تنظر اليوم الدائرة المختصة في قضايا العدالة الانتقالية في ما عرف بملف "الخميس الأسود" والذي تتعلق أحداثه بالمواجهات الدامية التي هزت البلاد يوم 26 جانفي 1978 إثر الصدامات العنيفة التي شهدها ذلك اليوم بين الطبقة الشغيلة التي يقودها اتحاد الشغل ونظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
وشملت قائمة المنسوب لهم الانتهاك إطارات وأعوان سابقين بوزارة الداخلية.
مفيدة القيزاني
الخميس الأسود هي مواجهات دامية هزت البلاد يوم 26 جانفي 1978 إثر الصدامات العنيفة التي شهدها ذلك اليوم بين الطبقة الشغيلة التي يقودها اتحاد الشغل ونظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
وقد شهدت العلاقة بين الحزب الدستوري الحاكم والاتحاد العام التونسي للشغل تصدعا حادا بداية من السبعينات نتيجة مطالب عمالية ونقابية وسياسة التصعيد التي انتهجها نظام بورقيبة خاصة بإعلان الاتحاد الإضراب العام يوم 26 جانفي 1978 بعد انعقاد مجلسه الوطني أيام 8 و9 و10 جانفي 1978 وكانت هذه التواريخ بداية الحسم في قرار الإضراب سيما بعد فشل جميع المساعي الداخلية والخارجية لفض النزاع واشتعال فتيل المسيرات والمظاهرات التي عمت البلاد خاصة بمدينة صفاقس ومدينة قصر هلال والتي واجهها نظام بورقيبة بالخيار الأمني وذلك قبل أيام فقط من موعد 26 جانفي سيما بعد إقالة وزير الداخلية آنذاك الطاهر بلخوجة المعروف بعدم ميله إلى الحل الأمني وتعيين وزير الدفاع عبد الله فرحات مكانه مما ساهم في اشتعال الوضع أكثر ونزول الجيش لأول مرة إلى الشوارع وانتشاره في العاصمة يوم 26 جانفي.
سقوط قتلى وجرحى..
وتؤكد تقارير مستقلة أن حوالي 400 قتيل سقطوا في الأحداث وجرح أكثر من ألف مواطن نتيجة المواجهات بين الجيش وبوليس بورقيبة من جهة والمتظاهرين من جهة أخرى في حين أقرت حكومة الهادي نويرة بسقوط 52 قتيلا و365 جريحا فقط.
أصابع الاتهام..
وُجهت أصابع الاتهام بالمسؤولية عن إطلاق النار على المحتجين إلى مجموعة من النافذين في الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم، قيل إنها شجعت رئيس الوزراء الهادي نويرة على قطع العلاقة مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
ومن بين هذه المجموعة وزير الدفاع عبد الله فرحات، ووزير الداخلية الضاوي حنابلية، وزين العابدين بن علي الذي كان يتولى آنذاك منصب مدير الأمن العام ومدير الحزب الحاكم محمد الصياح (كان أيضا وزيرا معتمدا لدى رئيس الوزراء) الذي يُتهم بأنه استعمل مليشيا مسلحة تابعة للحزب الحاكم لقمع معارضيه.
جلسة استماع..
في 26 جانفي 2017 استمعت هيئة الحقيقة والكرامة المشرفة على مسار العدالة الانتقالية إلى نقابيين من اتحاد الشغل عاشوا تلك الأحداث وناجين من هولها، فأماطت بشهاداتهم اللثام عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها نظام بورقيبة بحق النقابيين جراء وحشية المعالجة الأمنية لمطالبهم.
ومن بين الضحايا الذين أدلوا بشهاداتهم الضحية النقابي محمد شعبان وهو من مواليد 1937 عن أطوار ايقافه غداة الاضراب العام صحبة المرحوم التيجاني البوكادي حيث تم نقله إلى مركز الشرطة بصفاقس أين تم استنطاقه ثم نقل إلى فرقة سلامة أمن الدولة بمقر وزارة الداخلية أين تم بحثه حول علاقته بالحبيب عاشور وبالنظام الليبي والأسلحة المخبأة بمقرات الاتحاد وإخضاعه إلى تعذيب ممنهج ثم تمت إعادته إلى إدارة الأمن بصفاقس أين تعرض مجددا طيلة 10 أيام إلى التعذيب ثم تم الحكم عليه بسنتين سجنا قضاها متنقلا بين عدة سجون.
في أواسط جانفي 1980 تمتع محمد شعبان بسراح شرطي قبل 10 أيام من نهاية عقوبته ليفاجأ بطرده من عمله ولم يتمكن من العودة إلا في أواخر 1980 بعد عدة مفاوضات بين الاتحاد العام التونسي للشغل ووزارة الشؤون الاجتماعية لإعادة كافة النقابيين المطرودين على خلفية أحداث جانفي 1978.
كما تحدث في الجلسة المصور الفوتوغرافي السابق زهير بلخيرية (61 عاما) -الذي كان حينها شابا يصور المظاهرات التي دعا إليها اتحاد الشغل في مدينة سوسة وأنشطة الإضراب العام- عن حالة القمع والاستبداد التي كان يعيش تحتها التونسيون في فترة حكم بورقيبة؛ وقال إنه اعتقِل وتعرض "لأنواع التعذيب والإهانة والتهديد بالقتل وتلفيق التهم الكيدية".
تونس-الصباح
تنظر اليوم الدائرة المختصة في قضايا العدالة الانتقالية في ما عرف بملف "الخميس الأسود" والذي تتعلق أحداثه بالمواجهات الدامية التي هزت البلاد يوم 26 جانفي 1978 إثر الصدامات العنيفة التي شهدها ذلك اليوم بين الطبقة الشغيلة التي يقودها اتحاد الشغل ونظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
وشملت قائمة المنسوب لهم الانتهاك إطارات وأعوان سابقين بوزارة الداخلية.
مفيدة القيزاني
الخميس الأسود هي مواجهات دامية هزت البلاد يوم 26 جانفي 1978 إثر الصدامات العنيفة التي شهدها ذلك اليوم بين الطبقة الشغيلة التي يقودها اتحاد الشغل ونظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
وقد شهدت العلاقة بين الحزب الدستوري الحاكم والاتحاد العام التونسي للشغل تصدعا حادا بداية من السبعينات نتيجة مطالب عمالية ونقابية وسياسة التصعيد التي انتهجها نظام بورقيبة خاصة بإعلان الاتحاد الإضراب العام يوم 26 جانفي 1978 بعد انعقاد مجلسه الوطني أيام 8 و9 و10 جانفي 1978 وكانت هذه التواريخ بداية الحسم في قرار الإضراب سيما بعد فشل جميع المساعي الداخلية والخارجية لفض النزاع واشتعال فتيل المسيرات والمظاهرات التي عمت البلاد خاصة بمدينة صفاقس ومدينة قصر هلال والتي واجهها نظام بورقيبة بالخيار الأمني وذلك قبل أيام فقط من موعد 26 جانفي سيما بعد إقالة وزير الداخلية آنذاك الطاهر بلخوجة المعروف بعدم ميله إلى الحل الأمني وتعيين وزير الدفاع عبد الله فرحات مكانه مما ساهم في اشتعال الوضع أكثر ونزول الجيش لأول مرة إلى الشوارع وانتشاره في العاصمة يوم 26 جانفي.
سقوط قتلى وجرحى..
وتؤكد تقارير مستقلة أن حوالي 400 قتيل سقطوا في الأحداث وجرح أكثر من ألف مواطن نتيجة المواجهات بين الجيش وبوليس بورقيبة من جهة والمتظاهرين من جهة أخرى في حين أقرت حكومة الهادي نويرة بسقوط 52 قتيلا و365 جريحا فقط.
أصابع الاتهام..
وُجهت أصابع الاتهام بالمسؤولية عن إطلاق النار على المحتجين إلى مجموعة من النافذين في الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم، قيل إنها شجعت رئيس الوزراء الهادي نويرة على قطع العلاقة مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
ومن بين هذه المجموعة وزير الدفاع عبد الله فرحات، ووزير الداخلية الضاوي حنابلية، وزين العابدين بن علي الذي كان يتولى آنذاك منصب مدير الأمن العام ومدير الحزب الحاكم محمد الصياح (كان أيضا وزيرا معتمدا لدى رئيس الوزراء) الذي يُتهم بأنه استعمل مليشيا مسلحة تابعة للحزب الحاكم لقمع معارضيه.
جلسة استماع..
في 26 جانفي 2017 استمعت هيئة الحقيقة والكرامة المشرفة على مسار العدالة الانتقالية إلى نقابيين من اتحاد الشغل عاشوا تلك الأحداث وناجين من هولها، فأماطت بشهاداتهم اللثام عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها نظام بورقيبة بحق النقابيين جراء وحشية المعالجة الأمنية لمطالبهم.
ومن بين الضحايا الذين أدلوا بشهاداتهم الضحية النقابي محمد شعبان وهو من مواليد 1937 عن أطوار ايقافه غداة الاضراب العام صحبة المرحوم التيجاني البوكادي حيث تم نقله إلى مركز الشرطة بصفاقس أين تم استنطاقه ثم نقل إلى فرقة سلامة أمن الدولة بمقر وزارة الداخلية أين تم بحثه حول علاقته بالحبيب عاشور وبالنظام الليبي والأسلحة المخبأة بمقرات الاتحاد وإخضاعه إلى تعذيب ممنهج ثم تمت إعادته إلى إدارة الأمن بصفاقس أين تعرض مجددا طيلة 10 أيام إلى التعذيب ثم تم الحكم عليه بسنتين سجنا قضاها متنقلا بين عدة سجون.
في أواسط جانفي 1980 تمتع محمد شعبان بسراح شرطي قبل 10 أيام من نهاية عقوبته ليفاجأ بطرده من عمله ولم يتمكن من العودة إلا في أواخر 1980 بعد عدة مفاوضات بين الاتحاد العام التونسي للشغل ووزارة الشؤون الاجتماعية لإعادة كافة النقابيين المطرودين على خلفية أحداث جانفي 1978.
كما تحدث في الجلسة المصور الفوتوغرافي السابق زهير بلخيرية (61 عاما) -الذي كان حينها شابا يصور المظاهرات التي دعا إليها اتحاد الشغل في مدينة سوسة وأنشطة الإضراب العام- عن حالة القمع والاستبداد التي كان يعيش تحتها التونسيون في فترة حكم بورقيبة؛ وقال إنه اعتقِل وتعرض "لأنواع التعذيب والإهانة والتهديد بالقتل وتلفيق التهم الكيدية".