إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

فلسط.ين ... في أدبيات رشيد الذوادي (2/1)

سخر الأدباء والشعراء الحرف كشكل من أشكال ثقافة المقاومة ، ويجندونه كسلاح يشهر به سيوف النضال المفعمة بشحنات الرفض والتمرد على المحتل الظالم

بقلم : الحبيب الذوادي

ان القضية الفلسطينية قضية دائمة ومؤلمة تسكن قلب كل أديب وشاعر عربي وغير عربي وانها لا تزال تؤلم شعبنا العربي عامة ، والشعب الفلسطيني خاصة ، لذا سخر الأدباء والشعراء الحرف كشكل من أشكال ثقافة المقاومة ، ويجندونه كسلاح يشهر به سيوف النضال المفعمة بشحنات الرفض والتمرد على المحتل الظالم ، لذا فأن ضرورة المقاومة المسلحة لا تقل عندهم عن ضرورة المقاومة الثقافية لهذا الاحتلال الغاصب، بحيث وجدنا الكتاب والأدباء والشعراء مستخدمين قوة قلمهم من خلال القصة ، والرواية والقصيدة ، والأقصوصة ،والمقالات ... بحيث وجدنا مثلا الشعر سلاح المقاوم العربي في وجه تزيف التاريخ ، وطمس الحقائق ، وتغييب العقول ، فانطلاقا من هذا المعنى جرى سيل الشعر العربي في تحرير فلسطين ، تحريرها في العقول من قيود العجز والتأخر التي نصبها لها المحتل فرأينا مثلا محمود درويش الذي ترددت أبياته التي تنصر الحق ، و تجسد معاناة الفلسطينيين في كل صباح منها :

 آه يا جرحي المكابر

 وطني ليس حقيبة

 و أنا لست مسافر

 إنني العاشق والأرض حبيبة

إضافة لذلك كتبت عديد الروايات جسدت واقع يوميات الفلسطيني ، وما يعانيه في وطنه منها رواية "عائد إلى حيفا " لغسان كنفاني والتي تطرح فلسفات عميقة حول معنى الوطن والهوية ،وتعبر بحق عن معاناة يومية لا يلقي لها العالم بالا عن بكاء الطفل في أرضه وموت الشباب في وطنه ،وعن سلب الحق من أهله .

الأديب التونسي رشيد الذوادي يعتبر أحد مناصري الإخوة الفلسطينيين الذين ذاقوا العذاب طوال سنين ، وهجروا من أراضيهم ، فكتاباته عن فلسطين تتابعت لنا بدءا بمقال صادر له بمجلة " الشباب التونسية " في فيفري 1964 حيث صور لنا من خلاله ما حل بإخواننا "عرب فلسطين " حيث أطردوا من ديارهم ، كما كتب خلال الثمانينات ستة مقالات عن فلسطين في صحيفة "العمل التونسية " آنذاك تحت عنوان "فصول عن فلسطين و صدر له مؤخرا سنة 2014 عن دار تونس للنشر إصدار جديدا تحت عنوان "فلسطين .... حكاية لا تنتهي " وجاء الكتاب في 191 صفحة من الحجم الكبير ، أعرب من خلاله الأديب رشيد الذوادي ، أن فلسطين بالنسبة إليه تعتبر الهوى والوجد والأرض الطيبة والوطن المعطاء والجريح الثائر وقادته لمسة السحر الباقية فيها للحديث عن أبطالها ، وأزمتها وميراثها العريق .... وهي بالنسبة لصاحب الكتاب تجسم لنا الأمل في توحيد المواقف العربية.. تلك هي الصورة المثلى عن عشق صاحب هذا المؤلف لفلسطين العربية ، وخاصة بعدما أبان له الفكر والعقل أن عروبتنا ، و ديانتنا لن تكتمل إلا بها.

لقد تضمن المحور الأول من هذا المؤلف وتحت عنوان "فلسطين في أصداء التاريخ" بحديث صاحبه عن أهمية الموقع الجغرافي لفلسطين الذي يعتبر من أهم وأغنى المناطق في العالم العربي من خلال الآثار والمخلفات البشرية منذ عصور ما قبل التاريخ ،والفترات الزمنية اللاحقة لها ، فأقدم الأنواع البشرية قد سكن هذه المنطقة ... كما وافانا الأديب رشيد الذوادي في هذا المحور بأن فلسطين أعجب بها أكثر من شاعر ومؤرخ ورحالة بعد أن استوقفتهم أرض فلسطين المميزة بوفرة إنتاجها وزراعاتها الكبرى من قمح و شعير... ، وفي نفس هذا المحور تناول صاحب هذا المؤلف الحديث عن الأمم التي حكمت فلسطين ، بداية من الكنعانيين من تاريخ 3500 قبل الميلاد ، مرورا بمصر الفرعونية سنة 1480 قبل الميلاد ،والإمبراطورية البيزنطية سنة 629 ميلادي ،والحكم الأموي 661 ميلادي.. والحكم العثماني 1517 ميلادي ، والانتداب البريطاني 1918 ميلادي ،والدولة العبرية على جزء من فلسطين التاريخية ، وحكم أردني في الضفة الغربية ومصري في قطاع غزة سنة 1948 ميلادي والاحتلال الإسرائيلي لباقي الأراضي الفلسطينية عام 1967 ميلادي والسلطة الوطنية الفلسطينية على الجزء المتاح من فلسطين التاريخية وذلك منذ 1994 ميلادي الى تاريخ اليوم .

وعن أهم مدن فلسطين التاريخية التي ساهمت في تأسيس حضاراتها تطرق الأديب رشيد الذوادي في نفس هذا المحور بالحديث عن مدينة "أريحا" التي تعتبر أقدم مدن فلسطين ، يليها مدينة" بيت لحم" المتميزة بأهميتها الدينية في أحد كهوفها ولد المسيح عليه السلام ، وتعتبر كنيسة المهد من أقدم الكنائس بها إضافة إلى مدينة "رام الله" التي لعبت دورا هاما في تاريخ فلسطين ،و فيها دفن الزعيم ياسر عرفات ، أما مدينة "القدس الشريف" وهي قلب فلسطين وعاصمتها ، فهي مدينة مقدسة عند المسلمين أولى القبلتين وثالث أقدس المدن بعد مكة والمدينة المنورة ، أما بالنسبة لليهود فهي مدينة مقدسة ذلك أن النبي داوود قام بفتحها وجعلها عاصمة بني إسرائيل عام 1000 قبل الميلاد ، أما المسيحيون فاعتبروها مدينة مقدسة بعد أن تم صلب المسيح على صخرة ،إضافة إلى ما تقدم أبرز صاحب هذا المؤلف احتواء القدس على عدد كبير من المواقع الدينية التاريخية مثل المسجد الأقصى وحائط البراق ،وكنيسة القيامة ،..فهي مدينة نابضة بالحياة لدى المؤرخين .

تدرج الكاتب رشيد الذوادي في المحور الثاني من مؤلفه وتحت عنوان "فلسطين تحكي عن الحلم والفعل الناجز" بإبرازه أهمية الأرض العربية الفلسطينية التي احتضنت الديانات الثلاثة التي جسدت عمقا في الصلات العقائدية ككل ،فجميعها بحيث على الرحمة والتراحم و تدعو إلى التأكيد على الأعمال الخيرة وإصلاح النفوس ،فما يجمع سكان فلسطين الهوية الفلسطينية ،ولا تفرق بينهم اختلاف الأديان ، لكن أفادنا صاحب هذا المؤلف بأنه حدث في دورات الأيام ما حدث على أرض فلسطين تجلى لنا فيها قسوة الإنسان لأخيه الإنسان ، وكان ذلك مدعاة لثوراته على أرض فلسطين، منها خصوصا استمرار عداوة اليهود التاريخية للعرب والمسلمين عامة بدافع الحسد والحقد بعد أنصار الإسلام في يثرب وانضمام القبائل الواحدة تلو الأخرى إلى الرسول الأعظم على اثر فتح مكة سنة 630 م وعودته معززا مكرما إلى موطن صباه دون إراقة دماء ، لذا بدت فلسطين للأديب رشيد الذوادي عند تطرقه للحديث عنها بأنها الوطن الحبيب الثائر والذي يعتبر مفتاحا للأمل، و نصا جميلا يحكي عن الفعل وعن الكفاح ضد الإخضاع القهري .

باحث و ناشط في الحقل الجمعياتي بمدينة بنزرت

فلسط.ين ... في أدبيات رشيد الذوادي (2/1)

سخر الأدباء والشعراء الحرف كشكل من أشكال ثقافة المقاومة ، ويجندونه كسلاح يشهر به سيوف النضال المفعمة بشحنات الرفض والتمرد على المحتل الظالم

بقلم : الحبيب الذوادي

ان القضية الفلسطينية قضية دائمة ومؤلمة تسكن قلب كل أديب وشاعر عربي وغير عربي وانها لا تزال تؤلم شعبنا العربي عامة ، والشعب الفلسطيني خاصة ، لذا سخر الأدباء والشعراء الحرف كشكل من أشكال ثقافة المقاومة ، ويجندونه كسلاح يشهر به سيوف النضال المفعمة بشحنات الرفض والتمرد على المحتل الظالم ، لذا فأن ضرورة المقاومة المسلحة لا تقل عندهم عن ضرورة المقاومة الثقافية لهذا الاحتلال الغاصب، بحيث وجدنا الكتاب والأدباء والشعراء مستخدمين قوة قلمهم من خلال القصة ، والرواية والقصيدة ، والأقصوصة ،والمقالات ... بحيث وجدنا مثلا الشعر سلاح المقاوم العربي في وجه تزيف التاريخ ، وطمس الحقائق ، وتغييب العقول ، فانطلاقا من هذا المعنى جرى سيل الشعر العربي في تحرير فلسطين ، تحريرها في العقول من قيود العجز والتأخر التي نصبها لها المحتل فرأينا مثلا محمود درويش الذي ترددت أبياته التي تنصر الحق ، و تجسد معاناة الفلسطينيين في كل صباح منها :

 آه يا جرحي المكابر

 وطني ليس حقيبة

 و أنا لست مسافر

 إنني العاشق والأرض حبيبة

إضافة لذلك كتبت عديد الروايات جسدت واقع يوميات الفلسطيني ، وما يعانيه في وطنه منها رواية "عائد إلى حيفا " لغسان كنفاني والتي تطرح فلسفات عميقة حول معنى الوطن والهوية ،وتعبر بحق عن معاناة يومية لا يلقي لها العالم بالا عن بكاء الطفل في أرضه وموت الشباب في وطنه ،وعن سلب الحق من أهله .

الأديب التونسي رشيد الذوادي يعتبر أحد مناصري الإخوة الفلسطينيين الذين ذاقوا العذاب طوال سنين ، وهجروا من أراضيهم ، فكتاباته عن فلسطين تتابعت لنا بدءا بمقال صادر له بمجلة " الشباب التونسية " في فيفري 1964 حيث صور لنا من خلاله ما حل بإخواننا "عرب فلسطين " حيث أطردوا من ديارهم ، كما كتب خلال الثمانينات ستة مقالات عن فلسطين في صحيفة "العمل التونسية " آنذاك تحت عنوان "فصول عن فلسطين و صدر له مؤخرا سنة 2014 عن دار تونس للنشر إصدار جديدا تحت عنوان "فلسطين .... حكاية لا تنتهي " وجاء الكتاب في 191 صفحة من الحجم الكبير ، أعرب من خلاله الأديب رشيد الذوادي ، أن فلسطين بالنسبة إليه تعتبر الهوى والوجد والأرض الطيبة والوطن المعطاء والجريح الثائر وقادته لمسة السحر الباقية فيها للحديث عن أبطالها ، وأزمتها وميراثها العريق .... وهي بالنسبة لصاحب الكتاب تجسم لنا الأمل في توحيد المواقف العربية.. تلك هي الصورة المثلى عن عشق صاحب هذا المؤلف لفلسطين العربية ، وخاصة بعدما أبان له الفكر والعقل أن عروبتنا ، و ديانتنا لن تكتمل إلا بها.

لقد تضمن المحور الأول من هذا المؤلف وتحت عنوان "فلسطين في أصداء التاريخ" بحديث صاحبه عن أهمية الموقع الجغرافي لفلسطين الذي يعتبر من أهم وأغنى المناطق في العالم العربي من خلال الآثار والمخلفات البشرية منذ عصور ما قبل التاريخ ،والفترات الزمنية اللاحقة لها ، فأقدم الأنواع البشرية قد سكن هذه المنطقة ... كما وافانا الأديب رشيد الذوادي في هذا المحور بأن فلسطين أعجب بها أكثر من شاعر ومؤرخ ورحالة بعد أن استوقفتهم أرض فلسطين المميزة بوفرة إنتاجها وزراعاتها الكبرى من قمح و شعير... ، وفي نفس هذا المحور تناول صاحب هذا المؤلف الحديث عن الأمم التي حكمت فلسطين ، بداية من الكنعانيين من تاريخ 3500 قبل الميلاد ، مرورا بمصر الفرعونية سنة 1480 قبل الميلاد ،والإمبراطورية البيزنطية سنة 629 ميلادي ،والحكم الأموي 661 ميلادي.. والحكم العثماني 1517 ميلادي ، والانتداب البريطاني 1918 ميلادي ،والدولة العبرية على جزء من فلسطين التاريخية ، وحكم أردني في الضفة الغربية ومصري في قطاع غزة سنة 1948 ميلادي والاحتلال الإسرائيلي لباقي الأراضي الفلسطينية عام 1967 ميلادي والسلطة الوطنية الفلسطينية على الجزء المتاح من فلسطين التاريخية وذلك منذ 1994 ميلادي الى تاريخ اليوم .

وعن أهم مدن فلسطين التاريخية التي ساهمت في تأسيس حضاراتها تطرق الأديب رشيد الذوادي في نفس هذا المحور بالحديث عن مدينة "أريحا" التي تعتبر أقدم مدن فلسطين ، يليها مدينة" بيت لحم" المتميزة بأهميتها الدينية في أحد كهوفها ولد المسيح عليه السلام ، وتعتبر كنيسة المهد من أقدم الكنائس بها إضافة إلى مدينة "رام الله" التي لعبت دورا هاما في تاريخ فلسطين ،و فيها دفن الزعيم ياسر عرفات ، أما مدينة "القدس الشريف" وهي قلب فلسطين وعاصمتها ، فهي مدينة مقدسة عند المسلمين أولى القبلتين وثالث أقدس المدن بعد مكة والمدينة المنورة ، أما بالنسبة لليهود فهي مدينة مقدسة ذلك أن النبي داوود قام بفتحها وجعلها عاصمة بني إسرائيل عام 1000 قبل الميلاد ، أما المسيحيون فاعتبروها مدينة مقدسة بعد أن تم صلب المسيح على صخرة ،إضافة إلى ما تقدم أبرز صاحب هذا المؤلف احتواء القدس على عدد كبير من المواقع الدينية التاريخية مثل المسجد الأقصى وحائط البراق ،وكنيسة القيامة ،..فهي مدينة نابضة بالحياة لدى المؤرخين .

تدرج الكاتب رشيد الذوادي في المحور الثاني من مؤلفه وتحت عنوان "فلسطين تحكي عن الحلم والفعل الناجز" بإبرازه أهمية الأرض العربية الفلسطينية التي احتضنت الديانات الثلاثة التي جسدت عمقا في الصلات العقائدية ككل ،فجميعها بحيث على الرحمة والتراحم و تدعو إلى التأكيد على الأعمال الخيرة وإصلاح النفوس ،فما يجمع سكان فلسطين الهوية الفلسطينية ،ولا تفرق بينهم اختلاف الأديان ، لكن أفادنا صاحب هذا المؤلف بأنه حدث في دورات الأيام ما حدث على أرض فلسطين تجلى لنا فيها قسوة الإنسان لأخيه الإنسان ، وكان ذلك مدعاة لثوراته على أرض فلسطين، منها خصوصا استمرار عداوة اليهود التاريخية للعرب والمسلمين عامة بدافع الحسد والحقد بعد أنصار الإسلام في يثرب وانضمام القبائل الواحدة تلو الأخرى إلى الرسول الأعظم على اثر فتح مكة سنة 630 م وعودته معززا مكرما إلى موطن صباه دون إراقة دماء ، لذا بدت فلسطين للأديب رشيد الذوادي عند تطرقه للحديث عنها بأنها الوطن الحبيب الثائر والذي يعتبر مفتاحا للأمل، و نصا جميلا يحكي عن الفعل وعن الكفاح ضد الإخضاع القهري .

باحث و ناشط في الحقل الجمعياتي بمدينة بنزرت