تقع مدينة الحبيبية في معتمدية الجديدة من ولاية منوبة ويعود أصل تسميتها بالحبيبية نسبة إلى الحبيب بورقيبة أول رئيس للبلاد التونسية بعد الاستقلال الذي أطلق هذه التسمية على أحد أكبر "هناشير" جهة منوبة سنة 1958 وامتد "هنشير الحبيبية" آنذاك من منطقة بجاوة التابعة حاليا لمعتمدية وادي الليل إلى منطقة الحثرمين الريفية التابعة حاليا لمعتمدية الجديدة. وقد تم تقسيم الهنشير المذكور إلى عدة مناطق بهدف تيسير التحكم في إدارته و تسيير الشأن العام به اعتبارا لاتساع امتداده لتكون مدينة الحبيبية مركزا له وتكون " زوناف" الرياض حاليا" و" الزون ساي" السعيدية حاليا من أبرز هذه المناطق وأثقلها ديمغرافيا واقتصاديا.
وتم تأسيس مدينة الحبيبية فجر الاستقلال لتكون أول منطقة نموذجية في جهة منوبة ومن بين أولى المدن التي تم إنشاؤها وفق تخطيط ومثال تهيئة عمراني محكم ومتطور آنذاك فكانت على درجة متقدمة من التنظيم والوضوح من حيث تقسيمها إلى أحياء سكنية تفصلها عن بعضها الأنهج المعبدة وتربط بينها وبين المناطق المجاورة والمحيطة بها شبكة طرقات واضحة المعالم، وقد حظيت مدينة الحبيبية في ستينات وسبعينات القرن الماضي باهتمام السلط المحلية والمركزية باعتبار انها كانت مركز زيارات وضيافة الملوك والأمراء ورؤساء الدول الذين يزورون بلادنا بإشراف مباشر من الرئيس الحبيب بورقيبة في تلك الفترة وتزايد إشعاع المنطقة على المستوى الوطني اثر تشييد مركز التربصات والاصطياف المعروف بتسمية " اللاك" وكان بمثابة اللؤلؤة المضيئة في كامل المنطقة وسببا في خلق حركية نشيطة في المدينة إلا أن كل ذلك لم يتبق منه غير الأطلال وبعض الذكريات الجميلة اثر فترة التهميش والإهمال التي عاشتها هذه المدينة ليأفل نجمها وتختفي جميع الأنشطة وتتجمد الحركة بها وهو ما دفع متساكنوها والناشطون بالمجتمع المدني في معتمدية الجديدة بشكل عام بمطالبة السلط المحلية والجهوية بالالتفات اليها وتخصيص جزء من اهتماماتها لها حتى تتحسن ظروف العيش بها وترتقي لانتظارات الأهالي وحتى تستعيد المدينة جزءا من بريقها وإشعاعها المفقود..
" الصباح" تحولت ميدانيا إلى مدينة الحبيبية ورصدت أبرز انشغالات متساكنيها وما يطالبون به وقد تم الاستئناس في ذلك بما سرده وأتى على ذكره أحد قدماء المنطقة وأكثرهم نشاطا في الحقل المدني لسنوات طويلة خاصة خلال فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ، " عم زهير" الذي تحدث بإطناب عن تاريخ ومجد هذه المدينة مبديا تأسفه الشديد بسبب الواقع الذي تعيشه المنطقة حاليا..
تهرؤ البنية التحتية..نقص في الخدمات وتعطل للتنمية !
تم إبان أحداث مدينة الحبيبية ربط مركزها بالطريق الوطنية عدد 7 بطريق كانت السلطات الفرنسية قد أنجزتها وفق شروط دقيقة لتستغلها في عمليات هبوط للطائرات وتم استغلالها اثر الاستقلال لسنوات طويلة دون أن يمسها اي ضرر وتدخل فيما بعد خانة الصفقات المضروبة واللعب بالاعتمادات وتكون مرمى التدخلات التي اتخذت طابع التخريب باعتبار مشاريع التهيئة التي شملتها تحت مسميات متعددة لتفرز في كل مرة نوعا رديئا من الطرقات وكانت سببا في تعسير حركة التنقل وزيادة مخاطر الفيضانات التي أصبحت تهدد المدينة بشكل فعلي ، فالتهرؤ كان تحصيلا حاصلا ونتيجة حتمية لغياب الجدية ولشفافية في انجاز مشاريع متعاقبة على مستوى هذه الطريق الأبرز في المنطقة و يكون بذلك مظهرا من مظاهر تهميش البنية التحتية وعدم ايلائها الأهمية اللازمة سيما مع التجاهل الذي منيت به وتعاني منه انهج أقدم الأحياء بمدينة الحبيبية على غرار حومة الجامع وحومة الحمام غير المعبدة، كما ان الحاجة المؤكدة ان انهجا وطرقات أخرى على غرار نهج الورد الرابط بين مركز التربصات والاصطياف بالطريق الوطنية عدد 7 على مستوى الجانب السفلي لمعصرة الحجري في حاجة ماسة إلى التعبيد وينسحب الوضع على عدد من الأحياء الأخرى في الحبيبية 2.
من جهة أخرى يمثل ملف التطهير الشغل الشاغل والمتواصل عبر السنين لمتساكني مدينة الحبيبية باعتبار انعدام وجود شبكة تطهير بها إذ يتكفل الأهالي بحفر بالوعات خاصة بمنازلهم وتفريغها من حين لأخر وتكبد مصاريف طائلة في ذلك حيث تبلغ تكاليف التفريغ لحمولة واحدة 40 د وذلك على خلاف كل المناطق والتجمعات السكنية المحيطة بالمدينة والتي تتوفر بها شبكات التطهير. تهرؤ البنية التحتية اثر سلبا على المنطقة فانعدمت بها فرص الاستثمار وبعث المشاريع التنموية وخلق مواطن التشغيل لشبابها ليظل الاقتصار على ممارسة بعض الأعمال داخل الضيعات الفلاحية القريبة أو التنقل نحو مناطق أخرى بعيدة كمركز الولاية أو وسط العاصمة وهنا يفتح ملف آخر على غاية من الأهمية وهو ملف النقل..
النقل يؤرق الأهالي
ويمثل موضوع النقل أحد المشاغل التي تؤرق متساكني الحبيبية بسبب تذبذب سفرات النقل العمومي وعدم الالتزام بالمواعيد المحددة لها، زد على ذلك العدد المحدود لهذه السفرات التي تضع الموظفين والعاملين والتلاميذ والطلبة على حد السواء في إحراج دائم وباستمرار بسبب التأخر اليومي عن مراكز أعمالهم وأماكن دراستهم وهو ما يجبر هؤلاء وبشكل يومي إلى التنقل مشيا بعض الكيلومترات للوصول إلى الطريق الوطنية عدد 7 أين تقع محطة ترابط حافلات طبربة والجديدة أو التاكسي الجماعي المنتظم للربط بين الحبيبية ومنوبة او وسط العاصمة. وتحتد التشكيات بشأن النقل المدرسي غير المنتظم إذ يضطر تلاميذ الاعداديات والمعاهد الى التعويل على " الستوب" والقبول بظروف نقل مهينة خاصة في عربات نقل البضائع.
خدمات صحية منعدمة
والى جانب ملف النقل فأن الجانب الصحي لا يعد أفضل من سابقه باعتبار أن الخدمات الصحية وحسب أراء من حاورناهم من متساكني الحبيبية تأخذ شكل العطايا ولا ترتقي لمرتبة الواجب المفترض الالتزام به تجاههم بصفة يومية وبنسق متواصل، واعتبروا مستوصف المدينة دكان تمريض إذ تقتصر العيادات الطبية على عيادة واحدة يتيمة كل أسبوع وهذا يدفع إلى التنقل نحو مستوصف مدينة الجديدة أو اللجوء للقطاع الطبي الخاص المكلف، هذا زيادة على ما يعانيه مستوصف الحبيبية من نقص في الأدوية والتجهيزات الأمر الذي يضع الممرضين في إحراج دائم أمام المرضى.
مركز التربصات والاصطياف.. كان صرحا فهوى !
في ملف الترفيه والثقافة والتكوين فقد فقدت الحبيبية بريقها وإشعاعها التاريخي في هذا المجال إذ تعددت بها الأنشطة سابقا بمركز التربصات والاصطياف الذي استفاد منه أطفال وشباب المنطقة إلى جانب فوج الحبيبية للكشافة الذي اعتنى بتأطيرهم وتكوينهم وتنشيطهم في مجالات متنوعة ثم يختفي كل ذلك توازيا مع ما شهدته المنطقة من تهميش بشكل عام ومركز التربصات بشكل خاص وتلاشي دور منظمة الكشافة التونسية في المدينة لتدخل الحبيبية منطقة التصحر التنشيطي والثقافي وتعيش ركودا على مستوى العمل الجمعياتي سيما مع التجاهل الرسمي لموضوع بعث ناد للأطفال ودار للشباب او اي نواتات تنشيط لهذه الشرائح العمرية ..
فمن يقول الحبيبية يقول مركز التربصات والاصطياف الذي ذاع صيته وطنيا لأهميته في تكوين الشباب واحتضانه لمخيماتهم ، وقد شيد هذا المرفق الرياضي الترفيهي في سبعينات القرن الماضي على مساحة تقارب 17 هكتارا في وسط طبيعي غابي اخضر تحيط به بحيرة اصطناعية اكتسب منها تسمية " اللاك" وقد تم استغلاله في مجال السياحة والترفيه قبل أن تقع إحالته في ماي 1989 إلى وزارة الشباب والرياضة ليتم استغلاله في التنشيط التكوين والترفيه لكن وبمرور السنوات ولسوء التسيير واستفحال الفساد داخل الإدارة في أواخر القرن الماضي تلاشى هذا الدور تدريجيا خاصة مع تزايد الأطماع في وضع أيادي أصحاب رؤوس الأموال عليه انذاك و الانتفاع مما يمكن حصده من أموال بتوظيفه في المجال الرياضي والسياحي ليتحول المركز إلى مقبرة أموات لا حياة فيها فكان عرضة للسرقة والنهب والتخريب حيث تمت سرقة تجهيزات بقيمة 20 الف.د من داخله لغياب الحراسة والأعمال الذي مني به يتحول إلى مكان لشرب الخمر والتسكع وتجمع المنحرفين وكل ذلك تحت أنظار السلط المحلية وعلى مسمع السلط الجهوية سيما في السنوات القليلة السابقة بعد اندلاع الثورة والسنوات التي تلتها رغم بعض الجهود التي كانت تبذل ظاهرا ولكن بقيت دون جدوى في الحقيقة على غرار الاستشارة الوطنية سنة 2012 للنظر في تطوير هذا المركز وتفعيل أدائه وإحياء البحيرة المحيطة به واستغلالها في أنشطة رياضية كالتجذيف وإدراجه بالمسلك السياحي بإقليم تونس الكبرى وقد سبق هذه الاستشارة إعداد عدة مشاريع أخرى أنجزت في شأنها دراسات على غرار دراسة 2010 حيث تم اقتراح تهيئة وصيانة الفضاء باعتمادات تناهز 200 الف.د ودراسة ثانية بعد أقل من عامين من الأولى حيث تم إدراج تهيئة المركز وترميمه عبر الميزانية التكميلية المقترحة لسنة 2012 باعتمادات مقترحة في حدود 300 الف.د ، كما تم أدارج نفس الملف بميزانية سنة 2015 برصد اعتمادات قدرها 510 ألف.د و يبقى أبرز القرارات التي تم اتخاذها في خصوص مركز التربصات والاصطياف بالحبيبية تلك التي أعلنت عنها سهام العيادي وزيرة الشباب والرياضة في مارس 2021 وتتمثل في تحويل المركز إلى مركز شبابي ايكولوجي باعتمادات جملية تناهز 12 مليون.د و لكن بقيت كل تلك الوعود والقرارات حبرا على ورق ومجرد كلمات أطلقت في الهواء ولم يستفد المركز من القيمة الجغرافية له ولا التاريخية والطبيعية لمنطقة الحبيبية كما استفادت عديد المراكز الأخرى في مناطق مختلفة من تراب الجمهورية على غرار مركز الاصطياف والتخييم بعين سلطان ..
وفي سياق ذكر الفضاءات غير المستعملة في مدينة الحبيبية وجب الحديث عن الحالة الكارثية لما يعرف بمستودع 26-26 الذي يمكن تهيئته وتوظيفه في مقاصد تنموية متعددة تعود على الشباب والمنطقة بالفائدة كما لا يمكن غض الطرف عن ملف المساكن الإدارية التابعة لديوان مجردة والتي يتواصل استغلال الكثير منها بشكل غير قانوني ومثير للشكوك والتساؤلات والدعوة إلى فتح الملف والوقوف على الاخلالات والتجاوزات المرتبطة به ..
عادل عونلي
منوبة - الصباح
تقع مدينة الحبيبية في معتمدية الجديدة من ولاية منوبة ويعود أصل تسميتها بالحبيبية نسبة إلى الحبيب بورقيبة أول رئيس للبلاد التونسية بعد الاستقلال الذي أطلق هذه التسمية على أحد أكبر "هناشير" جهة منوبة سنة 1958 وامتد "هنشير الحبيبية" آنذاك من منطقة بجاوة التابعة حاليا لمعتمدية وادي الليل إلى منطقة الحثرمين الريفية التابعة حاليا لمعتمدية الجديدة. وقد تم تقسيم الهنشير المذكور إلى عدة مناطق بهدف تيسير التحكم في إدارته و تسيير الشأن العام به اعتبارا لاتساع امتداده لتكون مدينة الحبيبية مركزا له وتكون " زوناف" الرياض حاليا" و" الزون ساي" السعيدية حاليا من أبرز هذه المناطق وأثقلها ديمغرافيا واقتصاديا.
وتم تأسيس مدينة الحبيبية فجر الاستقلال لتكون أول منطقة نموذجية في جهة منوبة ومن بين أولى المدن التي تم إنشاؤها وفق تخطيط ومثال تهيئة عمراني محكم ومتطور آنذاك فكانت على درجة متقدمة من التنظيم والوضوح من حيث تقسيمها إلى أحياء سكنية تفصلها عن بعضها الأنهج المعبدة وتربط بينها وبين المناطق المجاورة والمحيطة بها شبكة طرقات واضحة المعالم، وقد حظيت مدينة الحبيبية في ستينات وسبعينات القرن الماضي باهتمام السلط المحلية والمركزية باعتبار انها كانت مركز زيارات وضيافة الملوك والأمراء ورؤساء الدول الذين يزورون بلادنا بإشراف مباشر من الرئيس الحبيب بورقيبة في تلك الفترة وتزايد إشعاع المنطقة على المستوى الوطني اثر تشييد مركز التربصات والاصطياف المعروف بتسمية " اللاك" وكان بمثابة اللؤلؤة المضيئة في كامل المنطقة وسببا في خلق حركية نشيطة في المدينة إلا أن كل ذلك لم يتبق منه غير الأطلال وبعض الذكريات الجميلة اثر فترة التهميش والإهمال التي عاشتها هذه المدينة ليأفل نجمها وتختفي جميع الأنشطة وتتجمد الحركة بها وهو ما دفع متساكنوها والناشطون بالمجتمع المدني في معتمدية الجديدة بشكل عام بمطالبة السلط المحلية والجهوية بالالتفات اليها وتخصيص جزء من اهتماماتها لها حتى تتحسن ظروف العيش بها وترتقي لانتظارات الأهالي وحتى تستعيد المدينة جزءا من بريقها وإشعاعها المفقود..
" الصباح" تحولت ميدانيا إلى مدينة الحبيبية ورصدت أبرز انشغالات متساكنيها وما يطالبون به وقد تم الاستئناس في ذلك بما سرده وأتى على ذكره أحد قدماء المنطقة وأكثرهم نشاطا في الحقل المدني لسنوات طويلة خاصة خلال فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ، " عم زهير" الذي تحدث بإطناب عن تاريخ ومجد هذه المدينة مبديا تأسفه الشديد بسبب الواقع الذي تعيشه المنطقة حاليا..
تهرؤ البنية التحتية..نقص في الخدمات وتعطل للتنمية !
تم إبان أحداث مدينة الحبيبية ربط مركزها بالطريق الوطنية عدد 7 بطريق كانت السلطات الفرنسية قد أنجزتها وفق شروط دقيقة لتستغلها في عمليات هبوط للطائرات وتم استغلالها اثر الاستقلال لسنوات طويلة دون أن يمسها اي ضرر وتدخل فيما بعد خانة الصفقات المضروبة واللعب بالاعتمادات وتكون مرمى التدخلات التي اتخذت طابع التخريب باعتبار مشاريع التهيئة التي شملتها تحت مسميات متعددة لتفرز في كل مرة نوعا رديئا من الطرقات وكانت سببا في تعسير حركة التنقل وزيادة مخاطر الفيضانات التي أصبحت تهدد المدينة بشكل فعلي ، فالتهرؤ كان تحصيلا حاصلا ونتيجة حتمية لغياب الجدية ولشفافية في انجاز مشاريع متعاقبة على مستوى هذه الطريق الأبرز في المنطقة و يكون بذلك مظهرا من مظاهر تهميش البنية التحتية وعدم ايلائها الأهمية اللازمة سيما مع التجاهل الذي منيت به وتعاني منه انهج أقدم الأحياء بمدينة الحبيبية على غرار حومة الجامع وحومة الحمام غير المعبدة، كما ان الحاجة المؤكدة ان انهجا وطرقات أخرى على غرار نهج الورد الرابط بين مركز التربصات والاصطياف بالطريق الوطنية عدد 7 على مستوى الجانب السفلي لمعصرة الحجري في حاجة ماسة إلى التعبيد وينسحب الوضع على عدد من الأحياء الأخرى في الحبيبية 2.
من جهة أخرى يمثل ملف التطهير الشغل الشاغل والمتواصل عبر السنين لمتساكني مدينة الحبيبية باعتبار انعدام وجود شبكة تطهير بها إذ يتكفل الأهالي بحفر بالوعات خاصة بمنازلهم وتفريغها من حين لأخر وتكبد مصاريف طائلة في ذلك حيث تبلغ تكاليف التفريغ لحمولة واحدة 40 د وذلك على خلاف كل المناطق والتجمعات السكنية المحيطة بالمدينة والتي تتوفر بها شبكات التطهير. تهرؤ البنية التحتية اثر سلبا على المنطقة فانعدمت بها فرص الاستثمار وبعث المشاريع التنموية وخلق مواطن التشغيل لشبابها ليظل الاقتصار على ممارسة بعض الأعمال داخل الضيعات الفلاحية القريبة أو التنقل نحو مناطق أخرى بعيدة كمركز الولاية أو وسط العاصمة وهنا يفتح ملف آخر على غاية من الأهمية وهو ملف النقل..
النقل يؤرق الأهالي
ويمثل موضوع النقل أحد المشاغل التي تؤرق متساكني الحبيبية بسبب تذبذب سفرات النقل العمومي وعدم الالتزام بالمواعيد المحددة لها، زد على ذلك العدد المحدود لهذه السفرات التي تضع الموظفين والعاملين والتلاميذ والطلبة على حد السواء في إحراج دائم وباستمرار بسبب التأخر اليومي عن مراكز أعمالهم وأماكن دراستهم وهو ما يجبر هؤلاء وبشكل يومي إلى التنقل مشيا بعض الكيلومترات للوصول إلى الطريق الوطنية عدد 7 أين تقع محطة ترابط حافلات طبربة والجديدة أو التاكسي الجماعي المنتظم للربط بين الحبيبية ومنوبة او وسط العاصمة. وتحتد التشكيات بشأن النقل المدرسي غير المنتظم إذ يضطر تلاميذ الاعداديات والمعاهد الى التعويل على " الستوب" والقبول بظروف نقل مهينة خاصة في عربات نقل البضائع.
خدمات صحية منعدمة
والى جانب ملف النقل فأن الجانب الصحي لا يعد أفضل من سابقه باعتبار أن الخدمات الصحية وحسب أراء من حاورناهم من متساكني الحبيبية تأخذ شكل العطايا ولا ترتقي لمرتبة الواجب المفترض الالتزام به تجاههم بصفة يومية وبنسق متواصل، واعتبروا مستوصف المدينة دكان تمريض إذ تقتصر العيادات الطبية على عيادة واحدة يتيمة كل أسبوع وهذا يدفع إلى التنقل نحو مستوصف مدينة الجديدة أو اللجوء للقطاع الطبي الخاص المكلف، هذا زيادة على ما يعانيه مستوصف الحبيبية من نقص في الأدوية والتجهيزات الأمر الذي يضع الممرضين في إحراج دائم أمام المرضى.
مركز التربصات والاصطياف.. كان صرحا فهوى !
في ملف الترفيه والثقافة والتكوين فقد فقدت الحبيبية بريقها وإشعاعها التاريخي في هذا المجال إذ تعددت بها الأنشطة سابقا بمركز التربصات والاصطياف الذي استفاد منه أطفال وشباب المنطقة إلى جانب فوج الحبيبية للكشافة الذي اعتنى بتأطيرهم وتكوينهم وتنشيطهم في مجالات متنوعة ثم يختفي كل ذلك توازيا مع ما شهدته المنطقة من تهميش بشكل عام ومركز التربصات بشكل خاص وتلاشي دور منظمة الكشافة التونسية في المدينة لتدخل الحبيبية منطقة التصحر التنشيطي والثقافي وتعيش ركودا على مستوى العمل الجمعياتي سيما مع التجاهل الرسمي لموضوع بعث ناد للأطفال ودار للشباب او اي نواتات تنشيط لهذه الشرائح العمرية ..
فمن يقول الحبيبية يقول مركز التربصات والاصطياف الذي ذاع صيته وطنيا لأهميته في تكوين الشباب واحتضانه لمخيماتهم ، وقد شيد هذا المرفق الرياضي الترفيهي في سبعينات القرن الماضي على مساحة تقارب 17 هكتارا في وسط طبيعي غابي اخضر تحيط به بحيرة اصطناعية اكتسب منها تسمية " اللاك" وقد تم استغلاله في مجال السياحة والترفيه قبل أن تقع إحالته في ماي 1989 إلى وزارة الشباب والرياضة ليتم استغلاله في التنشيط التكوين والترفيه لكن وبمرور السنوات ولسوء التسيير واستفحال الفساد داخل الإدارة في أواخر القرن الماضي تلاشى هذا الدور تدريجيا خاصة مع تزايد الأطماع في وضع أيادي أصحاب رؤوس الأموال عليه انذاك و الانتفاع مما يمكن حصده من أموال بتوظيفه في المجال الرياضي والسياحي ليتحول المركز إلى مقبرة أموات لا حياة فيها فكان عرضة للسرقة والنهب والتخريب حيث تمت سرقة تجهيزات بقيمة 20 الف.د من داخله لغياب الحراسة والأعمال الذي مني به يتحول إلى مكان لشرب الخمر والتسكع وتجمع المنحرفين وكل ذلك تحت أنظار السلط المحلية وعلى مسمع السلط الجهوية سيما في السنوات القليلة السابقة بعد اندلاع الثورة والسنوات التي تلتها رغم بعض الجهود التي كانت تبذل ظاهرا ولكن بقيت دون جدوى في الحقيقة على غرار الاستشارة الوطنية سنة 2012 للنظر في تطوير هذا المركز وتفعيل أدائه وإحياء البحيرة المحيطة به واستغلالها في أنشطة رياضية كالتجذيف وإدراجه بالمسلك السياحي بإقليم تونس الكبرى وقد سبق هذه الاستشارة إعداد عدة مشاريع أخرى أنجزت في شأنها دراسات على غرار دراسة 2010 حيث تم اقتراح تهيئة وصيانة الفضاء باعتمادات تناهز 200 الف.د ودراسة ثانية بعد أقل من عامين من الأولى حيث تم إدراج تهيئة المركز وترميمه عبر الميزانية التكميلية المقترحة لسنة 2012 باعتمادات مقترحة في حدود 300 الف.د ، كما تم أدارج نفس الملف بميزانية سنة 2015 برصد اعتمادات قدرها 510 ألف.د و يبقى أبرز القرارات التي تم اتخاذها في خصوص مركز التربصات والاصطياف بالحبيبية تلك التي أعلنت عنها سهام العيادي وزيرة الشباب والرياضة في مارس 2021 وتتمثل في تحويل المركز إلى مركز شبابي ايكولوجي باعتمادات جملية تناهز 12 مليون.د و لكن بقيت كل تلك الوعود والقرارات حبرا على ورق ومجرد كلمات أطلقت في الهواء ولم يستفد المركز من القيمة الجغرافية له ولا التاريخية والطبيعية لمنطقة الحبيبية كما استفادت عديد المراكز الأخرى في مناطق مختلفة من تراب الجمهورية على غرار مركز الاصطياف والتخييم بعين سلطان ..
وفي سياق ذكر الفضاءات غير المستعملة في مدينة الحبيبية وجب الحديث عن الحالة الكارثية لما يعرف بمستودع 26-26 الذي يمكن تهيئته وتوظيفه في مقاصد تنموية متعددة تعود على الشباب والمنطقة بالفائدة كما لا يمكن غض الطرف عن ملف المساكن الإدارية التابعة لديوان مجردة والتي يتواصل استغلال الكثير منها بشكل غير قانوني ومثير للشكوك والتساؤلات والدعوة إلى فتح الملف والوقوف على الاخلالات والتجاوزات المرتبطة به ..