كم كنا نتمنى ونحن نعيش على وقع المأساة القادمة من مراكش المغربية ودرنة الليبية ان نستعير كلمات الشاعر المأثورة بلاد العرب أوطاني من شام الى يمن الى مصر فتطوان إلى ليبيا إلى عدن، وأن تسقط مع الكارثة التي ألمت ببلدين مغربيين كل الخلافات والصراعات وأن تتجه الجهود والأولوية لإنقاذ الأرواح ومساعدة المنكوبين في هذه المحنة، من المغرب الذي يسابق الزمن لإغاثة مواطنيه الواقعين تحت الأنقاض جراء الزلزال المدمر الذي تقترب حصيلته من ثلاثة آلاف دون اعتبار للخسائر المادية وصولا إلى درنة في ليبيا التي تحولت إلى بركة تتكدس فيها الجثث مع توقعات أن ترتفع حصيلة إعصار "دانيال" الذي ضرب شرق ليبيا العشرة آلاف ضحية... ولكن يبدو أن حتى الكوارث الطبيعية لا يمكن أن تجمع العرب في أعسر اختبار إنساني يمكن أن تواجهه الأمم ..
و بعد نحو خمسة ايام على الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة مراكش المغربية لا يزال الخطر قائما ولا يزال اعوان الحماية المدنية ينبشون عن الاحياء تحت الانقاض ..وكل لحظة تمر يمكن ان تفاقم الحصيلة و تضاعف الخسائر .. ورغم تعقيدات المشهد والحاجة الملحة لتكثيف جهود رجال الانقاذ لا تبدو السلطات المغربية منفتحة على مختلف الدعوات من دول الجوار وغيرها للمشاركة في هذه الجهود... صحبح قد يكون للمغرب أسبابه ومبرراته ولكن الاكيد ان اللحظة تستوجب عدم التردد والتعجيل بوضع حد للخسائر البشرية غير المسبوقة... كل المؤشرات تدفع للاعتقاد أن الكارثة ثقيلة جدا وأنه ليس بامكان أي بلد مواجهة التداعيات بمفرده...نتفهم ان اغلب دول العالم سارعت باعلان نيتها ورغبتها المشاركة في عمليات الاغاثة وهي مسالة طبيعية وراينا ما حدث قبل اشهر بعد كارثة الزلزال الذي هز تركيا وسوريا... وبعيدا عن محاكمة النوايا والبحث عن مبررات للموقف المغربي فان اللحظة تقتضي التعجيل بانقاذ الابرياء والتعجيل بالبحث عن مأوى لآلاف الجرحى والمشردين ..
والأمر ذاته ينسحب على ليبيا الجريحة المغدورة بصراعات أبنائها وخلافاتهم حول السلطة وحروبهم الباردة والساخنة التي لم تمنبه للكارثة والتي تستفيق على وقع ما أصاب شرق ليبيا من موت ومن خراب ودمار جراء الاعصار الذي قد لا تتضح حصيلته قبل وقت طويل...الصور القادمة من ليبيا تؤكد عمق وحجم الكارثة التي طمرت احياء باكملها وجرفت عائلات على بكرة ابيها الامر الذي جعل الزميلة الاعلامية فاطمة غندور تطلق صرخة فزع على صفحتها على "فايسبوك" تناشد الصحفيين في كل العالم توجيه الانظار الى ليبيا كتبت فاطمة غندور " عدد ضحايا درنة تجاوز عدد ضحايا زلزال المغرب اين الاعلام العربي و العالمي؟"...صرخة فاطمة اشتركت في اطلاقها عديد المؤسسات الرسمية في ليبيا التي وجدت نفسها امام كارثة غير مسبوقة تستوجب امكانيات بشرية وأجهزة متطورة لمواجهة الخطر وانقاذ المدن المنكوبة .. تحطم جسرين فاقم المأساة واغرق درنة و المدن المحيطة.. مشاهد الجثث العائمة تدمي القلوب ويبدو ان محاولات دفن كل الضحايا صعبة جدا و تحتاج الى تحديد اماكن بعيدة عن الكارثة حتى لا تطفو الجثث مجددا ...وفيما نتطلع الى تكاثف الجهود الإنسانية الدولية لتخفيف وقع المأساة على الشعب المغربي والليبي نرصد تطورات الأحداث من المعرب مع الأكاديمي والكاتب د طارق ليساوي في هذه المصافحة حول المشهد في المغرب وتداعياته ومن ليبيا مع د. الياس الباروني استاذ العلوم السياسية في جامعة نالوت لقراءة المشهد في ليبيا وما يمكن ان تؤول اليه الأحداث خلال الساعات القليلة القادمة ...
الأكاديمي المغربي د طارق ليساوي لـ"الصباح": الوضع كارثي والمرحلة تستوجب تجاوز الخلافات وقبول المساعدات لإنقاذ الأرواح
دعا الأكاديمي طارق ليساوي إلى قراءة تداعيات كارثة الزلزال الذي هز المغرب قراءة واقعية، معتبرا أن المرحلة على درجة من الخطورة وتستوجب تأجيل الخلافات وتعزيز التعاون لإنقاذ الأرواح العمالقة تحت الأنقاض، كما حث السلطات المغربية على التعاطي بإيجابية مع استعدادات مختلف الدول لا سيما الجزائر للمساعدة في مواجهة الكارثة وفيما يلي نص الحديث.
من ناحية جهود الإغاثة والإنقاذ فهي تسير بوتيرة بطيئة وصراحة لا نفهم موقف الحكومة المغربية في عدم التجاوب مع عروض المساعدة من دول صديقة وشقيقة ولا أجد شخصيا تفسيرا موضوعيا مقنعا لان الوضع كارثي وآلية الإنقاذ محدودة وحجم الكارثة كبير، أكيد أن سيف الوقت أيضا في هذه الحالة مسلط على الرقاب وكلما تم التعجيل بالإنقاذ كلما كان بالإمكان إنقاذ مزيد الأرواح. لا يزال لدينا أمل في إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، اغلب البنايات طينية والدمار كبير والحكومة جانبت الصواب في تعاملها مع عروض المساعدة الإنسانية، أقول هذا بحسرة كبيرة أمامنا كارثة ويجب تجاوز الخلافات والحسابات وكل من له قدرة على المساعدة فليباشر بذلك خاصة فرق الإنقاذ .
حجم الفاجعة حقا صادم وملامح المأساة بدأت تنكشف هناك مواطنين تحت الأنقاض في جبال وقرى وأرياف المغرب المنسي، كثير من سكان هذا العالم المهدد بالكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، قد يعرفون مراكش الحمراء، لكن على ضواحي هذه المدينة التاريخية والسياحية المعروفة بفنادقها المصنفة 7 نجوم و5 نجوم، على ضواحيها قرى لا زالت تنتمي لعصر الموحدين.. تعيش على نمط بناء لا صلة له بالعصر وبأدوات بدائية جدا قوامها الحجر والطين.
أغلب الخسائر في الأرواح تم تسجيلها بالقرى والمناطق الجبلية في مراكش وتارودانت… فقد ضرب الزلزال بقوة قرى ضواحي إقليم شيشاوة، مثل إغرمانو ”تيخت” وأبارداتن وتكاديرت وكلها تابعة لبلدية “أديسيل” القروية…
لماذا قبل المغرب مساعدات اسبانيا ورفض مساعدات دول مجاورة وماذا عن إسرائيل؟
-اسبانيا لها فريق متخصص في هذه الحالات وشاركتنا عمليات الإنقاذ في 2004 وكان له دور بالغ في عمليات الإنقاذ وايطاليا أيضا لكن قطر والإمارات نعلم جيدا علاقات المغرب القوية بدول الخليج، شخصيا لدي تحفظ في الحالة الإسرائيلية هل فعلا أعطت الحكومة المغربية الإذن لإسرائيل، لا ليس لدي جواب حاسم ولكني ضد الاستعانة بالكيان الصهيوني وكان من باب أولى فتح قبول العروض الجزائرية للمشاركة في عمليات الإنقاذ اغلب الشعب المغربي لا يقبل مشاركة الإسرائيليين الذين يتذرعون بمساعدة اليهود المغاربة.
هل فعلا عرضت الجزائر المساعدة؟
-نعم الجزائر عرضت المساعدة وما يخفف وقع هذه المحنة أن الموقف الجزائري كان ايجابيا منذ الساعات الأولى حيث أعلنت الجزائر عن فتح المجال الجوي واستعدادها لإرسال فرق إنقاذ وحتى على المستوى الرسمي المغربي ليس هناك رفض لهذه الخطوة، ووزير العدل المغربي قال:"نرحب بالمساعدة الجزائرية شرط أن تكون مما نحتاجه"، المشكل أن الحكومة تتذرع بأنها في حاجة لمساعدات تقنية.
و ماذا عن إعلان تونس استعدادها لإرسال فرق إنقاذ تونسية؟
-هناك ترحيب رسمي بالمساعدات التونسية لكن الحكومة مترددة في قبول هذه الفرق الدولية صراحة لا نفهم هذه المماطلة فالمرحلة تستوجب تأجيل الخلافات، الزلزال كارثي والوضع صعب جدا.
في الحقيقة اعجز عن تحليل القرارات السياسية للمغرب ولكن ما اعلمه أن الطبيعي في مثل هذه الكوارث المأساوية تأجيل الخلافات وإنقاذ الأرواح بعيدا عن الخلافات والصراعات. هناك ارتباك في التعاطي مع الكارثة و قناعتي أننا إزاء نفس السيناريو الذي رافق مأساة الطفل رايان وكيف أن الدولة لم تحسن التعاطي معها آنذاك إلى أن توفي الطفل في البئر وكان بالإمكان الاستفادة من عروض الإنقاذ التي قدمتها دول لها خبرة وإمكانيات معلومة، اليوم مأساة ريان الطفل تتكرر ولكن على نطاق واسع والوقت لا يرحم.
كيف تقيم التضامن الدولي الإنساني هل كان في حجم الاختبار؟
-الكل يسأل ما سر حجم التضامن والعروض التي قدمت للمغرب، الحقيقة أن الاستعدادات للمساعدة والتضامن كبير جدا واغلب دول العالم العربي و الإسلامي والدولي ومجموعة الـ20 كانت حاضرة واغلب الدول قدمت للمغرب صكا على بياض ما يمكن تأكيده أننا فوجئنا فعلا بكل هذا التضامن الدولي وقبل ذلك التضامن داخل المغرب بين المواطنين رغم الفقر والحاجة و الأكيد أيضا أن المغرب والسلطة المغربية دائما في الموعد لتقديم المساعدات لكل شعوب العالم في الأزمات والكوارث وأحيانا كنا ننتقد السلطة على ذلك ونقول المغاربة أولى بهذه المساعدات.
هل تتفق معي أن التضامن الدولي والعربي مع ليبيا لم يكن في مستوى الكارثة التي تتجاوز في تداعياتها زلزال المغرب؟
-سمعت تصريحات وزير الصحة الليبي ويبدو أن هناك حصيلة ثقيلة جدا وربما تبلغ العشرة آلاف ضحية في إعصار "دانيال" و هو فعلا مقارنة بما حدث في المغرب يمكن القول انه أثقل بكثير فعلا لم نشعر أن هناك تعاطفا كبيرا ربما بحكم السنوات العجاف التي مرت بها ليبيا وحالة الانقسام إلى جانب الوضع الداخلي المتأزم في ليبيا ولكن كل هذه الأسباب لا تمنع أن نكون جميعا متضامنين مع ليبيا وأن نفتح المجال الجوي لنقل الإغاثة إلى أهالي المناطق المنكوبة كل العالم في حاجة للتضامن والتكتل والدول المغاربية بدورها أولى بالتضامن فيما بينها لمواجهة التحديات المناخية و لا يمكن للمغرب أو ليبيا مواجهة ما يحدث بمفردهما
لقد حير زلزال المغرب علماء الجيولوجيا حيث وقع في مكان بعيد عن الصفائح التكتونية ومع ذلك فقد وقع الزلزال في هذه المنطقة التي لا يعرفها الكثير من المغاربة ما يحدث في المغرب وليبيا يحمل الكثير من الرسائل ومع الأسف هناك سياسة الكيل بمكيالين و هذا هو الواقع ..
كيف يمكن تفسير هذا الحجم الكبير من الدمار في المباني والقرى التي طمرت تحت الركام؟
-بؤرة المأساة كانت في المغرب العميق المنسي، ولا ينبغي أن نحمل الزلزال ما لا يطيق، علينا التأكيد بأن ما حدث تتحمل فيه السياسات العمومية المتبعة منذ الاستعمار و بعد الاستقلال مسؤولية معتبرة، مسؤولية ترسيخ الفقر والهشاشة والتهميش والعجز التنموي والتأخر العمراني، في هذه القرى والمناطق المنكوبة المواطن الفقير يبني بيته من حجر وطين لتقيه حر الشمس وقساوة البرد، هذا مغرب آخر مغاير لمغرب الفنادق المصنفة والأبراج العالية والقطار الفائق السرعة، مغرب يكبر أبناءه بالخبز والشاي، تسافر فيه كيلومترات مشيا على الأقدام لجلب الماء…، هذا المغرب منسي لا يتحدث عنه أحد ووصف زورا و بهتانا منذ الاستعمار الفرنسي بالمغرب “غير نافع”، هذا المغرب المنسي هو خزان اليد العاملة التي تشتغل في حواضر المدن الكبرى، يهاجر أبناءه منذ سن مبكرة تاركين المدارس للبحث عن لقمة عيش..
لأسف علينا الإقرار والاعتراف، بأن الكثير من ضحايا المغرب المنسي لم يقتلهم الزلزال، بل ماتوا بسبب ضعف البنية التحتية وبسبب الفقر والجوع وانعدام الوسائل الطبية، لم يراعوا في جثثهم حق الإكرام والدفن وتركوا أجسامهم الطاهرة في العراء تحت أشعة الشمس حتى باتت رائحة الموت تفوح في كل مكان. نسألك يا الله أن تنتقم من كل مسؤول نهب خيرات بلاد المغرب وكان سببا في فقر هؤلاء المساكين…
ماذا بعد الكارثة وكيف سيتجاوز المغرب المحنة؟
-مجابهة كارثة بهذا الحجم بالاعتماد على جهود الدولة وحدها لا تكفي،” و الأزمة والكارثة اكبر من قدرة الحكومة والدولة على إدارتها وتجاوزها، وخاصة أن العالقين تحت الأنقاض والركام بحاجة إلى مئات من الفرق المتخصصة للقيام بهذا العمل وان حاجة الإغاثة تتجاوز بكثير جهد التبرع بالدم وإعداد من تهدمت بيوتهم وأصبحوا يبيتون بالعراء قد يكونون بعشرات أو مئات الآلاف وعدد من تأثروا وتضرروا مباشرة قد يتجاوز 300 إلى 400الف، و هو ما يعادل واحد بالمائة من عدد سكان المغرب وان مسؤولية إغاثة هؤلاء تقع على عاتق الـ99 بالمائة من السكان الذين نجوا دون تأثر من الكارثة .
الياس الباروني أستاذ العلوم السياسية في جامعة نالوت الليبية: "ليبيا في محنة الضحايا بالآلاف و على المجتمع الدولي التعجيل بتقديم المساعدة "
اعتبر الأستاذ الجامعي الياس الباروني أن ليبيا تواجه كارثة غير مسبوقة لم تعرفها الحكومات الليبية طوال نصف قرن، و دعا الباروني المجتمع الدولي إلى التعجيل بمد يد المساعدة للمدن الليبية المنكوبة، وحث الفرقاء في ليبيا على التقاط اللحظة لتعزيز الوحدة الوطنية و فيما يلي نص الحديث:
لا خلاف أننا إزاء كارثة غير مسبوقة، الأضرار البشرية كبيرة جدا والأضرار المادية أيضا لا احد إطلاقا توقع أن تكون الكارثة بهذا الحجم، المصادر الرسمية لم تتوصل إلى حصيلة نهائية حتى الآن و لكن التقديرات تشير إلى 6 آلاف ضحية وهي مرشحة أن تتضاعف، وسائل الإنقاذ في درنة محدودة جدا وحوالي ثلثي المدينة لم يسجل بعد انطلاق عمليات الإنقاذ التي شملت ثلث المدينة فحسب. المجتمع المدني والهلال الأحمر في حالة استنفار قدر المستطاع ويحاولون الوصول إلى الأهالي وكل من يطلبون النجدة، المستشفيات خارج الخدمة، المدارس بدورها باتت خارج الخدمة ومئات بل آلاف الأسر بدون مأوى. درنة بأكملها غمرتها المياه انفجار السدود كان كارثيا درنة البيضاء الجبل الأخضر هذه المناطق الواقعة شرق ليبيا منكوبة. ألاف الجثث مكدسة وأخرى عائمة المشهد مؤلم و كارثي في كل تفاصيله .
ماذا عن ردود فعل المجتمع الدولي و هل كانت في حجم الكارثة؟
-دول عديدة بادرت بالإعلان عن مساعدات مادية ومعنوية وإرسال قوافل إغاثة وهناك حاجة أكيدة وعاجلة لوسائل إنقاذ متطورة ليبيا كما هو معلوم تمر بظروف سياسية واقتصادية صعبة وهناك دول صديقة كثيرة أبدت استعدادها للمساعدة وفعلا بدأت قوافل الإنقاذ تصل إلى ليبيا. لكن الأمور ليست مهيأة و هنا صعوبات في الوصول إلى المنطقة الغربية والوسطى نتيجة تقطع الطرق وانهيار الكثير منها استخدام الطيران والهليكوبتر لم يكن ممكنا في اليوم الأول بسبب الرياح العاتية منذ اليوم (أمس الثلاثاء)بدأت عمليات الإغاثة. الوضع مأساوي الجثث مكدسة على الطرقات و ليس بالإمكان دفنها بسبب المياه البحر بدأ يلفظ المزيد من الجثث .
كيف يمكن تفسير هذا التأخر في التضامن العربي والدولي مع ليبيا في هذه المحنة ولماذا غاب التضامن الدولي حتى الآن؟
-هناك فقر في المعلومة حتى داخل ليبيا،لم يتوقع الليبيون حجم الكارثة، الإعلام كان يتحدث عن غيث نافع وفعلا كانت امطار مسترسلة طوال ثلاثة أيام و لا شيء كان يوحي بالغضب القادم ثم تفاجأ الشارع الليبي ومعه العالم بما حدث وكان اعصار "دانيال" عنيفا وجرف معه مئات الضحايا ودمر الكثير من المباني. هناك تضامن ليبي ليبي وهو مهم ولكنه لن يكون كافيا حكومة الوحدة الوطنية سارعت بالتحرك وأعلنت حالة الطوارئ وبدأت إرسال القوافل للمنكوبين والوصول إلى مصراتة. رسالتنا الى المجتمع الدولي حجم الدمار كبير مدن بأكملها اختفت هناك انهيار كامل في البنية التحتية ودمار شمل المدارس والمؤسسات والبنايات والمساكن.كل القطاعات تحتاج الى مساعدة دولية لاستيعاب وإيواء العائلات التي تشردت .
لم يسبق أن عرفت ليبيا مثل هذا الدمار منذ زلزال المرج في 1963 إعصار دانيال هو الأعنف في تاريخ ليبيا ولم يسبق لكل الحكومات على مدى نصف قرن أن واجهت مثل هذه الكارثة ..
كيف فاقم الانقسام المأساة وهي يمكن أن تكون الكارثة فرصة لاستعادة الوعي المفقود و تجنيب ليبيا مزيد المآسي؟
-يمكن القول أنه رغم الانقسام السياسي الحاصل فان الجهود اليوم مشتركة بين حكومة الوحدة الوطنية وحكومة حماد في التعاطي مع الكارثة والأولوية لإنقاذ الأرواح وتوحيد الجهود لمواجهة الحادث الجلل .الوضع الليبي يحتاج للوحدة الوطنية و ترك الخلافات جانبا .نعم بالإمكان الاستفادة من الظروف لتوجيه رسالة للداخل والخارج كيف نجابه الفقر والتحديات وليبيا تعاني تعدد المآسي ولم تشهد منذ عقود إقامة طرق جديدة البنية التحتية تهالكت و لم يقع صيانتها منذ خمسين عاما و الأمر ينسحب على المرافق العمومية والمؤسسات، التركة ثقيلة و الإعصار زادنا مآسي على المأساة .
لماذا لم يستنفر المجتمع الدولي إزاء مصاب ليبيا ولماذا هذا التخاذل؟
-لا احد توقع ما حدث حتى في الداخل الليبي، الإعصار كارثة طبيعية لا تتضح تداعياته في الحين على عكس الزلزال الذي غالبا ما تكون الصورة حاضرة في لحظة وقوع الكارثة. الآن بدأت الصورة تتضح وحجم الكارثة بات معلوما أمام الجميع هناك مدن منكوبة والضحايا بالآلاف ونحتاج لتضامن دولي من الدول الكبرى، تونس بادرت بالإعلان عن تقديم مساعدات لليبيا و الرئيس قيس سعيد وجه بذلك رغم ظروف تونس و المصاعب الاقتصادية التي تمر بها و هذا لا نخاله أمرا جديدا في الأربعينات من القرن الماضي كانت تونس في نصرة ليبيا وبعد الثورة استقبلت تونس اللاجئين الليبيين، وهذه رسالة من بلد عربي أن لتونس إستراتيجية ثابة في مساعدة الدول ونتأمل أن تكون كل الدول العربية في الموعد. بالأمس كانت ليبيا حاضرة في تقديم المساعدة خلال زلزال سوريا و تركيا و هذا ليس منة بل مسؤولية أخلاقية وإنسانية وتاريخية ليبيا اليوم في محنة وتحتاج مساعدة كل دول العالم ..
اسيا العتروس
كم كنا نتمنى ونحن نعيش على وقع المأساة القادمة من مراكش المغربية ودرنة الليبية ان نستعير كلمات الشاعر المأثورة بلاد العرب أوطاني من شام الى يمن الى مصر فتطوان إلى ليبيا إلى عدن، وأن تسقط مع الكارثة التي ألمت ببلدين مغربيين كل الخلافات والصراعات وأن تتجه الجهود والأولوية لإنقاذ الأرواح ومساعدة المنكوبين في هذه المحنة، من المغرب الذي يسابق الزمن لإغاثة مواطنيه الواقعين تحت الأنقاض جراء الزلزال المدمر الذي تقترب حصيلته من ثلاثة آلاف دون اعتبار للخسائر المادية وصولا إلى درنة في ليبيا التي تحولت إلى بركة تتكدس فيها الجثث مع توقعات أن ترتفع حصيلة إعصار "دانيال" الذي ضرب شرق ليبيا العشرة آلاف ضحية... ولكن يبدو أن حتى الكوارث الطبيعية لا يمكن أن تجمع العرب في أعسر اختبار إنساني يمكن أن تواجهه الأمم ..
و بعد نحو خمسة ايام على الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة مراكش المغربية لا يزال الخطر قائما ولا يزال اعوان الحماية المدنية ينبشون عن الاحياء تحت الانقاض ..وكل لحظة تمر يمكن ان تفاقم الحصيلة و تضاعف الخسائر .. ورغم تعقيدات المشهد والحاجة الملحة لتكثيف جهود رجال الانقاذ لا تبدو السلطات المغربية منفتحة على مختلف الدعوات من دول الجوار وغيرها للمشاركة في هذه الجهود... صحبح قد يكون للمغرب أسبابه ومبرراته ولكن الاكيد ان اللحظة تستوجب عدم التردد والتعجيل بوضع حد للخسائر البشرية غير المسبوقة... كل المؤشرات تدفع للاعتقاد أن الكارثة ثقيلة جدا وأنه ليس بامكان أي بلد مواجهة التداعيات بمفرده...نتفهم ان اغلب دول العالم سارعت باعلان نيتها ورغبتها المشاركة في عمليات الاغاثة وهي مسالة طبيعية وراينا ما حدث قبل اشهر بعد كارثة الزلزال الذي هز تركيا وسوريا... وبعيدا عن محاكمة النوايا والبحث عن مبررات للموقف المغربي فان اللحظة تقتضي التعجيل بانقاذ الابرياء والتعجيل بالبحث عن مأوى لآلاف الجرحى والمشردين ..
والأمر ذاته ينسحب على ليبيا الجريحة المغدورة بصراعات أبنائها وخلافاتهم حول السلطة وحروبهم الباردة والساخنة التي لم تمنبه للكارثة والتي تستفيق على وقع ما أصاب شرق ليبيا من موت ومن خراب ودمار جراء الاعصار الذي قد لا تتضح حصيلته قبل وقت طويل...الصور القادمة من ليبيا تؤكد عمق وحجم الكارثة التي طمرت احياء باكملها وجرفت عائلات على بكرة ابيها الامر الذي جعل الزميلة الاعلامية فاطمة غندور تطلق صرخة فزع على صفحتها على "فايسبوك" تناشد الصحفيين في كل العالم توجيه الانظار الى ليبيا كتبت فاطمة غندور " عدد ضحايا درنة تجاوز عدد ضحايا زلزال المغرب اين الاعلام العربي و العالمي؟"...صرخة فاطمة اشتركت في اطلاقها عديد المؤسسات الرسمية في ليبيا التي وجدت نفسها امام كارثة غير مسبوقة تستوجب امكانيات بشرية وأجهزة متطورة لمواجهة الخطر وانقاذ المدن المنكوبة .. تحطم جسرين فاقم المأساة واغرق درنة و المدن المحيطة.. مشاهد الجثث العائمة تدمي القلوب ويبدو ان محاولات دفن كل الضحايا صعبة جدا و تحتاج الى تحديد اماكن بعيدة عن الكارثة حتى لا تطفو الجثث مجددا ...وفيما نتطلع الى تكاثف الجهود الإنسانية الدولية لتخفيف وقع المأساة على الشعب المغربي والليبي نرصد تطورات الأحداث من المعرب مع الأكاديمي والكاتب د طارق ليساوي في هذه المصافحة حول المشهد في المغرب وتداعياته ومن ليبيا مع د. الياس الباروني استاذ العلوم السياسية في جامعة نالوت لقراءة المشهد في ليبيا وما يمكن ان تؤول اليه الأحداث خلال الساعات القليلة القادمة ...
الأكاديمي المغربي د طارق ليساوي لـ"الصباح": الوضع كارثي والمرحلة تستوجب تجاوز الخلافات وقبول المساعدات لإنقاذ الأرواح
دعا الأكاديمي طارق ليساوي إلى قراءة تداعيات كارثة الزلزال الذي هز المغرب قراءة واقعية، معتبرا أن المرحلة على درجة من الخطورة وتستوجب تأجيل الخلافات وتعزيز التعاون لإنقاذ الأرواح العمالقة تحت الأنقاض، كما حث السلطات المغربية على التعاطي بإيجابية مع استعدادات مختلف الدول لا سيما الجزائر للمساعدة في مواجهة الكارثة وفيما يلي نص الحديث.
من ناحية جهود الإغاثة والإنقاذ فهي تسير بوتيرة بطيئة وصراحة لا نفهم موقف الحكومة المغربية في عدم التجاوب مع عروض المساعدة من دول صديقة وشقيقة ولا أجد شخصيا تفسيرا موضوعيا مقنعا لان الوضع كارثي وآلية الإنقاذ محدودة وحجم الكارثة كبير، أكيد أن سيف الوقت أيضا في هذه الحالة مسلط على الرقاب وكلما تم التعجيل بالإنقاذ كلما كان بالإمكان إنقاذ مزيد الأرواح. لا يزال لدينا أمل في إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، اغلب البنايات طينية والدمار كبير والحكومة جانبت الصواب في تعاملها مع عروض المساعدة الإنسانية، أقول هذا بحسرة كبيرة أمامنا كارثة ويجب تجاوز الخلافات والحسابات وكل من له قدرة على المساعدة فليباشر بذلك خاصة فرق الإنقاذ .
حجم الفاجعة حقا صادم وملامح المأساة بدأت تنكشف هناك مواطنين تحت الأنقاض في جبال وقرى وأرياف المغرب المنسي، كثير من سكان هذا العالم المهدد بالكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، قد يعرفون مراكش الحمراء، لكن على ضواحي هذه المدينة التاريخية والسياحية المعروفة بفنادقها المصنفة 7 نجوم و5 نجوم، على ضواحيها قرى لا زالت تنتمي لعصر الموحدين.. تعيش على نمط بناء لا صلة له بالعصر وبأدوات بدائية جدا قوامها الحجر والطين.
أغلب الخسائر في الأرواح تم تسجيلها بالقرى والمناطق الجبلية في مراكش وتارودانت… فقد ضرب الزلزال بقوة قرى ضواحي إقليم شيشاوة، مثل إغرمانو ”تيخت” وأبارداتن وتكاديرت وكلها تابعة لبلدية “أديسيل” القروية…
لماذا قبل المغرب مساعدات اسبانيا ورفض مساعدات دول مجاورة وماذا عن إسرائيل؟
-اسبانيا لها فريق متخصص في هذه الحالات وشاركتنا عمليات الإنقاذ في 2004 وكان له دور بالغ في عمليات الإنقاذ وايطاليا أيضا لكن قطر والإمارات نعلم جيدا علاقات المغرب القوية بدول الخليج، شخصيا لدي تحفظ في الحالة الإسرائيلية هل فعلا أعطت الحكومة المغربية الإذن لإسرائيل، لا ليس لدي جواب حاسم ولكني ضد الاستعانة بالكيان الصهيوني وكان من باب أولى فتح قبول العروض الجزائرية للمشاركة في عمليات الإنقاذ اغلب الشعب المغربي لا يقبل مشاركة الإسرائيليين الذين يتذرعون بمساعدة اليهود المغاربة.
هل فعلا عرضت الجزائر المساعدة؟
-نعم الجزائر عرضت المساعدة وما يخفف وقع هذه المحنة أن الموقف الجزائري كان ايجابيا منذ الساعات الأولى حيث أعلنت الجزائر عن فتح المجال الجوي واستعدادها لإرسال فرق إنقاذ وحتى على المستوى الرسمي المغربي ليس هناك رفض لهذه الخطوة، ووزير العدل المغربي قال:"نرحب بالمساعدة الجزائرية شرط أن تكون مما نحتاجه"، المشكل أن الحكومة تتذرع بأنها في حاجة لمساعدات تقنية.
و ماذا عن إعلان تونس استعدادها لإرسال فرق إنقاذ تونسية؟
-هناك ترحيب رسمي بالمساعدات التونسية لكن الحكومة مترددة في قبول هذه الفرق الدولية صراحة لا نفهم هذه المماطلة فالمرحلة تستوجب تأجيل الخلافات، الزلزال كارثي والوضع صعب جدا.
في الحقيقة اعجز عن تحليل القرارات السياسية للمغرب ولكن ما اعلمه أن الطبيعي في مثل هذه الكوارث المأساوية تأجيل الخلافات وإنقاذ الأرواح بعيدا عن الخلافات والصراعات. هناك ارتباك في التعاطي مع الكارثة و قناعتي أننا إزاء نفس السيناريو الذي رافق مأساة الطفل رايان وكيف أن الدولة لم تحسن التعاطي معها آنذاك إلى أن توفي الطفل في البئر وكان بالإمكان الاستفادة من عروض الإنقاذ التي قدمتها دول لها خبرة وإمكانيات معلومة، اليوم مأساة ريان الطفل تتكرر ولكن على نطاق واسع والوقت لا يرحم.
كيف تقيم التضامن الدولي الإنساني هل كان في حجم الاختبار؟
-الكل يسأل ما سر حجم التضامن والعروض التي قدمت للمغرب، الحقيقة أن الاستعدادات للمساعدة والتضامن كبير جدا واغلب دول العالم العربي و الإسلامي والدولي ومجموعة الـ20 كانت حاضرة واغلب الدول قدمت للمغرب صكا على بياض ما يمكن تأكيده أننا فوجئنا فعلا بكل هذا التضامن الدولي وقبل ذلك التضامن داخل المغرب بين المواطنين رغم الفقر والحاجة و الأكيد أيضا أن المغرب والسلطة المغربية دائما في الموعد لتقديم المساعدات لكل شعوب العالم في الأزمات والكوارث وأحيانا كنا ننتقد السلطة على ذلك ونقول المغاربة أولى بهذه المساعدات.
هل تتفق معي أن التضامن الدولي والعربي مع ليبيا لم يكن في مستوى الكارثة التي تتجاوز في تداعياتها زلزال المغرب؟
-سمعت تصريحات وزير الصحة الليبي ويبدو أن هناك حصيلة ثقيلة جدا وربما تبلغ العشرة آلاف ضحية في إعصار "دانيال" و هو فعلا مقارنة بما حدث في المغرب يمكن القول انه أثقل بكثير فعلا لم نشعر أن هناك تعاطفا كبيرا ربما بحكم السنوات العجاف التي مرت بها ليبيا وحالة الانقسام إلى جانب الوضع الداخلي المتأزم في ليبيا ولكن كل هذه الأسباب لا تمنع أن نكون جميعا متضامنين مع ليبيا وأن نفتح المجال الجوي لنقل الإغاثة إلى أهالي المناطق المنكوبة كل العالم في حاجة للتضامن والتكتل والدول المغاربية بدورها أولى بالتضامن فيما بينها لمواجهة التحديات المناخية و لا يمكن للمغرب أو ليبيا مواجهة ما يحدث بمفردهما
لقد حير زلزال المغرب علماء الجيولوجيا حيث وقع في مكان بعيد عن الصفائح التكتونية ومع ذلك فقد وقع الزلزال في هذه المنطقة التي لا يعرفها الكثير من المغاربة ما يحدث في المغرب وليبيا يحمل الكثير من الرسائل ومع الأسف هناك سياسة الكيل بمكيالين و هذا هو الواقع ..
كيف يمكن تفسير هذا الحجم الكبير من الدمار في المباني والقرى التي طمرت تحت الركام؟
-بؤرة المأساة كانت في المغرب العميق المنسي، ولا ينبغي أن نحمل الزلزال ما لا يطيق، علينا التأكيد بأن ما حدث تتحمل فيه السياسات العمومية المتبعة منذ الاستعمار و بعد الاستقلال مسؤولية معتبرة، مسؤولية ترسيخ الفقر والهشاشة والتهميش والعجز التنموي والتأخر العمراني، في هذه القرى والمناطق المنكوبة المواطن الفقير يبني بيته من حجر وطين لتقيه حر الشمس وقساوة البرد، هذا مغرب آخر مغاير لمغرب الفنادق المصنفة والأبراج العالية والقطار الفائق السرعة، مغرب يكبر أبناءه بالخبز والشاي، تسافر فيه كيلومترات مشيا على الأقدام لجلب الماء…، هذا المغرب منسي لا يتحدث عنه أحد ووصف زورا و بهتانا منذ الاستعمار الفرنسي بالمغرب “غير نافع”، هذا المغرب المنسي هو خزان اليد العاملة التي تشتغل في حواضر المدن الكبرى، يهاجر أبناءه منذ سن مبكرة تاركين المدارس للبحث عن لقمة عيش..
لأسف علينا الإقرار والاعتراف، بأن الكثير من ضحايا المغرب المنسي لم يقتلهم الزلزال، بل ماتوا بسبب ضعف البنية التحتية وبسبب الفقر والجوع وانعدام الوسائل الطبية، لم يراعوا في جثثهم حق الإكرام والدفن وتركوا أجسامهم الطاهرة في العراء تحت أشعة الشمس حتى باتت رائحة الموت تفوح في كل مكان. نسألك يا الله أن تنتقم من كل مسؤول نهب خيرات بلاد المغرب وكان سببا في فقر هؤلاء المساكين…
ماذا بعد الكارثة وكيف سيتجاوز المغرب المحنة؟
-مجابهة كارثة بهذا الحجم بالاعتماد على جهود الدولة وحدها لا تكفي،” و الأزمة والكارثة اكبر من قدرة الحكومة والدولة على إدارتها وتجاوزها، وخاصة أن العالقين تحت الأنقاض والركام بحاجة إلى مئات من الفرق المتخصصة للقيام بهذا العمل وان حاجة الإغاثة تتجاوز بكثير جهد التبرع بالدم وإعداد من تهدمت بيوتهم وأصبحوا يبيتون بالعراء قد يكونون بعشرات أو مئات الآلاف وعدد من تأثروا وتضرروا مباشرة قد يتجاوز 300 إلى 400الف، و هو ما يعادل واحد بالمائة من عدد سكان المغرب وان مسؤولية إغاثة هؤلاء تقع على عاتق الـ99 بالمائة من السكان الذين نجوا دون تأثر من الكارثة .
الياس الباروني أستاذ العلوم السياسية في جامعة نالوت الليبية: "ليبيا في محنة الضحايا بالآلاف و على المجتمع الدولي التعجيل بتقديم المساعدة "
اعتبر الأستاذ الجامعي الياس الباروني أن ليبيا تواجه كارثة غير مسبوقة لم تعرفها الحكومات الليبية طوال نصف قرن، و دعا الباروني المجتمع الدولي إلى التعجيل بمد يد المساعدة للمدن الليبية المنكوبة، وحث الفرقاء في ليبيا على التقاط اللحظة لتعزيز الوحدة الوطنية و فيما يلي نص الحديث:
لا خلاف أننا إزاء كارثة غير مسبوقة، الأضرار البشرية كبيرة جدا والأضرار المادية أيضا لا احد إطلاقا توقع أن تكون الكارثة بهذا الحجم، المصادر الرسمية لم تتوصل إلى حصيلة نهائية حتى الآن و لكن التقديرات تشير إلى 6 آلاف ضحية وهي مرشحة أن تتضاعف، وسائل الإنقاذ في درنة محدودة جدا وحوالي ثلثي المدينة لم يسجل بعد انطلاق عمليات الإنقاذ التي شملت ثلث المدينة فحسب. المجتمع المدني والهلال الأحمر في حالة استنفار قدر المستطاع ويحاولون الوصول إلى الأهالي وكل من يطلبون النجدة، المستشفيات خارج الخدمة، المدارس بدورها باتت خارج الخدمة ومئات بل آلاف الأسر بدون مأوى. درنة بأكملها غمرتها المياه انفجار السدود كان كارثيا درنة البيضاء الجبل الأخضر هذه المناطق الواقعة شرق ليبيا منكوبة. ألاف الجثث مكدسة وأخرى عائمة المشهد مؤلم و كارثي في كل تفاصيله .
ماذا عن ردود فعل المجتمع الدولي و هل كانت في حجم الكارثة؟
-دول عديدة بادرت بالإعلان عن مساعدات مادية ومعنوية وإرسال قوافل إغاثة وهناك حاجة أكيدة وعاجلة لوسائل إنقاذ متطورة ليبيا كما هو معلوم تمر بظروف سياسية واقتصادية صعبة وهناك دول صديقة كثيرة أبدت استعدادها للمساعدة وفعلا بدأت قوافل الإنقاذ تصل إلى ليبيا. لكن الأمور ليست مهيأة و هنا صعوبات في الوصول إلى المنطقة الغربية والوسطى نتيجة تقطع الطرق وانهيار الكثير منها استخدام الطيران والهليكوبتر لم يكن ممكنا في اليوم الأول بسبب الرياح العاتية منذ اليوم (أمس الثلاثاء)بدأت عمليات الإغاثة. الوضع مأساوي الجثث مكدسة على الطرقات و ليس بالإمكان دفنها بسبب المياه البحر بدأ يلفظ المزيد من الجثث .
كيف يمكن تفسير هذا التأخر في التضامن العربي والدولي مع ليبيا في هذه المحنة ولماذا غاب التضامن الدولي حتى الآن؟
-هناك فقر في المعلومة حتى داخل ليبيا،لم يتوقع الليبيون حجم الكارثة، الإعلام كان يتحدث عن غيث نافع وفعلا كانت امطار مسترسلة طوال ثلاثة أيام و لا شيء كان يوحي بالغضب القادم ثم تفاجأ الشارع الليبي ومعه العالم بما حدث وكان اعصار "دانيال" عنيفا وجرف معه مئات الضحايا ودمر الكثير من المباني. هناك تضامن ليبي ليبي وهو مهم ولكنه لن يكون كافيا حكومة الوحدة الوطنية سارعت بالتحرك وأعلنت حالة الطوارئ وبدأت إرسال القوافل للمنكوبين والوصول إلى مصراتة. رسالتنا الى المجتمع الدولي حجم الدمار كبير مدن بأكملها اختفت هناك انهيار كامل في البنية التحتية ودمار شمل المدارس والمؤسسات والبنايات والمساكن.كل القطاعات تحتاج الى مساعدة دولية لاستيعاب وإيواء العائلات التي تشردت .
لم يسبق أن عرفت ليبيا مثل هذا الدمار منذ زلزال المرج في 1963 إعصار دانيال هو الأعنف في تاريخ ليبيا ولم يسبق لكل الحكومات على مدى نصف قرن أن واجهت مثل هذه الكارثة ..
كيف فاقم الانقسام المأساة وهي يمكن أن تكون الكارثة فرصة لاستعادة الوعي المفقود و تجنيب ليبيا مزيد المآسي؟
-يمكن القول أنه رغم الانقسام السياسي الحاصل فان الجهود اليوم مشتركة بين حكومة الوحدة الوطنية وحكومة حماد في التعاطي مع الكارثة والأولوية لإنقاذ الأرواح وتوحيد الجهود لمواجهة الحادث الجلل .الوضع الليبي يحتاج للوحدة الوطنية و ترك الخلافات جانبا .نعم بالإمكان الاستفادة من الظروف لتوجيه رسالة للداخل والخارج كيف نجابه الفقر والتحديات وليبيا تعاني تعدد المآسي ولم تشهد منذ عقود إقامة طرق جديدة البنية التحتية تهالكت و لم يقع صيانتها منذ خمسين عاما و الأمر ينسحب على المرافق العمومية والمؤسسات، التركة ثقيلة و الإعصار زادنا مآسي على المأساة .
لماذا لم يستنفر المجتمع الدولي إزاء مصاب ليبيا ولماذا هذا التخاذل؟
-لا احد توقع ما حدث حتى في الداخل الليبي، الإعصار كارثة طبيعية لا تتضح تداعياته في الحين على عكس الزلزال الذي غالبا ما تكون الصورة حاضرة في لحظة وقوع الكارثة. الآن بدأت الصورة تتضح وحجم الكارثة بات معلوما أمام الجميع هناك مدن منكوبة والضحايا بالآلاف ونحتاج لتضامن دولي من الدول الكبرى، تونس بادرت بالإعلان عن تقديم مساعدات لليبيا و الرئيس قيس سعيد وجه بذلك رغم ظروف تونس و المصاعب الاقتصادية التي تمر بها و هذا لا نخاله أمرا جديدا في الأربعينات من القرن الماضي كانت تونس في نصرة ليبيا وبعد الثورة استقبلت تونس اللاجئين الليبيين، وهذه رسالة من بلد عربي أن لتونس إستراتيجية ثابة في مساعدة الدول ونتأمل أن تكون كل الدول العربية في الموعد. بالأمس كانت ليبيا حاضرة في تقديم المساعدة خلال زلزال سوريا و تركيا و هذا ليس منة بل مسؤولية أخلاقية وإنسانية وتاريخية ليبيا اليوم في محنة وتحتاج مساعدة كل دول العالم ..