يعود مرة أخرى موضوع الأملاك المصادرة ليتصدر أولويات رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي لم يتوقف في الحقيقة عن إثارة هذا الموضوع الدقيق والحساس وذلك في لقاءاته أو زياراته وتصريحاته بالمناسبة.
في المقابل ومع كل مرة يطرح فيها ملف الأملاك المصادرة وما تخلله على امتداد سنوات من تلكؤ واخلالات وفساد وعبث، تبدو الصورة وكأن هناك عجزا ما عن إدارة هذا الملف والحسم فيه رغم ما يتضح من توفر إرادة من أعلى مستوى على معالجته في أقرب الآجال.
في لقائه أول أمس بقصر قرطاج مع كل من ليلى جفال وزيرة العدل وسهام البوغديري نمصية وزيرة المالية قال الرئيس مرة أخرى إن "ملف الأملاك المصادرة طال أكثر من اللزوم ويجب أن يُغلق".
كما شدد الرئيس على "محاسبة كل من فرّط في الأملاك المصادرة بأبخس الأثمان مثلما حصل بالنسبة لعقار بمدينة الحمامات، اقتناه أحدهم بمبلغ مليوني دينار وفرّط فيه بسرعة البرق بعشرين مليون دينار"، وفق قوله.
لوبيات وفساد
وجاء في بلاغ الرئاسة بالمناسبة أن الرئيس أكد على أنه "شاب ملف الأملاك المصادرة تلاعب وتأخير متعمّد مما تسبب في بقاء عديد الأملاك مهملة أو تم التفريط فيها بأبخس الأثمان لتستفيد منها مجدّدا اللوبيات التي غيّرت أقنعتها واستولت مجدّدا على أملاك الشعب بطرق ملتوية".
وأبرز أن "الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي سواء بالنسبة إلى العقار المذكور أو غيره من العقارات الأخرى" وانه "ستتم ملاحقة هؤلاء مع من شاركهم في هذه الجريمة ومن لازالوا يعتقدون أنه بإمكانهم التفريط في أموال الشعب".
وأشار سعيّد وفق بلاغ الرئاسة إلى أن "النظام القانوني الذي تم وضعه بعد 14 جانفي 2011 لم يؤدّ إلا إلى مزيد الفساد وإلى مزيد التفريط في مقدّرات الشعب"، مؤكّدا أنه "من غير المقبول أن يبقى هذا الملف مفتوحا لأكثر من عقدين من الزمن" وان "من أراد الصلح صادقا فأبواب الصلح مفتوحة أمامه" وان "من أراد خلاف ذلك فليتحمّل مسؤوليته كاملة أمام القضاء".
فشل
قد يقول البعض أن كلام الرئيس قيس سعيد حول ملف المصادرة ليس بالجديد كما أن القاصي والداني على علم بوجود خروقات وتلاعب وفساد خلال السنوات الفارطة ألحق ضررا بعديد المؤسسات التي تمت مصادرتها وأصبحت عبئا نظرا لسوء الحوكمة والتصرف ولشبهات الفساد صلب تلك المؤسسات التي رفعت بشأنها قضايا للجهات المعنية بالمصادرة وللهيئات المعنية بمكافحة الفساد.
ويقر كثيرون أن المسار المعتمد في التعاطي مع ملف المصادرة كان فاشلا في مجمله ومن المهم تحميل المسؤوليات من جهة والبحث عن آليات أخرى للحسم لأنه وكما قال الرئيس لا يمكن للملف أن يظل مفتوحا إلى ما لا نهاية.
يبدو أيضا أن الخيارات المعتمدة ما بعد 25 جويلية لتجاوز الإشكاليات المطروحة على مستوى ملف المصادرة والصلح الجزائي لم تكن ناجعة بالشكل الكافي وهذا ما تؤكده عديد الأطراف وتثبته بعض النتائج على أرض الواقع على غرار أداء لجنة الصلح الجزائي ونتائجها إلى حد الآن والمبالغ المتواضعة التي تم استرجاعها مقارنة بالمبالغ المنتظرة والتي تحدث عنها مرارا وتكرار رئيس الجمهورية.
ويشير في هذا الصدد القاضي السابق والمحامي أحمد صواب، أنه من المستحيل تحصيل المبالغ التي تم الإعلان عنها مسبقا من رجال الأعمال، معتبرا ذلك "منامة عتارس".
ويضيف صواب في تصريح إذاعي أمس أنه وإثر صدور النتائج الأولية ومع بوادر الفشل تم رفض الاختبارات ومن لم يقدم صكا يصبح خصما ويتم اللجوء للمحكمة والسجن، وفق تعبيره.
مراجعة التشريعات
وإن لم يقر الرئيس قيس سعيد صراحة إلى حد الآن بفشل التعاطي مع ملف الأملاك المصادرة والصلح الجزائي بعد 25 جويلية فإنه قد يكون بصدد الإقرار بذلك ضمنيا عبر التعبير في كل مرة عن عدم رضاه بالتقدم الحاصل في الملفات المعروضة.
كما أن التوجه إلى تعديل التشريعات المنتظر هو محاولة ربما لتجاوز الفشل الراهن في إدارة ملفي المصادرة والصلح الجزائي.
وقد أكد الرئيس أول أمس في لقائه مع وزيرتي العدل والمالية أنه "سيتم تعديل المرسوم المتعلق بالصلح الجزائي حتى لا تبقى الملفات تراوح مكانها فضلا عما أصاب المنقولات المصادرة على وجه الخصوص من تدن لقيمتها" قائلا "بل أكثر من ذلك هناك من أهملها حتى يستفيد منها بأبخس الأثمان".
ولفتت الرئاسة في ختام بينها الى أن سعيّد "خلُص إلى أن مطالب الشعب بالمحاسبة وتطهير البلاد لن تبقى مجرّد شعار" والى انه "يجب العمل على تحقيقها في أقرب الآجال بتشريعات جديدة تقوم على العدل والإنصاف" مشددا على "وجوب أن يعود كل مليم تم الحصول عليه بغير وجه إلى الدولة التونسية".
م.ي
تونس-الصباح
يعود مرة أخرى موضوع الأملاك المصادرة ليتصدر أولويات رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي لم يتوقف في الحقيقة عن إثارة هذا الموضوع الدقيق والحساس وذلك في لقاءاته أو زياراته وتصريحاته بالمناسبة.
في المقابل ومع كل مرة يطرح فيها ملف الأملاك المصادرة وما تخلله على امتداد سنوات من تلكؤ واخلالات وفساد وعبث، تبدو الصورة وكأن هناك عجزا ما عن إدارة هذا الملف والحسم فيه رغم ما يتضح من توفر إرادة من أعلى مستوى على معالجته في أقرب الآجال.
في لقائه أول أمس بقصر قرطاج مع كل من ليلى جفال وزيرة العدل وسهام البوغديري نمصية وزيرة المالية قال الرئيس مرة أخرى إن "ملف الأملاك المصادرة طال أكثر من اللزوم ويجب أن يُغلق".
كما شدد الرئيس على "محاسبة كل من فرّط في الأملاك المصادرة بأبخس الأثمان مثلما حصل بالنسبة لعقار بمدينة الحمامات، اقتناه أحدهم بمبلغ مليوني دينار وفرّط فيه بسرعة البرق بعشرين مليون دينار"، وفق قوله.
لوبيات وفساد
وجاء في بلاغ الرئاسة بالمناسبة أن الرئيس أكد على أنه "شاب ملف الأملاك المصادرة تلاعب وتأخير متعمّد مما تسبب في بقاء عديد الأملاك مهملة أو تم التفريط فيها بأبخس الأثمان لتستفيد منها مجدّدا اللوبيات التي غيّرت أقنعتها واستولت مجدّدا على أملاك الشعب بطرق ملتوية".
وأبرز أن "الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي سواء بالنسبة إلى العقار المذكور أو غيره من العقارات الأخرى" وانه "ستتم ملاحقة هؤلاء مع من شاركهم في هذه الجريمة ومن لازالوا يعتقدون أنه بإمكانهم التفريط في أموال الشعب".
وأشار سعيّد وفق بلاغ الرئاسة إلى أن "النظام القانوني الذي تم وضعه بعد 14 جانفي 2011 لم يؤدّ إلا إلى مزيد الفساد وإلى مزيد التفريط في مقدّرات الشعب"، مؤكّدا أنه "من غير المقبول أن يبقى هذا الملف مفتوحا لأكثر من عقدين من الزمن" وان "من أراد الصلح صادقا فأبواب الصلح مفتوحة أمامه" وان "من أراد خلاف ذلك فليتحمّل مسؤوليته كاملة أمام القضاء".
فشل
قد يقول البعض أن كلام الرئيس قيس سعيد حول ملف المصادرة ليس بالجديد كما أن القاصي والداني على علم بوجود خروقات وتلاعب وفساد خلال السنوات الفارطة ألحق ضررا بعديد المؤسسات التي تمت مصادرتها وأصبحت عبئا نظرا لسوء الحوكمة والتصرف ولشبهات الفساد صلب تلك المؤسسات التي رفعت بشأنها قضايا للجهات المعنية بالمصادرة وللهيئات المعنية بمكافحة الفساد.
ويقر كثيرون أن المسار المعتمد في التعاطي مع ملف المصادرة كان فاشلا في مجمله ومن المهم تحميل المسؤوليات من جهة والبحث عن آليات أخرى للحسم لأنه وكما قال الرئيس لا يمكن للملف أن يظل مفتوحا إلى ما لا نهاية.
يبدو أيضا أن الخيارات المعتمدة ما بعد 25 جويلية لتجاوز الإشكاليات المطروحة على مستوى ملف المصادرة والصلح الجزائي لم تكن ناجعة بالشكل الكافي وهذا ما تؤكده عديد الأطراف وتثبته بعض النتائج على أرض الواقع على غرار أداء لجنة الصلح الجزائي ونتائجها إلى حد الآن والمبالغ المتواضعة التي تم استرجاعها مقارنة بالمبالغ المنتظرة والتي تحدث عنها مرارا وتكرار رئيس الجمهورية.
ويشير في هذا الصدد القاضي السابق والمحامي أحمد صواب، أنه من المستحيل تحصيل المبالغ التي تم الإعلان عنها مسبقا من رجال الأعمال، معتبرا ذلك "منامة عتارس".
ويضيف صواب في تصريح إذاعي أمس أنه وإثر صدور النتائج الأولية ومع بوادر الفشل تم رفض الاختبارات ومن لم يقدم صكا يصبح خصما ويتم اللجوء للمحكمة والسجن، وفق تعبيره.
مراجعة التشريعات
وإن لم يقر الرئيس قيس سعيد صراحة إلى حد الآن بفشل التعاطي مع ملف الأملاك المصادرة والصلح الجزائي بعد 25 جويلية فإنه قد يكون بصدد الإقرار بذلك ضمنيا عبر التعبير في كل مرة عن عدم رضاه بالتقدم الحاصل في الملفات المعروضة.
كما أن التوجه إلى تعديل التشريعات المنتظر هو محاولة ربما لتجاوز الفشل الراهن في إدارة ملفي المصادرة والصلح الجزائي.
وقد أكد الرئيس أول أمس في لقائه مع وزيرتي العدل والمالية أنه "سيتم تعديل المرسوم المتعلق بالصلح الجزائي حتى لا تبقى الملفات تراوح مكانها فضلا عما أصاب المنقولات المصادرة على وجه الخصوص من تدن لقيمتها" قائلا "بل أكثر من ذلك هناك من أهملها حتى يستفيد منها بأبخس الأثمان".
ولفتت الرئاسة في ختام بينها الى أن سعيّد "خلُص إلى أن مطالب الشعب بالمحاسبة وتطهير البلاد لن تبقى مجرّد شعار" والى انه "يجب العمل على تحقيقها في أقرب الآجال بتشريعات جديدة تقوم على العدل والإنصاف" مشددا على "وجوب أن يعود كل مليم تم الحصول عليه بغير وجه إلى الدولة التونسية".