هل تستطيع سياسة تونس الخارجية والموقف الوطني الرسمي الداعم للقضية للفلسطينية والداعي إلى ضرورة تحرير أراضيها من الاحتلال الإسرائيلي، أن تدفع أو تكون طرفا في صياغة مقاربة عربية عملية تصدر عن القمة غير العادية التي تجري حاليا بالسعودية، تكون كفيلة بدفع الاحتلال الصهيوني والقوى الداعمة له لوقف مجازر آليتها العسكرية في قطاع غزة، والانتصار لموقف وقرار إقليمي داعم للفلسطينيين وفلسطين في هذه المرحلة التي تشهد فيها غزة تحديدا حرب إبادة استعملت فيها قوات الاحتلال أسلحة محظورة دوليا؟ وهل تنجح القمتان، رغم انتقاد البعض للموعد المتأخر على اعتبار أنه يخدم مصلحة العدو المحتل، في تحقيق مخرج يخدم القضية الفلسطينية؟
فبلادنا أكدت انخراط دبلوماسيتها إقليميا ودوليا في الدفاع عن الحق الفلسطيني والتنديد بعدوان الإسرائيلي على غزة وسط صمت دولي، فضلا عن التحركات المناهضة للمجازر في الشارع التونسي، وهو ما أثار الجدل في عدة أوساط لعل أبرزها ما يتعلق بمشروع قانون تجريم التطبيع المطروح على أنظار مجلس نواب الشعب.
تأتي هذه المناسبة، ورغم تأخرها مقارنة بتطورات الأحداث الدموية في غزة، لتحمل آمال الشارع العربي المنتفض والمناصر للقضية الفلسطينية، وذلك بعد ما خلفه بيان جامعة الدول العربية حول المسألة في النصف الأول من أكتوبر الماضي، من استياء واسع لاسيما في ظل موجة "تطبيع" بعض البلدان العربية مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.
إذ يترأس وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار، وفدا رسميا دبلوماسيا يشارك في القمتين العربية والإسلامية التي تتواصل على امتداد يومي 10 و11 نوفمبر الجاري بمدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، وتخصص للبحث في التطورات المسجلة في القضية الفلسطينية والعربية الراهنة في ظل تواصل العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في غزة منذ أكثر من شهر والحلول الممكنة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين.
ويذكر أن موقف تونس الرسمي كان داعما للقضية الفلسطينية ويدعو إلى ضرورة تحرير الأراضي الفلسطينية وهو موقف مناهض لسياسة الاحتلال الإسرائيلي من هذه القضية كان واضحا وثابتا من البداية، فمنذ إعلان قوات الاحتلال للاستعمار الإسرائيلي يوم 7 أكتوبر 2023 أكدت السلط الرسمية في تونس وقوفها الكامل وغير المشروط إلى جانب الشعب الفلسطيني وأكدت في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية في نفس اليوم، أن من حق الشعب الفلسطيني أن يستعيد أرضه وأن يقيم دولته المستقلة عليها وعاصمتها القدس الشريف .
ودعت رئاسة الجمهورية في نفس البيان "كل الضمائر الحية في العالم، إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وأن تتذكر المذابح التي قام بها العدو الصهيوني في حق الشعب العربي في فلسطين، بل وفي حق الأمة كلها، وأن يعترفوا بحق المقاومة المشروعة للاحتلال، ولا يعتبرون هذه المقاومة اعتداء وتصعيدا. كما دعت تونس المجتمع الدولي، إلى تحمل مسؤولياته التاريخية لوضع حد للاحتلال الغاشم لكل فلسطين، ولإمعان قوات الاحتلال الصهيوني في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني في تحد كامل لكل الشرائع الدينية والقيم الإنسانية.
وقد كانت سياسة تونس الخارجية موجهة لخدمة هذا الموقف خلال الفترة الماضية، عمل على ترجمتها عمليا وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج خلال مشاركاته الدولية والإقليمية أو عبر توجيه الدبلوماسية الخارجية للدولة التونسية للانتصار لهذا الموقف الرسمي وأيضا من خلال تعاطيه مع الدبلوماسية الأجنبية الممثلة لبلدان أجنبية لاسيما منها البلدان الداعمة لقوى الاحتلال في حربها على قطاع غزة. فبعد مشاركة نبيل عمار في أشغال الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء خارجية منظّمة التعاون الإسلامي بجدّة في النصف الثاني من شهر أكتوبر المنقضي، وما أكده خلال تلك المشاركة من تمسك تونس بموقفها الداعم لفلسطين، سعى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج إلى توسيع قاعدة المقاربة التونسية عبر انتهاج سياسة خارجية واضحة المعالم فيها تكريسا للسيادة الوطنية والموقف الرسمي للدولة التونسية في تناغم مع موقف الشارع التونسي، وهو موقف رسمي لاقى ترحيبا واسعا في أوساط عربية ودولية ترى في دعم قوات الاحتلال في حربها على شعب أعزل ومواصلة دعم الاستعمار للأراضي الفلسطينية ضربا قواعد حقوق الإنسان وما تدعو له وتنص عليه المعاهدات والاتفاقات والمنظمات الدولية.
تحركات
ويذكر أيضا أن وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج شارك قبل انعقاد القمتين الحالية، في اجتماع وزراء خارجية العرب التحضيري للدورة غير العادية للقمة العربية. وأجرى محادثات في الغرض مع نظرائه في كل من سوريا وفلسطين ولبنان تناولت عدوان الاحتلال الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكيفية التوصل إلى موقف عربي وإسلامي لمساندة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وذلك بمناسبة مشاركته في الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري التحضيري للقمة العربية الطارئة.
سياسة خارجية داعمة للقضية
وواصلت سياسة تونس الخارجية خلال الفترة الماضية تحركها الواسع في سياق الدفاع عن القضية الفلسطينية ولإعلاء صوت الموقف التونسي الرافض لمجازر العدوان الإسرائيلي على المدنيين، وذلك بعد أن أكد نبيل عمّار على دور الدبلوماسية في هذه المرحلة في إبراز وجاهة مواقف تونس من كل القضايا الراهنة بكل جرأة ووضوح وذلك في كل المنابر دون تردد أو مواربة. وذلك من خلال تنظيمه لقاء، عبر تقنية الفيديو مع رؤساء البعثات الدبلوماسية والدائمة بالخارج، تناول بالخصوص آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية والاعتداءات السافرة المتواصلة لآلة القتل الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الشقيق، وخطورة تداعيات ذلك على المنطقة وعلى الأمن والسّلم في العالم. وهو ما عمل عمار على تكريسه في تحركاته وإدارته لسياسة تونس الخارجية خلال نفس المرحلة، وذلك بتوجيه رسائل إلى عدد من نظرائه في الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي وعديد الدول لاسيما الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى الأمناء العامين لمنظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظّمة التعاون الإسلامي والاتّحاد الإفريقي والمنظمة الدولية للفرانكفونية والممثل الأممي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، أكد فيها على ضرورة توحيد الجهود وتنسيق المواقف من أجل وقف فوري للعدوان على فلسطين المحتلة وللاستهداف الممنهج للمدنيين العزل وفتح كل القنوات من أجل إيصال المساعدات الإنسانيّة العاجلة بشكل آمن ومستدام وكذلك تعميق وتعجيل التشاور والتحرك لإنهاء آخر معاقل الاستعمار في العالم بإرجاع الحق الفلسطيني دون مماطلة أو تسويف. ودعوة المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته التاريخية للوقف الفوري للاعتداء الصارخ على الشعب الفلسطيني.
كما شكل لقاء عمار مع عدد من سفراء الدول الفرانكفونية المعتمدين بتونس، تتقدمهم سفيرة كندا بصفتها الرئيسة الحالية للمجموعة، مناسبة لطرح الموقف التونسي المبدئي والثابت المناصر للقضية الفلسطينية العادلة ولحق الشعب الفلسطيني في استعادة أراضيه المحتلة، بعد سقوط آلاف الضحايا المدنيين، وسط صمت مطبق من المجموعة الدولية منها المنظمة الدولية للفرانكفونية. ووجّه عدة رسائل للسفراء وحثّهم على إبلاغها لعواصمهم، مشدّدا على وجاهة الرؤية التونسية وإدانة بلادنا الصارمة للاعتداءات غير المسبوقة، المنتهكة للقانون الإنساني والمواثيق الدولية، التي يقترفها الاحتلال، خدمة لأجندات سياسية وإقليمية غير معلنة. وهو تقريبا ما قام به نفس الوزير في أثناء لقائه عدد من السفراء المعتمدين بتونس لكلّ من المملكة المتّحدة وروسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، الدول دائمة العضويّة بمجلس الأمن للأمم المتحدة، وذلك لتحميلهم رسالة إلى عواصمهم بخصوص الموقف التونسي من التطورات الميدانيّة وضرورة التحرّك الفوري لتفادي مزيد من الانفلات وتجاوز الوضع الخطير والمأساوي في الأرض الفلسطينيّة المحتلّة.
ولم يكن موقف تونس بالتصويت بالامتناع على مشروع القرار الذي اعتمدته الجمعية العامّة للأمم المتّحدة في دورتها الاستثنائية العاشرة المستأنفة حول المسألة الفلسطينية، مختلفا عن سياستها الخارجية بل اعتبرته عدة جهات تماهيا مع موقفها المبدئي الذي يرفض المساواة بين المعتدِي والمعتدَى عليه وتأكيد لتمسك بلادنا بحق الشعب الفلسطيني في أرضه غير المشروع على اعتبار أن القانون الذي تم عرضه للتصويت أغفل عددا من المسائل الهامة في علاقة بالقضية على غرار غياب الإدانة الصريحة والقوية لجرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال وعدم المطالبة بمحاسبة المحتل على جرائمه وعدم المطالبة بشكل واضح بالوقف الفوري للعدوان، علاوة على مساواته بين الجلاد والضحية. وحرصت تونس، وفق تأكيد موقع وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، على المشاركة الفاعلة في كل اجتماعات مجلس الأمن وبقية الأجهزة والهياكل الأممية، وتقديم بيانات واضحة تعكس التزامها الثابت ووقوفها اللامشروط إلى جانب الشّعب الفلسطيني، والمساهمة الفعّالة في كل التحركات العربية والإسلامية في المحافل الإقليمية والدولية. كما انخرطت بشكل فاعل وبنّاء في مسار مفاوضات صياغة مشروع قرار عربي، لتقديمه في الدورة الاستثنائية العاشرة المستأنفة للجمعية العامّة حول المسألة الفلسطينية.
لذلك يبقى الموقف التونسي الثابت في دفاعه على الحق الفلسطيني والمناهض لسياسية الاحتلال المتواصلة، في حاجة إلى مقاربة جديدة تؤكد المرور من مرحلة المواقف والبيانات إلى مرحلة عملية قادرة على ضمان دعم الفلسطينيين عبر فك الحصار المفروض عليهم بعد وقف الحرب وإيصال الأدوية والمساعدات وإعادة الحياة للأراضي التي دمرتها الآلة العسكرية لقوات الاحتلال.
نزيه الغضباني
تونس – الصباح
هل تستطيع سياسة تونس الخارجية والموقف الوطني الرسمي الداعم للقضية للفلسطينية والداعي إلى ضرورة تحرير أراضيها من الاحتلال الإسرائيلي، أن تدفع أو تكون طرفا في صياغة مقاربة عربية عملية تصدر عن القمة غير العادية التي تجري حاليا بالسعودية، تكون كفيلة بدفع الاحتلال الصهيوني والقوى الداعمة له لوقف مجازر آليتها العسكرية في قطاع غزة، والانتصار لموقف وقرار إقليمي داعم للفلسطينيين وفلسطين في هذه المرحلة التي تشهد فيها غزة تحديدا حرب إبادة استعملت فيها قوات الاحتلال أسلحة محظورة دوليا؟ وهل تنجح القمتان، رغم انتقاد البعض للموعد المتأخر على اعتبار أنه يخدم مصلحة العدو المحتل، في تحقيق مخرج يخدم القضية الفلسطينية؟
فبلادنا أكدت انخراط دبلوماسيتها إقليميا ودوليا في الدفاع عن الحق الفلسطيني والتنديد بعدوان الإسرائيلي على غزة وسط صمت دولي، فضلا عن التحركات المناهضة للمجازر في الشارع التونسي، وهو ما أثار الجدل في عدة أوساط لعل أبرزها ما يتعلق بمشروع قانون تجريم التطبيع المطروح على أنظار مجلس نواب الشعب.
تأتي هذه المناسبة، ورغم تأخرها مقارنة بتطورات الأحداث الدموية في غزة، لتحمل آمال الشارع العربي المنتفض والمناصر للقضية الفلسطينية، وذلك بعد ما خلفه بيان جامعة الدول العربية حول المسألة في النصف الأول من أكتوبر الماضي، من استياء واسع لاسيما في ظل موجة "تطبيع" بعض البلدان العربية مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.
إذ يترأس وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار، وفدا رسميا دبلوماسيا يشارك في القمتين العربية والإسلامية التي تتواصل على امتداد يومي 10 و11 نوفمبر الجاري بمدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، وتخصص للبحث في التطورات المسجلة في القضية الفلسطينية والعربية الراهنة في ظل تواصل العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في غزة منذ أكثر من شهر والحلول الممكنة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين.
ويذكر أن موقف تونس الرسمي كان داعما للقضية الفلسطينية ويدعو إلى ضرورة تحرير الأراضي الفلسطينية وهو موقف مناهض لسياسة الاحتلال الإسرائيلي من هذه القضية كان واضحا وثابتا من البداية، فمنذ إعلان قوات الاحتلال للاستعمار الإسرائيلي يوم 7 أكتوبر 2023 أكدت السلط الرسمية في تونس وقوفها الكامل وغير المشروط إلى جانب الشعب الفلسطيني وأكدت في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية في نفس اليوم، أن من حق الشعب الفلسطيني أن يستعيد أرضه وأن يقيم دولته المستقلة عليها وعاصمتها القدس الشريف .
ودعت رئاسة الجمهورية في نفس البيان "كل الضمائر الحية في العالم، إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وأن تتذكر المذابح التي قام بها العدو الصهيوني في حق الشعب العربي في فلسطين، بل وفي حق الأمة كلها، وأن يعترفوا بحق المقاومة المشروعة للاحتلال، ولا يعتبرون هذه المقاومة اعتداء وتصعيدا. كما دعت تونس المجتمع الدولي، إلى تحمل مسؤولياته التاريخية لوضع حد للاحتلال الغاشم لكل فلسطين، ولإمعان قوات الاحتلال الصهيوني في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني في تحد كامل لكل الشرائع الدينية والقيم الإنسانية.
وقد كانت سياسة تونس الخارجية موجهة لخدمة هذا الموقف خلال الفترة الماضية، عمل على ترجمتها عمليا وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج خلال مشاركاته الدولية والإقليمية أو عبر توجيه الدبلوماسية الخارجية للدولة التونسية للانتصار لهذا الموقف الرسمي وأيضا من خلال تعاطيه مع الدبلوماسية الأجنبية الممثلة لبلدان أجنبية لاسيما منها البلدان الداعمة لقوى الاحتلال في حربها على قطاع غزة. فبعد مشاركة نبيل عمار في أشغال الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء خارجية منظّمة التعاون الإسلامي بجدّة في النصف الثاني من شهر أكتوبر المنقضي، وما أكده خلال تلك المشاركة من تمسك تونس بموقفها الداعم لفلسطين، سعى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج إلى توسيع قاعدة المقاربة التونسية عبر انتهاج سياسة خارجية واضحة المعالم فيها تكريسا للسيادة الوطنية والموقف الرسمي للدولة التونسية في تناغم مع موقف الشارع التونسي، وهو موقف رسمي لاقى ترحيبا واسعا في أوساط عربية ودولية ترى في دعم قوات الاحتلال في حربها على شعب أعزل ومواصلة دعم الاستعمار للأراضي الفلسطينية ضربا قواعد حقوق الإنسان وما تدعو له وتنص عليه المعاهدات والاتفاقات والمنظمات الدولية.
تحركات
ويذكر أيضا أن وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج شارك قبل انعقاد القمتين الحالية، في اجتماع وزراء خارجية العرب التحضيري للدورة غير العادية للقمة العربية. وأجرى محادثات في الغرض مع نظرائه في كل من سوريا وفلسطين ولبنان تناولت عدوان الاحتلال الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكيفية التوصل إلى موقف عربي وإسلامي لمساندة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وذلك بمناسبة مشاركته في الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري التحضيري للقمة العربية الطارئة.
سياسة خارجية داعمة للقضية
وواصلت سياسة تونس الخارجية خلال الفترة الماضية تحركها الواسع في سياق الدفاع عن القضية الفلسطينية ولإعلاء صوت الموقف التونسي الرافض لمجازر العدوان الإسرائيلي على المدنيين، وذلك بعد أن أكد نبيل عمّار على دور الدبلوماسية في هذه المرحلة في إبراز وجاهة مواقف تونس من كل القضايا الراهنة بكل جرأة ووضوح وذلك في كل المنابر دون تردد أو مواربة. وذلك من خلال تنظيمه لقاء، عبر تقنية الفيديو مع رؤساء البعثات الدبلوماسية والدائمة بالخارج، تناول بالخصوص آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية والاعتداءات السافرة المتواصلة لآلة القتل الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الشقيق، وخطورة تداعيات ذلك على المنطقة وعلى الأمن والسّلم في العالم. وهو ما عمل عمار على تكريسه في تحركاته وإدارته لسياسة تونس الخارجية خلال نفس المرحلة، وذلك بتوجيه رسائل إلى عدد من نظرائه في الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي وعديد الدول لاسيما الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى الأمناء العامين لمنظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظّمة التعاون الإسلامي والاتّحاد الإفريقي والمنظمة الدولية للفرانكفونية والممثل الأممي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، أكد فيها على ضرورة توحيد الجهود وتنسيق المواقف من أجل وقف فوري للعدوان على فلسطين المحتلة وللاستهداف الممنهج للمدنيين العزل وفتح كل القنوات من أجل إيصال المساعدات الإنسانيّة العاجلة بشكل آمن ومستدام وكذلك تعميق وتعجيل التشاور والتحرك لإنهاء آخر معاقل الاستعمار في العالم بإرجاع الحق الفلسطيني دون مماطلة أو تسويف. ودعوة المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته التاريخية للوقف الفوري للاعتداء الصارخ على الشعب الفلسطيني.
كما شكل لقاء عمار مع عدد من سفراء الدول الفرانكفونية المعتمدين بتونس، تتقدمهم سفيرة كندا بصفتها الرئيسة الحالية للمجموعة، مناسبة لطرح الموقف التونسي المبدئي والثابت المناصر للقضية الفلسطينية العادلة ولحق الشعب الفلسطيني في استعادة أراضيه المحتلة، بعد سقوط آلاف الضحايا المدنيين، وسط صمت مطبق من المجموعة الدولية منها المنظمة الدولية للفرانكفونية. ووجّه عدة رسائل للسفراء وحثّهم على إبلاغها لعواصمهم، مشدّدا على وجاهة الرؤية التونسية وإدانة بلادنا الصارمة للاعتداءات غير المسبوقة، المنتهكة للقانون الإنساني والمواثيق الدولية، التي يقترفها الاحتلال، خدمة لأجندات سياسية وإقليمية غير معلنة. وهو تقريبا ما قام به نفس الوزير في أثناء لقائه عدد من السفراء المعتمدين بتونس لكلّ من المملكة المتّحدة وروسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، الدول دائمة العضويّة بمجلس الأمن للأمم المتحدة، وذلك لتحميلهم رسالة إلى عواصمهم بخصوص الموقف التونسي من التطورات الميدانيّة وضرورة التحرّك الفوري لتفادي مزيد من الانفلات وتجاوز الوضع الخطير والمأساوي في الأرض الفلسطينيّة المحتلّة.
ولم يكن موقف تونس بالتصويت بالامتناع على مشروع القرار الذي اعتمدته الجمعية العامّة للأمم المتّحدة في دورتها الاستثنائية العاشرة المستأنفة حول المسألة الفلسطينية، مختلفا عن سياستها الخارجية بل اعتبرته عدة جهات تماهيا مع موقفها المبدئي الذي يرفض المساواة بين المعتدِي والمعتدَى عليه وتأكيد لتمسك بلادنا بحق الشعب الفلسطيني في أرضه غير المشروع على اعتبار أن القانون الذي تم عرضه للتصويت أغفل عددا من المسائل الهامة في علاقة بالقضية على غرار غياب الإدانة الصريحة والقوية لجرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال وعدم المطالبة بمحاسبة المحتل على جرائمه وعدم المطالبة بشكل واضح بالوقف الفوري للعدوان، علاوة على مساواته بين الجلاد والضحية. وحرصت تونس، وفق تأكيد موقع وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، على المشاركة الفاعلة في كل اجتماعات مجلس الأمن وبقية الأجهزة والهياكل الأممية، وتقديم بيانات واضحة تعكس التزامها الثابت ووقوفها اللامشروط إلى جانب الشّعب الفلسطيني، والمساهمة الفعّالة في كل التحركات العربية والإسلامية في المحافل الإقليمية والدولية. كما انخرطت بشكل فاعل وبنّاء في مسار مفاوضات صياغة مشروع قرار عربي، لتقديمه في الدورة الاستثنائية العاشرة المستأنفة للجمعية العامّة حول المسألة الفلسطينية.
لذلك يبقى الموقف التونسي الثابت في دفاعه على الحق الفلسطيني والمناهض لسياسية الاحتلال المتواصلة، في حاجة إلى مقاربة جديدة تؤكد المرور من مرحلة المواقف والبيانات إلى مرحلة عملية قادرة على ضمان دعم الفلسطينيين عبر فك الحصار المفروض عليهم بعد وقف الحرب وإيصال الأدوية والمساعدات وإعادة الحياة للأراضي التي دمرتها الآلة العسكرية لقوات الاحتلال.