إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خلفت 6 شهداء و6 جرحى: بعد "تبرؤ" رشيد عمار ومدير عام الأمن العمومي سابقا من المسؤولية..أحداث "القصبة 2" امام الدائرة المختصة

 

 

 تونس-الصباح

أجلت أمس الدائرة الجنائية المتخصصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس ملف أحداث القصبة 2 التي راح ضحيتها الشهيد عبد الباسط الخضراوي وخمسة آخرين كما خلفت 6 جرحى وشملت الأبحاث فيها كل من أحمد شابير والمدير العام للأمن العمومي والجنرال رشيد عمار وآخرون من بينهم قيادات أمنية وعسكرية.

مفيدة القيزاني

تعود أطوار قضية الحال إلى أيام 25 و26 و27 فيفري2011 وعرفت بأحداث القصبة 2 والتي أسفرت عن سقوط ستة شهداء من بينهم عبد الباسط الخضراوي وفريد مبروك وأيمن العقيلي ومحمد الحناشي، بالإضافة إلى ستة جرحى وتتمثل أطوار الحادثة في اعتصام عدد من المواطنين من أجل المطالبة بإسقاط حكومة محمد الغنوشي آنذاك الذي تولى تسيير البلاد بعد خروج بن علي ولكن سرعان ما تحول الاعتصام الى مواجهات بين المحتجين والأمن وأسفر عن سقوط ضحايا وجرحى.

رشيد عمار..

لدى مثوله أمام دائرة العدالة الانتقالية بتهمة القتل العمد مع سابقية القصد في أحداث القصبة 2 صرح أنه بتاريخ 14 جانفي 2011، عرض عليه منصب رئيس الجمهورية ولكنه رفضه، ما زاد من ثقة كل من محمد الغنوشي وفؤاد المبزع في شخصه، وفق تعبيره.

وحول ما إذا كانت له علاقة بقتل مواطنين، من بينهم الشهيد محمد الحنشي، الذي توفي يوم 25 فيفري 2011، نفى الجنرال رشيد عمار علمه بذلك مؤكدا أن الجيش الوطني اكتفى بطلق ناري في الهواء وليس على المتظاهرين نظرا إلى أن التعليمات تقتضي تفريق المتظاهرين بإطلاق أعيرة نارية في الهواء وضرورة ضبط النفس.

ونفى الجنرال عمار ملاحظته أي مظاهر احتجاجات قرب مقر وزارة الداخلية بتاريخ 27 فيفري 2011 المتزامن مع إعلان محمد الغنوشي استقالته.

كما نفى أن يكون المنسق الحقيقي لوزارة الداخلية مؤكدا :" لا يد لي ولست مسؤولا عن الضحايا الذين سقطوا في أحداث القصبة 2 ودوري يقتصر على الإشراف على وحدات الجيش الوطني لا غير".

وقال عمار إن فكرة إدماج جزء من الحرس الوطني مع الجيش الوطني ليست فكرته شخصيا، وإنما تم تداولها في مجلس وزاري يوم 12 فيفري 2011 وانه من المدافعين عن هذه الفكرة استئناسا بالتجربة الجزائرية الحامية للحدود الجزائرية.

وللإشارة فقد شغل رشيد عمار منصب قائد أركان الجيش الوطني التونسي نهاية حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وقد تولى قيادة الجيش خلال أحداث الثورة طبقا لأحكام الطوارئ.

تراجع..

وللإشارة فقد كان رشيد عمار تراجع في شهادته خلال سماعه كشاهد في ملف أحداث الثورة عن أقواله المسجلة عليه في جلسة يوم 3 جانفي 2022 والتي مفادها انه لم يتقابل مع أحمد فريعة بتاريخ يوم 14 جانفي 2011 أعلمه الأخير أنه ضد سفك الدماء وقتل الأنفس البشرية وانه سأله بخصوص ما اذا كان فريعة قد اتخذ قرارا بمنع استعمال الذخيرة وطلب اتخاذ قرارات كتابية في هذا الخصوص وطلب فريعة من مدير ديوانه إصدار منشور لم يصدر الا يوم 15 جانفي 2011.

وبسؤاله من قبل المحكمة عن أسباب تراجعه في اقواله لاحظ انه لم يعد يتذكر بالتحديد ما جرى وانه طالما لم يقع اتخاذ قرارات كتابية في الإبان ولو عن طريق برقية فانه لا يمكن الحديث عن قرارات لإيقاف استعمال الذخيرة الحية، مضيفا انه كان بإمكان فريعة إصدار برقية على غرار ما فعله عمار يوم 10 جانفي 2011 صلب المؤسسة العسكرية، موضحا أن آلية البرقيات تفعل بصفة فورية في انتظار إصدار منشور في وقت لاحق.

وتمسك رشيد عمار بان الاجتماعات التي شارك فيها بمقر وزارة الداخلية ايام 09 و10 و11 جانفي 2011 لم تكن في اطار خلية ازمة بل هي اجتماعات استثنائية طارئة، لم تسفر عن اتخاذ قرارات ملموسة في كيفية التعاطي مع الاحداث والاحتجاحات وتم توضيح دور الجيش في حماية المؤسسات والمنشآت الحساسة.

وقال عمار إن وزارة الداخلية اقترحت على وزير الدفاع ان ترتدي وحدات التدخل الأمنية البدلة العسكرية والتدخل بها في صد الاحتجاجات مؤكدا أن وزارة الدفاع امتنعت عن ذلك وصدرت برقية بمنع استعمال السلاح والذخيرة الحية من قبل الوحدات العسكرية.

وأضاف انه وردته يوم 11 جانفي 2011 تعليمات من وزير الدفاع بنزع القبعة الخضراء للعسكريين، الا انه قرر أن يرتدي العسكر القبعة الحمراء وذلك توقيا من اقحام الجيش في الاحداث.

تصريحات مدير عام الأمن العمومي سابقا..

عند سماع  مدير عام الأمن العمومي زمن الثورة ياسين التايب لدى دائرة العدالة الانتقالية الذي وجهت له تهمة القتل العمد مع سابقية القصد في أحداث القصبة 2 ايام 25 و26 و27 فيفري 2011.

قدم التايب اعتذاره اداريا عن الضحايا الذين سقطوا بسبب تلك الأحداث والفشل في تفادي تلك الأضرار نافيا عن نفسه التهم المنسوبة إليه، كما نفى مسؤوليته الشخصية في خصوص ضحايا احداث القصبة 2.

وقال التايب انه تم تعيينه مديرا عاما للامن العمومي بتاريخ 02 فيفري 2011 وكان يعمل حينها تحت اشراف مدير عام الامن الوطني أحمد شابير، مشيرا الى ان توفيق الدبابي من اعلمه صباحا بالتعيين وفي نفس اليوم تمت اقالة الدبابي وتعيين شابير مكانه.

واضاف التايب انه من مشمولات ادارة الامن العمومي ادارة الشرطة العدلية ومراكز الشرطة ومناطق الشرطة وأقاليم امن الشرطة وإدارة المرور والأمن السياحي وانه ليس لدى ادارة الامن العمومي وحدات امنية لكف الشغب.

واكد التايب ان الموضوع لا يتعلق بالقصبة 2 وانما يتعلق بتجمهر أمام مقر وزارة الداخلية ومحاولات اقتحامها وحرقها، مشيرا الى انه بتاريخ 25 و26 و27 فيفري 2011 كان في مكتبه  الكائن بمقر وزارة الداخلية وان التعليمات الواردة عليه من طرف أحمد شابير ووزير الداخلية آنذاك توفيق الراجحي مفادها عدم إطلاق النار مطلقا وعدم استعمال السلاح ضد المتظاهرين.

وأكد عدم تعامله البتة وبصفة مباشرة مع المنسوب له الانتهاك رشيد عمار رغم تواجد عمار آنذاك بمقر وزارة الداخلية وان التعليمات كان يتلقاها من المسؤول المباشر له أحمد شوبير ووزير الداخلية.

وأضاف أن عمار يتواجد أحيانا بمكتب وزير الداخلية وأحيانا أخرى في مكتب أحمد شابير نافيا علمه بما كان يدور بينهم.

 وبخصوص اعتصام القصبة 2، اكد التايب وجود تعليمات من طرف مدير عام الامن الوطني أحمد شابير لفض الاعتصام ولكنه كان على يقين انه في صورة التدخل ستكون هناك خسائر كبيرة ما دفعه للتنقل صحبة احمد شابير للقصبة، اين اقتنع الاخير حينها ان الحل الأمني غير ممكن وان الحل سياسي بالاساس لانسحاب المعتصمين، ليتم اللجوء الى خيار المجلس الوطني التأسيسي.

كما أشار مدير عام الأمن العمومي انه لا يمكن له وللمديرين العامين إعطاء تعليمات لإطلاق النار وان كل عون متمتع بالمعرفة حول كيفية وزمن استعمال السلاح.

التعليمات..

وفي رده عن سؤال رئيسة دائرة العدالة الانتقالية حول إصدار تعليمات بانسحاب القوات الامنية، ذكر ان اصدار تعليمات بانسحاب القوات الامنية يعني وقتها تعليمات بحرق البلاد مؤكدا ان اصدارها من عدمه يبقى من صلاحيات وزير الداخلية.

وبخصوص إصابة مواطنين بطلق ناري من طرف عناصر أمنية خارج شارع الحبيب بورقيبة، قال التايب انه لم يكن موجودا في كل الاماكن وان ما حدث تجاوزات فردية من عناصر أمنية مؤكدا انه وجه استجوابا لوحدات الامن العمومي حول استعمال السلاح ضد المتظاهرين وكانت الاجابة بتأكيد عدم استعماله.

وأضاف مدير عام الأمن العمومي الأسبق انه كان قد طلب من أحمد شابير فتح تحقيق داخلي في موضوع إطلاق النار على متظاهرين.

وقال انه طلب كتابيا من احمد شابير فتح بحث تحقيقي على مستوى وزارة الداخلية في موضوع اطلاق النار على المتظاهرين أيام 25 و 26 و27 فيفري 2011، مشيرا الى انه لم يكن موجودا في قاعة العمليات المركزية بوزارة الداخلية.

وأضاف انه خلال نفس الفترة، نزل من مكتبه في مقر الوزارة بمعية مدير عام وحدات التدخل حينها فاتح معتوق بهدف معاينة ميدانية للأعوان الذين يعملون تحت إشرافه ومدى تقيدهم بتعليمات عدم إطلاق النار وضبط النفس إزاء المتظاهرين.

وأوضح مدير عام الأمن العمومي خلال أحداث القصبة 2 أن نوعية السلاح المعتمد يكون اما فرديا او من نوع شطاير ولا يتنقل به الاعوان الا بإذن صريح او لحماية المقرات مؤكدا ان منظوريه كانوا يحملون أسلحة فردية.

شهادة فرحات الراجحي..

أدلى وزير الداخلية الأسبق فرحات الراجحي بشهادته في احداث القصبة 2 مؤكدا تمسكه بكل ما أدلى به ضده من تصريحات لهيئة الحقيقة والكرامة ، مشيرا إلى أنه عندما تولى مقاليد الوزارة بعد إقالة أحمد فريعة، قال إنه وجد أن توفيق الدبابي كان يقود خطة المدير العام للأمن الوطني ويدير الجانب الأمني ​​بالوزارة ، بينما كان الراجحي مشغولا بالأعمال الإدارية بمختلف مصالح الوزارة.

واضاف الراجحي انه كلما بلغ الى علمه سقوط ضحايا فانه يعهد بالبحث فيها للاجهزة المختصة.

موضحا انه ومنذ توليه منصب وزير الداخلية كان الجنرال رشيد عمار يلازمه يوميا بمكتبه بالوزارة ودائم الحضور بالوزارة ويتردد باستمرار على غرفة العمليات، ونفى الراجحي علمه ومعرفته بغرفة العمليات بوزارة الداخلية موضحا ان هذه الغرفة يتم فيها تلقي كل المعطيات حول الأحداث التي تقع خارج مقر الوزارة.

مؤكدا على عدم علمه بوجود مظاهرات شعبية ايام 25 و26 و27 فيفري 2011 مفسرا ذلك بعدم اعلامه من قبل المحمول عليهم اعلام الوزير بذلك وان الامنين تكتموا وتعمدوا اخفاء الاحداث عنه.

وبسؤاله عما اذا كان للجنرال رشيد عمار دور في ادارة الجانب الامني بوزارة الداخلية، لاحظ الراجحي  انه لا يملك الاجابة عن هذا السؤال ويمكن لأحمد شابير أن يجيب عنه بوصفه مديرا عاما للأمن الوطني حينها.

اقتراح غير بريء..

وقال الراجحي انه كان على علم بانتساب شابير للجيش الوطني وتم تعيينه باقتراح من رشيد عمار واستنتج بعد ذلك أن هذا الاقتراح غير بريء خاصة وان الجانب الأمني كان رافضا أنذاك التعامل مع الجيش بل كان الامن يرغب في أن يرأسهم ابن احد اسلاك الوزارة، وهو ما جعله، وبعد استشارة رشيد عمار، يقيل شابير من منصبه اثر ما لاحظه من قطيعة وصعوبة في التعامل بينه وبين المشرفين على أجهزة الامن.

عدم التنسيق بين الحرس والجيش..

بين الراجحي انه لا يوجد تنسيق بين الجيش والحرس وهو ما دفع الى سقوط ضحايا خلال يوم 27 فيفري 2011، وقال الراجحي انه على ضوء هذه الحادثة اقترح عليه الجنرال رشيد عمار إلحاق سلك الحرس بالجيش الوطني وقدم له مشروعا في الغرض ووافق عليه في البداية ظنا منه أن من شأن هذا الإلحاق أن يحسن مردود سلك الحرس الوطني ويساهم في استقرار الأوضاع الا انه وبعرض هذا المقترح على آمر الحرس الوطني حينها منتصر السكوحي، حذره من مغبة الاستجابة للطلب ليتراجع عن قراره الأولي بالموافقة، لتشوب علاقته بعمار البرودة والحذر في التعامل.

وبمزيد التحرير عليه لاحظ الراجحي ان ما يقصده بأن الجنرال عمار هو المشرف الفعلي على الجانب الامني ميدانيا وقاعة العمليات والتنسيق مع شابير هو ان عمار وشابير كانا ينسقان بينهما كل في حدود اختصاصه.

استغلال الأزياء الامنية..

رجح الراجحي ان تكون الوحدات العسكرية قد استعملت الازياء والعتاد الامني مشيرا الى انه لا يمكن نسبة ما حصل من احداث بصفة جازمة للامنيين باعتبار انهم تولوا اثناء احداث الثورة ايداع التجهيزات الامنية من أسلحة وذخيرة وأزياء لدى الثكنات العسكرية خلال الهجمة على مراكز الأمن وإحراقها.

واشار الراجحي الى أنّ الابحاث تعهد بها الجانب العسكري وبالتالي لا يمكن الجزم بان التجاوزات صدرت كلها عن الامنين وفق تعبيرة، مشيرا الى انه بعد الثورة تم تنقيح مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية لتوسيع مجال اختصاص القضاء العسكري على حساب القضاء العدلي حتى يكون هو المتعهد الوحيد في مثل قضايا الثورة والأحداث اللاحقة لها.

وبين الراجحي ان اعوان الامن هم المسؤولون المباشرون عن كيفية استعمال اسلحتهم مشيرا الى ان ذلك يتم وفق ضوابط محددة بالقانون عدد 4 لسنة 1969.

وقال الراجحي انه لم يصدر عنه اي امر باستعمال السلاح ضد المتظاهرين طيلة فترة اشرافه على وزارة الداخلية.

وبسؤاله عما اذا كان لاحظ اطرافا ساهمت في رفع الاسلاك الشائكة عند الهجوم على مقر وزارة الداخلية وهو بداخلها، أكد انه لم يشاهد بأم عينه انه وقع فعلا رفع الأسلاك الشائكة لتسهيل عملية اقتحامها من طرف المتظاهرين وإنما تم تبليغه بذلك على لسان الملحق الإعلامي الذي كان يتواجد معه حينها بمكتبه مبينا انه لا يوجه شكوكه لأي طرف بالمساهمة في تسهيل عملية اقتحام الوزارة.

وأضاف الراجحي في نهاية شهادته انه يفسر سقوط قتلى وجرحى في احداث القصبة أيام 25 و26 و27 فيفري 2011 بأن يكون الامنيون قد استعملوا السلاح في اطار التصدي والدفاع المشروع وفق مقتضيات القانون.

خلفت 6 شهداء و6 جرحى:   بعد "تبرؤ" رشيد عمار ومدير عام الأمن العمومي سابقا من المسؤولية..أحداث "القصبة 2" امام الدائرة المختصة

 

 

 تونس-الصباح

أجلت أمس الدائرة الجنائية المتخصصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس ملف أحداث القصبة 2 التي راح ضحيتها الشهيد عبد الباسط الخضراوي وخمسة آخرين كما خلفت 6 جرحى وشملت الأبحاث فيها كل من أحمد شابير والمدير العام للأمن العمومي والجنرال رشيد عمار وآخرون من بينهم قيادات أمنية وعسكرية.

مفيدة القيزاني

تعود أطوار قضية الحال إلى أيام 25 و26 و27 فيفري2011 وعرفت بأحداث القصبة 2 والتي أسفرت عن سقوط ستة شهداء من بينهم عبد الباسط الخضراوي وفريد مبروك وأيمن العقيلي ومحمد الحناشي، بالإضافة إلى ستة جرحى وتتمثل أطوار الحادثة في اعتصام عدد من المواطنين من أجل المطالبة بإسقاط حكومة محمد الغنوشي آنذاك الذي تولى تسيير البلاد بعد خروج بن علي ولكن سرعان ما تحول الاعتصام الى مواجهات بين المحتجين والأمن وأسفر عن سقوط ضحايا وجرحى.

رشيد عمار..

لدى مثوله أمام دائرة العدالة الانتقالية بتهمة القتل العمد مع سابقية القصد في أحداث القصبة 2 صرح أنه بتاريخ 14 جانفي 2011، عرض عليه منصب رئيس الجمهورية ولكنه رفضه، ما زاد من ثقة كل من محمد الغنوشي وفؤاد المبزع في شخصه، وفق تعبيره.

وحول ما إذا كانت له علاقة بقتل مواطنين، من بينهم الشهيد محمد الحنشي، الذي توفي يوم 25 فيفري 2011، نفى الجنرال رشيد عمار علمه بذلك مؤكدا أن الجيش الوطني اكتفى بطلق ناري في الهواء وليس على المتظاهرين نظرا إلى أن التعليمات تقتضي تفريق المتظاهرين بإطلاق أعيرة نارية في الهواء وضرورة ضبط النفس.

ونفى الجنرال عمار ملاحظته أي مظاهر احتجاجات قرب مقر وزارة الداخلية بتاريخ 27 فيفري 2011 المتزامن مع إعلان محمد الغنوشي استقالته.

كما نفى أن يكون المنسق الحقيقي لوزارة الداخلية مؤكدا :" لا يد لي ولست مسؤولا عن الضحايا الذين سقطوا في أحداث القصبة 2 ودوري يقتصر على الإشراف على وحدات الجيش الوطني لا غير".

وقال عمار إن فكرة إدماج جزء من الحرس الوطني مع الجيش الوطني ليست فكرته شخصيا، وإنما تم تداولها في مجلس وزاري يوم 12 فيفري 2011 وانه من المدافعين عن هذه الفكرة استئناسا بالتجربة الجزائرية الحامية للحدود الجزائرية.

وللإشارة فقد شغل رشيد عمار منصب قائد أركان الجيش الوطني التونسي نهاية حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وقد تولى قيادة الجيش خلال أحداث الثورة طبقا لأحكام الطوارئ.

تراجع..

وللإشارة فقد كان رشيد عمار تراجع في شهادته خلال سماعه كشاهد في ملف أحداث الثورة عن أقواله المسجلة عليه في جلسة يوم 3 جانفي 2022 والتي مفادها انه لم يتقابل مع أحمد فريعة بتاريخ يوم 14 جانفي 2011 أعلمه الأخير أنه ضد سفك الدماء وقتل الأنفس البشرية وانه سأله بخصوص ما اذا كان فريعة قد اتخذ قرارا بمنع استعمال الذخيرة وطلب اتخاذ قرارات كتابية في هذا الخصوص وطلب فريعة من مدير ديوانه إصدار منشور لم يصدر الا يوم 15 جانفي 2011.

وبسؤاله من قبل المحكمة عن أسباب تراجعه في اقواله لاحظ انه لم يعد يتذكر بالتحديد ما جرى وانه طالما لم يقع اتخاذ قرارات كتابية في الإبان ولو عن طريق برقية فانه لا يمكن الحديث عن قرارات لإيقاف استعمال الذخيرة الحية، مضيفا انه كان بإمكان فريعة إصدار برقية على غرار ما فعله عمار يوم 10 جانفي 2011 صلب المؤسسة العسكرية، موضحا أن آلية البرقيات تفعل بصفة فورية في انتظار إصدار منشور في وقت لاحق.

وتمسك رشيد عمار بان الاجتماعات التي شارك فيها بمقر وزارة الداخلية ايام 09 و10 و11 جانفي 2011 لم تكن في اطار خلية ازمة بل هي اجتماعات استثنائية طارئة، لم تسفر عن اتخاذ قرارات ملموسة في كيفية التعاطي مع الاحداث والاحتجاحات وتم توضيح دور الجيش في حماية المؤسسات والمنشآت الحساسة.

وقال عمار إن وزارة الداخلية اقترحت على وزير الدفاع ان ترتدي وحدات التدخل الأمنية البدلة العسكرية والتدخل بها في صد الاحتجاجات مؤكدا أن وزارة الدفاع امتنعت عن ذلك وصدرت برقية بمنع استعمال السلاح والذخيرة الحية من قبل الوحدات العسكرية.

وأضاف انه وردته يوم 11 جانفي 2011 تعليمات من وزير الدفاع بنزع القبعة الخضراء للعسكريين، الا انه قرر أن يرتدي العسكر القبعة الحمراء وذلك توقيا من اقحام الجيش في الاحداث.

تصريحات مدير عام الأمن العمومي سابقا..

عند سماع  مدير عام الأمن العمومي زمن الثورة ياسين التايب لدى دائرة العدالة الانتقالية الذي وجهت له تهمة القتل العمد مع سابقية القصد في أحداث القصبة 2 ايام 25 و26 و27 فيفري 2011.

قدم التايب اعتذاره اداريا عن الضحايا الذين سقطوا بسبب تلك الأحداث والفشل في تفادي تلك الأضرار نافيا عن نفسه التهم المنسوبة إليه، كما نفى مسؤوليته الشخصية في خصوص ضحايا احداث القصبة 2.

وقال التايب انه تم تعيينه مديرا عاما للامن العمومي بتاريخ 02 فيفري 2011 وكان يعمل حينها تحت اشراف مدير عام الامن الوطني أحمد شابير، مشيرا الى ان توفيق الدبابي من اعلمه صباحا بالتعيين وفي نفس اليوم تمت اقالة الدبابي وتعيين شابير مكانه.

واضاف التايب انه من مشمولات ادارة الامن العمومي ادارة الشرطة العدلية ومراكز الشرطة ومناطق الشرطة وأقاليم امن الشرطة وإدارة المرور والأمن السياحي وانه ليس لدى ادارة الامن العمومي وحدات امنية لكف الشغب.

واكد التايب ان الموضوع لا يتعلق بالقصبة 2 وانما يتعلق بتجمهر أمام مقر وزارة الداخلية ومحاولات اقتحامها وحرقها، مشيرا الى انه بتاريخ 25 و26 و27 فيفري 2011 كان في مكتبه  الكائن بمقر وزارة الداخلية وان التعليمات الواردة عليه من طرف أحمد شابير ووزير الداخلية آنذاك توفيق الراجحي مفادها عدم إطلاق النار مطلقا وعدم استعمال السلاح ضد المتظاهرين.

وأكد عدم تعامله البتة وبصفة مباشرة مع المنسوب له الانتهاك رشيد عمار رغم تواجد عمار آنذاك بمقر وزارة الداخلية وان التعليمات كان يتلقاها من المسؤول المباشر له أحمد شوبير ووزير الداخلية.

وأضاف أن عمار يتواجد أحيانا بمكتب وزير الداخلية وأحيانا أخرى في مكتب أحمد شابير نافيا علمه بما كان يدور بينهم.

 وبخصوص اعتصام القصبة 2، اكد التايب وجود تعليمات من طرف مدير عام الامن الوطني أحمد شابير لفض الاعتصام ولكنه كان على يقين انه في صورة التدخل ستكون هناك خسائر كبيرة ما دفعه للتنقل صحبة احمد شابير للقصبة، اين اقتنع الاخير حينها ان الحل الأمني غير ممكن وان الحل سياسي بالاساس لانسحاب المعتصمين، ليتم اللجوء الى خيار المجلس الوطني التأسيسي.

كما أشار مدير عام الأمن العمومي انه لا يمكن له وللمديرين العامين إعطاء تعليمات لإطلاق النار وان كل عون متمتع بالمعرفة حول كيفية وزمن استعمال السلاح.

التعليمات..

وفي رده عن سؤال رئيسة دائرة العدالة الانتقالية حول إصدار تعليمات بانسحاب القوات الامنية، ذكر ان اصدار تعليمات بانسحاب القوات الامنية يعني وقتها تعليمات بحرق البلاد مؤكدا ان اصدارها من عدمه يبقى من صلاحيات وزير الداخلية.

وبخصوص إصابة مواطنين بطلق ناري من طرف عناصر أمنية خارج شارع الحبيب بورقيبة، قال التايب انه لم يكن موجودا في كل الاماكن وان ما حدث تجاوزات فردية من عناصر أمنية مؤكدا انه وجه استجوابا لوحدات الامن العمومي حول استعمال السلاح ضد المتظاهرين وكانت الاجابة بتأكيد عدم استعماله.

وأضاف مدير عام الأمن العمومي الأسبق انه كان قد طلب من أحمد شابير فتح تحقيق داخلي في موضوع إطلاق النار على متظاهرين.

وقال انه طلب كتابيا من احمد شابير فتح بحث تحقيقي على مستوى وزارة الداخلية في موضوع اطلاق النار على المتظاهرين أيام 25 و 26 و27 فيفري 2011، مشيرا الى انه لم يكن موجودا في قاعة العمليات المركزية بوزارة الداخلية.

وأضاف انه خلال نفس الفترة، نزل من مكتبه في مقر الوزارة بمعية مدير عام وحدات التدخل حينها فاتح معتوق بهدف معاينة ميدانية للأعوان الذين يعملون تحت إشرافه ومدى تقيدهم بتعليمات عدم إطلاق النار وضبط النفس إزاء المتظاهرين.

وأوضح مدير عام الأمن العمومي خلال أحداث القصبة 2 أن نوعية السلاح المعتمد يكون اما فرديا او من نوع شطاير ولا يتنقل به الاعوان الا بإذن صريح او لحماية المقرات مؤكدا ان منظوريه كانوا يحملون أسلحة فردية.

شهادة فرحات الراجحي..

أدلى وزير الداخلية الأسبق فرحات الراجحي بشهادته في احداث القصبة 2 مؤكدا تمسكه بكل ما أدلى به ضده من تصريحات لهيئة الحقيقة والكرامة ، مشيرا إلى أنه عندما تولى مقاليد الوزارة بعد إقالة أحمد فريعة، قال إنه وجد أن توفيق الدبابي كان يقود خطة المدير العام للأمن الوطني ويدير الجانب الأمني ​​بالوزارة ، بينما كان الراجحي مشغولا بالأعمال الإدارية بمختلف مصالح الوزارة.

واضاف الراجحي انه كلما بلغ الى علمه سقوط ضحايا فانه يعهد بالبحث فيها للاجهزة المختصة.

موضحا انه ومنذ توليه منصب وزير الداخلية كان الجنرال رشيد عمار يلازمه يوميا بمكتبه بالوزارة ودائم الحضور بالوزارة ويتردد باستمرار على غرفة العمليات، ونفى الراجحي علمه ومعرفته بغرفة العمليات بوزارة الداخلية موضحا ان هذه الغرفة يتم فيها تلقي كل المعطيات حول الأحداث التي تقع خارج مقر الوزارة.

مؤكدا على عدم علمه بوجود مظاهرات شعبية ايام 25 و26 و27 فيفري 2011 مفسرا ذلك بعدم اعلامه من قبل المحمول عليهم اعلام الوزير بذلك وان الامنين تكتموا وتعمدوا اخفاء الاحداث عنه.

وبسؤاله عما اذا كان للجنرال رشيد عمار دور في ادارة الجانب الامني بوزارة الداخلية، لاحظ الراجحي  انه لا يملك الاجابة عن هذا السؤال ويمكن لأحمد شابير أن يجيب عنه بوصفه مديرا عاما للأمن الوطني حينها.

اقتراح غير بريء..

وقال الراجحي انه كان على علم بانتساب شابير للجيش الوطني وتم تعيينه باقتراح من رشيد عمار واستنتج بعد ذلك أن هذا الاقتراح غير بريء خاصة وان الجانب الأمني كان رافضا أنذاك التعامل مع الجيش بل كان الامن يرغب في أن يرأسهم ابن احد اسلاك الوزارة، وهو ما جعله، وبعد استشارة رشيد عمار، يقيل شابير من منصبه اثر ما لاحظه من قطيعة وصعوبة في التعامل بينه وبين المشرفين على أجهزة الامن.

عدم التنسيق بين الحرس والجيش..

بين الراجحي انه لا يوجد تنسيق بين الجيش والحرس وهو ما دفع الى سقوط ضحايا خلال يوم 27 فيفري 2011، وقال الراجحي انه على ضوء هذه الحادثة اقترح عليه الجنرال رشيد عمار إلحاق سلك الحرس بالجيش الوطني وقدم له مشروعا في الغرض ووافق عليه في البداية ظنا منه أن من شأن هذا الإلحاق أن يحسن مردود سلك الحرس الوطني ويساهم في استقرار الأوضاع الا انه وبعرض هذا المقترح على آمر الحرس الوطني حينها منتصر السكوحي، حذره من مغبة الاستجابة للطلب ليتراجع عن قراره الأولي بالموافقة، لتشوب علاقته بعمار البرودة والحذر في التعامل.

وبمزيد التحرير عليه لاحظ الراجحي ان ما يقصده بأن الجنرال عمار هو المشرف الفعلي على الجانب الامني ميدانيا وقاعة العمليات والتنسيق مع شابير هو ان عمار وشابير كانا ينسقان بينهما كل في حدود اختصاصه.

استغلال الأزياء الامنية..

رجح الراجحي ان تكون الوحدات العسكرية قد استعملت الازياء والعتاد الامني مشيرا الى انه لا يمكن نسبة ما حصل من احداث بصفة جازمة للامنيين باعتبار انهم تولوا اثناء احداث الثورة ايداع التجهيزات الامنية من أسلحة وذخيرة وأزياء لدى الثكنات العسكرية خلال الهجمة على مراكز الأمن وإحراقها.

واشار الراجحي الى أنّ الابحاث تعهد بها الجانب العسكري وبالتالي لا يمكن الجزم بان التجاوزات صدرت كلها عن الامنين وفق تعبيرة، مشيرا الى انه بعد الثورة تم تنقيح مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية لتوسيع مجال اختصاص القضاء العسكري على حساب القضاء العدلي حتى يكون هو المتعهد الوحيد في مثل قضايا الثورة والأحداث اللاحقة لها.

وبين الراجحي ان اعوان الامن هم المسؤولون المباشرون عن كيفية استعمال اسلحتهم مشيرا الى ان ذلك يتم وفق ضوابط محددة بالقانون عدد 4 لسنة 1969.

وقال الراجحي انه لم يصدر عنه اي امر باستعمال السلاح ضد المتظاهرين طيلة فترة اشرافه على وزارة الداخلية.

وبسؤاله عما اذا كان لاحظ اطرافا ساهمت في رفع الاسلاك الشائكة عند الهجوم على مقر وزارة الداخلية وهو بداخلها، أكد انه لم يشاهد بأم عينه انه وقع فعلا رفع الأسلاك الشائكة لتسهيل عملية اقتحامها من طرف المتظاهرين وإنما تم تبليغه بذلك على لسان الملحق الإعلامي الذي كان يتواجد معه حينها بمكتبه مبينا انه لا يوجه شكوكه لأي طرف بالمساهمة في تسهيل عملية اقتحام الوزارة.

وأضاف الراجحي في نهاية شهادته انه يفسر سقوط قتلى وجرحى في احداث القصبة أيام 25 و26 و27 فيفري 2011 بأن يكون الامنيون قد استعملوا السلاح في اطار التصدي والدفاع المشروع وفق مقتضيات القانون.