إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد تغيير 7 رؤساء دوائر جنائية.. ملفات الفساد في "التونيسار" ووفاة إسلاميين تحت التعذيب بعد غد أمام العدالة الانتقالية .. فهل يتم الحسم؟

 

تونس-الصباح

تنظر بعد غد الاثنين الدائرة المختصة بالنظر في العدالة الانتقالية والانتهاكات زمن الأنظمة الاستبدادية في ملف له صبغة فساد مالي وهو ملف من الوزن الثقيل ويتعلق بما عرف بالوظائف الوهمية في الخطوط الجوية التونسية زمن بن علي بالإضافة الى ملفي مقتل عثمان بن محمود رميا بالرصاص وعبد الرؤوف العريبي تحت التعذيب.

مفيدة القيزاني

 هل يتم الفصل؟

تجدر الإشارة أن الحركة القضائية لسنة 2023-2024 الصادرة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم 30 أوت 2023 والتي شملت 1088 قاضيا بعد حجبها السنة الفارطة لم تستثن الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية وغيرت من تركيبتها في إطار الحركة مما قد يزيد من تعطيل البت في الملفات.

 وكانت المنظمات والجمعيات المدافعة عن العدالة الانتقالية سبق لها وان نددت بالتعطيل المتكرر الناتج عن الحركة القضائية والمطالبة بتثبيت القضاة الجالسين بالدوائر الجنائية المتخصصة في قضايا العدالة الانتقالية وتمتيعهم بترقياتهم تجنبا لإطالة المسار والتسريع بالبت في القضايا المنشورة لديها والجاهزة للفصل حماية لحقوق الضحايا والمنسوب لهم الانتهاك على حد السواء خاصة وأن إطالة ٱجال التقاضي يعد نكرانا للعدالة في حق كل المتقاضين.

وعلقت الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية قائلة "في حركة غير مسبوقة ومنذ تركيز الدوائر الجنائية للعدالة الانتقالية بموجب الأمر عدد 2887 المؤرخ في 8 أوت 2014 وشروعها في العمل بعد القيام بالتكوين اللازم لرؤسائها وأعضائها منذ 29 ماي 2018 تم بموجب الحركة القضائية لهذه السنة تغيير سبعة رؤساء دوائر جنائية للعدالة الانتقالية من مجموع 13 دائرة بكل من بنزرت والكاف ومدنين وقابس وصفاقس وسوسة ونابل أي بنسبة 53.8 % وتغيير عدد من أعضائها ومن أعضاء باقي الدوائر مثل دائرة العدالة الانتقالية بتونس".

ملف "التونيسار"..

بالعودة للحديث عن ملف "التونيسار" فقد شملت لائحة المنسوب اليهم الانتهاك 15 شخصا وهم كل من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وشقيقته حياة بن علي ورافع دخيل ونبيل الشتاوي المدير العام السابق بالخطوط التونسية ومحمد الحبيب بن سلامة والطاهر حاج علي ويوسف ناجي وعلي الميعاوي ومحمد غلالة والبشير بن ساسي وعبد العزيز الجبالي وحافظ بلخيرية وأحمد مسلم وسلوى مليكة وهي الكاتب الاداري بفرع الخطوط التونسية بفرنسا ومحمد العبيدي.

تلاعب..

تتعلق القضية بوجود تلاعبات في تشغيل بعض الموظفين بالخطوط التونسية اذ كان بعض الأشخاص يتحصلون على رواتب من شركة الخطوط الجوية التونسية في حين انهم لم يكونوا من الموظفين الفعليين الممارسين لعملهم.

وتجدر الإشارة أن المتهمين محالين على معنى الفصل 96 من القانون الجنائي (نقح بالقانون عدد 85 لسنة 1985 المؤرخ في 11 أوت 1985)

(والذي ينص على أنه يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصل عليها أو المضرة الحاصلة للإدارة الموظف العمومي أو شبهه وكل مدير أو عضو أو مستخدم بإحدى الجماعات العمومية المحلية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية أو بإحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية أو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة بنصيب ما أو الشركات التابعة إلى الجماعات العمومية المحلية مكّلف بمقتضى وظيفه ببيع أو صنع أو شراء أو إدارة أو حفظ أي مكاسب استغلّ صفته

لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة أو إلحاق الضرر المشار إليهما).

ممثل التونيسار..

  وفي جلسة سابقة حضر المنسوب له الانتهاك الممثل للشركة آنذاك وباستنطاقه أوضح أنه انتدب بشركة الخطوط التونسية منذ نوفمبر 1991 بوصفه مهندسا أول في الإعلامية ثم تدرج في الخطط الداخلية من رئيس مصلحة سنة 1995 إلى رئيس دائرة سنة 1999 ثم من 2004 إلى 2008 مدير ترشيد المبيعات والحجوزات بالإدارة المركزية.

وصرح أنه من سبتمبر 2008 إلى حدود 2013 تم تكليفه بخطة ممثل عام للخطوط التونسية بمدينة فرانكفورت بألمانيا، ثم غادر بداية من 1 ماي 2013 شركة الخطوط التونسية ليعمل بشركة خاصة وأمد المحكمة بقرار تسميته خلال سنة 2008 بألمانيا.

وبين أنه منذ انتدابه للعمل كرئيس مصلحة وبحكم اختصاصه كمهندس أول في الاعلامية كان يهتم بالناحية التقنية البحتة أي أنه يشرف على تهيئة وإعداد الحواسيب والبرمجيات وإصلاحها في صورة وجود عطب، ولا دخل له في مضمون مسألة الانتدابات والعملة التي كانت تشرف عليها الإدارة المركزية للموارد البشرية والتي من اختصاصها الانتدابات والترقيات والتعليمات سواء كانت من داخل التراب التونسي أو خارجه و إلحاقات بالخارج، وأن لا دخل له بمسألة انتداب العملة.

وأما في ما يتعلق بخطته المتعلقة بمدير حجوزات خلال الفترة الممتدة من 2004 إلى 2008 فقد أكد أن مهمته كمدير كانت تقتصر على مراقبة عملية مردودية الحجوزات على خطوط الشركة التونسية ولا دخل له في مراقبة العملة المتمتعين بالامتياز لامتطاء الطائرات التابعة لشركة الخطوط الجوية التونسية، ولا علاقة له بمنح تذاكر السفر المجانية لصالح العملة باعتبار أن هذا الاختصاص المطلق للإدارة المركزية للموارد البشرية التي تضبط مدى أحقية منح هذه التذاكر للعملة.

أما بالنسبة لخطة عمله لاحقا كممثل عام بشركة الخطوط التونسية بمدينة فرانكفورت بألمانيا، وانتداب شقيقة الرئيس بن علي للعمل هناك بطريقة وهمية وبتدخل من الرئيس الراحل بن علي وتمكينها من راتب شهري وبامتيازات ومنح وتذاكر سفر، ومنافع مادية وعينية وترددها وعائلتها في عديد المناسبات على المملكة السعودية على متن طائرة الخطوط التونسية دون خلاصها لتذاكر السفر، إضافة إلى تجاوز المدة القانونية لعملية الحاقها فقد أكد المنسوب له الانتهاك أنه عمل كممثل عام الشركة بألمانيا منذ 2008 إلى حدود جانفي 2011 ، وأن مهمته بألمانيا هي مهمة تجارية بالأساس وأن الغاية منها تحقيق الربح لفائدة شركة الخطوط التونسية وإبرام عقد اتفاقيات مع وكالات الأسفار وان 20 بالمائة من مهمته هي إدارة الشؤون المالية والاجتماعية للشركة، ويتولى الاشراف على بقية العملة الملحقين المقيمين بألمانيا والتابعين لشركة الخطوط التونسية، وان مقر عمله بمكتب الخطوط التونسية بفرانكفورت بألمانيا.

وبسؤاله عن حقيقة الانتداب الوهمي لشقيقة الرئيس الراحل بن علي لاحظ أن هذه الأخيرة كانت فعلا تعمل كعون ملحق منذ سنة 1994 بفرانكفورت وانه زمن تعيينه سنة 2008، وجدها تعمل بمكتب الخطوط التونسية بفرانكفورت، نافيا نفيا قطعيا أن تكون منتدبة بصفة وهمية مؤكدا على أنها كانت تتردد على مكتبها ومكلفة بمبيعات الجالية التونسية وكانت تباشر عملها باستمرار، باعتبار أنها تقيم مع عائلتها وزوجها وأبنائها بفرانكفورت نافيا أن يكون قد منحها أي امتياز دون أن تكون مباشرة لعملها، وأنها كانت تتقاضى اجرتها طبقا لقرار تعيينها مؤكدا على أن أجرتها وامتيازاتها تضبط من الإدارة المركزية للموارد البشرية التي مقرها بتونس.

ملف عبد الرؤوف العريبي..

وللإشارة فإن الدائرة المتخصصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية ستنظر ايضا في ملف قتل عبد الرؤوف العريبي عضو بالاتجاه الاسلامي تحت التعذيب سنة 1991 بزنزانة امن الدولة.

 وعبد الرؤف العريبي كان انضم منذ السبعينات للحركة الإسلامية وفي سنة 1981 تقدم رفقة عدد من رفاقه بمطلب للحصول على ترخيص قانوني للنشاط تحت إطار حزب حركة الاتجاه الإسلامي، غير أن النظام حينها شن حملة اعتقالات في صفوف الإسلاميين وكان العريبي من بين العناصر القيادية التي نشطت أجهزة البوليس السياسي في البحث عنها لذلك فر إلى بلجيكا خاصة بعد صدور حكم يقضي بسجنه لمدة ثمانية أعوام غيابيا الا أنه عاد إلى تونس عام 1984 بعد قرار النظام الإفراج عن كل المعتقلين من التيار السياسي الديني والمصالحة غير أن البوليس السياسي سرعان ما عاد لمطاردة الإسلاميين وتحديدا عام 1987 وتضييق الخناق عليهم فقرر العريبي مجددا التخفي ومواصلة نشاطه في سرية رفقة بقية رفاقه.

وفي سنة 1988 قامت حركة الاتجاه الإسلامي بعقد مؤتمرها وانتخب العريبي عضوا بمجلس الشورى للحركة وظل يساهم بالرأي والعمل في دوائر متعددة إلى أن وقع اختطافه من قبل البوليس السياسي يوم 3 ماي 1991 حيث كان بصدد مغادرة معهد ثانوي خاص بجهة الحلفاوين بالعاصمة بعد إتمامه الدروس عندما فوجئ بعدد من أعوان الأمن بزيهم المدني يحاصرونه ثم يعتقلونه وينقلونه إلى أحد المقرات الأمنية قبل أن يتوجه بعد نحو أربع ساعات ثلاثة أعوان أمن من البوليس السياسي إلى منزل الشهيد بباردو حيث قاموا بتفتيشه ثم غادروه دون تقديم أية توضيحات عن الوجهة التي نقل إليها.

ومساء يوم 27 ماي 1991 حلّ عونا أمن بالزي المدني بمنزل عائلة عبد الرؤوف العريبي واصطحبا والده إلى مقر منطقة الأمن ببوشوشة حيث وقع إشعاره من طرف أحد المسؤولين الأمنيين بوفاة ابنه لدى إحدى المصالح الأمنية بوزارة الداخلية وحدد له موعد الجنازة ورغم محاولة العائلة -عن طريق أحد المحامين- تأخير موعد الجنازة إلى موعد لاحق لترتيب بعض الأمور إلا أن محاولتها باءت بالفشل فتحول أفرادها في الموعد المحدد إلى المقبرة وقام الأستاذ عبد الفتاح مورو بمواراة عبد الرؤوف الثرى حيث عاين رفقة عائلة الشهيد آثار كدمات وزرقة في الوجه والرقبة والكتفين والصدر إضافة إلى آثار عنف في الساقين و"زلعة" في القصبتين، فيما شوه قميص الأستاذ مورو بالدم من جراء جرح في الجهة الخلفية من رقبة الشهيد .

جلسات استماع..

وخلال جلسة سابقة تم سماع شهادة عبد الناصر شامخ وبعد أداء اليمين وتحذيره من مغبة شهادة الزور وسلامته من القوادح القانونية وبسؤاله إذا كان يعرف الشهيد قبل وفاته لاحظ أنه لم يتقابل معه أبدا في سابق حياته وذكر بما تعرض له من تعذيب في مجموعة براكة الساحل باستعمال الضرب والتعرية "ووضع الدجاجة" وغيرها من أساليب التعذيب ممن يسمون أنفسهم "مجموعة بربروس" وهو الإسم المخطوط على العصي التي كانوا يستعملونها طوال مدة إيقافه في 29 أفريل 1991 بقبو وزارة الداخلية الي تاريخ 17 جوان 1991 مصرحا أن محمد الصالح الحيدري أعلمه ان أحد الموقوفين توفي تحت تأثير التعذيب وأن جسم الضحية كانت تبدو عليها ٱثار التعذيب مؤكدا أن هذا كل ما يعرفه عن المرحوم ولم يعلم باسم الشهيد إلا بعد الثورة بحكمه أصبح ناشطا في مجال حقوق الإنسان وبمقارنة تاريخ الحادثة وتاريخ إيقافه نافيا أن يكون شاهد جثة العريبي ملاحظا أنه قدم ملفا في العدالة الانتقالية وتحصل على مقرر جبر الضرر بقي بدون تنفيذ إلى حد اليوم وطلب عدم تتبع من عذبوه جزائيا.

كما استمعت المحكمة في جلسة سابقة الى أقوال المنسوب إليه الانتهاك الصادق شعبان الذي كان زمن الواقعة مستشارا لحقوق الإنسان لدى رئيس الجمهورية من 20 جوان 1991 الى 8 جوان 1992 ثم وزيرا للعدل بداية من 9 إلى 7 جانفي 1997 وقد ذكر صلب أقواله بانه عندما كان مستشارا تتمثل مهمته في تطوير المجال التشريعي في علاقة بقوانين حقوق الإنسان وأوضح في خصوص الإجتماعات في علاقة بحقوق الإنسان بأنه كانت تتم دعوته من قبل رئيس الجمهورية، اما في خصوص مقابلته لوالدي الشهيد عبد الرؤوف العريبي فان ذلك كان بتكليف من رئيس الجمهورية ملاحظا أنه فعلا أعلمهما بأن الوفاة جائز جدا أن تكون تجاوزا مرتكبا من قبل أحد الأعوان وان الدولة كلفت جهة بالتحري في مثل هذه التجاوزات.

وأوضح شعبان في خصوص ما نسب له عند توليه لوزارة العدل بان اللجنة صلب وزارته مختصة في متابعة مجرى القضايا المرفوعة من قبل الضحايا والمراسلة المرفقة كانت إجابة على مذكرة من رئاسة الجمهورية للرد على التقارير الواردة من المنظمات الدولية نافيا عن نفسه التستر أو المشاركة من قريب أو بعيد في التعذيب وطلب على ذلك الأساس بالحكم عدم سماع الدعوى في شأنها.

طالب الهندسة عثمان بن محمود ..

تنظر أيضا نفس الدائرة في قضية قتل طالب الهندسة عثمان بن محمود رميا بالرصاص أثناء مطاردته من قبل أعوان أمن سنة 1986 -والتي شملت الأبحاث فيها ستة متهمين من بينهم الرئيس الراحل بن علي ووجهت اليهم تهم القتل العمد والشهادة زورا والمشاركة في ذلك.

وعثمان بن محمود طالب في الهندسة ينتمي الى حركة الإتجاه الإسلامي قتل بالرصاص يوم 18 افريل 1984 على يد فرقة أمنية كوّنها الرئيس الراحل بن علي لما كان مديرا عاما للأمن الوطني في تلك الفترة ويطلق عليها فرقة "النمور السود" وهي فرقة مختصة في تعقبّ المعارضين، وقد قام اعوان تلك الفرقة بمطاردة الشهيد بأحد الازقّة بحي الزهور بالعاصمة وقتلته ثم تم اخفاء الأمر.

في الأثناء كانت عائلة الشهيد تبحث عنه وبعد ثلاثة ايام أعلمها مستشفى شارل نيكول بأن جثة ابنهم داخل المشرحة.

وادعى اعوان الأمن الذين قتلوا الشهيد أنهم ضبطوه وهو يحاول سرقة منزل بمنطقة حي الزهور فطاردوه ولما رفض أطلقوا عليه الرصاص فأصيب عن طريق الخطأ برصاصة في رأسه وتوفي.

ولكن تقرير الطبيب الشرعي فنّد رواية الأعوان واثبت أن وفاة الشهيد كانت بسبب تلقيه رصاصات كثيفة من مسافة قريبة جدا كانت موجّهة الى أماكن حساسة في جسده على غرار الصدر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بعد تغيير 7 رؤساء دوائر جنائية..   ملفات الفساد في "التونيسار" ووفاة إسلاميين تحت التعذيب بعد غد أمام العدالة الانتقالية .. فهل يتم الحسم؟

 

تونس-الصباح

تنظر بعد غد الاثنين الدائرة المختصة بالنظر في العدالة الانتقالية والانتهاكات زمن الأنظمة الاستبدادية في ملف له صبغة فساد مالي وهو ملف من الوزن الثقيل ويتعلق بما عرف بالوظائف الوهمية في الخطوط الجوية التونسية زمن بن علي بالإضافة الى ملفي مقتل عثمان بن محمود رميا بالرصاص وعبد الرؤوف العريبي تحت التعذيب.

مفيدة القيزاني

 هل يتم الفصل؟

تجدر الإشارة أن الحركة القضائية لسنة 2023-2024 الصادرة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم 30 أوت 2023 والتي شملت 1088 قاضيا بعد حجبها السنة الفارطة لم تستثن الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية وغيرت من تركيبتها في إطار الحركة مما قد يزيد من تعطيل البت في الملفات.

 وكانت المنظمات والجمعيات المدافعة عن العدالة الانتقالية سبق لها وان نددت بالتعطيل المتكرر الناتج عن الحركة القضائية والمطالبة بتثبيت القضاة الجالسين بالدوائر الجنائية المتخصصة في قضايا العدالة الانتقالية وتمتيعهم بترقياتهم تجنبا لإطالة المسار والتسريع بالبت في القضايا المنشورة لديها والجاهزة للفصل حماية لحقوق الضحايا والمنسوب لهم الانتهاك على حد السواء خاصة وأن إطالة ٱجال التقاضي يعد نكرانا للعدالة في حق كل المتقاضين.

وعلقت الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية قائلة "في حركة غير مسبوقة ومنذ تركيز الدوائر الجنائية للعدالة الانتقالية بموجب الأمر عدد 2887 المؤرخ في 8 أوت 2014 وشروعها في العمل بعد القيام بالتكوين اللازم لرؤسائها وأعضائها منذ 29 ماي 2018 تم بموجب الحركة القضائية لهذه السنة تغيير سبعة رؤساء دوائر جنائية للعدالة الانتقالية من مجموع 13 دائرة بكل من بنزرت والكاف ومدنين وقابس وصفاقس وسوسة ونابل أي بنسبة 53.8 % وتغيير عدد من أعضائها ومن أعضاء باقي الدوائر مثل دائرة العدالة الانتقالية بتونس".

ملف "التونيسار"..

بالعودة للحديث عن ملف "التونيسار" فقد شملت لائحة المنسوب اليهم الانتهاك 15 شخصا وهم كل من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وشقيقته حياة بن علي ورافع دخيل ونبيل الشتاوي المدير العام السابق بالخطوط التونسية ومحمد الحبيب بن سلامة والطاهر حاج علي ويوسف ناجي وعلي الميعاوي ومحمد غلالة والبشير بن ساسي وعبد العزيز الجبالي وحافظ بلخيرية وأحمد مسلم وسلوى مليكة وهي الكاتب الاداري بفرع الخطوط التونسية بفرنسا ومحمد العبيدي.

تلاعب..

تتعلق القضية بوجود تلاعبات في تشغيل بعض الموظفين بالخطوط التونسية اذ كان بعض الأشخاص يتحصلون على رواتب من شركة الخطوط الجوية التونسية في حين انهم لم يكونوا من الموظفين الفعليين الممارسين لعملهم.

وتجدر الإشارة أن المتهمين محالين على معنى الفصل 96 من القانون الجنائي (نقح بالقانون عدد 85 لسنة 1985 المؤرخ في 11 أوت 1985)

(والذي ينص على أنه يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصل عليها أو المضرة الحاصلة للإدارة الموظف العمومي أو شبهه وكل مدير أو عضو أو مستخدم بإحدى الجماعات العمومية المحلية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية أو بإحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية أو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة بنصيب ما أو الشركات التابعة إلى الجماعات العمومية المحلية مكّلف بمقتضى وظيفه ببيع أو صنع أو شراء أو إدارة أو حفظ أي مكاسب استغلّ صفته

لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة أو إلحاق الضرر المشار إليهما).

ممثل التونيسار..

  وفي جلسة سابقة حضر المنسوب له الانتهاك الممثل للشركة آنذاك وباستنطاقه أوضح أنه انتدب بشركة الخطوط التونسية منذ نوفمبر 1991 بوصفه مهندسا أول في الإعلامية ثم تدرج في الخطط الداخلية من رئيس مصلحة سنة 1995 إلى رئيس دائرة سنة 1999 ثم من 2004 إلى 2008 مدير ترشيد المبيعات والحجوزات بالإدارة المركزية.

وصرح أنه من سبتمبر 2008 إلى حدود 2013 تم تكليفه بخطة ممثل عام للخطوط التونسية بمدينة فرانكفورت بألمانيا، ثم غادر بداية من 1 ماي 2013 شركة الخطوط التونسية ليعمل بشركة خاصة وأمد المحكمة بقرار تسميته خلال سنة 2008 بألمانيا.

وبين أنه منذ انتدابه للعمل كرئيس مصلحة وبحكم اختصاصه كمهندس أول في الاعلامية كان يهتم بالناحية التقنية البحتة أي أنه يشرف على تهيئة وإعداد الحواسيب والبرمجيات وإصلاحها في صورة وجود عطب، ولا دخل له في مضمون مسألة الانتدابات والعملة التي كانت تشرف عليها الإدارة المركزية للموارد البشرية والتي من اختصاصها الانتدابات والترقيات والتعليمات سواء كانت من داخل التراب التونسي أو خارجه و إلحاقات بالخارج، وأن لا دخل له بمسألة انتداب العملة.

وأما في ما يتعلق بخطته المتعلقة بمدير حجوزات خلال الفترة الممتدة من 2004 إلى 2008 فقد أكد أن مهمته كمدير كانت تقتصر على مراقبة عملية مردودية الحجوزات على خطوط الشركة التونسية ولا دخل له في مراقبة العملة المتمتعين بالامتياز لامتطاء الطائرات التابعة لشركة الخطوط الجوية التونسية، ولا علاقة له بمنح تذاكر السفر المجانية لصالح العملة باعتبار أن هذا الاختصاص المطلق للإدارة المركزية للموارد البشرية التي تضبط مدى أحقية منح هذه التذاكر للعملة.

أما بالنسبة لخطة عمله لاحقا كممثل عام بشركة الخطوط التونسية بمدينة فرانكفورت بألمانيا، وانتداب شقيقة الرئيس بن علي للعمل هناك بطريقة وهمية وبتدخل من الرئيس الراحل بن علي وتمكينها من راتب شهري وبامتيازات ومنح وتذاكر سفر، ومنافع مادية وعينية وترددها وعائلتها في عديد المناسبات على المملكة السعودية على متن طائرة الخطوط التونسية دون خلاصها لتذاكر السفر، إضافة إلى تجاوز المدة القانونية لعملية الحاقها فقد أكد المنسوب له الانتهاك أنه عمل كممثل عام الشركة بألمانيا منذ 2008 إلى حدود جانفي 2011 ، وأن مهمته بألمانيا هي مهمة تجارية بالأساس وأن الغاية منها تحقيق الربح لفائدة شركة الخطوط التونسية وإبرام عقد اتفاقيات مع وكالات الأسفار وان 20 بالمائة من مهمته هي إدارة الشؤون المالية والاجتماعية للشركة، ويتولى الاشراف على بقية العملة الملحقين المقيمين بألمانيا والتابعين لشركة الخطوط التونسية، وان مقر عمله بمكتب الخطوط التونسية بفرانكفورت بألمانيا.

وبسؤاله عن حقيقة الانتداب الوهمي لشقيقة الرئيس الراحل بن علي لاحظ أن هذه الأخيرة كانت فعلا تعمل كعون ملحق منذ سنة 1994 بفرانكفورت وانه زمن تعيينه سنة 2008، وجدها تعمل بمكتب الخطوط التونسية بفرانكفورت، نافيا نفيا قطعيا أن تكون منتدبة بصفة وهمية مؤكدا على أنها كانت تتردد على مكتبها ومكلفة بمبيعات الجالية التونسية وكانت تباشر عملها باستمرار، باعتبار أنها تقيم مع عائلتها وزوجها وأبنائها بفرانكفورت نافيا أن يكون قد منحها أي امتياز دون أن تكون مباشرة لعملها، وأنها كانت تتقاضى اجرتها طبقا لقرار تعيينها مؤكدا على أن أجرتها وامتيازاتها تضبط من الإدارة المركزية للموارد البشرية التي مقرها بتونس.

ملف عبد الرؤوف العريبي..

وللإشارة فإن الدائرة المتخصصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية ستنظر ايضا في ملف قتل عبد الرؤوف العريبي عضو بالاتجاه الاسلامي تحت التعذيب سنة 1991 بزنزانة امن الدولة.

 وعبد الرؤف العريبي كان انضم منذ السبعينات للحركة الإسلامية وفي سنة 1981 تقدم رفقة عدد من رفاقه بمطلب للحصول على ترخيص قانوني للنشاط تحت إطار حزب حركة الاتجاه الإسلامي، غير أن النظام حينها شن حملة اعتقالات في صفوف الإسلاميين وكان العريبي من بين العناصر القيادية التي نشطت أجهزة البوليس السياسي في البحث عنها لذلك فر إلى بلجيكا خاصة بعد صدور حكم يقضي بسجنه لمدة ثمانية أعوام غيابيا الا أنه عاد إلى تونس عام 1984 بعد قرار النظام الإفراج عن كل المعتقلين من التيار السياسي الديني والمصالحة غير أن البوليس السياسي سرعان ما عاد لمطاردة الإسلاميين وتحديدا عام 1987 وتضييق الخناق عليهم فقرر العريبي مجددا التخفي ومواصلة نشاطه في سرية رفقة بقية رفاقه.

وفي سنة 1988 قامت حركة الاتجاه الإسلامي بعقد مؤتمرها وانتخب العريبي عضوا بمجلس الشورى للحركة وظل يساهم بالرأي والعمل في دوائر متعددة إلى أن وقع اختطافه من قبل البوليس السياسي يوم 3 ماي 1991 حيث كان بصدد مغادرة معهد ثانوي خاص بجهة الحلفاوين بالعاصمة بعد إتمامه الدروس عندما فوجئ بعدد من أعوان الأمن بزيهم المدني يحاصرونه ثم يعتقلونه وينقلونه إلى أحد المقرات الأمنية قبل أن يتوجه بعد نحو أربع ساعات ثلاثة أعوان أمن من البوليس السياسي إلى منزل الشهيد بباردو حيث قاموا بتفتيشه ثم غادروه دون تقديم أية توضيحات عن الوجهة التي نقل إليها.

ومساء يوم 27 ماي 1991 حلّ عونا أمن بالزي المدني بمنزل عائلة عبد الرؤوف العريبي واصطحبا والده إلى مقر منطقة الأمن ببوشوشة حيث وقع إشعاره من طرف أحد المسؤولين الأمنيين بوفاة ابنه لدى إحدى المصالح الأمنية بوزارة الداخلية وحدد له موعد الجنازة ورغم محاولة العائلة -عن طريق أحد المحامين- تأخير موعد الجنازة إلى موعد لاحق لترتيب بعض الأمور إلا أن محاولتها باءت بالفشل فتحول أفرادها في الموعد المحدد إلى المقبرة وقام الأستاذ عبد الفتاح مورو بمواراة عبد الرؤوف الثرى حيث عاين رفقة عائلة الشهيد آثار كدمات وزرقة في الوجه والرقبة والكتفين والصدر إضافة إلى آثار عنف في الساقين و"زلعة" في القصبتين، فيما شوه قميص الأستاذ مورو بالدم من جراء جرح في الجهة الخلفية من رقبة الشهيد .

جلسات استماع..

وخلال جلسة سابقة تم سماع شهادة عبد الناصر شامخ وبعد أداء اليمين وتحذيره من مغبة شهادة الزور وسلامته من القوادح القانونية وبسؤاله إذا كان يعرف الشهيد قبل وفاته لاحظ أنه لم يتقابل معه أبدا في سابق حياته وذكر بما تعرض له من تعذيب في مجموعة براكة الساحل باستعمال الضرب والتعرية "ووضع الدجاجة" وغيرها من أساليب التعذيب ممن يسمون أنفسهم "مجموعة بربروس" وهو الإسم المخطوط على العصي التي كانوا يستعملونها طوال مدة إيقافه في 29 أفريل 1991 بقبو وزارة الداخلية الي تاريخ 17 جوان 1991 مصرحا أن محمد الصالح الحيدري أعلمه ان أحد الموقوفين توفي تحت تأثير التعذيب وأن جسم الضحية كانت تبدو عليها ٱثار التعذيب مؤكدا أن هذا كل ما يعرفه عن المرحوم ولم يعلم باسم الشهيد إلا بعد الثورة بحكمه أصبح ناشطا في مجال حقوق الإنسان وبمقارنة تاريخ الحادثة وتاريخ إيقافه نافيا أن يكون شاهد جثة العريبي ملاحظا أنه قدم ملفا في العدالة الانتقالية وتحصل على مقرر جبر الضرر بقي بدون تنفيذ إلى حد اليوم وطلب عدم تتبع من عذبوه جزائيا.

كما استمعت المحكمة في جلسة سابقة الى أقوال المنسوب إليه الانتهاك الصادق شعبان الذي كان زمن الواقعة مستشارا لحقوق الإنسان لدى رئيس الجمهورية من 20 جوان 1991 الى 8 جوان 1992 ثم وزيرا للعدل بداية من 9 إلى 7 جانفي 1997 وقد ذكر صلب أقواله بانه عندما كان مستشارا تتمثل مهمته في تطوير المجال التشريعي في علاقة بقوانين حقوق الإنسان وأوضح في خصوص الإجتماعات في علاقة بحقوق الإنسان بأنه كانت تتم دعوته من قبل رئيس الجمهورية، اما في خصوص مقابلته لوالدي الشهيد عبد الرؤوف العريبي فان ذلك كان بتكليف من رئيس الجمهورية ملاحظا أنه فعلا أعلمهما بأن الوفاة جائز جدا أن تكون تجاوزا مرتكبا من قبل أحد الأعوان وان الدولة كلفت جهة بالتحري في مثل هذه التجاوزات.

وأوضح شعبان في خصوص ما نسب له عند توليه لوزارة العدل بان اللجنة صلب وزارته مختصة في متابعة مجرى القضايا المرفوعة من قبل الضحايا والمراسلة المرفقة كانت إجابة على مذكرة من رئاسة الجمهورية للرد على التقارير الواردة من المنظمات الدولية نافيا عن نفسه التستر أو المشاركة من قريب أو بعيد في التعذيب وطلب على ذلك الأساس بالحكم عدم سماع الدعوى في شأنها.

طالب الهندسة عثمان بن محمود ..

تنظر أيضا نفس الدائرة في قضية قتل طالب الهندسة عثمان بن محمود رميا بالرصاص أثناء مطاردته من قبل أعوان أمن سنة 1986 -والتي شملت الأبحاث فيها ستة متهمين من بينهم الرئيس الراحل بن علي ووجهت اليهم تهم القتل العمد والشهادة زورا والمشاركة في ذلك.

وعثمان بن محمود طالب في الهندسة ينتمي الى حركة الإتجاه الإسلامي قتل بالرصاص يوم 18 افريل 1984 على يد فرقة أمنية كوّنها الرئيس الراحل بن علي لما كان مديرا عاما للأمن الوطني في تلك الفترة ويطلق عليها فرقة "النمور السود" وهي فرقة مختصة في تعقبّ المعارضين، وقد قام اعوان تلك الفرقة بمطاردة الشهيد بأحد الازقّة بحي الزهور بالعاصمة وقتلته ثم تم اخفاء الأمر.

في الأثناء كانت عائلة الشهيد تبحث عنه وبعد ثلاثة ايام أعلمها مستشفى شارل نيكول بأن جثة ابنهم داخل المشرحة.

وادعى اعوان الأمن الذين قتلوا الشهيد أنهم ضبطوه وهو يحاول سرقة منزل بمنطقة حي الزهور فطاردوه ولما رفض أطلقوا عليه الرصاص فأصيب عن طريق الخطأ برصاصة في رأسه وتوفي.

ولكن تقرير الطبيب الشرعي فنّد رواية الأعوان واثبت أن وفاة الشهيد كانت بسبب تلقيه رصاصات كثيفة من مسافة قريبة جدا كانت موجّهة الى أماكن حساسة في جسده على غرار الصدر.