إن التفكير والتمعن في لحظة الكارثة من خلال تتبع معناها ما قبلها إلى ما بعده، يمكننا من اكتشاف معنى هذا المقطع الذي هو بالنسبة لنا يرتقي الى أهم الدروس وأعظمها في الحياة .
هذا يتطلب بحثا وتحقيقا وتساؤلا دقيقا حول فكرة الكارثة نفسها .
فأمام هذا الحدث الطبيعي لا يجب أن نتسمر على عتبة الصدمة، ونفتش بكل أسى وتذمر عما يبرر وقوع الكارثة نفسها أو وقوعنا نحن فيها .
كثيرا ما يركز الناس على الأضرار المباشرة للكوارث، مثل أعداد الضحايا وما تخلفه من دمار، لكن يغيب عن ذهنهم الآثار طويلة الأمد للكارثة، مثل الأشخاص الذين حُرموا الحياة، والعائلات التي فقدت أبناءها والأطفال الذين تيتموا وحجم التغيرات التي طرأت. هذه التبعات قد يصعب توثيقها، رغم أنها لا تقل أهمية بأي حال عن الأضرار المباشرة .
لكن يبقى أن أهم سؤال يتبادر، هو مدى قدرة الاستجابة والتعاطي الحيني مع حدث الكارثة حال حصولها فمن طبيعة الكوارث أنها يؤدي بعضها إلى بعض، وأن كلّ كارثة قد تجلب أخرى وراءها وقد تستمر تبعات الكارثة الواحدة لسنوات طويلة .
في هذا المجال يمكن تحليل ودراسة نموذجين متقاربين هما: زلزال المغرب وإعصار درنة بليبيا .
رغم الاختلافات الكثيرة في وضعي البلدين خاصة من حيث الاستقرار ووجود دولة قائمة وحضور قوي لسلطات كما هو الحال في المغرب فانّ المتابعة والتحليل تدفع بعديد العبر والدروس، يمكن تلخيصها في عديد النقاط لعلّ أهمها مسألة الاستجابة، بمعنى توفير منذ اللحظة الأولى خدمات الطوارئ والمساعدة العامة حال وقوع الكارثة أو بعدها مباشرة من أجل إنقاذ، أولا الأرواح، والحد من الآثار الصحية، وضمان السلامة اللاّحقة لعمليات الإنقاذ. نجح المغرب بشكل كبير في هذا الجانب وقد رأينا الملك محمد السادس ومنذ الساعات الأولى كيف يدفع بتلك التعبئة لكل الإمكانيات بالمملكة من قوى صلبة ومؤسسات ومجتمع مدني للوقوف صفا واحدا في مشهد تضامني مهيب أبهر العالم للتخفيف من هذا المصاب، عوّل المغرب على إمكاناته في التعاطي مع هذا الحدث الجلل، حتى بالنسبة للمساعدات الخارجية كانت هنالك حكمة بعقلنتها وتنظيمها حسب الاحتياجات، اختار بداية عددا محدودا من البلدان لتوجه مساعداتها بالتنسيق المباشر مع السلطات .
لكن الأهم أن الرباط قطعت وفوّتت الفرصة مع أي استثمار سياسي في التدخّل الخارجي وتوظيف هذا الحدث الجلل لتمرير رسائل سياسية، من الواضح أنها تتأسس على خلفيات تدخّل في شان داخلي وانتهاك لسيادة المملكة .
في المقابل، رغم أنّه لا مقارنة بين المغرب وليبيا في أوضاعهما الداخلية، فإن ما حصل من كارثة درنة التي تعدّ الأعظم والأكبر في منطقتنا منذ قرون، يدفع باستنتاجات متعدًدة بعضها خطيرة، أولها لماذا غاب عن أصحاب القرار الليبي التحوط منها والاستعداد لها واتخاذ ما يلزم، ولماذا لم تحصل الاستجابة السريعة خاصة بعد أن حذرت هيئات المراصد الجوية الدولية منها تحديدا منذ يوم 4 سبتمبر أيام قبل بلوغها الساحل الشرقي الليبي .
كما ساد الارتباك السلطات المنقسمة بين حكومتين، إضافة الى ما تبيّن فيما بعد وما اعتبره شخصيا الأخطر من وجود فساد أو إهمال في صيانة السدود وبعضها كما نقلت وسائل إعلام عالمية ظهرت عليها الشقوق إضافة الى غياب هيئة مختصة في التعاطي مع الكوارث تتولى جمع ورصد المعلومات المتعلقة بالمخاطر، والإنذار المبكر والتنسيق بين كل الأطراف المتداخلة .
لم يقف المغرب عند حدث الكارثة بل اتجه وبتوجيه من الملك المغربي محمد السادس الى وضع
خطة التعافي الكامل في أسرع الأوقات وعودة الحياة الى طبيعتها والتعويض للمتضررين إضافة الى توثيق أي ثغرات يتم تحديدها في هذه الاختبارات وسدّها ووضع إستراتيجيات الأمان مستقبلا .
إن المرء قد يتجنب حدوث كارثة في حياته نتيجة للحظة من الصبر، وقد تحدث كارثة تدمر حياته في لحظة واحدة جراء أبسط إهمال أو لامبالاة .
فما دام في القلوب أمل، سيتحقق الحلم، سنمضي جميعا إلى الأمام، ولن تقف في دروبنا الصعاب والكوارث .
يرويها: أبوبكر الصغير
إن التفكير والتمعن في لحظة الكارثة من خلال تتبع معناها ما قبلها إلى ما بعده، يمكننا من اكتشاف معنى هذا المقطع الذي هو بالنسبة لنا يرتقي الى أهم الدروس وأعظمها في الحياة .
هذا يتطلب بحثا وتحقيقا وتساؤلا دقيقا حول فكرة الكارثة نفسها .
فأمام هذا الحدث الطبيعي لا يجب أن نتسمر على عتبة الصدمة، ونفتش بكل أسى وتذمر عما يبرر وقوع الكارثة نفسها أو وقوعنا نحن فيها .
كثيرا ما يركز الناس على الأضرار المباشرة للكوارث، مثل أعداد الضحايا وما تخلفه من دمار، لكن يغيب عن ذهنهم الآثار طويلة الأمد للكارثة، مثل الأشخاص الذين حُرموا الحياة، والعائلات التي فقدت أبناءها والأطفال الذين تيتموا وحجم التغيرات التي طرأت. هذه التبعات قد يصعب توثيقها، رغم أنها لا تقل أهمية بأي حال عن الأضرار المباشرة .
لكن يبقى أن أهم سؤال يتبادر، هو مدى قدرة الاستجابة والتعاطي الحيني مع حدث الكارثة حال حصولها فمن طبيعة الكوارث أنها يؤدي بعضها إلى بعض، وأن كلّ كارثة قد تجلب أخرى وراءها وقد تستمر تبعات الكارثة الواحدة لسنوات طويلة .
في هذا المجال يمكن تحليل ودراسة نموذجين متقاربين هما: زلزال المغرب وإعصار درنة بليبيا .
رغم الاختلافات الكثيرة في وضعي البلدين خاصة من حيث الاستقرار ووجود دولة قائمة وحضور قوي لسلطات كما هو الحال في المغرب فانّ المتابعة والتحليل تدفع بعديد العبر والدروس، يمكن تلخيصها في عديد النقاط لعلّ أهمها مسألة الاستجابة، بمعنى توفير منذ اللحظة الأولى خدمات الطوارئ والمساعدة العامة حال وقوع الكارثة أو بعدها مباشرة من أجل إنقاذ، أولا الأرواح، والحد من الآثار الصحية، وضمان السلامة اللاّحقة لعمليات الإنقاذ. نجح المغرب بشكل كبير في هذا الجانب وقد رأينا الملك محمد السادس ومنذ الساعات الأولى كيف يدفع بتلك التعبئة لكل الإمكانيات بالمملكة من قوى صلبة ومؤسسات ومجتمع مدني للوقوف صفا واحدا في مشهد تضامني مهيب أبهر العالم للتخفيف من هذا المصاب، عوّل المغرب على إمكاناته في التعاطي مع هذا الحدث الجلل، حتى بالنسبة للمساعدات الخارجية كانت هنالك حكمة بعقلنتها وتنظيمها حسب الاحتياجات، اختار بداية عددا محدودا من البلدان لتوجه مساعداتها بالتنسيق المباشر مع السلطات .
لكن الأهم أن الرباط قطعت وفوّتت الفرصة مع أي استثمار سياسي في التدخّل الخارجي وتوظيف هذا الحدث الجلل لتمرير رسائل سياسية، من الواضح أنها تتأسس على خلفيات تدخّل في شان داخلي وانتهاك لسيادة المملكة .
في المقابل، رغم أنّه لا مقارنة بين المغرب وليبيا في أوضاعهما الداخلية، فإن ما حصل من كارثة درنة التي تعدّ الأعظم والأكبر في منطقتنا منذ قرون، يدفع باستنتاجات متعدًدة بعضها خطيرة، أولها لماذا غاب عن أصحاب القرار الليبي التحوط منها والاستعداد لها واتخاذ ما يلزم، ولماذا لم تحصل الاستجابة السريعة خاصة بعد أن حذرت هيئات المراصد الجوية الدولية منها تحديدا منذ يوم 4 سبتمبر أيام قبل بلوغها الساحل الشرقي الليبي .
كما ساد الارتباك السلطات المنقسمة بين حكومتين، إضافة الى ما تبيّن فيما بعد وما اعتبره شخصيا الأخطر من وجود فساد أو إهمال في صيانة السدود وبعضها كما نقلت وسائل إعلام عالمية ظهرت عليها الشقوق إضافة الى غياب هيئة مختصة في التعاطي مع الكوارث تتولى جمع ورصد المعلومات المتعلقة بالمخاطر، والإنذار المبكر والتنسيق بين كل الأطراف المتداخلة .
لم يقف المغرب عند حدث الكارثة بل اتجه وبتوجيه من الملك المغربي محمد السادس الى وضع
خطة التعافي الكامل في أسرع الأوقات وعودة الحياة الى طبيعتها والتعويض للمتضررين إضافة الى توثيق أي ثغرات يتم تحديدها في هذه الاختبارات وسدّها ووضع إستراتيجيات الأمان مستقبلا .
إن المرء قد يتجنب حدوث كارثة في حياته نتيجة للحظة من الصبر، وقد تحدث كارثة تدمر حياته في لحظة واحدة جراء أبسط إهمال أو لامبالاة .
فما دام في القلوب أمل، سيتحقق الحلم، سنمضي جميعا إلى الأمام، ولن تقف في دروبنا الصعاب والكوارث .