إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

محاولات قتل..سكاكين والجنس اللطيف ينخرط في موجة العنف: انفلات في بعض المؤسسات التربوية..والساحات تحولت الى حلبة "مصارعة" !

 

تونس-الصباح

لم تمر سوى بضعة أيام على انطلاق السنة الدراسية حتى بدأ العنف يغزو المؤسسات التربوية التي يبدو أنها لم تعد بيئة آمنة للتلاميذ ولا حتى للأولياء الذين بات يرافقهم هاجس الخوف على أبنائهم من التعرض الى الأذى.

مقطع فيديو تناقلته أمس الأول مواقع التواصل الإجتماعي يوثق لحادثة غريبة تتمثل في تبادل للعنف بين تلميذتين في ساحة مؤسسة تربوية أمام تشجيع من زملائهما تزامنت معها حادثة ثانية تمثلت في شجار جد بين مجموعة من التلاميذ بمعهد ابو القاسم الشابي بالمهدية انتهت بمحاولة قتل تلميذ ودماء كست أرضية المعهد في مشهد صادم.

مفيدة القيزاني

الحادثة جدت صباح أمس الأول حيث تعرض تلميذ الى الطعن بمعهد ابو القاسم الشابي بالمهدية بعد شجار بين عدد من التلاميذ وفق ما أكده المندوب الجهوي للتربية بالجهة سفيان الكامل في تصريح لـوكالة تونس افريقيا للانباء.

وتفيد المعطيات أن شجارا جد بين عدد من التلاميذ بمرآب الدراجات بالمعهد المذكور نجم عنه طعن تلميذ يدرس بالسنة الثالثة علوم بسكين مما خلف حالة من الذعر والارتباك بين صفوف التلاميذ والإطار التربوي والإداري والأولياء.

وتدخل أعوان الحماية المدنية ليوقفوا النزيف وينقلوا المصاب إلى المستشفى الجامعي الطاهر صفر.

وقد تلقى المتضرر الذي كشفت الأبحاث أنه لم يكن مشاركا في المعركة الى طعنات متتالية على مستوى الفخذ واليد وتكثفت المجهودات وتم إلقاء القبض على المظنون فيهما وهما تلميذ وطالب وسيتم تقديمهما بحالة احتفاظ من أجل محاولة القتل العمد.

وفي وقت سابق تم تسجيل حالة اعتداء بالعنف على طفلة بمادة صلبة على مستوى رأسها وهي داخل مدرسة اعدادية استوجب نقلها من طرف اعوان الحماية المدنية للمستشفى لتلقي الإسعافات الأولية اللازمة أين اقامت بالمستشفى مدة يومين  وبتفعيل العمل الاسترشادي الميداني امكن حصر الشبهة في مجموعة أشخاص عددهم 8  كانوا بصدد التراشق بالحجارة بمحيط المدرسة وبتقديمهم إلى مقر الفرقة اعترفوا بصنيعهم كما اعترف طرف من ضمن المجموعة انه من تسبب في العنف الذي لحق بالطفلة جراء حجارة قام برميها انحرفت واصابت.

حوادث عكست تنامي ظاهرة العنف في المؤسسات التربوية  التي تحولت الى ساحات معارك وإراقة للدماء بالإضافة الى العنف اللفظي والنفسي كالتنمر وغيره فضلا عن التحرش الجنسي.

أرقام مفزعة..

أظهر آخر تحيين للأرقام بوزارة التربية أن عدد حالات العنف المسجلة خلال العشرية الأخيرة تشير الى أنه في المرحلة الاعدادية تم تسجيل أكثر من 44 ألف حالة وفي الثانوي أكثر من 23 ألف حالة في الفترة الممتدة بين 2012 و 2015.

وتواصل تطور الظاهرة سنة 2017 حيث وقع تسجيل 14792 حالة عنف مادي صادرة عن التلاميذ و 7292 حالة صادرة عن المربين و 4812 حالة صادرة عن بقية الأسرة التربوية.

أما العنف اللفظي فقد بلغ في نفس السنة 5552 حالة صادرة عن التلاميذ و 920 حالة صادرة عن المربين و 815 حالة صادرة عن بقية مكونات الأسرة التربوية.

 وللاشارة فقد أطلقت وزارة التربية في 10 سبتمبر 2019 رقما مجانيا للتبليغ عن حالات العنف وخطاب الكراهية والانتهاكات الموجهة ضد التلاميذ وفق ما أفاد به وزير التربية السابق حاتم بن سالم، ولكن

عنف داخل وخارج المؤسسات التربوية..

قدم المرصد الوطني للعنف المدرسي في وقت سابق معطيات إحصائية مفزعة إذ بين في تقرير له سنة 2014 أن حالات العنف داخل المدرسة التونسية بلغت 52 بالمائة في حين 48 بالمائة في محيطها وأنه يتم سنويا تسجيل 8 آلاف حالة عنف منها 1100 حالة بلغت مرحلة التقاضي..كما تبين معطيات سنة 2019 أن الاعتداءات الصادرة عن تلاميذ تجاه الإطار التربوي بلغت 4568 حالة منها 2266 اعتداء لفظيا و2302 اعتداء ماديا.

وتمكن المرصد الوطني للتربية من رصد 2928 حالة عنف في الوسط المدرسي خلال السنوات الدراسية  2020-2021.

وسجل 86 حالة عنف مسلطة على التلميذات بالمرحلة الابتدائية و2842 حالة عنف تشمل الفتيان والفتيات..وتتوزع هذه الحالات بين 3% بالمرحلة الابتدائية و97%  بالمرحلة الإعدادية والثانوية.

700 قضية في الشهر..

للاشارة فقد سجلت تونس  700 قضية عنف ضد الاطفال في الشهر  خلال سنة 2021، اي بمعدل 23 قضية عنف بمختلف انواعه يوميا، لتبلغ قضايا العنف المسجلة رسميا لدى الجهات الامنية 8473 قضية عنف ضد الاطفال خلال سنة 2021.

وسبق وأن أعلنت ممثلة عن الإدارة الفرعيّة للوقاية الاجتماعيّة بإدارة الشرطة العدليّة فاتن الماطوسي أن العنف المادي تصدّر مجمل القضايا المرفوعة بـ 5267 اي بمعدل  438 قضية في الشهر، يليه العنف المعنوي بـ 1894 ثم العنف الجنسي بـ 1178 قضية ثم العنف الاقتصادي بـ 134 قضية.

واحتلت تونس المرتبة الثالثة عالميا بعد الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا في حوادث العنف داخل الفضاء التربوي، وذلك حسب دراسة المرصد الاجتماعي التونسي لسنة 2019.

نفس النتيجة خلص لها المرصد الوطني للشباب حيث اكد خلال دراسة لها سنة 2020، ان 51%  من الاعتداءات تحدث  خارج الفضاء المدرسي  و49%  تجري  داخل  المؤسسة التربوية.

الاسباب..

وأشار المرصد الى أن من بين العناصر التي ساهمت في ظاهرة العنف المدرسي غياب العمل الميداني في مجال دراسة العنف، والمرتكز على العمل الإحصائي والاستقصائي والمحدّد لمواطن تفشيها المكانية والزمانية.

وفراغ الزمن الخارجي للتلاميذ.. وتفشي ظاهرة تواجد بعض الفضاءات من مقاهي وغيرها، تبث السموم بما تعرضه من مادة…(مقهى لكل 500 تونسي).. وتجمع التلاميذ أمام المعاهد في فترات ما بين الدروس، واندساس بعض الغرباء بينهم، وكذلك الفراغ الحاصل في استغلال هذا الزمن الخارجي وبعث روافد تربوية وثقافية من طرف السلط قرب المؤسسات التربوية، جميعها عوامل لظهور مثل هذه المظاهر من العنف والسلوكيات الغريبة في الوسط التعليمي. فالمدرسة ليست مصدرا للعنف، لكنها انعكاس للعنف في المجتمع وهو العنف الذي يبدأ من “الأسرة التي يلجأ أفرادها مباشرة إلى العنف كحل لأي خلافات تحدث داخل هذا المكون الاجتماعي.

كما أن ثلاثة أرباع التلاميذ المتورطين في السلوكيات المنحرفة هم من الراسبين، وثلثيهم ممن تكون نتائجهم خلال العام الدراسي ضعيفة.

وكشف المرصد الوطني للتربية أن من بين أهم الأسباب المؤدية إلى العنف المدرسي والانحراف في محيط المؤسسات التعليمية، تعمد صنف من التلاميذ التغيب عن الحصص الدراسية وغيابات بعض الأساتذة لظروف صحية في الغالب.. هذا بالإضافة إلى كثرة ظاهرة المدرس البديل وعدم خبرته في طريقة التعامل مع التلاميذ وذلك رغم مستواهم العلمي المرموق.

وتتسبب ظاهرة الغياب والتغيب فى صفوف أطر التدريس بمختلف المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في ضياع ما يقارب 2.200.000 يوم عمل، بنحو 57 مليون دينار سنويا حسب ما ورد في التقرير الوطني حول التربية لسنة 2014، والذي خلص إلى أن كلفة هذه الظاهرة تبلغ على التوالي نسبة 2,1 بالمائة من جملة الاعتمادات المخصصة للأجور في المرحلة الابتدائية و1,6 بالمائة من كتلة التأجير بالمرحلتين الاعدادية والثانوية.

وتطرق التقرير بالخصوص إلى بعض الظواهر المستجدة بالوسط الدراسي، وأهمها العنف بمختلف أصنافه، المادي واللفظي والعنف المجسد والاتصالي والعنف الرياضي مشيرا إلى أن مصادر أمنية وتربوية أفادت بأن الوسط المدرسي شهد أكثر من 8000 حالة عنف خلال الثلث الأول من السنة الدراسية 2013/2014 على الصعيد الوطني.

واستهدفت هذه الحالات بشكل خاص الإطار التربوي، فضلا عن العنف المتبادل بين التلاميذ والمترتب عنه الاضرار بالتجهيزات المدرسية.

تفاقم حالات العنف..

بين الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين في قراءته للظاهرة أنه يمكن فهم تفاقم العنف داخل المدرسة وفي محيطها من خلال الأسباب التالية:التوتر الذي صار يصبغ حياة التونسي بصورة عامة بسبب الضغوط المالية المتزايدة على الأسرة وضبابية المشهد السياسي والاجتماعي.

استقالة الأولياء في المحيط العائلي كليا عن متابعة منظوريهم كما أصبح محيط المؤسسات التربوية يستقطب العاطلين عن العمل والمنحرفين ومروجي المخدرات مما خلق جوا من الاحتقان والتوتر لدى التلاميذ أثر سلبا على سلوكياتهم وأدائهم الدراسي.

-ضياع معنى المدرسة لدى الكثيرين لا سيما التلاميذ إذ يرى الباحثون السوسيولوجيون أن نجاح وفشل المدرسة يرتكز على المعنى الذي يمنحه المنتمون لها لدورهم فيها ،في حين يعتبر الكثيرون أن النجاح المدرسي لم يعد ضمانة للنجاح الإجتماعي، بل أن استثمار الجهد وسنوات الشباب وانفاق المال أصبح دون أية فائدة اجتماعية والمدرسة التي لا مستقبل بعدها لا مبرر لوجودها.هذا الاحساس بانعدام الدلالة بالنسبة الى المستقبل لا يسمح بتوفر مناخ عام للمدرسين والتلاميذ بأن يطوروا جماعيا مشروعا للحياة والبحث والتعلم معا ، وللاسف أصبحت المدرسة فضاءا لتهميش المتعلمين بدل أن تكون فضاءا لتعليم المهمشين حيث يتسرب يومياً 300 تلميذ منهم من يصبح منحرفا يمارس انحرافه في محيط المدرسة التي لفظته ويحملها مسؤولية فشله وانحرافه.

لقد أصبحت المؤسسات التربوية فضاءات خانقة لا إبداع فيها وتفتقر لأبسط شروط الدراسة خاصة مع الاكتظاظ داخل الاقسام بسبب الضغط على الموارد البشرية من مدرسين وقيمين إضافة الى البرامج المملة التي لم تحين الى حد الآن.

وأوضح الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أن الزمن المدرسي يجعل التلميذ يقضي أغلب الوقت في فضاء لا تتوفر فيه شروط التعايش السوي والخلق والإبداع.

إن توتر العلاقات بين مكونات المشهد التربوي منذ تصاعد الخلافات بين الوزراء المتعاقبين على وزارة التربية ونقابات القطاع وما واكبه من تشنج في الخطابات واتهامات للمربين بالابتزاز والمغالاة في المطالب الاجتماعية ،جعل صورة المربي تهتز في ذهن التلميذ والولي وتفقد كل ما كان يحيط بها من قدسية اجتماعية جعلت المربي في أعلى الهرم الاعتباري في المجتمع فتجاسر الجميع على المربي وعلى المدرسة التي فقدت جاذبيتها كمصعد اجتماعي في ظل تفاقم بطالة أصحاب الشهائد العليا.

سبل الحد من الظاهرة..

للحد من هذه الظاهرة لا بد من:ضرورة فرض بقاء التلاميذ داخل المدارس أو المعاهد خلال ساعات الفراغ أو غياب أحد الاطارات التربوية عن حصص التدريس وتوفير فضاءات للمطالعة.

- تأمين جولات أمنية في فترات مختلفة من اليوم امام المدارس والمعاهد التي تشهد خصوصا تجمعات أشخاص غرباء عن الوسط المدرسي وذلك حماية للتلاميذ من المنحرفين ومن باعة المخدرات والممنوعات.

-تصحيح العلاقة بين مكونات الأسرة التربوية.

-دعم النشاطات الثقافية داخل المدارس والمعاهد.

- توسيع الشراكات مع المجتمع المدني.

- تحديث التكوين الموجه للاطار التربوي والمضي بجدية في إصلاح تربوي عميق ورصين مع استقرار مؤسسات الدولة وتحسن الوضع الاقتصادي.

- التحرك الجاد لجمعيات الأولياء نحو تأطير التلاميذ في أنشطة ثقافية ورياضية بالتعاون والشراكة مع الهياكل الرسمية

- ضرورة مزيد انفتاح وزارة التربية على المجتمع المدني وتيسير أنشطته وتبسيط الإجراءات الادارية المكبلة لانشطة الجمعيات الراغبة في دعم جهود الدولة في المجال التربوي بعيدا عن كل توظيف سياسي أو حزبي أو تجاري لهذه الانشطة.

وخلص الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أنه لا بد من عودة واسترجاع المدرسة هيبتها في المجتمع حتى تكون دائما وابدا مصعدا اجتماعياً وعنوانا للنجاح الاجتماعي.

محاولات قتل..سكاكين والجنس اللطيف ينخرط في موجة العنف:   انفلات في بعض المؤسسات التربوية..والساحات تحولت الى حلبة "مصارعة" !

 

تونس-الصباح

لم تمر سوى بضعة أيام على انطلاق السنة الدراسية حتى بدأ العنف يغزو المؤسسات التربوية التي يبدو أنها لم تعد بيئة آمنة للتلاميذ ولا حتى للأولياء الذين بات يرافقهم هاجس الخوف على أبنائهم من التعرض الى الأذى.

مقطع فيديو تناقلته أمس الأول مواقع التواصل الإجتماعي يوثق لحادثة غريبة تتمثل في تبادل للعنف بين تلميذتين في ساحة مؤسسة تربوية أمام تشجيع من زملائهما تزامنت معها حادثة ثانية تمثلت في شجار جد بين مجموعة من التلاميذ بمعهد ابو القاسم الشابي بالمهدية انتهت بمحاولة قتل تلميذ ودماء كست أرضية المعهد في مشهد صادم.

مفيدة القيزاني

الحادثة جدت صباح أمس الأول حيث تعرض تلميذ الى الطعن بمعهد ابو القاسم الشابي بالمهدية بعد شجار بين عدد من التلاميذ وفق ما أكده المندوب الجهوي للتربية بالجهة سفيان الكامل في تصريح لـوكالة تونس افريقيا للانباء.

وتفيد المعطيات أن شجارا جد بين عدد من التلاميذ بمرآب الدراجات بالمعهد المذكور نجم عنه طعن تلميذ يدرس بالسنة الثالثة علوم بسكين مما خلف حالة من الذعر والارتباك بين صفوف التلاميذ والإطار التربوي والإداري والأولياء.

وتدخل أعوان الحماية المدنية ليوقفوا النزيف وينقلوا المصاب إلى المستشفى الجامعي الطاهر صفر.

وقد تلقى المتضرر الذي كشفت الأبحاث أنه لم يكن مشاركا في المعركة الى طعنات متتالية على مستوى الفخذ واليد وتكثفت المجهودات وتم إلقاء القبض على المظنون فيهما وهما تلميذ وطالب وسيتم تقديمهما بحالة احتفاظ من أجل محاولة القتل العمد.

وفي وقت سابق تم تسجيل حالة اعتداء بالعنف على طفلة بمادة صلبة على مستوى رأسها وهي داخل مدرسة اعدادية استوجب نقلها من طرف اعوان الحماية المدنية للمستشفى لتلقي الإسعافات الأولية اللازمة أين اقامت بالمستشفى مدة يومين  وبتفعيل العمل الاسترشادي الميداني امكن حصر الشبهة في مجموعة أشخاص عددهم 8  كانوا بصدد التراشق بالحجارة بمحيط المدرسة وبتقديمهم إلى مقر الفرقة اعترفوا بصنيعهم كما اعترف طرف من ضمن المجموعة انه من تسبب في العنف الذي لحق بالطفلة جراء حجارة قام برميها انحرفت واصابت.

حوادث عكست تنامي ظاهرة العنف في المؤسسات التربوية  التي تحولت الى ساحات معارك وإراقة للدماء بالإضافة الى العنف اللفظي والنفسي كالتنمر وغيره فضلا عن التحرش الجنسي.

أرقام مفزعة..

أظهر آخر تحيين للأرقام بوزارة التربية أن عدد حالات العنف المسجلة خلال العشرية الأخيرة تشير الى أنه في المرحلة الاعدادية تم تسجيل أكثر من 44 ألف حالة وفي الثانوي أكثر من 23 ألف حالة في الفترة الممتدة بين 2012 و 2015.

وتواصل تطور الظاهرة سنة 2017 حيث وقع تسجيل 14792 حالة عنف مادي صادرة عن التلاميذ و 7292 حالة صادرة عن المربين و 4812 حالة صادرة عن بقية الأسرة التربوية.

أما العنف اللفظي فقد بلغ في نفس السنة 5552 حالة صادرة عن التلاميذ و 920 حالة صادرة عن المربين و 815 حالة صادرة عن بقية مكونات الأسرة التربوية.

 وللاشارة فقد أطلقت وزارة التربية في 10 سبتمبر 2019 رقما مجانيا للتبليغ عن حالات العنف وخطاب الكراهية والانتهاكات الموجهة ضد التلاميذ وفق ما أفاد به وزير التربية السابق حاتم بن سالم، ولكن

عنف داخل وخارج المؤسسات التربوية..

قدم المرصد الوطني للعنف المدرسي في وقت سابق معطيات إحصائية مفزعة إذ بين في تقرير له سنة 2014 أن حالات العنف داخل المدرسة التونسية بلغت 52 بالمائة في حين 48 بالمائة في محيطها وأنه يتم سنويا تسجيل 8 آلاف حالة عنف منها 1100 حالة بلغت مرحلة التقاضي..كما تبين معطيات سنة 2019 أن الاعتداءات الصادرة عن تلاميذ تجاه الإطار التربوي بلغت 4568 حالة منها 2266 اعتداء لفظيا و2302 اعتداء ماديا.

وتمكن المرصد الوطني للتربية من رصد 2928 حالة عنف في الوسط المدرسي خلال السنوات الدراسية  2020-2021.

وسجل 86 حالة عنف مسلطة على التلميذات بالمرحلة الابتدائية و2842 حالة عنف تشمل الفتيان والفتيات..وتتوزع هذه الحالات بين 3% بالمرحلة الابتدائية و97%  بالمرحلة الإعدادية والثانوية.

700 قضية في الشهر..

للاشارة فقد سجلت تونس  700 قضية عنف ضد الاطفال في الشهر  خلال سنة 2021، اي بمعدل 23 قضية عنف بمختلف انواعه يوميا، لتبلغ قضايا العنف المسجلة رسميا لدى الجهات الامنية 8473 قضية عنف ضد الاطفال خلال سنة 2021.

وسبق وأن أعلنت ممثلة عن الإدارة الفرعيّة للوقاية الاجتماعيّة بإدارة الشرطة العدليّة فاتن الماطوسي أن العنف المادي تصدّر مجمل القضايا المرفوعة بـ 5267 اي بمعدل  438 قضية في الشهر، يليه العنف المعنوي بـ 1894 ثم العنف الجنسي بـ 1178 قضية ثم العنف الاقتصادي بـ 134 قضية.

واحتلت تونس المرتبة الثالثة عالميا بعد الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا في حوادث العنف داخل الفضاء التربوي، وذلك حسب دراسة المرصد الاجتماعي التونسي لسنة 2019.

نفس النتيجة خلص لها المرصد الوطني للشباب حيث اكد خلال دراسة لها سنة 2020، ان 51%  من الاعتداءات تحدث  خارج الفضاء المدرسي  و49%  تجري  داخل  المؤسسة التربوية.

الاسباب..

وأشار المرصد الى أن من بين العناصر التي ساهمت في ظاهرة العنف المدرسي غياب العمل الميداني في مجال دراسة العنف، والمرتكز على العمل الإحصائي والاستقصائي والمحدّد لمواطن تفشيها المكانية والزمانية.

وفراغ الزمن الخارجي للتلاميذ.. وتفشي ظاهرة تواجد بعض الفضاءات من مقاهي وغيرها، تبث السموم بما تعرضه من مادة…(مقهى لكل 500 تونسي).. وتجمع التلاميذ أمام المعاهد في فترات ما بين الدروس، واندساس بعض الغرباء بينهم، وكذلك الفراغ الحاصل في استغلال هذا الزمن الخارجي وبعث روافد تربوية وثقافية من طرف السلط قرب المؤسسات التربوية، جميعها عوامل لظهور مثل هذه المظاهر من العنف والسلوكيات الغريبة في الوسط التعليمي. فالمدرسة ليست مصدرا للعنف، لكنها انعكاس للعنف في المجتمع وهو العنف الذي يبدأ من “الأسرة التي يلجأ أفرادها مباشرة إلى العنف كحل لأي خلافات تحدث داخل هذا المكون الاجتماعي.

كما أن ثلاثة أرباع التلاميذ المتورطين في السلوكيات المنحرفة هم من الراسبين، وثلثيهم ممن تكون نتائجهم خلال العام الدراسي ضعيفة.

وكشف المرصد الوطني للتربية أن من بين أهم الأسباب المؤدية إلى العنف المدرسي والانحراف في محيط المؤسسات التعليمية، تعمد صنف من التلاميذ التغيب عن الحصص الدراسية وغيابات بعض الأساتذة لظروف صحية في الغالب.. هذا بالإضافة إلى كثرة ظاهرة المدرس البديل وعدم خبرته في طريقة التعامل مع التلاميذ وذلك رغم مستواهم العلمي المرموق.

وتتسبب ظاهرة الغياب والتغيب فى صفوف أطر التدريس بمختلف المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في ضياع ما يقارب 2.200.000 يوم عمل، بنحو 57 مليون دينار سنويا حسب ما ورد في التقرير الوطني حول التربية لسنة 2014، والذي خلص إلى أن كلفة هذه الظاهرة تبلغ على التوالي نسبة 2,1 بالمائة من جملة الاعتمادات المخصصة للأجور في المرحلة الابتدائية و1,6 بالمائة من كتلة التأجير بالمرحلتين الاعدادية والثانوية.

وتطرق التقرير بالخصوص إلى بعض الظواهر المستجدة بالوسط الدراسي، وأهمها العنف بمختلف أصنافه، المادي واللفظي والعنف المجسد والاتصالي والعنف الرياضي مشيرا إلى أن مصادر أمنية وتربوية أفادت بأن الوسط المدرسي شهد أكثر من 8000 حالة عنف خلال الثلث الأول من السنة الدراسية 2013/2014 على الصعيد الوطني.

واستهدفت هذه الحالات بشكل خاص الإطار التربوي، فضلا عن العنف المتبادل بين التلاميذ والمترتب عنه الاضرار بالتجهيزات المدرسية.

تفاقم حالات العنف..

بين الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين في قراءته للظاهرة أنه يمكن فهم تفاقم العنف داخل المدرسة وفي محيطها من خلال الأسباب التالية:التوتر الذي صار يصبغ حياة التونسي بصورة عامة بسبب الضغوط المالية المتزايدة على الأسرة وضبابية المشهد السياسي والاجتماعي.

استقالة الأولياء في المحيط العائلي كليا عن متابعة منظوريهم كما أصبح محيط المؤسسات التربوية يستقطب العاطلين عن العمل والمنحرفين ومروجي المخدرات مما خلق جوا من الاحتقان والتوتر لدى التلاميذ أثر سلبا على سلوكياتهم وأدائهم الدراسي.

-ضياع معنى المدرسة لدى الكثيرين لا سيما التلاميذ إذ يرى الباحثون السوسيولوجيون أن نجاح وفشل المدرسة يرتكز على المعنى الذي يمنحه المنتمون لها لدورهم فيها ،في حين يعتبر الكثيرون أن النجاح المدرسي لم يعد ضمانة للنجاح الإجتماعي، بل أن استثمار الجهد وسنوات الشباب وانفاق المال أصبح دون أية فائدة اجتماعية والمدرسة التي لا مستقبل بعدها لا مبرر لوجودها.هذا الاحساس بانعدام الدلالة بالنسبة الى المستقبل لا يسمح بتوفر مناخ عام للمدرسين والتلاميذ بأن يطوروا جماعيا مشروعا للحياة والبحث والتعلم معا ، وللاسف أصبحت المدرسة فضاءا لتهميش المتعلمين بدل أن تكون فضاءا لتعليم المهمشين حيث يتسرب يومياً 300 تلميذ منهم من يصبح منحرفا يمارس انحرافه في محيط المدرسة التي لفظته ويحملها مسؤولية فشله وانحرافه.

لقد أصبحت المؤسسات التربوية فضاءات خانقة لا إبداع فيها وتفتقر لأبسط شروط الدراسة خاصة مع الاكتظاظ داخل الاقسام بسبب الضغط على الموارد البشرية من مدرسين وقيمين إضافة الى البرامج المملة التي لم تحين الى حد الآن.

وأوضح الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أن الزمن المدرسي يجعل التلميذ يقضي أغلب الوقت في فضاء لا تتوفر فيه شروط التعايش السوي والخلق والإبداع.

إن توتر العلاقات بين مكونات المشهد التربوي منذ تصاعد الخلافات بين الوزراء المتعاقبين على وزارة التربية ونقابات القطاع وما واكبه من تشنج في الخطابات واتهامات للمربين بالابتزاز والمغالاة في المطالب الاجتماعية ،جعل صورة المربي تهتز في ذهن التلميذ والولي وتفقد كل ما كان يحيط بها من قدسية اجتماعية جعلت المربي في أعلى الهرم الاعتباري في المجتمع فتجاسر الجميع على المربي وعلى المدرسة التي فقدت جاذبيتها كمصعد اجتماعي في ظل تفاقم بطالة أصحاب الشهائد العليا.

سبل الحد من الظاهرة..

للحد من هذه الظاهرة لا بد من:ضرورة فرض بقاء التلاميذ داخل المدارس أو المعاهد خلال ساعات الفراغ أو غياب أحد الاطارات التربوية عن حصص التدريس وتوفير فضاءات للمطالعة.

- تأمين جولات أمنية في فترات مختلفة من اليوم امام المدارس والمعاهد التي تشهد خصوصا تجمعات أشخاص غرباء عن الوسط المدرسي وذلك حماية للتلاميذ من المنحرفين ومن باعة المخدرات والممنوعات.

-تصحيح العلاقة بين مكونات الأسرة التربوية.

-دعم النشاطات الثقافية داخل المدارس والمعاهد.

- توسيع الشراكات مع المجتمع المدني.

- تحديث التكوين الموجه للاطار التربوي والمضي بجدية في إصلاح تربوي عميق ورصين مع استقرار مؤسسات الدولة وتحسن الوضع الاقتصادي.

- التحرك الجاد لجمعيات الأولياء نحو تأطير التلاميذ في أنشطة ثقافية ورياضية بالتعاون والشراكة مع الهياكل الرسمية

- ضرورة مزيد انفتاح وزارة التربية على المجتمع المدني وتيسير أنشطته وتبسيط الإجراءات الادارية المكبلة لانشطة الجمعيات الراغبة في دعم جهود الدولة في المجال التربوي بعيدا عن كل توظيف سياسي أو حزبي أو تجاري لهذه الانشطة.

وخلص الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أنه لا بد من عودة واسترجاع المدرسة هيبتها في المجتمع حتى تكون دائما وابدا مصعدا اجتماعياً وعنوانا للنجاح الاجتماعي.