إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بسبب التغيرات المناخية.. تقلّص حجم صابة الزيتون وارتفاع صاروخي لأسعار الزيت

-أصناف أجنبية لا تقاوم الجفاف والغراسات السقوية تستنزف المائدة المائية

تونس-الصباح

يبدو أن صابة الحبوب ليست وحدها التي تأثرت بشكل كبير وواضح بالتغيرات المناخية، فالتغيرات ضربت أيضا قطاع الزياتين لتصل إلى زيت الزيتون.

وتعدّ تونس من الدول الأولى عالميا في مجال إنتاج زيت الزيتون، وحسب معطيات المرصد الوطني للفلاحة ارتفعت قيمة صادرات تونس من زيت الزيتون، الى 2483،1 مليون دينار، منذ بداية الموسم وحتى موفى جوان 2023، أي بتطور في حدود 43،8 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من موسم 2021 – 2022.

وصدّرت تونس، منذ بداية الموسم في نوفمبر 2022 وحتى نهاية جوان المنقضي، 158 ألف طن، أي بانخفاض قدره 3،7 بالمائة مقارنة بالموسم المنقضي.

وسجل معدل السعر الكيلوغرام الواحد، خلال الأشهر الثمانية الأولى من الموسم الحالي، زيادة بنسبة 49،4 بالمائة الى ما يعادل 15،72 دينار/كلغ مقابل 10،52 دينار/كلغ خلال نفس الفترة من الموسم المنقضي.

وتبيّن هذه الأرقام قوة تونس التصديرية عالميا في هذا المجال، وحجم العائدات المالية التي حققها.

وفي هذا الإطار قال فوزي الزياني خبير في السياسات الفلاحية لـ"الصباح" إن التغيرات المناخية في السنوات الأخيرة مست العالم بأسره خاصة دول شمال القارة الإفريقية ومن بينها تونس.

وذكر أن التأثير الواضح يتمثل في تقلص حجم الصابة إذ أنه في الموسم الفارط قدّرت وزارة الفلاحة الإنتاج بـ180 ألف طن من زيت الزيتون بينما تشير تقديرات الخبراء والمهتمين في المجال أنها أقلّ من ذلك هذا العام وهي في حدود 150 ألف طن زيت زيتون.

 

الصابة الجديدة أقلّ من 150 ألف طن من الزيت

وبخصوص صابة الموسم الجديد يتوقّع الزياني أنها في كل الحالات لن تتجاوز حجم صابة الموسم الفارط وستكون أقلّ من 150 ألف طن من زيت الزيتون.

واعتبر الزياني أن ارتفاع الحرارة أهم عنصر في التغيرات المناخية ويؤثر سلبا على الإنتاجية وعلى شجرة الزيتون، حيث عاشت تونس على وقع موجة حرّ قياسية هذه الصائفة لم تشهدها منذ سنة 1950، خاصة خلال شهر جويلية، وتكوّن الزيت داخل الزيتون في الشجرة خلال شهري جويلية وأوت، وبالتالي فإن الارتفاع الحاد للحرارة غير مناسب لتكوينها بطريقة مثلى وجيدة، وبما أنه أيضا قد سبقت فترة الحرّ قلّة تساقط الأمطار لأشهر طويلة.

مقبلون على ارتفاع جنوني لأسعار زيت الزيتون

وفيما يتعلّق بأسعار زيت الزيتون، أكد محدثنا أنه من الطبيعي أن تعرف الأسعار ارتفاعا جنونيا لعدة أسباب أبرزها انخفاض الإنتاج داخليا وخارجيا، على خلفية أن الأسعار تخضع لبورصة عالمية تتمثل في بورصة أسعار زيت الزيتون وهي بورصة متحركة تخضع للعرض وللطلب.

وذكر أن الأسعار ومنذ بداية الموسم الجديد لن تقلّ عن 20 د للتر الواحد، وسيستمرّ ارتفاعها بصفة تدريجية طيلة الموسم، مشيرا إلى أنه عند بداية الموسم الفارط كانت الأسعار بين 14 و15 دينارا للتر الواحد لكنها وصلت في شهر أوت الحالي إلى 25 و26 دينارا، مبينا أن تداول أسعار زيت الزيتون على مستوى أسعار التصدير 28 دينارا للكيلوغرام الواحد في الشهر الحالي.

 

الدولة تخلت عن دورها التاريخي في الري التكميلي

ومن الحلول التي اقترحها الزياني ويرى أنها ضرورية ويجب التعجيل في تطبيقها لتخفيف وطأة التغيرات المناخية على صابة زيت الزيتون، أن تتدخل الدولة عبر الري التكميلي عن طريق وزارة الفلاحة والديوان الوطني للزيت ووصفه بـ"الدور التاريخي"، حيث كانت سابقا تقوم بذلك في سنوات الجفاف، من خلال مساعدات مالية باسم "الري التكميلي" لكنها تخلت عن هذا الدور حاليا، مشيرا إلى أن هذا التدخل من شأنه الحفاظ على الثمار والشجرة من حيث خاصة الجودة.

الأصناف المحلية تقاوم التغيرات المحلية

وأكد أن التغيرات المناخية ومع تواصلها من سنة إلى أخرى تتطلب اعتماد سياسات للتأقلم والتكيف معها وليس مجابهتها من حيث التخفيض من غراسة الزياتين من الأصناف الأجنبية مقابل الإكثار من غراسة الأصناف المحلية على غرار الشمالي والشتوي والوسلاتي والشمشالي والزرازي والزلماطي والشعيبي، وهي أصناف أثبتت قدرتها الكبيرة على مقاومة الجفاف ومختلف الأعراض المتعلقة به.

 

الزياتين السقوية تستنزف المائدة المائية

وقال الزياتي إنه لابد من الكف من استنزاف المائدة المائية فتونس مهددة بذلك وهي من الدول المصنفة تحت خط الفقر المائي على المستوى العالمي وبالتالي يجب مراقبة غراسة الزياتين السقوية والحدّ منها.

لابد من معالجة المياه المالحة الجوفية

ويرى الخبير في السياسات الفلاحية أنه يجب الاعتماد على مصادر جديدة للمياه في علاقة بري وسقي الزياتين على غرار معالجة المياه المالحة الجوفية الموجودة في مناطق الجنوب والوسط، لا سيما وأن هذه الطريقة تمتاز بعدم تكلفتها العالية في صورة الاعتماد على الطاقات البديلة لمعالجتها.

وشدّد محدثنا على ضرورة رصد اعتمادات مالية هامة وكافية للبحث العلمي حتى يتمكن الباحثون في مجال الغراسات من تقديم دراساتهم حول سبل مكافحة الغراسات للتغيرات المناخية.

درصاف اللموشي

بسبب التغيرات المناخية.. تقلّص حجم صابة الزيتون وارتفاع صاروخي لأسعار الزيت

-أصناف أجنبية لا تقاوم الجفاف والغراسات السقوية تستنزف المائدة المائية

تونس-الصباح

يبدو أن صابة الحبوب ليست وحدها التي تأثرت بشكل كبير وواضح بالتغيرات المناخية، فالتغيرات ضربت أيضا قطاع الزياتين لتصل إلى زيت الزيتون.

وتعدّ تونس من الدول الأولى عالميا في مجال إنتاج زيت الزيتون، وحسب معطيات المرصد الوطني للفلاحة ارتفعت قيمة صادرات تونس من زيت الزيتون، الى 2483،1 مليون دينار، منذ بداية الموسم وحتى موفى جوان 2023، أي بتطور في حدود 43،8 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من موسم 2021 – 2022.

وصدّرت تونس، منذ بداية الموسم في نوفمبر 2022 وحتى نهاية جوان المنقضي، 158 ألف طن، أي بانخفاض قدره 3،7 بالمائة مقارنة بالموسم المنقضي.

وسجل معدل السعر الكيلوغرام الواحد، خلال الأشهر الثمانية الأولى من الموسم الحالي، زيادة بنسبة 49،4 بالمائة الى ما يعادل 15،72 دينار/كلغ مقابل 10،52 دينار/كلغ خلال نفس الفترة من الموسم المنقضي.

وتبيّن هذه الأرقام قوة تونس التصديرية عالميا في هذا المجال، وحجم العائدات المالية التي حققها.

وفي هذا الإطار قال فوزي الزياني خبير في السياسات الفلاحية لـ"الصباح" إن التغيرات المناخية في السنوات الأخيرة مست العالم بأسره خاصة دول شمال القارة الإفريقية ومن بينها تونس.

وذكر أن التأثير الواضح يتمثل في تقلص حجم الصابة إذ أنه في الموسم الفارط قدّرت وزارة الفلاحة الإنتاج بـ180 ألف طن من زيت الزيتون بينما تشير تقديرات الخبراء والمهتمين في المجال أنها أقلّ من ذلك هذا العام وهي في حدود 150 ألف طن زيت زيتون.

 

الصابة الجديدة أقلّ من 150 ألف طن من الزيت

وبخصوص صابة الموسم الجديد يتوقّع الزياني أنها في كل الحالات لن تتجاوز حجم صابة الموسم الفارط وستكون أقلّ من 150 ألف طن من زيت الزيتون.

واعتبر الزياني أن ارتفاع الحرارة أهم عنصر في التغيرات المناخية ويؤثر سلبا على الإنتاجية وعلى شجرة الزيتون، حيث عاشت تونس على وقع موجة حرّ قياسية هذه الصائفة لم تشهدها منذ سنة 1950، خاصة خلال شهر جويلية، وتكوّن الزيت داخل الزيتون في الشجرة خلال شهري جويلية وأوت، وبالتالي فإن الارتفاع الحاد للحرارة غير مناسب لتكوينها بطريقة مثلى وجيدة، وبما أنه أيضا قد سبقت فترة الحرّ قلّة تساقط الأمطار لأشهر طويلة.

مقبلون على ارتفاع جنوني لأسعار زيت الزيتون

وفيما يتعلّق بأسعار زيت الزيتون، أكد محدثنا أنه من الطبيعي أن تعرف الأسعار ارتفاعا جنونيا لعدة أسباب أبرزها انخفاض الإنتاج داخليا وخارجيا، على خلفية أن الأسعار تخضع لبورصة عالمية تتمثل في بورصة أسعار زيت الزيتون وهي بورصة متحركة تخضع للعرض وللطلب.

وذكر أن الأسعار ومنذ بداية الموسم الجديد لن تقلّ عن 20 د للتر الواحد، وسيستمرّ ارتفاعها بصفة تدريجية طيلة الموسم، مشيرا إلى أنه عند بداية الموسم الفارط كانت الأسعار بين 14 و15 دينارا للتر الواحد لكنها وصلت في شهر أوت الحالي إلى 25 و26 دينارا، مبينا أن تداول أسعار زيت الزيتون على مستوى أسعار التصدير 28 دينارا للكيلوغرام الواحد في الشهر الحالي.

 

الدولة تخلت عن دورها التاريخي في الري التكميلي

ومن الحلول التي اقترحها الزياني ويرى أنها ضرورية ويجب التعجيل في تطبيقها لتخفيف وطأة التغيرات المناخية على صابة زيت الزيتون، أن تتدخل الدولة عبر الري التكميلي عن طريق وزارة الفلاحة والديوان الوطني للزيت ووصفه بـ"الدور التاريخي"، حيث كانت سابقا تقوم بذلك في سنوات الجفاف، من خلال مساعدات مالية باسم "الري التكميلي" لكنها تخلت عن هذا الدور حاليا، مشيرا إلى أن هذا التدخل من شأنه الحفاظ على الثمار والشجرة من حيث خاصة الجودة.

الأصناف المحلية تقاوم التغيرات المحلية

وأكد أن التغيرات المناخية ومع تواصلها من سنة إلى أخرى تتطلب اعتماد سياسات للتأقلم والتكيف معها وليس مجابهتها من حيث التخفيض من غراسة الزياتين من الأصناف الأجنبية مقابل الإكثار من غراسة الأصناف المحلية على غرار الشمالي والشتوي والوسلاتي والشمشالي والزرازي والزلماطي والشعيبي، وهي أصناف أثبتت قدرتها الكبيرة على مقاومة الجفاف ومختلف الأعراض المتعلقة به.

 

الزياتين السقوية تستنزف المائدة المائية

وقال الزياتي إنه لابد من الكف من استنزاف المائدة المائية فتونس مهددة بذلك وهي من الدول المصنفة تحت خط الفقر المائي على المستوى العالمي وبالتالي يجب مراقبة غراسة الزياتين السقوية والحدّ منها.

لابد من معالجة المياه المالحة الجوفية

ويرى الخبير في السياسات الفلاحية أنه يجب الاعتماد على مصادر جديدة للمياه في علاقة بري وسقي الزياتين على غرار معالجة المياه المالحة الجوفية الموجودة في مناطق الجنوب والوسط، لا سيما وأن هذه الطريقة تمتاز بعدم تكلفتها العالية في صورة الاعتماد على الطاقات البديلة لمعالجتها.

وشدّد محدثنا على ضرورة رصد اعتمادات مالية هامة وكافية للبحث العلمي حتى يتمكن الباحثون في مجال الغراسات من تقديم دراساتهم حول سبل مكافحة الغراسات للتغيرات المناخية.

درصاف اللموشي