إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد دعوته مراجعة قانونه الأساسي.. الرئيس سعيّد يُحيي جدلا قديما جديدا بشأن استقلالية البنك المركزي

 

استقلالية البنك المركزي طرحت لنقاش برلماني وسياسي واسع سنة 2019 انتهت بترخيص استثنائي في قانون المالية التعديلي لسنة 2020 يسمح بتمويل مباشر للمركزي لميزانية الدولة

تونس- الصباح

عاد موضوع استقلالية البنك المركزي التونسي ليطرح مجددا للنقاش على الساحة الوطنية ليس من قبل الأحزاب أو المجتمع المدني هذه المرة، لكن من وجهة نظر رسمية بعد أن دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس الجمعة، الى مراجعة الفصل 25 من قانون النظام الأساسي للبنك المركزي الصادر سنة 2016 بما يتيح له إقراض الدولة مباشرة لمعاضدة جهودها في تمويل ميزانية الدولة.

وتأتي هذه الدعوة في وقت تعددت فيه دعوات صدرت عن كتل برلمانية، وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني لمراجعة القانون الأساسي للبنك المركزي في اتجاه يسمح له بمعاضدة مجهود الدولة لتعبئة موارد مالية لتمويل الميزانية خاصة في ظل عدم التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وعدم إمكانية خروج تونس للأسواق العالمية..

يذكر أن الفصل 25 من قانون 2016 ينص على انه "لا يمكن للبنك المركزي أن يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات او قروض او يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة ".

وعلق سعيد على هذا الفصل بالقول: "للأسف كان من الأجدر عدم إدراج هذا الفصل بقطع النظر عن استقلالية البنك المركزي ودوره في التحكم في الأسعار خاصة في هذه الفترة الصعبة، لان البنوك التجارية هي التي تستفيد منه ". وأكد أن الدور الأساسي للبنك المركزي في الاقتصاد الوطني يكمن في السيطرة على التضخم المالي وان تنسجم إدارة البنك كذلك مع سياسات الدولة.

وقال سعيد، في لقائه بمحافظ البنك المركزي، ونائبته:"آن الأوان في ما يتعلق بتمويل الميزانية، لمراجعة هذا الفصل المتعلق بإقراض البنوك التجارية للدولة والاستفادة من الفوائد التي تدرّها هذه القروض" .

واعتبر أن أحكام قانون البنك المركزي الصادر سنة 1958 أفضل من قانون 2016 بالنسبة لمسألة استقلالية مؤسسة الإصدار مبرزا أن بعض فصول قانون 2016 تخدم مصالح البنوك التجارية مباشرة وتمكنهم من الاستحواذ على نسب هامة من فوائض القروض الممنوحة.

وقال أيضا: "استقلالية البنك المركزي لا تعني الاستقلال عن الدولة بل لا بد من الانسجام مع سياسات الدولة ولابد من التفريق بين الاستقلالية في المجال النقدي والاستقلالية في المجال المتصل بميزانية الدولة ".

مقترح قانون

وتأتي دعوة الرئيس سعيد متناغمة مع توجه كتل برلمانية من البرلمان الحالي نحو تبني مقترح قانون كان قد تقدمت به كتلة الخط الوطني السيادي (تضم نواب حركة الشعب) في شهر جوان 2023 يحظى بتأييد وموافقة كتل برلمانية أخرى مؤيدة لمسار 25 جويلية 2021. ويهدف مقترح القانون إلى إعادة النظر في بعض فصول قانون النظام الأساسي للبنك المركزي تقضي بفتح باب الاقتراض المباشر للدولة من خزينة مؤسسة الإصدار النقدية.

وجاء في مقترح القانون تعديل الفقرة الرابعة من الفصل 25 من القانون الأساسي للبنك المركزي المؤرخ في 25 أفريل 2016 عبر منح الحكومة حق النفاذ إلى خزينة البنك من أجل الحصول على قروض مباشرة لفائدة الموازنة بقيمة لا تتجاوز الـ5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي أو 20 بالمائة من معدل إيرادات الميزانية للسنوات الثلاث التي تسبق عملية الاقتراض.

وفي انتظار العودة البرلمانية المبرمجة خلال بداية شهر أكتوبر المقبل، من غير المستبعد أن يضع البرلمان ضمن أولوياته التشريعية النظر في مقترح قانون تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي خاصة ما يتعلق بالفصل 25 منه، خاصة بعد أن تبنى رئيس الجمهورية تقريبا مقترح كتلة الخط السيادي الوطني..

جدل قديم جديد.. انتهى بترخيص استثنائي

في الواقع، ليست هذه المرة الأولى التي تُطرح فيها للنقاش قضية استقلالية البنك المركزي، فقد أثيرت المسألة برلمانيا وسياسيا خلال فترة البرلمان السابق (2019-2021) وتمت مناقشتها من زوايا مختلفة خاصة جدواها الاقتصادية والمالية، وذلك بالنظر إلى الحاجة الملحة للدولة في جل الأوقات لتمويل عجز الميزانية.

ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه، فقد سبق أن تقدمت المعارضة خلال تلك الفترة وخاصة خلال مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2020، بمقترحات قوانين لتعديل القانون الأساسي للبنك المركزي في اتجاه السماح له بتمويل ميزانية للدولة، وذلك على غرار المبادرة التشريعية التي قامت بها الكتلة الديمقراطية، ومبادرة أخرى تقدمت بها مجموعة من النواب المستقلين..

وانتهى النقاش آنذاك بتقديم البنك مقترح إضافة فصل بمشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2020 يرخص استثنائيا لتمكينه من الغطاء القانون لتمويل عجز الميزانية، وقد تبنته الحكومة حتى تتمكن من تعبئة 2.8 مليار دينار.

وسبق أن رفض البنك المركزي في مراسلة وجهها في نوفمبر 2019 إلى لجنة المالية والتخطيط بالبرلمان التي كان يترأسها النائب هيكل المكي عن حركة الشعب، تمويل عجز الميزانية التعديلية لسنة 2020.

بين مؤيد ورافض

وبخصوص تداعيات تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي على استقلاليته المالية والإدارية، وعلى السياسة النقدية بشكل عام، تضاربت الآراء والمواقف بين مؤيد ورافض.

وتعليقا على دعوة الرئيس سعيد لمراجعة قانون البنك المركزي، أكد الخبير في الاقتصاد ووزير التجارة الأسبق، محسن حسن، أنّ تونس في أمسّ الحاجة إلى مراجعة القانون الأساسي للبنك المركزي بما يمكّن من تمويل الخزينة العامة مباشرة في حدود يضبطها القانون.

وأضاف في تدوينة على صفحته الرسمية بالفيسبوك، على أنّ التمويل المباشر وفق سقف معيّن وبشروط يضبطها القانون سيقلّص من الضغوط على المالية العمومية ويوفّر موارد مالية للخزينة العامة لمجابهة التحديات المطروحة. وسيمكّن هذا الإجراء من توجيه السيولة البنكية لتمويل الاستثمار الخاص وإنقاذ النسيج الاقتصادي عوض الربح السريع عن طريق الاستثمار في رقاع الخزينة القابلة للتنظير وأذون الخزينة.

وأكّد حسن أنّ البرلمان مطالب بمراجعة القانون الأساسي للبنك المركزي أسوة بما وقع في مصر وما هو معمول به في المغرب حيث يموّل بنك المغرب الخزينة العامة في حدود 5% من الموارد الجبائية للسنة الماضية.

بدوره، شدّد الباحث في الاقتصاد عن المعهد الدولي للتحولات الديمقراطية آرام بلحاج في تصريح إعلامي سابق على ضرورة فهم استقلالية البنك المركزي على نحو صحيح أي أن يضطلع بعمليات محاسبة ورقابة، بالإضافة إلى الانخراط في مجهودات الدولة في التنمية.

وأضاف أنّ استقلالية البنك المركزي لا تعني دولة داخل الدولة، وأنّ السياسة النقدية لا يجب أن تكون بمنأى عن السياسة الاقتصادية، مشددا على أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي بتونس يحتم علينا أن لا نتبع قوانين البنوك المركزية العالمية بحذافيرها.

في المقابل، انتقد المدير العام السابق للسياسات النقدية بالبنك المركزي، محمد صالح سويلم، مقترح قانون تعديل القانون الأساسي للبنك المركزي، وقال إن "على مؤسسة الإصدار، التركيز على دورها الأساسي وهو ضمان استقرار الأسعار، للتحكم في نسبة التضخم حتى لا ترتفع نسبة الفائدة المديرية وليس على منح القروض للدولة."

وأضاف سويلم، “إذا تم تعديل الفقرة 4 من الفصل 25، فإن البنك المركزي لن يكون قادرا على القيام بأحد أدواره بشكل صحيح، وهو ضمان توازن الكتلة النقدية، باعتباره يضمن مواءمة السيولة المتوفرة في السوق مع نمو الإنتاج الوطني”.

وسبق أن عبر محافظ البنك المركزي مروان العباسي، عن انتقاده لدعوات لمراجعة استقلالية البنك المركزي، فقد قال على هامش ندوة صحفية بتاريخ 4 جانفي 2023، "أن السياسي الذي يدعو لهذا لا يفهم بأنه يضرب مؤسسة حيوية للاقتصاد التونسي لان السياسي يبحث دائما عن حل مشاكله اليومية. وأضاف "النواب في فترة 2020 فهموا أن استقلالية البنك أمر أساسي وربحته تونس".

بدوره، اعتبر الخبير المالي والاقتصادي، بسام النيفر أنّ اللجوء إلى آلية التمويل المباشر لميزانية الدولة من قبل البنك المركزي، نظريا يمكن أن يمثّل حلا لكن واقعيا سيتسبب في جملة من المشاكل. وحذّر من أنّ فقدان استقلالية البنك المركزي ستجعله أداة سياسية يمكن التحكم فيها من قبل أي حكومة، أو طرف سياسي يمكنه أن يجعل من السياسات المالية أداة انتخابية، معتبرا أنّ ذلك يمثّل خطرا كبيرا لأنّه يتسبب في العديد من المشاكل للاقتصاد على المدى المتوسّط والبعيد..

يذكر أن المرصد التونسي للاقتصاد دعا في نشرة إخبارية أصدرها يوم 22 جوان 2023 الى إعادة النظر في دور البنك المركزي التونسي ليكون أحد الركائز الأساسية لوضع السياسات العمومية خاصة وان فصل السياسة النقدية عن السياسات المالية والاقتصادية من خلال استقلالية البنك ساهم في إرباك وضع سياسات عمومية ناجعة وفعّالة في تحقيق تنمية اقتصادية.

ولفت المرصد الى الحاجة الملحة لإعادة ضبط مهمة المركزي التونسي بما يتماشى مع احتياجات الوضـع الاقتصادي المتصلة بالتشجيع على الاستثمار وخلق النمو والقطع مع مقاربات صندوق النقد الدولي الذي يحد من مهمة البنك المركزي ويقتصرها على مكافحة التضخم.

رفيق بن عبد الله

 

 

 

 

 

 

بعد دعوته مراجعة قانونه الأساسي..   الرئيس سعيّد يُحيي جدلا قديما جديدا بشأن استقلالية البنك المركزي

 

استقلالية البنك المركزي طرحت لنقاش برلماني وسياسي واسع سنة 2019 انتهت بترخيص استثنائي في قانون المالية التعديلي لسنة 2020 يسمح بتمويل مباشر للمركزي لميزانية الدولة

تونس- الصباح

عاد موضوع استقلالية البنك المركزي التونسي ليطرح مجددا للنقاش على الساحة الوطنية ليس من قبل الأحزاب أو المجتمع المدني هذه المرة، لكن من وجهة نظر رسمية بعد أن دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس الجمعة، الى مراجعة الفصل 25 من قانون النظام الأساسي للبنك المركزي الصادر سنة 2016 بما يتيح له إقراض الدولة مباشرة لمعاضدة جهودها في تمويل ميزانية الدولة.

وتأتي هذه الدعوة في وقت تعددت فيه دعوات صدرت عن كتل برلمانية، وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني لمراجعة القانون الأساسي للبنك المركزي في اتجاه يسمح له بمعاضدة مجهود الدولة لتعبئة موارد مالية لتمويل الميزانية خاصة في ظل عدم التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وعدم إمكانية خروج تونس للأسواق العالمية..

يذكر أن الفصل 25 من قانون 2016 ينص على انه "لا يمكن للبنك المركزي أن يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات او قروض او يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة ".

وعلق سعيد على هذا الفصل بالقول: "للأسف كان من الأجدر عدم إدراج هذا الفصل بقطع النظر عن استقلالية البنك المركزي ودوره في التحكم في الأسعار خاصة في هذه الفترة الصعبة، لان البنوك التجارية هي التي تستفيد منه ". وأكد أن الدور الأساسي للبنك المركزي في الاقتصاد الوطني يكمن في السيطرة على التضخم المالي وان تنسجم إدارة البنك كذلك مع سياسات الدولة.

وقال سعيد، في لقائه بمحافظ البنك المركزي، ونائبته:"آن الأوان في ما يتعلق بتمويل الميزانية، لمراجعة هذا الفصل المتعلق بإقراض البنوك التجارية للدولة والاستفادة من الفوائد التي تدرّها هذه القروض" .

واعتبر أن أحكام قانون البنك المركزي الصادر سنة 1958 أفضل من قانون 2016 بالنسبة لمسألة استقلالية مؤسسة الإصدار مبرزا أن بعض فصول قانون 2016 تخدم مصالح البنوك التجارية مباشرة وتمكنهم من الاستحواذ على نسب هامة من فوائض القروض الممنوحة.

وقال أيضا: "استقلالية البنك المركزي لا تعني الاستقلال عن الدولة بل لا بد من الانسجام مع سياسات الدولة ولابد من التفريق بين الاستقلالية في المجال النقدي والاستقلالية في المجال المتصل بميزانية الدولة ".

مقترح قانون

وتأتي دعوة الرئيس سعيد متناغمة مع توجه كتل برلمانية من البرلمان الحالي نحو تبني مقترح قانون كان قد تقدمت به كتلة الخط الوطني السيادي (تضم نواب حركة الشعب) في شهر جوان 2023 يحظى بتأييد وموافقة كتل برلمانية أخرى مؤيدة لمسار 25 جويلية 2021. ويهدف مقترح القانون إلى إعادة النظر في بعض فصول قانون النظام الأساسي للبنك المركزي تقضي بفتح باب الاقتراض المباشر للدولة من خزينة مؤسسة الإصدار النقدية.

وجاء في مقترح القانون تعديل الفقرة الرابعة من الفصل 25 من القانون الأساسي للبنك المركزي المؤرخ في 25 أفريل 2016 عبر منح الحكومة حق النفاذ إلى خزينة البنك من أجل الحصول على قروض مباشرة لفائدة الموازنة بقيمة لا تتجاوز الـ5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي أو 20 بالمائة من معدل إيرادات الميزانية للسنوات الثلاث التي تسبق عملية الاقتراض.

وفي انتظار العودة البرلمانية المبرمجة خلال بداية شهر أكتوبر المقبل، من غير المستبعد أن يضع البرلمان ضمن أولوياته التشريعية النظر في مقترح قانون تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي خاصة ما يتعلق بالفصل 25 منه، خاصة بعد أن تبنى رئيس الجمهورية تقريبا مقترح كتلة الخط السيادي الوطني..

جدل قديم جديد.. انتهى بترخيص استثنائي

في الواقع، ليست هذه المرة الأولى التي تُطرح فيها للنقاش قضية استقلالية البنك المركزي، فقد أثيرت المسألة برلمانيا وسياسيا خلال فترة البرلمان السابق (2019-2021) وتمت مناقشتها من زوايا مختلفة خاصة جدواها الاقتصادية والمالية، وذلك بالنظر إلى الحاجة الملحة للدولة في جل الأوقات لتمويل عجز الميزانية.

ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه، فقد سبق أن تقدمت المعارضة خلال تلك الفترة وخاصة خلال مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2020، بمقترحات قوانين لتعديل القانون الأساسي للبنك المركزي في اتجاه السماح له بتمويل ميزانية للدولة، وذلك على غرار المبادرة التشريعية التي قامت بها الكتلة الديمقراطية، ومبادرة أخرى تقدمت بها مجموعة من النواب المستقلين..

وانتهى النقاش آنذاك بتقديم البنك مقترح إضافة فصل بمشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2020 يرخص استثنائيا لتمكينه من الغطاء القانون لتمويل عجز الميزانية، وقد تبنته الحكومة حتى تتمكن من تعبئة 2.8 مليار دينار.

وسبق أن رفض البنك المركزي في مراسلة وجهها في نوفمبر 2019 إلى لجنة المالية والتخطيط بالبرلمان التي كان يترأسها النائب هيكل المكي عن حركة الشعب، تمويل عجز الميزانية التعديلية لسنة 2020.

بين مؤيد ورافض

وبخصوص تداعيات تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي على استقلاليته المالية والإدارية، وعلى السياسة النقدية بشكل عام، تضاربت الآراء والمواقف بين مؤيد ورافض.

وتعليقا على دعوة الرئيس سعيد لمراجعة قانون البنك المركزي، أكد الخبير في الاقتصاد ووزير التجارة الأسبق، محسن حسن، أنّ تونس في أمسّ الحاجة إلى مراجعة القانون الأساسي للبنك المركزي بما يمكّن من تمويل الخزينة العامة مباشرة في حدود يضبطها القانون.

وأضاف في تدوينة على صفحته الرسمية بالفيسبوك، على أنّ التمويل المباشر وفق سقف معيّن وبشروط يضبطها القانون سيقلّص من الضغوط على المالية العمومية ويوفّر موارد مالية للخزينة العامة لمجابهة التحديات المطروحة. وسيمكّن هذا الإجراء من توجيه السيولة البنكية لتمويل الاستثمار الخاص وإنقاذ النسيج الاقتصادي عوض الربح السريع عن طريق الاستثمار في رقاع الخزينة القابلة للتنظير وأذون الخزينة.

وأكّد حسن أنّ البرلمان مطالب بمراجعة القانون الأساسي للبنك المركزي أسوة بما وقع في مصر وما هو معمول به في المغرب حيث يموّل بنك المغرب الخزينة العامة في حدود 5% من الموارد الجبائية للسنة الماضية.

بدوره، شدّد الباحث في الاقتصاد عن المعهد الدولي للتحولات الديمقراطية آرام بلحاج في تصريح إعلامي سابق على ضرورة فهم استقلالية البنك المركزي على نحو صحيح أي أن يضطلع بعمليات محاسبة ورقابة، بالإضافة إلى الانخراط في مجهودات الدولة في التنمية.

وأضاف أنّ استقلالية البنك المركزي لا تعني دولة داخل الدولة، وأنّ السياسة النقدية لا يجب أن تكون بمنأى عن السياسة الاقتصادية، مشددا على أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي بتونس يحتم علينا أن لا نتبع قوانين البنوك المركزية العالمية بحذافيرها.

في المقابل، انتقد المدير العام السابق للسياسات النقدية بالبنك المركزي، محمد صالح سويلم، مقترح قانون تعديل القانون الأساسي للبنك المركزي، وقال إن "على مؤسسة الإصدار، التركيز على دورها الأساسي وهو ضمان استقرار الأسعار، للتحكم في نسبة التضخم حتى لا ترتفع نسبة الفائدة المديرية وليس على منح القروض للدولة."

وأضاف سويلم، “إذا تم تعديل الفقرة 4 من الفصل 25، فإن البنك المركزي لن يكون قادرا على القيام بأحد أدواره بشكل صحيح، وهو ضمان توازن الكتلة النقدية، باعتباره يضمن مواءمة السيولة المتوفرة في السوق مع نمو الإنتاج الوطني”.

وسبق أن عبر محافظ البنك المركزي مروان العباسي، عن انتقاده لدعوات لمراجعة استقلالية البنك المركزي، فقد قال على هامش ندوة صحفية بتاريخ 4 جانفي 2023، "أن السياسي الذي يدعو لهذا لا يفهم بأنه يضرب مؤسسة حيوية للاقتصاد التونسي لان السياسي يبحث دائما عن حل مشاكله اليومية. وأضاف "النواب في فترة 2020 فهموا أن استقلالية البنك أمر أساسي وربحته تونس".

بدوره، اعتبر الخبير المالي والاقتصادي، بسام النيفر أنّ اللجوء إلى آلية التمويل المباشر لميزانية الدولة من قبل البنك المركزي، نظريا يمكن أن يمثّل حلا لكن واقعيا سيتسبب في جملة من المشاكل. وحذّر من أنّ فقدان استقلالية البنك المركزي ستجعله أداة سياسية يمكن التحكم فيها من قبل أي حكومة، أو طرف سياسي يمكنه أن يجعل من السياسات المالية أداة انتخابية، معتبرا أنّ ذلك يمثّل خطرا كبيرا لأنّه يتسبب في العديد من المشاكل للاقتصاد على المدى المتوسّط والبعيد..

يذكر أن المرصد التونسي للاقتصاد دعا في نشرة إخبارية أصدرها يوم 22 جوان 2023 الى إعادة النظر في دور البنك المركزي التونسي ليكون أحد الركائز الأساسية لوضع السياسات العمومية خاصة وان فصل السياسة النقدية عن السياسات المالية والاقتصادية من خلال استقلالية البنك ساهم في إرباك وضع سياسات عمومية ناجعة وفعّالة في تحقيق تنمية اقتصادية.

ولفت المرصد الى الحاجة الملحة لإعادة ضبط مهمة المركزي التونسي بما يتماشى مع احتياجات الوضـع الاقتصادي المتصلة بالتشجيع على الاستثمار وخلق النمو والقطع مع مقاربات صندوق النقد الدولي الذي يحد من مهمة البنك المركزي ويقتصرها على مكافحة التضخم.

رفيق بن عبد الله