إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد صعود قوى عالمية عريقة في الحضارة: هل هو غروب الغرب الاستعماري؟

 

 

الحديث في المستقبل لن يكون بين عالم متقدم وآخر سائر في طريق النمو، بل بين بلدان في حالة صعود، وأخرى في حالة نزول

بقلم د. الصحراوي قمعون

صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة

    تتوالى المؤشرات كل يوم على القول إن الغرب الأوروبي الأمريكي على وشك فقدان صولجان الهيمنة الذي سيطر به على مصير العالم خلال القرون الأربعة الماضية .

  ويبدو العالم اليوم سائرا في طريق تكريس تعددية الأقطاب التي تقودها دول وأمم كانت لها حضارات عريقة وأسهمت في إثراء مسيرة الإنسانية في الفكر والعلوم على غرار الصين والهند وروسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية والمجموعة العربية الإسلامية .

    وستخلف هذه الأقطاب الصاعدة الأمبراطورية الأورو أمريكية الأفلة ذات الجذور الرومانية والتي سادت ثم بادت أربعة قرون إلى اليوم منذ اكتشاف أمريكا وسقوط غرناطة الإسلامية في نفس العام 1492 ، ثم اكتشاف المطبعة في نفس القرن وسائر الاكتشافات العلمية التي صنعت قوة الغرب المهيمن وجبروته، ولكنها أصبحت اليوم في متناول الدول الصاعدة المذكورة.

ويعتقد كثير من المحللين والاستشرافيين للعلاقات الدولية أن الحديث في المستقبل لن يكون بين عالم متقدم وأخر سائر في طريق النمو، بل بين بلدان في حالة صعود، وأخرى في حالة نزول .

    فعلى مستوى السيطرة على مقاليد الاقتصاد والتجارة العالمية، تضغط الصين حاليا بشدة وتلاحق الولايات المتحدة الأمريكية المتربعة منذ قرابة القرن على مقاليد الاقتصاد العالمي بعملتها الدولار. وقد بدأت أمريكا وحليفتها أوروبا تفقدان الإمساك بناصية الاقتصاد العالمي بعد أن أصبحت هذه القوى الصاعدة تفتك كل سنة مقودا من مقاليد قيادة العالم . بل إن عدة بلدان كانت معروفة بولائها المطلق لواشنطن مثل دول الخليج العربية غيرت المسار ودخلت عنوة رغم الضغوط الأمريكية العسكرية والسياسية، في مسار التاريخ الحتمي الجديد.

   تسارع حركة التاريخ

   من المعلوم أن مسارات العلاقات الدولية ومسار التاريخ، لا تتحقق بمنطق السنين المعدودات أو العقود المحددة ، بل بعداد الأجيال التي ترسخ القوة والهيمنة على مدى مراحل تاريخية يصعب إنهاؤها خارج ذلك القانون التاريخي، حيث يجب انتظار أجيال لإنهائها واقتلاعها من مكانها وإحلال أخرى مكانها، كما بينه عام الاجتماع والمؤرخ عبد الرحمان بن خلدون في مقدمته.

   واليوم لازال الصراع مستميتا بين أمريكا والصين على ريادة العالم بمنطق القوة الاقتصادية والأرقام التي لا جدال فيها . فخلال عام 2022 مازالت أمريكا تتصدر السجل العالمي للقوى الاقتصادية بدخل قومي خام يبلغ خمسة وعشرين تريليون دولار تليها الصين بواحد وعشرين تريليون دولار، تليهما كوكبة من البلدان المُلاحِقة مثل اليابان وألمانيا وفرنسا، وكلهم بأقل من خمسة تريليون دولار لكل منها ، وهو ما يجعل الفجوة كبيرة بين العملاقين أمريكا والصين، وملاحقيهما من باقي القوى الاقتصادية ويجعل صعبا اللحاق بهما على المدى المنظور، إلا في حالة تحالفات إقليمية لأقطاب ناشئة على غرار دول البريكيس (الصين والهند وروسيا والبرازيل وافريقيا الجنوبية).

  وحاليا تتحدث أغلب التحاليل الصادرة عن الغرب الأوروبي الأمريكي وعن مراكز البحث فيه، عن محدودية العناصر المجمعة لمجموعة البريكس والتناقضات داخلها التي لوحظت في قمتها الأخيرة الشهر الماضي في جنوب افريقيا، والتي يمكن أن تؤدي إلى عجزها في المستقبل على قيادة العالم بتناقضاته. ولكن هذه هي نفس الإشكالية التي تطرح على الغرب وعلي أوروبا التي تمزقها ايضا الصراعات الداخلية والنزعات القومية والحروب الخفية داخل فضاءها الموحد، وأخرها حرب أوكرانيا على أبوابها، وهي القارة العجوز التي تعودت على شن حروب بالوكالة في الشرق الأوسط وافريقيا وأسيا بعيدا عن أراضيها.

من أجل عالم أكثر عدلا وتوازنا

  ورغم الخلافات فإن دول البريكس تبدو مجتمعة على ضرورة إقامة عالم أكثر عدلا وتوازنا بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب مع العمل على إبعاد الغرب الأورو أمريكي عن مواصلة قيادة العالم لوحده وفرض رؤاه السياسية والمجتمعية بقوة الحديد والنار وبالعقوبات الاقتصادية التي تعاني منها الشعوب في المقام الأول.

   وقد أبانت مجموعة بريكس الصاعدة ذلك في مؤتمرها الأخير المنعقد في جنوب افريقيا الشهر الماضي والذي فتح الأبواب لتوسيع المنظمة بقبول انضمام دول جديدة وهي مصر والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأرجنتين وأثيوبيا وايران . وبدا وكأن هذا المؤتمر هو استمرار عملي لمؤتمر باندونغ لعدم الانحياز الذي عقد في أفريل عام 1955 باندونسيا وحضره زعماء العالم الثالث وهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر والوزير الأول الهندي جواهرا نهرو ورئيس وزراء الصين شوان لاي والرئيس الأندونيسي سوكارنو . وقد طالب هؤلاء الزعماء منذ سبعين عاما بانهاء الاستعمار وضمان استقلال دول العالم الثالث وإقامة عالم أكثر عدلا وإنصافا. وها قد جاء اليوم الذي تتحقق فيه هذه المطالب بعد أن توفرت لها الشروط الموضوعية في القوة الاقتصادية وامتلاك التكنولوحيا للكثير من دول المجموعة الصاعدة.

   وفي نظر المؤرخين التقليديين ومؤرخي اللحظة من الصحفيين المختصين في العلاقات الدولية، فإن الصين والهند اللتين لهما إرث حضاري قائم على السلام والحكمة مؤهلتان أكثر من غيرهما لقيادة العالم وتحقيق التوازن وإشاعة الرخاء فيه وإحداث التغيير فيه سلميا دون شن حروب. وهي خاصية هذين البلدين العريقين في الحكمة، وخاصة الصين التي لم تشن حروبا منذ عقود وقرون. وكانت تعول دائما على الحوار والتفاوض للحصول على السلام وتحقيق أهدافها بواسطته، وهو ما بينته الأحداث في العقود الأخيرة مع استرجاع هونغ كونغ سلميا والصبر على تايوان، في وقت خاضت فيه أمريكا وحلفاؤها الأوروبيون حروبا مدمرة وقاتلة لكثير من الشعوب عبر العالم، بدفع جبلي مرضي من النزعة العسكرانية الرومانية التي جسمها شيبون الإفريقي في هجومه على قرطاج وتدميرها وذر الملح عليها . وهي النزعة التي كانت تقود الغرب الاستعماري في حروبه خلال القرون الأخيرة وعبر الاستعمار الإسباني والبرتغالي والهولاندي والبلجيكي والفرنسي والبريطاني وأخرها الأمريكي المهيمن.

   ويعتقد كثير من الملاحظين أن العالم اليوم لم يعد كما كان نهاية الحرب العالمية الثانية ، حيث ظهرت منذ تلك الفترة قوى جديدة طامحة، وهو أمر شرعي في التاريخ . وقد تقوقع الغرب في مكانه معتقدا أنه سيظل يقود العالم دون معارضة بعد أن دجّن العالم بحروبه المتتالية خاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث عدوه اللدود طوال العصر الوسيط .

   وللتذكير فقد كانت أوروبا تصدر دائما صراعاتها الداخلية للسيطرة على الدول المجاورة جنوب المتوسط وما بعدها . وساهم مؤتمر برلين المنعقد عام 1871 بعد الحرب الفرنسية الألمانية قبلها بعام باقتسام كعكة العالم وممالك الإمبراطورية العثمانية المتهالكة . ولكن الحرب العالمية الأولى جاءت بمبادئ الرئيس الأمريكي ويلسون حول حق تقرير المصير للشعوب المستعمرة، لتعقبها الحرب العالمي الثانية التي خرج فيها الغرب الأوروبي منهكا ، مما عجل باستقلال البلدان المستعمرة مع ستينات القرن الماضي .

   ويبدو اليوم التاريخ وقد أصبح يكتب بأقلام الحضارات السابقة التي سادت ثم بادت وقدمت للإنسانية إسهامات فكرية وحضارية على مدى القرون وهي الحضارة الصينية والهندية والفارسية والعربية الاسلامية. وهي تستعد لاحتلال المكانة التي هي بها جديرة في شمس المنتدى الدولي متعدد الأقطاب .

ويبدو العالم العربي الإسلامي مؤهلا في هذا العالم الجديد، إلي أن يستعيد دوره المحوري وينطلق في مجالات الإبداع العلمي والفكري بعد سقوط الفيتو الذي فرضه الغرب على نهضة العالم العربي الإسلامي على مدى قرون خمسة شهدت خمس حملات صليبية متطرفة وعدوانية فاشلة على العالم العربي والإسلامي، كانت أخرها الحروب الاستعمارية وباقي الحروب الجديدة الجارية فلولها حاليا في العراق وسوريا وليبيا وفلسطين إلى حين.

 

 

 

 

 

 

 

 بعد صعود قوى عالمية عريقة في الحضارة:  هل هو غروب الغرب الاستعماري؟

 

 

الحديث في المستقبل لن يكون بين عالم متقدم وآخر سائر في طريق النمو، بل بين بلدان في حالة صعود، وأخرى في حالة نزول

بقلم د. الصحراوي قمعون

صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة

    تتوالى المؤشرات كل يوم على القول إن الغرب الأوروبي الأمريكي على وشك فقدان صولجان الهيمنة الذي سيطر به على مصير العالم خلال القرون الأربعة الماضية .

  ويبدو العالم اليوم سائرا في طريق تكريس تعددية الأقطاب التي تقودها دول وأمم كانت لها حضارات عريقة وأسهمت في إثراء مسيرة الإنسانية في الفكر والعلوم على غرار الصين والهند وروسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية والمجموعة العربية الإسلامية .

    وستخلف هذه الأقطاب الصاعدة الأمبراطورية الأورو أمريكية الأفلة ذات الجذور الرومانية والتي سادت ثم بادت أربعة قرون إلى اليوم منذ اكتشاف أمريكا وسقوط غرناطة الإسلامية في نفس العام 1492 ، ثم اكتشاف المطبعة في نفس القرن وسائر الاكتشافات العلمية التي صنعت قوة الغرب المهيمن وجبروته، ولكنها أصبحت اليوم في متناول الدول الصاعدة المذكورة.

ويعتقد كثير من المحللين والاستشرافيين للعلاقات الدولية أن الحديث في المستقبل لن يكون بين عالم متقدم وأخر سائر في طريق النمو، بل بين بلدان في حالة صعود، وأخرى في حالة نزول .

    فعلى مستوى السيطرة على مقاليد الاقتصاد والتجارة العالمية، تضغط الصين حاليا بشدة وتلاحق الولايات المتحدة الأمريكية المتربعة منذ قرابة القرن على مقاليد الاقتصاد العالمي بعملتها الدولار. وقد بدأت أمريكا وحليفتها أوروبا تفقدان الإمساك بناصية الاقتصاد العالمي بعد أن أصبحت هذه القوى الصاعدة تفتك كل سنة مقودا من مقاليد قيادة العالم . بل إن عدة بلدان كانت معروفة بولائها المطلق لواشنطن مثل دول الخليج العربية غيرت المسار ودخلت عنوة رغم الضغوط الأمريكية العسكرية والسياسية، في مسار التاريخ الحتمي الجديد.

   تسارع حركة التاريخ

   من المعلوم أن مسارات العلاقات الدولية ومسار التاريخ، لا تتحقق بمنطق السنين المعدودات أو العقود المحددة ، بل بعداد الأجيال التي ترسخ القوة والهيمنة على مدى مراحل تاريخية يصعب إنهاؤها خارج ذلك القانون التاريخي، حيث يجب انتظار أجيال لإنهائها واقتلاعها من مكانها وإحلال أخرى مكانها، كما بينه عام الاجتماع والمؤرخ عبد الرحمان بن خلدون في مقدمته.

   واليوم لازال الصراع مستميتا بين أمريكا والصين على ريادة العالم بمنطق القوة الاقتصادية والأرقام التي لا جدال فيها . فخلال عام 2022 مازالت أمريكا تتصدر السجل العالمي للقوى الاقتصادية بدخل قومي خام يبلغ خمسة وعشرين تريليون دولار تليها الصين بواحد وعشرين تريليون دولار، تليهما كوكبة من البلدان المُلاحِقة مثل اليابان وألمانيا وفرنسا، وكلهم بأقل من خمسة تريليون دولار لكل منها ، وهو ما يجعل الفجوة كبيرة بين العملاقين أمريكا والصين، وملاحقيهما من باقي القوى الاقتصادية ويجعل صعبا اللحاق بهما على المدى المنظور، إلا في حالة تحالفات إقليمية لأقطاب ناشئة على غرار دول البريكيس (الصين والهند وروسيا والبرازيل وافريقيا الجنوبية).

  وحاليا تتحدث أغلب التحاليل الصادرة عن الغرب الأوروبي الأمريكي وعن مراكز البحث فيه، عن محدودية العناصر المجمعة لمجموعة البريكس والتناقضات داخلها التي لوحظت في قمتها الأخيرة الشهر الماضي في جنوب افريقيا، والتي يمكن أن تؤدي إلى عجزها في المستقبل على قيادة العالم بتناقضاته. ولكن هذه هي نفس الإشكالية التي تطرح على الغرب وعلي أوروبا التي تمزقها ايضا الصراعات الداخلية والنزعات القومية والحروب الخفية داخل فضاءها الموحد، وأخرها حرب أوكرانيا على أبوابها، وهي القارة العجوز التي تعودت على شن حروب بالوكالة في الشرق الأوسط وافريقيا وأسيا بعيدا عن أراضيها.

من أجل عالم أكثر عدلا وتوازنا

  ورغم الخلافات فإن دول البريكس تبدو مجتمعة على ضرورة إقامة عالم أكثر عدلا وتوازنا بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب مع العمل على إبعاد الغرب الأورو أمريكي عن مواصلة قيادة العالم لوحده وفرض رؤاه السياسية والمجتمعية بقوة الحديد والنار وبالعقوبات الاقتصادية التي تعاني منها الشعوب في المقام الأول.

   وقد أبانت مجموعة بريكس الصاعدة ذلك في مؤتمرها الأخير المنعقد في جنوب افريقيا الشهر الماضي والذي فتح الأبواب لتوسيع المنظمة بقبول انضمام دول جديدة وهي مصر والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأرجنتين وأثيوبيا وايران . وبدا وكأن هذا المؤتمر هو استمرار عملي لمؤتمر باندونغ لعدم الانحياز الذي عقد في أفريل عام 1955 باندونسيا وحضره زعماء العالم الثالث وهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر والوزير الأول الهندي جواهرا نهرو ورئيس وزراء الصين شوان لاي والرئيس الأندونيسي سوكارنو . وقد طالب هؤلاء الزعماء منذ سبعين عاما بانهاء الاستعمار وضمان استقلال دول العالم الثالث وإقامة عالم أكثر عدلا وإنصافا. وها قد جاء اليوم الذي تتحقق فيه هذه المطالب بعد أن توفرت لها الشروط الموضوعية في القوة الاقتصادية وامتلاك التكنولوحيا للكثير من دول المجموعة الصاعدة.

   وفي نظر المؤرخين التقليديين ومؤرخي اللحظة من الصحفيين المختصين في العلاقات الدولية، فإن الصين والهند اللتين لهما إرث حضاري قائم على السلام والحكمة مؤهلتان أكثر من غيرهما لقيادة العالم وتحقيق التوازن وإشاعة الرخاء فيه وإحداث التغيير فيه سلميا دون شن حروب. وهي خاصية هذين البلدين العريقين في الحكمة، وخاصة الصين التي لم تشن حروبا منذ عقود وقرون. وكانت تعول دائما على الحوار والتفاوض للحصول على السلام وتحقيق أهدافها بواسطته، وهو ما بينته الأحداث في العقود الأخيرة مع استرجاع هونغ كونغ سلميا والصبر على تايوان، في وقت خاضت فيه أمريكا وحلفاؤها الأوروبيون حروبا مدمرة وقاتلة لكثير من الشعوب عبر العالم، بدفع جبلي مرضي من النزعة العسكرانية الرومانية التي جسمها شيبون الإفريقي في هجومه على قرطاج وتدميرها وذر الملح عليها . وهي النزعة التي كانت تقود الغرب الاستعماري في حروبه خلال القرون الأخيرة وعبر الاستعمار الإسباني والبرتغالي والهولاندي والبلجيكي والفرنسي والبريطاني وأخرها الأمريكي المهيمن.

   ويعتقد كثير من الملاحظين أن العالم اليوم لم يعد كما كان نهاية الحرب العالمية الثانية ، حيث ظهرت منذ تلك الفترة قوى جديدة طامحة، وهو أمر شرعي في التاريخ . وقد تقوقع الغرب في مكانه معتقدا أنه سيظل يقود العالم دون معارضة بعد أن دجّن العالم بحروبه المتتالية خاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث عدوه اللدود طوال العصر الوسيط .

   وللتذكير فقد كانت أوروبا تصدر دائما صراعاتها الداخلية للسيطرة على الدول المجاورة جنوب المتوسط وما بعدها . وساهم مؤتمر برلين المنعقد عام 1871 بعد الحرب الفرنسية الألمانية قبلها بعام باقتسام كعكة العالم وممالك الإمبراطورية العثمانية المتهالكة . ولكن الحرب العالمية الأولى جاءت بمبادئ الرئيس الأمريكي ويلسون حول حق تقرير المصير للشعوب المستعمرة، لتعقبها الحرب العالمي الثانية التي خرج فيها الغرب الأوروبي منهكا ، مما عجل باستقلال البلدان المستعمرة مع ستينات القرن الماضي .

   ويبدو اليوم التاريخ وقد أصبح يكتب بأقلام الحضارات السابقة التي سادت ثم بادت وقدمت للإنسانية إسهامات فكرية وحضارية على مدى القرون وهي الحضارة الصينية والهندية والفارسية والعربية الاسلامية. وهي تستعد لاحتلال المكانة التي هي بها جديرة في شمس المنتدى الدولي متعدد الأقطاب .

ويبدو العالم العربي الإسلامي مؤهلا في هذا العالم الجديد، إلي أن يستعيد دوره المحوري وينطلق في مجالات الإبداع العلمي والفكري بعد سقوط الفيتو الذي فرضه الغرب على نهضة العالم العربي الإسلامي على مدى قرون خمسة شهدت خمس حملات صليبية متطرفة وعدوانية فاشلة على العالم العربي والإسلامي، كانت أخرها الحروب الاستعمارية وباقي الحروب الجديدة الجارية فلولها حاليا في العراق وسوريا وليبيا وفلسطين إلى حين.