عاد موضوع المنع من السفر للتداول داخل الكواليس السياسية والاقتصادية والإعلامية وذلك بعد منع عدد من رجال الأعمال من مغادرة البلاد دون إذن قضائي وبمقتضى الاستشارة الأمنية فحسب.
ويأتي سياق المنع مخالفا لتصريح رئيس الجمهورية بتاريخ 17سبتمبر 2021 حيث أسدى قيس سعيد تعليماته للمكلف بتسيير وزارة الداخلية وقتها رضا غرسلاوي "بأن لا يتمّ منع أي شخص من السفر إلا إذا كان موضوع بطاقة جلب أو إيداع بالسجن أو تفتيش."
وأكّد رئيس الدولة حينها "على أن يتمّ ذلك في كنف الاحترام الكامل للقانون والحفاظ على كرامة الجميع ومراعاة التزامات المسافرين بالخارج."
وأعرب رئيس الدولة عن شكره لكلّ أعوان الشرطة والديوانة في المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية لما يبذلونه من جهود حتى لا يفلت أحد من القضاء إذا كان محلّ تتبع وصدرت في شأنه أحكام قضائية نهائية وباتة.
ويبدو من خلال ما تقدم حرص رئاسة الجمهورية على عدم تعطيل مصالح الناس إلا من تعلقت به قضايا، وإذ التزمت الأطراف المعنية بالنص الحرفي للتعليمات في بدايتها إلا أن ذلك لم يعد ممكنا منذ أكثر من أسبوع بعد أن عادت "مقصلة" S17 لتسجل حضورها عبر المعابر الجوية.
وخلقت الوضعية صدمة لدى بعض من رجال الأعمال بعد منعهم من مغادرة البلاد ودون تمكينهم من أسباب هذا القرار رغم غياب الموانع القانونية الموجبة للمنع وهي إما بطاقة جلب أو إيداع بالسجن أو الإدراج بالتفتيش.
ولعل المقلق، أن يشمل المنع بعض الاقتصاديين في هذا التوقيت بالذات، توقيت تعمل فيه تونس من اجل دفع الاستثمار وتقوية مناخ الثقة في قطاع الأعمال لردم الفجوة الاقتصادية الخانقة التي ضربت البلاد وتجاوز الواقع الهش المسجل.
وواقعيا لا يثير قانون منع بعض الشخصيات من السفر في خانة الاقتصادي فحسب بل يندرج أيضا في باب حقوق الإنسان والحريات سيما وأنه يتعارض مع دستور 2014 ودستور 2022 إضافة الى الاتفاقات الدولية.
وخلفت إجراءات المنع من السفر منذ بداية تطبيقها في شهر 2021 انعكاساتها على التونسيين الذي انقسموا بين مؤيد لها ورافض ولكل منهما حججه في هذا الباب.
ففي الوقت الذي يرى البعض أن ما حصل من منع ما هو إلا إجراءات احترازية لمنع هروب رجال أعمال الى الخارج بعد أن بات تورط عدد كبير منهم في قضايا تهم المال العام والاحتكار وأن مثل هذه الإجراءات وحدها الكفيلة بإعادة الحق للشعب التونسي في ظل الفساد المحيط بأصحاب المال والأعمال.
فإن هكذا رأي يجد ما يفنده على اعتبار أن وضع الكل في نفس الخانة هو في الواقع محاولة لتشويه من لا يستحق، كما أن المنع الجماعي هو مقدمة غير مطمئنة للمستثمر التونسي والأجنبي بالخصوص حيث يبقى رأس المال دائما جبانا إذا ما تعلق الأمر بأعماله ومجالاته الحيوية.
وإذ كان المنع يشكل هاجسا عند رجال الأعمال فإن الهاجس الأكبر هو ما أتته منظمة الأعراف من صمت إزاء ما تعرض له منظوروها في وقت سابق ولم تكن UTICA وحدها من طبقت سياسة الانحناء حتى تمر العاصفة بعد أن سجل المتابعون دخول منظمة CONECT هي الأخرى في غيبوبة لتغيب مواقفها وبقيت مواقف بعض قياداتها.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
عاد موضوع المنع من السفر للتداول داخل الكواليس السياسية والاقتصادية والإعلامية وذلك بعد منع عدد من رجال الأعمال من مغادرة البلاد دون إذن قضائي وبمقتضى الاستشارة الأمنية فحسب.
ويأتي سياق المنع مخالفا لتصريح رئيس الجمهورية بتاريخ 17سبتمبر 2021 حيث أسدى قيس سعيد تعليماته للمكلف بتسيير وزارة الداخلية وقتها رضا غرسلاوي "بأن لا يتمّ منع أي شخص من السفر إلا إذا كان موضوع بطاقة جلب أو إيداع بالسجن أو تفتيش."
وأكّد رئيس الدولة حينها "على أن يتمّ ذلك في كنف الاحترام الكامل للقانون والحفاظ على كرامة الجميع ومراعاة التزامات المسافرين بالخارج."
وأعرب رئيس الدولة عن شكره لكلّ أعوان الشرطة والديوانة في المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية لما يبذلونه من جهود حتى لا يفلت أحد من القضاء إذا كان محلّ تتبع وصدرت في شأنه أحكام قضائية نهائية وباتة.
ويبدو من خلال ما تقدم حرص رئاسة الجمهورية على عدم تعطيل مصالح الناس إلا من تعلقت به قضايا، وإذ التزمت الأطراف المعنية بالنص الحرفي للتعليمات في بدايتها إلا أن ذلك لم يعد ممكنا منذ أكثر من أسبوع بعد أن عادت "مقصلة" S17 لتسجل حضورها عبر المعابر الجوية.
وخلقت الوضعية صدمة لدى بعض من رجال الأعمال بعد منعهم من مغادرة البلاد ودون تمكينهم من أسباب هذا القرار رغم غياب الموانع القانونية الموجبة للمنع وهي إما بطاقة جلب أو إيداع بالسجن أو الإدراج بالتفتيش.
ولعل المقلق، أن يشمل المنع بعض الاقتصاديين في هذا التوقيت بالذات، توقيت تعمل فيه تونس من اجل دفع الاستثمار وتقوية مناخ الثقة في قطاع الأعمال لردم الفجوة الاقتصادية الخانقة التي ضربت البلاد وتجاوز الواقع الهش المسجل.
وواقعيا لا يثير قانون منع بعض الشخصيات من السفر في خانة الاقتصادي فحسب بل يندرج أيضا في باب حقوق الإنسان والحريات سيما وأنه يتعارض مع دستور 2014 ودستور 2022 إضافة الى الاتفاقات الدولية.
وخلفت إجراءات المنع من السفر منذ بداية تطبيقها في شهر 2021 انعكاساتها على التونسيين الذي انقسموا بين مؤيد لها ورافض ولكل منهما حججه في هذا الباب.
ففي الوقت الذي يرى البعض أن ما حصل من منع ما هو إلا إجراءات احترازية لمنع هروب رجال أعمال الى الخارج بعد أن بات تورط عدد كبير منهم في قضايا تهم المال العام والاحتكار وأن مثل هذه الإجراءات وحدها الكفيلة بإعادة الحق للشعب التونسي في ظل الفساد المحيط بأصحاب المال والأعمال.
فإن هكذا رأي يجد ما يفنده على اعتبار أن وضع الكل في نفس الخانة هو في الواقع محاولة لتشويه من لا يستحق، كما أن المنع الجماعي هو مقدمة غير مطمئنة للمستثمر التونسي والأجنبي بالخصوص حيث يبقى رأس المال دائما جبانا إذا ما تعلق الأمر بأعماله ومجالاته الحيوية.
وإذ كان المنع يشكل هاجسا عند رجال الأعمال فإن الهاجس الأكبر هو ما أتته منظمة الأعراف من صمت إزاء ما تعرض له منظوروها في وقت سابق ولم تكن UTICA وحدها من طبقت سياسة الانحناء حتى تمر العاصفة بعد أن سجل المتابعون دخول منظمة CONECT هي الأخرى في غيبوبة لتغيب مواقفها وبقيت مواقف بعض قياداتها.