اتفاقية التبادل مع تركيا أولى برامج الإصلاح الحكومي لترشيد التوريد
تونس-الصباح
بالرغم من تقلص العجز التجاري لتونس خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2023 ليصبح في حدود 10228,3 مليون دينار مقابل عجز بقيمة 13723,5م. د خلال نفس الفترة من سنة 2022 ، إلا أن تداعياته الخطيرة مازالت تلقي بضلالها على اقتصاد البلاد خاصة في علاقته بنفقات الدولة العمومية ونزيف العملة الصعبة...
ومن أبرز هذه التداعيات التي تنجر عن تواصل عجز التجارة التونسية لسنوات عديدة، انخفاض قيمة الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية، مما يجعل الواردات أكثر تكلفة وتصدير السلع والخدمات التونسية أكثر صعوبة، كما يساهم في ارتفاع التضخم، وهو ما يؤدي بالتالي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى فقدان الوظائف وتقليص العمالة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وانخفاض النمو الاقتصادي، الذي يضعف من قدرة الاقتصاد التونسي على المنافسة في الأسواق العالمية.
وبقيت الحلول متواضعة وغير مجدية لسنوات مع كل الحكومات المتعاقبة تقريبا لحل مشكل توسع العجز التجاري حتى أن الإجراءات التي تستهدف التوريد ومزيد ترشيده لم تأت أكلها، لتكشف مؤخرا وزارة التجارة وتنمية الصادرات عن برنامجها الإصلاحي في ما يتعلق بترشيد التوريد، وأعلنت منذ يومين عن انطلاقها في مراجعة بعض الاتفاقيات الخاصة بالتبادل الحر وخاصة تلك التي تجمع تونس بعدد من الدول التي تشكو معها من عجز واسع على غرار تركيا.
حيث انطلقت وزارة التجارة منذ فترة قصيرة في مراجعة أحكام هذه الاتفاقية المتعلقة بتركيا بهدف الحد من تفاقم عجز الميزان التجاري مع هذا البلد، معتبرة أن الحد من تفاقم العجز سيكون من خلال توسيع القائمة السلبية للمنتوجات غير المعنية بالمعاليم التفاضلية مع التركيز على المنتوجات التي لها مثيل مصنع محليا وعلى القطاعات التي تمر بصعوبات نتيجة تكثف الواردات ذات المنشأ التركي.
كما كشفت وزارة التجارة وتنمية الصادرات، عن أهم البرامج الإصلاحية التي بصدد الإنجاز، على غرار حماية عديد القطاعات الصناعية من تكثيف الواردات ومن الممارسات غير المشروعة عند التوريد، و العمل على الدفاع على الصادرات التونسية إزاء إجراءات الدفاع التجاري التي تتخذ ضدها من بقية الدول.
وأشارت الوزارة إلى ما تم إنجازه في مجال التحكم في الواردات، على غرار مواصلة تفعيل إجراءات معالجة عجز الميزان التجاري من خلال تركيز نظام للمراقبة القبلية على واردات مجموعة من المنتوجات الاستهلاكية.
وإجراء رقابة على الملفات سابقة لعمليات فتح سندات التجارة الخارجية لتوريد هذه المنتوجات للحد من ظاهرة التوريد العشوائي.
ولفتت الوزارة، في هذا الإطار، إلى "التشدد في مراقبة منشأ البضائع للحد من حالات التلاعب بالمنشأ التي يعتمدها بعض المصدرين للحصول على معاملة تفاضلية وعدم دفع المعاليم المستوجبة".
كما راجعت الوزارة، القيمة المرجعية لمجموعة من المنتوجات الاستهلاكية المعتمدة في احتساب المعاليم المستوجبة عند تسريح البضائع من قبل المصالح الديوانية.
وتعاني تونس منذ سنوات من توسع في عجز الميزان التجاري مع 12 بلدا خلال كامل السنة المنقضية، على رأسها الصين بأكثر من 5828 مليون دينار،. وتركيا بـ3060 مليون دينار ، والجزائر بـ 1775 مليون دينار، وروسيا بـ 1758 مليون دينار، والسعودية بـ 1248 مليون دينار، وشملت القائمة أيضا ايطاليا، واليونان، واذريبجان، والولايات المتحدة الأمريكية، واسبانيا، وأوكرانيا، والهند.
وهذا ما خلق العديد من المخاوف أمام استمرار تعمق العجز التجاري، مع ارتفاع كلفة التوريد إلى مستويات تستنزف الاحتياطي النقدي بشكل رهيب، حيث مع تواصل ارتفاع كلفة التوريد والتي انتقلت من 180 مليون دينار خلال العام الماضي، إلى أكثر من 217 مليون دينار مع مطلع السنة الجارية، أي بارتفاع أكثر من 30%، مما أدى ذلك إلى تراجع كبير في أيام التوريد للدولة التونسية، وسرع من تآكل الاحتياطي النقدي..
واليوم وبالرغم من التحسن الطفيف في عدد أيام التوريد التي وصلت بتاريخ يوم أمس إلى 115 يوما أي ما يعادل الـ 26453 مليون دينار، مازالت تونس تشكو من تناقص في مستويات النقد الأجنبي والسبب الأول وراء ذلك يبقى مشكلة التوريد العشوائي الذي لم تجد له الدولة حلولا جذرية إلى اليوم.. لتبقى الحلول الأسرع في الوقت الراهن حسب خبراء الاقتصاد تنحصر في الرفع من الإنتاج المحلي خاصة في قطاعات الطاقة، وزيادة إنتاج الغذاء المحلي من خلال دعم الفلاحين وتوفير المياه والأراضي الزراعية، وتنويع مصادر واردات الغذاء من خلال استيراد السلع الغذائية من دول مختلفة، مع وقف الوريد بشكل نهائي مع الدول التي تشكو معها تونس عجزا واسعا ومتواصلا خاصة في المواد الكمالية بصفة ظرفية....
وفاء بن محمد
اتفاقية التبادل مع تركيا أولى برامج الإصلاح الحكومي لترشيد التوريد
تونس-الصباح
بالرغم من تقلص العجز التجاري لتونس خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2023 ليصبح في حدود 10228,3 مليون دينار مقابل عجز بقيمة 13723,5م. د خلال نفس الفترة من سنة 2022 ، إلا أن تداعياته الخطيرة مازالت تلقي بضلالها على اقتصاد البلاد خاصة في علاقته بنفقات الدولة العمومية ونزيف العملة الصعبة...
ومن أبرز هذه التداعيات التي تنجر عن تواصل عجز التجارة التونسية لسنوات عديدة، انخفاض قيمة الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية، مما يجعل الواردات أكثر تكلفة وتصدير السلع والخدمات التونسية أكثر صعوبة، كما يساهم في ارتفاع التضخم، وهو ما يؤدي بالتالي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى فقدان الوظائف وتقليص العمالة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وانخفاض النمو الاقتصادي، الذي يضعف من قدرة الاقتصاد التونسي على المنافسة في الأسواق العالمية.
وبقيت الحلول متواضعة وغير مجدية لسنوات مع كل الحكومات المتعاقبة تقريبا لحل مشكل توسع العجز التجاري حتى أن الإجراءات التي تستهدف التوريد ومزيد ترشيده لم تأت أكلها، لتكشف مؤخرا وزارة التجارة وتنمية الصادرات عن برنامجها الإصلاحي في ما يتعلق بترشيد التوريد، وأعلنت منذ يومين عن انطلاقها في مراجعة بعض الاتفاقيات الخاصة بالتبادل الحر وخاصة تلك التي تجمع تونس بعدد من الدول التي تشكو معها من عجز واسع على غرار تركيا.
حيث انطلقت وزارة التجارة منذ فترة قصيرة في مراجعة أحكام هذه الاتفاقية المتعلقة بتركيا بهدف الحد من تفاقم عجز الميزان التجاري مع هذا البلد، معتبرة أن الحد من تفاقم العجز سيكون من خلال توسيع القائمة السلبية للمنتوجات غير المعنية بالمعاليم التفاضلية مع التركيز على المنتوجات التي لها مثيل مصنع محليا وعلى القطاعات التي تمر بصعوبات نتيجة تكثف الواردات ذات المنشأ التركي.
كما كشفت وزارة التجارة وتنمية الصادرات، عن أهم البرامج الإصلاحية التي بصدد الإنجاز، على غرار حماية عديد القطاعات الصناعية من تكثيف الواردات ومن الممارسات غير المشروعة عند التوريد، و العمل على الدفاع على الصادرات التونسية إزاء إجراءات الدفاع التجاري التي تتخذ ضدها من بقية الدول.
وأشارت الوزارة إلى ما تم إنجازه في مجال التحكم في الواردات، على غرار مواصلة تفعيل إجراءات معالجة عجز الميزان التجاري من خلال تركيز نظام للمراقبة القبلية على واردات مجموعة من المنتوجات الاستهلاكية.
وإجراء رقابة على الملفات سابقة لعمليات فتح سندات التجارة الخارجية لتوريد هذه المنتوجات للحد من ظاهرة التوريد العشوائي.
ولفتت الوزارة، في هذا الإطار، إلى "التشدد في مراقبة منشأ البضائع للحد من حالات التلاعب بالمنشأ التي يعتمدها بعض المصدرين للحصول على معاملة تفاضلية وعدم دفع المعاليم المستوجبة".
كما راجعت الوزارة، القيمة المرجعية لمجموعة من المنتوجات الاستهلاكية المعتمدة في احتساب المعاليم المستوجبة عند تسريح البضائع من قبل المصالح الديوانية.
وتعاني تونس منذ سنوات من توسع في عجز الميزان التجاري مع 12 بلدا خلال كامل السنة المنقضية، على رأسها الصين بأكثر من 5828 مليون دينار،. وتركيا بـ3060 مليون دينار ، والجزائر بـ 1775 مليون دينار، وروسيا بـ 1758 مليون دينار، والسعودية بـ 1248 مليون دينار، وشملت القائمة أيضا ايطاليا، واليونان، واذريبجان، والولايات المتحدة الأمريكية، واسبانيا، وأوكرانيا، والهند.
وهذا ما خلق العديد من المخاوف أمام استمرار تعمق العجز التجاري، مع ارتفاع كلفة التوريد إلى مستويات تستنزف الاحتياطي النقدي بشكل رهيب، حيث مع تواصل ارتفاع كلفة التوريد والتي انتقلت من 180 مليون دينار خلال العام الماضي، إلى أكثر من 217 مليون دينار مع مطلع السنة الجارية، أي بارتفاع أكثر من 30%، مما أدى ذلك إلى تراجع كبير في أيام التوريد للدولة التونسية، وسرع من تآكل الاحتياطي النقدي..
واليوم وبالرغم من التحسن الطفيف في عدد أيام التوريد التي وصلت بتاريخ يوم أمس إلى 115 يوما أي ما يعادل الـ 26453 مليون دينار، مازالت تونس تشكو من تناقص في مستويات النقد الأجنبي والسبب الأول وراء ذلك يبقى مشكلة التوريد العشوائي الذي لم تجد له الدولة حلولا جذرية إلى اليوم.. لتبقى الحلول الأسرع في الوقت الراهن حسب خبراء الاقتصاد تنحصر في الرفع من الإنتاج المحلي خاصة في قطاعات الطاقة، وزيادة إنتاج الغذاء المحلي من خلال دعم الفلاحين وتوفير المياه والأراضي الزراعية، وتنويع مصادر واردات الغذاء من خلال استيراد السلع الغذائية من دول مختلفة، مع وقف الوريد بشكل نهائي مع الدول التي تشكو معها تونس عجزا واسعا ومتواصلا خاصة في المواد الكمالية بصفة ظرفية....