مصائب قوم ليست دائما فوائد عند قوم آخرين كما ذكر المتنبي ذات يوم..، فمصيبة أشقائنا في المغرب كشفت عن طبيعة سكان شمال إفريقيا وبيّنت أن ما يجمعهم أكثر مما يفرّقهم...حيث لم تتأخر تونس رغم فتور العلاقات بين البلدين في المسارعة بالنجدة وتسخير ما تملك من إمكانيات لأشقائنا المنكوبين بزلزال دمر الكثير وأودى بحياة العديد من إخوتنا هناك... ولم تتردد الجزائر في فتح مجالها الجوي لطائرات الإغاثة في مشهد أذهل العالم..، فالبلدان قبل الزلزال كانا على شفا الحرب.. والقتال...
مصائب قوم ليست دائما فوائد عند قوم آخرين..، فقد كانت لوعة الجزائريين والتونسيين على أشقائهم في المغرب ومدى حزنهم ورغبتهم في التبرع بالدم لدرجة لم أحبس معها دموعي بعد ما كتب الشاعر والإعلامي الجزائري الكبير إبراهيم صِدّيقي على صفحته جملة لن تمحى من ذاكرتي إلى الأبد:
الجزائر مستعدة
أشيروا فقط... مسافة الطريق يا أشقاء..
بعد ذلك بأقل من ساعة جاء بيان الرئاسة الجزائرية واضحا لا لبس فيه حيث قررت الجزائر (اليوم) السبت 9 سبتمبر 2023 فتح مجالها الجوي لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لإغاثة ضحايا الزلزال العنيف الذي ضرب عدة مناطق من المغرب.
وحسب ما جاء في بيان الرئاسة فقد أبدت الجزائر استعدادها التام لتقديم المساعدات الإنسانية، ولوضع كافة الإمكانات المادية والبشرية، تضامنا مع الشعب المغربي الشقيق.
وسيسمح فتح المجال الجوي للجزائر بنقل المساعدات الإنسانية والجرحى والمصابين من وإلى المناطق المنكوبة، حسب ما أوضح البيان.
****
لا أستطيع أن أكون موضوعيا في الحديث عن بلدان شمال إفريقيا.لما يعرفه الجميع عني من حبّ جارف للمغرب وأهله..، ولست خبيرا في الشؤون المغاربية كما يزعم العديد من خبراء تليفزيونات بيع أواني الطبخ ومواد التجميل..، ولكنني أعرف جيّدا مجالي الجغرافي الإثني والأنثروبولوجي..، وربما سخّر لي عملي بمجال الإعلام معرفة العديد من قادة هذه البلدان...، لكنني لا أجد الفرق أبدا بين سكان هذه المناطق تقريبا في كل شيء من الغذاء إلى الملبس..، إلى التاريخ اللاّذع والجغرافيا المنحرفة..، فقد كان هذا المجال مطمعا للغزاة من كل بقاع الأرض..، لكأننا منذورون إلى الأبد للدفاع عن تيننا وزيتوننا حتى أننا لا نجد الوقت لمعرفة بعضنا والتواصل مع أشقائنا...، ففي الأفق البحري قراصنة يتربّصون بنا من الفايكنغ والوندال والأتراك...، وفي الصحراء ما لا يتسع له الأفق من خيول زاحفة لسبي نسائنا والاستيلاء على خيراتنا...، فقد اجتمع في هذا المجال من الخيرات ما لم يتوفر في أرض قط...
****
لا مجال في هذه الأوقات العصيبة على مغربنا وعلينا جميعا للحديث عن العلاقات الجيو سياسية البالغة التعقيد في العلاقات المغربية الجزائرية...، وأنا الخبير بأدق تفاصيلها.. سأتحدث فقط عن مخرج سينمائي مغربي ورجل إعلام أيضا من ساكنة الرباط في تمارة وهو الفاسي الأصيل عبد الإله الجوهري...، وسأتحدث عن إعلامي جزائري قدير وشاعر حقيقي يكتب القصيدة العذبة والنقية بصفاء نادر نعم إبراهيم الصدّيقي... عبد الإله الجوهري لا حدود لعشقه للجزائر لدرجة أذهلتني وقد حاولت مرارا استدراجه لغير ذلك فكان يجيبني دائما إن الجزائر في القلب حتى انه كان يعتقد إن رابح درياسة مغربي وأغنيته الشهيرة.. قولولها الممرضة....مغربية ورغم ما يحدث بين البلدين فقد كان الجوهري متطرفا في حبه للجزائر ومبدعيها.... أما إبراهيم الصدّيقي الإعلامي الكبير والشاعر الخجول فقد كان كتوما يعبر عن حبّه بصمت...، فلم تكن المغرب والمغاربة غائبون عن أي تظاهرة ثقافية يديرها إبراهيم الصدّيقي..، لعل آخرها على ما أذكر مهرجان وهران السينمائي...إبراهيم الصديقي يعبر بصمت ولكن الزلزال فضح هيامه وعشقه للمغرب فقد كان سباقا لكل الأجهزة الرسمية بقولته الشهيرة.. أشيروا فقط ...بيننا مسافة الطريق...
*****
أوصيك بالحزن لا أوصيك بالجلد... فالجرح عميق بعد فقدان أحبّة لنا في المغرب الشقيق.. نعم أوصي إخوتي المغاربة رشيد زكي وعبد الإله الجوهري ورشيد البلغيثي وزين شرف الدين ومولاي الطيب بوحنانة وأمينة الصيباري... بالحزن هذه الأيام... نحن مدمنو الفرح الأبدي يغار من فرحنا الطقس والآلهة والأساطير.. فتذكرنا في أوج بهجتنا بالنصر بالهزيمة.. وفي أوج فرحنا بالحزن.. وفي أوج تفاؤلنا باليأس.. وتجذبنا الجاذبية الفيزيائية النيوتنية الجافة.. إلى حضيض العفن والسقوط والعفن.. ولكننا نتعالى بأحلامنا.. بفنوننا.. بإبداعنا بقصائدنا.. برسومنا التي لا تزال مرسومة في كهوفنا وأخاديدنا.. لقد انتصرنا دائما على الطبيعة الماكرة... وستنتصر المغرب على جراحها.... ولكنني أوصيكم كما أوصي نفسي بالحزن على من فقدنا بعد هذا الزلزال.. وكانت لهم في قلوبنا منازل.. لك يا منازل في القلوب منازل...
بقلم: محمد السبوعي
مصائب قوم ليست دائما فوائد عند قوم آخرين كما ذكر المتنبي ذات يوم..، فمصيبة أشقائنا في المغرب كشفت عن طبيعة سكان شمال إفريقيا وبيّنت أن ما يجمعهم أكثر مما يفرّقهم...حيث لم تتأخر تونس رغم فتور العلاقات بين البلدين في المسارعة بالنجدة وتسخير ما تملك من إمكانيات لأشقائنا المنكوبين بزلزال دمر الكثير وأودى بحياة العديد من إخوتنا هناك... ولم تتردد الجزائر في فتح مجالها الجوي لطائرات الإغاثة في مشهد أذهل العالم..، فالبلدان قبل الزلزال كانا على شفا الحرب.. والقتال...
مصائب قوم ليست دائما فوائد عند قوم آخرين..، فقد كانت لوعة الجزائريين والتونسيين على أشقائهم في المغرب ومدى حزنهم ورغبتهم في التبرع بالدم لدرجة لم أحبس معها دموعي بعد ما كتب الشاعر والإعلامي الجزائري الكبير إبراهيم صِدّيقي على صفحته جملة لن تمحى من ذاكرتي إلى الأبد:
الجزائر مستعدة
أشيروا فقط... مسافة الطريق يا أشقاء..
بعد ذلك بأقل من ساعة جاء بيان الرئاسة الجزائرية واضحا لا لبس فيه حيث قررت الجزائر (اليوم) السبت 9 سبتمبر 2023 فتح مجالها الجوي لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لإغاثة ضحايا الزلزال العنيف الذي ضرب عدة مناطق من المغرب.
وحسب ما جاء في بيان الرئاسة فقد أبدت الجزائر استعدادها التام لتقديم المساعدات الإنسانية، ولوضع كافة الإمكانات المادية والبشرية، تضامنا مع الشعب المغربي الشقيق.
وسيسمح فتح المجال الجوي للجزائر بنقل المساعدات الإنسانية والجرحى والمصابين من وإلى المناطق المنكوبة، حسب ما أوضح البيان.
****
لا أستطيع أن أكون موضوعيا في الحديث عن بلدان شمال إفريقيا.لما يعرفه الجميع عني من حبّ جارف للمغرب وأهله..، ولست خبيرا في الشؤون المغاربية كما يزعم العديد من خبراء تليفزيونات بيع أواني الطبخ ومواد التجميل..، ولكنني أعرف جيّدا مجالي الجغرافي الإثني والأنثروبولوجي..، وربما سخّر لي عملي بمجال الإعلام معرفة العديد من قادة هذه البلدان...، لكنني لا أجد الفرق أبدا بين سكان هذه المناطق تقريبا في كل شيء من الغذاء إلى الملبس..، إلى التاريخ اللاّذع والجغرافيا المنحرفة..، فقد كان هذا المجال مطمعا للغزاة من كل بقاع الأرض..، لكأننا منذورون إلى الأبد للدفاع عن تيننا وزيتوننا حتى أننا لا نجد الوقت لمعرفة بعضنا والتواصل مع أشقائنا...، ففي الأفق البحري قراصنة يتربّصون بنا من الفايكنغ والوندال والأتراك...، وفي الصحراء ما لا يتسع له الأفق من خيول زاحفة لسبي نسائنا والاستيلاء على خيراتنا...، فقد اجتمع في هذا المجال من الخيرات ما لم يتوفر في أرض قط...
****
لا مجال في هذه الأوقات العصيبة على مغربنا وعلينا جميعا للحديث عن العلاقات الجيو سياسية البالغة التعقيد في العلاقات المغربية الجزائرية...، وأنا الخبير بأدق تفاصيلها.. سأتحدث فقط عن مخرج سينمائي مغربي ورجل إعلام أيضا من ساكنة الرباط في تمارة وهو الفاسي الأصيل عبد الإله الجوهري...، وسأتحدث عن إعلامي جزائري قدير وشاعر حقيقي يكتب القصيدة العذبة والنقية بصفاء نادر نعم إبراهيم الصدّيقي... عبد الإله الجوهري لا حدود لعشقه للجزائر لدرجة أذهلتني وقد حاولت مرارا استدراجه لغير ذلك فكان يجيبني دائما إن الجزائر في القلب حتى انه كان يعتقد إن رابح درياسة مغربي وأغنيته الشهيرة.. قولولها الممرضة....مغربية ورغم ما يحدث بين البلدين فقد كان الجوهري متطرفا في حبه للجزائر ومبدعيها.... أما إبراهيم الصدّيقي الإعلامي الكبير والشاعر الخجول فقد كان كتوما يعبر عن حبّه بصمت...، فلم تكن المغرب والمغاربة غائبون عن أي تظاهرة ثقافية يديرها إبراهيم الصدّيقي..، لعل آخرها على ما أذكر مهرجان وهران السينمائي...إبراهيم الصديقي يعبر بصمت ولكن الزلزال فضح هيامه وعشقه للمغرب فقد كان سباقا لكل الأجهزة الرسمية بقولته الشهيرة.. أشيروا فقط ...بيننا مسافة الطريق...
*****
أوصيك بالحزن لا أوصيك بالجلد... فالجرح عميق بعد فقدان أحبّة لنا في المغرب الشقيق.. نعم أوصي إخوتي المغاربة رشيد زكي وعبد الإله الجوهري ورشيد البلغيثي وزين شرف الدين ومولاي الطيب بوحنانة وأمينة الصيباري... بالحزن هذه الأيام... نحن مدمنو الفرح الأبدي يغار من فرحنا الطقس والآلهة والأساطير.. فتذكرنا في أوج بهجتنا بالنصر بالهزيمة.. وفي أوج فرحنا بالحزن.. وفي أوج تفاؤلنا باليأس.. وتجذبنا الجاذبية الفيزيائية النيوتنية الجافة.. إلى حضيض العفن والسقوط والعفن.. ولكننا نتعالى بأحلامنا.. بفنوننا.. بإبداعنا بقصائدنا.. برسومنا التي لا تزال مرسومة في كهوفنا وأخاديدنا.. لقد انتصرنا دائما على الطبيعة الماكرة... وستنتصر المغرب على جراحها.... ولكنني أوصيكم كما أوصي نفسي بالحزن على من فقدنا بعد هذا الزلزال.. وكانت لهم في قلوبنا منازل.. لك يا منازل في القلوب منازل...