إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رأي.. من مهزلة السلام إلى أتون المجزرة

 

بقلم: حمدي فراج

لقد مرت فترة طويلة جدا على هذه الحرب/المجزرة، مقياسا بأنها تشن من جيش يعد من أقوى جيوش العالم على شعب له تعداد صغير بكثافة عالية جدا مقياسا بمساحة أرضه (أكثر من ستة آلاف نسمة لكل كيلو متر مربع واحد)، بأسلحة حديثة ومتحدثة من البر والبحر والجو، دون أن تحقق إسرائيل أي من أهدافها المعلنة (القضاء على حماس وإعادة المخطوفين)، وهي – إسرائيل – التي حققت انتصارات كبيرة جدا في فترات قياسية على أكثر من جيش عربي واستولت على أراض شاسعة، ومنها الحرب التي عرفت بعدد أيامها "حرب الأيام الستة" عام 1967 والتي قال عنها الزعماء المهزومون إنها مجرد نكسة .

يعتقد الكثير من الخبراء العسكريين، بمن فيهم الإسرائيليين القدامى والمتقاعدين، أن أهداف الحرب تبدأ بالتحقق من عدمه خلال الأيام أو الأسابيع القليلة الأولى، وها نحن على أبواب الأسبوع السادس، تكبدت فيها إسرائيل خسائر ملموسة في العدد والعديد، وتضاعفت كلفة الحرب أربع مرات مقياسا بأيامها الأولى .

ولكي تكتمل الصورة وتتوضح، لا بد من العودة قليلا إلى الوراء (التاريخ)؛ كان هناك سلام، أو بالأدق اتفاقية سلام وقعت في البيت الأبيض بين دولة إسرائيل "الاحتلال" ومنظمة التحرير الفلسطينية وتشتمل الاتفاقية على قطاع غزة شعبا وأرضا وبحرا وسماء، وكانت حماس حركة وليدة جديدة، تعارض هذه الاتفاقية لأسباب ذاتية وموضوعية، وحين انتصر الموضوع على الذات، بانكشاف عقم الاتفاقية وخداع الإسرائيليين، والتسويف والتأجيل (قضايا الحل الدائم من خمس سنوات إلى ثلاثين)، استفحل الاستيطان واستقوى المستوطنون ومنح ترامب القدس الشرقية عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، وهي العاصمة المفترضة للدولة الفلسطينية، كما منح ترامب هضبة الجولان السورية لتصبح جزءا من إسرائيل هي وشعبها، (أقيمت عليها فيما بعد مستوطنة حملت اسم ترامب). انغلق أي أفق سياسي واستبيحت الضفة وتم تقسيم الأقصى فعليا زمانيا، على طريق الحرم الإبراهيمي زمانيا ومكانيا، كما انغلق باب تبادل الأسرى الذين أصبحوا يموتون داخل سجونهم، لتطبق إسرائيل ثلاجاتها على جثامينهم، اتضح لكل ذي عين أو بصر، إن "السلام" عبارة عن مهزلة، سبق ذلك التخلص من عرفات كحجر عثرة في طريق السلام، واختتم بفوز المتطرفين في الحكومة الأخيرة بقيادة نتنياهو الذي في آخر ظهور له قبل "الطوفان" في الأمم المتحدة يحمل خارطة المنطقة وقد غابت عنها فلسطين ولبنان وسوريا والأردن. هذا السلام المهزلة قاد إلى حرب إبادة غزة، ووصل بوزير الأمن القومي بن غفير أن يدعو لإعادة احتلال "تحرير" غزة، أما وزير التراث عميحاي الياهو من حزبه فقد وصل به الأمر أن يدعو إلى إبادتها بالقنبلة الذرية .

لقد عبر أمين عام الأمم المتحدة بوضوح وبتحليل علمي ومنطقي من أن طوفان الأقصى لم يأت من فراغ. ذاك "الفراغ" هو السلام المهزلة .

رأي..   من مهزلة السلام إلى أتون المجزرة

 

بقلم: حمدي فراج

لقد مرت فترة طويلة جدا على هذه الحرب/المجزرة، مقياسا بأنها تشن من جيش يعد من أقوى جيوش العالم على شعب له تعداد صغير بكثافة عالية جدا مقياسا بمساحة أرضه (أكثر من ستة آلاف نسمة لكل كيلو متر مربع واحد)، بأسلحة حديثة ومتحدثة من البر والبحر والجو، دون أن تحقق إسرائيل أي من أهدافها المعلنة (القضاء على حماس وإعادة المخطوفين)، وهي – إسرائيل – التي حققت انتصارات كبيرة جدا في فترات قياسية على أكثر من جيش عربي واستولت على أراض شاسعة، ومنها الحرب التي عرفت بعدد أيامها "حرب الأيام الستة" عام 1967 والتي قال عنها الزعماء المهزومون إنها مجرد نكسة .

يعتقد الكثير من الخبراء العسكريين، بمن فيهم الإسرائيليين القدامى والمتقاعدين، أن أهداف الحرب تبدأ بالتحقق من عدمه خلال الأيام أو الأسابيع القليلة الأولى، وها نحن على أبواب الأسبوع السادس، تكبدت فيها إسرائيل خسائر ملموسة في العدد والعديد، وتضاعفت كلفة الحرب أربع مرات مقياسا بأيامها الأولى .

ولكي تكتمل الصورة وتتوضح، لا بد من العودة قليلا إلى الوراء (التاريخ)؛ كان هناك سلام، أو بالأدق اتفاقية سلام وقعت في البيت الأبيض بين دولة إسرائيل "الاحتلال" ومنظمة التحرير الفلسطينية وتشتمل الاتفاقية على قطاع غزة شعبا وأرضا وبحرا وسماء، وكانت حماس حركة وليدة جديدة، تعارض هذه الاتفاقية لأسباب ذاتية وموضوعية، وحين انتصر الموضوع على الذات، بانكشاف عقم الاتفاقية وخداع الإسرائيليين، والتسويف والتأجيل (قضايا الحل الدائم من خمس سنوات إلى ثلاثين)، استفحل الاستيطان واستقوى المستوطنون ومنح ترامب القدس الشرقية عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، وهي العاصمة المفترضة للدولة الفلسطينية، كما منح ترامب هضبة الجولان السورية لتصبح جزءا من إسرائيل هي وشعبها، (أقيمت عليها فيما بعد مستوطنة حملت اسم ترامب). انغلق أي أفق سياسي واستبيحت الضفة وتم تقسيم الأقصى فعليا زمانيا، على طريق الحرم الإبراهيمي زمانيا ومكانيا، كما انغلق باب تبادل الأسرى الذين أصبحوا يموتون داخل سجونهم، لتطبق إسرائيل ثلاجاتها على جثامينهم، اتضح لكل ذي عين أو بصر، إن "السلام" عبارة عن مهزلة، سبق ذلك التخلص من عرفات كحجر عثرة في طريق السلام، واختتم بفوز المتطرفين في الحكومة الأخيرة بقيادة نتنياهو الذي في آخر ظهور له قبل "الطوفان" في الأمم المتحدة يحمل خارطة المنطقة وقد غابت عنها فلسطين ولبنان وسوريا والأردن. هذا السلام المهزلة قاد إلى حرب إبادة غزة، ووصل بوزير الأمن القومي بن غفير أن يدعو لإعادة احتلال "تحرير" غزة، أما وزير التراث عميحاي الياهو من حزبه فقد وصل به الأمر أن يدعو إلى إبادتها بالقنبلة الذرية .

لقد عبر أمين عام الأمم المتحدة بوضوح وبتحليل علمي ومنطقي من أن طوفان الأقصى لم يأت من فراغ. ذاك "الفراغ" هو السلام المهزلة .