شأن الحكم الصادر عن المحكمة الجنائية أن يؤثر على القرارات والعلاقات الدولية الخاصة بالكيان الصهيوني.
ويوضح فؤاد ساسي، محام وباحث، أن اختصاص المحكمة الجنائية تكميلي وليس ولائي وتأخر تعهدها بالبحث في ما يجري في غزة بعد منع وصول المدعي العام الى الأراضي الفلسطيني، وتعطل إجراءات البحث والتقصي التي كان من المنتظر أن يقوم بها.
غالبية الإسرائيليين يحملون جنسيتين
وبين أنه وفضلا على الإحراج الدولي والإدانة الصريحة للكيان الصهيوني سيترتب عن قرار المحكمة الجنائية تداعيات قانونية تحد من تحركات المتورطين من قيادات عسكرية وضباط سامين وجنود.. ومنعهم من السفر والتواجد في دول مصادقة على قانون روما. ولفت فؤاد ساسي آلة أن غالبية الإسرائيليين يحملون جنسيتين والقرار قادر على تكبيلهم ومنعهم من التنقل الحر.
ويبلغ عدد الدول المصادقة على قانون المحكمة 123، تشمل غالبية أوروبا ونصف إفريقيا، و3 دول عربية وهي تونس وفلسطين والأردن، في حين تبقى دول أخرى موقعة على القانون دون المصادقة عليه، وسحبت دولتان توقيعهما على قانون المحكمة وهما أمريكا وإسرائيل، وأعلنتا انه لم يعد هناك ما يحملهما على تنفيذ ما يترتب عليه التزامهما تجاه المحكمة.
وتدخل المحكمة الجنائية، في اختصاص تلقائي فقط في الجرائم المرتكبة على أراضي دولة صادقت على المعاهدة أو من قبل مواطن من هذه الدولة أو عندما يحيل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قضية إليها.
كان أول حكم للمحكمة، في مارس 2012 ، ضد توماس لوبانغا، زعيم إحدى الميليشيات في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأدين بارتكاب جرائم حرب تتعلق باستخدام الأطفال في الصراع في ذلك البلد، وحُكم عليه في جويلية بالسجن لمدة 14 عاماً.
وأكثر الشخصيات شهرة ممن مروا على المحكمة الجنائية الدولية هي رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو، الذي اتُهم في عام 2011 بالقتل والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي والاضطهاد و "أعمال غير إنسانية أخرى".
وشملت القضايا البارزة الأخرى اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ضد الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، الذي أدين في عام 2011 فيما يتعلق بالعنف العرقي الذي أعقب الانتخابات في 2007 ، والذي قتل فيه 1200 شخص. في المقابل أسقطت المحكمة الجنائية الدولية التهم الموجهة إلى كينياتا في ديسمبر 2014.
ولدى المحكمة مذكرة توقيف معلقة بحق الرئيس السوداني عمر البشير، وهي الأولى التي صدرت ضد رئيس دولة وهو لايزال في منصبه. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، يوم 17 مارس 2023، مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على خلفية حرب أوكرانيا. كما أصدرت المحكمة مذكرة توقيف بحق مفوضة حقوق الطفل في روسيا، ماريا لفوفا بيلوفا. التي قالت إن مذكرات "التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية باطلة قانونيا" بالنسبة لروسيا.
وللإشارة المحكمة الجنائية الدولية تأسست سنة 2022 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. وتعمل المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة على مستوى الدول، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخير. فالمسؤولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة 1 جويلية 2002، تاريخ إنشائها، وبعد أن دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ.