إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ليبيا: السلاح يحسم الصراعات السياسية ويُعبدُ الطريق للهيمنة الروسية

على الرغم من القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة، لفرض عقوبات على منتهكي حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، تكثف عدد السفن التي تُفرغ شحنات السلاح، في الموانئ الرسمية، وأمام عيون الحكومة

بقلم:رشيد خشانة

لعب السلاح دورا حاسما في توسُع رقعة النفوذ الروسي في ليبيا وسائر منطقة الساحل والصحراء، واستطرادا في أنحاء القارة الأفريقية. وتلقى الفرقاء الليبيون، بالاضافة لما نهبوه من مخازن سلاح الجيش الليبي، إبان انتفاضة 2011، ، كميات ضخمة من العتاد والأسلحة، بعدما بات هذا النوع من التجارة مُباحا، وأصبحت سوق السلاح غير خافية على أحد. وساعد قرارُ معمر القذافي قبل رحيله، بحل المؤسسة العسكرية، خوفا من الانقلابات، فرصة ليُعين أبناءه قادة لكتائب تم تشكيلها على مقاسهم. وبرز من بين هؤلاء معتصم وخميس اللذان قُتلا في المعارك مع "الثوار"، في أعقاب اندلاع الانتفاضة. وكانا يزحفان بقواتهما نحو بنغازي، للقضاء عليها في المهد.

وأتى الحسم العسكري الأهم من خلال التدخل الفرنسي/البريطاني، الذي غير ميزان القوى بسرعة، وأطاح برأس النظام، مؤسسا سلطات انتقالية هي "المجلس الوطني الانتقالي" (برلمان مؤقت) بقيادة القاضي السابق مصطفى عبد الجليل، و"المكتب التنفيذي" (حكومة انتقالية) برئاسة الراحل محمود جبريل.

انتشار سريع للسلاح

إلا أن السلطات المؤقتة، التي لم تكن تملك أدوات الردع، عجزت عن محاصرة الانتشار السريع للسلاح. وبدا أن الأقوى هو من ستكون له الكلمة الأخيرة من بين "كتائب الثوار"، مثلما كان يُطلق عليها في تلك الفترة. غير أن انتصار مجموعة مسلحة على مجموعة أخرى، صار مرهونا بنوعية الأسلحة التي تملكها. من هنا تدخلت القوى الكبرى لدعم هذا الطرف أو ذاك، سواء بمده بالسلاح المتطور أم بتدريب عناصره على تقنيات الحرب الجديدة.

في هذا المشهد الاحتوائي برزت محاولات روسية، عن طريق الشركة العسكرية الخاصة "فاغنر"، لوضع أقدامها في أهم المناطق الأفريقية، التي تحتوي على ثروات مثل اليورانيوم والذهب والمانغانيز. وسرعان ما غرق الليبيون في حبال الاستقطاب الدولي، إذ تحول الصراع بين الطامعين في ثروات البلد إلى منافسة سخنة بين موسكو والدول الغربية.

كانت فرنسا من الدول الأجنبية الأولى التي أمدت أحد الفرقاء بالسلاح، إذ عُثر في المواقع التي كانت ترابط فيها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في محيط مدينة غريان (وسط الغرب)، على صواريخ فرنسية الصنع مازالت في صناديقها.  كما أن انتصار قوات الحكومة الشرعية على القوات المتمردة، بقيادة حفتر، في 2020 أجبر المستشارين والخبراء الفرنسيين الداعمين له، على الهروب السريع نحو تونس، ومنها إلى فرنسا، ما أنهى "حصار  طرابلس".

وعلى الرغم من القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة، لفرض عقوبات على منتهكي حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، تكثف عدد السفن التي تُفرغ شحنات السلاح، في الموانئ الرسمية، وأمام عيون الحكومة.

تجارة سلاح علنية

شهدت ليبيا في السنوات العشر الأخيرة ثلاث حروب أهلية (2011، 2014، 2019) كان السلاح يأتي فيها من مصدرين أساسيين هما ترسانة القذافي، والسلاح الذي اشترته الحكومات المتوالية من حلفائها، وخاصة روسيا وفرنسا وتركيا وقطر. وفي هذا السياق تمكن اللواء حفتر من الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة، دفعت ثمنها الامارات. كما تولى مدربون وخبراء عسكريون مصريون وأردنيون تدريب قوات المنطقة الشرقية.

 كان واضحا أن قوات حفتر استفادت، في معركة طرابلس، من التفوق التكنولوجي لعناصر "فاغنر"، من أجل محاصرة الضاحية الجنوبية للعاصمة. وأوشكت القوات الموالية لحكومة فائز السراج، على الانهيار. لكن ما أنقذها هو التدخل السريع للمستشارين العسكريين الأتراك، بطلب من السراج، وبالاعتماد على مُسيرات من طراز "بيرقتار" المتطور، ما أجبر قوات حفتر، ومعها عناصر "فاغنر"، على التراجع إلى خط سرت (شمال الوسط). وخسرت في ذلك الانسحاب المُرتبك، أكثر من ثلاثين قتيلا في صفوف "فاغنر".

موجة عداء لفرنسا

وفي إطار هذا التدويل للأزمة الليبية، لوحظ بعد الانقلاب الموالي لروسيا في النيجر، كما الذي سبقه في مالي، أن  عناصر "فاغنر" أصبحت تُشجع أبناء البلد على السير في مظاهرات وحمل يافطات تؤيد روسيا، وتهاجم فرنسا بشدة، باعتبارها القوة الاستعمارية، التي ظلت تستحوذ على ثروات القارة. أما في جمهورية أفريقيا الوسطى، فوقعت الحكومة على معاهدة دفاعية مع "فاغنر" تُرسل الأخيرة بموجبها ألفي مدرب عسكري لإنشاء جيش حديث، يقطع مع الجيش الحالي، المُفكك وذي التجهيز المتواضع.

والمُلاحظ أن الوجود العسكري للروس في أفريقيا الوسطى لا يستند على أساس قانوني، وإنما هو أمر واقع، من مظاهره رفع الراية الروسية في المسيرات والتجمعات الشارعية، وأيضا نفاذ عناصر "فاغنر" إلى أحشاء الدولة في جمهورية أفريقيا الوسطى، عبر تحكمهم في الحراسات الخاصة للرئيس فوستان تواديرا. ومن ثمة يخوضون معارك عنيفة للابقاء على سيطرتهم على  الثروات المنجمية، ويُسيئون معاملة السكان المدنيين. وهذه المعاملة القاسية موثقة لدى الأمم المتحدة. وبالرغم من ثروات البلد الكبيرة، فإن أفريقيا الوسطى مازالت تتبوأ الرتبة الثانية على لائحة أفقر البلدان في العالم.

5000 جندي فرنسي

مع ذلك انتقدت السلطات المالية الحالية، والتي أتت إلى الحكم عبر انقلاب في 2020، فرنسا لسحبها قواتها من منطقة الساحل والصحراء، واعتبرتها "مُتخلية عن تعهداتها الخاصة بالمنطقة". وردت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، في كلمة من أعلى منبر الأمم المتحدة، على اتهامات رئيس الوزراء المالي شوغول مايغا، مؤكدة أنه مازال لدى فرنسا حاليا 5000 جندي في منطقة الساحل والصحراء. كما أفادت أن باريس خسرت 52 قتيلا من جنودها في حربها على الإرهاب في المنطقة، ما يدل على أنها مازالت ملتزمة بتعهداتها السابقة في هذا المجال، بحسب قول الوزيرة بارلي. وأضافت بارلي "عندما تأتي فرنسا بأحدث طراز من مُدرعاتها إلى مالي، فهل يعني هذا أنها تنوي ترحيل قواتها من هذا البلد؟".

مع ذلك اعترفت الوزيرة بأن باريس باشرت في جوان الماضي معاودة هيكلة قواتها العسكرية في الساحل، فأقفلت ثلاث قواعد عسكرية في شمال مالي (كيدال وتساليت وتومبوكتو) وهي تسعى لخفض عدد قواتها في المنطقة إلى 2500-3000 جندي. وأكدت أن هذا الموضوع كان محل اتفاق بين رؤساء الدول المعنية، المجتمعين في إطار مجموعة 5+5 (موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو). ومن ضمن الاتفاق ستُبقي الأمم المتحدة على القبعات الزرقاء المعروفة بالـ"مينوسما"، كما تُبقي الحكومة المالية على قواتها في القواعد الثلاث.

إلى ذلك أفادت مصادر أوروبية أن حُكام النيجر العسكريين اتصلوا بشركات أمنية روسية خاصة، بعد قرار الانسحاب الفرنسي، لانتداب عناصر أمنية، أسوة بمرتزقة "فاغنر". وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغاي لافروف، حصول تلك الاتصالات، قائلا للصحفيين إن باماكو تسعى لتعزيز الأمن في النيجر، لا سيما أن تهديد "داعش" و"القاعدة" مازال قائما بحسب ما قال.

وتبرز في هذا المشهد المتغير صورة اللواء خليفة حفتر، الذي كان منحازا إلى وزير الدفاع الروسي سيرغاي شويكو، في صراع الأخير مع بريكوجين. والمؤكد أن اللواء المتقاعد سيستفيد من مآلات الصراع بين الغريمين في البلاط الروسي، ومن رحيل بريكوجين، للحصول على مزيد من الفرص لتدريب قواته، وتجهيزها بأسلحة حديثة. وكان شويغو تبادل الزيارات مع حفتر إلى موسكو وبنغازي، وتجاهل القيادات العسكرية للمنطقة الغربية.   كما أرسل شويغو أخيرا وفدا عسكريا رفيع المستوى إلى بنغازي، بقيادة نائب وزير الدفاع، من دون المرور بطرابلس.

قُصارى القول إننا نشهد في ليبيا، كما في بلدان الساحل، ميلا دوليا إلى الانسحاب من الساحات السخنة، من أفغانستان إلى الساحل، مع ما يستتبع ذلك من تغييرات متوقعة في التوازنات الاقليمية. 

ليبيا: السلاح يحسم الصراعات السياسية ويُعبدُ الطريق للهيمنة الروسية

على الرغم من القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة، لفرض عقوبات على منتهكي حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، تكثف عدد السفن التي تُفرغ شحنات السلاح، في الموانئ الرسمية، وأمام عيون الحكومة

بقلم:رشيد خشانة

لعب السلاح دورا حاسما في توسُع رقعة النفوذ الروسي في ليبيا وسائر منطقة الساحل والصحراء، واستطرادا في أنحاء القارة الأفريقية. وتلقى الفرقاء الليبيون، بالاضافة لما نهبوه من مخازن سلاح الجيش الليبي، إبان انتفاضة 2011، ، كميات ضخمة من العتاد والأسلحة، بعدما بات هذا النوع من التجارة مُباحا، وأصبحت سوق السلاح غير خافية على أحد. وساعد قرارُ معمر القذافي قبل رحيله، بحل المؤسسة العسكرية، خوفا من الانقلابات، فرصة ليُعين أبناءه قادة لكتائب تم تشكيلها على مقاسهم. وبرز من بين هؤلاء معتصم وخميس اللذان قُتلا في المعارك مع "الثوار"، في أعقاب اندلاع الانتفاضة. وكانا يزحفان بقواتهما نحو بنغازي، للقضاء عليها في المهد.

وأتى الحسم العسكري الأهم من خلال التدخل الفرنسي/البريطاني، الذي غير ميزان القوى بسرعة، وأطاح برأس النظام، مؤسسا سلطات انتقالية هي "المجلس الوطني الانتقالي" (برلمان مؤقت) بقيادة القاضي السابق مصطفى عبد الجليل، و"المكتب التنفيذي" (حكومة انتقالية) برئاسة الراحل محمود جبريل.

انتشار سريع للسلاح

إلا أن السلطات المؤقتة، التي لم تكن تملك أدوات الردع، عجزت عن محاصرة الانتشار السريع للسلاح. وبدا أن الأقوى هو من ستكون له الكلمة الأخيرة من بين "كتائب الثوار"، مثلما كان يُطلق عليها في تلك الفترة. غير أن انتصار مجموعة مسلحة على مجموعة أخرى، صار مرهونا بنوعية الأسلحة التي تملكها. من هنا تدخلت القوى الكبرى لدعم هذا الطرف أو ذاك، سواء بمده بالسلاح المتطور أم بتدريب عناصره على تقنيات الحرب الجديدة.

في هذا المشهد الاحتوائي برزت محاولات روسية، عن طريق الشركة العسكرية الخاصة "فاغنر"، لوضع أقدامها في أهم المناطق الأفريقية، التي تحتوي على ثروات مثل اليورانيوم والذهب والمانغانيز. وسرعان ما غرق الليبيون في حبال الاستقطاب الدولي، إذ تحول الصراع بين الطامعين في ثروات البلد إلى منافسة سخنة بين موسكو والدول الغربية.

كانت فرنسا من الدول الأجنبية الأولى التي أمدت أحد الفرقاء بالسلاح، إذ عُثر في المواقع التي كانت ترابط فيها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في محيط مدينة غريان (وسط الغرب)، على صواريخ فرنسية الصنع مازالت في صناديقها.  كما أن انتصار قوات الحكومة الشرعية على القوات المتمردة، بقيادة حفتر، في 2020 أجبر المستشارين والخبراء الفرنسيين الداعمين له، على الهروب السريع نحو تونس، ومنها إلى فرنسا، ما أنهى "حصار  طرابلس".

وعلى الرغم من القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة، لفرض عقوبات على منتهكي حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، تكثف عدد السفن التي تُفرغ شحنات السلاح، في الموانئ الرسمية، وأمام عيون الحكومة.

تجارة سلاح علنية

شهدت ليبيا في السنوات العشر الأخيرة ثلاث حروب أهلية (2011، 2014، 2019) كان السلاح يأتي فيها من مصدرين أساسيين هما ترسانة القذافي، والسلاح الذي اشترته الحكومات المتوالية من حلفائها، وخاصة روسيا وفرنسا وتركيا وقطر. وفي هذا السياق تمكن اللواء حفتر من الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة، دفعت ثمنها الامارات. كما تولى مدربون وخبراء عسكريون مصريون وأردنيون تدريب قوات المنطقة الشرقية.

 كان واضحا أن قوات حفتر استفادت، في معركة طرابلس، من التفوق التكنولوجي لعناصر "فاغنر"، من أجل محاصرة الضاحية الجنوبية للعاصمة. وأوشكت القوات الموالية لحكومة فائز السراج، على الانهيار. لكن ما أنقذها هو التدخل السريع للمستشارين العسكريين الأتراك، بطلب من السراج، وبالاعتماد على مُسيرات من طراز "بيرقتار" المتطور، ما أجبر قوات حفتر، ومعها عناصر "فاغنر"، على التراجع إلى خط سرت (شمال الوسط). وخسرت في ذلك الانسحاب المُرتبك، أكثر من ثلاثين قتيلا في صفوف "فاغنر".

موجة عداء لفرنسا

وفي إطار هذا التدويل للأزمة الليبية، لوحظ بعد الانقلاب الموالي لروسيا في النيجر، كما الذي سبقه في مالي، أن  عناصر "فاغنر" أصبحت تُشجع أبناء البلد على السير في مظاهرات وحمل يافطات تؤيد روسيا، وتهاجم فرنسا بشدة، باعتبارها القوة الاستعمارية، التي ظلت تستحوذ على ثروات القارة. أما في جمهورية أفريقيا الوسطى، فوقعت الحكومة على معاهدة دفاعية مع "فاغنر" تُرسل الأخيرة بموجبها ألفي مدرب عسكري لإنشاء جيش حديث، يقطع مع الجيش الحالي، المُفكك وذي التجهيز المتواضع.

والمُلاحظ أن الوجود العسكري للروس في أفريقيا الوسطى لا يستند على أساس قانوني، وإنما هو أمر واقع، من مظاهره رفع الراية الروسية في المسيرات والتجمعات الشارعية، وأيضا نفاذ عناصر "فاغنر" إلى أحشاء الدولة في جمهورية أفريقيا الوسطى، عبر تحكمهم في الحراسات الخاصة للرئيس فوستان تواديرا. ومن ثمة يخوضون معارك عنيفة للابقاء على سيطرتهم على  الثروات المنجمية، ويُسيئون معاملة السكان المدنيين. وهذه المعاملة القاسية موثقة لدى الأمم المتحدة. وبالرغم من ثروات البلد الكبيرة، فإن أفريقيا الوسطى مازالت تتبوأ الرتبة الثانية على لائحة أفقر البلدان في العالم.

5000 جندي فرنسي

مع ذلك انتقدت السلطات المالية الحالية، والتي أتت إلى الحكم عبر انقلاب في 2020، فرنسا لسحبها قواتها من منطقة الساحل والصحراء، واعتبرتها "مُتخلية عن تعهداتها الخاصة بالمنطقة". وردت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، في كلمة من أعلى منبر الأمم المتحدة، على اتهامات رئيس الوزراء المالي شوغول مايغا، مؤكدة أنه مازال لدى فرنسا حاليا 5000 جندي في منطقة الساحل والصحراء. كما أفادت أن باريس خسرت 52 قتيلا من جنودها في حربها على الإرهاب في المنطقة، ما يدل على أنها مازالت ملتزمة بتعهداتها السابقة في هذا المجال، بحسب قول الوزيرة بارلي. وأضافت بارلي "عندما تأتي فرنسا بأحدث طراز من مُدرعاتها إلى مالي، فهل يعني هذا أنها تنوي ترحيل قواتها من هذا البلد؟".

مع ذلك اعترفت الوزيرة بأن باريس باشرت في جوان الماضي معاودة هيكلة قواتها العسكرية في الساحل، فأقفلت ثلاث قواعد عسكرية في شمال مالي (كيدال وتساليت وتومبوكتو) وهي تسعى لخفض عدد قواتها في المنطقة إلى 2500-3000 جندي. وأكدت أن هذا الموضوع كان محل اتفاق بين رؤساء الدول المعنية، المجتمعين في إطار مجموعة 5+5 (موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو). ومن ضمن الاتفاق ستُبقي الأمم المتحدة على القبعات الزرقاء المعروفة بالـ"مينوسما"، كما تُبقي الحكومة المالية على قواتها في القواعد الثلاث.

إلى ذلك أفادت مصادر أوروبية أن حُكام النيجر العسكريين اتصلوا بشركات أمنية روسية خاصة، بعد قرار الانسحاب الفرنسي، لانتداب عناصر أمنية، أسوة بمرتزقة "فاغنر". وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغاي لافروف، حصول تلك الاتصالات، قائلا للصحفيين إن باماكو تسعى لتعزيز الأمن في النيجر، لا سيما أن تهديد "داعش" و"القاعدة" مازال قائما بحسب ما قال.

وتبرز في هذا المشهد المتغير صورة اللواء خليفة حفتر، الذي كان منحازا إلى وزير الدفاع الروسي سيرغاي شويكو، في صراع الأخير مع بريكوجين. والمؤكد أن اللواء المتقاعد سيستفيد من مآلات الصراع بين الغريمين في البلاط الروسي، ومن رحيل بريكوجين، للحصول على مزيد من الفرص لتدريب قواته، وتجهيزها بأسلحة حديثة. وكان شويغو تبادل الزيارات مع حفتر إلى موسكو وبنغازي، وتجاهل القيادات العسكرية للمنطقة الغربية.   كما أرسل شويغو أخيرا وفدا عسكريا رفيع المستوى إلى بنغازي، بقيادة نائب وزير الدفاع، من دون المرور بطرابلس.

قُصارى القول إننا نشهد في ليبيا، كما في بلدان الساحل، ميلا دوليا إلى الانسحاب من الساحات السخنة، من أفغانستان إلى الساحل، مع ما يستتبع ذلك من تغييرات متوقعة في التوازنات الاقليمية.