يبدو أن الجدل الذي رافق الجلسة العامة التي التأمت ليلة أول أمس وتم رفعها إلى أجل غير مسمى دون استكمالها، وهي التي كانت مخصصة لمناقشة مقترح قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، سيكون له تداعيات عديدة منها الآجلة ومنها العاجلة، سواء كانت سياسية أو برلمانية وفي علاقة بنشاط البرلمان وتوازناته الداخلية، وعلاقة الكتل في ما بينها، وفي علاقة بين البرلمان والسلطة التنفيذية..
ويعتبر ما حصل خلال الجلسة العامة سابقة لم تحدث من قبل في البرلمان الجديد المنتخب إثر الانتخابات التشريعية لـ 17 ديسمبر 2022، الذي غلب على أنشطته ظاهريا بعض الانسجام والتناغم ونوع من الهدوء والاستقرار رغم بعض الخلافات التي نشأت في بعض الأحيان في علاقة بوضعية بعض النواب الملاحقين قضائيا..
ومن أبرز تداعيات تأجيل النظر في مقترح القانون المذكور والتي قد تتضح أكثر خلال الفترة المقبلة بظهور توجه لبروز تيار من المعارضة البرلمانية التي كانت قبل وقت قصير باهتة وأقلية وغير وازنة وغير مكتملة المعالم، وهي معارضة قد تتخذ ملامحها النهائية على قاعدة فرز من يقف ضد تجريم التطبيع، على خلفية تفهم موقف رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية والتريث من أجل تعديل مقترح القانون، ومن يؤيد المضي قدما في مقترح القانون خاصة أن الجلسة العامة سبق أن صادقت على فصلين منه.
الملفت للانتباه أنه برزت داخل البرلمان خلال الجلسة العامة أغلبية برلمانية معارضة لتوجهات مكتب البرلمان حين طالب الجلسة العامة بتأجيل التصويت على القانون، يتزعمها كتلة الخط الوطني السيادي التي تضم في عضويتها نواب حركة الشعب، وبعض الكتل الداعمة لاستكمال المصادقة على مقترح قانون تجريم التطبيع رغم المحاذير التي أطلقها رئيس البرلمان باسم رئيس الجمهورية في علاقة بالأمن القومي الخارجي..
كما سيكون للتوتر الذي حصل داخل قبة البرلمان وقبلها محاولات تأجيل النظر في مقترح القانون لأسباب غير معلومة، تأثير بالغ على صورة البرلمان في وقت يحاول النواب المنتخبون حديثا النأي بأنفسهم عن صورة البرلمان السابق المنحل، وعزمهم على تنقية الصورة النمطية المترسخة لدى الرأي العام الوطني طيلة سنين عن البرلمانات المنبثقة عن انتخابات العشرية السابقة.. مقابل إعادة بناء صورة جديدة قائمة على مبادئ الشفافية والإخلاص لتوجهات 25 جويلية 2021..
فمن خلال التصريحات والتعليقات التي صدرت عن بعض النواب من مختلف الكتل والحساسيات والتوجهات السياسية، في ما يتعلق بحيثيات الجلسة العامة وما رافقها من اتهامات واتهامات مضادة على خلفية مطالبة رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة تأجيل النظر في مشروع القانون المثير للجدل، وفشله في إقناع الأغلبية بذلك، بدا الانقسام جليا داخل المؤسسة التشريعية والتي قد تتضح أكثر خلال الفترة المقبلة بناء على كيفية تعاطي مكتب البرلمان مع الإشكال الحاصل..
علما أن النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي بدر الدين القمودي كشف أمس في تصريح صحفي أن عديد النواب من مختلف الكتل ومن غير المنتمين للكتل بصدد التوقيع في عريضة مضمونها رفض أي نشاط برلماني داخل المجلس قبل الانتهاء من التصويت على بقية فصول مقترح قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه.
وأشار القمودي أن النواب كانوا في انتظار استئناف الجلسة العامة صباح أمس الجمعة بعد تعليقها،الا أنه لم يتم توجيه دعوة للنواب بالإرساليات كما جرت العادة.
بدوره، أكد مقرر لجنة الحقوق والحريات النائب محمد علي أن النواب يرفضون استكمال أي نشاط برلماني قبل استئناف الجلسة العامة لتجريم التطبيع. وأشار إلى أن العديد من النواب المعنيين بالقانون حلوا منذ صباح أمس بالبرلمان رغم عدم توجيه استدعاءات بالإرساليات القصيرة.
كما أكد النائب عبد الرزاق عويدات رئيس كتلة الخط الوطني السيادي في تصريح لوات ان رؤساء الكتل سيطلبون عقد اجتماع عاجل مع رئيس المجلس في حال عدم استئناف الجلسة وسيطلبون منه توضيحات.
وشدد عويدات على أن الكتلة باعتبارها الجهة المبادرة بتقديم القانون متمسكة بمبادئه وبتمريره مؤكدا على انه لا يتعارض مع مصالح تونس المعلنة ولا يؤثر سلبا على السير العادي لدواليب الدولة وعلى علاقاتها وممارساتها طالما ليست لنا علاقات مع الكيان الصهيوني.
وبناء عليه، فإن من التداعيات المحتملة للحدث البرلماني غير المسبوق، إمكانية حدوث تأثيرات في طبيعة العلاقة القائمة بين المؤسسة التشريعية ممثلة في البرلمان والمؤسسة التنفيذية ممثلة في رئاسة الجمهورية والحكومة على خلفية الانقسام الحاصل في كيفية التعاطي تشريعيا مع توجهات تجريم التطبيع مع الكيان المحتل ومحاولات تدخل السلطة التنفيذية لتأجيل النظر في التوجه القانوني أو سحب مقترح القانون برمته، علما أن تجريم التطبيع كان من أبرز الشعارات الانتخابية التي رفعها رئيس الجمهورية في حملته الانتخابية الرئاسية لسنة 2019.
وتأسيسا على ما سبق، ستكون قاعدة الفرز بين المؤيدين لمسار 25 جويلية والمعارضين له قائمة على خلفية الموقف مما حصل في الجلسة العامة..
كما ستكون لهذا الحدث تداعيات سياسية في علاقة خاصة بالانتخابات الرئاسية المقبلة المحددة مبدئيا في النصف الثاني من سنة 2024. علما أن رئيس البرلمان ابراهيم بودربالة كان قد أكد في تبريره للنواب لتأجيل النظر في قانون تجريم التطبيع، أن الرئيس سعيد أعلمه أن القانون سيمسّ بأمن تونس وأنه محل مزايدات انتخابية، ومشيرا إلى أن رئيس الجمهورية يرفض التطبيع انطلاقا من المسألة الأخلاقية والسياسية..
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
يبدو أن الجدل الذي رافق الجلسة العامة التي التأمت ليلة أول أمس وتم رفعها إلى أجل غير مسمى دون استكمالها، وهي التي كانت مخصصة لمناقشة مقترح قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، سيكون له تداعيات عديدة منها الآجلة ومنها العاجلة، سواء كانت سياسية أو برلمانية وفي علاقة بنشاط البرلمان وتوازناته الداخلية، وعلاقة الكتل في ما بينها، وفي علاقة بين البرلمان والسلطة التنفيذية..
ويعتبر ما حصل خلال الجلسة العامة سابقة لم تحدث من قبل في البرلمان الجديد المنتخب إثر الانتخابات التشريعية لـ 17 ديسمبر 2022، الذي غلب على أنشطته ظاهريا بعض الانسجام والتناغم ونوع من الهدوء والاستقرار رغم بعض الخلافات التي نشأت في بعض الأحيان في علاقة بوضعية بعض النواب الملاحقين قضائيا..
ومن أبرز تداعيات تأجيل النظر في مقترح القانون المذكور والتي قد تتضح أكثر خلال الفترة المقبلة بظهور توجه لبروز تيار من المعارضة البرلمانية التي كانت قبل وقت قصير باهتة وأقلية وغير وازنة وغير مكتملة المعالم، وهي معارضة قد تتخذ ملامحها النهائية على قاعدة فرز من يقف ضد تجريم التطبيع، على خلفية تفهم موقف رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية والتريث من أجل تعديل مقترح القانون، ومن يؤيد المضي قدما في مقترح القانون خاصة أن الجلسة العامة سبق أن صادقت على فصلين منه.
الملفت للانتباه أنه برزت داخل البرلمان خلال الجلسة العامة أغلبية برلمانية معارضة لتوجهات مكتب البرلمان حين طالب الجلسة العامة بتأجيل التصويت على القانون، يتزعمها كتلة الخط الوطني السيادي التي تضم في عضويتها نواب حركة الشعب، وبعض الكتل الداعمة لاستكمال المصادقة على مقترح قانون تجريم التطبيع رغم المحاذير التي أطلقها رئيس البرلمان باسم رئيس الجمهورية في علاقة بالأمن القومي الخارجي..
كما سيكون للتوتر الذي حصل داخل قبة البرلمان وقبلها محاولات تأجيل النظر في مقترح القانون لأسباب غير معلومة، تأثير بالغ على صورة البرلمان في وقت يحاول النواب المنتخبون حديثا النأي بأنفسهم عن صورة البرلمان السابق المنحل، وعزمهم على تنقية الصورة النمطية المترسخة لدى الرأي العام الوطني طيلة سنين عن البرلمانات المنبثقة عن انتخابات العشرية السابقة.. مقابل إعادة بناء صورة جديدة قائمة على مبادئ الشفافية والإخلاص لتوجهات 25 جويلية 2021..
فمن خلال التصريحات والتعليقات التي صدرت عن بعض النواب من مختلف الكتل والحساسيات والتوجهات السياسية، في ما يتعلق بحيثيات الجلسة العامة وما رافقها من اتهامات واتهامات مضادة على خلفية مطالبة رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة تأجيل النظر في مشروع القانون المثير للجدل، وفشله في إقناع الأغلبية بذلك، بدا الانقسام جليا داخل المؤسسة التشريعية والتي قد تتضح أكثر خلال الفترة المقبلة بناء على كيفية تعاطي مكتب البرلمان مع الإشكال الحاصل..
علما أن النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي بدر الدين القمودي كشف أمس في تصريح صحفي أن عديد النواب من مختلف الكتل ومن غير المنتمين للكتل بصدد التوقيع في عريضة مضمونها رفض أي نشاط برلماني داخل المجلس قبل الانتهاء من التصويت على بقية فصول مقترح قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه.
وأشار القمودي أن النواب كانوا في انتظار استئناف الجلسة العامة صباح أمس الجمعة بعد تعليقها،الا أنه لم يتم توجيه دعوة للنواب بالإرساليات كما جرت العادة.
بدوره، أكد مقرر لجنة الحقوق والحريات النائب محمد علي أن النواب يرفضون استكمال أي نشاط برلماني قبل استئناف الجلسة العامة لتجريم التطبيع. وأشار إلى أن العديد من النواب المعنيين بالقانون حلوا منذ صباح أمس بالبرلمان رغم عدم توجيه استدعاءات بالإرساليات القصيرة.
كما أكد النائب عبد الرزاق عويدات رئيس كتلة الخط الوطني السيادي في تصريح لوات ان رؤساء الكتل سيطلبون عقد اجتماع عاجل مع رئيس المجلس في حال عدم استئناف الجلسة وسيطلبون منه توضيحات.
وشدد عويدات على أن الكتلة باعتبارها الجهة المبادرة بتقديم القانون متمسكة بمبادئه وبتمريره مؤكدا على انه لا يتعارض مع مصالح تونس المعلنة ولا يؤثر سلبا على السير العادي لدواليب الدولة وعلى علاقاتها وممارساتها طالما ليست لنا علاقات مع الكيان الصهيوني.
وبناء عليه، فإن من التداعيات المحتملة للحدث البرلماني غير المسبوق، إمكانية حدوث تأثيرات في طبيعة العلاقة القائمة بين المؤسسة التشريعية ممثلة في البرلمان والمؤسسة التنفيذية ممثلة في رئاسة الجمهورية والحكومة على خلفية الانقسام الحاصل في كيفية التعاطي تشريعيا مع توجهات تجريم التطبيع مع الكيان المحتل ومحاولات تدخل السلطة التنفيذية لتأجيل النظر في التوجه القانوني أو سحب مقترح القانون برمته، علما أن تجريم التطبيع كان من أبرز الشعارات الانتخابية التي رفعها رئيس الجمهورية في حملته الانتخابية الرئاسية لسنة 2019.
وتأسيسا على ما سبق، ستكون قاعدة الفرز بين المؤيدين لمسار 25 جويلية والمعارضين له قائمة على خلفية الموقف مما حصل في الجلسة العامة..
كما ستكون لهذا الحدث تداعيات سياسية في علاقة خاصة بالانتخابات الرئاسية المقبلة المحددة مبدئيا في النصف الثاني من سنة 2024. علما أن رئيس البرلمان ابراهيم بودربالة كان قد أكد في تبريره للنواب لتأجيل النظر في قانون تجريم التطبيع، أن الرئيس سعيد أعلمه أن القانون سيمسّ بأمن تونس وأنه محل مزايدات انتخابية، ومشيرا إلى أن رئيس الجمهورية يرفض التطبيع انطلاقا من المسألة الأخلاقية والسياسية..